fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

قضية عصابة الاتجار بالأطفال عبر منصة “تيكتوك”: كيف خذلناهم مجدداً !

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المعلومات المتداولة عن مجريات التحقيقات المتخبطة، تؤكد أننا لم نُعلِ مصلحة الأطفال الفضلى، بل انزلقنا؛ كما في كل مرة، إلى مناكدات قضائية وربما سياسية، مع ما يتضمنه كل ذلك من تنافس وتنازع بين الأجهزة الأمنية والقضائية على حساب حماية الأطفال، واحترام خصوصيتهم/ن، والانتصار لحقوقهم/ن ومواكبتهم/ن نحو النجاة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مضى قرابة شهر على تسريب التحقيقات، وما زال لبنان يتخبط في قضية عصابة الاتجار بالأطفال، عبر تطبيق “تيكتوك”، لأسباب متعددة، من ضمنها الاعتداء الجنسي، مروراً بالإكراه على تعاطي المخدرات، وصولاً إلى تصوير الاعتداءات الجنسية، فلا يكاد يمضي يوم من دون أن يتكشف المزيد من الحقائق حول الفظائع التي ارتكبتها عصابة “تيكتوك” الشهيرة والعابرة للحدود، مما يؤكد أن فضاءات الأطفال والطفلات واليافعين/ات في لبنان والعالم، متاحة لأشد أنواع المخاطر. 

في زمن يجنح إلى  المساحات الرقمية كبديل افتراضي فرضته جائحة كورونا، وما واكبها في لبنان من تحلل للدولة، ونظام الحماية المتمثل بتفكك شبكة السلامة المجتمعية، واستجابة منتقصة لاحتياجات فئات هي الأكثر هشاشة، لا بد من مراجعة شاملة لنظام حماية الأطفال والطفلات في لبنان بمقاربة أكثر حيادية. 

فالمعلومات المتداولة عن مجريات التحقيقات المتخبطة، تؤكد أننا لم نُعلِ مصلحة الأطفال الفضلى، بل انزلقنا؛ كما في كل مرة، إلى مناكدات قضائية وربما سياسية، مع ما يتضمنه كل ذلك من تنافس وتنازع بين الأجهزة الأمنية والقضائية على حساب حماية الأطفال، واحترام خصوصيتهم/ن، والانتصار لحقوقهم/ن ومواكبتهم/ن نحو النجاة.  

فالتسريبات التي واكبت التحقيقات، التي حصل جزء منها؛ وربما أغلبها في غياب مندوبات حماية الأحداث، والمعلومات التي أشارت إلى تعرض الأطفال لضغوطات كان من شأنها دخول أحد القصار إلى المستشفى، ناهيك بالكشف عن هويات الأطفال، كل هذه المعطيات تؤكد أننا عمقنا الجرم وانتهكنا حقوق الأطفال. 

لم يتوقف تعميق الجريمة على النظام القضائي فحسب، فلقد انضم الإعلام إلى قافلة المنتهكين عبر ركوب سباق المنافسة، على رغم الادعاء بأن الهدف هو استقصائي مساهم بكشف الحقائق.

هكذا وفي انتهاك صريح لحق الضحايا في عبور آمن نحو النجاة، شاهدنا مقابلة على الهواء مع ضحية تروي ما تعرضت له من استدراج واستمالة، وصولاً إلى استلاب كلي، وبالرغم من ادعاءات الصحافة الاستقصائية أن الهدف من هذه المقابلة، هو المساهمة بالتحقيق عبر فضح الجاني مدعي البراءة، فإن مقابلة ضحية اغتصاب تتطلب مهارات متخصصة في سياق تدخل علاجي متكامل ومتعدد الاختصاصات. 

نعم جرى تمويه صورة القاصر وتعديل صوته لحماية هويته، لكن الانتهاك هنا يكمن في دعوة الضحية إلى رواية ما تعرضت له، والغوص في تفاصيل علاقتها بالمجرم، من دون الوعي بمدى خطورة استذكار الحادثة، حتى ولو في معرض إحقاق الحق. 

ربما يبرر الصحافي الاستقصائي فعلته بنيته المساهمة في تصويب التحقيقات القضائية وفضح المجرمين والاقتصاص منهم، ولكن ربما غاب عن هذه الصحافة عينها، أن لا عدالة تتحقق على حساب آلام الضحايا وتعريتهم والغوص في تفاصيل آلامهم هكذا على العلن، ربما غاب عن أعيننا أيضاً، أن المجرم ومن خلفه؛ مستهلك تسجيلات الاغتصاب، يتلذذ بفعل الاغتصاب أولا، ومن ثم بمشاهدة الفعل موثقاً، وأيضاً في التلصص على آلام الضحية، وهنا سقط الإعلام في وحول البوح المجاني والدخول في تفاصيل لا تخدم إلا البصاصين، وهكذا تحولت شاشة التلفزيون إلى نافذة مفتوحة للمتطفلين والمتلصصين، وربما لمستهلكي الفيديوهات التي توثق الاغتصاب. 

وهنا لا بد من طرح سؤال عن هوية طالبي خدمة هذه الأفلام، التي توثق الاغتصابات، لا سيما اغتصاب الأطفال.

تشير التقارير حول الاتجار بالبشر إلى أن الغالبية العظمى من مستهلكي هذه المواد هم من الذكور، على الرغم من وجود بعض الإناث بين المستهلكين، وغالباً ما ينتمي هؤلاء الأفراد إلى مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، حيث لا يقتصر الأمر على فئة معينة، لكن الدراسات تؤكد أن العديد من هؤلاء المستهلكين يعانون من اضطرابات نفسية مثل الفصام، واضطراب الشخصية الحدية، واضطراب الهوية الجنسية، كما يظهر على العديد منهم علامات الانحراف الجنسي، حيث يجدون إشباعاً جنسياً في مشاهدة هذه المواد.

يعتبر استهلاك هذه المواد نوعاً من الإدمان بالنسبة لبعض الأفراد، حيث يصبح البحث عنها ومشاهدتها سلوكاً قهرياً، كما تؤكد الدراسات تقاطع استهلاك هذه الأفلام مع أشكال أخرى من العنف، لا سيما العنف المبني على النوع الاجتماعي والعنف ضد النساء. 

وبالرغم من أن الطلب على هذه الأفلام ومشاهدتها يعد جرماً يعاقب عليه القانون في بلدان عديدة، إلا أن مقدمي هذه الخدمات ابتدعوا وسائل تتيح تسريب هذه المشاهد عبر ما يعرف ب”دارك ويب”، فإذا هو سوق لاغتصاب الأطفال وتسويق أفلام توثق هذا العنف المتطرف، وهي عملية خاضعة لمسألة العرض والطلب، في ظل غياب أطر قانونية دقيقة تقتص من الجناة على اختلاف أدوارهم، بمن فيهم طالبوا الخدمة. 

هذا الواقع يُلزمنا بإعادة التفكير في كيفية حماية أطفالنا، وضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث، جزء كبير من الحماية يتمثل في تصديق الضحايا عند البوح بأنهم/ن تعرضوا للأذى، وغالباً ما يتردد الأطفال والطفلات في التحدث عن تجاربهم/ن بسبب الخوف من عدم التصديق أو الوصم، لذلك علينا التعامل مع ادعاءات الأطفال بجدية وحساسية ودقة، لأن عدم تصديق الضحايا يزيد من تهميشهم ويجعلهم أكثر عرضة للأذى المستمر.

جيفري كرم - أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية | 12.04.2025

النسيان كسياسة: عن الحرب التي لم تنتهِ في لبنان

لم تكن الحرب الأهلية اللبنانيّة مجرّد صراع أهلي تمّ تجاوزه، بل أساس للنظام الذي تلاها، وبدل أن تكون لحظة تأسيس لذاكرة وطنية، أصبحت لحظة إنتاج لسياسة النسيان. كلّ ما يُذكّر بالحرب من محاكمات إلى مناهج دراسية، إلى أرشيفات، اعتُبر تهديداً يجب إسقاطه.

المعلومات المتداولة عن مجريات التحقيقات المتخبطة، تؤكد أننا لم نُعلِ مصلحة الأطفال الفضلى، بل انزلقنا؛ كما في كل مرة، إلى مناكدات قضائية وربما سياسية، مع ما يتضمنه كل ذلك من تنافس وتنازع بين الأجهزة الأمنية والقضائية على حساب حماية الأطفال، واحترام خصوصيتهم/ن، والانتصار لحقوقهم/ن ومواكبتهم/ن نحو النجاة.

مضى قرابة شهر على تسريب التحقيقات، وما زال لبنان يتخبط في قضية عصابة الاتجار بالأطفال، عبر تطبيق “تيكتوك”، لأسباب متعددة، من ضمنها الاعتداء الجنسي، مروراً بالإكراه على تعاطي المخدرات، وصولاً إلى تصوير الاعتداءات الجنسية، فلا يكاد يمضي يوم من دون أن يتكشف المزيد من الحقائق حول الفظائع التي ارتكبتها عصابة “تيكتوك” الشهيرة والعابرة للحدود، مما يؤكد أن فضاءات الأطفال والطفلات واليافعين/ات في لبنان والعالم، متاحة لأشد أنواع المخاطر. 

في زمن يجنح إلى  المساحات الرقمية كبديل افتراضي فرضته جائحة كورونا، وما واكبها في لبنان من تحلل للدولة، ونظام الحماية المتمثل بتفكك شبكة السلامة المجتمعية، واستجابة منتقصة لاحتياجات فئات هي الأكثر هشاشة، لا بد من مراجعة شاملة لنظام حماية الأطفال والطفلات في لبنان بمقاربة أكثر حيادية. 

فالمعلومات المتداولة عن مجريات التحقيقات المتخبطة، تؤكد أننا لم نُعلِ مصلحة الأطفال الفضلى، بل انزلقنا؛ كما في كل مرة، إلى مناكدات قضائية وربما سياسية، مع ما يتضمنه كل ذلك من تنافس وتنازع بين الأجهزة الأمنية والقضائية على حساب حماية الأطفال، واحترام خصوصيتهم/ن، والانتصار لحقوقهم/ن ومواكبتهم/ن نحو النجاة.  

فالتسريبات التي واكبت التحقيقات، التي حصل جزء منها؛ وربما أغلبها في غياب مندوبات حماية الأحداث، والمعلومات التي أشارت إلى تعرض الأطفال لضغوطات كان من شأنها دخول أحد القصار إلى المستشفى، ناهيك بالكشف عن هويات الأطفال، كل هذه المعطيات تؤكد أننا عمقنا الجرم وانتهكنا حقوق الأطفال. 

لم يتوقف تعميق الجريمة على النظام القضائي فحسب، فلقد انضم الإعلام إلى قافلة المنتهكين عبر ركوب سباق المنافسة، على رغم الادعاء بأن الهدف هو استقصائي مساهم بكشف الحقائق.

هكذا وفي انتهاك صريح لحق الضحايا في عبور آمن نحو النجاة، شاهدنا مقابلة على الهواء مع ضحية تروي ما تعرضت له من استدراج واستمالة، وصولاً إلى استلاب كلي، وبالرغم من ادعاءات الصحافة الاستقصائية أن الهدف من هذه المقابلة، هو المساهمة بالتحقيق عبر فضح الجاني مدعي البراءة، فإن مقابلة ضحية اغتصاب تتطلب مهارات متخصصة في سياق تدخل علاجي متكامل ومتعدد الاختصاصات. 

نعم جرى تمويه صورة القاصر وتعديل صوته لحماية هويته، لكن الانتهاك هنا يكمن في دعوة الضحية إلى رواية ما تعرضت له، والغوص في تفاصيل علاقتها بالمجرم، من دون الوعي بمدى خطورة استذكار الحادثة، حتى ولو في معرض إحقاق الحق. 

ربما يبرر الصحافي الاستقصائي فعلته بنيته المساهمة في تصويب التحقيقات القضائية وفضح المجرمين والاقتصاص منهم، ولكن ربما غاب عن هذه الصحافة عينها، أن لا عدالة تتحقق على حساب آلام الضحايا وتعريتهم والغوص في تفاصيل آلامهم هكذا على العلن، ربما غاب عن أعيننا أيضاً، أن المجرم ومن خلفه؛ مستهلك تسجيلات الاغتصاب، يتلذذ بفعل الاغتصاب أولا، ومن ثم بمشاهدة الفعل موثقاً، وأيضاً في التلصص على آلام الضحية، وهنا سقط الإعلام في وحول البوح المجاني والدخول في تفاصيل لا تخدم إلا البصاصين، وهكذا تحولت شاشة التلفزيون إلى نافذة مفتوحة للمتطفلين والمتلصصين، وربما لمستهلكي الفيديوهات التي توثق الاغتصاب. 

وهنا لا بد من طرح سؤال عن هوية طالبي خدمة هذه الأفلام، التي توثق الاغتصابات، لا سيما اغتصاب الأطفال.

تشير التقارير حول الاتجار بالبشر إلى أن الغالبية العظمى من مستهلكي هذه المواد هم من الذكور، على الرغم من وجود بعض الإناث بين المستهلكين، وغالباً ما ينتمي هؤلاء الأفراد إلى مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، حيث لا يقتصر الأمر على فئة معينة، لكن الدراسات تؤكد أن العديد من هؤلاء المستهلكين يعانون من اضطرابات نفسية مثل الفصام، واضطراب الشخصية الحدية، واضطراب الهوية الجنسية، كما يظهر على العديد منهم علامات الانحراف الجنسي، حيث يجدون إشباعاً جنسياً في مشاهدة هذه المواد.

يعتبر استهلاك هذه المواد نوعاً من الإدمان بالنسبة لبعض الأفراد، حيث يصبح البحث عنها ومشاهدتها سلوكاً قهرياً، كما تؤكد الدراسات تقاطع استهلاك هذه الأفلام مع أشكال أخرى من العنف، لا سيما العنف المبني على النوع الاجتماعي والعنف ضد النساء. 

وبالرغم من أن الطلب على هذه الأفلام ومشاهدتها يعد جرماً يعاقب عليه القانون في بلدان عديدة، إلا أن مقدمي هذه الخدمات ابتدعوا وسائل تتيح تسريب هذه المشاهد عبر ما يعرف ب”دارك ويب”، فإذا هو سوق لاغتصاب الأطفال وتسويق أفلام توثق هذا العنف المتطرف، وهي عملية خاضعة لمسألة العرض والطلب، في ظل غياب أطر قانونية دقيقة تقتص من الجناة على اختلاف أدوارهم، بمن فيهم طالبوا الخدمة. 

هذا الواقع يُلزمنا بإعادة التفكير في كيفية حماية أطفالنا، وضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث، جزء كبير من الحماية يتمثل في تصديق الضحايا عند البوح بأنهم/ن تعرضوا للأذى، وغالباً ما يتردد الأطفال والطفلات في التحدث عن تجاربهم/ن بسبب الخوف من عدم التصديق أو الوصم، لذلك علينا التعامل مع ادعاءات الأطفال بجدية وحساسية ودقة، لأن عدم تصديق الضحايا يزيد من تهميشهم ويجعلهم أكثر عرضة للأذى المستمر.

آخر القصص
المُعتقَل في الدراما التلفزيونية السورية… حساسية الجرح المفتوح
علاء الدين العالم - كاتب ومسرحي فلسطيني سوري | 12.04.2025
النسيان كسياسة: عن الحرب التي لم تنتهِ في لبنان
جيفري كرم - أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية | 12.04.2025
من سهول دونباس في أوكرانيا إلى بادية الشام… وثائق حصرية ومصادر مفتوحة تكشف تكثيف روسيا حرب المسيّرات في سماء سوريا 
محمد بسيكي (سراج) عبد القادر ضويحي، كريستسان مامو، أليكسينا كالونكي (osint for ukraine) | 11.04.2025

اشترك بنشرتنا البريدية