fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“كورونا” إيطاليا: الأموات دون وداع والأحياء في صراع داخل المستشفيات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعيدًا عن عدسات وسائل الإعلام، و”نظرة الوداع” من ذويهم، يُدفن الأموات ضحايا فيروس “كورونا” وهم يرتدون “ملابس المستشفيات” دون أي مراسم أو جنائز، لا تسمح السلطات بهذه المراسم، وكذلك الحال لا يُسمح لذوي المتوفين بوداعهم ولو بنظرة من بعيد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

السلطات الإيطالية حظرت مؤخّرًا إقامة الجنائز ومراسم الدفن، خوفًا من انتقال عدوى الفيروس، ما حرم الكثيرين من فرصة دواع أحبائهم.

وأمام العدد الكبير اليومي للضحايا، ووجود ذويهم تحت الحجر الصحّي، يضطر العاملون في الدفن لأن يأخذوا دور ذوي المتوفّي أو حتّى الكهنة، ولكنّهم غير قادرين على تصفيف شعرهم أو تزيين وجوههم أو إلباسهم الرداء الخاص بالموتى، وذلك بحسب ما يقول ماسيمو مانكاستوريا، وهو متعهّد دفن الموتى في مدينة كريمونا في إيطاليا بحسب ما نقل عنه تلفزيون “بي بي سي”.

وعلى الرغم من أن الفيروس لا ينتقل من جسد المتوفّي إلى جيد الحي، لكنه يبقى على أسطح ملابس المتوفّي والحاجيات التي كان يستخدمها وهو ما حال دون القدرة على إجراء أية مراسم للدفن.

يُلخّص هذا الواقع، حال معاناة الإيطاليين مع فيروس “كورونا” في ظل الارتفاع المتتالي للإصابات والوفيات أيضًا.

في مقاطعة لومبارديا شمال إيطاليا، يخوض الأطبّاء حرباً شرسة في الصراع مع الفايروس، لتقزيم عدد الوفيات مقابل رفع عدد حالات الشفاء، ولكن حربهم لا تبدو سهلة، أو على أقل تقدير لا تبدو أنّها ستنتهي في يومٍ وليلة.

أطبّاءٌ إيطاليون ومن مختلف الجنسيات الأخرى، يرتدون بدلات واقية للفايروس، لونها أبيض، فيسميهم البعض “الجيوش البيض”، يعملون نحو 16 ساعة يومياً، قد لا يتناولون وجبة طعام خلالها. انعزلوا عن أسرهم وأحبّائهم، وربّما نسوا شكل منازلهم لأن البعض منهم قرّر النوم في المستشفى حيث يساعد المصابين بـ”كورونا”.

الطبيب اللبناني غسّان شرّي، أحد هؤلاء الأطباء في لومبارديا، نقل لـ”درج” بعض يوميات الموت في المقاطعة الموبوءة شمال إيطاليا.

يقول شرّي: “الفايروس ينتقل من شخصٍ إلى آخر، وبكل بساطة وصل إلى أوروبا وإيطاليا بهذه الطريقة، ونحن اتخذنا قرار المواجهة، في حين أن هناك دولاً تنتظر ما سيؤول إليه الوضع ولم تتّخذ هذا القرار بعد”.

قبل حوار الطبيب شرّي مع “درج” اتصل به أحد المرضى الذين خرجوا من المستشفى، وكان يخبره عن شعوره فيما كان يتلقّى العلاج، وفجأة توفّي المريض الموجود في السرير المجاور له. كان المريض الذي تعافى لاحقاً محطّماً نفسياً بسبب وفاة شريكه في غرفة المعاناة تلك.

في معظم الأحيان، لا تسلّم السلطات الإيطالية جثث المتوفّين إلى ذويهم، وتُنقَل الجثث وتُحرَق بعيداً من الأعين، بلا أي مراسم ولا يتسنى للأسرة أو الأحباء توديعه حتى.

المستشفى المخصّص للفايروس، هو مكانٌ معزول تماماً عن العالم، كما يصفه شرّي، “ممنوع دخول أي شخص إليه، باستثناء المرضى والأطباء والممرّضين”.

ويتحدّث شرّي عن ضرورة حماية المريض نفسياً خلال علاجه جسديّاً، لأن استمرار وقوع الوفيات ونقل مرضى إلى غرف العناية المركّزة يؤثّر بشكلٍ كبير في نفسية المرضى الآخرين، الذين يشاهدون ما يحصل وينتظرون مصيرهم، ويقول: “من الصعب أن تشاهد يومياً شخصين أو ثلاثة أشخاص يموتون أمامك وأن تكون مصاباً بمرضهم ذاته”.

يبقى المريض منقطعاً تماماً عن العالم في حال دخل إلى غرفة العناية المشدّدة، ولا يستطيع غالباً حتّى استخدام هاتفه المحمول، للتواصل مع العالم الخارجي.

في معظم الأحيان، لا تسلّم السلطات الإيطالية جثث المتوفّين إلى ذويهم، وتُنقَل الجثث وتُحرَق بعيداً من الأعين، بلا أي مراسم ولا يتسنى للأسرة أو الأحباء توديعه حتى.

المستشفى حيث يعمل شري، يضم عدداً كبيراً من المصابين منذ تفشّي الفايروس في إيطاليا على نحوٍ واسع، وفي حال وفاة أو تعافي أحد المرضى، يتم إدخال مريض آخر مكانه خلال أقل من نصف ساعة فقط.

أمّا الطبيب الذي يعمل هناك، فهو غالباً انعزل عن أسرته وبات يعيش وحيداً في منزله أو حصل على غرفة ليعيش فيها وحيداً أيضاً، فيما ينام أطباء آخرون في المستشفى لحماية أسرهم وتجنّب نقل الفايروس إليهم.

يمضي الأطباء بين 12 و16 ساعة في العمل، ولا استراحات، ولا أماكن مفتوحة في المدينة لتناول وجبة سريعة أو حتّى فنجان قهوة خلال العمل، كما أنّهم في معظم الأحيان يمضون ساعات عملهم من دون أي راحة أو وجبة طعام.

والمجيء إلى العمل يجب أن يكون قبل الموعد المحدد بثلاث ساعات، من أجل التحضير والتعقيم وارتداء الملابس العازلة الخاصة بالأطبّاء، ولأن عملية خلع هذه الملابس وتعقيمها تحتاج إلى وقتٍ طويل، ولا يحصل الأطباء غالباً على فترات راحة لتناول الطعام بين ساعات العمل، وفق شري.

وتستمر أرقام الإصابات ومعها الوفيات في التصاعد، في إيطاليا وإسبانيا والولايات المتّحدة وفرنسا وغيرها من الدول.

“الفايروس جديد على العالم، ظهر منذ أشهر فقط والطب لم يكن يعرف عنه معلومات كافية مسبقة”، يقول شري، مضيفاً: “في الأسبوع الأول كانت معطياتنا أن أعراض المرض هي عبارة عن رشح وأوجاع عادية في الحلق والحنجرة وتشبه انفلونزا، علماً ان العلاج يحتّم على الطبيب الحصول على معطيات أولية حول المرض”.

ويتابع: “المشكلة في كورونا، أنّنا لم نعرف كيف نتعامل معه في بداية الأمر لأننا لم نكن نملك معطيات، فكان المرض أكثر شراسة وينتشر بسرعة”.

هناك معطيان اثنان يركن إليهما الأطبّاء خلال العلاج، وهما: هل الفايروس شرس أم لا؟ وهل هو بطيء الانتشار أم سريع؟

يقول شرّي: “على سبيل المثال عندما يكون لدي مستشفى فيه 700 سرير، فإذا كان لديَّ كل يوم 20 مريضاً فإن الأمر طبيعي، أما إذا كان هناك يومياً 700 مريض، فهناك مشكلة كبيرة، وإذا كان هناك 7 آلاف مريض يومياً فهناك كارثة ستخرج عن قدرات القطاع الطبّي”، لهذا الأمر تعوّل كل الجهات الطبّية على العمل على وقف انتشار المرض.

وتعوّل البلاد على حظر التجوّل وإغلاق المدن كإجراءً مهمّ، لأن الجهاز الطبّي عندما يحصي العدد التقريبي للحالات المصابة بإمكانه البدء بإجراءات التعامل مع هذه الحالات وتخمين نسبة انتشار المرض مقابل قدرة الأجهزة الطبّية.

وفيما تعاني لومبارديا وإيطاليا عموماً من نقص طبّي حادّ في التعامل مع المصابين، هناك الكثير من الأخبار الملفّقة حول “كورونا”، مثل أن الأطباء يختارون من سوف ينقذون بين المرضى، ليموت من فرصته أقل في العيش مقابل أن يُعالَج صاحب الفرصة الأكبر، وهي اخبار يؤكد شري أنها غير صحيحة.

ويتابع “حتّى يصل مريض كورونا إلى غرفة العناية المركّزة لا بد أن يكون قد وصل إلى حالة يرثى لها، وأُغلقت الرئتين لديه وأصبح يحتاج إلى جهاز التنفّس، وهؤلاء في الغالب يعانون من أمراض القلب والشرايين”.

تستمر أرقام الإصابات ومعها الوفيات في التصاعد، في إيطاليا وإسبانيا والولايات المتّحدة وفرنسا وغيرها من الدول.

أمّا عن نسبة الوفيات المرتفعة في إيطاليا، فيرجعها شري إلى ارتفاع نسبة من هم فوق 65 عاماً من الإيطاليين، موضحاً أن متوسّط عمر الإيطاليين 84 عاماً، كما أن السلطات تأخّرت نحو ثلاثة أسابيع لبدء الإجراءات الطبّية وعزل المدن، وخلال هذه الفترة قفز العدد، لكنّه أوضح أن هناك دولاً مثل إسبانيا والولايات المتّحدة تقارب العدد ذاته.

يشغل سبب ارتفاع معدّلات الوفيات في إيطاليا بال كثيرين، فمعدّل الأعمار مرتفع في ألمانيا أيضاً، لكنها تسجّل وفيات بمعدّل 0.4 في المئة، مقابل 10 في المئة في إيطاليا.

يتوقّع شري أن يرتفع الرقم أكثر ثم يعود إلى الهبوط لتتم السيطرة عليه، موضحاً أن دولة الصين نظام الحكم فيها مركزي، ويسهل في هذه الحالة اتخاذ القرار بعزل المدن، لذلك كان تعامل الصين أكثر مرونة مع المرض، على عكس إيطاليا التي تحتاج إلى توافق لاتخاذ أي قرار، إضافةً إلى أن نسبةً من الإيطاليين لم يلتزموا الإجراءات الطبّية كما يجب، لكنّه يتوقّع أن تتّجه الأمور إلى الانفراج مع انتشار الشرطة الإيطالية في الشوارع وتشديد عمليات الرقابة وعزل المدن.

02.04.2020
زمن القراءة: 5 minutes

بعيدًا عن عدسات وسائل الإعلام، و”نظرة الوداع” من ذويهم، يُدفن الأموات ضحايا فيروس “كورونا” وهم يرتدون “ملابس المستشفيات” دون أي مراسم أو جنائز، لا تسمح السلطات بهذه المراسم، وكذلك الحال لا يُسمح لذوي المتوفين بوداعهم ولو بنظرة من بعيد.

السلطات الإيطالية حظرت مؤخّرًا إقامة الجنائز ومراسم الدفن، خوفًا من انتقال عدوى الفيروس، ما حرم الكثيرين من فرصة دواع أحبائهم.

وأمام العدد الكبير اليومي للضحايا، ووجود ذويهم تحت الحجر الصحّي، يضطر العاملون في الدفن لأن يأخذوا دور ذوي المتوفّي أو حتّى الكهنة، ولكنّهم غير قادرين على تصفيف شعرهم أو تزيين وجوههم أو إلباسهم الرداء الخاص بالموتى، وذلك بحسب ما يقول ماسيمو مانكاستوريا، وهو متعهّد دفن الموتى في مدينة كريمونا في إيطاليا بحسب ما نقل عنه تلفزيون “بي بي سي”.

وعلى الرغم من أن الفيروس لا ينتقل من جسد المتوفّي إلى جيد الحي، لكنه يبقى على أسطح ملابس المتوفّي والحاجيات التي كان يستخدمها وهو ما حال دون القدرة على إجراء أية مراسم للدفن.

يُلخّص هذا الواقع، حال معاناة الإيطاليين مع فيروس “كورونا” في ظل الارتفاع المتتالي للإصابات والوفيات أيضًا.

في مقاطعة لومبارديا شمال إيطاليا، يخوض الأطبّاء حرباً شرسة في الصراع مع الفايروس، لتقزيم عدد الوفيات مقابل رفع عدد حالات الشفاء، ولكن حربهم لا تبدو سهلة، أو على أقل تقدير لا تبدو أنّها ستنتهي في يومٍ وليلة.

أطبّاءٌ إيطاليون ومن مختلف الجنسيات الأخرى، يرتدون بدلات واقية للفايروس، لونها أبيض، فيسميهم البعض “الجيوش البيض”، يعملون نحو 16 ساعة يومياً، قد لا يتناولون وجبة طعام خلالها. انعزلوا عن أسرهم وأحبّائهم، وربّما نسوا شكل منازلهم لأن البعض منهم قرّر النوم في المستشفى حيث يساعد المصابين بـ”كورونا”.

الطبيب اللبناني غسّان شرّي، أحد هؤلاء الأطباء في لومبارديا، نقل لـ”درج” بعض يوميات الموت في المقاطعة الموبوءة شمال إيطاليا.

يقول شرّي: “الفايروس ينتقل من شخصٍ إلى آخر، وبكل بساطة وصل إلى أوروبا وإيطاليا بهذه الطريقة، ونحن اتخذنا قرار المواجهة، في حين أن هناك دولاً تنتظر ما سيؤول إليه الوضع ولم تتّخذ هذا القرار بعد”.

قبل حوار الطبيب شرّي مع “درج” اتصل به أحد المرضى الذين خرجوا من المستشفى، وكان يخبره عن شعوره فيما كان يتلقّى العلاج، وفجأة توفّي المريض الموجود في السرير المجاور له. كان المريض الذي تعافى لاحقاً محطّماً نفسياً بسبب وفاة شريكه في غرفة المعاناة تلك.

في معظم الأحيان، لا تسلّم السلطات الإيطالية جثث المتوفّين إلى ذويهم، وتُنقَل الجثث وتُحرَق بعيداً من الأعين، بلا أي مراسم ولا يتسنى للأسرة أو الأحباء توديعه حتى.

المستشفى المخصّص للفايروس، هو مكانٌ معزول تماماً عن العالم، كما يصفه شرّي، “ممنوع دخول أي شخص إليه، باستثناء المرضى والأطباء والممرّضين”.

ويتحدّث شرّي عن ضرورة حماية المريض نفسياً خلال علاجه جسديّاً، لأن استمرار وقوع الوفيات ونقل مرضى إلى غرف العناية المركّزة يؤثّر بشكلٍ كبير في نفسية المرضى الآخرين، الذين يشاهدون ما يحصل وينتظرون مصيرهم، ويقول: “من الصعب أن تشاهد يومياً شخصين أو ثلاثة أشخاص يموتون أمامك وأن تكون مصاباً بمرضهم ذاته”.

يبقى المريض منقطعاً تماماً عن العالم في حال دخل إلى غرفة العناية المشدّدة، ولا يستطيع غالباً حتّى استخدام هاتفه المحمول، للتواصل مع العالم الخارجي.

في معظم الأحيان، لا تسلّم السلطات الإيطالية جثث المتوفّين إلى ذويهم، وتُنقَل الجثث وتُحرَق بعيداً من الأعين، بلا أي مراسم ولا يتسنى للأسرة أو الأحباء توديعه حتى.

المستشفى حيث يعمل شري، يضم عدداً كبيراً من المصابين منذ تفشّي الفايروس في إيطاليا على نحوٍ واسع، وفي حال وفاة أو تعافي أحد المرضى، يتم إدخال مريض آخر مكانه خلال أقل من نصف ساعة فقط.

أمّا الطبيب الذي يعمل هناك، فهو غالباً انعزل عن أسرته وبات يعيش وحيداً في منزله أو حصل على غرفة ليعيش فيها وحيداً أيضاً، فيما ينام أطباء آخرون في المستشفى لحماية أسرهم وتجنّب نقل الفايروس إليهم.

يمضي الأطباء بين 12 و16 ساعة في العمل، ولا استراحات، ولا أماكن مفتوحة في المدينة لتناول وجبة سريعة أو حتّى فنجان قهوة خلال العمل، كما أنّهم في معظم الأحيان يمضون ساعات عملهم من دون أي راحة أو وجبة طعام.

والمجيء إلى العمل يجب أن يكون قبل الموعد المحدد بثلاث ساعات، من أجل التحضير والتعقيم وارتداء الملابس العازلة الخاصة بالأطبّاء، ولأن عملية خلع هذه الملابس وتعقيمها تحتاج إلى وقتٍ طويل، ولا يحصل الأطباء غالباً على فترات راحة لتناول الطعام بين ساعات العمل، وفق شري.

وتستمر أرقام الإصابات ومعها الوفيات في التصاعد، في إيطاليا وإسبانيا والولايات المتّحدة وفرنسا وغيرها من الدول.

“الفايروس جديد على العالم، ظهر منذ أشهر فقط والطب لم يكن يعرف عنه معلومات كافية مسبقة”، يقول شري، مضيفاً: “في الأسبوع الأول كانت معطياتنا أن أعراض المرض هي عبارة عن رشح وأوجاع عادية في الحلق والحنجرة وتشبه انفلونزا، علماً ان العلاج يحتّم على الطبيب الحصول على معطيات أولية حول المرض”.

ويتابع: “المشكلة في كورونا، أنّنا لم نعرف كيف نتعامل معه في بداية الأمر لأننا لم نكن نملك معطيات، فكان المرض أكثر شراسة وينتشر بسرعة”.

هناك معطيان اثنان يركن إليهما الأطبّاء خلال العلاج، وهما: هل الفايروس شرس أم لا؟ وهل هو بطيء الانتشار أم سريع؟

يقول شرّي: “على سبيل المثال عندما يكون لدي مستشفى فيه 700 سرير، فإذا كان لديَّ كل يوم 20 مريضاً فإن الأمر طبيعي، أما إذا كان هناك يومياً 700 مريض، فهناك مشكلة كبيرة، وإذا كان هناك 7 آلاف مريض يومياً فهناك كارثة ستخرج عن قدرات القطاع الطبّي”، لهذا الأمر تعوّل كل الجهات الطبّية على العمل على وقف انتشار المرض.

وتعوّل البلاد على حظر التجوّل وإغلاق المدن كإجراءً مهمّ، لأن الجهاز الطبّي عندما يحصي العدد التقريبي للحالات المصابة بإمكانه البدء بإجراءات التعامل مع هذه الحالات وتخمين نسبة انتشار المرض مقابل قدرة الأجهزة الطبّية.

وفيما تعاني لومبارديا وإيطاليا عموماً من نقص طبّي حادّ في التعامل مع المصابين، هناك الكثير من الأخبار الملفّقة حول “كورونا”، مثل أن الأطباء يختارون من سوف ينقذون بين المرضى، ليموت من فرصته أقل في العيش مقابل أن يُعالَج صاحب الفرصة الأكبر، وهي اخبار يؤكد شري أنها غير صحيحة.

ويتابع “حتّى يصل مريض كورونا إلى غرفة العناية المركّزة لا بد أن يكون قد وصل إلى حالة يرثى لها، وأُغلقت الرئتين لديه وأصبح يحتاج إلى جهاز التنفّس، وهؤلاء في الغالب يعانون من أمراض القلب والشرايين”.

تستمر أرقام الإصابات ومعها الوفيات في التصاعد، في إيطاليا وإسبانيا والولايات المتّحدة وفرنسا وغيرها من الدول.

أمّا عن نسبة الوفيات المرتفعة في إيطاليا، فيرجعها شري إلى ارتفاع نسبة من هم فوق 65 عاماً من الإيطاليين، موضحاً أن متوسّط عمر الإيطاليين 84 عاماً، كما أن السلطات تأخّرت نحو ثلاثة أسابيع لبدء الإجراءات الطبّية وعزل المدن، وخلال هذه الفترة قفز العدد، لكنّه أوضح أن هناك دولاً مثل إسبانيا والولايات المتّحدة تقارب العدد ذاته.

يشغل سبب ارتفاع معدّلات الوفيات في إيطاليا بال كثيرين، فمعدّل الأعمار مرتفع في ألمانيا أيضاً، لكنها تسجّل وفيات بمعدّل 0.4 في المئة، مقابل 10 في المئة في إيطاليا.

يتوقّع شري أن يرتفع الرقم أكثر ثم يعود إلى الهبوط لتتم السيطرة عليه، موضحاً أن دولة الصين نظام الحكم فيها مركزي، ويسهل في هذه الحالة اتخاذ القرار بعزل المدن، لذلك كان تعامل الصين أكثر مرونة مع المرض، على عكس إيطاليا التي تحتاج إلى توافق لاتخاذ أي قرار، إضافةً إلى أن نسبةً من الإيطاليين لم يلتزموا الإجراءات الطبّية كما يجب، لكنّه يتوقّع أن تتّجه الأمور إلى الانفراج مع انتشار الشرطة الإيطالية في الشوارع وتشديد عمليات الرقابة وعزل المدن.