fbpx

كيف أننا خذلنا أمهاتنا 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لقد خذلنا أمهاتنا كثيراً واحتفلنا بهن في عيد الأم بأن قدّمنا لهنّ أواني الطبخ وأدوات التنظيف الكهربائية كهدايا كأننا نكرّم وظيفتهن الغير مأجورة والغير معترف أصلاً بوجوها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أمي لا تعمل، أمي ربة منزل. 

 تنتظرُ قمر منتصف الشهر وراء الشباك المغلق، لأن الصقيع لا يريد أن يرحل هذا العام. 

وماذا بعد أن يصل القمر؟ تحيي نوره وتخلد إلى النوم.

لا عمل لها سوى الانتظار وراء الشبابيك المغلقة. وإذا حدث أن اضطرت إلى الخروج من البيت يوماً تضطرب موازين الحياة تماماً. 

لماذا؟ إذا كانت لا تعمل؟ هل اشتاقت لها الشبابيك المغلقة التي تنتظر وراءها؟ 

لا … ولكن الوجبات اليومية لم تعد جاهزة  والفوضى التي يتركها أفراد العائلة وخصوصاً الذكور لم تُزل.البيت نظيف ولكن الحمام لم يُعقّم والمطبخ لم يُلمّع. الثياب الوسخة متراكمة والنظيفة تنتظر الكي، لا يوجد مناديل في الحمام ولا فواكه موسمية في سلة المطبخ. 

لا أحد هناك يستمع إليك إذا أردت أن تشتكي له ما حصل اليوم في المدرسة أو في الجامعة أو في العمل. لا أحد يسعفك بدواء لوجع في رأسك أو مغص في بطنك.

ماهو عمل الأم بالظبط؟ ومتى يبدأ ومتى ينتهي؟

نظرية أن ربات البيوت بلا عمل لا تزال أقوى من أي تطور مجتمعي. المجتمعات الحديثة انتفضت على فكرة الجهد الذي تبذله النساء في المنازل بوصفه عملاً شاقاً بلا مردود بل وبلا حتى اعتراف بأنه عمل. 

لكن حقاً، لماذا لم ننجح في تكريس أن ربات البيوت يقمن بعمل شاق. ربما لأنها فكرة مرتبطة بعاطفة التملّك التي اكتسبناها بسبب تضحية أمهاتنا. كل أم تُعتبر ملكية خاصة لأولادها مهما بلغ عددهم. وكل العواطف التي نتظاهر فيها أمام أنفسنا وأمام الناس لا تغفر لنا أننا ظلمنا الكائن الذي جلس في البيت وخدمنا لسنين طويلة. 

كل الأمهات “ربات البيوت” مظلومات شئنا أم أبينا، بل أن فكرة أن ربة المنزل لا تعمل تسيطر على النساء أنفسهن لأنها ترسخت في عقلية المجتمع لسنين طويلة وكأن خدمة أفراد الأسرة لازم على النساء فقط.

 وعندما خرجت النساء إلى العمل ظلّ واجب خدمة البيت مرمياً على كاهلهن ونجد أن الجيل الأول من النساء والذي تعلّم و عمل في وظائف مختلفة كان يتباهى بفكرة أنه وفّق بين حياته المهنية وحياته العائلية .وإذا حاولنا أن ندخل إلى التفاصيل الصغيرة لحياة هاته النسوة نجد أنهن استغنين عن أوقات الراحة والفراغ ولم يحصلن على أي مساعدة من الزوج أو من أفراد العائلة البعيدة  أو من المجتمع إلا في حالات خاصة. يعني أنهّن ظُلمن مرتين.

ما هو عمل ربة المنزل في بلادنا تحديداً؟

كيف تمسك نساؤنا مصاريف المنزل وتتمكن من إطعام الأسرة و إكسائها وتأمين جو نظيف وصحي في البيت وتوفير رعاية مناسبة بالمبلغ المحدود الذي تجده بين يديها؟ 

كيف تخزّن المؤونة للشتاء بالعمل على تجفيف أو تثليج المحاصيل التي تتوفر في الصيف بأسعار اقتصادية؟ كيف تحارب الإسراف وتقمع التبذير بيد حديدية لتوفر الأموال اللازمة لمناسبة سعيدة أو لجائحة تعيسة؟

ربات البيوت اللاتي ” لا تعملن ” وتمسكن بزمام ميزانية الأسر وتحققن معجزات كبيرة في حياتهن. ولو أن هناك دراسات أعمق لتوصلنا أن هذه الفئة من النساء ترفد الاقتصاد الوطني أكثر من موظفي القطاع الحكومي وداعمي بيروقراطيته.

لقد خذلنا أمهاتنا كثيراً واحتفلنا بهن في عيد الأم بأن قدّمنا لهنّ أواني الطبخ وأدوات التنظيف الكهربائية كهدايا كأننا نكرّم وظيفتهن الغير مأجورة والغير معترف أصلاً بوجوها. وقابلننا دائماً بالامتنان لمجرّد تواجدنا بجانبهن.

أيتها السيدات ربات البيوت. أظن أن الشبابيك التي انتظرتّن وراءها تشتاق إليكن في النهاية وتعترف بعشرتكن أكثر من أي واحد منا.

إقرأوا أيضاً:

21.03.2022
زمن القراءة: 3 minutes

لقد خذلنا أمهاتنا كثيراً واحتفلنا بهن في عيد الأم بأن قدّمنا لهنّ أواني الطبخ وأدوات التنظيف الكهربائية كهدايا كأننا نكرّم وظيفتهن الغير مأجورة والغير معترف أصلاً بوجوها.

أمي لا تعمل، أمي ربة منزل. 

 تنتظرُ قمر منتصف الشهر وراء الشباك المغلق، لأن الصقيع لا يريد أن يرحل هذا العام. 

وماذا بعد أن يصل القمر؟ تحيي نوره وتخلد إلى النوم.

لا عمل لها سوى الانتظار وراء الشبابيك المغلقة. وإذا حدث أن اضطرت إلى الخروج من البيت يوماً تضطرب موازين الحياة تماماً. 

لماذا؟ إذا كانت لا تعمل؟ هل اشتاقت لها الشبابيك المغلقة التي تنتظر وراءها؟ 

لا … ولكن الوجبات اليومية لم تعد جاهزة  والفوضى التي يتركها أفراد العائلة وخصوصاً الذكور لم تُزل.البيت نظيف ولكن الحمام لم يُعقّم والمطبخ لم يُلمّع. الثياب الوسخة متراكمة والنظيفة تنتظر الكي، لا يوجد مناديل في الحمام ولا فواكه موسمية في سلة المطبخ. 

لا أحد هناك يستمع إليك إذا أردت أن تشتكي له ما حصل اليوم في المدرسة أو في الجامعة أو في العمل. لا أحد يسعفك بدواء لوجع في رأسك أو مغص في بطنك.

ماهو عمل الأم بالظبط؟ ومتى يبدأ ومتى ينتهي؟

نظرية أن ربات البيوت بلا عمل لا تزال أقوى من أي تطور مجتمعي. المجتمعات الحديثة انتفضت على فكرة الجهد الذي تبذله النساء في المنازل بوصفه عملاً شاقاً بلا مردود بل وبلا حتى اعتراف بأنه عمل. 

لكن حقاً، لماذا لم ننجح في تكريس أن ربات البيوت يقمن بعمل شاق. ربما لأنها فكرة مرتبطة بعاطفة التملّك التي اكتسبناها بسبب تضحية أمهاتنا. كل أم تُعتبر ملكية خاصة لأولادها مهما بلغ عددهم. وكل العواطف التي نتظاهر فيها أمام أنفسنا وأمام الناس لا تغفر لنا أننا ظلمنا الكائن الذي جلس في البيت وخدمنا لسنين طويلة. 

كل الأمهات “ربات البيوت” مظلومات شئنا أم أبينا، بل أن فكرة أن ربة المنزل لا تعمل تسيطر على النساء أنفسهن لأنها ترسخت في عقلية المجتمع لسنين طويلة وكأن خدمة أفراد الأسرة لازم على النساء فقط.

 وعندما خرجت النساء إلى العمل ظلّ واجب خدمة البيت مرمياً على كاهلهن ونجد أن الجيل الأول من النساء والذي تعلّم و عمل في وظائف مختلفة كان يتباهى بفكرة أنه وفّق بين حياته المهنية وحياته العائلية .وإذا حاولنا أن ندخل إلى التفاصيل الصغيرة لحياة هاته النسوة نجد أنهن استغنين عن أوقات الراحة والفراغ ولم يحصلن على أي مساعدة من الزوج أو من أفراد العائلة البعيدة  أو من المجتمع إلا في حالات خاصة. يعني أنهّن ظُلمن مرتين.

ما هو عمل ربة المنزل في بلادنا تحديداً؟

كيف تمسك نساؤنا مصاريف المنزل وتتمكن من إطعام الأسرة و إكسائها وتأمين جو نظيف وصحي في البيت وتوفير رعاية مناسبة بالمبلغ المحدود الذي تجده بين يديها؟ 

كيف تخزّن المؤونة للشتاء بالعمل على تجفيف أو تثليج المحاصيل التي تتوفر في الصيف بأسعار اقتصادية؟ كيف تحارب الإسراف وتقمع التبذير بيد حديدية لتوفر الأموال اللازمة لمناسبة سعيدة أو لجائحة تعيسة؟

ربات البيوت اللاتي ” لا تعملن ” وتمسكن بزمام ميزانية الأسر وتحققن معجزات كبيرة في حياتهن. ولو أن هناك دراسات أعمق لتوصلنا أن هذه الفئة من النساء ترفد الاقتصاد الوطني أكثر من موظفي القطاع الحكومي وداعمي بيروقراطيته.

لقد خذلنا أمهاتنا كثيراً واحتفلنا بهن في عيد الأم بأن قدّمنا لهنّ أواني الطبخ وأدوات التنظيف الكهربائية كهدايا كأننا نكرّم وظيفتهن الغير مأجورة والغير معترف أصلاً بوجوها. وقابلننا دائماً بالامتنان لمجرّد تواجدنا بجانبهن.

أيتها السيدات ربات البيوت. أظن أن الشبابيك التي انتظرتّن وراءها تشتاق إليكن في النهاية وتعترف بعشرتكن أكثر من أي واحد منا.

إقرأوا أيضاً:

21.03.2022
زمن القراءة: 3 minutes
|
آخر القصص
 هل تستطيع الدول العربية الغنيّة تجاهل أزمات جيرانها؟
أفراح ناصر - باحثة في المركز العربي في واشنطن | 12.10.2024
هل هُزم محور “المقاومة”فعلاً؟!
شكري الريان - كاتب فلسطيني سوري | 12.10.2024
لماذا أخفق حزب الله؟
ندى عبدالصمد - كاتبة وصحافية لبنانية | 12.10.2024
خطبة الوداع
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 11.10.2024

اشترك بنشرتنا البريدية