fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“كاونتر سترايك 2”: لا الجدار صلبٌ ولا الدخان يُعمي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تحول اللعب الرقميّ إلى “رياضة”، رافقه التركيز على الاستخدام الشخصي لأجهزة اللعب، حرمنا متعة اللعب في الحيّ، والتخفف من غرابة الجيرة نحو حميمية اللعب والشتم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

العبْ من بيتك حتى يغمى عليك، وحيداً أمام الشاشة، تصرخ بوجهها شاتماً آخرين لا تعرفهم، وربما لن تعرفهم، لكنهم شركاؤك، أعضاء في فريقك.

 العب وحدك في ظلام غرفتك إلى ما لا نهاية، حتى الموت ، فاللعب قد ينسيك الجلطة الدماغيّة، العب لتصبح عدو نور الشمس، وحتى تتورم أصابعك وتصبح ذات تشكيل عظمي مشوّه من شدة الضغط على الأزرار في القبضة، لا تقلق مهما حصل، أنت تلعب، وقد تقتل كل “الأعداء”، لكن حين تتلفت حولك، لا شيء سوى الظلام وتفاصيل غرفتك والوسادة التي ستحاول قتل وهج الشاشة الذي يلتهم شبكيّة العين. 

أجرؤ على القول أن لعبة كاونتر سترايك- counter strike، هي أشهر ما أنتجته شركة “فالف- Valve” لألعاب الفيديو عام 2000، طبعاً سبقها Half-life عام 1998، لكن يبقى لكاونتر سترايك سحرها، اللعبة التي لا يمكن أن نعلم بدقة عدد النسخ التي بيعت منها، كون النسخ المقرصنة منها تفوق بملايين المرات، عدد النسخ النظامية.

أكتب عن كاونتر سترايك غارقاً في النوستالجيا، خصوصاً الـ45 دقيقة وراء الشاشة، مدة الجولة الواحدة، التي جمعت الأصدقاء والأعداء، وطورت لدى جيل الألفية الثانية مهارات القنص، ورمي القنابل والتحصّن، واختراع الألقاب، راجت اللعبة في زمن لم يحو وسائل تواصل اجتماعيّ، زمن لم تكن فيه الانترنت (على الأقل في سوريا وما حولها) سريعة بما يكفي للعب “أون لاين”، لكن يمكن اللعب مع الآخرين الموجودين في الحيّ ضمن “المحلّ”.

مساحة اللعب الجماعي كانت إما محلاً متخصصاً يحوي كمبيوترات جديدة وسريعة، أو محلاً شبه مهجور، لا يحوي سوى حواسيب وكراسٍ يجتمع فيها فتيّة الحيّ للعب، سُميت حينها هذه المساحات بـ”محلات الشبكة”، التي لم تكنّ مقننة في سوريا مطلع الألفيّة، ويمكن برأسمال صغير نسبياً، استئجار محلّ، وشراء 6 إلى 8 حواسيب، و”شبكها”  والبدء بمراكمة نقود أبناء الحيّ، وبعد التقنين، يكفي إنزال لوح التوتياء (الغلق) الذي يحمي المحل من السرقة إلى نصفه كي يستمر اللعب دون رخصة، وفي حال جاءت دوريّة التفتيش، كان الرد، “نحن أصدقاء نلعب، ولسنا زبائن”. هذا بالضبط، جوهر تجربة اللعب في “محل الشبكة”، نحن أصدقاء، لسنا زبائن، إلا أمام صاحب المحلّ.

أعلنت شركة فالف إطلاق الجزء الثاني من اللعبة، بعد 23 عاماً على انطلاق الجزء الأول، اللعبة الجديدة تحافظ على روح تلك القديمة، لكن، كيف يمكن أن نلعب الآن؟ الإحصاءات لا تكشف بدقة ما تغير، عام 2013 كان المعدل العالمي لساعات اللعب 6.05 ساعة يومياً، وعام 2023، 6.37 ساعة، الاختلاف بهذا الشكلّ ليس هائلاً بل يمكن تجاهله.

لكن، يتضح الاختلاف حين نسأل أين نلعب؟ قبل الانترنت، والاتصال الفائق، كانت محلات “الشبكة” هي مساحة اللقاء، والتعرف إلى أصدقاء/ أعداء جدد، أشبه بساحة عامة تجمع أبناء الحيّ قبل معركة الـ45، زمن جولة الكاونتر سترايك، لكن الآن، مع الجزء الثاني، كيف سنلعب، من حجراتنا في المنازل أمام الشاشات متسمّرين لساعات، نشتم عبر السماعات؟ ربما نعم.

توشك ثقافة اللعب القائمة على الاجتماع في “المحلّ” على التلاشي، فلكل حاسوبه أو جهاز “البلاي ستيشن” الخاص به، وإن كانت اللعبة “ثقيلة”، ولا يمكن تشغيلها، فمنصات بث الألعاب حلّت المشكلة، يمكن اللعب عبر بث اللعبة، لا تحميلها، طردنا التطور التكنولوجيّ من المحلّ إلى المنزل،  ما من داع للاجتماع واللعب والصراخ لساعات، يكفي أن تجلس في بيتك، وتلعب، وإن كنت شديد التعلق، فتتحول إلى لاعب محترف  قد يفوز بـ100 ألف دولار، في الدورة العالمية للكاونتر سترايك التي ستقام في الشهر العاشر هذا العام.

تحول اللعب الرقميّ إلى “رياضة”، رافقه التركيز على الاستخدام الشخصي لأجهزة اللعب، حرمنا متعة اللعب في الحيّ، والتخفف من غرابة الجيرة نحو حميمية اللعب والشتم، ثم الخروج إلى الشارع مفعمين بالدوبامين الذي يتلاشى مع أول احتكاك مع الهواء النقيّ، إذ كان لا بد من الخارج نهايةً مهما طالت ساعات اللعب.

تغير اللعب مع تقدمنا في الألفية الثالثة، الإفراط في الاتصال، حول “الألعاب” إلى خطر لا يمكن توقعه، تحولت الألعاب إلى مساحة لتجنيد الجهاديين، وتواصل الدواعش مع بعضهم البعض ضمن اللعب، ناهيك، باتهام الألعاب بالتحريض على العنف، وتبني الكثير من الإرهابيين  منظور اللاعب POV، أثناء تنفيذهم الاعتداءات على المدنيين، لكن، هل من المعقول أن نلوم لعبة على هذا الجنون كله؟

ما تغير أيضاً هو الشكل الاقتصادي للعب، سابقاً كانت النسخ مقرصنة، وندفع ثمن الدقائق الـ45 فقط، أما الآن، ومع الاتصال الشديد بالانترنت، فلا بد من دفع ثمن اللعبة إن أردنا لعبها “أون لاين” مع أصدقائنا، ناهيك عن الدفع داخل لأجل الأسلحة الجديدة والثياب البراقة داخل عالم كاونتر سترايك 2، قبلها، كان كل شيء مجاني، وكأنها لعبة مفتوحة المصدر إلى حد تغيير أصوات اللعبة إلى العربيّة، الآن، كل شيء له ثمن، “عالم” اللعب لم يعد مجانياً، وأحياناً لا يمكن الاستمرار باللعب دون الدفع، هنا نستعيد كلمة Crack، تلك الكلمة السحريّة التي بسببها كنا نلعب لسنوات بـ”بلاش”، من دون اشتراك أو حساب “أونلاين”.

تغير عالم اللعب أيضاً حين اكتشف الرجال أن الفتيات أيضاً يحببن اللعب، أو بصورة أخرى، ظهر صوتهن بصورة أوضح، عالم اللعب الذكوريّ لم يعد على حاله منذ كاونتر سترايك 1، ظهرت “اللاعبات”، الفئة المهمشة التي ما زالت تتعرض للتنمر والإهانات الجنسيّة حتى الآن، سابقاً، كان المحلّ مساحة ذكوريّة بامتياز، الرجال يقاتلون الرجال بينما لا وجود للفتيات إلا نادراً.

ظهر أيضاً البث المباشر للعب، أي أناس يشاهدون من يلعبون ضمن منازلهم وحجراتهم، أو المعلقين على اللعب نفسه كـPewDiePie  والـ111 مليون مشترك، يشاهدونه وهو يلعب وحيداً في غرفته،  لكن مع دخول الفتيات إلى عالم اللعب والبث المباشر، اكتشفنا طيفاً واسعاً من المتحرشين والمطاردين، حبيسي غرفهم، والمستمنين سراً على من “يلعبن”، أصبحنا أمام محتوى جديد، تركت لأجله ساشا غراي نجمة الأفلام الإباحيّة المهنة، وتحولت إلى “لاعبة” تبث ما تختبره من ألعاب عبر Twitch لمليون متابع.

نحن الآن في زمن اللعب الفردي، والأجهزة الفرديّة بسبب الاتصال الفائق بالانترنت. لم يعد “أبناء الحيّ” من يلعبون في المحلات سيئة التأثيث، بل “الأفراد” في غرفهم وراء شاشاتهم، اللاعب “الفرد” انتصر على “المجموعة” التي تلعب ذات الأمر في فضاء اللعب، لم يعد الحيّ هو مساحة التعرف على اللاعبين، بل العالم بأسره، ميوعة الحدود هذه بين الشخصي والعالمي، نقرأها، مبالغة،  في كاونتر سترايك الجديدة، فالجدران لم تعد صلبة كما الجزء الأول، بل يمكن تحطيمها عبر الرصاص والقنابل ، ذات الأمر مع القنابل الدخانية، تلك التي كان، وضمن قواعد الحيّ، يمنع استخدامها، بسبب البطء الذي قد تسببه للعبة. لكن الآن، مع الجزء الجديد، يمكن إطلاق النار عبر الدخان وتبديده، في عالم اللعب الجديد، لا شيء صلب، كله قابل للتبخر، إن أردنا تحوير العبارة الشهيرة لكارل ماركس.

إقرأوا أيضاً:

وائل السواح- كاتب سوري | 19.04.2025

تجربة انتخابية سورية افتراضية: أيمن الأصفري رئيساً

رغبتُ في تبيان أن الشرع ليس المرشّح المفضّل لدى جميع السوريين في عموم مناطقهم واتّجاهاتهم السياسية، وفقط من أجل تمرين عقلي، طلبتُ من أصدقائي على حسابي على "فيسبوك" المشاركة في محاكاة انتخابية، لاستقصاء الاتّجاه الذي يسير فيه أصدقائي، مفترضاً طبعاً أن معظمهم يدور في دائرة فكرية متقاربة، وإن تكُ غير متطابقة.
14.06.2023
زمن القراءة: 5 minutes

تحول اللعب الرقميّ إلى “رياضة”، رافقه التركيز على الاستخدام الشخصي لأجهزة اللعب، حرمنا متعة اللعب في الحيّ، والتخفف من غرابة الجيرة نحو حميمية اللعب والشتم.

العبْ من بيتك حتى يغمى عليك، وحيداً أمام الشاشة، تصرخ بوجهها شاتماً آخرين لا تعرفهم، وربما لن تعرفهم، لكنهم شركاؤك، أعضاء في فريقك.

 العب وحدك في ظلام غرفتك إلى ما لا نهاية، حتى الموت ، فاللعب قد ينسيك الجلطة الدماغيّة، العب لتصبح عدو نور الشمس، وحتى تتورم أصابعك وتصبح ذات تشكيل عظمي مشوّه من شدة الضغط على الأزرار في القبضة، لا تقلق مهما حصل، أنت تلعب، وقد تقتل كل “الأعداء”، لكن حين تتلفت حولك، لا شيء سوى الظلام وتفاصيل غرفتك والوسادة التي ستحاول قتل وهج الشاشة الذي يلتهم شبكيّة العين. 

أجرؤ على القول أن لعبة كاونتر سترايك- counter strike، هي أشهر ما أنتجته شركة “فالف- Valve” لألعاب الفيديو عام 2000، طبعاً سبقها Half-life عام 1998، لكن يبقى لكاونتر سترايك سحرها، اللعبة التي لا يمكن أن نعلم بدقة عدد النسخ التي بيعت منها، كون النسخ المقرصنة منها تفوق بملايين المرات، عدد النسخ النظامية.

أكتب عن كاونتر سترايك غارقاً في النوستالجيا، خصوصاً الـ45 دقيقة وراء الشاشة، مدة الجولة الواحدة، التي جمعت الأصدقاء والأعداء، وطورت لدى جيل الألفية الثانية مهارات القنص، ورمي القنابل والتحصّن، واختراع الألقاب، راجت اللعبة في زمن لم يحو وسائل تواصل اجتماعيّ، زمن لم تكن فيه الانترنت (على الأقل في سوريا وما حولها) سريعة بما يكفي للعب “أون لاين”، لكن يمكن اللعب مع الآخرين الموجودين في الحيّ ضمن “المحلّ”.

مساحة اللعب الجماعي كانت إما محلاً متخصصاً يحوي كمبيوترات جديدة وسريعة، أو محلاً شبه مهجور، لا يحوي سوى حواسيب وكراسٍ يجتمع فيها فتيّة الحيّ للعب، سُميت حينها هذه المساحات بـ”محلات الشبكة”، التي لم تكنّ مقننة في سوريا مطلع الألفيّة، ويمكن برأسمال صغير نسبياً، استئجار محلّ، وشراء 6 إلى 8 حواسيب، و”شبكها”  والبدء بمراكمة نقود أبناء الحيّ، وبعد التقنين، يكفي إنزال لوح التوتياء (الغلق) الذي يحمي المحل من السرقة إلى نصفه كي يستمر اللعب دون رخصة، وفي حال جاءت دوريّة التفتيش، كان الرد، “نحن أصدقاء نلعب، ولسنا زبائن”. هذا بالضبط، جوهر تجربة اللعب في “محل الشبكة”، نحن أصدقاء، لسنا زبائن، إلا أمام صاحب المحلّ.

أعلنت شركة فالف إطلاق الجزء الثاني من اللعبة، بعد 23 عاماً على انطلاق الجزء الأول، اللعبة الجديدة تحافظ على روح تلك القديمة، لكن، كيف يمكن أن نلعب الآن؟ الإحصاءات لا تكشف بدقة ما تغير، عام 2013 كان المعدل العالمي لساعات اللعب 6.05 ساعة يومياً، وعام 2023، 6.37 ساعة، الاختلاف بهذا الشكلّ ليس هائلاً بل يمكن تجاهله.

لكن، يتضح الاختلاف حين نسأل أين نلعب؟ قبل الانترنت، والاتصال الفائق، كانت محلات “الشبكة” هي مساحة اللقاء، والتعرف إلى أصدقاء/ أعداء جدد، أشبه بساحة عامة تجمع أبناء الحيّ قبل معركة الـ45، زمن جولة الكاونتر سترايك، لكن الآن، مع الجزء الثاني، كيف سنلعب، من حجراتنا في المنازل أمام الشاشات متسمّرين لساعات، نشتم عبر السماعات؟ ربما نعم.

توشك ثقافة اللعب القائمة على الاجتماع في “المحلّ” على التلاشي، فلكل حاسوبه أو جهاز “البلاي ستيشن” الخاص به، وإن كانت اللعبة “ثقيلة”، ولا يمكن تشغيلها، فمنصات بث الألعاب حلّت المشكلة، يمكن اللعب عبر بث اللعبة، لا تحميلها، طردنا التطور التكنولوجيّ من المحلّ إلى المنزل،  ما من داع للاجتماع واللعب والصراخ لساعات، يكفي أن تجلس في بيتك، وتلعب، وإن كنت شديد التعلق، فتتحول إلى لاعب محترف  قد يفوز بـ100 ألف دولار، في الدورة العالمية للكاونتر سترايك التي ستقام في الشهر العاشر هذا العام.

تحول اللعب الرقميّ إلى “رياضة”، رافقه التركيز على الاستخدام الشخصي لأجهزة اللعب، حرمنا متعة اللعب في الحيّ، والتخفف من غرابة الجيرة نحو حميمية اللعب والشتم، ثم الخروج إلى الشارع مفعمين بالدوبامين الذي يتلاشى مع أول احتكاك مع الهواء النقيّ، إذ كان لا بد من الخارج نهايةً مهما طالت ساعات اللعب.

تغير اللعب مع تقدمنا في الألفية الثالثة، الإفراط في الاتصال، حول “الألعاب” إلى خطر لا يمكن توقعه، تحولت الألعاب إلى مساحة لتجنيد الجهاديين، وتواصل الدواعش مع بعضهم البعض ضمن اللعب، ناهيك، باتهام الألعاب بالتحريض على العنف، وتبني الكثير من الإرهابيين  منظور اللاعب POV، أثناء تنفيذهم الاعتداءات على المدنيين، لكن، هل من المعقول أن نلوم لعبة على هذا الجنون كله؟

ما تغير أيضاً هو الشكل الاقتصادي للعب، سابقاً كانت النسخ مقرصنة، وندفع ثمن الدقائق الـ45 فقط، أما الآن، ومع الاتصال الشديد بالانترنت، فلا بد من دفع ثمن اللعبة إن أردنا لعبها “أون لاين” مع أصدقائنا، ناهيك عن الدفع داخل لأجل الأسلحة الجديدة والثياب البراقة داخل عالم كاونتر سترايك 2، قبلها، كان كل شيء مجاني، وكأنها لعبة مفتوحة المصدر إلى حد تغيير أصوات اللعبة إلى العربيّة، الآن، كل شيء له ثمن، “عالم” اللعب لم يعد مجانياً، وأحياناً لا يمكن الاستمرار باللعب دون الدفع، هنا نستعيد كلمة Crack، تلك الكلمة السحريّة التي بسببها كنا نلعب لسنوات بـ”بلاش”، من دون اشتراك أو حساب “أونلاين”.

تغير عالم اللعب أيضاً حين اكتشف الرجال أن الفتيات أيضاً يحببن اللعب، أو بصورة أخرى، ظهر صوتهن بصورة أوضح، عالم اللعب الذكوريّ لم يعد على حاله منذ كاونتر سترايك 1، ظهرت “اللاعبات”، الفئة المهمشة التي ما زالت تتعرض للتنمر والإهانات الجنسيّة حتى الآن، سابقاً، كان المحلّ مساحة ذكوريّة بامتياز، الرجال يقاتلون الرجال بينما لا وجود للفتيات إلا نادراً.

ظهر أيضاً البث المباشر للعب، أي أناس يشاهدون من يلعبون ضمن منازلهم وحجراتهم، أو المعلقين على اللعب نفسه كـPewDiePie  والـ111 مليون مشترك، يشاهدونه وهو يلعب وحيداً في غرفته،  لكن مع دخول الفتيات إلى عالم اللعب والبث المباشر، اكتشفنا طيفاً واسعاً من المتحرشين والمطاردين، حبيسي غرفهم، والمستمنين سراً على من “يلعبن”، أصبحنا أمام محتوى جديد، تركت لأجله ساشا غراي نجمة الأفلام الإباحيّة المهنة، وتحولت إلى “لاعبة” تبث ما تختبره من ألعاب عبر Twitch لمليون متابع.

نحن الآن في زمن اللعب الفردي، والأجهزة الفرديّة بسبب الاتصال الفائق بالانترنت. لم يعد “أبناء الحيّ” من يلعبون في المحلات سيئة التأثيث، بل “الأفراد” في غرفهم وراء شاشاتهم، اللاعب “الفرد” انتصر على “المجموعة” التي تلعب ذات الأمر في فضاء اللعب، لم يعد الحيّ هو مساحة التعرف على اللاعبين، بل العالم بأسره، ميوعة الحدود هذه بين الشخصي والعالمي، نقرأها، مبالغة،  في كاونتر سترايك الجديدة، فالجدران لم تعد صلبة كما الجزء الأول، بل يمكن تحطيمها عبر الرصاص والقنابل ، ذات الأمر مع القنابل الدخانية، تلك التي كان، وضمن قواعد الحيّ، يمنع استخدامها، بسبب البطء الذي قد تسببه للعبة. لكن الآن، مع الجزء الجديد، يمكن إطلاق النار عبر الدخان وتبديده، في عالم اللعب الجديد، لا شيء صلب، كله قابل للتبخر، إن أردنا تحوير العبارة الشهيرة لكارل ماركس.

إقرأوا أيضاً:

14.06.2023
زمن القراءة: 5 minutes
|
آخر القصص
لبنان في متاهة السلاح
طارق اسماعيل - كاتب لبناني | 19.04.2025
النظام الرعائي المؤسّساتي: الإصلاح يبدأ أولاً من هناك
زينة علوش - خبيرة دولية في حماية الأطفال | 19.04.2025
تونس: سقوط جدار المزونة يفضح السلطة العاجزة
حنان زبيس - صحافية تونسية | 19.04.2025

اشترك بنشرتنا البريدية