fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

لبنان: على من أُطلق الرصاص
في يوم المازوت الإيراني؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على من أطلق حزب الله الرصاص في يوم المازوت الإيراني؟ حزب الله الذي انتصر في سوريا وفي لبنان وفي العراق وفي اليمن، أما آن له أن يستقر ويهدأ؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 عراضة المازوت الإيراني في لبنان كانت أهم من حدث وصول المازوت نفسه، ذاك أنها كانت فرصة وجدانية لجماعة مذهبية مسلحة استعاضت فيها عن كدر يجب على اللبنانيين التأمل والبحث فيه، فهو صاحب علاقتهم بهذه الجماعة طوال العقدين الفائتين، وهو في حال تصاعدية وعلى تخوم الانفجار. والأرجح أن تناول ظاهرة المازوت الإيراني من هذه الزاوية أكثر نجاعة من البحث فيها بوصفها قرينة على تصدر حزب الله ومجتمعه الدولة اللبنانية وطغيانه على أجهزتها السياسية والأمنية والإدارية، فهذا صار من باب التحصيل الحاصل ولا يحتاج قرينة لإثباته. ثم أن الاعتراف للحزب بانتصاره لا يبدو أنه يكفي لدرء الحنق.

ما الذي يدفع جماعة منتصرة ومتصدرة إلى تحين الفرص كل يوم لكي تشهر انتصاراتها. المازوت الإيراني بدل أن يكون “هدية” للبنانيين تحول مادة لمواجهتهم! أيُ حاجة يلبيها كل هذا الرصاص الذي رافق الصهاريج التي نقلت المازوت من سوريا إلى لبنان؟ ضد من تم استيراد المازوت طالما أن الحزب يتصدر الدولة والمجتمع وبحوزته كل شيئ؟ الأكيد أن المازوت استقدم بوصفه مادة تنافسية، والخطوة جزء من مواجهة أهلية. لكن علينا أن نبحث عن الخصم في هذه المواجهة. الرصاص الكثير الذي جرى بذله بهذه المناسبة أطلق رمزياً على عدو وعلى خصم أهلي.

الانقسام الشيعي السني لم يعد جواباً صحيحاً على هذا السؤال، ذاك أن هزيمة كاملة أصابت الجماعة السنية بحيث لم تعد الأخيرة موضوع استنفار مذهبي يفسر كل هذا الحنق الذي رافق الصهاريج. أما المسيحيون، فالرصاص في هذه الحالة قد يصيب بين ما يصيب حلفاء الحزب المسيحيين، اذ أن سؤال الالتحاق بالحزب وبنموذجه ملح في بيئة المسيحيين، والأكيد أن الرصاص لا يستهدف النيل من عزيمتهم.

علينا إذا أن نذهب إلى مناطق شعورية أخرى لفهم الوجدان الجماعي الذي أطلق الرصاص، والذي استقدم المازوت. على من أطلق حزب الله الرصاص في يوم المازوت الإيراني؟ حزب الله الذي انتصر في سوريا وفي لبنان وفي العراق وفي اليمن، أما آن له أن يستقر ويهدأ؟

ثمة عدم اطمئنان جوهري وراء هذه الأفعال، وأمام هذه الحقيقة على المرء أن يستعيد مسألة أقلوية الحزب والطائفة بوصفها محركاً أساسياً لعدم  اطمئنان هذه الجماعة الأهلية. مواصلة التصدر تقتضي مواصلة المواجهة، وهنا تحضر حقيقة اختراع العدو لكي يلبي هذه الحاجة. 

وأقلوية الحزب تتوسع في لحظات لبنانية كثيرة، ولا يد لـ”الأكثريات” فيها. ففي لبنان ثمة خصومة ضمنية لكنها فعلية بين أنماط الحياة والإنتاج والعمل وبين حزب الله. من نماذج هذه الخصومة انخراط اللبنانيين بأنظمة عيش لا تمت للحزب ولثقافته ولنموذجه بصلة. الشيعة اللبنانيون منخرطون في هذه المواجهة الضمنية ضد الحزب. هذا الأمر يمكن رصده في التفاوتات الواضحة في أنماط العيش بين الشيعة والشيعة، ناهيك عن التفاوتات بين نموذج العيش اللبناني والنماذج التي استقدمها الحزب. هذه التفاوتات بطن ولادة لعدم الاطمئنان المتبادل. وهي قد تقف أيضاً خلف الرصاص الكثير الذي أطلقه المحتفلون بالمازوت الإيراني. أن تعجز السلطة عن بث نموذجها وعن تعميمه على رغم سيطرتها على الدولة، فهذا خلل مولد لتوترها وعدم اطمئنانها.

 عراضة المازوت حمالة أوجه طالما أننا حيال نفس جماعية غير مطمئنة، لكن المازوت نفسه حمال أوجه أيضاً، على رغم أنه مادة من المفترض أن تكون قد فُسرت، ذاك أن ثمة باخرة حملته من مرفأ إلى مرفأ، وصهاريج نقلته من بلد إلى بلد! لكن على رغم كل ذلك لا نعرف شيئاً عن كميته وعن وجهته وعن أسعاره، وعما إذا كان للدولة المستوردة دور في كل هذه الظاهرة وهل مر المازوت عبر معابرها وخضع لشروطها الفنية والإدارية! 

لكن مرة أخرى لا يبدو أن هذا تفصيلاً مهماً طالما أنه لم يعد مجدياً السؤال عما إذا كنا نعيش في دولة ونخضع لقوانينها. الأهم هنا أن نفهم على من أُطلق الرصاص في يوم المازوت الإيراني!   

إقرأوا أيضاً:

17.09.2021
زمن القراءة: 3 minutes

على من أطلق حزب الله الرصاص في يوم المازوت الإيراني؟ حزب الله الذي انتصر في سوريا وفي لبنان وفي العراق وفي اليمن، أما آن له أن يستقر ويهدأ؟

 عراضة المازوت الإيراني في لبنان كانت أهم من حدث وصول المازوت نفسه، ذاك أنها كانت فرصة وجدانية لجماعة مذهبية مسلحة استعاضت فيها عن كدر يجب على اللبنانيين التأمل والبحث فيه، فهو صاحب علاقتهم بهذه الجماعة طوال العقدين الفائتين، وهو في حال تصاعدية وعلى تخوم الانفجار. والأرجح أن تناول ظاهرة المازوت الإيراني من هذه الزاوية أكثر نجاعة من البحث فيها بوصفها قرينة على تصدر حزب الله ومجتمعه الدولة اللبنانية وطغيانه على أجهزتها السياسية والأمنية والإدارية، فهذا صار من باب التحصيل الحاصل ولا يحتاج قرينة لإثباته. ثم أن الاعتراف للحزب بانتصاره لا يبدو أنه يكفي لدرء الحنق.

ما الذي يدفع جماعة منتصرة ومتصدرة إلى تحين الفرص كل يوم لكي تشهر انتصاراتها. المازوت الإيراني بدل أن يكون “هدية” للبنانيين تحول مادة لمواجهتهم! أيُ حاجة يلبيها كل هذا الرصاص الذي رافق الصهاريج التي نقلت المازوت من سوريا إلى لبنان؟ ضد من تم استيراد المازوت طالما أن الحزب يتصدر الدولة والمجتمع وبحوزته كل شيئ؟ الأكيد أن المازوت استقدم بوصفه مادة تنافسية، والخطوة جزء من مواجهة أهلية. لكن علينا أن نبحث عن الخصم في هذه المواجهة. الرصاص الكثير الذي جرى بذله بهذه المناسبة أطلق رمزياً على عدو وعلى خصم أهلي.

الانقسام الشيعي السني لم يعد جواباً صحيحاً على هذا السؤال، ذاك أن هزيمة كاملة أصابت الجماعة السنية بحيث لم تعد الأخيرة موضوع استنفار مذهبي يفسر كل هذا الحنق الذي رافق الصهاريج. أما المسيحيون، فالرصاص في هذه الحالة قد يصيب بين ما يصيب حلفاء الحزب المسيحيين، اذ أن سؤال الالتحاق بالحزب وبنموذجه ملح في بيئة المسيحيين، والأكيد أن الرصاص لا يستهدف النيل من عزيمتهم.

علينا إذا أن نذهب إلى مناطق شعورية أخرى لفهم الوجدان الجماعي الذي أطلق الرصاص، والذي استقدم المازوت. على من أطلق حزب الله الرصاص في يوم المازوت الإيراني؟ حزب الله الذي انتصر في سوريا وفي لبنان وفي العراق وفي اليمن، أما آن له أن يستقر ويهدأ؟

ثمة عدم اطمئنان جوهري وراء هذه الأفعال، وأمام هذه الحقيقة على المرء أن يستعيد مسألة أقلوية الحزب والطائفة بوصفها محركاً أساسياً لعدم  اطمئنان هذه الجماعة الأهلية. مواصلة التصدر تقتضي مواصلة المواجهة، وهنا تحضر حقيقة اختراع العدو لكي يلبي هذه الحاجة. 

وأقلوية الحزب تتوسع في لحظات لبنانية كثيرة، ولا يد لـ”الأكثريات” فيها. ففي لبنان ثمة خصومة ضمنية لكنها فعلية بين أنماط الحياة والإنتاج والعمل وبين حزب الله. من نماذج هذه الخصومة انخراط اللبنانيين بأنظمة عيش لا تمت للحزب ولثقافته ولنموذجه بصلة. الشيعة اللبنانيون منخرطون في هذه المواجهة الضمنية ضد الحزب. هذا الأمر يمكن رصده في التفاوتات الواضحة في أنماط العيش بين الشيعة والشيعة، ناهيك عن التفاوتات بين نموذج العيش اللبناني والنماذج التي استقدمها الحزب. هذه التفاوتات بطن ولادة لعدم الاطمئنان المتبادل. وهي قد تقف أيضاً خلف الرصاص الكثير الذي أطلقه المحتفلون بالمازوت الإيراني. أن تعجز السلطة عن بث نموذجها وعن تعميمه على رغم سيطرتها على الدولة، فهذا خلل مولد لتوترها وعدم اطمئنانها.

 عراضة المازوت حمالة أوجه طالما أننا حيال نفس جماعية غير مطمئنة، لكن المازوت نفسه حمال أوجه أيضاً، على رغم أنه مادة من المفترض أن تكون قد فُسرت، ذاك أن ثمة باخرة حملته من مرفأ إلى مرفأ، وصهاريج نقلته من بلد إلى بلد! لكن على رغم كل ذلك لا نعرف شيئاً عن كميته وعن وجهته وعن أسعاره، وعما إذا كان للدولة المستوردة دور في كل هذه الظاهرة وهل مر المازوت عبر معابرها وخضع لشروطها الفنية والإدارية! 

لكن مرة أخرى لا يبدو أن هذا تفصيلاً مهماً طالما أنه لم يعد مجدياً السؤال عما إذا كنا نعيش في دولة ونخضع لقوانينها. الأهم هنا أن نفهم على من أُطلق الرصاص في يوم المازوت الإيراني!   

إقرأوا أيضاً: