fbpx

قائد الحرس الثوري الإيراني الجديد: تناغم مع المرشد في قمع الداخل وتحدي الخارج  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بناء على لغته الهجومية العالية، يبدو أن خامنئي، وجد ضالته في حسين سلامي. فقد رأى فيه، ميزة مفقودة في قادة الحرس الثوري الآخرين، هي الميزة العدوانية الإعلامية

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد مرور أسبوعين على قرار الولايات المتحدة الأميركية، إدارج تنظيم الحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية، وفرض عقوبات على قادته، أعلن مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي، تعيين اللواء حسين سلامي قائداً أعلى للتنظيم وعزل القائد السابق اللواء محمد علي جعفري.

فمن هو سلامي، ولماذا اتخذ خامنئي هذه الخطوة في هذا التوقيت بالضبط؟

سلامي من مواليد 1960 في مدينة كلبايكان في محافظة أصفهان، كان في الثامنة عشرة من عمره عندما انتصرت الثورة في إيران، انضم إلى صفوف الحرس الثوري قبيل تأسيسه وكان مايزال شابا في العشرين.

فور اندلاع الحرب مع العراق ترك جامعته، حيث كان قد تجاوز امتحان القبول في كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في طهران. والتحق بالجبهة في منطقة كردستان، مقاتلاً ثم قائداً في غرفة العمليات المشتركة للحرس الثوري.

بعد انتهاء الحرب، قرر الالتحاق بالكلية الحربية التابعة لوزارة الدفاع، وتخرج منها ضابطاً، إضافة إلى عودته إلى صفوف الدراسة في كلية الهندسة الميكانيكية.

يعدّ سلامي، شخصية عسكرية وعلمية ودينية استثنائية في الحرس الثوري، لديه خبرة طويلة في القتال، وإعداد الخطط العسكرية، والمناورات البحرية التي تقيمها الجمهورية الإسلامية من حين لآخر في مياه الخليج، مكنه تمرسه في القتال أثناء الحرب مع العراق من التدرج في المسؤوليات ضمن الحرس، فقاد القوات البرية فترة، ثم “لواء نوح” للعمليات العسكرية البحرية، وهو رئيس جامعة “دافوس” الحربية في طهران، وأستاذ محاضر في كلية الهندسة الميكانيكية في طهران، وإلى جانب هذا كله، هو رجل ثوري، عقائدي، محافظ، معروف بتدينه، وحاصل على لقب  “حافظ”، الصفة التي يطلقها الإيرانيون على من يحفظ القرآن غيباً.

سلامي شخصية مثيرة للجدل أيضاً، بسبب تصريحاته النارية، ضد “أعداء” الجمهورية الإسلامية: الولايات المتحدة الأميركية، إسرائيل، الدول الأوروبية ودول الخليج العربي، خصوصاً المملكة العربية السعودية. وهو لأجل ذلك، الشخصية الأكثر حضوراً واستضافة، في البرامج السياسية في الإعلام الإيراني. أحياناً تتجاوز مقابلاته على التلفزيون الرسمي الإيراني الساعة والنصف، خاصة في الآونة الأخيرة، أي منذ عودة العقوبات الأميركية.

يعدّ سلامي، أحد أبرز قادة الحرس الثوري تطرفاً، فلا تكاد تخلو مقابلاته وتصريحاته، من تهديد بمحو دولة من هنا، ومعاقبة دولة من هناك.

في أحد تصريحاته بعد اعتداء الطيران الإسرائيلي على مواقع عسكرية إيرانية في سوريا، العام الماضي قال: “إن إسرائيل بهجماتها على مواقعنا تقترب من واقع إزالة نفسها من الوجود”. وفي تصريح أخير له نصح نتنياهو ب”تعلم السباحة لأن إيران قادمة ولن يجد إلا البحر أمامه للفرار”.

الدول الأوروبية كلها، بنظر سلامي متآمرة على إيران، لذلك، فقد أعلن، أكثر من مرة أنه يرى أن “إيران ستكون مجبرة على اعتماد استراتيجية صاروخية جديدة ضد أوروبا، في حال ثبت لدينا أنها موافقة على نزع سلاحنا الصاروخي”.

بناء على هذه اللغة الهجومية العالية، يبدو أن خامنئي، وجد ضالته في سلامي. فقد رأى فيه، ميزة مفقودة في قادة الحرس الآخرين، هي الميزة العدوانية الإعلامية – بالنظر إلى الجنرال قاسم سليماني القليل الظهور- كونه شخصية تلفزيونية مشهورة، يمكن الاستفادة منها في إيصال رسائل “القوة” إلى المجتمع الدولي، وفي تعبئة الجماهير، ضد أعداء إيران أيضاً. بمعنى آخر يستطيع سلامي في ذروة التحديات التي تواجهها إيران بسبب الضغوطات الأميركية، أن يلعب دور الناقل لأفكار المرشد أو المترجم لخطابه السياسي، من موقع عسكري وأمني واقتصادي وثوري متقدم.

ففي الآونة الأخيرة، كان سلامي ضيفاً دائماً في البرامج التلفزيونية، التي تناولت المناسبات الثورية في إيران، مثل: ذكرى انتصار الثورة، ذكرى الحرب مع العراق، ذكرى تأسيس تنظيم الحرس الثوري، وغيرها من المناسبات، وتمحورت أحاديثه في هذه المقابلات كلها، حول تحليل أفكار المرشد، وتلغيمها بالتهديدات العسكرية، مثل: الاستعداد للحرب مع الولايات المتحدة وجهوزية الحرس الثوري لحرب طويلة وواسعة معها، اكتمال تحضيرات الحرس لتدمير القواعد الجوية الأميركية في الخليج، تهدید الدول الأوروبية بزيادة مدى الصواريخ الإيرانية ألفي كيلومتر، الإعلان عن البقاء في سوريا حفاظاً على الارتباط العسكري مع حزب الله وحماس. حيث لم تكن هذه التصريحات أو التهديدات، سوى إعادة قراءة لخطاب خامنئي، الذي يعتبر أن “كل كلام يغضب العدو هو كلام جيد وصحيح”.

هذا في السياسة الخارجية، أما على الصعيد المحلي، فهناك تناغم واضح بين المرشد والقائد الجديد للحرس الثوري، في مقاربة قضايا الاحتجاجات الشعبية، وطرق قمعها، عبر وسائل الإعلام تارة، وتارة عبر اتخاذ خطوات عملية، كالملاحقات القانونية والاعتقالات والجلد والتعذيب وصولا إلى الإعدام. وكذلك فإن آراء سلامي قريبة جداً من أراء المرشد، في ما خص الملفات الحقوقية، المتعلقة بالحياة الثقافية والأقليات واللاجئين والنساء، التي تعتبر أحد أهم الشواغل الرئيسية للنظام، في السياسة الداخلية.

اللواء سلامي، يملك قناعات متطرفة جداً في التعامل مع المعارضة بشكل عام، فقد اتهم المعارضة الخضراء فيما سبق، بأنها أشعلت حرباً أهلية في الداخل، لا تقل خطراً على الجمهورية الإسلامية من الحرب العراقية، متهماً قادتها بنقل الحرب من الجبهات إلى الطرقات.

من ناحية أخرى، يقرأ صحافيون إيرانيون خطوة تعيين سلامي قائداً أعلى للحرس الثوري، أن خامنئي يميل إلى تخفيف حدة التوتر السياسي في الداخل، تحت تأثير الضغوطات الاقتصادية التي فرضتها العقوبات، وأنه لن يكون سوى قنبلة صوتية موجهة للخارج لا أكثر. فعلى الرغم من أن لديه تاريخاً عسكرياً طويلاً، وقد أتيحت له الفرصة والإمكانية للتواصل الداخلي كقائد للحرس الثوري، لمدة 10 سنوات مقبلة، لكنه لا يعد من جيل القادة الملهمين، ومن غير المرجح بسبب التغييرات الهيكلية داخل التنظيم، أن تكون لديه القدرة على ترك بصمة في سياسات الحرس الثوري داخلياً أو خارجياً، فهو لن يكون أكثر من “خادم” مطيع للمرشد، ومدافع مفوه عن أيديولوجيات النظام.

ويأتي تعيينه في وقت قررت فيه الحكومة الأميركية تقييد أو القضاء على نشاط فيلق القدس، وفي ظل تزايد الغارات الجوية الإسرائيلية، التي حالت دون التمدد العسكري الإيراني في سوريا. من هذه الزاوية ، سيواجه سلامي ظرفاً عصيباً. وليس معروفاً، هل سيكون قائداً ناجحاً لإدارة هذا الوضع؟ أم أنه سيكون متحدثا نشطا فقط؟

ملك “الرواديد” الحسينية : إحياء للمظلومية أم استرازق وشهرة؟