fbpx

لا يكفي أن يكون المرء ضدّ إيران

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يكفي أن يكون المرء ضدّ إيران، تماماً كما لا يكفي أن يكون ضدّ إسرائيل حتّى لو كان صادقاً في ذلك. لقد تكبّدت المنطقة أكلافاً هائلة من جرّاء هذه الضدّيّة العمياء، التي لا تمييز فيها، لإسرائيل. يُستحسن أن لا تتكبّد أكلافاً مشابهة، علماً بأنّها تفعل، من جرّاء ضدّيّة مشابهة لإيران

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“كنْ ضدّ إسرائيل وافعل ما تشاء”. لا بل “قلْ إنّك ضدّ إسرائيل وافعل ما تشاء”. هذه حكمة من حِكَم السياسة والثقافة السياسيّة العربيّتين. الذين استخدموها بفعاليّة كثيرون، أبرزهم بالطبع “الأسدان” حافظ وبشّار، لكنّ سواهما، في بلدان عربيّة أخرى، استخدموها كذلك. الذين صدّقوا، وما زالوا يصدّقون، هم أيضاً كثيرون. الثمرة الأغنى التي طرحتها تلك المعادلة كانت تبرير قتل السوريّين، ولو بالكيماويّ والبراميل، لأنّ بشّار ضدّ إسرائيل، أو لأنّه يقول إنّه ضدّ إسرائيل.

في زمن لاحق ظهرت حكمة أخرى مضادّة للحكمة الأولى لكنّها من الطبيعة نفسها: “كن ضدّ إيران وافعل ما تشاء”. أيّدْ سياسات الأبله دونالد ترامب. وافق على “صفقة القرن” لتسوية القضيّة الفلسطينيّة. اصمت عن بنيامين نتانياهو والاستيطان الإسرائيليّ. ارفض كلّ تذكير بمسألة اجتماعيّة ينتجها تغوّل رأس المال… هذه أيضاً “مؤامرات” مثل “مؤامرة” الثورة على آل الأسد.

الأمر، في النهاية، عقل واحد انشقّ إلى نصفين. كلّ نصف يختصر العالم إلى معادلة واحدة ضدّيّة وصفريّة وفقيرة.

“نظاما إسرائيل وإيران – اللذان يستحقّان منّا كلّ العداء – لا يحلمان بعداء أغبى من هذا”

هذا الاختصار عرفه معظم البلدان العربيّة، لكنّ لبنان ربّما كان مسرح استعراضه الأبكر: الذين هم ضدّ إسرائيل، أو يقولون ذلك، مقابل الذين هم ضدّ إيران. كثيراً، لكنْ ليس دائماً، ما تبدّى انشطار 8 و14 آذار كأنّه صدام بين هاتين المعادلتين.

أصوات قليلة جدّاً هي التي صعدت من الضدّيّة البسيطة إلى الموقف المُركّب: ضدّ إيران وضدّ إسرائيل وضدّ أشياء كثيرة أخرى ومع أشياء كثيرة أخرى تُحاكَم السياسات على ضوئها: الحرّيّات، الاقتصاد، الاجتماع، المرأة، الثقافة…

هذه المواقف، فضلاً عن تعطيلها كلّ نقد ذاتيّ، تفضي حكماً إلى موقف عنصري.

إقرأ أيضاً: التطبيع والرقابات

ما دام كلّ ما يؤذي إسرائيل أو إيران مقبولاً، من قتل المدنيّين، بمن فيهم الأطفال، إلى خطف الطائرات المدنيّة ذات مرّة، إلى زرع العبوات الغامضة الهدف، إلى تمجيد صدّام حسين لأنّه آذى إيران…، باتت شيطنة الخصم كاملة شاملة. أي بات هذا الخصم “جنساً” آخر.

هذه الأحاديّة لم تكن بريئة من تطوير مواقف عنصريّة حيال دين اليهود أو مذهب الشيعة أو حضارة الفرس، وبالتالي ما يتعدّى السياسات والآراء إلى الحقّ في الوجود وفي الحياة نفسهما. تلك نتيجة “منطقيّة” لمثل تلك الآراء القطعيّة القاطعة.

ارتسام الأمور على هذا النحو كان، ولا يزال، يشير إلى أنّ الوعي القَبَليّ أحد أبرز محرّكات صراعنا: كلٌّ منّا يقف مع قبيلته (أهله، دينه، طائفته، إثنيّته…) من الألف إلى الياء ويرفض القبيلة الأخرى من الألف إلى الياء أيضاً. كلٌّ منّا يلخّص فعاليّته في السياسة، وفي التمرين على الحجج، في الثنائيّة الهزيلة هذه.

ربّما كان نزع هذه الضدّيّة واحداً من الشروط التي يستدعيها بناء مواقف سياسيّة تُحمَل على محمل الجدّ. فلا يكفي أن يكون المرء ضدّ إيران، تماماً كما لا يكفي أن يكون ضدّ إسرائيل حتّى لو كان صادقاً في ذلك. لقد تكبّدت المنطقة أكلافاً هائلة من جرّاء هذه الضدّيّة العمياء، التي لا تمييز فيها، لإسرائيل. يُستحسن أن لا تتكبّد أكلافاً مشابهة، علماً بأنّها تفعل، من جرّاء ضدّيّة مشابهة لإيران.

نظاما إسرائيل وإيران – اللذان يستحقّان منّا كلّ العداء – لا يحلمان بعداء أغبى من هذا.

إقرأ أيضاً:
ترامب بين إسرائيل – نتانياهو واليهود الضحايا
شرقٌ ضدّ غرب… غربٌ ضدّ شرق

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.