fbpx

لبنان تحت الاحتلال: حجم المقاومة يحدد سقف  التوغل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

لا ضمانات تحد من اندفاعة الدبابات الإسرائيلية سوى ما يمكن أن تواجهه هذه الدبابات من مقاومة. هذا دأب إسرائيل في اجتياحاتها للبنان منذ العام 1978، والتجربة الأخيرة في العام 2006 كشفت أن “مجزرة الدبابات” في وادي الحجير، والتي ألحق فيها مقاتلو حزب الله خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي، هي من أوقف التقدم البري في حينها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لن تكون العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان محدودة على ما يزعم الجيش الإسرائيلي، وعلى ما تعد الإدارة الأميركية. سيُجرى اختبار بالنار تتحدّد على أساسه مساحة الاحتلال الجديد ومسافته. هذا ما سبق أن اختبرناه في تجاربنا الكثيرة مع الاجتياحات الإسرائيلية، ولعل أبرز مثال على ذلك كان اجتياح العام  1982. 

ففي ذلك الحين، شرعت خريطة التمدّد تتّسع مع شعور الجيش الغازي بتداعي دفاعات منظمة التحرير الفلسطينية، فانتقلنا من الوصول إلى نهر الأولي إلى الدخول إلى العاصمة بيروت. واليوم إذ يشير جيش الاحتلال إلى أن العملية ستكون مركزة ومحدودة، يعود في بيان آخر ليذكّر بعملية الليطاني في العام 1978، التي وصل فيها الجيش إلى حدود النهر واستقر هناك إلى أن انسحب مسافة قصيرة وأنشأ ما أطلق عليه دويلة “الشريط الحدودي” أو “لبنان الحر”.

مؤشرات كثيرة تعزز لدى المراقب الاعتقاد بألا خريطة ثابتة للغزو البري، وأن الأمر يتعلق بحجم “الصعوبات” التي يمكن أن يواجهها الغزو الجديد. وشهية الاحتلال الآن هي في ذروة اشتغالها مع شعور بنيامين نتانياهو بأن الضربات التي وجهها الى حزب الله ستفتح أمامه أبواب الغزو البري الذي ستقرر الوقائع الميدانية مداه.

ويبدو واضحاً أيضاً، أن الإدارة الأميركية تتولى تغطية حركة الجيش الإسرائيلي خطوة بخطوة، وهي إذ تقول إن العملية محدودة، ستعود لـ”تتفهم” توسع العملية، على نحو ما فعلت حين “تفهمت” المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت وصيدا والجنوب. فالتقدم نحو نهر الليطاني قد يكون ضمن نطاق تعريف واشنطن لـ”العملية المحدودة”. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن “الإنجازات العسكرية الإسرائيلية” لطالما مثلت جاذبية للأميركيين لتعزيز علاقتهم بتل أبيب، بدءاً من العام 1967، أي العام الذي شهد احتلال إسرائيل أراضيَ لثلاث دول عربية (مصر وسوريا والأردن)، وهو العام الذي شهد انعطافة في الموقف الأميركي تجاه إسرائيل، وتحولت فيه الأخيرة إلى الحليف الأول لواشنطن في الشرق الأوسط. واليوم قد “يبهر” نتانياهو أميركا بـ”فعالية” جيشه، فتغض النظر عن مزيد من التمدد.

لا ضمانات تحد من اندفاعة الدبابات الإسرائيلية سوى ما يمكن أن تواجهه هذه الدبابات من مقاومة. هذا دأب إسرائيل في اجتياحاتها للبنان منذ العام 1978، والتجربة الأخيرة في العام 2006 كشفت أن “مجزرة الدبابات” في  وادي الحجير، والتي ألحق فيها مقاتلو حزب الله خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي، هي من أوقف التقدم البري في حينها.

تراهن إسرائيل في غزوها اليوم على أنها ألحقت هزيمة أمنية كبيرة بحزب الله، وهو ما سيصدّع دفاعاته الميدانية ويسهل الغزو، وعلى هذا الأساس لم تضع حدوداً واضحة لغزوها البري، فبين بياناتها عن أن العملية “مركزة ومحدودة” وبين ما أشار إليه الناطق باسم جيشها لجهة أن حدود القتال ستكون نهر الليطاني، فارق يبلغ عشرات الكيلومترات.

وهنا يبقى أن ما هو مجهول حتى الآن هو القدرات العسكرية لحزب الله في تلك المساحة، فالضربات التي تلقاها الحزب هي أمنية ومعنوية بالدرجة الأولى، أما قدراته العسكرية، لا سيما جنوب منطقة الليطاني، فمن غير الواضح مدى تأثرها، من دون أن يعني ذلك عدم تصدّعها، لا سيما وأن إسرائيل تمكنت من ضرب شبكات التواصل بين خطوط الجبهة. مع الأخذ بعين الاعتبار سنوات من التحصينات التي أقامها مقاتلوه على تلك الخطوط.

إسرائيل لم تضع خريطة واضحة لغزوها. الميدان هو ما سيحدّد حجم الاحتلال الجديد ومساحته. أما واشنطن، فحتى الآن لم تبد أي تحفظ حيال أي خطوة دموية أقدمت عليها تل أبيب. أما ذروة المأساة، فتتمثل في أن الحرب تجري في بلد دولته فاشلة وفاسدة وحكومة غائبة ومشلولة وعديمة القدرة على الحركة والحشد. أما اليتم الموازي، فيتمثل في أن دولة عربية واحدة لم تشعر بضرورة التحرك، لا بل إن ثمة من بينها من ينتظر نهايتنا.

لبنان في العراء الكامل.     

"درج"
لبنان
01.10.2024
زمن القراءة: 3 minutes

لا ضمانات تحد من اندفاعة الدبابات الإسرائيلية سوى ما يمكن أن تواجهه هذه الدبابات من مقاومة. هذا دأب إسرائيل في اجتياحاتها للبنان منذ العام 1978، والتجربة الأخيرة في العام 2006 كشفت أن “مجزرة الدبابات” في وادي الحجير، والتي ألحق فيها مقاتلو حزب الله خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي، هي من أوقف التقدم البري في حينها.

لن تكون العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان محدودة على ما يزعم الجيش الإسرائيلي، وعلى ما تعد الإدارة الأميركية. سيُجرى اختبار بالنار تتحدّد على أساسه مساحة الاحتلال الجديد ومسافته. هذا ما سبق أن اختبرناه في تجاربنا الكثيرة مع الاجتياحات الإسرائيلية، ولعل أبرز مثال على ذلك كان اجتياح العام  1982. 

ففي ذلك الحين، شرعت خريطة التمدّد تتّسع مع شعور الجيش الغازي بتداعي دفاعات منظمة التحرير الفلسطينية، فانتقلنا من الوصول إلى نهر الأولي إلى الدخول إلى العاصمة بيروت. واليوم إذ يشير جيش الاحتلال إلى أن العملية ستكون مركزة ومحدودة، يعود في بيان آخر ليذكّر بعملية الليطاني في العام 1978، التي وصل فيها الجيش إلى حدود النهر واستقر هناك إلى أن انسحب مسافة قصيرة وأنشأ ما أطلق عليه دويلة “الشريط الحدودي” أو “لبنان الحر”.

مؤشرات كثيرة تعزز لدى المراقب الاعتقاد بألا خريطة ثابتة للغزو البري، وأن الأمر يتعلق بحجم “الصعوبات” التي يمكن أن يواجهها الغزو الجديد. وشهية الاحتلال الآن هي في ذروة اشتغالها مع شعور بنيامين نتانياهو بأن الضربات التي وجهها الى حزب الله ستفتح أمامه أبواب الغزو البري الذي ستقرر الوقائع الميدانية مداه.

ويبدو واضحاً أيضاً، أن الإدارة الأميركية تتولى تغطية حركة الجيش الإسرائيلي خطوة بخطوة، وهي إذ تقول إن العملية محدودة، ستعود لـ”تتفهم” توسع العملية، على نحو ما فعلت حين “تفهمت” المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت وصيدا والجنوب. فالتقدم نحو نهر الليطاني قد يكون ضمن نطاق تعريف واشنطن لـ”العملية المحدودة”. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن “الإنجازات العسكرية الإسرائيلية” لطالما مثلت جاذبية للأميركيين لتعزيز علاقتهم بتل أبيب، بدءاً من العام 1967، أي العام الذي شهد احتلال إسرائيل أراضيَ لثلاث دول عربية (مصر وسوريا والأردن)، وهو العام الذي شهد انعطافة في الموقف الأميركي تجاه إسرائيل، وتحولت فيه الأخيرة إلى الحليف الأول لواشنطن في الشرق الأوسط. واليوم قد “يبهر” نتانياهو أميركا بـ”فعالية” جيشه، فتغض النظر عن مزيد من التمدد.

لا ضمانات تحد من اندفاعة الدبابات الإسرائيلية سوى ما يمكن أن تواجهه هذه الدبابات من مقاومة. هذا دأب إسرائيل في اجتياحاتها للبنان منذ العام 1978، والتجربة الأخيرة في العام 2006 كشفت أن “مجزرة الدبابات” في  وادي الحجير، والتي ألحق فيها مقاتلو حزب الله خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي، هي من أوقف التقدم البري في حينها.

تراهن إسرائيل في غزوها اليوم على أنها ألحقت هزيمة أمنية كبيرة بحزب الله، وهو ما سيصدّع دفاعاته الميدانية ويسهل الغزو، وعلى هذا الأساس لم تضع حدوداً واضحة لغزوها البري، فبين بياناتها عن أن العملية “مركزة ومحدودة” وبين ما أشار إليه الناطق باسم جيشها لجهة أن حدود القتال ستكون نهر الليطاني، فارق يبلغ عشرات الكيلومترات.

وهنا يبقى أن ما هو مجهول حتى الآن هو القدرات العسكرية لحزب الله في تلك المساحة، فالضربات التي تلقاها الحزب هي أمنية ومعنوية بالدرجة الأولى، أما قدراته العسكرية، لا سيما جنوب منطقة الليطاني، فمن غير الواضح مدى تأثرها، من دون أن يعني ذلك عدم تصدّعها، لا سيما وأن إسرائيل تمكنت من ضرب شبكات التواصل بين خطوط الجبهة. مع الأخذ بعين الاعتبار سنوات من التحصينات التي أقامها مقاتلوه على تلك الخطوط.

إسرائيل لم تضع خريطة واضحة لغزوها. الميدان هو ما سيحدّد حجم الاحتلال الجديد ومساحته. أما واشنطن، فحتى الآن لم تبد أي تحفظ حيال أي خطوة دموية أقدمت عليها تل أبيب. أما ذروة المأساة، فتتمثل في أن الحرب تجري في بلد دولته فاشلة وفاسدة وحكومة غائبة ومشلولة وعديمة القدرة على الحركة والحشد. أما اليتم الموازي، فيتمثل في أن دولة عربية واحدة لم تشعر بضرورة التحرك، لا بل إن ثمة من بينها من ينتظر نهايتنا.

لبنان في العراء الكامل.