fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“كورونا” يختبر تفاني الألمان تجاه الخصوصية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“هنا، في ألمانيا! من خلال هاتفك! مرحباً بكم في دولة المراقبة”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ظهر مُلصق مكتوب باليد على سياج في أحد أحياء العاصمة برلين، “محاربة الشمولية الرقمية”، وبدا أن مجموعة تطلق على نفسها لقب “الأنالوغس” أو التناظرية، هي التي وقّعته.

 قبل ذلك بأيام قليلة، اقترحت الحكومة الألمانية جمع كميات هائلة من البيانات لتعقب انتشار فايروس “كورونا” المستجد. ودعت الأكاديمية الوطنية للعلوم ليوبولدينا، التي تقع في مدينة هاله الألمانية شرق وسط ألمانيا، إلى الجمع الطوعي لبيانات الهواتف المحمولة، لكي تتوفر لديها رؤية شاملة أفضل للوباء، بل اقترحت أن “إعادة تقييم تشريع حماية البيانات وتعديله إذا لزم الأمر في المستقبل القريب”. وطُرحت للنقاش عملية جمع البيانات الخاصة بالمواقع على نطاق واسع بصورة غير طوعية على مستوى الحكومة، قبل التراجع عن ذلك.

 أثارت هذه الأفكار، ولا سيما في مجتمع يراعي الخصوصية بشكل استثنائي مثل ألمانيا، النقاش حول إلى أي مدى قد يتقبل المواطنون تدخل الدولة، لوضع حد بشأن الإغلاق والقيود المفروضة على خلفية فايروس “كورونا” على مستوى البلاد.

قال الدكتور ماتياس كيتيمان من معهد ألكسندر فون هومبولت للإنترنت والمجتمع في برلين، مقارنةً بدول أوروبية أخرى، فإن الألمان “أكثر مراعاة للخصوصية”، مضيفاً أن “هذا الأمر يتميز به الألمان حقاً أكثر من غيرهم، وهو أهمية حماية البيانات”.

في حين أوضحت صحيفة Handelsblatt الألمانية، أن “القلق بشأن المراقبة المحتملة يضرب بجذوره في ماضي ألمانيا”. إذ يُعتَقَد أن الإرث المشترك بين البوليس السري الألماني “الغيستابو” ووزارة أمن الدولة “شتازي” في ألمانيا الشرقية، يُشكل جزءاً من السبب الذي جعل ألمانيا رائدة في مجال حماية البيانات، في ظل تشريعات يعود تاريخها إلى سبعينات القرن العشرين. بيد أن هذا الموقف إزاء البيانات الشخصية خضع للاختبار بفضل الناقشات الأخيرة التي دارت حول مدى التدابير التي تستطيع الحكومة أن تتخذها للسيطرة على كوفيد-19.

الخطط الأولية

في الدول الآسيوية مثل الصين وكوريا الجنوبية، كان جمع البيانات عنصراً أساسياً في السيطرة على تفشي المرض منذ البداية، وانطوى ذلك غالباً على ممارسات عدوانية، مثل نشر سجلات سفر المرضى المصابين في كوريا الجنوبية. في مستهل الأمر، بدا الأمر وكأن ألمانيا تتبع مساراً مشابهاً.

اقترح هانزيورج ديرز، وهو مُشرِّع ألماني من الائتلاف الحاكم يركز على الموضوعات الرقمية، أنه إذا رفض الأشخاص التطوع ببيانات كافية، “فإن تقييد الحق في الخصوصية يجب ألا يكون محظوراً”.

في منتصف آذار/ مارس 2020، سُرِّب مشروع قانون مقترح إلى الصحافة من شأنه أن يمنح الحكومة الصلاحيات اللازمة لـ”تطبيق الوسائل التقنية لتعقب” الأشخاص الذين كانوا على اتصال جسدي بالأفراد المصابين. وقد أعقب ذلك رد فعل سياسي وردود فعل عنيفة من المجتمع المدني؛ فقد فُسر مشروع القانون على أنه تفويض بمصادرة بيانات الموقع من الهواتف المحمولة الخاصة بالمستخدمين من مزودي خدمات الاتصالات.

بعد ذلك بيومين، في 23 آذار، نأى وزير الصحة ينس شبان بنفسه عن الخطة، وبدا وكأنه مستاء من رد الفعل. وعلى رغم ذلك، فقد ترك المجال متاحاً أمام تطبيق مثل هذه السياسات في المستقبل، إذا تزايد تأييد مثل هذه التدابير “على الساحة السياسية والاجتماعية”. 

مع أن الخطط الرامية إلى تعقب الأفراد وضعت جانباً، فإن أشكالاً أخرى من جمع البيانات لا تزال قائمة. ففي 18 آذار، أعلنت شركة الاتصالات الألمانية العملاقة دويتشه تيليكوم، أنها ستُسلم طواعية بيانات المواقع مجهولة الهوية لسلطات الصحة العامة. وسرعان ما حذت شركة أخرى، وهي تيليفونيكا، حذوها. تَمثَّل الهدف من تلك البيانات في قياس مدى اتباع كل السكان القواعد التنظيمية الخاصة بالتباعد الجسماني، وليس ما يفعله أي شخص بعينه. بيد أنه حتى هذا الشكل الأكثر اعتدالاً من المراقبة تسبب في إثارة بعض ردود الأفعال الحادة.

دفع ذلك أحد الصحافيين في محطة إذاعية عامة في ولاية بافاريا، إلى القول مُستغرباً في مقطع فيديو على “يوتيوب” نُشر في 21 آذار، “هنا، في ألمانيا! من خلال هاتفك! مرحباً بكم في دولة المراقبة”.

صُدم بعض المعلقين من جراء احتمالات لجوء الدولة فجأة إلى تطبيق برامج عدوانية للمراقبة العامة. فعندما سُئِل ماركوس غابرييل، المُفكر والفيلسوف الألماني المعروف، الذي يُدرس في جامعة بون، خلال مقابلة مع إذاعة ألمانيا، وهي واحدة من أكبر المحطات الإذاعية العامة، قال: “لماذا نُقدم على فعل شيئاً كنا نعتقد من قبل أنه يستحق الشجب من الناحية الأخلاقية- أو على وجه التحديد، تقديم تدابير دكتاتورية سيبيرانية ناعمة؟”.

التطبيق

المبادرة الألمانية الأحدث للحد من انتشار مرض كوفيد-19 هي أداة هواتف خليوية لم تصدر بعد، وتستخدم تقنية البلوتوث لجمع بيانات عن هوية الأشخاص الذين اقتربوا جسدياً من مستخدم ما. وإذا تأكدت إصابة المستخدم بالفايروس، سوف يتلقى الأشخاص الذين احتكوا به إشعاراً بذلك.

يطور هذه التكنولوجيا اتحادٌ كبيرٌ من المنظمات الأوروبية، بما فيها هيئة صحية ألمانية بارزة تدعى PEPP-PT، وتعمل وفقاً لإطار عمل تكنولوجي مشترك من أجل استحداث تكنولوجيا لتعقب الفايروس. تطور المجموعة مزيجاً من الأدوات والمعايير التي يستطيع المطورون استخدامها لبناء تطبيقاتهم الخاصة، وجميعها سوف تكون قابلة للعمل مع الخدمات الأخرى. طمأن الاتحادُ الجمهورَ في نشرته بأن البيانات سوف تكون مجهولة المصدر ولن تُخزن في قواعد بيانات مركزية، بل تقدم بدلاً من ذلك نوعاً من المراقبة الشعبية بين الأقران.

حذر عدد من الأكاديميين الحكوماتِ حول العالم من أن تفوّض استخدام تطبيقات تعقُّب الإصابة بالمرض، التي تجمع وتخزن بيانات شخصية. وفي وقت سابق، استحث خطاب مفتوح، وقعه أساتذة جامعيون من 26 بلداً، حكوماتِ العالم على ضمان حماية الخصوصية. وحذر الأكاديميون في هذا الخطاب من أن اتباع النهج المركزي يمكن أن “يعيق الثقة في مثل هذا التطبيق ويعيق قبوله من جانب المجتمع عموماً إعاقةً كارثيةً”.

وليس واضحاً تماماً ماهية النموذج التكنولوجي الذي سيُسمح به في ألمانيا. ثمة أحاديث حول دمج إطار العمل الأوروبي المشترك مع التطبيقات القائمة بالفعل، مثل تطبيق إشعارات الطوارئ الحكومي NINA. يستطيع المستخدمون حينئذ أن يقرروا ما إذا كانوا سيفعلون خاصية التعقب أم لا. قد يبدأ استخدام التكنولوجيا.

أشاد بعض المعلقين بهذه الفكرة، بوصفها تحسيناً هائلاً أُدخل على مقترحات سابقة أكثر تجاوزاً. 

قال فيليكس ماشيفسكي، المحاضر في فلسفة التكنولوجيا بجامعة برلين الحرة، والمشارك في تأليف كتاب The Society of Wearables: “إذا التزم التطبيق بهذه المعايير، فقد يكون أداة منطقية ومفيدة”.

لكن الشواغل تبقى حول درجة “تأثيره الفعلية”، كما أوضح ماشيفسكي.

أبدى آخرون مخاوف مماثلة. إذ ورد في مقال منشور في المدونة الألمانية Netzpolitik: “من خلال فحص أعمق، يختفي… هذا “الأمل” من أجل الخلاص”. ويأتي المؤلفون على ذكر الأداء “غير العملي” لتقنية البلوتوث، إضافة إلى “الشكوك بشأن إخفاء هوية البيانات”. في حين أشادت انتقادات مماثلة بإعلان أخير، أشار إلى إن شركتي “أبل” و”غوغل” تعاونتا لتطوير تطبيق خاص بهما لتعقب الإصابة بالمرض.

مواقف الجمهور

تُظهر الاستطلاعات استجابات متفاوتة تجاه الخطط المتعلقة بالتطبيق بين الجمهور الألماني. ففي استجابة لاستقصاء أعده فريق دولي من الأكاديميين، قال أكثر من 70 في المئة إنهم سيكونون مستعدين لتنصيب التطبيق.

بيد أن استقصاءً آخر أجرته المؤسسة العامة للبث الإذاعي والتلفزيوني ARD، أظهر أن 47 في المئة من الألمان قالوا إنهم كانوا سيحملون تطبيق التعقب، بينما قال 45 في المئة إنهم لن يحملوه. ذكرت نحو 50 في المئة من الاستجابات السلبية شواغل متعلقة بالخصوصية.

على رغم انتشار الاحتجاج الشعبي في آذار، تبقى المخاوف بأن مبادرات جمع البيانات قد تتجاوز القبول الطوعي. ففي وقت سابق من هذا الشهر، اقترح هانزيورج ديرز، وهو مُشرِّع ألماني من الائتلاف الحاكم يركز على الموضوعات الرقمية، أنه إذا رفض الأشخاص التطوع ببيانات كافية، “فإن تقييد الحق في الخصوصية يجب ألا يكون محظوراً”.

وعبرت الدكتورة إلكه ستيفن، المديرة الإدارية لمنظمة الحقوق الرقمية المستقرة في برلين Digitale Gesellschaft، عن قلقها من أن الأشخاص قد يرضخون تدريجاً لمبادرات جمع البيانات الأكثر إشكالية وصرامة مع مرور الأزمة.

إذ قالت: “كلما طال هذا، سوف يكون الأشخاص أكثر استعداداً للموافقة على تدابير المراقبة، من أجل الحفاظ على حرياتهم الأخرى”.

هذا المقال مترجم عن codastory.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط التالي.

04.05.2020
زمن القراءة: 6 minutes

“هنا، في ألمانيا! من خلال هاتفك! مرحباً بكم في دولة المراقبة”.

ظهر مُلصق مكتوب باليد على سياج في أحد أحياء العاصمة برلين، “محاربة الشمولية الرقمية”، وبدا أن مجموعة تطلق على نفسها لقب “الأنالوغس” أو التناظرية، هي التي وقّعته.

 قبل ذلك بأيام قليلة، اقترحت الحكومة الألمانية جمع كميات هائلة من البيانات لتعقب انتشار فايروس “كورونا” المستجد. ودعت الأكاديمية الوطنية للعلوم ليوبولدينا، التي تقع في مدينة هاله الألمانية شرق وسط ألمانيا، إلى الجمع الطوعي لبيانات الهواتف المحمولة، لكي تتوفر لديها رؤية شاملة أفضل للوباء، بل اقترحت أن “إعادة تقييم تشريع حماية البيانات وتعديله إذا لزم الأمر في المستقبل القريب”. وطُرحت للنقاش عملية جمع البيانات الخاصة بالمواقع على نطاق واسع بصورة غير طوعية على مستوى الحكومة، قبل التراجع عن ذلك.

 أثارت هذه الأفكار، ولا سيما في مجتمع يراعي الخصوصية بشكل استثنائي مثل ألمانيا، النقاش حول إلى أي مدى قد يتقبل المواطنون تدخل الدولة، لوضع حد بشأن الإغلاق والقيود المفروضة على خلفية فايروس “كورونا” على مستوى البلاد.

قال الدكتور ماتياس كيتيمان من معهد ألكسندر فون هومبولت للإنترنت والمجتمع في برلين، مقارنةً بدول أوروبية أخرى، فإن الألمان “أكثر مراعاة للخصوصية”، مضيفاً أن “هذا الأمر يتميز به الألمان حقاً أكثر من غيرهم، وهو أهمية حماية البيانات”.

في حين أوضحت صحيفة Handelsblatt الألمانية، أن “القلق بشأن المراقبة المحتملة يضرب بجذوره في ماضي ألمانيا”. إذ يُعتَقَد أن الإرث المشترك بين البوليس السري الألماني “الغيستابو” ووزارة أمن الدولة “شتازي” في ألمانيا الشرقية، يُشكل جزءاً من السبب الذي جعل ألمانيا رائدة في مجال حماية البيانات، في ظل تشريعات يعود تاريخها إلى سبعينات القرن العشرين. بيد أن هذا الموقف إزاء البيانات الشخصية خضع للاختبار بفضل الناقشات الأخيرة التي دارت حول مدى التدابير التي تستطيع الحكومة أن تتخذها للسيطرة على كوفيد-19.

الخطط الأولية

في الدول الآسيوية مثل الصين وكوريا الجنوبية، كان جمع البيانات عنصراً أساسياً في السيطرة على تفشي المرض منذ البداية، وانطوى ذلك غالباً على ممارسات عدوانية، مثل نشر سجلات سفر المرضى المصابين في كوريا الجنوبية. في مستهل الأمر، بدا الأمر وكأن ألمانيا تتبع مساراً مشابهاً.

اقترح هانزيورج ديرز، وهو مُشرِّع ألماني من الائتلاف الحاكم يركز على الموضوعات الرقمية، أنه إذا رفض الأشخاص التطوع ببيانات كافية، “فإن تقييد الحق في الخصوصية يجب ألا يكون محظوراً”.

في منتصف آذار/ مارس 2020، سُرِّب مشروع قانون مقترح إلى الصحافة من شأنه أن يمنح الحكومة الصلاحيات اللازمة لـ”تطبيق الوسائل التقنية لتعقب” الأشخاص الذين كانوا على اتصال جسدي بالأفراد المصابين. وقد أعقب ذلك رد فعل سياسي وردود فعل عنيفة من المجتمع المدني؛ فقد فُسر مشروع القانون على أنه تفويض بمصادرة بيانات الموقع من الهواتف المحمولة الخاصة بالمستخدمين من مزودي خدمات الاتصالات.

بعد ذلك بيومين، في 23 آذار، نأى وزير الصحة ينس شبان بنفسه عن الخطة، وبدا وكأنه مستاء من رد الفعل. وعلى رغم ذلك، فقد ترك المجال متاحاً أمام تطبيق مثل هذه السياسات في المستقبل، إذا تزايد تأييد مثل هذه التدابير “على الساحة السياسية والاجتماعية”. 

مع أن الخطط الرامية إلى تعقب الأفراد وضعت جانباً، فإن أشكالاً أخرى من جمع البيانات لا تزال قائمة. ففي 18 آذار، أعلنت شركة الاتصالات الألمانية العملاقة دويتشه تيليكوم، أنها ستُسلم طواعية بيانات المواقع مجهولة الهوية لسلطات الصحة العامة. وسرعان ما حذت شركة أخرى، وهي تيليفونيكا، حذوها. تَمثَّل الهدف من تلك البيانات في قياس مدى اتباع كل السكان القواعد التنظيمية الخاصة بالتباعد الجسماني، وليس ما يفعله أي شخص بعينه. بيد أنه حتى هذا الشكل الأكثر اعتدالاً من المراقبة تسبب في إثارة بعض ردود الأفعال الحادة.

دفع ذلك أحد الصحافيين في محطة إذاعية عامة في ولاية بافاريا، إلى القول مُستغرباً في مقطع فيديو على “يوتيوب” نُشر في 21 آذار، “هنا، في ألمانيا! من خلال هاتفك! مرحباً بكم في دولة المراقبة”.

صُدم بعض المعلقين من جراء احتمالات لجوء الدولة فجأة إلى تطبيق برامج عدوانية للمراقبة العامة. فعندما سُئِل ماركوس غابرييل، المُفكر والفيلسوف الألماني المعروف، الذي يُدرس في جامعة بون، خلال مقابلة مع إذاعة ألمانيا، وهي واحدة من أكبر المحطات الإذاعية العامة، قال: “لماذا نُقدم على فعل شيئاً كنا نعتقد من قبل أنه يستحق الشجب من الناحية الأخلاقية- أو على وجه التحديد، تقديم تدابير دكتاتورية سيبيرانية ناعمة؟”.

التطبيق

المبادرة الألمانية الأحدث للحد من انتشار مرض كوفيد-19 هي أداة هواتف خليوية لم تصدر بعد، وتستخدم تقنية البلوتوث لجمع بيانات عن هوية الأشخاص الذين اقتربوا جسدياً من مستخدم ما. وإذا تأكدت إصابة المستخدم بالفايروس، سوف يتلقى الأشخاص الذين احتكوا به إشعاراً بذلك.

يطور هذه التكنولوجيا اتحادٌ كبيرٌ من المنظمات الأوروبية، بما فيها هيئة صحية ألمانية بارزة تدعى PEPP-PT، وتعمل وفقاً لإطار عمل تكنولوجي مشترك من أجل استحداث تكنولوجيا لتعقب الفايروس. تطور المجموعة مزيجاً من الأدوات والمعايير التي يستطيع المطورون استخدامها لبناء تطبيقاتهم الخاصة، وجميعها سوف تكون قابلة للعمل مع الخدمات الأخرى. طمأن الاتحادُ الجمهورَ في نشرته بأن البيانات سوف تكون مجهولة المصدر ولن تُخزن في قواعد بيانات مركزية، بل تقدم بدلاً من ذلك نوعاً من المراقبة الشعبية بين الأقران.

حذر عدد من الأكاديميين الحكوماتِ حول العالم من أن تفوّض استخدام تطبيقات تعقُّب الإصابة بالمرض، التي تجمع وتخزن بيانات شخصية. وفي وقت سابق، استحث خطاب مفتوح، وقعه أساتذة جامعيون من 26 بلداً، حكوماتِ العالم على ضمان حماية الخصوصية. وحذر الأكاديميون في هذا الخطاب من أن اتباع النهج المركزي يمكن أن “يعيق الثقة في مثل هذا التطبيق ويعيق قبوله من جانب المجتمع عموماً إعاقةً كارثيةً”.

وليس واضحاً تماماً ماهية النموذج التكنولوجي الذي سيُسمح به في ألمانيا. ثمة أحاديث حول دمج إطار العمل الأوروبي المشترك مع التطبيقات القائمة بالفعل، مثل تطبيق إشعارات الطوارئ الحكومي NINA. يستطيع المستخدمون حينئذ أن يقرروا ما إذا كانوا سيفعلون خاصية التعقب أم لا. قد يبدأ استخدام التكنولوجيا.

أشاد بعض المعلقين بهذه الفكرة، بوصفها تحسيناً هائلاً أُدخل على مقترحات سابقة أكثر تجاوزاً. 

قال فيليكس ماشيفسكي، المحاضر في فلسفة التكنولوجيا بجامعة برلين الحرة، والمشارك في تأليف كتاب The Society of Wearables: “إذا التزم التطبيق بهذه المعايير، فقد يكون أداة منطقية ومفيدة”.

لكن الشواغل تبقى حول درجة “تأثيره الفعلية”، كما أوضح ماشيفسكي.

أبدى آخرون مخاوف مماثلة. إذ ورد في مقال منشور في المدونة الألمانية Netzpolitik: “من خلال فحص أعمق، يختفي… هذا “الأمل” من أجل الخلاص”. ويأتي المؤلفون على ذكر الأداء “غير العملي” لتقنية البلوتوث، إضافة إلى “الشكوك بشأن إخفاء هوية البيانات”. في حين أشادت انتقادات مماثلة بإعلان أخير، أشار إلى إن شركتي “أبل” و”غوغل” تعاونتا لتطوير تطبيق خاص بهما لتعقب الإصابة بالمرض.

مواقف الجمهور

تُظهر الاستطلاعات استجابات متفاوتة تجاه الخطط المتعلقة بالتطبيق بين الجمهور الألماني. ففي استجابة لاستقصاء أعده فريق دولي من الأكاديميين، قال أكثر من 70 في المئة إنهم سيكونون مستعدين لتنصيب التطبيق.

بيد أن استقصاءً آخر أجرته المؤسسة العامة للبث الإذاعي والتلفزيوني ARD، أظهر أن 47 في المئة من الألمان قالوا إنهم كانوا سيحملون تطبيق التعقب، بينما قال 45 في المئة إنهم لن يحملوه. ذكرت نحو 50 في المئة من الاستجابات السلبية شواغل متعلقة بالخصوصية.

على رغم انتشار الاحتجاج الشعبي في آذار، تبقى المخاوف بأن مبادرات جمع البيانات قد تتجاوز القبول الطوعي. ففي وقت سابق من هذا الشهر، اقترح هانزيورج ديرز، وهو مُشرِّع ألماني من الائتلاف الحاكم يركز على الموضوعات الرقمية، أنه إذا رفض الأشخاص التطوع ببيانات كافية، “فإن تقييد الحق في الخصوصية يجب ألا يكون محظوراً”.

وعبرت الدكتورة إلكه ستيفن، المديرة الإدارية لمنظمة الحقوق الرقمية المستقرة في برلين Digitale Gesellschaft، عن قلقها من أن الأشخاص قد يرضخون تدريجاً لمبادرات جمع البيانات الأكثر إشكالية وصرامة مع مرور الأزمة.

إذ قالت: “كلما طال هذا، سوف يكون الأشخاص أكثر استعداداً للموافقة على تدابير المراقبة، من أجل الحفاظ على حرياتهم الأخرى”.

هذا المقال مترجم عن codastory.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط التالي.