fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

لبنان: حرب “القادة الروحيين” على مجتمع الميم لإنقاذ النظام

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

كم يبدو مستفزاً أن تتقاطع مصالح الطوائف اللبنانية عبر تمرير جريمة انفجار المرفأ في مقابل تمرير عملية السطو على الودائع، وأن يُضرب صمت على غرق مركب الموت مقابل التضامن مع المفتي في حربه على الزواج المدني. يجري ذلك وسط انهيار كل شيء، ووسط تغوّل الطبقة السياسية، ووسط نجاة المرتكبين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

استيقظ القادة “الروحيون” للمذاهب اللبنانية جمعاء على المثلية راقدة على أبواب منازلهم. وتصدى مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان وحيداً ومن دونهم لمثليي الجمهورية المترنحة بانهيار هو الأكبر في تاريخها.

انهمرت بيانات تأييد ودعم وزير الداخلية بسام المولوي التي حذر فيها من أن أي نشاط لجماعة مثلية في لبنان سيقابل بالحزم. هذا الوزير العاجز عن تنفيذ مذكرة جلب بحق متهم بتفجير المرفأ، سيتعامل بحزم مع أي نشاط لجماعة مثلية، أما الرؤساء الروحيون الذين لبوا استغاثة المفتي، واستفاضوا في الهجوم على المثليين والتهويل عليهم، فهم بدورهم يعرفون أن الفساد والسلاح والارتهان للخارج لا تهدد مواقعهم وما ينعمون به، لا بل إنها من عناصر نفوذهم، أما أن يطالب مجتمع الميم بوقف تجريمه، فالويل الويل لمن يستجيب.

والحال أن لبنان شهد في السنوات الأخيرة كوارث متتالية تولى فيها القادة “الروحيون” التصدي لكل من سوّلت له نفسه أن يحاسب الطبقة الحاكمة. رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أحمد قبلان هدّد القاضي طارق البيطار بعد استدعاء الأخير وزراء شيعة للتحقيق معهم في انفجار المرفأ، وبطريرك الموارنة بشارة الراعي قال إن رياض سلامة خط أحمر، والمفتي عبد اللطيف دريان كان ضرب طوقاً من الحماية حول رؤساء الحكومات من سعد الحريري وصولاً إلى حسان دياب.

دريان، المفتي السني، لم تفجعه واقعة موت نحو أربعين لبنانياً من أبناء طائفته غرقاً أثناء هروبهم من المجاعة التي تهدد أطفالهم، وقبل ذلك لم يسمع له صوت بعد انفجار المرفأ الذي دمر ربع المدينة العزيزة على قلب دار الفتوى. 

دريان وقف قبل أيام شاهراً حزماً غير معهود به، وقال: “لن يمر الزواج المدني، ولن تشرع المثلية الجنسية”، وأشار بيده إلى الطوائف الأخرى، وقال: “اذا صمت الآخرون فنحن لن نصمت”، فاستدرج بإشارته هذه المفتي الشيعي وشيخ عقل الدروز ومطران الروم، فصار للحملة على المثليين بعداً “ميثاقياً”، وهو بُعدٌ لم يتحقق لانفجار المرفأ، ويسبق أن حمى هذا البعد “الميثاقي” أصحاب المصارف والفاسدين، ناهيك عن حمايته السلاح.

كم يبدو مستفزاً أن تتقاطع مصالح الطوائف اللبنانية عبر تمرير جريمة انفجار المرفأ في مقابل تمرير عملية السطو على الودائع، وأن يُضرب صمت على غرق مركب الموت مقابل التضامن مع المفتي في حربه على الزواج المدني. يجري ذلك وسط انهيار كل شيء، ووسط تغوّل الطبقة السياسية، ووسط نجاة المرتكبين.

يدرك الشيخ دريان، وأقرانه من المفتين والبطاركة وشيوخ العقل أن قانوناً مدنياً للأحوال الشخصية سيفقد النظام قدرة على استيلاد نفسه عبر الحد من نفوذ المؤسسات الدينية. النظام الذي تغذى من العمق المذهبي والذي مارس فساده وارتهانه من طبيعته الطائفية، والذي يحميه نفوذ المفتين والبطاركة. 

وهنا لا بدّ أن نسجّل للتيار الوطني الحر أنه وحده من القوى السياسية من غرّد وحيداً خارج سرب الهوموفوبيا المستعرة، وأصدر بياناً خجولاً دعم فيه الحريات الفردية.

لبنان الذي يعيش أسوأ أيامه مالياً واقتصادياً وحياتياً، تتصدر هموم الطوائف فيه قانوني الزواج المدني وعدم تجريم المثلية. لم ينبسّ مفتٍ أو مطران بكلمة حول طوابير الناس على الأفران، ولا على الفساد الذي بلغ أكثر من مئة مليار دولار. خوض الحرب على مجتمع الميم وعلى قانون موحد للأحوال الشخصية هو سعي لإشغال الناس عن الانهيار وعن المجاعة المنتظرة قريباً جداً. 

إقرأوا أيضاً:

عمّار المأمون - كاتب سوري | 10.02.2025

“سجن صيدنايا”: “ثينك تانك” إسلامي ومفارقة أصل الثورة  السورية!

ربما هذا التنويع والتأمّل في حكاية صيدنايا ضروري الآن، كي لا تُحتكَر الحكاية الوطنية من قِبل أحد، حتى لو كان أساسها "المسلخ البشري"، الذي حسب أبو محمد، أحد الحراس السابقين في السجن: "يمثّل نهاية الحياة، ونهاية الإنسانية".
"درج"
لبنان
27.06.2022
زمن القراءة: 3 minutes

كم يبدو مستفزاً أن تتقاطع مصالح الطوائف اللبنانية عبر تمرير جريمة انفجار المرفأ في مقابل تمرير عملية السطو على الودائع، وأن يُضرب صمت على غرق مركب الموت مقابل التضامن مع المفتي في حربه على الزواج المدني. يجري ذلك وسط انهيار كل شيء، ووسط تغوّل الطبقة السياسية، ووسط نجاة المرتكبين.

استيقظ القادة “الروحيون” للمذاهب اللبنانية جمعاء على المثلية راقدة على أبواب منازلهم. وتصدى مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان وحيداً ومن دونهم لمثليي الجمهورية المترنحة بانهيار هو الأكبر في تاريخها.

انهمرت بيانات تأييد ودعم وزير الداخلية بسام المولوي التي حذر فيها من أن أي نشاط لجماعة مثلية في لبنان سيقابل بالحزم. هذا الوزير العاجز عن تنفيذ مذكرة جلب بحق متهم بتفجير المرفأ، سيتعامل بحزم مع أي نشاط لجماعة مثلية، أما الرؤساء الروحيون الذين لبوا استغاثة المفتي، واستفاضوا في الهجوم على المثليين والتهويل عليهم، فهم بدورهم يعرفون أن الفساد والسلاح والارتهان للخارج لا تهدد مواقعهم وما ينعمون به، لا بل إنها من عناصر نفوذهم، أما أن يطالب مجتمع الميم بوقف تجريمه، فالويل الويل لمن يستجيب.

والحال أن لبنان شهد في السنوات الأخيرة كوارث متتالية تولى فيها القادة “الروحيون” التصدي لكل من سوّلت له نفسه أن يحاسب الطبقة الحاكمة. رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أحمد قبلان هدّد القاضي طارق البيطار بعد استدعاء الأخير وزراء شيعة للتحقيق معهم في انفجار المرفأ، وبطريرك الموارنة بشارة الراعي قال إن رياض سلامة خط أحمر، والمفتي عبد اللطيف دريان كان ضرب طوقاً من الحماية حول رؤساء الحكومات من سعد الحريري وصولاً إلى حسان دياب.

دريان، المفتي السني، لم تفجعه واقعة موت نحو أربعين لبنانياً من أبناء طائفته غرقاً أثناء هروبهم من المجاعة التي تهدد أطفالهم، وقبل ذلك لم يسمع له صوت بعد انفجار المرفأ الذي دمر ربع المدينة العزيزة على قلب دار الفتوى. 

دريان وقف قبل أيام شاهراً حزماً غير معهود به، وقال: “لن يمر الزواج المدني، ولن تشرع المثلية الجنسية”، وأشار بيده إلى الطوائف الأخرى، وقال: “اذا صمت الآخرون فنحن لن نصمت”، فاستدرج بإشارته هذه المفتي الشيعي وشيخ عقل الدروز ومطران الروم، فصار للحملة على المثليين بعداً “ميثاقياً”، وهو بُعدٌ لم يتحقق لانفجار المرفأ، ويسبق أن حمى هذا البعد “الميثاقي” أصحاب المصارف والفاسدين، ناهيك عن حمايته السلاح.

كم يبدو مستفزاً أن تتقاطع مصالح الطوائف اللبنانية عبر تمرير جريمة انفجار المرفأ في مقابل تمرير عملية السطو على الودائع، وأن يُضرب صمت على غرق مركب الموت مقابل التضامن مع المفتي في حربه على الزواج المدني. يجري ذلك وسط انهيار كل شيء، ووسط تغوّل الطبقة السياسية، ووسط نجاة المرتكبين.

يدرك الشيخ دريان، وأقرانه من المفتين والبطاركة وشيوخ العقل أن قانوناً مدنياً للأحوال الشخصية سيفقد النظام قدرة على استيلاد نفسه عبر الحد من نفوذ المؤسسات الدينية. النظام الذي تغذى من العمق المذهبي والذي مارس فساده وارتهانه من طبيعته الطائفية، والذي يحميه نفوذ المفتين والبطاركة. 

وهنا لا بدّ أن نسجّل للتيار الوطني الحر أنه وحده من القوى السياسية من غرّد وحيداً خارج سرب الهوموفوبيا المستعرة، وأصدر بياناً خجولاً دعم فيه الحريات الفردية.

لبنان الذي يعيش أسوأ أيامه مالياً واقتصادياً وحياتياً، تتصدر هموم الطوائف فيه قانوني الزواج المدني وعدم تجريم المثلية. لم ينبسّ مفتٍ أو مطران بكلمة حول طوابير الناس على الأفران، ولا على الفساد الذي بلغ أكثر من مئة مليار دولار. خوض الحرب على مجتمع الميم وعلى قانون موحد للأحوال الشخصية هو سعي لإشغال الناس عن الانهيار وعن المجاعة المنتظرة قريباً جداً. 

إقرأوا أيضاً: