ما إن نسبت إحدى الصحف اللبنانيّة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري قوله إنّ “الولايات المتّحدة الأميركيّة ستقاطع أيّة حكومة جديدة إن لم تُمثّل “القوّات اللبنانيّة” فيها”، حتّى توجّهت قوّة عسكريّة مصحوبة بعشر دبّابات إلى بلدة معراب حيث اعتقلت قائد “القوّات” سمير جعجع.
لقد ألقي القبض على جعجع، الذي لم يواجَه بأيّة مقاومة من محازبيه، عند الفجر. لكنّ اللافت أنّه ما إن تمّ ذلك حتّى أُطلقت عيارات ناريّة كثيفة في الضاحية الجنوبيّة من بيروت. وهذا ما لم يدلّ فحسب على موجة الفرح التي عمّت معقل “حزب الله”، بل أيضاً على درجة التنسيق الرفيعة بين من نفّذوا عمليّة الاعتقال والقوى العسكريّة والسياسيّة المسيطرة على الضاحية الجنوبيّة.
وفي اتّصال أجراه “درج” مع أوساط وزارة العدل، تبيّن أنّ الاتّهام الموجّه إلى جعجع، والذي أدّى إلى اعتقاله، هو “العمالة للولايات المتّحدة”. وفي التفاصيل التي شرحت هذا الاتّهام، ورد التالي: “إنّ مَن يكون عميلاً للولايات المتّحدة، بحيث تحتجّ على عدم تمثيله في الحكومة، لا بدّ أن يكون عميلاً لإسرائيل، ونحن بلد مقاوم لا مكان فيه لعملاء إسرائيل مطلقاً”.
وحين سأل مندوب “درج” عن ردّة الفعل المحتملة في أوساط مؤيّدي جعجع، جاءه الجواب التالي: “هذا جمهور لا يهمّنا بتاتاً، ولا نحسب له حساباً، وجعجع نفسه كان قد قضى 11 سنة في السجن ولم يحصل شيء يعكّر الأمن. ونحن في الحقيقة لا نزال على رأينا من أنّ إطلاق سراحه يومذاك كان خطأ جسيماً، والتراجع عن الخطأ فضيلة”.
– لكنْ ماذا عن سعد الحريري، ألن يحتجّ على اعتقال جعجع ويعتذر عن تشكيل الحكومة؟
* قد يحتجّ، لكنّه لن يعتذر. نحن واثقون من أنّ الرجل لا يهمّه حلفاؤه حين يكون الموضوع المطروح حصوله على رئاسة الحكومة.
من جهة أخرى، نُظّمت في بشرّي، بلدة جعجع، تظاهرة على عجل ندّدت بما وصفته بـ “التنسيق الأمنيّ مع سلطة بشّار الأسد” وبـ “الخضوع لحكم آيات الله في إيران”. أمّا في واشنطن دي سي، فحين سئل الناطق بلسان البيت الأبيض عن موقف إدارته من الحدث اللبنانيّ فاكتفى بالقول: “إنّ الرئيس دونالد ترامب يرفض بشدّة ما حصل في القنصليّة السعوديّة بحقّ السيّد جعجع، وهو طالب الحكومة الصينيّة بتوضيحات تجلو حقائق هذا السلوك المقلق لنا جميعاً”.