fbpx

لبنان: بري يحمي “البلطجية” ويدّعي على منتقديها!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

فيما يحمي بري حرسه من المحاسبة ويقصيهم عن أي محاكمة أو قانون، على جرائم العنف التي ارتكبوها في وسط بيروت، ها هو في المقابل يذهب إلى مقاضاة إعلاميين ونشطاء، لأنهم انتقدوه!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“الضعيف يذهب إلى القضاء”… عبارة خرج بها رئيس مجلس النواب نبيه بري نهاية عام 2017، في إطار خلافه مع ميشال عون حول مرسوم ترقية ضباط دورة 1994. إلا أن بري تنازل أخيراً عن مقولته السابقة، ولو في معرض التظاهر بأنه ملتزم بدولة القانون، بعدما ادّعى عبر محاميه علي رحال، بشكوى إلى النيابة العامة التمييزية، على كل من قناة “أم تي في” والإعلاميَيْن رياض طوق وديما صادق والناشط فاروق يعقوب، بجرائم القدح والذمّ و”إثارة النعرات الطائفية”. وذلك على خلفية حلقة من برنامج “باسم الشعب”، التي تطرّقت إلى حرس مجلس النواب التابع لبرّي وانتقدت عدم شرعيّته كونه لا يتبع إلى أي جهاز أمني رسمي، هذا عدا عن استهداف عناصر حرس المجلس المتظاهرين في احتجاجات 8 آب/ أغسطس بالرصاص المطاطي والخراطيش التي أطلقوها على عيونهم مباشرةً.

العنف الذي مارسه حرس مجلس النواب أعاد إلى الواجهة ملف هذا الجهاز من جديد، والولاء الذي يربطه بنبيه بري، كون معظم عناصره كانوا من مقاتلي “حركة أمل” خلال الحرب الأهلية. وهذا الإدعاء سيجرّ المزيد من النقاش والتحقيق حول طبيعة الحرس وجرائمه، وحول المسؤولية الجنائية المترتبة على برّي عن الجرائم التي يرتكبها هذا الجهاز، خصوصاً أن قيادتَي الجيش وقوى الأمن تتنصلان من مسؤوليتهما تجاهه. وكانت وزيرة الداخلية السابقة ريا الحسن، أقرّت في مقابلة تلفزيونية لها أنه لا علاقة لوزارة الداخلية بحرس مجلس النواب، مشيرةً إلى أنهم  تابعون لنبيه بري.

وعليه، فإن هذا الجهاز قانونياً لا يتبع لأي جهاز أمني ولا يتبناه أي مسؤول. ولعل هذا سبب تماديه بالبلطجة وقمع أي تظاهرة لا ترغب القوى الأمنية بقمعها بشكلٍ مباشر. وأبرز مثال على ذلك كان التظاهرة الأخيرة في 8 آب، التي مورس فيها أبشع أنواع العنف تجاه المتظاهرين على يد عناصر هذا الجهاز، إذ أُصيب المئات بالرصاص المطاطي الذي أُطلق من مسافة قريبة وصُوّب على الوجوه، أو حتى بالرصاص الحي (الخردق). وقد فقد 9 أشخاص عين واحدة أو اثنتين جراء الرصاص، وفقاً للجنة “القمصان البيض” التي أسستها مجموعة أطباء لبنانيين عاينوا المصابين.

العنف الذي مارسه حرس مجلس النواب أعاد إلى الواجهة ملف هذا الجهاز من جديد، والولاء الذي يربطه بنبيه بري، كون معظم عناصره كانوا من مقاتلي “حركة أمل” خلال الحرب الأهلية.

نسيم محسن، هو أحد المتظاهرين الذين فقدوا عيناً في التظاهرة، وهذا ما دفع المحامية ديالا شحادة للدفاع عنه.

تقول شحادة لـ”درج” إنها تقدمت بدعوى ضد حرس مجلس النواب مجهولي الهوية، وطالبت القضاء بالتعرف إلى هوياتهم عبر كاميرات المراقبة، كما طالبت الدعوى بشهادة نبيه بري من موقع مسوؤليته، بتوضيح علاقته بهذا الجهاز ورابطه به.

وفي سياق متّصل، تقول الإعلامية ديما صادق لـ”درج” إن “رد برّي على الانتقادات ورفعه دعوى عليها لا يختلف عن ردة فعل السلطة على أي انتقاد أو رأي مخالف”، مشيرةً إلى أنها تلقّت دعوتين خلال 24 ساعة فقط، الأولى من برّي والثانية من جبران باسيل، هذا عدا عن دعاوى سابقة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وغيره.

من هم حرس مجلس النواب؟

في العودة بالذاكرة سنتين إلى الوراء، نسترجع انتشار فيديو وصور لعناصر أمنية بلباس “قوى الأمن الداخلي”، وهم يرقصون ابتهاجاً بانتخاب نبيه بري رئيساً لمجلس النواب عام 2018، لتعود وتوضح قوى الأمن أن “العناصر الذين احتفلوا بانتخاب بري أمام مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، هم عناصر شرطة مجلس النواب، وليسوا من عديد قوى الأمن الداخلي”.

لطالما فتح ملف حرس مجلس النواب سجالاً تاريخياً في النظام اللبناني. فهو يخضع لنظام خاص منفصل عن الجيش، ونظرياً فهو تابع لمجلس النواب، لكن فعلياً إنه تابع لرئيس المجلس نبيه بري.

يتألف جهاز أمن المجلس من 3 سرايا تضم شرطة المجلس، وهي معنية بأمن الرئيس والمحيط الداخلي، وسرية من قوى الأمن، وسرية من الجيش ولهما دور أمن الرئيس وعائلته والمحيط الخارجي. إضافة إلى تأمين مقر إقامة الرئيس في منطقة عين التينة. لكن بعد الحرب الأهلية وانتخاب بري رئيساً للمجلس عام 1992، أعيد تشكيل الجهاز وأصبحت تبعيته لبري مباشرة.

تشير التقديرات إلى أن عدد عناصر الحرس يتراوح بين 450 و800 شخص، يتلقّون رواتبهم من خزينة الدولة، ويتمتّعون بحصانة سياسية لا قانونية، نتيجة موالاتهم لبرّي.

كما لا ينضوي الحرس تحت أي نظام عسكري محدّد، ويرأسه ضابط برتبة عالية وهو قائد الحرس يوسف دمشق الملقب بـ”أبو خشبة”.

وعليه فإن “حرس مجلس النواب” هو أشبه بشعبة متقدّمة من “حركة أمل”، كما أنه يميل ليكون جهازاً توظيفياً لها، فمن يتم اختيارهم للانتساب إلى الحرس يعتبرون من المحظيّين، خصوصاً أنهم يتمتّعون بالحصانة ولا تُفرض عقوبات مسلكية بحقهم.

منذ تظاهرات عام 2005، تتكرر مشاهد العنف بحق اللبنانيين، على مقربة من مجلس النواب، ويكون الأبطال دائماً حرس المجلس، الذين يستخدمون كل الأساليب المتاحة للإطاحة بالمتظاهرين وتفرقتهم، وحماية البرلمان، وقد سقط في هذه الأحداث مئات الجرحى بسبب الغاز مسيل الدموع والرصاص المطاطي وأيضاً الرصاص الحي، فيما لم تطل المحاسبة أياً من عناصر الحرس، بل نعموا جميعاً بغطاء برّي، المدافع عن “البلطجية”. وفيما يحمي بري حرسه من المحاسبة ويقصيهم عن أي محاكمة أو قانون، على جرائم العنف التي ارتكبوها في وسط بيروت، ها هو في المقابل يذهب إلى مقاضاة إعلاميين ونشطاء، لأنهم انتقدوه!

25.08.2020
زمن القراءة: 4 minutes

فيما يحمي بري حرسه من المحاسبة ويقصيهم عن أي محاكمة أو قانون، على جرائم العنف التي ارتكبوها في وسط بيروت، ها هو في المقابل يذهب إلى مقاضاة إعلاميين ونشطاء، لأنهم انتقدوه!

“الضعيف يذهب إلى القضاء”… عبارة خرج بها رئيس مجلس النواب نبيه بري نهاية عام 2017، في إطار خلافه مع ميشال عون حول مرسوم ترقية ضباط دورة 1994. إلا أن بري تنازل أخيراً عن مقولته السابقة، ولو في معرض التظاهر بأنه ملتزم بدولة القانون، بعدما ادّعى عبر محاميه علي رحال، بشكوى إلى النيابة العامة التمييزية، على كل من قناة “أم تي في” والإعلاميَيْن رياض طوق وديما صادق والناشط فاروق يعقوب، بجرائم القدح والذمّ و”إثارة النعرات الطائفية”. وذلك على خلفية حلقة من برنامج “باسم الشعب”، التي تطرّقت إلى حرس مجلس النواب التابع لبرّي وانتقدت عدم شرعيّته كونه لا يتبع إلى أي جهاز أمني رسمي، هذا عدا عن استهداف عناصر حرس المجلس المتظاهرين في احتجاجات 8 آب/ أغسطس بالرصاص المطاطي والخراطيش التي أطلقوها على عيونهم مباشرةً.

العنف الذي مارسه حرس مجلس النواب أعاد إلى الواجهة ملف هذا الجهاز من جديد، والولاء الذي يربطه بنبيه بري، كون معظم عناصره كانوا من مقاتلي “حركة أمل” خلال الحرب الأهلية. وهذا الإدعاء سيجرّ المزيد من النقاش والتحقيق حول طبيعة الحرس وجرائمه، وحول المسؤولية الجنائية المترتبة على برّي عن الجرائم التي يرتكبها هذا الجهاز، خصوصاً أن قيادتَي الجيش وقوى الأمن تتنصلان من مسؤوليتهما تجاهه. وكانت وزيرة الداخلية السابقة ريا الحسن، أقرّت في مقابلة تلفزيونية لها أنه لا علاقة لوزارة الداخلية بحرس مجلس النواب، مشيرةً إلى أنهم  تابعون لنبيه بري.

وعليه، فإن هذا الجهاز قانونياً لا يتبع لأي جهاز أمني ولا يتبناه أي مسؤول. ولعل هذا سبب تماديه بالبلطجة وقمع أي تظاهرة لا ترغب القوى الأمنية بقمعها بشكلٍ مباشر. وأبرز مثال على ذلك كان التظاهرة الأخيرة في 8 آب، التي مورس فيها أبشع أنواع العنف تجاه المتظاهرين على يد عناصر هذا الجهاز، إذ أُصيب المئات بالرصاص المطاطي الذي أُطلق من مسافة قريبة وصُوّب على الوجوه، أو حتى بالرصاص الحي (الخردق). وقد فقد 9 أشخاص عين واحدة أو اثنتين جراء الرصاص، وفقاً للجنة “القمصان البيض” التي أسستها مجموعة أطباء لبنانيين عاينوا المصابين.

العنف الذي مارسه حرس مجلس النواب أعاد إلى الواجهة ملف هذا الجهاز من جديد، والولاء الذي يربطه بنبيه بري، كون معظم عناصره كانوا من مقاتلي “حركة أمل” خلال الحرب الأهلية.

نسيم محسن، هو أحد المتظاهرين الذين فقدوا عيناً في التظاهرة، وهذا ما دفع المحامية ديالا شحادة للدفاع عنه.

تقول شحادة لـ”درج” إنها تقدمت بدعوى ضد حرس مجلس النواب مجهولي الهوية، وطالبت القضاء بالتعرف إلى هوياتهم عبر كاميرات المراقبة، كما طالبت الدعوى بشهادة نبيه بري من موقع مسوؤليته، بتوضيح علاقته بهذا الجهاز ورابطه به.

وفي سياق متّصل، تقول الإعلامية ديما صادق لـ”درج” إن “رد برّي على الانتقادات ورفعه دعوى عليها لا يختلف عن ردة فعل السلطة على أي انتقاد أو رأي مخالف”، مشيرةً إلى أنها تلقّت دعوتين خلال 24 ساعة فقط، الأولى من برّي والثانية من جبران باسيل، هذا عدا عن دعاوى سابقة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وغيره.

من هم حرس مجلس النواب؟

في العودة بالذاكرة سنتين إلى الوراء، نسترجع انتشار فيديو وصور لعناصر أمنية بلباس “قوى الأمن الداخلي”، وهم يرقصون ابتهاجاً بانتخاب نبيه بري رئيساً لمجلس النواب عام 2018، لتعود وتوضح قوى الأمن أن “العناصر الذين احتفلوا بانتخاب بري أمام مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، هم عناصر شرطة مجلس النواب، وليسوا من عديد قوى الأمن الداخلي”.

لطالما فتح ملف حرس مجلس النواب سجالاً تاريخياً في النظام اللبناني. فهو يخضع لنظام خاص منفصل عن الجيش، ونظرياً فهو تابع لمجلس النواب، لكن فعلياً إنه تابع لرئيس المجلس نبيه بري.

يتألف جهاز أمن المجلس من 3 سرايا تضم شرطة المجلس، وهي معنية بأمن الرئيس والمحيط الداخلي، وسرية من قوى الأمن، وسرية من الجيش ولهما دور أمن الرئيس وعائلته والمحيط الخارجي. إضافة إلى تأمين مقر إقامة الرئيس في منطقة عين التينة. لكن بعد الحرب الأهلية وانتخاب بري رئيساً للمجلس عام 1992، أعيد تشكيل الجهاز وأصبحت تبعيته لبري مباشرة.

تشير التقديرات إلى أن عدد عناصر الحرس يتراوح بين 450 و800 شخص، يتلقّون رواتبهم من خزينة الدولة، ويتمتّعون بحصانة سياسية لا قانونية، نتيجة موالاتهم لبرّي.

كما لا ينضوي الحرس تحت أي نظام عسكري محدّد، ويرأسه ضابط برتبة عالية وهو قائد الحرس يوسف دمشق الملقب بـ”أبو خشبة”.

وعليه فإن “حرس مجلس النواب” هو أشبه بشعبة متقدّمة من “حركة أمل”، كما أنه يميل ليكون جهازاً توظيفياً لها، فمن يتم اختيارهم للانتساب إلى الحرس يعتبرون من المحظيّين، خصوصاً أنهم يتمتّعون بالحصانة ولا تُفرض عقوبات مسلكية بحقهم.

منذ تظاهرات عام 2005، تتكرر مشاهد العنف بحق اللبنانيين، على مقربة من مجلس النواب، ويكون الأبطال دائماً حرس المجلس، الذين يستخدمون كل الأساليب المتاحة للإطاحة بالمتظاهرين وتفرقتهم، وحماية البرلمان، وقد سقط في هذه الأحداث مئات الجرحى بسبب الغاز مسيل الدموع والرصاص المطاطي وأيضاً الرصاص الحي، فيما لم تطل المحاسبة أياً من عناصر الحرس، بل نعموا جميعاً بغطاء برّي، المدافع عن “البلطجية”. وفيما يحمي بري حرسه من المحاسبة ويقصيهم عن أي محاكمة أو قانون، على جرائم العنف التي ارتكبوها في وسط بيروت، ها هو في المقابل يذهب إلى مقاضاة إعلاميين ونشطاء، لأنهم انتقدوه!