fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“كنّا نمشي فوق معتقلات”: عن سجن صيدنايا ومسالخ الأسد 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تخرج من سجن صيدنايا قصص مرعبة، عن أناس لم يروا وجوههم منذ سنوات. أحد السجناء نظر إلى نفسه في كاميرا الهاتف بعد إطلاق سراحه، متفاجئاً بالشعر الأبيض الذي غزا ذقنه، وقال بدهشة: “شايب !”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من داخل زنزانتها في سجن صيدنايا، تقول معتقلة برعب إنها خائفة، فيجيبها الرجل: “ليش خايفة؟… سقط بشار”. تردد امرأة خلفه: “سقط، سقط، سقط”،  ثلاث كلمات فقط، لكنها كانت كافية لطمأنة أي خائف في تلك اللحظة في سوريا. 

الأعين كلها على “سجن صيدنايا”

سقط بشار الأسد وحكم الديكتاتور وتحرّر آلاف المعتقلين. القصص القادمة تثير مشاعر مختلطة، طفل لم يتجاوز الثالثة من العمر، ولد في سجن صيدنايا، لا يعرف شيئاً عن الخارج، لا عن الهواء ولا الشجر ولا الألعاب، لا يعرف سوى سجون الأسد، وربما لم يكن يمتلك الأمل بالخروج منها أبداً.

حين وصلت العائلات والمعارضة المسلّحة إلى السجن القائم على تلة مرتفعة، أظهرت الفيديوهات أبواباً خلف أبواب تفتح تباعاً، وكأن هذا السجن لن ينتهي، كشعور السوريين تماماً، إذ حتى البارحة كانت فكرة سقوط الأسد قريبة جداً وبعيدة جداً في آن، كأنك تفتح باباً خلف باب من دون أن تنتهي، وسؤال العائلات المكلومة الوحيد: متى سنفتح باب زنزانة أحبائنا؟

ظهرت الفيديوهات واحداً تلو الآخر وتلقّفها السوريون بلهفة، كأنّ كلّ شاب هو ابنهم وكل امرأة هي ابنتهم.

لحظة تحرير النساء والأطفال كانت واحدة من أكثر اللحظات تأثيراً، فالنساء المذعورات وقفن مذهولات عند فتح الزنازين، والخوف يعتلي وجوههن عند رؤية رجال يقتحمون المكان فجأة، ليطمئنوهنّ بكلمة واحدة: “ثوار نحنا”.

 إحدى النساء لم تتوقف عن السؤال مراراً وتكراراً عن هويتها الشخصية، وأخرى كانت قلقة على أغراضها في الأمانات. فيما تكررت عبارة “ما عم تفتح معنا البواب” وسط صرخات مختلطة بالدموع، وكأن السوريين كانوا بحاجة الى هذه اللحظة للتنفيس عن كل المشاعر المكبوتة. وكانت دموعهم تتسابق في لحظة تاريخية، اعتقدوا يوماً أنها لن تأتي أبداً.

امرأة أخرى تسأل بلهفة: “أنا من حمص، فيني روح؟” فيأتيها الرد: “نعم، الجميع يمكنهم العودة إلى منازلهم وعائلاتهم”… نعم، لقد انتهى عهد الأسد.

أسرار سجن صيدنايا الدمويّة

تخرج من هذا السجن قصص مرعبة، عن أناس لم يروا وجوههم منذ سنوات. أحد السجناء نظر إلى نفسه في كاميرا الهاتف بعد إطلاق سراحه، متفاجئاً بالشعر الأبيض الذي غزا ذقنه، وقال بدهشة: “مشيب”.

 نظامٌ يحرم الناس حتى من رؤية انعكاسهم في المرآة، نظام كهذا يحق لنا أن نسقطه، ليس مرة واحدة، بل عشرات المرات.

ما زال هناك الكثير لمعرفته، وما زالت قصص آلاف المعتقلين تنتظر أن نسمعها. المقاتلون الذين  دخلوا سجن صيدنايا قالوا إن هناك طوابق تحت الأرض لم يعرفوا أبوابها أو مداخلها بسهولة، أقوال لم تتأكد صحتها للآن. لم يغيّب النظام معتقليه فقط بل حتى وضعهم خلف أبواب عدة وطوابق لا يسهل الوصول إليها.

لسجن صيدنايا الرمزية الأكبر لدى السوريين، إذ إنه أكبر المعتقلات وأشدها دموية، ويلقّب بـ “الثقب الأسود والمسلخ البشري” وغيرهما من الألقاب المرعبة.

 اختفى داخله آلاف السوريين، انتظرت الأمهات والعائلات ولو خبراً يخرج من جدرانه السميكة، التي كان السوريون يشاهدون أسوارها خلال عبورهم على الطريق القريب منها، ويستشعرون الموت والتعذيب في الأجواء.

حجم المعتقلات في دمشق مرعب، الى حد بات السوريون يرددون: “كنا نمشي فوق معتقلات”، كان الناس تحت شوارع دمشق مسجونين، يختنقون ويصرخون، لقد غيبهم النظام تحت منازلنا وأقدامنا.

الإعدام هوية الأسد

تحدث المعتقلون المحررون عن تفاصيل التعذيب الممنهج الذي مارسه نظام الأسد، حتى في الطعام، فقد كان يطعم المعتقلين زيتونة واحدة فقط أو كمية ضئيلة من البرغل، بقصد إذلالهم وتجويعهم أكثر من إطعامهم.

أحد أشكال التعذيب كان الأصوات التي يُفرض على المعتقلين سماعها، ليست فقط صرخات المعذبين تحت وطأة الألم، بل أيضاً أصوات المشانق أثناء تنفيذ الإعدامات اليومية.

روى أحد المعتقلين أنهم كانوا يسمعون بوضوح صوت منصات الإعدام لحظة سقوطها، المشانق ما زالت هناك، مرمية على الأرض، حبالها التي التفّت حول أعناق آلاف السوريين، مرة بعد مرة، شاهدة على موتٍ لا ينتهي.

الرعب الذي كان يعيشه المعتقلون يومياً لا يوصف، مثلاً كان معظم السجناء لا يعلمون شيئاً عن موعد إعدامهم، إذ يتم ذلك في اليوم نفسه أو يعلمون قبل يوم واحد فقط، كما كانت تتم الإعدامات المدنية بعد نقل السجين من السجن المدني إلى صيدنايا.

مكبس الإعدام الذي عُثر عليه في إحدى الغرف، هو فصل مخفي ومريع من إجرام الأسد. وبحسب المعلومات المتداولة، كان يوضع السجين بعد إعدامه في مكبس الإعدام لسحق جسده. تحت المكبس هناك مجارٍ للدماء وما تبقى من الجسد يوضع في الأكياس وينقل إلى جهة غير معلومة.

تخيل بعد هذا كله، أن يصادف موعد تنفيذ قرار إعدامك اليوم وفجأة تُفتح الأبواب ويقال لك: “أخرج أنت حرّ”. تخيل أن يوم موتك هو يوم حريتك وحرية سوريا، الكلام يبقى قليلاً أمام هول القصص والأمل والحزن في سجن صيدنايا.

يذكر أن عمليات الإعدام كانت تحدث دورياً (يومين في الأسبوع)، على سبيل المثال، في نهاية عام 2012 أُعدم 104 أشخاص دفعة واحدة، ولشدة همجية عمليات الإعدام وعنفها أغمي على ضابط برتبة عقيد، اسمه سامر جودت إسماعيل!، وذلك بحسب تقرير سابق لـ “رابطة معتقلي ومختفي سجن صيدنايا”.

بحسب السجلات التي وجدها الناس بعد فرار الأسد، هناك 25 ألف معتقل، لكن عدد المحررين لم يبلغ هذا العدد، وهو الأمر الذي زاد الشكوك في وجود المزيد من الطوابق، أو أن ذلك إثبات لحجم الإعدامات التي نفذها نظام الأسد. كما أن عناصر النظام قبل خروجهم كسروا الكاميرات ودمروا الهارد ديسك كما فجروا المولد الكهربائي الأساسي، ما يزيد الشكوك في وجود معتقلين تحت الأرض.

هذا كله يبقى قليلاً أمام الأجساد المنهكة التي شاهدناها تخرج من السجن لتوضع في المستشفيات، كارثة كانت تحدث على مدار أكثر من خمسين عاماً من حكم واحدٍ من أكثر الأنظمة الدموية في العالم.

معلومات أخرى عن سجن صيدنايا

يقع السجن على تلّة صغيرة عند بداية سهل صيدنايا، وهي بلدة جبلية تقع على بعد 30 كم شمال العاصمة دمشق، يتكون من بناءين، البناء الرئيسي القديم (البناء الأحمر) والبناء الثاني الجديد (البناء الأبيض)، وتشرف عليه شعبة المخابرات العسكرية.

بني سجن صيدنايا مع صعود ديكتاتورية الأسد وأولى مجازره في حماة، إذ بدأت أعمال البناء عام 1981 ودخل أول معتقل إليه في عام 1987، وتقدر مساحته بنحو 1.4 كم، أي ما يعادل ثمانية أضعاف مساحة ملاعب كرة القدم الدولية مجتمعة في سوريا.

المعلومات التي نعرفها عن السجن مرعبة في حد ذاتها، فمثلاً تحوي الغرفة المنفردة قياس 2*3 متر حتى 30 معتقلاً. كما قضى فيه ما بين 30 -35  ألف معتقل خلال عشر سنوات بسبب عمليات الإعدام المباشر، أو بسبب سوء الرعاية الصحية أو عمليات التجويع الممنهج.

لسجن  صيدنايا سوران، داخلي وخارجي، وتنتشر على كامل محيطه بين السورين عناصر الفرقة 21 التابعة للجيش. وحرص النظام على وضع حقلي ألغام خارج أسواره، واحد داخلي مضاد للأفراد والثاني خارجي مضاد للدروع.

قبل الثورة، كان السجناء يُفرزون حسب التهم، لكن بعد الثورة وحدوث مشاكل بين سجناء من الطائفة العلوية والسنية، بات التقسيم على أساس الطائفة، وهو أمر غير مسبوق، أن يتبع النظام التقسيم الطائفي للسوريين، حتى في السجن.

منذ سنتين، كشفت “رابطة معتقلي ومختفي سجن صيدنايا” عمّا يعرف بغرف الملح، وهي أشبه بمستودعات بدائية، استخدمها نظام الأسد لحفظ الجثث من التحلل بعد اندلاع النزاع في عام 2011، وبخاصة مع ارتفاع عدد الموتى داخل السجون وغياب المشارح المبردة.

باتت أبواب سجن صيدنايا مشرعة، ليس فيها سوى هواء نظيف يدخله للمرة الأولى وصرخات ألم ما زالت صداها يتردد بين الجدران القاسية، ووجوه المعتقلين المذهولة، والذين نسي البعض منهم أسماءهم أو كان البعض على موعد مع إعدامهم في يوم تحريرهم. ربما يتحول في يوم إلى متحف يزوره السوريون ليستذكروا حقبة من الظلم الذي عاشوه، والتي انتهت بحريتهم، وربما يستذكرون أحباءهم الذين قتلوا ولم يعرف عنهم شيء.

تخرج من سجن صيدنايا قصص مرعبة، عن أناس لم يروا وجوههم منذ سنوات. أحد السجناء نظر إلى نفسه في كاميرا الهاتف بعد إطلاق سراحه، متفاجئاً بالشعر الأبيض الذي غزا ذقنه، وقال بدهشة: “شايب !”.

من داخل زنزانتها في سجن صيدنايا، تقول معتقلة برعب إنها خائفة، فيجيبها الرجل: “ليش خايفة؟… سقط بشار”. تردد امرأة خلفه: “سقط، سقط، سقط”،  ثلاث كلمات فقط، لكنها كانت كافية لطمأنة أي خائف في تلك اللحظة في سوريا. 

الأعين كلها على “سجن صيدنايا”

سقط بشار الأسد وحكم الديكتاتور وتحرّر آلاف المعتقلين. القصص القادمة تثير مشاعر مختلطة، طفل لم يتجاوز الثالثة من العمر، ولد في سجن صيدنايا، لا يعرف شيئاً عن الخارج، لا عن الهواء ولا الشجر ولا الألعاب، لا يعرف سوى سجون الأسد، وربما لم يكن يمتلك الأمل بالخروج منها أبداً.

حين وصلت العائلات والمعارضة المسلّحة إلى السجن القائم على تلة مرتفعة، أظهرت الفيديوهات أبواباً خلف أبواب تفتح تباعاً، وكأن هذا السجن لن ينتهي، كشعور السوريين تماماً، إذ حتى البارحة كانت فكرة سقوط الأسد قريبة جداً وبعيدة جداً في آن، كأنك تفتح باباً خلف باب من دون أن تنتهي، وسؤال العائلات المكلومة الوحيد: متى سنفتح باب زنزانة أحبائنا؟

ظهرت الفيديوهات واحداً تلو الآخر وتلقّفها السوريون بلهفة، كأنّ كلّ شاب هو ابنهم وكل امرأة هي ابنتهم.

لحظة تحرير النساء والأطفال كانت واحدة من أكثر اللحظات تأثيراً، فالنساء المذعورات وقفن مذهولات عند فتح الزنازين، والخوف يعتلي وجوههن عند رؤية رجال يقتحمون المكان فجأة، ليطمئنوهنّ بكلمة واحدة: “ثوار نحنا”.

 إحدى النساء لم تتوقف عن السؤال مراراً وتكراراً عن هويتها الشخصية، وأخرى كانت قلقة على أغراضها في الأمانات. فيما تكررت عبارة “ما عم تفتح معنا البواب” وسط صرخات مختلطة بالدموع، وكأن السوريين كانوا بحاجة الى هذه اللحظة للتنفيس عن كل المشاعر المكبوتة. وكانت دموعهم تتسابق في لحظة تاريخية، اعتقدوا يوماً أنها لن تأتي أبداً.

امرأة أخرى تسأل بلهفة: “أنا من حمص، فيني روح؟” فيأتيها الرد: “نعم، الجميع يمكنهم العودة إلى منازلهم وعائلاتهم”… نعم، لقد انتهى عهد الأسد.

أسرار سجن صيدنايا الدمويّة

تخرج من هذا السجن قصص مرعبة، عن أناس لم يروا وجوههم منذ سنوات. أحد السجناء نظر إلى نفسه في كاميرا الهاتف بعد إطلاق سراحه، متفاجئاً بالشعر الأبيض الذي غزا ذقنه، وقال بدهشة: “مشيب”.

 نظامٌ يحرم الناس حتى من رؤية انعكاسهم في المرآة، نظام كهذا يحق لنا أن نسقطه، ليس مرة واحدة، بل عشرات المرات.

ما زال هناك الكثير لمعرفته، وما زالت قصص آلاف المعتقلين تنتظر أن نسمعها. المقاتلون الذين  دخلوا سجن صيدنايا قالوا إن هناك طوابق تحت الأرض لم يعرفوا أبوابها أو مداخلها بسهولة، أقوال لم تتأكد صحتها للآن. لم يغيّب النظام معتقليه فقط بل حتى وضعهم خلف أبواب عدة وطوابق لا يسهل الوصول إليها.

لسجن صيدنايا الرمزية الأكبر لدى السوريين، إذ إنه أكبر المعتقلات وأشدها دموية، ويلقّب بـ “الثقب الأسود والمسلخ البشري” وغيرهما من الألقاب المرعبة.

 اختفى داخله آلاف السوريين، انتظرت الأمهات والعائلات ولو خبراً يخرج من جدرانه السميكة، التي كان السوريون يشاهدون أسوارها خلال عبورهم على الطريق القريب منها، ويستشعرون الموت والتعذيب في الأجواء.

حجم المعتقلات في دمشق مرعب، الى حد بات السوريون يرددون: “كنا نمشي فوق معتقلات”، كان الناس تحت شوارع دمشق مسجونين، يختنقون ويصرخون، لقد غيبهم النظام تحت منازلنا وأقدامنا.

الإعدام هوية الأسد

تحدث المعتقلون المحررون عن تفاصيل التعذيب الممنهج الذي مارسه نظام الأسد، حتى في الطعام، فقد كان يطعم المعتقلين زيتونة واحدة فقط أو كمية ضئيلة من البرغل، بقصد إذلالهم وتجويعهم أكثر من إطعامهم.

أحد أشكال التعذيب كان الأصوات التي يُفرض على المعتقلين سماعها، ليست فقط صرخات المعذبين تحت وطأة الألم، بل أيضاً أصوات المشانق أثناء تنفيذ الإعدامات اليومية.

روى أحد المعتقلين أنهم كانوا يسمعون بوضوح صوت منصات الإعدام لحظة سقوطها، المشانق ما زالت هناك، مرمية على الأرض، حبالها التي التفّت حول أعناق آلاف السوريين، مرة بعد مرة، شاهدة على موتٍ لا ينتهي.

الرعب الذي كان يعيشه المعتقلون يومياً لا يوصف، مثلاً كان معظم السجناء لا يعلمون شيئاً عن موعد إعدامهم، إذ يتم ذلك في اليوم نفسه أو يعلمون قبل يوم واحد فقط، كما كانت تتم الإعدامات المدنية بعد نقل السجين من السجن المدني إلى صيدنايا.

مكبس الإعدام الذي عُثر عليه في إحدى الغرف، هو فصل مخفي ومريع من إجرام الأسد. وبحسب المعلومات المتداولة، كان يوضع السجين بعد إعدامه في مكبس الإعدام لسحق جسده. تحت المكبس هناك مجارٍ للدماء وما تبقى من الجسد يوضع في الأكياس وينقل إلى جهة غير معلومة.

تخيل بعد هذا كله، أن يصادف موعد تنفيذ قرار إعدامك اليوم وفجأة تُفتح الأبواب ويقال لك: “أخرج أنت حرّ”. تخيل أن يوم موتك هو يوم حريتك وحرية سوريا، الكلام يبقى قليلاً أمام هول القصص والأمل والحزن في سجن صيدنايا.

يذكر أن عمليات الإعدام كانت تحدث دورياً (يومين في الأسبوع)، على سبيل المثال، في نهاية عام 2012 أُعدم 104 أشخاص دفعة واحدة، ولشدة همجية عمليات الإعدام وعنفها أغمي على ضابط برتبة عقيد، اسمه سامر جودت إسماعيل!، وذلك بحسب تقرير سابق لـ “رابطة معتقلي ومختفي سجن صيدنايا”.

بحسب السجلات التي وجدها الناس بعد فرار الأسد، هناك 25 ألف معتقل، لكن عدد المحررين لم يبلغ هذا العدد، وهو الأمر الذي زاد الشكوك في وجود المزيد من الطوابق، أو أن ذلك إثبات لحجم الإعدامات التي نفذها نظام الأسد. كما أن عناصر النظام قبل خروجهم كسروا الكاميرات ودمروا الهارد ديسك كما فجروا المولد الكهربائي الأساسي، ما يزيد الشكوك في وجود معتقلين تحت الأرض.

هذا كله يبقى قليلاً أمام الأجساد المنهكة التي شاهدناها تخرج من السجن لتوضع في المستشفيات، كارثة كانت تحدث على مدار أكثر من خمسين عاماً من حكم واحدٍ من أكثر الأنظمة الدموية في العالم.

معلومات أخرى عن سجن صيدنايا

يقع السجن على تلّة صغيرة عند بداية سهل صيدنايا، وهي بلدة جبلية تقع على بعد 30 كم شمال العاصمة دمشق، يتكون من بناءين، البناء الرئيسي القديم (البناء الأحمر) والبناء الثاني الجديد (البناء الأبيض)، وتشرف عليه شعبة المخابرات العسكرية.

بني سجن صيدنايا مع صعود ديكتاتورية الأسد وأولى مجازره في حماة، إذ بدأت أعمال البناء عام 1981 ودخل أول معتقل إليه في عام 1987، وتقدر مساحته بنحو 1.4 كم، أي ما يعادل ثمانية أضعاف مساحة ملاعب كرة القدم الدولية مجتمعة في سوريا.

المعلومات التي نعرفها عن السجن مرعبة في حد ذاتها، فمثلاً تحوي الغرفة المنفردة قياس 2*3 متر حتى 30 معتقلاً. كما قضى فيه ما بين 30 -35  ألف معتقل خلال عشر سنوات بسبب عمليات الإعدام المباشر، أو بسبب سوء الرعاية الصحية أو عمليات التجويع الممنهج.

لسجن  صيدنايا سوران، داخلي وخارجي، وتنتشر على كامل محيطه بين السورين عناصر الفرقة 21 التابعة للجيش. وحرص النظام على وضع حقلي ألغام خارج أسواره، واحد داخلي مضاد للأفراد والثاني خارجي مضاد للدروع.

قبل الثورة، كان السجناء يُفرزون حسب التهم، لكن بعد الثورة وحدوث مشاكل بين سجناء من الطائفة العلوية والسنية، بات التقسيم على أساس الطائفة، وهو أمر غير مسبوق، أن يتبع النظام التقسيم الطائفي للسوريين، حتى في السجن.

منذ سنتين، كشفت “رابطة معتقلي ومختفي سجن صيدنايا” عمّا يعرف بغرف الملح، وهي أشبه بمستودعات بدائية، استخدمها نظام الأسد لحفظ الجثث من التحلل بعد اندلاع النزاع في عام 2011، وبخاصة مع ارتفاع عدد الموتى داخل السجون وغياب المشارح المبردة.

باتت أبواب سجن صيدنايا مشرعة، ليس فيها سوى هواء نظيف يدخله للمرة الأولى وصرخات ألم ما زالت صداها يتردد بين الجدران القاسية، ووجوه المعتقلين المذهولة، والذين نسي البعض منهم أسماءهم أو كان البعض على موعد مع إعدامهم في يوم تحريرهم. ربما يتحول في يوم إلى متحف يزوره السوريون ليستذكروا حقبة من الظلم الذي عاشوه، والتي انتهت بحريتهم، وربما يستذكرون أحباءهم الذين قتلوا ولم يعرف عنهم شيء.

اشترك بنشرتنا البريدية