علم “درج” أنّ الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي استدعى، قبل عشرة أيّام، أحد النوّاب المعروفين بشدّة تأييده له، وهو رئيس “ائتلاف دعم مصر” النيابيّ، عبد الهادي القصبي، وقال له بالحرف: “عليك، يا عبد الهادي، أن تتقدّم من البرلمان بطلب لتعديل الدستور المصريّ، بحيث تُمدّد فترة الرئاسة إلى ستّ سنوات، بدلاً من أربع، كما تُضاف بموجب التعديل صلاحيّات جديدة إلى الجيش والقوّات المسلّحة”.
ويبدو أنّ الرئيس السيسي، بهدف تشجيع النائب القصبي على تقديم طلبه، أضاف: “الكلّ ينتظر بحماسة تغييراً كهذا. البرلمان المصريّ سيوافق عليه بأغلبيّة كاسحة، والجيش والأجهزة الأمنيّة كلّها ترغب فيه بشدّة، والمليونيريّة المستفيدون من النظام ومعهم رؤساء تحرير الصحف القوميّة كلّهم يريدونه، وهذا، بالطبع، موقف زملائك النوّاب الذين جعلتهم أنا نوّاباً. إنّها الإرادة الشعبيّة في أنصع تجلّياتها يا عبد الهادي”.
الأخير رحّب بما قاله الرئيس، وسرّه كثيراً أن يكون هو الشخص الذي اختاره لهذه المهمّة، لكنّه قال بشيء من التردّد، إن لم يكن الخوف:
“ولكنْ يا سيادة الرئيس، لا بدّ أن يواجه التغييرُ العظيم هذا بعض الانتقادات، ولهذا لا بدّ من بناء بعض الحجج المضادّة لحجج المنتقدين”.
“من الذي سيحتجّ يا سي عبد الهادي (بشيء من الاستخفاف) إذا استثنينا حفنة الإخوان المسلمين الإرهابيّين والخونة”.
“قد يقال مثلاً، يا سيادة الرئيس، أنّكم أنتم سبق أن صرّحتم بعدم وجود نيّة لديكم في ذلك، وأنّكم نفيتم بصراحة ووضوح كلّ رغبة في المسّ بدستور 2014. وهناك للأسف من يتذكّرون أقوالكم هذه ومن يراجعون الأرشيف أو غوغل، لكي يستنتجوا وجود تناقض في أقوالكم ومواقفكم. هؤلاء من دون شكّ مُغرضون ومُعادون لشعب مصر، لكنْ علينا أن نهيّء حججاً نردّ بها على حججهم”.
وامتقع وجه السيسي قليلاً وراح يتأمّل جدران القاعة ونوافذها ثمّ أجاب: “سأصارحك القول يا عزيزي عبد الهادي. إنّ من شجّعني على تغيير رأيي – وسبحان من يغيّر ولا يتغيّر – هو قول قرأته لزعيم “حزب جبهة التحرير الوطنيّ” الحاكم في الجزائر السيّد معاذ بو شارب. هل تعرف ماذا قال؟ قال إنّ حزبهم اختار الرئيس عبد العزيز بوتفليقه ليكون مرشّحه للانتخابات الرئاسيّة في إبريل بسبب خياراته واستكمالاً لإنجازاته. وعمر بوتفليقه، كما قد تعلم يا عبد الهادي، 81 عاماً، وهو يحكم منذ 1999، والآن سوف يرشّحونه لولاية خامسة. فوق هذا، لم يظهر بوتفليقه علناً إلا نادراً منذ إصابته بجلطة في 2013، وهو حين يظهر فإنّما يظهر على كرسيّ متحرّك. ليس هذا فحسب: فبوتفليقه لن يستطيع أن يقرأ بنفسه رسالة تَرشّحه للرئاسة، وفي أغلب الظنّ سيأتي من يقرأ الرسالة بالنيابة عنه”.
وهنا علا صوت السيسي قليلاً: “بعد هذا تحدّثني يا (كلمة نابية) عن التناقضات في كلامي!”.
“أنا ما بقصدشِ يا سيادة الرئيس… أنا فقط كنتِ يعني…”.
“كنتِ إيه يا عبد الهادي” (بنبرة عسكريّة جازمة).
“والله ما كنتِش حاجة. أنا نازل دلوقتي البرلمان عشان أقدّم الطلب. هذه أمنية الشعب المصريّ يا سيادة الرئيس”.
وهكذا كان.