fbpx

ماذا سنشاهد الليلة، الحرب أو الحفلة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إنها سماء واحدة، لكنّهما مشهدان، إنها سماء واحدة لكن الانتظار ليس واحداً، هناك من ينتظر الحرب الآن، وهناك من يبحث عن أفضل حذاء للسهرة!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كان مئات اللبنانيين يحتفلون في وسط بيروت ليلة 30 تموز/ يوليو 2024، ضمن حفلة غنائية لـ”الشامي”، إنه مشهد عادي من مشاهد صيف لبنان.

وفي ليلة الثلاثاء ذاتها، كان مئات اللبنانيين في الضاحية الجنوبية لبيروت يتصلون بأحبائهم وعائلاتهم، لمعرفة ما إذا كانوا ما زالوا بخير، بعد استهداف إسرائيل أحد القياديين البارزين في “حزب الله” في منطقة حارة حريك، في غارة تسببت بسقوط مدنيين بينهم أطفال ونساء. كان الآلاف مسمّرين أمام الهواتف أو شاشات التلفزة لمعرفة ما يقوله المحللون و”الخبراء”، وهل الحرب الشاملة وشيكة أم لا.

مشهدان غريبان وشديدا التناقض، حفلة وحرب، مشهدان أو لبنانان يواصلان  الامتداد والتمدد منذ أشهر، فالبلد كله يترقب اندلاع حرب شاملة في أي لحظة، ولكنّ البلد ذاته بوجهه الآخر وثياب السهرة خاصّته، يترقب المزيد من المهرجانات والحفلات ومناسبات الفرح في مناطق عدة، في موسم سياحي مهدد، لا سيما أن البلد ما زال تحت تأثير أزمة اقتصادية ومالية كبيرة، وبرغم أن بعض الفنانين العرب واللبنانيين قد ألغوا حفلاتهم في لبنان، مثل الفنانة السورية أصالة والفنان المصري تامر حسني، إضافة إلى هيفاء وهبي وعاصي الحلاني، لكن إلغاء بعض الحفلات لا يعني استغناء اللبنانيين عن صيفهم، أو اعتذارهم عن حضور الفعاليات والسهرات، حتى وإن كانت الحرب ستبدأ بعد قليل، وإن كانت حياتنا كلنا مهددة أو معلّقة، بالمعنى العميق للحياة. 

إنها سماء واحدة، لكنّهما مشهدان، إنها سماء واحدة لكن الانتظار ليس واحداً، هناك من ينتظر الحرب الآن، وهناك من يبحث عن أفضل حذاء للسهرة!

لا نعرف تحديداً إن كان لذلك علاقة حقاً بحب الحياة والرغبة في التمسّك بها، وإن كانت رقصة “فرقة المياس” في وسط العاصمة، هي في الحقيقة آخر محاولاتنا لمقاومة ثقافات الإقصاء والموت، وآخر ما نملكه في بلد يواجه خطر الحرب الاقليمية بقدمين عاريتين ويدين فارغتين، إنما بقلب يحبّ الموسيقى، أو ربما كان ذلك فصل آخر من مسلسل التخدّر والتأقلم الذي نؤدي أدواره البطولية بحرفية منذ سنوات طويلة جداً.

 يبدو أننا تأقلمنا مع الحرب، كما سبق أن تأقلمنا مع العتمة ومع انهيار الليرة وانقطاع المياه والانترنت وتهتّك البنى التحتية، كما تأقلمنا على الحياة داخل مدينة تم تفجيرها وقتل من فيها عام 2020…حتى إننا لشدّة التخدّر، بِتنا نمرّ بكامل وعينا قرب المرفأ المنفجر ونشاهد ببرود أثر المجزرة المستمر على رغم مرور 4 سنوات، من دون أن نشعر بشيء ولا حتى بالدهشة أو الأسى.

تأقلمنا مع الحرب التي فُرضت علينا ولم نخترها ولم نقرّرها، تأقلمنا لدرجة الرقص حتى الصباح! فإن كان “حزب الله” يمنح نفسه حق إقحامنا في حروبه في كل مرة، لماذا لا نمنح أنفسنا الحق بحضور حفلة؟

يتحدث البعض عن انقسام عامودي بين ثقافتين، الأولى يقودها “حزب الله” وهي تشجع الحرب، أما الثانية فهي ثقافة الحياة والفرح… مؤلم أن يصل المرء إلى استنتاج تبسيطي كهذا في بلد صغير لا يحتمل التقسيم والتشتيت، لكنه بلد عجيب وكل شيء فيه متاح!

في وقت الفراغ ينظر واحدنا إلى الآخر ويسأله: ماذا سنشاهد اليوم؟ الحرب أو الحفلة؟ وحتى إذا شاهدنا اليوم حرباً، فبإمكاننا أن نحضر غداً حفلة!

إقرأوا أيضاً:

06.08.2024
زمن القراءة: 3 minutes

إنها سماء واحدة، لكنّهما مشهدان، إنها سماء واحدة لكن الانتظار ليس واحداً، هناك من ينتظر الحرب الآن، وهناك من يبحث عن أفضل حذاء للسهرة!

كان مئات اللبنانيين يحتفلون في وسط بيروت ليلة 30 تموز/ يوليو 2024، ضمن حفلة غنائية لـ”الشامي”، إنه مشهد عادي من مشاهد صيف لبنان.

وفي ليلة الثلاثاء ذاتها، كان مئات اللبنانيين في الضاحية الجنوبية لبيروت يتصلون بأحبائهم وعائلاتهم، لمعرفة ما إذا كانوا ما زالوا بخير، بعد استهداف إسرائيل أحد القياديين البارزين في “حزب الله” في منطقة حارة حريك، في غارة تسببت بسقوط مدنيين بينهم أطفال ونساء. كان الآلاف مسمّرين أمام الهواتف أو شاشات التلفزة لمعرفة ما يقوله المحللون و”الخبراء”، وهل الحرب الشاملة وشيكة أم لا.

مشهدان غريبان وشديدا التناقض، حفلة وحرب، مشهدان أو لبنانان يواصلان  الامتداد والتمدد منذ أشهر، فالبلد كله يترقب اندلاع حرب شاملة في أي لحظة، ولكنّ البلد ذاته بوجهه الآخر وثياب السهرة خاصّته، يترقب المزيد من المهرجانات والحفلات ومناسبات الفرح في مناطق عدة، في موسم سياحي مهدد، لا سيما أن البلد ما زال تحت تأثير أزمة اقتصادية ومالية كبيرة، وبرغم أن بعض الفنانين العرب واللبنانيين قد ألغوا حفلاتهم في لبنان، مثل الفنانة السورية أصالة والفنان المصري تامر حسني، إضافة إلى هيفاء وهبي وعاصي الحلاني، لكن إلغاء بعض الحفلات لا يعني استغناء اللبنانيين عن صيفهم، أو اعتذارهم عن حضور الفعاليات والسهرات، حتى وإن كانت الحرب ستبدأ بعد قليل، وإن كانت حياتنا كلنا مهددة أو معلّقة، بالمعنى العميق للحياة. 

إنها سماء واحدة، لكنّهما مشهدان، إنها سماء واحدة لكن الانتظار ليس واحداً، هناك من ينتظر الحرب الآن، وهناك من يبحث عن أفضل حذاء للسهرة!

لا نعرف تحديداً إن كان لذلك علاقة حقاً بحب الحياة والرغبة في التمسّك بها، وإن كانت رقصة “فرقة المياس” في وسط العاصمة، هي في الحقيقة آخر محاولاتنا لمقاومة ثقافات الإقصاء والموت، وآخر ما نملكه في بلد يواجه خطر الحرب الاقليمية بقدمين عاريتين ويدين فارغتين، إنما بقلب يحبّ الموسيقى، أو ربما كان ذلك فصل آخر من مسلسل التخدّر والتأقلم الذي نؤدي أدواره البطولية بحرفية منذ سنوات طويلة جداً.

 يبدو أننا تأقلمنا مع الحرب، كما سبق أن تأقلمنا مع العتمة ومع انهيار الليرة وانقطاع المياه والانترنت وتهتّك البنى التحتية، كما تأقلمنا على الحياة داخل مدينة تم تفجيرها وقتل من فيها عام 2020…حتى إننا لشدّة التخدّر، بِتنا نمرّ بكامل وعينا قرب المرفأ المنفجر ونشاهد ببرود أثر المجزرة المستمر على رغم مرور 4 سنوات، من دون أن نشعر بشيء ولا حتى بالدهشة أو الأسى.

تأقلمنا مع الحرب التي فُرضت علينا ولم نخترها ولم نقرّرها، تأقلمنا لدرجة الرقص حتى الصباح! فإن كان “حزب الله” يمنح نفسه حق إقحامنا في حروبه في كل مرة، لماذا لا نمنح أنفسنا الحق بحضور حفلة؟

يتحدث البعض عن انقسام عامودي بين ثقافتين، الأولى يقودها “حزب الله” وهي تشجع الحرب، أما الثانية فهي ثقافة الحياة والفرح… مؤلم أن يصل المرء إلى استنتاج تبسيطي كهذا في بلد صغير لا يحتمل التقسيم والتشتيت، لكنه بلد عجيب وكل شيء فيه متاح!

في وقت الفراغ ينظر واحدنا إلى الآخر ويسأله: ماذا سنشاهد اليوم؟ الحرب أو الحفلة؟ وحتى إذا شاهدنا اليوم حرباً، فبإمكاننا أن نحضر غداً حفلة!

إقرأوا أيضاً: