ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

في اليوم العالمي للسرطان: لبنان بين التحدّيات الصحية والاقتصادية!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في مناسبة اليوم العالمي للسرطان، وفي ظل التحدّيات الصحية والاقتصادية والأمنية التي يعاني منها لبنان، يبقى الاستثمار في الوقاية، والتشخيص المبكر، والعلاج الفعّال، إلى جانب نشر الوعي حول العوامل المسببة للمرض، يشكّل حجر الأساس للتخفيف من عبء هذا المرض، وتقليل تأثيره على الأفراد والمجتمعات، لكن لا بدّ أن يترافق ذلك مع تعزيز جهود الدولة للحدّ من التلوّث واستخدام التبغ.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

سجّل لبنان بين عامي 2017 و2022، أكثر من 33.5 ألف حالة إصابة بالسرطان، مما ترك تبعات صحية واقتصادية ثقيلة على بلد يرزح تحت وطأة أزمات متعددة، أبرزها الأزمات الاقتصادية الخانقة.

يُصادف اليوم العالمي للسرطان (World Cancer Day) في الرابع من شباط/ فبراير من كل عام، ليكون مناسبة عالمية تسلّط الضوء على الجهود المستمرة لمكافحة السرطان، والتخفيف من آثاره على الأفراد والمجتمعات. 

يُعدّ مرض السرطان مسبباً رئيسياَ للوفاة عالمياً، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، قُدّرعدد الإصابات بمرض السرطان في عام 2022،  بـ 20 مليون حالة سرطان جديدة، و9.7 ملايين حالة وفاة، ومن المتوقّع أن ترتفع حالات الإصابة بالسرطان عالمياً في العام 2050 بنسبة 77%، لتصل إلى أكثر من 35 مليون حالة جديدة، في حين قُدّرت التكلفة الاقتصادية العالمية لـ 29 نوعاً من السرطانات في الفترة من 2020 إلى 2050، بمبلغ 25.2 تريليون دولار. 

ومن الجدير بالذكر أن نسبة الإصابة بمرض السرطان نتيجة للعوامل الوراثية لا تتعدّى 10 في المئة، أما التقدّم في السن فيعتبَرعاملاً أساسياً يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان، ويصنّف هذان العاملان من ضمن العوامل التي يصعب التحكّم بها، غير أن قرابة 40% من حالات الإصابة بمرض السرطان، ترتبط بعوامل يمكن تعديلها أو التحكّم بها، ويُعدّ التبغ والكحول والسمنة من العوامل الرئيسية وراء تزايد حالات الإصابة بالسرطان عالمياً، كما يشكّل تلوّث الهواء سبباً بيئياً رئيسياً يؤدّي إلى زيادة عدد الإصابات بالمرض.

السرطان في لبنان

أما في لبنان، وبناءً على التقديرات الصادرة عن الوكالة المعنية ببحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، فقد تم تسجيل أكثر من 33.5 ألف حالة إصابة بالسرطان، بين عامي 2017 و2022، وبلغت نسبة الحالات الجديدة التي تم اكتشافها خلال عام 2022 فقط، نحو 40% من مجموع الحالات المسجّلة، في حين بلغ عدد الوفيات 7,307 في العام نفسه.

تعتبَر التحدّيات المرتبطة بعوامل الخطر، التي تؤدّي إلى زيادة نسبة الإصابات بمرض السرطان في لبنان، ويمكن التحكّم بها وتعديلها، جمّة، ولعل أبرزها يكمن في استخدام التبغ. وفقاً لدراسة الجدوى الاقتصادية للاستثمار في مكافحة التبغ في لبنان، الصادرة في العام 2024 بالتعاون بين وزارة الصحة العامة اللبنانية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والأمانة العامة للاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، ومنظمة الصحة العالمية، يموت نحو 9200 مواطن لبناني كل عام بسبب أمراض مرتبطة بالتبغ، وهو ما يمثّل أكثر من ربع الوفيات في البلاد.

إلا أن التبغ ليس السبب الوحيد، فمن الضروري تسليط الضوء على خطورة تلوّث الهواء، وارتباطه المحتمل بزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض السرطانية. وفي تقرير نشره موقع درج في آذار/ مارس 2024، بعنوان “بيروت الملوّثة… مولدات الكهرباء تهدد رئات اللبنانيين بالسرطان”، تبيّن أن معدّل الملوّثات المسرطنة في الغلاف الجوي، قد شهدت زيادة مضاعفة منذ عام 2017، وذلك نتيجة الاعتماد المتزايد على المولدات الكهربائية الخاصة، التي تعمل بالديزل والتي تُطلق ما يزيد على 40 مادة سامّة في الجو، بما فيها ثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت، وتستمر هذه الملوّثات في الانتشار في الهواء لفترات قد تصل إلى 24 ساعة يومياً.

معاناة المرضى  

تروي لولو جبور في مقابلتها مع معدّة التقرير، معاناتها مع هذا المرض، وكيف قضت عاماً كاملاً تتنقل بين المستشفى والمنزل، تتلقّى العلاج الكيميائي من جهة، وتحاول التعايش مع مضاعفات العلاج من جهة أخرى. كان أسوأ ما حصل لها أثناء  فترة علاجها من المرض هو فقدان شعرها، وفي هذا السياق، تقول لولو “عندما تخسر الفتاة شعرها، تخسر جزءاً من هويتها”، فهي لم تستطع النظر إلى نفسها في المرآة طوال سنة كاملة من العلاج.

إلا أن المرض لم يكن التحدّي الوحيد الذي واجهها، فقد عانت لولو أيضاً من نظرة المجتمع، خصوصاً بعد أن خسرت شعرها، وعن هذا تقول: “إن المرض تسبب لي بذلك، لماذا يجب أن أخجل من مثل هذا الشيء”، وتضيف: “إن المجتمع لا يزال يفضّل إخفاء مثل هذا المرض”.

كما واجهت لولو صعوبات عدّة، أبرزها كان صعوبة الحصول على عمل، وأيضاً صعوبة تغيير بوليصة تأمينها.

أما جمال الداعوق ديالو التي أُصيبت بالمرض ثلاث مرات، فتتذكّر باكية الصدمة التي عاشتها حين علمت بإصابتها للمرة الأولى، قائلةً: “كانت ابنتي تبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط، وكنت قد أمضيت 10 سنوات أنتظر قدومها”، وتضيف جمال: “كانت الصدمة قوية جداً”، لكنها تؤكّد أنها كانت “محظوظة في كشف المرض في أولى مراحله، وتلقّي العلاج اللازم”، وتتابع: “قررت المجابهة مهما كانت العواقب، ولم أسمح لنفسي بالدخول في دوامة من اليأس”، وتردف: “كنت أعتقد أن جسدي مُسخَّر لخدمتي وتلبية متطلبات حياتي من دون مقابل، لم أكن أدرك حينها مدى أهمية العناية به”. 

تعتبر جمال أن لكل مريض سرطان تجربته الخاصة مع هذا المرض، وطريقته الخاصة في كيفية جعل نفسه/ ها أقوى في مواجهته، أما الآن، وبعد التعافي، فتولي جمال اهتماماً كبيراً في نشر الوعي حول هذا المرض، وتشجيع كل مريض بالسرطان على تقبّل المرض ومواجهته.

الخطة الوطنية لمكافحة السرطان

وكان وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض، قد أطلق الخطة الوطنية لمكافحة السرطان في 2023، التي اعتُبرت بريق أمل في العمل على مواجهة هذا المرض، خصوصاً مع تزايد نسب الإصابات فيه. وتشمل هذه الخطة استراتيجية شاملة، تهدف من خلالها الوزارة إلى جعل مرض السرطان إحدى أهم أولوياتها، وإلى تكثيف الجهود لمواجهة هذا المرض على الصعيد الوطني، من خلال مبادرات هادفة إلى تعزيز الوقاية والكشف المبكر والعلاج، وقد جاء من ضمنها إطلاق الحملة الوطنية للامتناع عن التدخين. 

تاريخ السرطان

السرطان ليس مرضاً حديثاً، إذ يعود تاريخ أقدم ظهور له لدى البشر إلى 3000 عام قبل الميلاد، أيام الفراعنة في مصر القديمة، حيث عُثر على خلايا سرطانية في المومياوات المصرية، وتعتبَر بردية إدوين سميث The Edwin Smith Papyrus، وهي نسخة من جزء من كتاب مدرسي مصري قديم عن جراحة الصدمات، أقدم وثيقة مكتوبة تقدّم شروحات مفصلة لأنواع مختلفة من الأورام، وقد ورد ضمن هذه الشروحات العبارة الآتية: “لا يوجد علاج”.

ويجدر الذكر أن كلمة “سرطان” مشتقّة من الكلمة اليونانية القديمة “كاركينوس”، وكان أول من ذكرها لوصف الأورام، الطبيب والفيلسوف اليوناني أبقراط (460-370 قبل الميلاد) الذي يعتبَر أبو الطب في العالم.

الكشف المبكر عن السرطان

تمكّنت جمال من الشفاء بسبب كشفها المبكر لمرضها. أثبتت الدراسات والأبحاث إمكانية علاج العديد من أنواع السرطان إذا تم اكتشافها مبكراً، لا سيما مع التقدّم الحاصل في علاج السرطان والزيادة في نسب الشفاء. 

تشمل الأعراض والعلامات: كتل أو تورّم غير عادي، نوبات سعال مستمرة، أو ضيق التنفس، أو صعوبة في البلع، تغيّرات في حركة الأمعاء؛ مثل الإمساك والإسهال و/ أو وجود دم في البراز، نزيف غير متوقّع، يشمل النزيف من المهبل أو الممر الشرجي أو الدم الموجود في البراز أو في البول أو عند السعال، فقدان الوزن غير المبرر، الألم غير المبرر، التعب الشديد، تغيّرات غير عادية في الثدي، ظهور شامة جديدة أو حصول تغييرات على الشامة الموجودة، مضاعفات التبول، حرقة المعدة أو عسر الهضم المستمرة أو المؤلمة، فقدان الشهية والتعرّق الليلي الشديد.  

في مناسبة اليوم العالمي للسرطان، وفي ظل التحدّيات الصحية والاقتصادية والأمنية التي يعاني منها لبنان، يبقى الاستثمار في الوقاية، والتشخيص المبكر، والعلاج الفعّال، إلى جانب نشر الوعي حول العوامل المسببة للمرض، يشكّل حجر الأساس للتخفيف من عبء هذا المرض، وتقليل تأثيره على الأفراد والمجتمعات، لكن لا بدّ أن يترافق ذلك مع تعزيز جهود الدولة للحدّ من التلوّث واستخدام التبغ.

فينياس روكيرت (Forbidden Stories) - OCCRP | 10.07.2025

تحالف باراغواي: لماذا أطلقت Forbidden Stories تحقيقاً عالمياً في الجريمة المنظمة

قُتل تسعة عشر صحافياً في باراغواي، واثنان في مدن حدودية برازيلية، خلال ما يقارب الثلاثين عاماً. سبعة منهم قُتلوا في منطقة بيدرو خوان كاباييرو وسط انتشار الفساد والإفلات من العقاب. واصلت Forbidden Stories وشركاؤها التحقيق في هذه الجرائم.
05.03.2025
زمن القراءة: 5 minutes

في مناسبة اليوم العالمي للسرطان، وفي ظل التحدّيات الصحية والاقتصادية والأمنية التي يعاني منها لبنان، يبقى الاستثمار في الوقاية، والتشخيص المبكر، والعلاج الفعّال، إلى جانب نشر الوعي حول العوامل المسببة للمرض، يشكّل حجر الأساس للتخفيف من عبء هذا المرض، وتقليل تأثيره على الأفراد والمجتمعات، لكن لا بدّ أن يترافق ذلك مع تعزيز جهود الدولة للحدّ من التلوّث واستخدام التبغ.

سجّل لبنان بين عامي 2017 و2022، أكثر من 33.5 ألف حالة إصابة بالسرطان، مما ترك تبعات صحية واقتصادية ثقيلة على بلد يرزح تحت وطأة أزمات متعددة، أبرزها الأزمات الاقتصادية الخانقة.

يُصادف اليوم العالمي للسرطان (World Cancer Day) في الرابع من شباط/ فبراير من كل عام، ليكون مناسبة عالمية تسلّط الضوء على الجهود المستمرة لمكافحة السرطان، والتخفيف من آثاره على الأفراد والمجتمعات. 

يُعدّ مرض السرطان مسبباً رئيسياَ للوفاة عالمياً، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، قُدّرعدد الإصابات بمرض السرطان في عام 2022،  بـ 20 مليون حالة سرطان جديدة، و9.7 ملايين حالة وفاة، ومن المتوقّع أن ترتفع حالات الإصابة بالسرطان عالمياً في العام 2050 بنسبة 77%، لتصل إلى أكثر من 35 مليون حالة جديدة، في حين قُدّرت التكلفة الاقتصادية العالمية لـ 29 نوعاً من السرطانات في الفترة من 2020 إلى 2050، بمبلغ 25.2 تريليون دولار. 

ومن الجدير بالذكر أن نسبة الإصابة بمرض السرطان نتيجة للعوامل الوراثية لا تتعدّى 10 في المئة، أما التقدّم في السن فيعتبَرعاملاً أساسياً يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان، ويصنّف هذان العاملان من ضمن العوامل التي يصعب التحكّم بها، غير أن قرابة 40% من حالات الإصابة بمرض السرطان، ترتبط بعوامل يمكن تعديلها أو التحكّم بها، ويُعدّ التبغ والكحول والسمنة من العوامل الرئيسية وراء تزايد حالات الإصابة بالسرطان عالمياً، كما يشكّل تلوّث الهواء سبباً بيئياً رئيسياً يؤدّي إلى زيادة عدد الإصابات بالمرض.

السرطان في لبنان

أما في لبنان، وبناءً على التقديرات الصادرة عن الوكالة المعنية ببحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، فقد تم تسجيل أكثر من 33.5 ألف حالة إصابة بالسرطان، بين عامي 2017 و2022، وبلغت نسبة الحالات الجديدة التي تم اكتشافها خلال عام 2022 فقط، نحو 40% من مجموع الحالات المسجّلة، في حين بلغ عدد الوفيات 7,307 في العام نفسه.

تعتبَر التحدّيات المرتبطة بعوامل الخطر، التي تؤدّي إلى زيادة نسبة الإصابات بمرض السرطان في لبنان، ويمكن التحكّم بها وتعديلها، جمّة، ولعل أبرزها يكمن في استخدام التبغ. وفقاً لدراسة الجدوى الاقتصادية للاستثمار في مكافحة التبغ في لبنان، الصادرة في العام 2024 بالتعاون بين وزارة الصحة العامة اللبنانية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والأمانة العامة للاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، ومنظمة الصحة العالمية، يموت نحو 9200 مواطن لبناني كل عام بسبب أمراض مرتبطة بالتبغ، وهو ما يمثّل أكثر من ربع الوفيات في البلاد.

إلا أن التبغ ليس السبب الوحيد، فمن الضروري تسليط الضوء على خطورة تلوّث الهواء، وارتباطه المحتمل بزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض السرطانية. وفي تقرير نشره موقع درج في آذار/ مارس 2024، بعنوان “بيروت الملوّثة… مولدات الكهرباء تهدد رئات اللبنانيين بالسرطان”، تبيّن أن معدّل الملوّثات المسرطنة في الغلاف الجوي، قد شهدت زيادة مضاعفة منذ عام 2017، وذلك نتيجة الاعتماد المتزايد على المولدات الكهربائية الخاصة، التي تعمل بالديزل والتي تُطلق ما يزيد على 40 مادة سامّة في الجو، بما فيها ثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت، وتستمر هذه الملوّثات في الانتشار في الهواء لفترات قد تصل إلى 24 ساعة يومياً.

معاناة المرضى  

تروي لولو جبور في مقابلتها مع معدّة التقرير، معاناتها مع هذا المرض، وكيف قضت عاماً كاملاً تتنقل بين المستشفى والمنزل، تتلقّى العلاج الكيميائي من جهة، وتحاول التعايش مع مضاعفات العلاج من جهة أخرى. كان أسوأ ما حصل لها أثناء  فترة علاجها من المرض هو فقدان شعرها، وفي هذا السياق، تقول لولو “عندما تخسر الفتاة شعرها، تخسر جزءاً من هويتها”، فهي لم تستطع النظر إلى نفسها في المرآة طوال سنة كاملة من العلاج.

إلا أن المرض لم يكن التحدّي الوحيد الذي واجهها، فقد عانت لولو أيضاً من نظرة المجتمع، خصوصاً بعد أن خسرت شعرها، وعن هذا تقول: “إن المرض تسبب لي بذلك، لماذا يجب أن أخجل من مثل هذا الشيء”، وتضيف: “إن المجتمع لا يزال يفضّل إخفاء مثل هذا المرض”.

كما واجهت لولو صعوبات عدّة، أبرزها كان صعوبة الحصول على عمل، وأيضاً صعوبة تغيير بوليصة تأمينها.

أما جمال الداعوق ديالو التي أُصيبت بالمرض ثلاث مرات، فتتذكّر باكية الصدمة التي عاشتها حين علمت بإصابتها للمرة الأولى، قائلةً: “كانت ابنتي تبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط، وكنت قد أمضيت 10 سنوات أنتظر قدومها”، وتضيف جمال: “كانت الصدمة قوية جداً”، لكنها تؤكّد أنها كانت “محظوظة في كشف المرض في أولى مراحله، وتلقّي العلاج اللازم”، وتتابع: “قررت المجابهة مهما كانت العواقب، ولم أسمح لنفسي بالدخول في دوامة من اليأس”، وتردف: “كنت أعتقد أن جسدي مُسخَّر لخدمتي وتلبية متطلبات حياتي من دون مقابل، لم أكن أدرك حينها مدى أهمية العناية به”. 

تعتبر جمال أن لكل مريض سرطان تجربته الخاصة مع هذا المرض، وطريقته الخاصة في كيفية جعل نفسه/ ها أقوى في مواجهته، أما الآن، وبعد التعافي، فتولي جمال اهتماماً كبيراً في نشر الوعي حول هذا المرض، وتشجيع كل مريض بالسرطان على تقبّل المرض ومواجهته.

الخطة الوطنية لمكافحة السرطان

وكان وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس الأبيض، قد أطلق الخطة الوطنية لمكافحة السرطان في 2023، التي اعتُبرت بريق أمل في العمل على مواجهة هذا المرض، خصوصاً مع تزايد نسب الإصابات فيه. وتشمل هذه الخطة استراتيجية شاملة، تهدف من خلالها الوزارة إلى جعل مرض السرطان إحدى أهم أولوياتها، وإلى تكثيف الجهود لمواجهة هذا المرض على الصعيد الوطني، من خلال مبادرات هادفة إلى تعزيز الوقاية والكشف المبكر والعلاج، وقد جاء من ضمنها إطلاق الحملة الوطنية للامتناع عن التدخين. 

تاريخ السرطان

السرطان ليس مرضاً حديثاً، إذ يعود تاريخ أقدم ظهور له لدى البشر إلى 3000 عام قبل الميلاد، أيام الفراعنة في مصر القديمة، حيث عُثر على خلايا سرطانية في المومياوات المصرية، وتعتبَر بردية إدوين سميث The Edwin Smith Papyrus، وهي نسخة من جزء من كتاب مدرسي مصري قديم عن جراحة الصدمات، أقدم وثيقة مكتوبة تقدّم شروحات مفصلة لأنواع مختلفة من الأورام، وقد ورد ضمن هذه الشروحات العبارة الآتية: “لا يوجد علاج”.

ويجدر الذكر أن كلمة “سرطان” مشتقّة من الكلمة اليونانية القديمة “كاركينوس”، وكان أول من ذكرها لوصف الأورام، الطبيب والفيلسوف اليوناني أبقراط (460-370 قبل الميلاد) الذي يعتبَر أبو الطب في العالم.

الكشف المبكر عن السرطان

تمكّنت جمال من الشفاء بسبب كشفها المبكر لمرضها. أثبتت الدراسات والأبحاث إمكانية علاج العديد من أنواع السرطان إذا تم اكتشافها مبكراً، لا سيما مع التقدّم الحاصل في علاج السرطان والزيادة في نسب الشفاء. 

تشمل الأعراض والعلامات: كتل أو تورّم غير عادي، نوبات سعال مستمرة، أو ضيق التنفس، أو صعوبة في البلع، تغيّرات في حركة الأمعاء؛ مثل الإمساك والإسهال و/ أو وجود دم في البراز، نزيف غير متوقّع، يشمل النزيف من المهبل أو الممر الشرجي أو الدم الموجود في البراز أو في البول أو عند السعال، فقدان الوزن غير المبرر، الألم غير المبرر، التعب الشديد، تغيّرات غير عادية في الثدي، ظهور شامة جديدة أو حصول تغييرات على الشامة الموجودة، مضاعفات التبول، حرقة المعدة أو عسر الهضم المستمرة أو المؤلمة، فقدان الشهية والتعرّق الليلي الشديد.  

في مناسبة اليوم العالمي للسرطان، وفي ظل التحدّيات الصحية والاقتصادية والأمنية التي يعاني منها لبنان، يبقى الاستثمار في الوقاية، والتشخيص المبكر، والعلاج الفعّال، إلى جانب نشر الوعي حول العوامل المسببة للمرض، يشكّل حجر الأساس للتخفيف من عبء هذا المرض، وتقليل تأثيره على الأفراد والمجتمعات، لكن لا بدّ أن يترافق ذلك مع تعزيز جهود الدولة للحدّ من التلوّث واستخدام التبغ.