fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

كلفة التصعيد العسكري الباهظة في الحديدة على المدنيين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما الذي سيخلص إليه التصعيد العسكري في الحديدة لحشود الهجوم لتحالف السعودية والإمارات ووكلائهما المحليين من جهة، وحشود مقاتلي جماعة الحوثيين المسلحة من جهة أخرى؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ارتفعت تحذيرات المنظمات الإنسانية وعلى رأسها “منسقية الشؤون الإنسانية في اليمن”، ومنظمة “يونيسيف“، ومنظمة “أوكسفام“، وغيرها من المنظمات خلال الأيام القليلة الماضية بالتزامن مع التصعيد العسكري الذي أعلنته الإمارات والسعودية مع قوات وجماعات مسلحة يمنية موالية للسيطرة على الحديدة التي تقع على بعد 150 كلم جنوب غربي العاصمة صنعاء، وهي المحافظة الساحلية المطلة على البحر الأحمر وفيها يقع أحد أكبر موانئ اليمن، والمنفذ الوحيد الذي ظل يستقبل المعونات الإنسانية والمواد الاستهلاكية التجارية التي تغطي حاجة ملايين سكان إحدى عشرة محافظة يمنية (الحديدة، ريمة، المحويت، حجة، عمران، صعدة، صنعاء، ذمار، البيضاء، إب، وأجزاء من تعز)، ما زالت خاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين).

سبق أن تعرض ميناء الحديدة لهجمات مقاتلات تحالف الإمارات والسعودية، التي عمدت إلى تدمير قدرته على استقبال الواردات، وشنت أكبر الهجمات في 17 أغسطس/ آب 2015، كما أُغلق الميناء أمام المساعدات الإنسانية والواردات الاستهلاكية والتجارية في مراحل مختلفة خلال الحرب، وفرض التحالف منذ بداية الحرب قيوداً مشددة عرقلت التدفق السلس لهذا الواردات.

تعتبر مدينة الحديدة، واحدة من أكثر المدن اليمنية ازدحاماً بالسكان، إذ يقطنها بحسب أحدث التقديرات نحو 600000 نسمة، بينهم نحو 300000 طفل، وهي واحدة من أشد مناطق البلاد فقراً، إذ مثلت خلال الفترة الماضية من عمر الحرب وجه المأساة الإنسانية في اليمن، ففيها تركز ضحايا المأساة الإنسانية ومظاهرها مثل سوء التغذية، وانتشار وباء الكوليرا، وضحايا انهيار الخدمة الطبية، ومنها ظهرت الصور المأسوية لضحايا سوء التغذية، التي تداولتها مختلف وسائل الإعلام الإقليمية والدولية.

تضاعف فشل تحالف الإمارات والسعودية والحلفاء المحليين في إدارة المناطق التي أصبحت تحت سيطرتهم بعد دحر مقاتلي جماعة الحوثي منها، مخاوف إلحاق الحديدة بمساحة واسعة من مناطق الفراغ والفوضى والفشل والصراعات البينة على النفوذ والسيطرة، بعد أن تكون الحديدة قد تكبدت كلفة فادحة من أرواح سكانها المدنيين وسلامتهم وممتلكاتهم وأعيانهم، فإضافة إلى مخاوف ترافق عملية الاجتياح والسيطرة، تُلح كذلك مخاوف إدارة المدينة من قبل طيف من الحلفاء غير المتجانسين، ثمّ إحكام السيطرة عليها.

سيطرت جماعة الحوثيين على محافظة الحديدة بالكامل من دون قتال في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، عقب إسقاط العاصمة اليمنية صنعاء  بقوة السلاح واجتياح مقاتليها مختلف مناطق البلاد لإخضاعها لسيطرتهم وصولاً إلى عدن جنوب البلاد التي كان قد فر إليها الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد أن أفلت من قبضة الجماعة في صنعاء.

تزداد المخاوف على سلامة المدنيين وممتلكاتهم في الحديدة في ظل تراكم سلبي للسلوك الحربي لتحالف السعودية والإمارات وحلفائهما وجماعة الحوثيين المسلحة مع المدنيين اليمنيين خلال أكثر من ثلاث سنوات من عمر الحرب، حيث وثقت منظمات حقوقية خروقات متواصلة لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تُلزم الأطراف بضرورة التمييز بين الأهداف العسكرية وبين المدنيين وأعيانهم وكل ما تشمله حماية القانوني الدولي الإنساني في الحد الأدنى، أثناء النزاعات.

على رغم أن تحالف السعودية والإمارات، المدعوم استخباراتياً ولوجستياً وسياسياً من دول كبرى منها أميركا وبريطانيا وفرنسا، أعلن مبكراً السيطرة على المجال البحري لليمن، وأخضع جميع وسائل النقل البحرية للتفتيش الدقيق وتحكم بحركتها من اليمن وإليه، إضافة إلى آلية الأمم المتحدة للتفتيش، إلا أنه كرر اتهاماته باستخدام ميناء الحديدة لتهريب الصواريخ الباليستية وأسلحة للحوثيين من إيران، وهي الصواريخ التي واصل الحوثيون إطلاقها باتجاه المدن السعودية، وكان التحالف قد أعلن في الأسابيع الأولى من الحرب تدمير الصواريخ الباليستية التي سيطرت عليها جماعة الحوثي ضمن ما سيطرت عليه من أسلحة الجيش اليمني.

يساند تحالف السعودية والإمارات في معركة السيطرة على الحديدة قوات وجماعات محلية غير متجانسة أظهرت تباينات حادة، وتحمل مشاريع ولافتات مختلفة ومتناقضة، من بينها قوات طارق صالح والمقاومة الجنوبية ومقاومة تهامة وقوات العمالقة، ومجموعات سلفية، وهي توليفة حُبلى بصراع بينيّ شبيه بالصراعات الراهنة في مدينة تعز وعدن، والتي تحول دون إنعاش مؤسسات الدولة وتبقي هذه المدن وسكانها رهن الحالة الميليشياوية والمشاريع المادون وطنية.

وفي نموذج يضاعف المخاوف على سلامة المدنيين في كل تصعيد، هاجمت مقاتلات تحالف السعودية والإمارات، الأربعاء 13 يونيو/ حزيران 2018، بالتزامن مع إعلان التصعيد العسكري في الحديدة، مركزاً طبياً تابعاً لمنظمة أطباء بلا حدود العالمية، أُعد لمكافحة موجة مرتقبة من وباء الكوليرا، في مدينة عبس بمحافظة حجة شمال البلاد، وغير مرة هاجمت مقاتلات التحالف مرافق طبية وإنسانية، كان نصيب “منظمة أطباء بلا حدود” منها فقط في الفترة من تشرين الأول 2015 ولغاية أغسطس/ آب 2016، أربع ضربات جوية طاولت مرافق تديرها أو، قتل فيها 26 عاملاً طبياً ومريضاً. وسبق أن هاجمت مقاتلات التحالف في 15 آب 2016 مستشفى عبس العام وقتل 19 شخصاً بينهم أحد عاملي المنظمة، وجرح 24 آخرون، على رغم وجود نظام إلكتروني دقيق يحيط أطراف الحرب بمواقع العمل الإنساني الثابتة والمتنقلة كافة لضمان عدم شن هجمات عليها أو بالقرب منها، إلا أن هجمات مقاتلات تحالف السعودية والإمارات، وإضافة إلى كون هذه الهجمات ترقى إلى أن تكون جريمة حرب، فهي تشكل استهداف للمستفيدين المدنيين من خدمات العمل الإنساني، وتحد سافر للمجتمع الدولي ومؤسساته وقوانينه، يتمترس هذا التنمر بحصانة فاسدة أمنتها صفقات المصالح والتحالفات.

ما الذي سيخلص إليه التصعيد العسكري في الحديدة لحشود الهجوم لتحالف السعودية والإمارات ووكلائهما المحليين من جهة، وحشود الدفاع لمقاتلي جماعة الحوثيين المسلحة من جهة أخرى؟

هل ستضاف إلى الموصل وحلب وبن غازي مدينة عربية أخرى يطمس معالمها وسكانها دمار مغامرات ومقامرات أمراء الحرب وداعميهم؟ أم أن هناك نتيجة أخرى لا نتوقعها؟

هذا ما نترقب إجابته في اختبار جديد للمجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي وأطراف الحرب المحلية والإقليمية والدولية.

 

22.06.2018
زمن القراءة: 4 minutes

ما الذي سيخلص إليه التصعيد العسكري في الحديدة لحشود الهجوم لتحالف السعودية والإمارات ووكلائهما المحليين من جهة، وحشود مقاتلي جماعة الحوثيين المسلحة من جهة أخرى؟

ارتفعت تحذيرات المنظمات الإنسانية وعلى رأسها “منسقية الشؤون الإنسانية في اليمن”، ومنظمة “يونيسيف“، ومنظمة “أوكسفام“، وغيرها من المنظمات خلال الأيام القليلة الماضية بالتزامن مع التصعيد العسكري الذي أعلنته الإمارات والسعودية مع قوات وجماعات مسلحة يمنية موالية للسيطرة على الحديدة التي تقع على بعد 150 كلم جنوب غربي العاصمة صنعاء، وهي المحافظة الساحلية المطلة على البحر الأحمر وفيها يقع أحد أكبر موانئ اليمن، والمنفذ الوحيد الذي ظل يستقبل المعونات الإنسانية والمواد الاستهلاكية التجارية التي تغطي حاجة ملايين سكان إحدى عشرة محافظة يمنية (الحديدة، ريمة، المحويت، حجة، عمران، صعدة، صنعاء، ذمار، البيضاء، إب، وأجزاء من تعز)، ما زالت خاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين).

سبق أن تعرض ميناء الحديدة لهجمات مقاتلات تحالف الإمارات والسعودية، التي عمدت إلى تدمير قدرته على استقبال الواردات، وشنت أكبر الهجمات في 17 أغسطس/ آب 2015، كما أُغلق الميناء أمام المساعدات الإنسانية والواردات الاستهلاكية والتجارية في مراحل مختلفة خلال الحرب، وفرض التحالف منذ بداية الحرب قيوداً مشددة عرقلت التدفق السلس لهذا الواردات.

تعتبر مدينة الحديدة، واحدة من أكثر المدن اليمنية ازدحاماً بالسكان، إذ يقطنها بحسب أحدث التقديرات نحو 600000 نسمة، بينهم نحو 300000 طفل، وهي واحدة من أشد مناطق البلاد فقراً، إذ مثلت خلال الفترة الماضية من عمر الحرب وجه المأساة الإنسانية في اليمن، ففيها تركز ضحايا المأساة الإنسانية ومظاهرها مثل سوء التغذية، وانتشار وباء الكوليرا، وضحايا انهيار الخدمة الطبية، ومنها ظهرت الصور المأسوية لضحايا سوء التغذية، التي تداولتها مختلف وسائل الإعلام الإقليمية والدولية.

تضاعف فشل تحالف الإمارات والسعودية والحلفاء المحليين في إدارة المناطق التي أصبحت تحت سيطرتهم بعد دحر مقاتلي جماعة الحوثي منها، مخاوف إلحاق الحديدة بمساحة واسعة من مناطق الفراغ والفوضى والفشل والصراعات البينة على النفوذ والسيطرة، بعد أن تكون الحديدة قد تكبدت كلفة فادحة من أرواح سكانها المدنيين وسلامتهم وممتلكاتهم وأعيانهم، فإضافة إلى مخاوف ترافق عملية الاجتياح والسيطرة، تُلح كذلك مخاوف إدارة المدينة من قبل طيف من الحلفاء غير المتجانسين، ثمّ إحكام السيطرة عليها.

سيطرت جماعة الحوثيين على محافظة الحديدة بالكامل من دون قتال في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، عقب إسقاط العاصمة اليمنية صنعاء  بقوة السلاح واجتياح مقاتليها مختلف مناطق البلاد لإخضاعها لسيطرتهم وصولاً إلى عدن جنوب البلاد التي كان قد فر إليها الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد أن أفلت من قبضة الجماعة في صنعاء.

تزداد المخاوف على سلامة المدنيين وممتلكاتهم في الحديدة في ظل تراكم سلبي للسلوك الحربي لتحالف السعودية والإمارات وحلفائهما وجماعة الحوثيين المسلحة مع المدنيين اليمنيين خلال أكثر من ثلاث سنوات من عمر الحرب، حيث وثقت منظمات حقوقية خروقات متواصلة لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تُلزم الأطراف بضرورة التمييز بين الأهداف العسكرية وبين المدنيين وأعيانهم وكل ما تشمله حماية القانوني الدولي الإنساني في الحد الأدنى، أثناء النزاعات.

على رغم أن تحالف السعودية والإمارات، المدعوم استخباراتياً ولوجستياً وسياسياً من دول كبرى منها أميركا وبريطانيا وفرنسا، أعلن مبكراً السيطرة على المجال البحري لليمن، وأخضع جميع وسائل النقل البحرية للتفتيش الدقيق وتحكم بحركتها من اليمن وإليه، إضافة إلى آلية الأمم المتحدة للتفتيش، إلا أنه كرر اتهاماته باستخدام ميناء الحديدة لتهريب الصواريخ الباليستية وأسلحة للحوثيين من إيران، وهي الصواريخ التي واصل الحوثيون إطلاقها باتجاه المدن السعودية، وكان التحالف قد أعلن في الأسابيع الأولى من الحرب تدمير الصواريخ الباليستية التي سيطرت عليها جماعة الحوثي ضمن ما سيطرت عليه من أسلحة الجيش اليمني.

يساند تحالف السعودية والإمارات في معركة السيطرة على الحديدة قوات وجماعات محلية غير متجانسة أظهرت تباينات حادة، وتحمل مشاريع ولافتات مختلفة ومتناقضة، من بينها قوات طارق صالح والمقاومة الجنوبية ومقاومة تهامة وقوات العمالقة، ومجموعات سلفية، وهي توليفة حُبلى بصراع بينيّ شبيه بالصراعات الراهنة في مدينة تعز وعدن، والتي تحول دون إنعاش مؤسسات الدولة وتبقي هذه المدن وسكانها رهن الحالة الميليشياوية والمشاريع المادون وطنية.

وفي نموذج يضاعف المخاوف على سلامة المدنيين في كل تصعيد، هاجمت مقاتلات تحالف السعودية والإمارات، الأربعاء 13 يونيو/ حزيران 2018، بالتزامن مع إعلان التصعيد العسكري في الحديدة، مركزاً طبياً تابعاً لمنظمة أطباء بلا حدود العالمية، أُعد لمكافحة موجة مرتقبة من وباء الكوليرا، في مدينة عبس بمحافظة حجة شمال البلاد، وغير مرة هاجمت مقاتلات التحالف مرافق طبية وإنسانية، كان نصيب “منظمة أطباء بلا حدود” منها فقط في الفترة من تشرين الأول 2015 ولغاية أغسطس/ آب 2016، أربع ضربات جوية طاولت مرافق تديرها أو، قتل فيها 26 عاملاً طبياً ومريضاً. وسبق أن هاجمت مقاتلات التحالف في 15 آب 2016 مستشفى عبس العام وقتل 19 شخصاً بينهم أحد عاملي المنظمة، وجرح 24 آخرون، على رغم وجود نظام إلكتروني دقيق يحيط أطراف الحرب بمواقع العمل الإنساني الثابتة والمتنقلة كافة لضمان عدم شن هجمات عليها أو بالقرب منها، إلا أن هجمات مقاتلات تحالف السعودية والإمارات، وإضافة إلى كون هذه الهجمات ترقى إلى أن تكون جريمة حرب، فهي تشكل استهداف للمستفيدين المدنيين من خدمات العمل الإنساني، وتحد سافر للمجتمع الدولي ومؤسساته وقوانينه، يتمترس هذا التنمر بحصانة فاسدة أمنتها صفقات المصالح والتحالفات.

ما الذي سيخلص إليه التصعيد العسكري في الحديدة لحشود الهجوم لتحالف السعودية والإمارات ووكلائهما المحليين من جهة، وحشود الدفاع لمقاتلي جماعة الحوثيين المسلحة من جهة أخرى؟

هل ستضاف إلى الموصل وحلب وبن غازي مدينة عربية أخرى يطمس معالمها وسكانها دمار مغامرات ومقامرات أمراء الحرب وداعميهم؟ أم أن هناك نتيجة أخرى لا نتوقعها؟

هذا ما نترقب إجابته في اختبار جديد للمجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي وأطراف الحرب المحلية والإقليمية والدولية.