fbpx

قضايا المرأة وحقوق المثليّين تقسم اليهود الأرثوذكس في إسرائيل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من الحاخامات السيّدات إلى حقوق المثليّين، ما زالت قائمة القضايا التي تقسم اليهود الأرثوذكس تتّسع. فهل سيتأرجح البندول الديني بعيداً من المتشدّدين؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مِن الحاخامات السيّدات إلى حقوق المثليّين، ما زالت قائمة القضايا التي تقسم اليهود الأرثوذكس تتّسع. هل سيتأرجَح البندول الديني بعيداً من المتشدّدين؟

نشر أكثر من 200 حاخام أرثوذكسيّ خطاباً يصف أعضاء من مجتمع المثليّين بأنهم “منحرفون” ينخرطون في “إرهابٍ عدائيّ”. ورَدَّ حوالى 100 حاخام أرثوذكسيّ آخرين بخطاب يسمّون فيه “إخوتَهم وأخواتِهم المثليّين” “مجموعة ثمينة من البشر” يستحقّون الحب والاحترام.

يعمل هذا التبادل الأخير- الذي عزّزه القانون الإسرائيلي الجديد الذي يمنع حقوق الأمومة البديلة للرجال المثليّين- على إيضاح الانقسامات المتعمّقة وسَط الأرثوذكس. في إسرائيل- حيث تحكم الحاخاميّة الرئيسيّة، التي يسيطر عليها المتديّنون، معظمَ نواحي الحياة الدينية اليهودية- أصبحت خطوط الانقسام هذه أكثر وضوحاً.

يقول الحاخام سيث فاربر، مؤسِّس ومدير منظمة “الموارد والدفاع عن الحياة اليهودية” ITIM، التي تساعد الناس في التعامل مع الحاخاميّة وبيروقراطيّتها: “كانت هناك دائماً انقسامات داخل الأرثوذكسية؛ ولكن الملعب تغيّر، ومِن ثم هناك الكثير من القضايا التي يجب النضال بشأنها”.

كان فاربر -على سبيل المثال- قوّةً دافعة وراء رابطة “Giyur K’Halacha (التحوّل الدينيّ خارج الحاخاميّة)، والتي تضمّ أكثر من 40 حاخاماً أرثوذكسيّاً يقومون بالتغيير المذهبيّ في إسرائيل خارج إطار الحاخاميّة. في العامَين التاليَين لإطلاق هذه المبادرة الخاصة، قام هؤلاء الحاخامات بتحويل ما يقرب من 600 إسرائيلي، الغالبية الساحقة منهم مهاجرون من الاتحاد السوفياتي السابق.

في العقود الماضية، كانت القضية الرئيسية التي تقسم العالم الأرثوذكسيّ هي دمج النساء في الحياة الدينيّة اليهوديّة. هل ينبغي السماح للنساء بتعلُّم التلمود؟ هل ينبغي السماح لهنّ برئاسة أداء الصلوات العامة؟ هل يسمح لهنّ بالقراءة من التوراة أو حتّى بإمساك لفائف التوراة؟ والأمر الأهم، هل يجب السماح لهنّ بأن يصبحن من رجال الدين؟

يقول يتزاك أجزنر، وهو حاخام إسرائيليّ مولود في أستراليا وناشط في المعسكر الليبراليّ: “ما زالت هناك قضايا كبيرة في العالم الأرثوذكسي؛ ولكن بالتأكيد هناك إنجازات رئيسيّة في هذا الشأن خلال العشرين عاماً الماضية تقريباً. فهناك أمور كانت خارج المعسكر تماماً تحرّكت نحو حدود الأرثوذكسية، وأوضح الأمثلة على ذلك هو “سميشا” smicha الرَّسامَة الحاخاميّة للسيدات. يمكنك تقريباً أن تُموضِع نفسك اليوم على الطيف الأرثوذكسيّ من خلال ما تعتقده بشأن هذا الموضوع الأساسي”.

ولكن الحركة تناضل اليوم بشأن مجموعة من القضايا الأخرى. كما يوضح تبادل الخطابات الأخير بين الحاخامات، أن المواقف تجاه مجتمع المثليّين أصبحت قضية مثيرة للشِّقاق، إنْ لم يكن أكثر من ذلك؛ وفي إسرائيل بالأخص، نمت الانقسامات في المجتمع الأرثوذكسيّ، بشكل متزايد، حول ما إذا كان يجب تشجيع النساء على الخدمة في الجيش، ومدى السيطرة -إنْ وجدت- التي يجب أن يتمتع بها الحاخامات على الزواج والطلاق والتحوّلات الدينية والطعام الحلال (كشروت/ كوشر).

البندول الديني

في الجانب المحافظ من الطيف الأرثوذكسيّ الإسرائيليّ، هناك الحاخاميّة والمُخلِصون لها، والذين وقّع كثر منهم على الخطاب الذي يُهاجِم مجتمعَ المثليّين. ما زال هؤلاء الحاخامات يرون غيرَ محبّي الجنس الآخر non-heterosexuals ، خاطِئين يجب تجنّب حضورهم إلى الكُنُس (المعابد اليهوديّة). لو كان الأمر بيَدِهم، فلن يُسمَح للنساء أبداً بالحصول على الرسامَة الحاخاميّة، وسيتم الاعتراف في الدولة فقط بشهادات الزواج والطلاق والتحوّل الدينيّ والطعام الحلال التي تقرّها الحاخاميّة. عبر الأطلسيّ، تقِرُّ هذه الآراءَ بشكلٍ واسعٍ منظّمتان رئيسيّتان تمثّلان التيّار الرئيسيّ في الحركة الأرثوذكسية – المجلس الحاخاميّ الأميركيّ (RCA) والاتحاد الأرثوذكسي (OU).

“منذ عامين، أطلقت منظمة “بيت هلال” مبادرة جديدة عندما نشرت تصريحاً، هو الأوّل من نوعه، يَدعم المثليّين والمثليّات، ويدعو الحركة الأرثوذكسية إلى أن تكون أكثر قبولاً لهم وتسامحاً معهم”

ويقع إلى اليسار من الحاخاميّة، نوعاً ما، اتحاد “تسوهار” Tzoahr، وهو اتحاد الحاخامات الأرثوذكس في إسرائيل الذي يكافح لجعل الطقوس الدينيّة أكثر استساغة لغير الملتزمين من اليهود. يركّز اتحاد “تسوهار” في الأصل على حفلات الزفاف، وتقديم مراسم احتفاليّة بديلة للعِلمانيّين الإسرائيليّين يؤدّيها الحاخامات الأكثر ودّاً. ومع ذلك، فإنّ هذه المراسم الاحتفاليّة تقرّها الحاخاميّة. وعلى رغم ذلك، ففي الأعوام الأخيرة، امتدّ نشاط المنظمة ووجّهَت تحدّياً مباشراً بشكل أكبر لِسلطة الحاخاميّة. ومِن بين المبادرات الأخرى، فإن حاخامات “تسوهار” نشطاء في محاكم التحوّل الديني المستقلّة التابعة لمنظّمة Giyur K’Halacha، إضافة إلى خدمة جديدة لمنح شهادات خاصّة للطعام الحلال (كشروت/ كوشر)، للالتفاف على الحاخاميّة.

إلى اليسار من “تسوهار” توجد منظمة “بيت هلال” Beit Hillel، وهي منظّمة تضم الحاخامات الإسرائيليّين ذوي العقول التقدميّة تأسّست منذ 6 أعوام، وتقوم بشكل منتظم بإصدار أوراق بيان موقف وآراء حول قضايا الساعة. منذ عامين، أطلقت منظمة “بيت هلال” مبادرة جديدة عندما نشرت تصريحاً، هو الأوّل من نوعه، يَدعم المثليّين والمثليّات، ويدعو الحركة الأرثوذكسية إلى أن تكون أكثر قبولاً لهم وتسامحاً معهم. ولكن في الوقت ذاته، لم تذهب أبعد من هذا، ولم تتقبّل مجتمع المثليّين برمَّته، وأشارت كذلك إلى أنّ التوراة تحرِّم – بعبارات لا لبسَ فيها- العلاقات بين أفراد الجنس الواحد.

أما التصريح الأحدث بشأن التضامن مع مجتمع المثليّين الذي وقّعه 100 حاخام أرثوذكسيّ، قد تعدّى هذا الأمرَ بكثير. فهو لا يشير فقط إلى مجتمع المثليّين برمَّته، ولكنه أيضاً أحجَمَ عن ذكر أن التوراة ترى ممارسة الجنس بين أفراد النوع الواحد “فحشاء”. إن القوة الدافعة وراء هذه المبادرة هي اتحاد Torat Chayim، وهو اتحاد للحاخامات الأميركيّين والإسرائيليّين تم تأسيسه منذ عامين، وقد أصبح، من أوجه عدّة، يمثّل أقصى يسار طيف الأرثوذكسية (على رغم أن كثراً ممّن على اليمين سيَعتبرونهم خارج الحظيرة). من الجدير بالملاحظة أنّ اتحاد Beit Hillel، رفض التوقيع على الخطاب. وعلى رغم أنّه يضمّ في مراتبه بعضَ الحاخامات من السيدات، إلّا أنّه -على عكس اتّحاد Torat Chayim- لا يشجّع النساء -بشكلٍ نشط- على السعي إلى الرسامة الحاخاميّة. إضافة إلى ذلك، على رغم أنّ Beit Hillel، قد عبَّر عن تحفّظاته بشأن الطريقة التي يعمل بها الحاخامات، فإنّ موقفه الرسميّ هو أن الإسرائيليّين يجب أن يتزوّجوا عبر الحاخاميّة.

ومع ذلك، هناك القليل من الحاخامات الأرثوذكس في إسرائيل -بعضهم يعملون بشكل منفتح، ولكن معظمهم تحت المراقبة- الذين يقومون بعقد الزواج خارج رعاية الحاخاميّة. وفي الواقع، منذ شهرين أطلقَت مجموعةٌ منهم حملةَ تمويل جماعي تهدف إلى تعزيز مثل هذه الزيجات من دون تكلفة. يقول صامويل هايلمان، أستاذ الدراسات اليهودية بكليّة كوينز بجامعة مدينة نيويوركCUNY، والذي يعدّ مرجعيّة مهمة في شؤون الحركة الأرثوذكسية: “أعتقد أن ما نراه هو نوع من ردّ الفعل الارتجاعيّة على القبضة الخانقة للحَريديم [اليهود الأرثوذكس المتشدّدين]، والتي تعبِّر عن نفسها في مجموعة كاملة من الأمور. والآن نرى التقدّميّين يقاتلون مرّة أخرى”.

ووفق ما يقول هايلمان فإنّ كثيرين ممن يقودون المعركة في إسرائيل هم من المهاجرين الأميركيّين، وهذا الأمر ليس من قبيل المصادفة؛ “فإنّ أصولَ الأرثوذكسيّة التقدّميّة كانت في الولايات المتحدة”.

وقد ظهر ردّ الفعل هذا في الجيش الإسرائيلي أيضاً، إذ تتحدّى أعداد متزايدة من النساء الأرثوذكسيات حاخاماتهنّ ويسجِّلن أنفسهنّ للالتحاق بالخدمة العسكرية. إنّ الأرقام الأخيرة تُظهِر أنه منذ عام 2010 تضاعَفَ عدد النساء الأرثوذكسيات اللواتي يلتحِقن بالجيش ثلاثَ مرّات فعلياً. يُعارِض معظمُ الحاخامات الأرثوذكس في إسرائيل -بمن فيهم الحاخامات الأكثر ليبراليّة- التحاقَ النساء بالخدمة العسكرية، وبخاصة في الوحدات المختلطة. ومع ذلك فهناك عدد قليل منهم -ولكنه يتزايد- يوافق على الاتجاه الجديد.

يقول هايلمان أنه لو بدت الأرثوذكسية كما لو كانت تحارِب نفسَها على نحوٍ متزايد، فقد يكون هذا لأنّ الحركة نفسها تنمو. ويلاحظ قائلاً: “كلّما أصبحت جماعةٌ ما أكبر، قلَّ احتمال أن يكون هنالك مقاسٌ واحد يلائم الجميع”.

وكما يتذكّر، فإنّه في خمسينات القرن العشرين وستيناته، اعتُبِرَت الأرثوذكسيّة الحديثة “موجةَ المستقبل”، واعتقَدَ كثر من المراقبين أنّ عالَم الأرثوذكسية المُفرِطة سوف “يَضمُر ويموت”.

ويشير هايلمان قائلاً: “بعد هذا، بدأ البندول يتأرجح في الاتجاه الآخر، نحو اليمين؛ وبدأ الناس الحديث عن موت الأرثوذكسية الحديثة. هذا، أيضاً، ثبَتَ أنّه سابقٌ لأوانه”.

في أي اتجاهات ستسير الأمور؟ يقول هايلمان إنّه من الصعب أن نعرف. ويضيف قائلاً: “حتّى إنّ الأمر قد ينتهي بالتعادل، ولكن التطوّرات الأهمّ في الأرثوذكسية اليوم- من أوجه عدّة- تحدُث على الجانب الحداثيّ- كردّ فعل على الانزلاق نحو اليمين”.

هذا المقال مترجم عن موقع صحيفة Haaretz ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط  التالي

إقرأ أيضاً:
قانون الدولة الأمة اليهودية: كيف بات للتمييز العنصري جذورٌ قانونية
غالبية يهود أميركا لا يريدون القدس عاصمة اسرائيل وعدد من الحاخامات تظاهروا ضد ترامب
هل يُعد احتجاج ناتالي بورتمان على إسرائيل نقطة تحول؟

24.08.2018
زمن القراءة: 6 minutes

من الحاخامات السيّدات إلى حقوق المثليّين، ما زالت قائمة القضايا التي تقسم اليهود الأرثوذكس تتّسع. فهل سيتأرجح البندول الديني بعيداً من المتشدّدين؟

مِن الحاخامات السيّدات إلى حقوق المثليّين، ما زالت قائمة القضايا التي تقسم اليهود الأرثوذكس تتّسع. هل سيتأرجَح البندول الديني بعيداً من المتشدّدين؟

نشر أكثر من 200 حاخام أرثوذكسيّ خطاباً يصف أعضاء من مجتمع المثليّين بأنهم “منحرفون” ينخرطون في “إرهابٍ عدائيّ”. ورَدَّ حوالى 100 حاخام أرثوذكسيّ آخرين بخطاب يسمّون فيه “إخوتَهم وأخواتِهم المثليّين” “مجموعة ثمينة من البشر” يستحقّون الحب والاحترام.

يعمل هذا التبادل الأخير- الذي عزّزه القانون الإسرائيلي الجديد الذي يمنع حقوق الأمومة البديلة للرجال المثليّين- على إيضاح الانقسامات المتعمّقة وسَط الأرثوذكس. في إسرائيل- حيث تحكم الحاخاميّة الرئيسيّة، التي يسيطر عليها المتديّنون، معظمَ نواحي الحياة الدينية اليهودية- أصبحت خطوط الانقسام هذه أكثر وضوحاً.

يقول الحاخام سيث فاربر، مؤسِّس ومدير منظمة “الموارد والدفاع عن الحياة اليهودية” ITIM، التي تساعد الناس في التعامل مع الحاخاميّة وبيروقراطيّتها: “كانت هناك دائماً انقسامات داخل الأرثوذكسية؛ ولكن الملعب تغيّر، ومِن ثم هناك الكثير من القضايا التي يجب النضال بشأنها”.

كان فاربر -على سبيل المثال- قوّةً دافعة وراء رابطة “Giyur K’Halacha (التحوّل الدينيّ خارج الحاخاميّة)، والتي تضمّ أكثر من 40 حاخاماً أرثوذكسيّاً يقومون بالتغيير المذهبيّ في إسرائيل خارج إطار الحاخاميّة. في العامَين التاليَين لإطلاق هذه المبادرة الخاصة، قام هؤلاء الحاخامات بتحويل ما يقرب من 600 إسرائيلي، الغالبية الساحقة منهم مهاجرون من الاتحاد السوفياتي السابق.

في العقود الماضية، كانت القضية الرئيسية التي تقسم العالم الأرثوذكسيّ هي دمج النساء في الحياة الدينيّة اليهوديّة. هل ينبغي السماح للنساء بتعلُّم التلمود؟ هل ينبغي السماح لهنّ برئاسة أداء الصلوات العامة؟ هل يسمح لهنّ بالقراءة من التوراة أو حتّى بإمساك لفائف التوراة؟ والأمر الأهم، هل يجب السماح لهنّ بأن يصبحن من رجال الدين؟

يقول يتزاك أجزنر، وهو حاخام إسرائيليّ مولود في أستراليا وناشط في المعسكر الليبراليّ: “ما زالت هناك قضايا كبيرة في العالم الأرثوذكسي؛ ولكن بالتأكيد هناك إنجازات رئيسيّة في هذا الشأن خلال العشرين عاماً الماضية تقريباً. فهناك أمور كانت خارج المعسكر تماماً تحرّكت نحو حدود الأرثوذكسية، وأوضح الأمثلة على ذلك هو “سميشا” smicha الرَّسامَة الحاخاميّة للسيدات. يمكنك تقريباً أن تُموضِع نفسك اليوم على الطيف الأرثوذكسيّ من خلال ما تعتقده بشأن هذا الموضوع الأساسي”.

ولكن الحركة تناضل اليوم بشأن مجموعة من القضايا الأخرى. كما يوضح تبادل الخطابات الأخير بين الحاخامات، أن المواقف تجاه مجتمع المثليّين أصبحت قضية مثيرة للشِّقاق، إنْ لم يكن أكثر من ذلك؛ وفي إسرائيل بالأخص، نمت الانقسامات في المجتمع الأرثوذكسيّ، بشكل متزايد، حول ما إذا كان يجب تشجيع النساء على الخدمة في الجيش، ومدى السيطرة -إنْ وجدت- التي يجب أن يتمتع بها الحاخامات على الزواج والطلاق والتحوّلات الدينية والطعام الحلال (كشروت/ كوشر).

البندول الديني

في الجانب المحافظ من الطيف الأرثوذكسيّ الإسرائيليّ، هناك الحاخاميّة والمُخلِصون لها، والذين وقّع كثر منهم على الخطاب الذي يُهاجِم مجتمعَ المثليّين. ما زال هؤلاء الحاخامات يرون غيرَ محبّي الجنس الآخر non-heterosexuals ، خاطِئين يجب تجنّب حضورهم إلى الكُنُس (المعابد اليهوديّة). لو كان الأمر بيَدِهم، فلن يُسمَح للنساء أبداً بالحصول على الرسامَة الحاخاميّة، وسيتم الاعتراف في الدولة فقط بشهادات الزواج والطلاق والتحوّل الدينيّ والطعام الحلال التي تقرّها الحاخاميّة. عبر الأطلسيّ، تقِرُّ هذه الآراءَ بشكلٍ واسعٍ منظّمتان رئيسيّتان تمثّلان التيّار الرئيسيّ في الحركة الأرثوذكسية – المجلس الحاخاميّ الأميركيّ (RCA) والاتحاد الأرثوذكسي (OU).

“منذ عامين، أطلقت منظمة “بيت هلال” مبادرة جديدة عندما نشرت تصريحاً، هو الأوّل من نوعه، يَدعم المثليّين والمثليّات، ويدعو الحركة الأرثوذكسية إلى أن تكون أكثر قبولاً لهم وتسامحاً معهم”

ويقع إلى اليسار من الحاخاميّة، نوعاً ما، اتحاد “تسوهار” Tzoahr، وهو اتحاد الحاخامات الأرثوذكس في إسرائيل الذي يكافح لجعل الطقوس الدينيّة أكثر استساغة لغير الملتزمين من اليهود. يركّز اتحاد “تسوهار” في الأصل على حفلات الزفاف، وتقديم مراسم احتفاليّة بديلة للعِلمانيّين الإسرائيليّين يؤدّيها الحاخامات الأكثر ودّاً. ومع ذلك، فإنّ هذه المراسم الاحتفاليّة تقرّها الحاخاميّة. وعلى رغم ذلك، ففي الأعوام الأخيرة، امتدّ نشاط المنظمة ووجّهَت تحدّياً مباشراً بشكل أكبر لِسلطة الحاخاميّة. ومِن بين المبادرات الأخرى، فإن حاخامات “تسوهار” نشطاء في محاكم التحوّل الديني المستقلّة التابعة لمنظّمة Giyur K’Halacha، إضافة إلى خدمة جديدة لمنح شهادات خاصّة للطعام الحلال (كشروت/ كوشر)، للالتفاف على الحاخاميّة.

إلى اليسار من “تسوهار” توجد منظمة “بيت هلال” Beit Hillel، وهي منظّمة تضم الحاخامات الإسرائيليّين ذوي العقول التقدميّة تأسّست منذ 6 أعوام، وتقوم بشكل منتظم بإصدار أوراق بيان موقف وآراء حول قضايا الساعة. منذ عامين، أطلقت منظمة “بيت هلال” مبادرة جديدة عندما نشرت تصريحاً، هو الأوّل من نوعه، يَدعم المثليّين والمثليّات، ويدعو الحركة الأرثوذكسية إلى أن تكون أكثر قبولاً لهم وتسامحاً معهم. ولكن في الوقت ذاته، لم تذهب أبعد من هذا، ولم تتقبّل مجتمع المثليّين برمَّته، وأشارت كذلك إلى أنّ التوراة تحرِّم – بعبارات لا لبسَ فيها- العلاقات بين أفراد الجنس الواحد.

أما التصريح الأحدث بشأن التضامن مع مجتمع المثليّين الذي وقّعه 100 حاخام أرثوذكسيّ، قد تعدّى هذا الأمرَ بكثير. فهو لا يشير فقط إلى مجتمع المثليّين برمَّته، ولكنه أيضاً أحجَمَ عن ذكر أن التوراة ترى ممارسة الجنس بين أفراد النوع الواحد “فحشاء”. إن القوة الدافعة وراء هذه المبادرة هي اتحاد Torat Chayim، وهو اتحاد للحاخامات الأميركيّين والإسرائيليّين تم تأسيسه منذ عامين، وقد أصبح، من أوجه عدّة، يمثّل أقصى يسار طيف الأرثوذكسية (على رغم أن كثراً ممّن على اليمين سيَعتبرونهم خارج الحظيرة). من الجدير بالملاحظة أنّ اتحاد Beit Hillel، رفض التوقيع على الخطاب. وعلى رغم أنّه يضمّ في مراتبه بعضَ الحاخامات من السيدات، إلّا أنّه -على عكس اتّحاد Torat Chayim- لا يشجّع النساء -بشكلٍ نشط- على السعي إلى الرسامة الحاخاميّة. إضافة إلى ذلك، على رغم أنّ Beit Hillel، قد عبَّر عن تحفّظاته بشأن الطريقة التي يعمل بها الحاخامات، فإنّ موقفه الرسميّ هو أن الإسرائيليّين يجب أن يتزوّجوا عبر الحاخاميّة.

ومع ذلك، هناك القليل من الحاخامات الأرثوذكس في إسرائيل -بعضهم يعملون بشكل منفتح، ولكن معظمهم تحت المراقبة- الذين يقومون بعقد الزواج خارج رعاية الحاخاميّة. وفي الواقع، منذ شهرين أطلقَت مجموعةٌ منهم حملةَ تمويل جماعي تهدف إلى تعزيز مثل هذه الزيجات من دون تكلفة. يقول صامويل هايلمان، أستاذ الدراسات اليهودية بكليّة كوينز بجامعة مدينة نيويوركCUNY، والذي يعدّ مرجعيّة مهمة في شؤون الحركة الأرثوذكسية: “أعتقد أن ما نراه هو نوع من ردّ الفعل الارتجاعيّة على القبضة الخانقة للحَريديم [اليهود الأرثوذكس المتشدّدين]، والتي تعبِّر عن نفسها في مجموعة كاملة من الأمور. والآن نرى التقدّميّين يقاتلون مرّة أخرى”.

ووفق ما يقول هايلمان فإنّ كثيرين ممن يقودون المعركة في إسرائيل هم من المهاجرين الأميركيّين، وهذا الأمر ليس من قبيل المصادفة؛ “فإنّ أصولَ الأرثوذكسيّة التقدّميّة كانت في الولايات المتحدة”.

وقد ظهر ردّ الفعل هذا في الجيش الإسرائيلي أيضاً، إذ تتحدّى أعداد متزايدة من النساء الأرثوذكسيات حاخاماتهنّ ويسجِّلن أنفسهنّ للالتحاق بالخدمة العسكرية. إنّ الأرقام الأخيرة تُظهِر أنه منذ عام 2010 تضاعَفَ عدد النساء الأرثوذكسيات اللواتي يلتحِقن بالجيش ثلاثَ مرّات فعلياً. يُعارِض معظمُ الحاخامات الأرثوذكس في إسرائيل -بمن فيهم الحاخامات الأكثر ليبراليّة- التحاقَ النساء بالخدمة العسكرية، وبخاصة في الوحدات المختلطة. ومع ذلك فهناك عدد قليل منهم -ولكنه يتزايد- يوافق على الاتجاه الجديد.

يقول هايلمان أنه لو بدت الأرثوذكسية كما لو كانت تحارِب نفسَها على نحوٍ متزايد، فقد يكون هذا لأنّ الحركة نفسها تنمو. ويلاحظ قائلاً: “كلّما أصبحت جماعةٌ ما أكبر، قلَّ احتمال أن يكون هنالك مقاسٌ واحد يلائم الجميع”.

وكما يتذكّر، فإنّه في خمسينات القرن العشرين وستيناته، اعتُبِرَت الأرثوذكسيّة الحديثة “موجةَ المستقبل”، واعتقَدَ كثر من المراقبين أنّ عالَم الأرثوذكسية المُفرِطة سوف “يَضمُر ويموت”.

ويشير هايلمان قائلاً: “بعد هذا، بدأ البندول يتأرجح في الاتجاه الآخر، نحو اليمين؛ وبدأ الناس الحديث عن موت الأرثوذكسية الحديثة. هذا، أيضاً، ثبَتَ أنّه سابقٌ لأوانه”.

في أي اتجاهات ستسير الأمور؟ يقول هايلمان إنّه من الصعب أن نعرف. ويضيف قائلاً: “حتّى إنّ الأمر قد ينتهي بالتعادل، ولكن التطوّرات الأهمّ في الأرثوذكسية اليوم- من أوجه عدّة- تحدُث على الجانب الحداثيّ- كردّ فعل على الانزلاق نحو اليمين”.

هذا المقال مترجم عن موقع صحيفة Haaretz ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط  التالي

إقرأ أيضاً:
قانون الدولة الأمة اليهودية: كيف بات للتمييز العنصري جذورٌ قانونية
غالبية يهود أميركا لا يريدون القدس عاصمة اسرائيل وعدد من الحاخامات تظاهروا ضد ترامب
هل يُعد احتجاج ناتالي بورتمان على إسرائيل نقطة تحول؟