fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

لماذا التقى رئيس الوزراء المصري برجال أعمال حقبة مبارك؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ماذا قدم رجال أعمال من عهد مبارك في اجتماعهم مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي ؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد غياب سنوات عن شاشات التلفزيون المصري الرسمي، عاد رجال أعمال حقبة حسني مبارك الى الأضواء مرة أخرى، جالسين بكل أريحية في قاعة الاجتماعات بمجلس الوزراء، في لقاء بُثّ على الهواء مباشرة.

فمنذ أيام، التقى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي ورجال أعمال مصريين، منهم من ارتبطت أسماؤهم بنظام الرئيس الراحل مبارك، كما بقضايا فساد وقتل ومحاكمات وسجن وأموال واحتكار، مثل أحمد عز، إمبراطور احتكار صناعة الحديد في مصر لعشرات السنوات، وهشام طلعت مصطفى المدان سابقاً في قضية قتل. لماذا التقاهم مدبولي في مقر مجلس الوزراء؟ للتشاور في الأحوال الاقتصادية والاستماع إليهم للخروج من أزمة تعاني منها مصر منذ سنوات، وقد تطرقوا إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي ومستوى الفائدة، بينما انفعل طلعت مصطفى قائلاً إن رجال الأعمال يدفعون فاتورة/حساب ليست فاتورتهم.

ماذا قدموا لمدبولي؟ مقترحات رُددت سابقاً من خبراء اقتصاديين ورجال أعمال وربما من المواطنين العاديين في الشارع، ولم تكن تلتفت إليها الحكومة لسنوات، أما الآن فقد سمعت وكأنها تسمع للمرة الأولى.

وكأن الحكومة تعرف للمرة الأولى

أحمد عز رئيس مجموعة حديد عز، تحدث عن تراجع معدل النمو في قطاع البناء والأنشطة العقارية، على رغم أن معدلات النمو  في هذا القطاع لطالما كانت تضاهي أكبر القطاعات التي تحقق نمواً يعادل ضعفاً وأكثر من معدلات النمو في الناتج المحلي.

وتذكر عز سنوات ما قبل الثورة حين قارن بين استهلاك الحديد قبل 2011 والآن، قائلاً: “المؤشر الأهم فى قطاع التشييد والبناء هو استهلاك الحديد والأسمنت. في عام 2010، كان استهلاك الحديد فى مصر 9.9 مليون طن، وفي السنوات الثلاث الأخيرة انخفض إلى 6.5 و6.4 و6.2 مليون طن”.

 وأشار إلى أن السبب هو منع 70 في المئة من السكان من البناء، فسابقاً كانت الدولة تصدر 60 ألف رخصة بناء سنوياً، كما أن الحكومة بحاجة الى أن تُعيد التوظيف مرة أخرى، لأن القطاع الخاص يحتاج ذلك، “فالشركات التي أنا مسؤول عنها تواجه حالياً مشكل عقبات متشعّبة دولية تتطلب إمكانات مختلفة لدى الجهاز الإداري بالدولة”.

أما هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، فقد قدم حلاً لزيادة معدلات العوائد الدولارية للدولة، بالاستعانة بنماذج ناجحة من القطاع الخاص لوضع خطط واضحة لزيادة عوائد العملة الصعبة، واقترح تشكيل مجموعات متخصصة للعمل جنباً الى جنب مع مجلس الوزراء في كل قطاع على حدة.

وأشار طلعت مصطفى الى مشكلة ارتفاع سعر الفائدة، وبدا وكأن رئيس الوزراء يسمع عنها للمرة الأولى، إذ قال مصطفى “إن سعر الفائدة على الاقتراض وصل الى 32 في المئة، وبالتالي لا يوجد رجل أعمال سيذهب الى البنوك للاقتراض بهذه النسبة ليستثمر ويُصنع الهياكل التمويلية للشركات”، كما أنه انفعل قائلاً: ” هل نحن كقطاع خاص سبب لارتفاع التضخم؟ إحنا/نحن ندفع فاتورة/حساب ليس فاتورتنا”.

أما محمد الأتربي، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي، فقد قال:”المستثمر الأجنبي لن يأتي لمصر إلا لو الدولة راعت المستثمر المصري المحلي وخلقت له أجواء مريحة للعمل”، وأضاف “أن نحو 2360 شركة مصرية تأسست في دبي في النصف الأول من العام الماضي، وهنا نطرح السؤال: هل الحكومة لم تكن تعرف هذا؟


هل يجهل السيد رئيس الوزراء أن لدينا مشكلة في سعر الفائدة وأن الأجواء غير مشجعة للاستثمار؟ وأن هناك مستثمرين تركوا مصر وذهبوا بشركاتهم للإمارات؟ وأن 6 آلاف شركة مصرية أُنشئت في السعودية في الفترة الأخيرة؟ ألم يدرك معنى هذا النزوح بالاستثمارات المصرية الى خارج مصر؟ واأه مؤشر الى الأجواء السلبية في مصر الطاردة للشركات والأعمال؟ هل كان ينتظر لقاء رجال الأعمال والبنوك والخبراء ليخبروه بما يعرفه منذ 2018 حين تولى رئاسة الوزراء؟”.

أن تستمع متأخراً… هل يكون أفضل؟

ما أثار الدهشة والمرارة  في آن هو اعتراف مصطفى مدبولي خلال اللقاء بأن مصر يدخلها 15 مليون سائح في العام،  وبالتالي من المفترض أن يبلغ مدخول السياحة 15 مليار دولار في العام، لكنه صرح بأن جزءاً كبيراً من أموال السياحة يُحوّل الى البنوك في لخارج حسب ما قاله له محافظ البنك المركزي المصري.

رجل الأعمال حسن هيكل، انتقد خلال اللقاء زيادة معدلات الدين المحلي والأجنبي، وتحمّل الموازنة العامة للدولة فائدة أكبر، قائلاً إنها تزيد عن 140 مليار دولار وربما تصل الى 200-250 ملياراً، الأمر الذي نفاه مدبولي قائلاً إنها كانت 158 مليار ثم تراجعت الى 140 ملياراً.

وأضاف: “الدين العام المحلي على الموازنة بلغ 10 تريليونات جنيه، عند إضافة معدل فائدة 30 في المئة تصبح فوائد الدين 3 تريليونات جنيه. فى رأيي، لا توجد موارد للدولة المصرية تستطيع إقناع رجل عمل بأنه سيكون هناك توازن على المدى المرئي المقبل”.

وقدّم هيكل مقترحات عدة خلال الاجتماع، من بينها نقل أصول الدولة إلى البنك المركزي المصري، وتصفير المديونيات بالجنيه، وإنشاء صندوق سيادي تابع للبنك المركزي يضم شركات وعقارات وأراضي جميع الجهات الحكومية والسيادية.

أما ياسين منصور، رئيس مجلس إدارة شركة بالم هيلز، فقدم مقترحاً لزيادة أعداد السائحين، بخاصة إذا استُكمل تطوير الساحل الشمالي، ما يزيد من العوائد الدولارية للدولة.
وبعد حديثه عن صعوبة العام المنقضي 2024، قال مدبولي أن هناك برنامج جديد لدعم الصادرات، كما أن الحكومة ستكون قادرة في العام الجديد على تلبيه الاحتياج المحلي من الغاز، وقال أن المطارات المصرية سيتم طرحها للإدارة والتشغيل بالشراكة مع القطاع الخاص.

وأبدى مدبولي خلال الاجتماع موافقته على المقترح الذي قدمه رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، بشأن تشكيل مجموعات متخصصة للعمل جنباً إلى جنب مع مجلس الوزراء في كل قطاع على حدة. أما رئيس الوزراء فأيد هذا المقترح قائلاً إنه يمكن البدء بأهم قطاع حالياً ألا وهو قطاع السياحة، نظراً الى كونه القطاع الأسرع من حيث العائد من العملة الصعبة في وقت قصير جداً، كما سيتم التحرك بالوتيرة نفسها أيضاً مع باقي القطاعات من خلال مجموعات متخصصة للعمل في هذا الشأن.

وكأن ثورة لم تقم

من ناحية أخرى، جدّد ظهور كل من عز وطلعت مصطفى، واستعانة الحكومة بهما، أو التشاور معهما، ذكريات كثيرة مرتبطة بفساد عهد مبارك، وبالحزن وقت إعلان الإفراج عنهما، الأول بعد التصالح ودفع مبلغ من المال، والآخر بعد الإفراج عنه بعد سنوات بعفو رئاسي.

أحمد عز هو رجل أعمال وسياسي مصري، كان يشغل منصب أمين التنظيم وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي قبل أن يستقيل في 29 كانون الثاني/ يناير 2011 أثناء اندلاع ثورة 25 يناير. وهو رئيس مجموعة شركات عز الصناعية وتعتبر شركاته أكبر منتج للحديد في الوطن العربي وفق آخر تقرير للاتحاد العربي للصلب.


وبعد استقالته، صدر أمر النائب العام في مصر  في 3 شباط/ فبراير 2011، بمنعه من السفر خارج البلاد وتجميد أرصدته ضمن قائمة طويلة تضم بعض الوزراء في الحكومة المقالة. وفي يوم من الشهر ذاته، أصدر النائب العام عبد المجيد محمود قراراً باعتقاله وعدد من الوزراء السابقين.

وقضت محكمة جنايات القاهرة في أيلول/ سبتمبر 2011، بمعاقبة كل من أحمد عز وعمرو عسل، رئيس هيئة التنمية الصناعية، بالسجن المشدد 10 سنوات حضورياً، مع تغريمهما متضامين مبلغ 660 مليون جنيه.

في 6 آذار/ مارس 2013، قضت محكمة جنايات الجيزة بدار القضاء العالي، بالسجن 37 عاماً على عز، في قضية الاستيلاء على أسهم شركة الدخيلة لتصنيع الحديد، والمتهم فيها أيضاً كلاً من إبراهيم محمدين وزير الصناعة الأسبق، و5 من مسؤولي شركة الدخيلة للحديد والصلب، لاتهامهم بالتربح والإضرار العمدي الجسيم بالمال العام، بما قيمته أكثر من 5 مليارات جنيه. خرج أحمد عز يوم 7 آب/ أغسطس 2014 بكفالة مالية قدرها 250 مليون جنية عن القضايا الثلاث التي اتهم بها، وفي الشهر ذاته من عام 2018 تم التصالح وإزالة اسمه من قوائم المنع من السفر. 

“فإن الذكرى تنفع المؤمنين”

أما هشام طلعت مصطفى فهو أحد رجال الحزب الوطني الديمقراطي، تدرج سريعاً حتى أصبح عضواً في المجلس الأعلى للسياسات، وترأس لجنة الإسكان بمجلس الشوري، حيث كان عضواً بالتزكية عن دائرة المنتزه والرمل وسيدي جابر. كذلك، أطلق مشروع “مدينتي” في شرق القاهرة كأكبر مشروع عقاري يطوره القطاع الخاص في العالم، كما أنه ساهم بصفة خاصة في قطاع السياحة والفندقة حيث استقدم مشروع فنادق “فورسيزنز” إلى السوق المصرية.

في كانون الثاني/ يناير 2011، لم يكن طلعت مصطفى في مكتبه بمبنى الحزب الوطني الذي يطل على كورنيش النيل، ولا في مقر شركته القابضة، بل كان نزيلاً في سجن طرة، بعد إدانته بقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم. وأحالت محكمة جنايات القاهرة في حزيران/ يونيو 2009 أوراق المتهمين طلعت مصطفى ورجل الأمن وضابط الشرطة السابق محسن السكري، الى المفتي لأخذ رأيه الشرعي بإعدامهما بعد إدانتهما بقتل تميم، طبقاً لما يقضي به القانون المصري، وبالفعل تم الحكم بالإعدام في هذا التاريخ.

وفي أيلول/ سبتمبر 2010 وخلال نظر القضية للنقض، قضت محكمة جنايات جنوب القاهرة، بسجن طلعت مصطفى 15 عاماً وضابط أمن الدولة السابق محسن السكرى 25 عاماً عن تهمة القتل، بالإضافة إلى 3 سنوات للسكري، عن تهمة حيازة سلاح بدون ترخيص، مع مصادرة الأموال والسلاح.وفي 23 حزيران/ يونيو عام 2017، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي مرسوماً رئاسياً بالإفراج عن 502 معتقل في السجون المصرية كمكرمة لمناسبة عيد الفطر المبارك، وكان طلعت مصطفى أحدهم.

بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 01.02.2025

في اليوم العالمي للحجاب: مانيفستو لحجاب اختياري

الحجاب مجرد عادة، تحوّلت بحكم العُرف إلى مظهر ديني، ليس أكثر، فمفسرو القرآن الأوائل الذين استسهلوا النقل وغلّبوه على العقل، لمحدودية معارفهم وضعف قدراتهم التحليلية آنذاك، فسروا "آيات الحجاب" بمعزل عن سياقها التاريخي وأسباب نزولها…
11.01.2025
زمن القراءة: 6 minutes

ماذا قدم رجال أعمال من عهد مبارك في اجتماعهم مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي ؟

بعد غياب سنوات عن شاشات التلفزيون المصري الرسمي، عاد رجال أعمال حقبة حسني مبارك الى الأضواء مرة أخرى، جالسين بكل أريحية في قاعة الاجتماعات بمجلس الوزراء، في لقاء بُثّ على الهواء مباشرة.

فمنذ أيام، التقى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي ورجال أعمال مصريين، منهم من ارتبطت أسماؤهم بنظام الرئيس الراحل مبارك، كما بقضايا فساد وقتل ومحاكمات وسجن وأموال واحتكار، مثل أحمد عز، إمبراطور احتكار صناعة الحديد في مصر لعشرات السنوات، وهشام طلعت مصطفى المدان سابقاً في قضية قتل. لماذا التقاهم مدبولي في مقر مجلس الوزراء؟ للتشاور في الأحوال الاقتصادية والاستماع إليهم للخروج من أزمة تعاني منها مصر منذ سنوات، وقد تطرقوا إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي ومستوى الفائدة، بينما انفعل طلعت مصطفى قائلاً إن رجال الأعمال يدفعون فاتورة/حساب ليست فاتورتهم.

ماذا قدموا لمدبولي؟ مقترحات رُددت سابقاً من خبراء اقتصاديين ورجال أعمال وربما من المواطنين العاديين في الشارع، ولم تكن تلتفت إليها الحكومة لسنوات، أما الآن فقد سمعت وكأنها تسمع للمرة الأولى.

وكأن الحكومة تعرف للمرة الأولى

أحمد عز رئيس مجموعة حديد عز، تحدث عن تراجع معدل النمو في قطاع البناء والأنشطة العقارية، على رغم أن معدلات النمو  في هذا القطاع لطالما كانت تضاهي أكبر القطاعات التي تحقق نمواً يعادل ضعفاً وأكثر من معدلات النمو في الناتج المحلي.

وتذكر عز سنوات ما قبل الثورة حين قارن بين استهلاك الحديد قبل 2011 والآن، قائلاً: “المؤشر الأهم فى قطاع التشييد والبناء هو استهلاك الحديد والأسمنت. في عام 2010، كان استهلاك الحديد فى مصر 9.9 مليون طن، وفي السنوات الثلاث الأخيرة انخفض إلى 6.5 و6.4 و6.2 مليون طن”.

 وأشار إلى أن السبب هو منع 70 في المئة من السكان من البناء، فسابقاً كانت الدولة تصدر 60 ألف رخصة بناء سنوياً، كما أن الحكومة بحاجة الى أن تُعيد التوظيف مرة أخرى، لأن القطاع الخاص يحتاج ذلك، “فالشركات التي أنا مسؤول عنها تواجه حالياً مشكل عقبات متشعّبة دولية تتطلب إمكانات مختلفة لدى الجهاز الإداري بالدولة”.

أما هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، فقد قدم حلاً لزيادة معدلات العوائد الدولارية للدولة، بالاستعانة بنماذج ناجحة من القطاع الخاص لوضع خطط واضحة لزيادة عوائد العملة الصعبة، واقترح تشكيل مجموعات متخصصة للعمل جنباً الى جنب مع مجلس الوزراء في كل قطاع على حدة.

وأشار طلعت مصطفى الى مشكلة ارتفاع سعر الفائدة، وبدا وكأن رئيس الوزراء يسمع عنها للمرة الأولى، إذ قال مصطفى “إن سعر الفائدة على الاقتراض وصل الى 32 في المئة، وبالتالي لا يوجد رجل أعمال سيذهب الى البنوك للاقتراض بهذه النسبة ليستثمر ويُصنع الهياكل التمويلية للشركات”، كما أنه انفعل قائلاً: ” هل نحن كقطاع خاص سبب لارتفاع التضخم؟ إحنا/نحن ندفع فاتورة/حساب ليس فاتورتنا”.

أما محمد الأتربي، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي، فقد قال:”المستثمر الأجنبي لن يأتي لمصر إلا لو الدولة راعت المستثمر المصري المحلي وخلقت له أجواء مريحة للعمل”، وأضاف “أن نحو 2360 شركة مصرية تأسست في دبي في النصف الأول من العام الماضي، وهنا نطرح السؤال: هل الحكومة لم تكن تعرف هذا؟


هل يجهل السيد رئيس الوزراء أن لدينا مشكلة في سعر الفائدة وأن الأجواء غير مشجعة للاستثمار؟ وأن هناك مستثمرين تركوا مصر وذهبوا بشركاتهم للإمارات؟ وأن 6 آلاف شركة مصرية أُنشئت في السعودية في الفترة الأخيرة؟ ألم يدرك معنى هذا النزوح بالاستثمارات المصرية الى خارج مصر؟ واأه مؤشر الى الأجواء السلبية في مصر الطاردة للشركات والأعمال؟ هل كان ينتظر لقاء رجال الأعمال والبنوك والخبراء ليخبروه بما يعرفه منذ 2018 حين تولى رئاسة الوزراء؟”.

أن تستمع متأخراً… هل يكون أفضل؟

ما أثار الدهشة والمرارة  في آن هو اعتراف مصطفى مدبولي خلال اللقاء بأن مصر يدخلها 15 مليون سائح في العام،  وبالتالي من المفترض أن يبلغ مدخول السياحة 15 مليار دولار في العام، لكنه صرح بأن جزءاً كبيراً من أموال السياحة يُحوّل الى البنوك في لخارج حسب ما قاله له محافظ البنك المركزي المصري.

رجل الأعمال حسن هيكل، انتقد خلال اللقاء زيادة معدلات الدين المحلي والأجنبي، وتحمّل الموازنة العامة للدولة فائدة أكبر، قائلاً إنها تزيد عن 140 مليار دولار وربما تصل الى 200-250 ملياراً، الأمر الذي نفاه مدبولي قائلاً إنها كانت 158 مليار ثم تراجعت الى 140 ملياراً.

وأضاف: “الدين العام المحلي على الموازنة بلغ 10 تريليونات جنيه، عند إضافة معدل فائدة 30 في المئة تصبح فوائد الدين 3 تريليونات جنيه. فى رأيي، لا توجد موارد للدولة المصرية تستطيع إقناع رجل عمل بأنه سيكون هناك توازن على المدى المرئي المقبل”.

وقدّم هيكل مقترحات عدة خلال الاجتماع، من بينها نقل أصول الدولة إلى البنك المركزي المصري، وتصفير المديونيات بالجنيه، وإنشاء صندوق سيادي تابع للبنك المركزي يضم شركات وعقارات وأراضي جميع الجهات الحكومية والسيادية.

أما ياسين منصور، رئيس مجلس إدارة شركة بالم هيلز، فقدم مقترحاً لزيادة أعداد السائحين، بخاصة إذا استُكمل تطوير الساحل الشمالي، ما يزيد من العوائد الدولارية للدولة.
وبعد حديثه عن صعوبة العام المنقضي 2024، قال مدبولي أن هناك برنامج جديد لدعم الصادرات، كما أن الحكومة ستكون قادرة في العام الجديد على تلبيه الاحتياج المحلي من الغاز، وقال أن المطارات المصرية سيتم طرحها للإدارة والتشغيل بالشراكة مع القطاع الخاص.

وأبدى مدبولي خلال الاجتماع موافقته على المقترح الذي قدمه رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، بشأن تشكيل مجموعات متخصصة للعمل جنباً إلى جنب مع مجلس الوزراء في كل قطاع على حدة. أما رئيس الوزراء فأيد هذا المقترح قائلاً إنه يمكن البدء بأهم قطاع حالياً ألا وهو قطاع السياحة، نظراً الى كونه القطاع الأسرع من حيث العائد من العملة الصعبة في وقت قصير جداً، كما سيتم التحرك بالوتيرة نفسها أيضاً مع باقي القطاعات من خلال مجموعات متخصصة للعمل في هذا الشأن.

وكأن ثورة لم تقم

من ناحية أخرى، جدّد ظهور كل من عز وطلعت مصطفى، واستعانة الحكومة بهما، أو التشاور معهما، ذكريات كثيرة مرتبطة بفساد عهد مبارك، وبالحزن وقت إعلان الإفراج عنهما، الأول بعد التصالح ودفع مبلغ من المال، والآخر بعد الإفراج عنه بعد سنوات بعفو رئاسي.

أحمد عز هو رجل أعمال وسياسي مصري، كان يشغل منصب أمين التنظيم وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي قبل أن يستقيل في 29 كانون الثاني/ يناير 2011 أثناء اندلاع ثورة 25 يناير. وهو رئيس مجموعة شركات عز الصناعية وتعتبر شركاته أكبر منتج للحديد في الوطن العربي وفق آخر تقرير للاتحاد العربي للصلب.


وبعد استقالته، صدر أمر النائب العام في مصر  في 3 شباط/ فبراير 2011، بمنعه من السفر خارج البلاد وتجميد أرصدته ضمن قائمة طويلة تضم بعض الوزراء في الحكومة المقالة. وفي يوم من الشهر ذاته، أصدر النائب العام عبد المجيد محمود قراراً باعتقاله وعدد من الوزراء السابقين.

وقضت محكمة جنايات القاهرة في أيلول/ سبتمبر 2011، بمعاقبة كل من أحمد عز وعمرو عسل، رئيس هيئة التنمية الصناعية، بالسجن المشدد 10 سنوات حضورياً، مع تغريمهما متضامين مبلغ 660 مليون جنيه.

في 6 آذار/ مارس 2013، قضت محكمة جنايات الجيزة بدار القضاء العالي، بالسجن 37 عاماً على عز، في قضية الاستيلاء على أسهم شركة الدخيلة لتصنيع الحديد، والمتهم فيها أيضاً كلاً من إبراهيم محمدين وزير الصناعة الأسبق، و5 من مسؤولي شركة الدخيلة للحديد والصلب، لاتهامهم بالتربح والإضرار العمدي الجسيم بالمال العام، بما قيمته أكثر من 5 مليارات جنيه. خرج أحمد عز يوم 7 آب/ أغسطس 2014 بكفالة مالية قدرها 250 مليون جنية عن القضايا الثلاث التي اتهم بها، وفي الشهر ذاته من عام 2018 تم التصالح وإزالة اسمه من قوائم المنع من السفر. 

“فإن الذكرى تنفع المؤمنين”

أما هشام طلعت مصطفى فهو أحد رجال الحزب الوطني الديمقراطي، تدرج سريعاً حتى أصبح عضواً في المجلس الأعلى للسياسات، وترأس لجنة الإسكان بمجلس الشوري، حيث كان عضواً بالتزكية عن دائرة المنتزه والرمل وسيدي جابر. كذلك، أطلق مشروع “مدينتي” في شرق القاهرة كأكبر مشروع عقاري يطوره القطاع الخاص في العالم، كما أنه ساهم بصفة خاصة في قطاع السياحة والفندقة حيث استقدم مشروع فنادق “فورسيزنز” إلى السوق المصرية.

في كانون الثاني/ يناير 2011، لم يكن طلعت مصطفى في مكتبه بمبنى الحزب الوطني الذي يطل على كورنيش النيل، ولا في مقر شركته القابضة، بل كان نزيلاً في سجن طرة، بعد إدانته بقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم. وأحالت محكمة جنايات القاهرة في حزيران/ يونيو 2009 أوراق المتهمين طلعت مصطفى ورجل الأمن وضابط الشرطة السابق محسن السكري، الى المفتي لأخذ رأيه الشرعي بإعدامهما بعد إدانتهما بقتل تميم، طبقاً لما يقضي به القانون المصري، وبالفعل تم الحكم بالإعدام في هذا التاريخ.

وفي أيلول/ سبتمبر 2010 وخلال نظر القضية للنقض، قضت محكمة جنايات جنوب القاهرة، بسجن طلعت مصطفى 15 عاماً وضابط أمن الدولة السابق محسن السكرى 25 عاماً عن تهمة القتل، بالإضافة إلى 3 سنوات للسكري، عن تهمة حيازة سلاح بدون ترخيص، مع مصادرة الأموال والسلاح.وفي 23 حزيران/ يونيو عام 2017، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي مرسوماً رئاسياً بالإفراج عن 502 معتقل في السجون المصرية كمكرمة لمناسبة عيد الفطر المبارك، وكان طلعت مصطفى أحدهم.