fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

لبنان: اعتقال محمود ووضاح درسٌ في الثورة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المقال ليس للحديث عن محمود كشخص، لأن العمل الأخير صار قضية رأي عام وصرخة من كل مواطن خنقته سلطة المصارف وتعديها على جنى عمره.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
محمود مروة ووضاح غنوي

بعدما ضجّت وسائل إعلامية وإخبارية لبنانية بخبر إلقاء القبض على مجهولين قاما بزرع عبوة ناسفة تزن نحو 400 غرام، من مادة الـTNT في مصرف “فرنسبنك” في صيدا – شارع المصارف، صدر بيان عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي يوضح ما حصل. يشير البيان إلى عملية “نوعية وخاطفة”، قام خلالها فرع المخابرات برصد الشابين وتوقيفهما. هذا البيان المؤلف من نحو 200 كلمة، يحاول بصراحة تلميع صورة هذه القوى الأمنية التي لم تتمكن من تحقيق أي إنجاز ميداني، أو محلي، فهي لم تتحرك قضائياً أو أمنياً لإلقاء القبض على أي فاسد، أو ضبط الأسعار المتفلّتة في السوق على الأقل. لكنها تمكنت من إلقاء القبض على من نفذ هذا “العمل التخريبي” الذي مسّ الأملاك الخاصة والعامة، بحسب ما غرد الوزير محمد فهمي بعد عملية القبض بنحو نصف الساعة. 

بعيداً من بيانات شعبة المعلومات وقوى الأمن ووزيرها، اهتمت صحف ومحطات الإعلامية بهؤلاء الذين نفذوا عملية التفجير هذه، ليتضح أنهما محمود مروّة (مواليد 1967) ووضاح غنوي (مواليد 1976)، وهما لبنانيان جنوبيان. لم يتوقع محيط محمود ووضاح من عائلة وأولاد وأصدقاء ومعارف أن الرجلين الخمسينيين سيقدمان على هذه الخطوة، بخاصة أنهما يعتبران من أكبر الموقوفين عمراً منذ بداية ثورة 17 تشرين. وبحكم قرابتي بمحمود مروّة (والدي)، يمكنني أن أقدم التحليل الذي أجده ملائماً ويرد على الأسئلة الكثيرة التي تصلنا يومياً، ويربطها ببيان المديرية التي حكماً لا تعلم، على رغم براعة أجهزتها، من تحتجز اليوم خلف قضبان سجونها. 

أقدما على عمل لا نجرؤ على فعله، فأثبتا أن التمرد ليس عليهما، بل على من يسكت عن الحق ويذوب في طوابير التصفيق لزعماء شربوا من دمائنا.  

محمود مروّة رجل في العقد الخامس من العمر، لا يحب أن يعرف عن نفسه على أنه “رجل أعمال”، بل تاجر شغوف بعمله. وعن سؤالي له عن ثلاثة أمور لا يمكنه العيش من دونها قال: “شغلي، وولادي وأهلي”. وبحكم عمله، تمكن من تكوين سلسلة علاقات مبنية على الاحترام والمحبة. محمود شيوعي سابق، شارك في المعارك بمواجهة إسرائيل وجيش لحد بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، له تاريخ حافل بالعمل والمواقف، التي لم أسمعها منه، بل عملت جاهدةً على تجميعها من أصدقائه ومن يعرفه خلال تلك الحقبة. 

هذا المقال ليس للحديث عن محمود كشخص، لأن العمل الأخير صار قضية رأي عام وصرخة من كل مواطن خنقته سلطة المصارف وتعديها على جنى عمره. هذا المقال هو مجرد تحليل لجميع المعطيات المتعلقة بهذا الموضوع والتي جمعتها خلال هذا الأسبوع.  

السؤال الأكثر الحاحاً هو عن سبب استهداف “فرنسبنك” تحديداً، الذي لا يملك وضاح أو محمود أي حسابات لديه، على رغم من تورط المصارف كلّها في الهندسات المالية وتواطئها بشكل مباشر مع الطبقة الفاسدة. إلا أن المفارقة هي أن “فرنسبنك” استولى على التبرعات التي منحت لجريدة “17 تشرين” التي صدرت من رحم الثورة للثورة، وتحاكي مطالب الثوار وحكاياتهم اليومية في الشارع المطلبي. احتجز “فرنسبنك” التبرعات ظناً منه أنه يحجز على حرية تنقل المعلومات والصرخات، فاستحق هذه الضربة لرمزيتها. لم يصب البنك بأضرار جسيمة، اقتصرت الإصابات على سقف مستعار وزجاجتين وبعض الإنارة، لكن حجم الرعب الذي أصاب المصارف عامة هو الذي أعطى التفجير هذا الوزن، حتى أقدم المصرف على رفع دعوى شخصية على كل من محمود ووضاح.

نفذت العملية بسيارة محمود الشخصية التي اشتراها أخيراً (مرسيدس 2018) بماله الخاص، لم ينفذها بسيارة مموهة أو يريد التخلي عنها من دون أسف، نقل العبوة محمود وضاح بالسيارة التي يحافظ عليها، والتي تؤكد أنه يوجه رسالة إلى التجار الذين يظنون أنهم غير معنيين بوجع الأقل منهم قدرةً على الصعيد المالي.  

محمود ووضاح، المتهمان من قبلنا، نحن الجيل الجديد الذي أشعل الثورة، بأنهما من جيل الحرب الأهلية الذي شارك في إنتاج هذه الطبقة السياسية الفاسدة، أثبتا بهذا العمل أنهما كما كان يقول لي محمود “نحن قدامكن”، فعلاً كانا أمامنا، وخدمانا بخبراتهما، وأقدما على عمل لا نجرؤ على فعله، فأثبتا أن التمرد ليس عليهما، بل على من يسكت عن الحق ويذوب في طوابير التصفيق لزعماء شربوا من دمائنا.  

مصطفى إبراهيم - حقوقي فلسطيني | 24.01.2025

فرح أهل غزة المؤقّت والبحث عما تبقّى من ذاتهم

المفروض أن يعود النازحون من الجنوب الى مدينة غزة وشمالها حسب اتفاق وقف إطلاق النار، وهي المرحلة الثانية من الحرب، والبحث عما تبقى من ممتلكاتهم وأملاكهم وحياتهم. في الوقت ذاته، يبحث الذين هُدمت بيوتهم عن أماكن لإيوائهم أو يسعون الى استئجار شقق والبدء من جديد. هي "حرب" جديدة قد تستمر سنوات من إعادة ترميم الذات…
12.05.2020
زمن القراءة: 3 minutes

المقال ليس للحديث عن محمود كشخص، لأن العمل الأخير صار قضية رأي عام وصرخة من كل مواطن خنقته سلطة المصارف وتعديها على جنى عمره.

محمود مروة ووضاح غنوي

بعدما ضجّت وسائل إعلامية وإخبارية لبنانية بخبر إلقاء القبض على مجهولين قاما بزرع عبوة ناسفة تزن نحو 400 غرام، من مادة الـTNT في مصرف “فرنسبنك” في صيدا – شارع المصارف، صدر بيان عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي يوضح ما حصل. يشير البيان إلى عملية “نوعية وخاطفة”، قام خلالها فرع المخابرات برصد الشابين وتوقيفهما. هذا البيان المؤلف من نحو 200 كلمة، يحاول بصراحة تلميع صورة هذه القوى الأمنية التي لم تتمكن من تحقيق أي إنجاز ميداني، أو محلي، فهي لم تتحرك قضائياً أو أمنياً لإلقاء القبض على أي فاسد، أو ضبط الأسعار المتفلّتة في السوق على الأقل. لكنها تمكنت من إلقاء القبض على من نفذ هذا “العمل التخريبي” الذي مسّ الأملاك الخاصة والعامة، بحسب ما غرد الوزير محمد فهمي بعد عملية القبض بنحو نصف الساعة. 

بعيداً من بيانات شعبة المعلومات وقوى الأمن ووزيرها، اهتمت صحف ومحطات الإعلامية بهؤلاء الذين نفذوا عملية التفجير هذه، ليتضح أنهما محمود مروّة (مواليد 1967) ووضاح غنوي (مواليد 1976)، وهما لبنانيان جنوبيان. لم يتوقع محيط محمود ووضاح من عائلة وأولاد وأصدقاء ومعارف أن الرجلين الخمسينيين سيقدمان على هذه الخطوة، بخاصة أنهما يعتبران من أكبر الموقوفين عمراً منذ بداية ثورة 17 تشرين. وبحكم قرابتي بمحمود مروّة (والدي)، يمكنني أن أقدم التحليل الذي أجده ملائماً ويرد على الأسئلة الكثيرة التي تصلنا يومياً، ويربطها ببيان المديرية التي حكماً لا تعلم، على رغم براعة أجهزتها، من تحتجز اليوم خلف قضبان سجونها. 

أقدما على عمل لا نجرؤ على فعله، فأثبتا أن التمرد ليس عليهما، بل على من يسكت عن الحق ويذوب في طوابير التصفيق لزعماء شربوا من دمائنا.  

محمود مروّة رجل في العقد الخامس من العمر، لا يحب أن يعرف عن نفسه على أنه “رجل أعمال”، بل تاجر شغوف بعمله. وعن سؤالي له عن ثلاثة أمور لا يمكنه العيش من دونها قال: “شغلي، وولادي وأهلي”. وبحكم عمله، تمكن من تكوين سلسلة علاقات مبنية على الاحترام والمحبة. محمود شيوعي سابق، شارك في المعارك بمواجهة إسرائيل وجيش لحد بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، له تاريخ حافل بالعمل والمواقف، التي لم أسمعها منه، بل عملت جاهدةً على تجميعها من أصدقائه ومن يعرفه خلال تلك الحقبة. 

هذا المقال ليس للحديث عن محمود كشخص، لأن العمل الأخير صار قضية رأي عام وصرخة من كل مواطن خنقته سلطة المصارف وتعديها على جنى عمره. هذا المقال هو مجرد تحليل لجميع المعطيات المتعلقة بهذا الموضوع والتي جمعتها خلال هذا الأسبوع.  

السؤال الأكثر الحاحاً هو عن سبب استهداف “فرنسبنك” تحديداً، الذي لا يملك وضاح أو محمود أي حسابات لديه، على رغم من تورط المصارف كلّها في الهندسات المالية وتواطئها بشكل مباشر مع الطبقة الفاسدة. إلا أن المفارقة هي أن “فرنسبنك” استولى على التبرعات التي منحت لجريدة “17 تشرين” التي صدرت من رحم الثورة للثورة، وتحاكي مطالب الثوار وحكاياتهم اليومية في الشارع المطلبي. احتجز “فرنسبنك” التبرعات ظناً منه أنه يحجز على حرية تنقل المعلومات والصرخات، فاستحق هذه الضربة لرمزيتها. لم يصب البنك بأضرار جسيمة، اقتصرت الإصابات على سقف مستعار وزجاجتين وبعض الإنارة، لكن حجم الرعب الذي أصاب المصارف عامة هو الذي أعطى التفجير هذا الوزن، حتى أقدم المصرف على رفع دعوى شخصية على كل من محمود ووضاح.

نفذت العملية بسيارة محمود الشخصية التي اشتراها أخيراً (مرسيدس 2018) بماله الخاص، لم ينفذها بسيارة مموهة أو يريد التخلي عنها من دون أسف، نقل العبوة محمود وضاح بالسيارة التي يحافظ عليها، والتي تؤكد أنه يوجه رسالة إلى التجار الذين يظنون أنهم غير معنيين بوجع الأقل منهم قدرةً على الصعيد المالي.  

محمود ووضاح، المتهمان من قبلنا، نحن الجيل الجديد الذي أشعل الثورة، بأنهما من جيل الحرب الأهلية الذي شارك في إنتاج هذه الطبقة السياسية الفاسدة، أثبتا بهذا العمل أنهما كما كان يقول لي محمود “نحن قدامكن”، فعلاً كانا أمامنا، وخدمانا بخبراتهما، وأقدما على عمل لا نجرؤ على فعله، فأثبتا أن التمرد ليس عليهما، بل على من يسكت عن الحق ويذوب في طوابير التصفيق لزعماء شربوا من دمائنا.