fbpx

لقد دفع حياته ثمناً… فليرقد بسلام

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل ينبغي على الصحافيين والأكاديميين والخارجين عن الحكومات والسلطات والمعارضين الخوف على حياتهم؟ لطالما استهدفت الحكومات هذه المجموعات، ولكن من الواضح الآن أنها لحظة خطيرة، بخاصة بالنسبة إلى الصحافيين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وصلتني الرسالة التالية من شخصية سعودية طلبت عدم ذكر اسمها، فهي تعرضت للاستهداف بسبب نشاط حقوقي ومن ثم باتت خارج البلاد:

“ما إن أزال محمد بن سلمان هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن الساحة السعودية، إلى جانب الأصوات المتشددة تباعاً حتى منحه كثر لقب المجدد الإصلاحي السعودي، وزاد من هذه الصورة العالمية سماحه للمرأة بقيادة السيارة وفتح أبواب السينما وإقامة الحفلات الغنائية والمؤتمرات المختلطة.

أمور قد تبدو شكلية وترفيهية لبعض السعوديين لكنها جوهرية واصلاحية للغرب، والحقيقة أن إبعاد الأسماء الدينية من المشهد جاء منقوصاً بتمكين آخرين، تقبلوا فكرة تغيير فتواهم تجنباً للاعتقال والسجن. أما قيادة المرأة للسيارة فقد استنزفت جيوب السيدات، إذ يتطلب الحصول على رخصة قيادة لامرأة لأول مرة نحو 800 دولار، مقابل 133 دولاراً تقريباً لرخصة قيادة لرجل للمرة الأولى، وهو مبلغ مقارب لاستبدال النساء رخص قيادة حصلن عليها من دول أخرى!

في الوقت ذاته اعتقل مئات الناشطين والناشطات، يتعرض بعضهم لأشكال مختلفة من التعذيب النفسي والجسدي فضلاً عن منع المئات من السفر، وعلى رغم أن هناك أسماء أشيع عن قتلها إثر التعذيب، ولعل من أبرزها مدير مكتب الأمير تركي بن عبدالله، اللواء علي عبدالله القحطاني، إلا أن غالبية المتابعين للشأن السعودي حول العالم ظلوا منشغلين بإنجازات محمد بن سلمان التي تروقهم وكأن دماء النشطاء من ورق!

اليوم وأنا أتابع حالة اغتيال أحد أعلام الإعلام السعودي جمال خاشقجي لا يسعني سوى أن أقول لعلّ اختفاءك يا جمال يكون مفتاحاً لأبواب معتقلات أصدقائك وللكلمة الحرة التي دافعت عنها… لروحك السلام أينما كنت حياً أو ميتاً”.

تلقيتُ الرسالة المكتوبة أعلاه قبل أيام، من شخصية أعرفها وأحترم رغبتها بعدم الإفصاح عن اسمها. بدا لي الأمر مفهوماً في ظل ما نعيشه، فالصورة باتت شبه مكتملة لجهة حقيقة ما حدث للصحافي السعودي جمال خاشقجي، وأي خوف خلّفه مصيره المروّع في نفوس شريحة واسعة من الصحافيين والكتاب والعاملين في الشأن العام.

كان صعود خاشقجي إلى الصدارة بصفته يحمل رأياً ومنهجاً غير منسجم مع الرؤية الرسمية السعودية حدثاً غير مسبوق، لجهة إشهار معارضة سياسية معلنة في قلب أكبر الصحف الأميركية وهي الـ”واشنطن بوست”، والظهور الدائم في منتديات ومحافل غربية تتم خلالها مناقشة وانتقاد سياسات الرياض، خصوصاً لجهة سجن معارضين سياسيين وناشطين وحقوقيين.

في ظل حكم ولي العهد الحالي محمد بن سلمان هرب سعوديون بنسبٍ هي الأعلى من أي وقت في الذاكرة الحديثة من المملكة وتحديداً إلى دول غربية.

بدأ هذا الاتجاه مع وصول بن سلمان عام 2015. ووفقاً لبيانات من وزارة الأمن الداخلي الأميركية، فقد مُنح 47 سعودياً اللجوء عام 2016. لم تشهد أي دولة خليجية مثل هذه الزيادة في عدد طالبي اللجوء. ويبدو أن الأرقام، ولو كانت صغيرة إذا ما قورنت بأعداد بلدان أخرى في المنطقة، ليست سوى مؤشر بسيط على اتجاه أوسع. لكن طلب اللجوء وحده لا يختصر هروب المعارضين فمنهم من يعيش في منفى اختياري من دون طلب اللجوء رسمياً، كما فعل خاشقجي.

صحيح أن العالم ضجّ بقضية قتل خاشقجي وأن الضغط الإعلامي الدولي الكبير، والدور التركي دفع بالرياض بعد أسبوعين من اختفاء خاشقجي في قنصليتها في اسطنبول، إلى إعلان تشكيل لجنة تحقيق داخلي وتم الترويج لسيناريو أن قتل خاشقجي كان “خطأ”، لكن القضية ستفضي على الأرجح إلى تغييرات أكبر.

الهدف الأساس من هذه الجريمة أصاب كثيرين، وهو نشر الخوف من التعبير عن الرأي والاعتراض…

تماماً هذا ما أصاب الشخصية التي أرسلت رسالتها إليّ، وهي شخصية باتت خارج السعودية لكن الشعور بالخوف من إجهار رأي لا ينسجم مع الروايات الرسمية بات طاغياً…

فنحن نعيش في عصر باتت فيه الممارسات الوحشية على مرأى ومسمع من العالم الذي بات ينقسم حيال الضحايا، فلا ردّ سوى العجز والصمت واللامبالاة. فعالم اليوم هو عالم لا أمن فيه ولا حق ولا حرية للضعفاء سواء كانوا جماعات أم أفراد.

هل ينبغي على الصحافيين والأكاديميين والخارجين عن الحكومات والسلطات والمعارضين الخوف على حياتهم؟

لطالما استهدفت الحكومات هذه المجموعات، ولكن من الواضح الآن أنها لحظة خطيرة، بخاصة بالنسبة إلى الصحافيين.

لقد دأب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قتل الأشخاص الذين يخالفون سياساته وينتقدون ممارساته في شوارع روسيا وفي دول أخرى من العالم.

كما قامت تركيا، وهي البلد الأبرز في العالم لجهة أعداد الصحافيين السجناء لديها، باختطاف أتباع رجل الدين المنفي فتح الله غولن في آسيا وأوروبا. تشتهر مصر بسوء سمعتها لجهة ما يرتكب في سجونها ولجهة اعتقال المراسلين وأصحاب الرأي، وتحتجز عدداً لا يحصى من معارضي النظام، وهي مسؤولة عن مقتل جوليو ريجيني وهو طالب دراسات عليا إيطالي. في بلاد مثل سوريا وايران تبدو هذه الممارسة جزءاً من طبيعة الأشياء، وقتل المعارضين هناك لم يعد خبراً بل صار “رتيباً” من مشهد الموت اليومي.

الآن هناك جهات قيادية سعودية مسؤولة مباشرة عن قتل خاشقجي. صحيح أن هناك ضغطاً إعلامياً دولياً كبيراً، لكن من المرجح أن يفلت المرتكبون من العقاب.

لم يكن مفاجئاً في ظل ما يحصل في سوريا واليمن وتركيا ومصر أن يقتل خاشقجي وغير مفاجئ أيضاً أن نشهد ربما على صفقة، فنحن نعيش في عصر باتت فيه الممارسات الوحشية على مرأى ومسمع من العالم الذي بات ينقسم حيال الضحايا، فلا ردّ سوى العجز والصمت واللامبالاة. فعالم اليوم هو عالم لا أمن فيه ولا حق ولا حرية للضعفاء سواء كانوا جماعات أم أفراد.

بِتنا نُدرك الآن الثمن الذي دفعه جمال خاشقجي ليقول كلمته ويمضي كما كتب على صفحته…

لقد دفع حياته ثمناً، فليرقد بسلام.

 

إقرأ أيضاً:

الشهرة والجمال طريق عراقيات إلى الموت

أنا متأهبة للمعركة .. دائماً

 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.