fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

قيس سعيّد…صديق بشار الذي تنكّر لثورة أوصلته إلى الحكم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

قبل 4 أيام فقط من سقوط بشار أدان قيس سعيّد بشدة ما سمّاه “الهجمات الإرهابية التي استهدفت شمال سوريا”، معلناً تضامنه مع النظام السوري، داعياً المجموعة الدولية إلى “مساندة هذا البلد الشقيق، حتى يحافظ على سيادته وأمن شعبه واستقراره ووحدة أراضيه”. بيان لم يُصدره أقوى حلفاء بشار الذين تركوه ليهرب ليلاً مخلفاً وراءه تاريخاً من القمع والقهر

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد أسبوع من الإطاحة به، وهروبه صاغراً تحت جنح الظلام نحو أصدقائه الروس، قال المخلوع بشار الأسد إنه لم يكن يوماً من الأيام من الساعين إلى المناصب على المستوى الشخصي، كيف لا وهو من حكم سوريا 24 سنة وخرج من القصر غصباً؟.

قال أيضاً إنه صاحب مشروع وطني، وبالرجوع إلى فترة حكمه نرى أن هذا المشروع يتمثّل في حماية العدو الصهيوني، وفتح البلاد أمام الاستعمار الأجنبي (روسي وإيراني…) وقتل مئات الآلاف من السوريين بالبراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي.

مشروع بشار الوطني يتمثّل أيضاً في تهجير نصف السكان في الداخل والخارج، وتحويل سوريا إلى سجن ضيق، الخارج منه مولود والداخل إليه مفقود، ضمن هذا المشروع تحولت بلاد الشام إلى سوق للمخدرات والجريمة المنظمة…

لم يكن بشار استثناء في المنطقة العربية، فكل الرؤساء العرب جاءوا إلى السلطة مجبرين، مساكين همّهم الوحيد خدمة شعوبهم ورفاهيتها، رؤساء لهم مشاريع وطنية جعلت من دولنا في أعلى مراتب التقدم والرقي… لا، لا، عفواً، الانحطاط والخراب.

تزامن هروب “الزرافة” كما يحلو للسوريين مناداته، مع ذكرى اندلاع الثورة في تونس، وهو ما جعلنا نسلط الضوء على رئيس مهد الثورات العربية، الذي تنكّر لكل شيء نادى به أو دافع عنه، قبل الوصول إلى حكم قصر قرطاج، حتى الثورة التي ادّعى يوماً أنه جاء ليحميها فتنكّر لها.

ونحن نتحدث عن بشار، دعنا نلقي الضوء على صداقة مدّعي الثورية في تونس مع قاتل شعبه، حيث يعتبر السعيّد من أبرز الرؤساء العرب الداعمين للرئيس السوري المخلوع، برغم المجازر الكبيرة التي ارتكبها في حق شعبه طيلة أكثر من عقدين.

الطيور على أشكالها تقع

قبل 4 أيام فقط من سقوط بشار وتحرير دمشق، عبّر نظام قيس سعيّد عن إدانته الشديدة لما اعتبره ” الهجمات الإرهابية التي استهدفت شمال سوريا”، معلناً تضامنه مع النظام السوري، داعياً المجموعة الدولية إلى “مساندة هذا البلد الشقيق، حتى يحافظ على سيادته وأمن شعبه واستقراره ووحدة أراضيه”.

بيان لم يُصدره أقوى حلفاء بشار الذين تركوه في التسلل، لكن جهبذ السياسة التونسية رأى أن يساند المجرم بشار ضد الثوار الراغبين في تحرير بلادهم، من سلطة نظام حكمهم طيلة أكثر من نصف قرن بالحديد والنار.

يدّعي سعيّد الثورية، إلا أنه مدّ يده إلى رأس النظام السوري القمعي، محاولاً إخراجه من عزلته، حيث أعاد السنة الماضية العلاقات الدبلوماسية المقطوعة مع سوريا منذ شباط/ فبراير 2012، وكانت “تونس الثورة” قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، احتجاجاً على قمع نظام بشار الأسد الاحتجاجات المناهضة له.

دائما ما يطلّ السعيّد على التونسيين للحديث عن حق الشعوب في العيش الكريم والتحرر من ديكتاتوريات الفساد والظلم، إلا أنه كالعادة، يفعل ما لا يقول، حيث سارع إلى فتح صدره وضمّ من تلطخت يده بدماء الأبرياء وقمع شعبه.

يعلم رأس النظام التونسي أن نظام بشار الأسد، كان حجر عثرة أمام الثورات العربية، وساهم بقوة في إفشال موجة التحرر العربي التي شهدتها المنطقة أواخر سنة 2010، غير أنه أبى إلا أن يكرمه على ذلك، ويمنحه صفة “الصديق المقرب”، مثله مثل عبد الفتاح السيسي.

انقلاب على السلطة

في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فاز قيس سعيّد بولاية ثانية بنسبة تفوق 90% من مجموع أصوات الناخبين، ومن النسبة نفهم باقي القصة، لكن ما يُحسب له أنه ترك هامشاً للمعارضة المشاركة في الانتخابات، حتى تحصل على بعض الأصوات، وذلك لزوم المسرحية طبعاً.

تعلّم سعيّد الدرس من أصدقائه قادة العرب، إذ لا يجوز لرئيس أن يحكم بنسبة تقل عن 90%، ومن الدروس الأخرى التي تعلمها سعيد أيضاً، ألا يرضى بالقليل، وأن يضع السلطات جميعها تحت يديه، فكان له ذلك صيف سنة 2021.

انقلب سعيّد في تموز/ يوليو 2021 على دستور بلاده، ونصّب نفسه الرئيس الأوحد للبلاد، كما فعل صديقه بشار سنة 2000، حين نصّب نفسه رئيساً لسوريا ولم يتعدّ عمره 34 سنة، عقب وفاة والده، برغم أن دستور البلاد يشترط ألا يقل عمر الرئيس عن 40 عاماً.

ما إن تمكنا من السلطة حتى كتبا دساتير جديدة يضمنان بها الحكم المطلق، ويقصيان من خلالها باقي أطياف المجتمع، برغم أنهما ليس في حاجة إلى دساتير أو قوانين، فهما الدستور والدولة والنظام والشعب وكل شيء منحصر فيهما.

التجارة بالقضية الفلسطينية

تشابه كبير بين سعيّد وبشار حتى في الانقلاب على السلطة، لكن التشابه لا ينتهي هنا، فكلاهما يدّعي المقاومة والدفاع عن القضية الفلسطينية، ولنا أن نتذكر المقولة الشهيرة التي صعد بها نجم سعيّد قبل وصوله إلى كرسي الحكم “التطبيع خيانة عظمى”.

صمّ سعيّد آذان العرب قبل تقلّده كرسي الرئاسة بالشعارات المناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن ما إن وضع ساقه في قرطاج، حتى تيقن الجميع أنها مجرد كلام فقط، إذ لم نرَ خطوات ملموسة لها تنصر الفلسطينيين فعلياً.

حتى مشروع قانون تجريم التطبيع الذي اقترحه بعض نواب البرلمان، ركنه سعيّد إلى الدرج رغبة منه في عدم غلق أبواب التواصل مع إسرائيل مستقبلاً، وحتى لا يكون في حرج أكبر إن قبل التطبيع مع الصهاينة.

وبالعودة إلى صديقه بشار، نرى أنه هو الآخر كان متاجراً كبيراً بالقضية الفلسطينية والمقاومة، إذ نهب شعبه وفقّره، بتعلة شراء أسلحة لمقاومة الإسرائيليين، لكن هذه الخردة وُجّهت نحو صدور السوريين العارية، وما إن انتهت صلاحيتها حتى تم تدميرها بالكامل.

طيلة فترة حكم نظام بشار، كانت إسرائيل آمنة مطمئنة، فـ”بطة” أو بشار الأسد، لم يطلق ولا رصاصة واحدة تجاهها، برغم الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة السورية وتواصل احتلال هضبة الجولان، وبقي محافظاً على حق الرد الذي لم يأتِ حتى في أحلامه.

التنكيل بالمعارضين

نقاط التشابه كبيرة بين بشار وقيس، منها مثلاً: التنكيل بالمعارضين، فخلال فترة حكمه الممتدة طيلة ربع قرن، استخدم نظام بشار أبشع الأدوات والأساليب للتنكيل بمعارضيه، وحتى الأهالي الذين اعتزلوا السياسة وصلهم قمعه وبطشه.

مدّعي الحريات والضامن للديمقراطية انتهج النهج نفسه أيضاً، فمنذ انقلابه على دستور بلاده، وهمه الوحيد الزج بمعارضيه في السجون والتنكيل بهم، حتى يضمن السيطرة على الفضاء العام والافتراضي، وهو ما كان له طبعاً.

يخرج سعيّد متبختراً وحوله بعض حاشيته المتملقين له؛ كما كان يفعل بشار تماماً، للحديث عن الحقوق والحريات، وفي الوقت نفسه يُرسل قوات نظامه للتنكيل بالناس رغبة في تأبيد حكمه كأنه خالد في هذه الحياة الفانية. 

خلال فترة حكم سعيّد القصيرة، حُكم على رئيس سابق للبلاد المنصف المرزوقي، بالسجن وتهمته الوحيدة سعيه لضمان العيش الكريم لشعبه، كما سُجن رئيس برلمان راشد الغنوشي، لوقوفه ضد الانقلاب على الدستور.

سُجن عشرات السياسيين والحقوقيين والإعلاميين المناهضين لحكم السعيّد، لكن قيس يصرّ على أن سجون نظامه لا يوجد فيها أي سجين رأي، وكلهم خونة ومتآمرون وعملاء للخارج، وهي الصفات نفسها التي يطلقها بشار على معارضيه.

تعرّف التونسيين على قيس سعيّد عبر الإعلام، فقبل تقلده منصب الرئاسة كان لا يفارق المؤسسات الإعلامية، ويقدّم نفسه على أنه خبير في القانون الدستوري، ومع وصوله إلى قرطاج أغلق الباب أمام الصحافة؛ وهي عادة حكام العرب الدكتاتوريين.

وصل سعيّد إلى الحكم بفضل الثورة، فقبلها كان مجرد مساعد أستاذ يُلقي محاضرة في الكلية، ويعود على إثرها مهرولاً إلى مقهى حيّه الفقير، يرتشف قهوته مع سيجارة من الصنف البالي، إلا أنه سرعان ما تخلى عنها، وخان دماء شهدائها الذين سقطوا من أجل الحرية والتحرر من نظام مستبد.

ليلاس حتاحت- صحافيّةسوريّة | 09.05.2025

سوريات في السجن اللبناني (2): الزنزانة التي أيقظت تروما الاغتصاب الأول

هذه الحلقة الثانية من ثلاث حلقات، تروي فيها الصحافية السورية ليلاس حتاحت، شهادة عن تجربة مؤلمة عاشتها في سجن لبناني، أمضت فيه سبعة أيّام بلياليها، بعد اكتشافها تلفيق تهمة لها حين كانت في أوروبا، باستخدام اسمها وجواز سفرها السوري.
24.12.2024
زمن القراءة: 5 minutes

قبل 4 أيام فقط من سقوط بشار أدان قيس سعيّد بشدة ما سمّاه “الهجمات الإرهابية التي استهدفت شمال سوريا”، معلناً تضامنه مع النظام السوري، داعياً المجموعة الدولية إلى “مساندة هذا البلد الشقيق، حتى يحافظ على سيادته وأمن شعبه واستقراره ووحدة أراضيه”. بيان لم يُصدره أقوى حلفاء بشار الذين تركوه ليهرب ليلاً مخلفاً وراءه تاريخاً من القمع والقهر

بعد أسبوع من الإطاحة به، وهروبه صاغراً تحت جنح الظلام نحو أصدقائه الروس، قال المخلوع بشار الأسد إنه لم يكن يوماً من الأيام من الساعين إلى المناصب على المستوى الشخصي، كيف لا وهو من حكم سوريا 24 سنة وخرج من القصر غصباً؟.

قال أيضاً إنه صاحب مشروع وطني، وبالرجوع إلى فترة حكمه نرى أن هذا المشروع يتمثّل في حماية العدو الصهيوني، وفتح البلاد أمام الاستعمار الأجنبي (روسي وإيراني…) وقتل مئات الآلاف من السوريين بالبراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي.

مشروع بشار الوطني يتمثّل أيضاً في تهجير نصف السكان في الداخل والخارج، وتحويل سوريا إلى سجن ضيق، الخارج منه مولود والداخل إليه مفقود، ضمن هذا المشروع تحولت بلاد الشام إلى سوق للمخدرات والجريمة المنظمة…

لم يكن بشار استثناء في المنطقة العربية، فكل الرؤساء العرب جاءوا إلى السلطة مجبرين، مساكين همّهم الوحيد خدمة شعوبهم ورفاهيتها، رؤساء لهم مشاريع وطنية جعلت من دولنا في أعلى مراتب التقدم والرقي… لا، لا، عفواً، الانحطاط والخراب.

تزامن هروب “الزرافة” كما يحلو للسوريين مناداته، مع ذكرى اندلاع الثورة في تونس، وهو ما جعلنا نسلط الضوء على رئيس مهد الثورات العربية، الذي تنكّر لكل شيء نادى به أو دافع عنه، قبل الوصول إلى حكم قصر قرطاج، حتى الثورة التي ادّعى يوماً أنه جاء ليحميها فتنكّر لها.

ونحن نتحدث عن بشار، دعنا نلقي الضوء على صداقة مدّعي الثورية في تونس مع قاتل شعبه، حيث يعتبر السعيّد من أبرز الرؤساء العرب الداعمين للرئيس السوري المخلوع، برغم المجازر الكبيرة التي ارتكبها في حق شعبه طيلة أكثر من عقدين.

الطيور على أشكالها تقع

قبل 4 أيام فقط من سقوط بشار وتحرير دمشق، عبّر نظام قيس سعيّد عن إدانته الشديدة لما اعتبره ” الهجمات الإرهابية التي استهدفت شمال سوريا”، معلناً تضامنه مع النظام السوري، داعياً المجموعة الدولية إلى “مساندة هذا البلد الشقيق، حتى يحافظ على سيادته وأمن شعبه واستقراره ووحدة أراضيه”.

بيان لم يُصدره أقوى حلفاء بشار الذين تركوه في التسلل، لكن جهبذ السياسة التونسية رأى أن يساند المجرم بشار ضد الثوار الراغبين في تحرير بلادهم، من سلطة نظام حكمهم طيلة أكثر من نصف قرن بالحديد والنار.

يدّعي سعيّد الثورية، إلا أنه مدّ يده إلى رأس النظام السوري القمعي، محاولاً إخراجه من عزلته، حيث أعاد السنة الماضية العلاقات الدبلوماسية المقطوعة مع سوريا منذ شباط/ فبراير 2012، وكانت “تونس الثورة” قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، احتجاجاً على قمع نظام بشار الأسد الاحتجاجات المناهضة له.

دائما ما يطلّ السعيّد على التونسيين للحديث عن حق الشعوب في العيش الكريم والتحرر من ديكتاتوريات الفساد والظلم، إلا أنه كالعادة، يفعل ما لا يقول، حيث سارع إلى فتح صدره وضمّ من تلطخت يده بدماء الأبرياء وقمع شعبه.

يعلم رأس النظام التونسي أن نظام بشار الأسد، كان حجر عثرة أمام الثورات العربية، وساهم بقوة في إفشال موجة التحرر العربي التي شهدتها المنطقة أواخر سنة 2010، غير أنه أبى إلا أن يكرمه على ذلك، ويمنحه صفة “الصديق المقرب”، مثله مثل عبد الفتاح السيسي.

انقلاب على السلطة

في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فاز قيس سعيّد بولاية ثانية بنسبة تفوق 90% من مجموع أصوات الناخبين، ومن النسبة نفهم باقي القصة، لكن ما يُحسب له أنه ترك هامشاً للمعارضة المشاركة في الانتخابات، حتى تحصل على بعض الأصوات، وذلك لزوم المسرحية طبعاً.

تعلّم سعيّد الدرس من أصدقائه قادة العرب، إذ لا يجوز لرئيس أن يحكم بنسبة تقل عن 90%، ومن الدروس الأخرى التي تعلمها سعيد أيضاً، ألا يرضى بالقليل، وأن يضع السلطات جميعها تحت يديه، فكان له ذلك صيف سنة 2021.

انقلب سعيّد في تموز/ يوليو 2021 على دستور بلاده، ونصّب نفسه الرئيس الأوحد للبلاد، كما فعل صديقه بشار سنة 2000، حين نصّب نفسه رئيساً لسوريا ولم يتعدّ عمره 34 سنة، عقب وفاة والده، برغم أن دستور البلاد يشترط ألا يقل عمر الرئيس عن 40 عاماً.

ما إن تمكنا من السلطة حتى كتبا دساتير جديدة يضمنان بها الحكم المطلق، ويقصيان من خلالها باقي أطياف المجتمع، برغم أنهما ليس في حاجة إلى دساتير أو قوانين، فهما الدستور والدولة والنظام والشعب وكل شيء منحصر فيهما.

التجارة بالقضية الفلسطينية

تشابه كبير بين سعيّد وبشار حتى في الانقلاب على السلطة، لكن التشابه لا ينتهي هنا، فكلاهما يدّعي المقاومة والدفاع عن القضية الفلسطينية، ولنا أن نتذكر المقولة الشهيرة التي صعد بها نجم سعيّد قبل وصوله إلى كرسي الحكم “التطبيع خيانة عظمى”.

صمّ سعيّد آذان العرب قبل تقلّده كرسي الرئاسة بالشعارات المناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن ما إن وضع ساقه في قرطاج، حتى تيقن الجميع أنها مجرد كلام فقط، إذ لم نرَ خطوات ملموسة لها تنصر الفلسطينيين فعلياً.

حتى مشروع قانون تجريم التطبيع الذي اقترحه بعض نواب البرلمان، ركنه سعيّد إلى الدرج رغبة منه في عدم غلق أبواب التواصل مع إسرائيل مستقبلاً، وحتى لا يكون في حرج أكبر إن قبل التطبيع مع الصهاينة.

وبالعودة إلى صديقه بشار، نرى أنه هو الآخر كان متاجراً كبيراً بالقضية الفلسطينية والمقاومة، إذ نهب شعبه وفقّره، بتعلة شراء أسلحة لمقاومة الإسرائيليين، لكن هذه الخردة وُجّهت نحو صدور السوريين العارية، وما إن انتهت صلاحيتها حتى تم تدميرها بالكامل.

طيلة فترة حكم نظام بشار، كانت إسرائيل آمنة مطمئنة، فـ”بطة” أو بشار الأسد، لم يطلق ولا رصاصة واحدة تجاهها، برغم الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة السورية وتواصل احتلال هضبة الجولان، وبقي محافظاً على حق الرد الذي لم يأتِ حتى في أحلامه.

التنكيل بالمعارضين

نقاط التشابه كبيرة بين بشار وقيس، منها مثلاً: التنكيل بالمعارضين، فخلال فترة حكمه الممتدة طيلة ربع قرن، استخدم نظام بشار أبشع الأدوات والأساليب للتنكيل بمعارضيه، وحتى الأهالي الذين اعتزلوا السياسة وصلهم قمعه وبطشه.

مدّعي الحريات والضامن للديمقراطية انتهج النهج نفسه أيضاً، فمنذ انقلابه على دستور بلاده، وهمه الوحيد الزج بمعارضيه في السجون والتنكيل بهم، حتى يضمن السيطرة على الفضاء العام والافتراضي، وهو ما كان له طبعاً.

يخرج سعيّد متبختراً وحوله بعض حاشيته المتملقين له؛ كما كان يفعل بشار تماماً، للحديث عن الحقوق والحريات، وفي الوقت نفسه يُرسل قوات نظامه للتنكيل بالناس رغبة في تأبيد حكمه كأنه خالد في هذه الحياة الفانية. 

خلال فترة حكم سعيّد القصيرة، حُكم على رئيس سابق للبلاد المنصف المرزوقي، بالسجن وتهمته الوحيدة سعيه لضمان العيش الكريم لشعبه، كما سُجن رئيس برلمان راشد الغنوشي، لوقوفه ضد الانقلاب على الدستور.

سُجن عشرات السياسيين والحقوقيين والإعلاميين المناهضين لحكم السعيّد، لكن قيس يصرّ على أن سجون نظامه لا يوجد فيها أي سجين رأي، وكلهم خونة ومتآمرون وعملاء للخارج، وهي الصفات نفسها التي يطلقها بشار على معارضيه.

تعرّف التونسيين على قيس سعيّد عبر الإعلام، فقبل تقلده منصب الرئاسة كان لا يفارق المؤسسات الإعلامية، ويقدّم نفسه على أنه خبير في القانون الدستوري، ومع وصوله إلى قرطاج أغلق الباب أمام الصحافة؛ وهي عادة حكام العرب الدكتاتوريين.

وصل سعيّد إلى الحكم بفضل الثورة، فقبلها كان مجرد مساعد أستاذ يُلقي محاضرة في الكلية، ويعود على إثرها مهرولاً إلى مقهى حيّه الفقير، يرتشف قهوته مع سيجارة من الصنف البالي، إلا أنه سرعان ما تخلى عنها، وخان دماء شهدائها الذين سقطوا من أجل الحرية والتحرر من نظام مستبد.

24.12.2024
زمن القراءة: 5 minutes

اشترك بنشرتنا البريدية