fbpx

لماذا لا نصدّق التغيّر المناخي؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لماذا لا يصدّق دونالد ترامب التغير المناخي ولماذا يصدّقه الكثير في العالم؟ إنه سؤال يحمل الكثير من التعقيدات الاقتصادية، السياسية، الثقافية والدينية…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

رجّح رد دونالد ترامب على تقرير أعدّه العلماء الأميركيون في 13 ولاية أميركية حول التغير المناخي، الكفّة لمصلحة “شعبويته الاقتصادية”. تحدّث التقرير عن خسارة ميليارات الدولارات في أميركا بحلول نهاية القرن بسبب الاحترار الكوني. وجاء رد الرئيس الأميركي كنفي قاطع للنتائج التي توصّل إليها التقرير وقطع الطريق أمام حدوث أي سجال في وسط الرأي العام، قائلاً: “لا أصدّقه”. وذهب أبعد من ذلك في قمّة الدول العشرين (2/12/2018) في أرجنتين، إذ اعتبر أن ما يثار بشأن التغير المناخي “مجرّد خدعة”، مؤكّداً عزمه على تنشيط صناعة ملوّثة مثل الفحم ما دامت قادرة على إيجاد وظائف جديدة، تالياً، اختتمت القمة أعمالها وسط تباعد بين الولايات المتحدة وشركائها بسبب رفض هذه الأخيرة دعم التحرّك لحماية المناخ.

ليس لرفض دونالد ترامب التقرير المذكور حول التغيّر المناخي أي قيمة علمية، إنما يعرّض مستقبل الكون وحياة أكثر من 7 مليارات إنسان لخطر الجفاف والسخونة والتلوّث وحروب البيئة. وذهبت مجلة “فورين بوليسي” إلى أن الظروف الكونية تحدّدها قوانين الفيزياء والكيمياء وليست تغريدات ترامب، أو إنكاره، أو صخبه، أو نهجه المتمثل بوضع الرأس في الرمال تجاه كوكب سريع الاحترار. وتقول المجلة في مقال بعنوان: الاحترار البيئي يشب النار في القيادة الأميركية، “بطبيعة الحال، لن يكون ترامب معنا في الوقت الذي تحدث أسوأ الآثار، إنما الأجيال المقبلة هي التي تعاني من النتائج”.

من تظاهرة ضد التغيّر المناخي في بانغكوك، أيلول 2018

ولكن لماذا لا يصدّق دونالد ترامب التغير المناخي ولماذا يصدّقه الكثير في العالم؟ إنه سؤال يحمل الكثير من التعقيدات الاقتصادية، السياسية، الثقافية والدينية. يقول الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية في جامعة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة شيركو كرمانجي: “هناك أسباب عدة تدفع دونالد ترامب لعدم تصديق التغير المناخي، قد يكون الدين أوّلها، يعني أن التغييرات البيئية أمر إلهي ولا يستطيع الإنسان إصلاحها، السبب الثاني هو اقتصادي ولا يريد دونالد ترامب إلزام إدارته بالتكلفة المالية العالية التي تحتاجها الشركات العملاقة المنتجة للطاقة الاحفورية في الانتقال إلى الطاقة المتجددة، السبب الثالث هو أن ترامب ينظر إلى العالم على أساس الربح والخسارة، وتخلو سياسته من أي بعد أخلاقي، أما السبب الرابع والأخير فهو الدور الذي تلعبه لوبيات شركات النفط والغاز في رسم سياسات الرئيس الأميركي”.

ليس ترامب وحده من لا يصدّق التغير المناخي وينفي التقارير العلمية حوله، أو يضع رأسه في الرمال، هناك أوساط كثيرة وأشخاص كثيرون -بمن فيهم السياسيون الماضون على خطى ترامب- يرفضون الاعتراف بالأدلة والوقائع التي تتبدى كبرج ناصع حول التغير المناخي وتفاقم صحة الأرض. ويكمن جزء من المشكلة بحسب المحلل النفسي النرويجي بيير أ‌سبن ستونكيس، في حواجز نفسية تمنع غالبية الناس من إدراك مخاطر التغير المناخي، ومن بين هذه الحواجز هو “التنافر المعرفي”، إذ يتم غالباً قمع المعلومات أو طمسها، لتجنب التفكير والتصرّف تجاه المشكلة؛ نحن أمام الوعي بالمشكلة والاعتراف بالحاجة إلى التصرّف أو ردود الفعل تجاهها.

تركّز اتجاهات عالمية اليوم في مواجهة التحديات البيئية، على الاتصال بالمجتمعات المحلية حول المخاطر، وإعطائها شعوراً بأنها قادرة على التصرّف

هنا، وعلى رغم وجود إجماع على أن تغير المناخ حقيقة، تختلف الدوافع باختلاف هوية الشخص واتجاهاته ومصالحه. يقول أستاذ الفلسفة في جامعة واترلو بول تاغارد في هذا السياق: “إذا كنت سياسياً محافظاً، فأنت لا تريد أن تصدّق التغير المناخي، لأنه إذا كان هناك بالفعل تغير مناخي يسبّبه النشاط البشري، فعلى الحكومة أن تتخذ خطوات لإصلاحه”. هذا كل ما في الأمر. هناك مخاوف أخرى تمنع الناس من فعل شيء تجاه ما يحصل، كالوظائف المرتبطة بالوقود الأحفوري مثل البترول، الغاز والفحم ويخشون من تعرّض وظائفهم للتهديد. ولا يرغب البعض بدفع الأموال للحكومة لتمويل المشاريع المتعلقة بالطاقة أو إصلاح البيئة.

إضافة إلى ذلك، يتم غالباً نشر معلومات قد تكون منحازة وتُكرّس الأفكار والقناعات السياسية المحافظة والثابتة حول المناخ، من دون الوعي بصحتها بطبيعة الحال. والناس عموماً، يصدّقون معلومات تحمي وظائفهم، وتُكرّس إيمانهم أو قناعاتهم السياسية والإيديولوجية، ولا يحبّذون معلومات، وإن كانت موثّقة وعلمية، تزعزع تلك القناعات.

برأي أستاذ علم النفس في جامعة باركلي في ولاية كاليفورنيا الأميركية مايكل باني، يتعلق جانب من جوانب عدم تصديق التغير المناخي بنقص المعرفة لدى الناس. وأسّس هذا البروفيسور الأميركي موقعاً إلكترونياً لإنتاج مقاطع فيديو قصيرة تظهر آليات حدوث التغير المناخي.

تبدو القصة وسبل روايتها في هذا السياق، القصة المصورة تحديداً، الأكثر تأثيراً على الرأي العالم في ما خص التغير المناخي. ومن هنا يبرز دور الصحافة والحلول القائمة على القصة في إيصال الحقائق حول أزمتنا البيئية المتفاقمة الى الناس. ويؤيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة سانتا- باربارا الأميركية ماتو ملدينبيرغر، التوجّه الى المجتمعات المحلية وليس العلماء، أي أنه يؤيد مشاهدة واقع التغير المناخي بدل الاستماع إلى العلماء. و”عجز المعلومات” في إقناع الناس بما حصل من التغير المناخي بالنسبة إليه يشرح كل شيء. تالياً، يكمن حل المشكلة بالنسبة إليه في وصول المواطنين إلى الأشخاص الموثوق بهم قائلاً: “لا أتحدث عن العلماء، بل أتحدث عن الناس في المجتمعات المحلية”. وتركّز اتجاهات عالمية اليوم في مواجهة التحديات البيئية، على الاتصال بالمجتمعات المحلية حول المخاطر، وإعطائها شعوراً بأنها قادرة على التصرّف.

إقرأ أيضاً:
كُردستان… الصيد الجائر بأسلحة لمحاربة “داعش”
قنديل البحر في الأهوار: التنوع الأحيائي العراقي في خطر