بعد سنوات من البحث والتدقيق، تمكنت وكالة “ناسا” الأمريكية من تأكيد المعلومة. كان الأمر يستحق الانتظار.
“سطح القمر يحتوي على الماء”، يؤكد علماء “ناسا”.
هذا اكتشاف قد يؤدي الى مزيد من الاكتشافات العلمية، قال أحدهم، في اجتماع عام لفريق باحثين كبير. في الاجتماع نفسه، على طرف الطاولة المستطيلة، كان أحد العلماء يصدر صوتاً من تقليب قلمه على دفتر مزدحم بملاحظات كتبت بالخط الازرق. بدا أن العالم في مكان، والعلماء الآخرين المحتفلين بالاكتشاف التاريخي، في مكان آخر. يمكن ببساطة أن تلاحظ أن العالم يبدو مهموماً، ومنفصلاً تماماً عن جمع زملائه. يجلس هناك معهم في القاعة المزودة بشاشة عملاقة، تظهر عليها صورة مقرّبة للقمر، لكن عينيه لا تركنان الى نقطة محددة. تزوغان كما لو انه ضائع في ثقب أسود. لا يبدو على ما يرام، لكن الجميع منهمكون بالاحتفال، ولا ينتبه احد اليه. بدا مهمّشاً كقمر جاف، فيما الانظار كلها تنصبّ على القمر في الشاشة، القمر الخصب، الرطب، الغني بالموارد.
وحده عالم الفضاء الشهير كارنر، الذي أشهر إسلامه بعد هذا الاجتماع بفترة وجيزة(يمكن مراجعة محرك البحث “غوغل” لمزيد من المعلومات)، واستقال من الوكالة، انتبه في خضمّ الانهماك العلمائي بالانجاز النوعي، الى العالم الحائر في الزاوية.
بوب كتب على الدفتر أربع كلمات بخط عريض: “جبران باسيل سدّ المسيلحة”.
وقع كأس النبيذ من يد كارتر. وصاح بالحفل بصوت يقال إنه وصل الى القمر: “إنّا لله وإنّا إليه راجعون”!
في بادئ الأمر ظن ان بوب، وهو اسم العالم المذكور، “مضرور” من العشاء الذي تناوله الفريق بعد طلب ديليفري شاورما من أحد المطاعم القريبة من المحطة. لكنه لاحظ أن بوب يحور ويدور ثم يسرح في دفتر ملاحظاته. يحدق في جملة من كلمتين أو ثلاث كلمات، لم يستطع كارنر تبيّن عدد الكلمات ولا ماهية العبارة. لكنه عرف ان فيها سرّ انهماك بوب وانزعاجه، فقال في سره، ولم يكن بعد قد أعلن اسلامه (هل فتشت على “غوغل”؟): “لا حول ولا قوة الا بالله”. ثم ارتشف من كأس النبيذ في يده، وراح يبتسم لزملائه الآخرين الطائرين من الفرح والخمر.
صار كارنر، مثل بوب، مهموم. انزوى هو الآخر متخذاً ركناً بعيداً، وراح يراقب عن كثب سلوك بوب وحركة عينيه المضطربة.
ثم قرر كارنر، ان يتوكّل على الله، ويتقدم على مهل من زميله من جهة الخلف، لمحاولة قراءة الكلمات على الورقة التي تشغل باله. سحب نفسه على مهل، ومن دون جلبة، راح يتقدم باتجاه بوب. قاطعه زميل سكران وهو يتسلل، وضرب كأسه بكأسه، شعر كارنر خلال هذه الثواني الخاطفة انه تعرض لحادث سير. كان ارتطام الكأسين مخيفاً، لانه كان يركّز في الطريق إلى بوب، متأنياً وحريصاً على عدم إحداث جلبة تلفت نظر زميله المنكبّ على دفتر ملاحظاته.
مرّ الحادث بسلام، واستعوذ كارنر بالله من الشيطان الرجيم، واكمل طريقه الى بوب. وقف خلفه بعيداً حوالي متر، ثم امال برأسه محاولاً مغط رقبته قدر الامكان، ليستطيع ان يقع بناظريه على الورقة وما كُتب فيها.
لم يصدّق ما رآه. كانت أربع كلمات مكتوبة بالأزرق وبالخط العريض الذي اعتمد بوب طريقة “الشخبطة” لتحقيقه، وكانت كافية لكي يفهم كارنر سبب حيرة بوب واحباطه.
بوب كتب على الدفتر أربع كلمات بخط عريض: “جبران باسيل سدّ المسيلحة”.
وقع كأس النبيذ من يد كارتر. وصاح بالحفل بصوت يقال إنه وصل الى القمر: “إنّا لله وإنّا إليه راجعون”!