(إ. ب) بحسب ما تُظهر الوثيقة، موظف في المؤسسة العامة للاتصالات في ريف دمشق، علماً أن عائلة (ب) هي عائلة درزية من السويداء. الوثيقة تفتقر إلى الطابع الرسمي المعتاد في المستندات الأمنية، حيث لا تتضمن تاريخاً أو صيغة واضحة للمرسل والمستلم، أو عنواناً واضحاً.
النص لا يتضمّن أي تاريخ، لكنه يتطرّق عدة مرات إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، ويتناول دور النائب اللبناني مروان حمادة المقرب من جنبلاط، متهماً إياه بالتجسس لصالح إسرائيل وأميركا، وإبلاغه “عن تحركات عناصر المقاومة، بالإضافة إلى التجسس على الاتصالات في لبنان لصالح الكيان الصهيوني وأميركا”.
النص ممتلئ بالهجوم الشخصي على جنبلاط، حيث يصفه (ب) بأنه “إنسان مخادع جبان لا يعرف الأدب والاحترام والتقدير، إنسان باع نفسه للصهيونية والإمبريالية الأميركية وحلفائها أعداء لبنان والأمة العربية والشعوب الحرة، إنسان أسير هواجسه وأحلامه الخيالية الشريرة الشيطانية… إنه إنسان كافر جاحد لنعم الله وفضل الآخرين… خسيس نذل، تعض اليد التي امتدت إليك”.
وكأن هذا النص جاء للردّ على خطاب جنبلاط الشهير بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط/ فبراير 2005، حيث صرخ فيه جنبلاط قائلًا: “يا طاغية الشام… يا قرداً لم تعرفه الطبيعة، يا أفعى هربت منها الأفاعي، يا حوتاً لفظته البحار، يا وحشاً من وحوش البراري، يا مخلوقاً من أنصاف الرجال، يا منتجاً إسرائيلياً على أشلاء الجنوب وأبناء الجنوب”.
ولكن بحسب الكاتب، النص جاء ليردّ على وصف جنبلاط لبشار الأسد بالإرهابي، قائلًا له: “أيها الأميركي المتصهين الضعيف الواهن ذو التركيبة الغريبة العجيبة في بنيتها الداخلية والفيزيولوجية… ها هو اليوم هذا العميل يصف سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد بالإرهابي”.
لا بد من الإشارة إلى أنه في العام 2015، غرّد جنبلاط قائلاً: “طالما هناك سوري واحد يقاتل النظام الإرهابي لبشار الأسد فأنا مع هذا السوري”.
يتابع (ب): “… هذه الشخصية الفريدة من نوعها في الخسة والدناءة والخيانة والوهن والضعف. شخصية هزلية غير متوازنة متفككة بعيدة كل البعد عن الصدق والحق والمنطق في الأقوال والأفعال… عملاء أمثالك أفاعٍ محتالون دجالون مذبذبون… يزرعون الخراب والفساد والتفرقة”، ويضيف: “أنظر أيها المغفل الراقد في سباتك العميق… وبعد كل هذا وللأسف الشديد، أقول لك إنني لا أجدك إلا كحجر شطرنج تحركه يد الصهيونية والأميركية والإمبريالية العالمية، لتضعه في المكان الذي يناسبها، والذي يحقق مصالحها وأهدافها، أو كدمية يفصّلون لها الثوب الذي تريد أن تلبسه، أو ككرة في الملعب يلعبون بها بأقدامهم متى يشاءون، ويضعونها في الزاوية التي يريدون. هذه هي شخصيتك الحقيقية يا وليد بيك”.
“يا هذا، ألا تخجل من نفسك عندما تدّعي وتفتري على الآخرين بالقول إن نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد، هو الذي قتل والدك (كمال جنبلاط)؟ الراحل حافظ الأسد لم يكن يوماً إرهابياً يمارس القتل ضد أي إنسان عربي عادي، فكيف يمكن أن يمارس القتل ضد رجال أحرار مثل والدك؟”. هكذا جاء في النص، معتبراً أن “حافظ الأسد كان مثالاً للفكر الديمقراطي الحر، الذي لا يستخدم لغة القتل والعنف والقوة ضد خصومه، إنما يعتمد على لغة الحوار”.
مع ذلك، يبقى مصير هذا النص غير واضح. هل نُشر كمقال صحافي أو كمنشور على مواقع التواصل الاجتماعي؟ أم أُرسل كرسالة مباشرة إلى وليد جنبلاط؟ أم أنه ظل محفوظاً في أقبية فرع فلسطين من دون أن يرى النور؟.
زيارة جنبلاط للشرع: هل تعيد بناء العلاقات اللبنانية- السورية؟
بعد انقطاع دام 15 عاماً عن سوريا، سارع النائب اللبناني السابق وليد جنبلاط بزيارة تاريخية إلى دمشق، حيث التقى أحمد الشرع قائد الإدارة الانتقالية السورية الجديدة. هذه الزيارة، التي جاءت بعد سقوط نظام بشار الأسد، حملت أبعاداً سياسية ودينية عميقة، ووصفتها جريدة الشرق الأوسط بأنها خطوة جعلت جنبلاط “رأس حربة التواصل اللبناني مع القيادة السورية الجديدة”.
جنبلاط كان أول شخصية لبنانية رسمية بارزة تزور سوريا بعد سقوط النظام السابق، ورافقه وفد من نواب “اللقاء الديمقراطي” وعدد من المشايخ الدروز، يتقدمهم شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى.
بعد زيارته دمشق، توجه جنبلاط إلى أنقرة حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وتحدّثت تسريبات صحافية “عن احتمال قيامه (جنبلاط) بدور وساطة بين تركيا والإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا، لوقف هجمات القوات التركية والفصائل الموالية لها، على مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في ظل العلاقة الجيدة بينه وبين قسد”.
في هذا السياق، وفي مقابلة تلفزيونية لجنبلاط مع برنامج “2030” على قناة LBC اللبنانية بتاريخ 6 كانون الثاني/ يناير 2025، قال جنبلاط إن “القومية العربية ميزت واضطهدت وقتلت”، مضيفاً أن “القومية العربية بتاريخها الناصري والبعثي أساءت كلياً إلى كرد سوريا والعراق”.
واعتبر أن النظام السوري “دخل على دم كمال جنبلاط، وخرج على دم رفيق الحريري”، كما دعا في المقابلة إلى”قطف فرصة سقوط النظام”، داعياً جميع الأطراف إلى منح أحمد الشرع وسلطته فرصة لإدارة المرحلة الانتقالية، قائلاً: “من منا ماضيه ناصع البياض؟ لسنا أبرياء… أعطوا فرصة لأحمد الشرع وانسوا تاريخه”.
إقرأوا أيضاً: