fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

لبنان في متاهة السلاح

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

   راهناً، نحن أمام وقائع تشبه ذلك الزمن الغابر. وقائع لا يزال “الأميركي” أحد ثوابتها، وقد انقضى زمنها السوري لمصلحة النظام الإيراني. ماضياً وحاضراً كان لكلّ سلاح لبناني خارج الدولة  “وليّ أمر” يستطيع إذا ما أغراه الثمن أن يردّه إلى بيت الطاعة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أمس، كان يوم الجمعة الواقع فيه الثامن عشر من نيسان/ أبريل ٢٠٢٥، فيما الشيخ نعيم قاسم يُلقي خطاباً يعتقد فيه ربما، أنه يوم الجمعة الواقع فيه ٦ تشرين الأول/ أكتوبر من العام٢٠٢٣، أي قبل الحرب الأخيرة بين حزبه وبين إسرائيل.

   إلى مسمع رئيس الجمهورية جوزيف عون، وصل كلام الأمين العام لـ “حزب الله”، قبله أيضاً كان عون قد سمع كلام مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا.

  خطاب قاسم، وحديث صفا، مُفضيان لا شكّ إلى صعوبة فكرة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، التي أقسم عليها رئيس الجمهورية، وراح يكثّفها تواتراً في مواقفه، علماً أنه حصر به الحوار مع الحزب حول سلاحه، مع أن موضوعاً بهذه الأهمّية يُفترض أن يُناقش في مجلس الوزراء.

   وعون، وفي إناطته بحث موضوع سلاح الحزب بشخصه، بدا متفائلاً بمآله، وزاد أن ضرب مواعيد زمنية لإنجاز استحقاق، وعدا أنه مطلب لبناني غالب، هو أيضاً مطلب عربي ودولي، تقف عنده وترتبط بإنجازه، مواضيع عدّة، لعلّ أهمّها إعمار ما هدّمته إسرائيل في حربها الأخيرة.

   في الشكل، يُفترض أن يُبدد خطاب قاسم، وحديث صفا، الكثير من تفاؤل رئيس الجمهورية، لا سيّما وأنهما تأتّيا من كلام يُوحي باستعصاء الأمر، سبقه  كلام أكثر حدّة باستحضار إحدى أكثر الموروثات الخطابية حدّة للأمين العام السابق السيّد حسن نصرالله عن قطع الأيدي التي ستمتدّ إلى سلاح الحزب.

  والمرء يلاحظ خطّاً تصاعدياً، ومتوتّراً، عند مسؤولي “حزب الله” وعقدة سلاحه، وهو بلغ ذروته أمس، وبدا ارتفاع منسوب التوتّر مرتبط على الأرجح باقتراب مباشرة تفكيك العقدة، في حين أن شواهد ما سبقها تُفضي إلى حدّة أقلّ، وربما ليونة، في مقاربة الحزب لمعضلة سلاحه، وهو أمر يطرح سؤالأً جوهرياً عن توقيت  المسار التصاعدي لكلام مسؤولي الحزب حيال حصرية السلاح، وهو ما تبدّى منذ وقف الحرب الأخيرة، وانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل الحكومة الحالية، أنه صار من ثوابت الموقف اللبناني الرسمي، والمتقاطع طوعاً أو قسراً مع الموقفين العربي والدولي.

  لماذا تصاعد إذاً خطاب مسؤولي الحزب، وآخرهم أمينه العام؟

   السؤال على الأرجح يُحيلنا إلى خارج الحدود. هناك في مسقط، عاصمة عُمان، صار معروفاً أن إيران تخوض دبلوماسيتها ربما آخر مشقّات التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، ومع إدارة رئيس يعرف النظام في إيران عواقب إفشالها بافتراض أن الأمر يتوقّف على ما يريده دونالد ترامب من المفاوضات، ويتوجّب على الإيرانيين أن يقبلوا بها، وإسرائيل طبعاً أحد “شياطين” تفاصيلها.

  يندرج والحال تصعيد “حزب الله” في مسألة سلاحه ضمن مسارين، داخلي وخارجي. لبنانياً يعرف الحزب أن سلاحه هو أول استعصاءات الخروج من أثار الحرب الأخيرة. والحديث هنا عن إعمار تشي كلّ وقائعه المؤجلة أنه فوق قدرة لبنان، وفوق قدرة الحزب، وفوق قدرة إيران، فيما فكّ الاستعصاء المذكور يقتضي بعد الخروج من الحرب، خروج الحزب على فكرة السلاح. أكثر من ذلك، نحن أمام حزب يُكابد مسارين شبه عدميين، ومتأتّيين من مفاعيل السلاح. الأول أن الحزب غير قادر على استئناف الحرب، وقد عاين كلفتها عليه، والسبب الآخر أن مشهدية الركام الراهنة ستكون ثقلاً لا يملك ترف تسييلها في بعد زمني مديد. الأكثر مكابدة على الحزب أن فكرة الحرب، بافتراض قدرته عليها، هي تكثيف للكلفتين.

   تزامن الحديث عن حصرية السلاح بيد الدولة، مع مفاوضات مسقط، يبقى راهناً أكثر قابلية لفهم تصعيد “حزب الله” خطابه. وهو تزامن يعرف رئيس الجمهورية، وقد تنكّب مشقّة الحوار فيه مع الحزب، أن قرار الأخير من مسألة سلاحه، وكيفية مقاربته لبنانياً، هو بيد إيران، وأن الرهان على تفكيك معضلته سيندرج كأحد مسارات التفاوض التي تعتبرها إيران من مصادر قوّتها المفترضة.

   في العام ١٩٩٠، كان لبنان بحاجة إلى اتفاق الطائف ليخرج من الحرب، وكان نظام حافظ الأسد وحده القادر على “تجريد” الميليشيات الحليفة له من سلاحها، وقد فعلها بموافقة أميركية، وبثمن كان ثقيلاً على لبنان.

   راهناً، نحن أمام وقائع تشبه ذلك الزمن الغابر. وقائع لا يزال “الأميركي” أحد ثوابتها، وقد انقضى زمنها السوري لمصلحة النظام الإيراني. ماضياً وحاضراً كان لكلّ سلاح لبناني خارج الدولة  “وليّ أمر” يستطيع إذا ما أغراه الثمن أن يردّه إلى بيت الطاعة.

رنا الصبّاغ- كاتبة وصحافية أردنية | 23.05.2025

الرقص على أوجاع الغزّيين !…عندما تعطّل واشنطن وتل أبيب ديناميات الأمم المتّحدة 

أثناء كتابة هذا المقال، بدأت كوادر في الشركات الجديدة ومتعهّدون أمنيون ومرتزقة، بالوصول مع معدّاتهم إلى إسرائيل، استعداداً لدخول غزّة، وتطبيق الخطّة الإشكالية البديلة عن المسار الأممي.
19.04.2025
زمن القراءة: 3 minutes

   راهناً، نحن أمام وقائع تشبه ذلك الزمن الغابر. وقائع لا يزال “الأميركي” أحد ثوابتها، وقد انقضى زمنها السوري لمصلحة النظام الإيراني. ماضياً وحاضراً كان لكلّ سلاح لبناني خارج الدولة  “وليّ أمر” يستطيع إذا ما أغراه الثمن أن يردّه إلى بيت الطاعة.

أمس، كان يوم الجمعة الواقع فيه الثامن عشر من نيسان/ أبريل ٢٠٢٥، فيما الشيخ نعيم قاسم يُلقي خطاباً يعتقد فيه ربما، أنه يوم الجمعة الواقع فيه ٦ تشرين الأول/ أكتوبر من العام٢٠٢٣، أي قبل الحرب الأخيرة بين حزبه وبين إسرائيل.

   إلى مسمع رئيس الجمهورية جوزيف عون، وصل كلام الأمين العام لـ “حزب الله”، قبله أيضاً كان عون قد سمع كلام مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا.

  خطاب قاسم، وحديث صفا، مُفضيان لا شكّ إلى صعوبة فكرة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، التي أقسم عليها رئيس الجمهورية، وراح يكثّفها تواتراً في مواقفه، علماً أنه حصر به الحوار مع الحزب حول سلاحه، مع أن موضوعاً بهذه الأهمّية يُفترض أن يُناقش في مجلس الوزراء.

   وعون، وفي إناطته بحث موضوع سلاح الحزب بشخصه، بدا متفائلاً بمآله، وزاد أن ضرب مواعيد زمنية لإنجاز استحقاق، وعدا أنه مطلب لبناني غالب، هو أيضاً مطلب عربي ودولي، تقف عنده وترتبط بإنجازه، مواضيع عدّة، لعلّ أهمّها إعمار ما هدّمته إسرائيل في حربها الأخيرة.

   في الشكل، يُفترض أن يُبدد خطاب قاسم، وحديث صفا، الكثير من تفاؤل رئيس الجمهورية، لا سيّما وأنهما تأتّيا من كلام يُوحي باستعصاء الأمر، سبقه  كلام أكثر حدّة باستحضار إحدى أكثر الموروثات الخطابية حدّة للأمين العام السابق السيّد حسن نصرالله عن قطع الأيدي التي ستمتدّ إلى سلاح الحزب.

  والمرء يلاحظ خطّاً تصاعدياً، ومتوتّراً، عند مسؤولي “حزب الله” وعقدة سلاحه، وهو بلغ ذروته أمس، وبدا ارتفاع منسوب التوتّر مرتبط على الأرجح باقتراب مباشرة تفكيك العقدة، في حين أن شواهد ما سبقها تُفضي إلى حدّة أقلّ، وربما ليونة، في مقاربة الحزب لمعضلة سلاحه، وهو أمر يطرح سؤالأً جوهرياً عن توقيت  المسار التصاعدي لكلام مسؤولي الحزب حيال حصرية السلاح، وهو ما تبدّى منذ وقف الحرب الأخيرة، وانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل الحكومة الحالية، أنه صار من ثوابت الموقف اللبناني الرسمي، والمتقاطع طوعاً أو قسراً مع الموقفين العربي والدولي.

  لماذا تصاعد إذاً خطاب مسؤولي الحزب، وآخرهم أمينه العام؟

   السؤال على الأرجح يُحيلنا إلى خارج الحدود. هناك في مسقط، عاصمة عُمان، صار معروفاً أن إيران تخوض دبلوماسيتها ربما آخر مشقّات التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، ومع إدارة رئيس يعرف النظام في إيران عواقب إفشالها بافتراض أن الأمر يتوقّف على ما يريده دونالد ترامب من المفاوضات، ويتوجّب على الإيرانيين أن يقبلوا بها، وإسرائيل طبعاً أحد “شياطين” تفاصيلها.

  يندرج والحال تصعيد “حزب الله” في مسألة سلاحه ضمن مسارين، داخلي وخارجي. لبنانياً يعرف الحزب أن سلاحه هو أول استعصاءات الخروج من أثار الحرب الأخيرة. والحديث هنا عن إعمار تشي كلّ وقائعه المؤجلة أنه فوق قدرة لبنان، وفوق قدرة الحزب، وفوق قدرة إيران، فيما فكّ الاستعصاء المذكور يقتضي بعد الخروج من الحرب، خروج الحزب على فكرة السلاح. أكثر من ذلك، نحن أمام حزب يُكابد مسارين شبه عدميين، ومتأتّيين من مفاعيل السلاح. الأول أن الحزب غير قادر على استئناف الحرب، وقد عاين كلفتها عليه، والسبب الآخر أن مشهدية الركام الراهنة ستكون ثقلاً لا يملك ترف تسييلها في بعد زمني مديد. الأكثر مكابدة على الحزب أن فكرة الحرب، بافتراض قدرته عليها، هي تكثيف للكلفتين.

   تزامن الحديث عن حصرية السلاح بيد الدولة، مع مفاوضات مسقط، يبقى راهناً أكثر قابلية لفهم تصعيد “حزب الله” خطابه. وهو تزامن يعرف رئيس الجمهورية، وقد تنكّب مشقّة الحوار فيه مع الحزب، أن قرار الأخير من مسألة سلاحه، وكيفية مقاربته لبنانياً، هو بيد إيران، وأن الرهان على تفكيك معضلته سيندرج كأحد مسارات التفاوض التي تعتبرها إيران من مصادر قوّتها المفترضة.

   في العام ١٩٩٠، كان لبنان بحاجة إلى اتفاق الطائف ليخرج من الحرب، وكان نظام حافظ الأسد وحده القادر على “تجريد” الميليشيات الحليفة له من سلاحها، وقد فعلها بموافقة أميركية، وبثمن كان ثقيلاً على لبنان.

   راهناً، نحن أمام وقائع تشبه ذلك الزمن الغابر. وقائع لا يزال “الأميركي” أحد ثوابتها، وقد انقضى زمنها السوري لمصلحة النظام الإيراني. ماضياً وحاضراً كان لكلّ سلاح لبناني خارج الدولة  “وليّ أمر” يستطيع إذا ما أغراه الثمن أن يردّه إلى بيت الطاعة.

19.04.2025
زمن القراءة: 3 minutes
آخر القصص
وثائق إيلي كوهين تعود إلى تل أبيب: حفظ الحقيقة أم تكريس للسلطة الاستعمارية؟
جيفري كرم - أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية | 23.05.2025
شهر على جيرة البحيرة
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 23.05.2025

اشترك بنشرتنا البريدية