fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

ما العوائق أمام الأمن المائي في الأردن؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يشهد الأردن منذ دخول فصل الشتاء الحالي، شحّاً في مياه الأمطار، نتيجة التغيرات المناخية المتزايدة، ولم تتجاوز كميات الأمطار المتراكمة، حتى منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الـ4 في المئة فقط من المعدل الموسمي العام، وفق الأرقام الرسمية لدائرة الأرصاد الجوية، ما أثار القلق بخاصة مع ممارسة الزراعة بأنماط مكثفة على مدار العام لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء في المملكة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تزداد يوماً بعد يوم المشكلات المتعلّقة في البيئة نتيجة الكثافة السكانية العالية وارتفاع درجات الحرارة والاحتباس الحراري. ولكل ذلك تأثيراته وأبعاده الجمة على معدلات سقوط الأمطار التي تتغير من موسم الى آخر، بخاصة في إقليم شديد التوتر.

الأردن من المناطق الفقيرة بالمياه لوقوعه في منطقة متوسطة للشرق الأوسط وعدم امتلاكه منافذ مائية كثيرة، حتى المنافذ المائية المتوافرة فهي مشتركة. ويحصل الأردن على حصة معينة من المياه بموجب معاهدات واتفاقيات مع الدول المجاورة. لكن، هل حصة الأردن من هذه الاتفاقيات عادلة ومجدية؟ وهل يحتاج الأردن الى هذه الاتفاقيات للحفاظ على كفايته المائية وتغطية العجز؟

تبلغ حصة الفرد في الأردن ما لا يتجاوز الـ15 في المئة من مستوى خط الفقر المائي المحدّد دولياً بـ1000م3 سنوياً، إضافة الى عدم توافر المصادر المائية المتاحة لتلبية الاحتياجات المتزايدة. ويبلغ حجم العجز المائي السنوي من المياه في الأردن نحو 500 مليون متر مكعب من حاجته السنوية البالغة 2.1 مليار متر مكعب للأغراض كافة.

اتفاقيات وحصة قليلة

في عام 1987، وقّع الأردن وسوريا اتفاقية نهر اليرموك، والتي نصت على أن يبني الأردن سداً سعته 220 مليون متر مكعب، بينما تبني سوريا نحو 25 سداً لري أراضيها، على أن تستفيد سوريا من الطاقة الكهربائية الناتجة من السد الذي سيبنيه الأردن.

وعبر السنوات الماضية، انخفض منسوب جريان نهر اليرموك نتيجة حفر آلاف الآبار الجوفية في حوضه، وزيادة السدود على مجاري النهر من الجانب السوري، ما ساهم في تقليص حجم السد المتفق عليه في العام 1987 من سعة 220 مليون متر مكعب إلى 110 ملايين. 

كذلك، وقّع الأردن معاهدة السلام عام 1994 أو ما يُعرف باتفاقية (وادي عربة)مع إسرائيل، شملت بنوداً كثيرة، من ضمنها المياه، “بهدف تحقيق تسوية شاملة ودائمة لكافة مشكلات المياه القائمة بين الطرفين، يتفق الطرفان على الاعتراف بتخصيصات عادلة لكل منهما وذلك من مياه نهري الأردن واليرموك ومن المياه الجوفية لوادي عربة، وذلك بموجب المبادئ المقبولة والمتفق عليها وحسب الكميات والنوعية المتفق عليها”.

تبلغ حصة الأردن السنوية من المياه حسب الاتفاقية/ ملحق المياه رقم (2)، وما تم الاتفاق عليه لاحقاً عام 1997 بين الملك الراحل حسين ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، 35 مليون متر مكعب اضافة إلى كميات المياه التي يتم تخزينها أثناء فصل الشتاء في بحيرة طبريا ويعاد ضخّها إلى الأردن خلال فصل الصيف.

شحّ بالأمطار ومشاريع على خارطة التنفيذ

يشهد الأردن منذ دخول فصل الشتاء الحالي، شحّاً في مياه الأمطار، نتيجة التغيرات المناخية المتزايدة، ولم تتجاوز كميات الأمطار المتراكمة، حتى منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الـ4 في المئة فقط من المعدل الموسمي العام، وفق الأرقام الرسمية لدائرة الأرصاد الجوية، ما أثار القلق بخاصة مع ممارسة الزراعة بأنماط مكثفة على مدار العام لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء في المملكة، والتي تعتمد على مياه الأمطار بشكل كامل، والتي يتم تجميعها في السدود، وأيضاً على المياه الجوفية التي باتت مهدّدة بسبب السحب الجائر الذي تعدّى حاجز الأمان.

يقول الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة الأردنية لورانس المجالي لـ”درج”، إن الأردن ينتج سنوياً مليونين ونصف المليون طن من الخضار والفواكه، ولا شك في أن القطاع الزراعي في الأردن ومنذ أعوام تأثّر بالتغيرات المناخية والإزاحة المطرية، وأدت قلة الأمطار إلى تغيّر في مواعيد الزراعة أيضاً، كما أثرت بشكل مباشر على المحاصيل الحقلية.

ونوّه المجالي الى وجود خطط مشتركة للزراعة من خلال الحصاد المائي عبر إنشاء 155 حفيرة وسداً ترابياً بالتنسيق مع المركز الجغرافي ووزارة المياه وسلطة وادي الأردن، وعدد من الجهات، أيضاً أنشأنا ما يزيد على 10 آلاف بئر تجميع مياه في المنطقة الغربية، بالإضافة الى الاستخدام الأمثل لتقنيات المياه الجديدة مثل الأكوابوليك والهايدرابوليك، وذلك كله لتخفيف استهلاك المياه.

أما الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه الأردنية عمر سلامة، فيقول لــ”درج”، إن الأردن يعاني من تحديثات مائية كبيرة في ما يتعلق بموضوع توافر مصادر المياه المتاحة، بخاصة أنه من المناطق الشحيحة والجافة وشبه الجافة في العالم، فمساحته التي تبلغ 98 ألف كيلومتر مربع، 92 في المئة منها هي عبارة عن أراض جافة، إذ إن الهطول المطري فيها لا يزيد على 50 مليمتراً، فيما تحظى المناطق الغربية أو الشفاغورية بكميات وفيرة من الأمطار.

ويلفت سلامة الى أن حصة الأردن من مصادر المياه السطحية قد تراجعت، إذ يحصل من نهر الأردن على 30 مليون متر مكعب بموجب اتفاقية السلام 1994، بعدما كان يحصل على مليار و250 مليون متر مطلع الخمسينيات من القرن الماضي نتيجة الظروف الجيوسياسية التي حدثت في المنطقة والتغيرات الديمغرافية في المنطقة العربية. وتراجعت حصة المياه من حوض نهر اليرموك بشكل كبير، فالتدفق كان يبلغ عند توقيع اتفاقية نهر اليرموك عام 1987، 300 متر مكعب في الثانية، أما الآن فأصبح أقل من متر مكعب واحد في الثانية.

في المقابل، يؤمن مشروع الناقل الوطني 300 مليون متر مكعب من مياه البحر المحلاة، لكنه يحتاج إلى ميزانية مرتفعة في ظل توقعات ازدياد العجز المائي من 50 الى 100 مليون متر مكعب حتى عام 2030 بالتزامن مع زيادة أعداد السكن، بحسب سلامة.

رأي معاكس!

يقول الدكتور سفيان التل، المقرر العام الأسبق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP، وهو مستشار دولي في شؤون التخطيط والبيئة لـ”درج”، إن مياه نهر الأردن هي من حق الأردن وفلسطين، وليس لإسرائيل الحق في أي متر مكعب منه، وبحسب الأعراف الدولية والقوانين الدولية كان نهر الأردن هو الحد الفاصل بين الأردن وفلسطين وليس بين الأردن وإسرائيل، حتى أن الضفة ليست أراضيَ إسرائيلية.

ويتابع أن هناك قوانين دولية للدول المشاطئة على الأنهار وحق الاستفادة منها، لكن إسرائيل لم تتقيّد فيها عندما حوّلت مجرى نهر الأردن شمال بحيرة طبريا، وأخذت معظم مياهه عبر أنابيب إلى داخل فلسطين المحتلة، ومن ثم إلى النقب، وما بقي في نهر الأردن هو مياه ملوّثة تخرج من بحيرة طبريا وتضاف إليها مياه مجاري إسرائيل ومياه برك الأسماك، وهي غير صالحة حتى للزراعة.

ويرى التل أن واقع الماء في الأردن جيد جداً ولدينا مخزون كبير منه، ولا يمكن قبول التسويق السياسي بأن الأردن بلد فقير بالمياه، فهو يقوم على مجموعة من الأحواض المائية قد تتجاوز 12 أو 13 حوضاً مائياً تغطي كامل مساحة الأردن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وفيها مياه كافية، يضاف إليها الهطول المطري على الأراضي الأردنية بمعدل يعود إلى 50 سنة إلى الوراء، وهو نحو 7 إلى 8 مليارات متر مكعب، تذهب معظمها مهدورة وتشكل فيضانات، وتتسبب بكوارث، بينما يجب حجز هذه المياه والاستفادة منها وتخزينها في باطن الأرض.

ويؤكد التل أن إسرائيل سرقت المياه الأردنية، فنهر اليرموك كما هو ثابت قانونياً وتاريخياً، يشكل حدّاً فاصلاً بيننا وبين سوريا، وعندما كان يلتقي بنهر الأردن دخلت إسرائيل واحتلّت نقطة اللقاء تعسفياً واحتلالاً، مدّعية أنها أصبحت مشاطئة لنهر اليرموك ولها حقوق فيه. 

حلول فورية… ولكن!

يوضح الدكتور عبد الرحمن الشبيب، خبير أنظمة علوم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد في إدارة الموارد المائية، لـ”درج”، أن التغير المناخي هو نتاج لسنوات طويلة من عدم اكتراث الدول الصناعية، في حين يعتبر أحد أبرز التحديات الحاصلة وله آثار سلبية على مختلف القطاعات التنموية، وأكثر هذه الآثار أهمية هو ندرة المياه والجفاف، إذ يشهد الأردن فترة جفاف هي الأسوأ في تاريخه، ناتجة عن التغير المناخي الذي تسبب بانخفاض في معدلات الهطول المطري وارتفاع درجات الحرارة، وهو ما ينعكس بصورة كارثية على قطاع المياه والزراعة في مناطق تعتبر سلة القطاع الأردني، كالأغوار ووادي الأردن والبادية التي أصبحت مهددة وغير قادرة على استدامة إنتاجها.

ويبين الشبيب أنه يجب على الحكومة الأردنية البحث عن طرق لتجميع مياه الأمطار وحمايتها من عمليات التبخر، وذلك باستخدام الكهوف البركانية الموجودة بالمنطقة في تخزين المياه وحمايتها من التبخر، وكذلك استعمالها في عمليات تغذية المياه الجوفية، ما يتيح حلولاً فورية تؤسس لأساليب زراعية متطورة، من خلال التوسع في الزراعة الذكية والزراعة المائية لزيادة الإنتاج مع تقليل استهلاك المياه والتشجيع على زراعة المحاصيل التي تتحمل الجفاف وتتكيف مع التغيرات المناخية الحاصلة.

ويؤكد الشبيب ضرورة تحسين إدارة الموارد المائية لتخفيف الاستنزاف من خلال تطوير أنظمة توزيع مياه الشرب وتعزيز مشاريع تحلية المياه والاستفادة من المياه المعالجة في عمليات الزراعة، وأيضاً استغلال المياه الجوفية العميقة ولكن بحكمة، إذ من الممكن اللجوء الى استخراج المياه الجوفية العميقة لدعم الاحتياجات المائية والالتزام بضوابط عملية وعلمية تضمن استدامتها.

ويختم الشبيب بأن على الحكومات الأردنية الاستثمار في البحث العلمي الموجود في الجامعات الأردنية، وبالتالي وضع سياسات متكاملة للتصدي لهذه التحديات العملية.

نجيب جورج عوض - باحث سوري | 21.03.2025

هيئة تحرير الشام، الطائفية، و”ميتريكس” سوريا الموازية

في سوريا الحالية الواقعية، لا يوجد خيار ولا كبسولتان ولا حتى مورفيوس: إما أن تنصاع لحقيقة هيمنة ميتريكس سوريا الافتراضية الموازية الذي أحضرته الهيئة معها من تجربة إدلب، أو عليك أن تتحول إلى ضحية وهدف مشروعين أمام خالقي الميتريكس وحراسه في سبيل ترسيخ وتحقيق هيمنة الميتريكس المذكور على الواقع.

يشهد الأردن منذ دخول فصل الشتاء الحالي، شحّاً في مياه الأمطار، نتيجة التغيرات المناخية المتزايدة، ولم تتجاوز كميات الأمطار المتراكمة، حتى منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الـ4 في المئة فقط من المعدل الموسمي العام، وفق الأرقام الرسمية لدائرة الأرصاد الجوية، ما أثار القلق بخاصة مع ممارسة الزراعة بأنماط مكثفة على مدار العام لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء في المملكة.

تزداد يوماً بعد يوم المشكلات المتعلّقة في البيئة نتيجة الكثافة السكانية العالية وارتفاع درجات الحرارة والاحتباس الحراري. ولكل ذلك تأثيراته وأبعاده الجمة على معدلات سقوط الأمطار التي تتغير من موسم الى آخر، بخاصة في إقليم شديد التوتر.

الأردن من المناطق الفقيرة بالمياه لوقوعه في منطقة متوسطة للشرق الأوسط وعدم امتلاكه منافذ مائية كثيرة، حتى المنافذ المائية المتوافرة فهي مشتركة. ويحصل الأردن على حصة معينة من المياه بموجب معاهدات واتفاقيات مع الدول المجاورة. لكن، هل حصة الأردن من هذه الاتفاقيات عادلة ومجدية؟ وهل يحتاج الأردن الى هذه الاتفاقيات للحفاظ على كفايته المائية وتغطية العجز؟

تبلغ حصة الفرد في الأردن ما لا يتجاوز الـ15 في المئة من مستوى خط الفقر المائي المحدّد دولياً بـ1000م3 سنوياً، إضافة الى عدم توافر المصادر المائية المتاحة لتلبية الاحتياجات المتزايدة. ويبلغ حجم العجز المائي السنوي من المياه في الأردن نحو 500 مليون متر مكعب من حاجته السنوية البالغة 2.1 مليار متر مكعب للأغراض كافة.

اتفاقيات وحصة قليلة

في عام 1987، وقّع الأردن وسوريا اتفاقية نهر اليرموك، والتي نصت على أن يبني الأردن سداً سعته 220 مليون متر مكعب، بينما تبني سوريا نحو 25 سداً لري أراضيها، على أن تستفيد سوريا من الطاقة الكهربائية الناتجة من السد الذي سيبنيه الأردن.

وعبر السنوات الماضية، انخفض منسوب جريان نهر اليرموك نتيجة حفر آلاف الآبار الجوفية في حوضه، وزيادة السدود على مجاري النهر من الجانب السوري، ما ساهم في تقليص حجم السد المتفق عليه في العام 1987 من سعة 220 مليون متر مكعب إلى 110 ملايين. 

كذلك، وقّع الأردن معاهدة السلام عام 1994 أو ما يُعرف باتفاقية (وادي عربة)مع إسرائيل، شملت بنوداً كثيرة، من ضمنها المياه، “بهدف تحقيق تسوية شاملة ودائمة لكافة مشكلات المياه القائمة بين الطرفين، يتفق الطرفان على الاعتراف بتخصيصات عادلة لكل منهما وذلك من مياه نهري الأردن واليرموك ومن المياه الجوفية لوادي عربة، وذلك بموجب المبادئ المقبولة والمتفق عليها وحسب الكميات والنوعية المتفق عليها”.

تبلغ حصة الأردن السنوية من المياه حسب الاتفاقية/ ملحق المياه رقم (2)، وما تم الاتفاق عليه لاحقاً عام 1997 بين الملك الراحل حسين ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، 35 مليون متر مكعب اضافة إلى كميات المياه التي يتم تخزينها أثناء فصل الشتاء في بحيرة طبريا ويعاد ضخّها إلى الأردن خلال فصل الصيف.

شحّ بالأمطار ومشاريع على خارطة التنفيذ

يشهد الأردن منذ دخول فصل الشتاء الحالي، شحّاً في مياه الأمطار، نتيجة التغيرات المناخية المتزايدة، ولم تتجاوز كميات الأمطار المتراكمة، حتى منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، الـ4 في المئة فقط من المعدل الموسمي العام، وفق الأرقام الرسمية لدائرة الأرصاد الجوية، ما أثار القلق بخاصة مع ممارسة الزراعة بأنماط مكثفة على مدار العام لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء في المملكة، والتي تعتمد على مياه الأمطار بشكل كامل، والتي يتم تجميعها في السدود، وأيضاً على المياه الجوفية التي باتت مهدّدة بسبب السحب الجائر الذي تعدّى حاجز الأمان.

يقول الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة الأردنية لورانس المجالي لـ”درج”، إن الأردن ينتج سنوياً مليونين ونصف المليون طن من الخضار والفواكه، ولا شك في أن القطاع الزراعي في الأردن ومنذ أعوام تأثّر بالتغيرات المناخية والإزاحة المطرية، وأدت قلة الأمطار إلى تغيّر في مواعيد الزراعة أيضاً، كما أثرت بشكل مباشر على المحاصيل الحقلية.

ونوّه المجالي الى وجود خطط مشتركة للزراعة من خلال الحصاد المائي عبر إنشاء 155 حفيرة وسداً ترابياً بالتنسيق مع المركز الجغرافي ووزارة المياه وسلطة وادي الأردن، وعدد من الجهات، أيضاً أنشأنا ما يزيد على 10 آلاف بئر تجميع مياه في المنطقة الغربية، بالإضافة الى الاستخدام الأمثل لتقنيات المياه الجديدة مثل الأكوابوليك والهايدرابوليك، وذلك كله لتخفيف استهلاك المياه.

أما الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه الأردنية عمر سلامة، فيقول لــ”درج”، إن الأردن يعاني من تحديثات مائية كبيرة في ما يتعلق بموضوع توافر مصادر المياه المتاحة، بخاصة أنه من المناطق الشحيحة والجافة وشبه الجافة في العالم، فمساحته التي تبلغ 98 ألف كيلومتر مربع، 92 في المئة منها هي عبارة عن أراض جافة، إذ إن الهطول المطري فيها لا يزيد على 50 مليمتراً، فيما تحظى المناطق الغربية أو الشفاغورية بكميات وفيرة من الأمطار.

ويلفت سلامة الى أن حصة الأردن من مصادر المياه السطحية قد تراجعت، إذ يحصل من نهر الأردن على 30 مليون متر مكعب بموجب اتفاقية السلام 1994، بعدما كان يحصل على مليار و250 مليون متر مطلع الخمسينيات من القرن الماضي نتيجة الظروف الجيوسياسية التي حدثت في المنطقة والتغيرات الديمغرافية في المنطقة العربية. وتراجعت حصة المياه من حوض نهر اليرموك بشكل كبير، فالتدفق كان يبلغ عند توقيع اتفاقية نهر اليرموك عام 1987، 300 متر مكعب في الثانية، أما الآن فأصبح أقل من متر مكعب واحد في الثانية.

في المقابل، يؤمن مشروع الناقل الوطني 300 مليون متر مكعب من مياه البحر المحلاة، لكنه يحتاج إلى ميزانية مرتفعة في ظل توقعات ازدياد العجز المائي من 50 الى 100 مليون متر مكعب حتى عام 2030 بالتزامن مع زيادة أعداد السكن، بحسب سلامة.

رأي معاكس!

يقول الدكتور سفيان التل، المقرر العام الأسبق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP، وهو مستشار دولي في شؤون التخطيط والبيئة لـ”درج”، إن مياه نهر الأردن هي من حق الأردن وفلسطين، وليس لإسرائيل الحق في أي متر مكعب منه، وبحسب الأعراف الدولية والقوانين الدولية كان نهر الأردن هو الحد الفاصل بين الأردن وفلسطين وليس بين الأردن وإسرائيل، حتى أن الضفة ليست أراضيَ إسرائيلية.

ويتابع أن هناك قوانين دولية للدول المشاطئة على الأنهار وحق الاستفادة منها، لكن إسرائيل لم تتقيّد فيها عندما حوّلت مجرى نهر الأردن شمال بحيرة طبريا، وأخذت معظم مياهه عبر أنابيب إلى داخل فلسطين المحتلة، ومن ثم إلى النقب، وما بقي في نهر الأردن هو مياه ملوّثة تخرج من بحيرة طبريا وتضاف إليها مياه مجاري إسرائيل ومياه برك الأسماك، وهي غير صالحة حتى للزراعة.

ويرى التل أن واقع الماء في الأردن جيد جداً ولدينا مخزون كبير منه، ولا يمكن قبول التسويق السياسي بأن الأردن بلد فقير بالمياه، فهو يقوم على مجموعة من الأحواض المائية قد تتجاوز 12 أو 13 حوضاً مائياً تغطي كامل مساحة الأردن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وفيها مياه كافية، يضاف إليها الهطول المطري على الأراضي الأردنية بمعدل يعود إلى 50 سنة إلى الوراء، وهو نحو 7 إلى 8 مليارات متر مكعب، تذهب معظمها مهدورة وتشكل فيضانات، وتتسبب بكوارث، بينما يجب حجز هذه المياه والاستفادة منها وتخزينها في باطن الأرض.

ويؤكد التل أن إسرائيل سرقت المياه الأردنية، فنهر اليرموك كما هو ثابت قانونياً وتاريخياً، يشكل حدّاً فاصلاً بيننا وبين سوريا، وعندما كان يلتقي بنهر الأردن دخلت إسرائيل واحتلّت نقطة اللقاء تعسفياً واحتلالاً، مدّعية أنها أصبحت مشاطئة لنهر اليرموك ولها حقوق فيه. 

حلول فورية… ولكن!

يوضح الدكتور عبد الرحمن الشبيب، خبير أنظمة علوم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد في إدارة الموارد المائية، لـ”درج”، أن التغير المناخي هو نتاج لسنوات طويلة من عدم اكتراث الدول الصناعية، في حين يعتبر أحد أبرز التحديات الحاصلة وله آثار سلبية على مختلف القطاعات التنموية، وأكثر هذه الآثار أهمية هو ندرة المياه والجفاف، إذ يشهد الأردن فترة جفاف هي الأسوأ في تاريخه، ناتجة عن التغير المناخي الذي تسبب بانخفاض في معدلات الهطول المطري وارتفاع درجات الحرارة، وهو ما ينعكس بصورة كارثية على قطاع المياه والزراعة في مناطق تعتبر سلة القطاع الأردني، كالأغوار ووادي الأردن والبادية التي أصبحت مهددة وغير قادرة على استدامة إنتاجها.

ويبين الشبيب أنه يجب على الحكومة الأردنية البحث عن طرق لتجميع مياه الأمطار وحمايتها من عمليات التبخر، وذلك باستخدام الكهوف البركانية الموجودة بالمنطقة في تخزين المياه وحمايتها من التبخر، وكذلك استعمالها في عمليات تغذية المياه الجوفية، ما يتيح حلولاً فورية تؤسس لأساليب زراعية متطورة، من خلال التوسع في الزراعة الذكية والزراعة المائية لزيادة الإنتاج مع تقليل استهلاك المياه والتشجيع على زراعة المحاصيل التي تتحمل الجفاف وتتكيف مع التغيرات المناخية الحاصلة.

ويؤكد الشبيب ضرورة تحسين إدارة الموارد المائية لتخفيف الاستنزاف من خلال تطوير أنظمة توزيع مياه الشرب وتعزيز مشاريع تحلية المياه والاستفادة من المياه المعالجة في عمليات الزراعة، وأيضاً استغلال المياه الجوفية العميقة ولكن بحكمة، إذ من الممكن اللجوء الى استخراج المياه الجوفية العميقة لدعم الاحتياجات المائية والالتزام بضوابط عملية وعلمية تضمن استدامتها.

ويختم الشبيب بأن على الحكومات الأردنية الاستثمار في البحث العلمي الموجود في الجامعات الأردنية، وبالتالي وضع سياسات متكاملة للتصدي لهذه التحديات العملية.

|

اشترك بنشرتنا البريدية