في عام ١٩٦٧ نشر باحث الدكتوراه حينذاك، (صمويل سميثيمان)، إعلاناً غريباً في إحدى الصحف في لوس أنجلوس: “هل أنت مُغتَصِب؟ باحثٌ يرغب في إجراء مقابلة عبر الهاتف حفاظاَ على سرية الهوية”. يتذكر صمويل اليوم،(٧٢ عاماً)، والمتخصص في علم النفس العلاجي في ولاية كارولينا الجنوبية، كيف جلس بجوار هاتفه، متشككاً في أنه سوف يرنّ.
يقول ، “لم أظن أن أحداً سيتصل”. ولكن الهاتف رن ما يقرب من مئتي مرة.
على الطرف الآخر من الخط كان هناك مبرمج كمبيوتر اغتصب صديقته، ورسام اغتصب زوجة أحد معارفه، وأمين مدرسة تحدث عن ١٠ إلى ١٥ حالة اغتصاب كوسيلة للانتقام من “الأغنياء الأوغاد” في (بيفرلي هيلز). وبحلول نهاية الصيف، أكمل الدكتور (سميثيمان) ٥٠ مقابلة، أصبحت أساس أطروحته، “المغتصِب غير المكتَشَفْ”.
ما كان مفاجئاً بشكل خاص بالنسبة له هو المظهر العادي لهؤلاء الرجال، ومدى تنوع خلفياتهم. وخلص إلى أن قلة فقط من التعميمات يمكن الاستناد إليها.على مدى الأسابيع القليلة الماضية، ردّدت النساء في جميع أنحاء العالم حكايات عن التحرش والاعتداءات الجنسية من خلال نشر الحكايات على مواقع التواصل الاجتماعية مع الهاشتاغ #MeToo. حتى مع التركيز على الفئة الثانية فقط، كانت السير الذاتية للمتهمين متنوعة بشدة بحيث يبدو أنها تدعم ملاحظة الدكتور (سميثيمان).ولكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن هناك بعض القواسم المشتركة.
في العقود التي انقضت منذ نشر (سميثيمان) ورقته البحثية، كان العلماء يرسمون تدريجياً صورة للرجال الذين يرتكبون اعتداءات جنسية. وتبين أن أوجه التشابه الأكثر وضوحاً لا ترتبط بالفئات الديموغرافية التقليدية، مثل العِرق والطبقة والحالة الاجتماعية. بدلاً من ذلك، أظهرت الدراسات أنواع أخرى من الأنماط: يبدأ هؤلاء الرجال في وقت مبكر. وقد يجتمعون بآخرين ممن يرتكبون العنف الجنسي أيضاً. وعادة ما ينكرون اغتصابهم للنساء حتى عندما يعترفون بممارسة الجنس دون موافقة الطرف الثاني.ويوضح العديد من الباحثين أن فهم هذه الأنماط وغيرها هو المسار الأكثر واقعية نحو تقليص السلوكيات التي تسبب الكثير من الألم. وتقول (شيري هامبي)، رئيس تحرير مجلة “علم نفس العنف”: “إذا لم نفهم المعتدين جيداً، فلن نفهم أبداً العنف الجنسي”. قد يبدو ذلك واضحاً، لكنها قالت إنها تتلقى “١٠ أوراق عن الضحايا” مقابل واحدة عن المعتدين. ولعل هذا الواقع مرتبطٌ جزئياً بالميل إلى النظر إلى الاعتداء الجنسي بوصفه قضية المرأة، حتى وإن كان الرجال هم عادة من يرتكبون الجريمة. كما أن العثور على الأشخاص المناسبين للدراسة يصعّب عملية البحث.كانت الدراسات المبكرة تعتمد اعتماداً كبيراً على المغتصبين المدانين. (نيل مالاموث)، وهو باحث متخصص في علم النفس في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، يرى أن درس العدوان الجنسي على مدى عقود يفسد البيانات. فهو يعتقد أن المساجين غالباً ما يكونون “عموميين”. يقول، “قد يسرقون التلفزيون، أو ساعتك، أو سيارتك. وأحياناً يسرقون الجنس”. ولكن الرجال الذين يرتكبون اعتداءات جنسية، ولا يسجنون لأنهم أفلتوا من العقاب، غالباً ما يكونون “متخصصين”. وهناك احتمال قوي بأن يكون هذا هو تجاوزهم الجنائي الأساسي.تميل الدراسات الحديثة إلى الاعتماد على المسوح التي لا تسجل اسماء المشاركين، بين طلاب الجامعات والمجتمعات الأخرى، والتي تأتي مع لغة قانونية تضمن أن إجاباتهم لا يمكن استخدامها ضدهم. وتتجنب الدراسات استخدام مصطلحات مثل “الاغتصاب” و”الاعتداء الجنسي”. فبدلاً من ذلك، يطرحون أسئلة محددة للغاية عن أفعالهم وأساليبهم. وينصب التركيز في معظم الأبحاث العدوانية الجنسية على سلوك المغتصبين. في الاستبيانات وفي مقابلات المتابعة، يعترف الأشخاص الذين يخضعون للدراسة بكل سهولة بعدم اهتمامهم بموافقة الطرف الآخر.معظم المغتصبين يبدأون في ممارسة هذا السلوك في سن الشباب، في المدرسة الثانوية أو أول سنتين من الكلية، من المرجح أنهم يتجاوزون الحدّ مع شخص يعرفونه، وفقاً للأبحاث. بعض هؤلاء الرجال يرتكبون اعتداءاً جنسياً أو اثنين ثم يتوقفون. آخرون، لا أحد يستطيع أن يحدد نسبتهم حتى الآن، يستمرون في ممارسة هذا السلوك أو حتى يزيدون منه.وجدت (أنطونيا آبي)، وهي باحثة في مجال علم النفس الاجتماعي في جامعة ولاية واين، أن الشبان الذين أعربوا عن الندم كانوا أقل عرضة لتكرار الإساءة في العام التالي، في حين أن أولئك الذين ألقوا باللائمة على الضحية كانوا أكثر عرضة للقيام بذلك مرة أخرى. فأحد المعتدين الذين يكررون نفس السلوك قال “شعرت بأنني كنت أنتقم منها لأنها أثارتني جنسياً”.اليوم، هناك نقاش محتدم بين الخبراء حول ما إذا كانت هناك نقطة يصبح فيها الاعتداء الجنسي سلوكاً راسخاً، وحول نسبة الاعتداءات التي يرتكبها معتدون متسلسلون. ويتفق معظم الباحثين على أن الخط الفاصل بين المعتدي العرضي وذاك الذي يكرر نفس السلوك ليس واضحاً. ويشير المجهود البحثي الذي قام به مؤخراً (كيفن سوارتوت)، أستاذ علم النفس والصحة العامة في جامعة جورجيا الحكومية، إلى أن المعتدين الذين لا يعتادون تكرار نفس السلوك بكثرة أكثر شيوعاً في الجامعات مما كان يعتقد سابقاً. وقالت (ماري كوس)، أستاذة الصحة العامة بجامعة أريزونا، التي صاغت مصطلح “اغتصاب الموعد الغرامي”: “إنها مسألة درجات، أشبه بالجرعة”.
جرعة من ماذا؟ بعض العوامل يطلق عليها الباحثون “عوامل احتمال التعرض للخطر”، مع الاعتراف بأن هؤلاء الرجال مع ذلك مسؤولون عن أفعالهم، لها وجود ملحوظ لدى أولئك الذين يرتكبون الاعتداءات الجنسية.شرب الخمر، والضغط المفترض لممارسة الجنس، والاعتقاد ب”خرافات الاغتصاب”، مثل الفكرة القائلة بأن الفتاة إن قالت لا فهي تعني نعم ، كلها عوامل تبرز بين الرجال الذين ارتكبوا اعتداءات جنسية. مجموعة الأفكار المسبقة التي تستخدم لغة معادية للمرأة هي من ضمن العوامل أيضاً.ولكن يبدو أن هناك أيضا سمات شخصية لها تأثير وسيط على هذه العوامل. وجد الدكتور (مالاموث) أن الرجال الذين تثيرهم بشدة مشاهد الاغتصاب في الأفلام الإباحية هم أقل عرضة لمحاولة القيام باعتداء جنسي إذا كانت لديهم درجة عالية من التعاطف. أما النرجسية فتعمل في الاتجاه الآخر، مما يزيد من احتمال أن يرتكب الرجال اعتداءاً جنسياً واغتصاباً.وماذا عن فكرة أن الاغتصاب يتعلق بالسيطرة على المرأة؟
يرى بعض الخبراء أن البحث في المواقف العدائية تجاه المرأة يدعم هذه الفكرة. غير أن الباحثين يقولون إن الدوافع متنوعة ويصعب تحديدها كمياً. وقد لاحظ الدكتور (مالاموث) أن المعتدين الذين يكررون ذلك السلوك غالباً ما يروون قصصاً عن تعرضهم للرفض في المدرسة الثانوية، ووقوفهم في صفوف المتفرجين بينما كان “لاعبو كرة القدم يحصلون على جميع الفتيات الجميلات”.حين يحقق هؤلاء الرجال النرجسيون، الذين لم يكونوا يحظون بشعبية في الماضي، النجاح، فإنه يشتبه في أن “الانتقام من هؤلاء النسوة، والسيطرة عليهن، قد يصبح مصدر إثارة”.معظم الذين خضعوا لهذه الدراسات اعترفوا ببساطة بممارسة الجنس “دون موافقة الطرف الآخر”، ولكن هذا لا يعني أنهم يعتبرونه اغتصابًا. يواجه الباحثون هذا التناقض مراراً وتكراراً. تقول الدكتورة (كوس) إن الرد على سؤال “إذا ما كانوا قد فعلوا ذلك دون موافقتهن”، يكون في الأغلب بنعم. ولكن الرد على سؤال ما إذا كان هذا “شيئاً مثل الاغتصاب” فإن الجواب هو “لا” في معظم الأحيان.وتجد الدراسات التي أجريت حول المغتصبين السجناء حتى الرجال الذين اعترفوا باسترقاق الفتيات في مناطق النزاع لا يسمون ما فعلوه اغتصاباً. إنهم لا ينكرون ارتكاب الاعتداء الجنسي، لكنهم لا يعتبرون ما فعلوه جريمة وحشية. وهذا ليس دليلاً على أن الذين شملتهم الدراسة (سيكوباتيون) أو مضطربو العقل، كما قالت الدكتور (هامبي)، محررة المجلة. بل هي علامة على أنهم بشر. وأضافت “لا أحد يعتقد أنه شخص سيء”.والواقع أن الخبراء يلاحظون سمة أخيرة يشترك فيها المغتصبون: إنهم لا يعتقدون أنهم هم سبب المشكلة.
المقال مترجم عن الرابط التالي
[video_player link=””][/video_player]

ما يعرفه الخبراء عن صفات المغتصبين
في عام ١٩٦٧ نشر باحث الدكتوراه حينذاك، (صمويل سميثيمان)، إعلاناً غريباً في إحدى الصحف في لوس أنجلوس: “هل أنت مُغتَصِب؟ باحثٌ يرغب في إجراء مقابلة عبر الهاتف حفاظاَ على سرية الهوية”. يتذكر صمويل اليوم،(٧٢ عاماً)، والمتخصص في علم النفس العلاجي في ولاية كارولينا الجنوبية، كيف جلس بجوار هاتفه، متشككاً في أنه سوف يرنّ.

تخبّط عالمي بعد تعليق التمويل الأميركي… ماذا عن الإعلام المستقلّ والجيش اللبناني؟

مجتمع الميم في سوريا: انتهاك الكرامة الإنسانيّة وترسيخ الإفلات من العقاب !

لبنان: تحالف مرئي بين “حزب المصارف” وحزب السلاح
"درج"
في عام ١٩٦٧ نشر باحث الدكتوراه حينذاك، (صمويل سميثيمان)، إعلاناً غريباً في إحدى الصحف في لوس أنجلوس: “هل أنت مُغتَصِب؟ باحثٌ يرغب في إجراء مقابلة عبر الهاتف حفاظاَ على سرية الهوية”. يتذكر صمويل اليوم،(٧٢ عاماً)، والمتخصص في علم النفس العلاجي في ولاية كارولينا الجنوبية، كيف جلس بجوار هاتفه، متشككاً في أنه سوف يرنّ.
في عام ١٩٦٧ نشر باحث الدكتوراه حينذاك، (صمويل سميثيمان)، إعلاناً غريباً في إحدى الصحف في لوس أنجلوس: “هل أنت مُغتَصِب؟ باحثٌ يرغب في إجراء مقابلة عبر الهاتف حفاظاَ على سرية الهوية”. يتذكر صمويل اليوم،(٧٢ عاماً)، والمتخصص في علم النفس العلاجي في ولاية كارولينا الجنوبية، كيف جلس بجوار هاتفه، متشككاً في أنه سوف يرنّ.
يقول ، “لم أظن أن أحداً سيتصل”. ولكن الهاتف رن ما يقرب من مئتي مرة.
على الطرف الآخر من الخط كان هناك مبرمج كمبيوتر اغتصب صديقته، ورسام اغتصب زوجة أحد معارفه، وأمين مدرسة تحدث عن ١٠ إلى ١٥ حالة اغتصاب كوسيلة للانتقام من “الأغنياء الأوغاد” في (بيفرلي هيلز). وبحلول نهاية الصيف، أكمل الدكتور (سميثيمان) ٥٠ مقابلة، أصبحت أساس أطروحته، “المغتصِب غير المكتَشَفْ”.
ما كان مفاجئاً بشكل خاص بالنسبة له هو المظهر العادي لهؤلاء الرجال، ومدى تنوع خلفياتهم. وخلص إلى أن قلة فقط من التعميمات يمكن الاستناد إليها.على مدى الأسابيع القليلة الماضية، ردّدت النساء في جميع أنحاء العالم حكايات عن التحرش والاعتداءات الجنسية من خلال نشر الحكايات على مواقع التواصل الاجتماعية مع الهاشتاغ #MeToo. حتى مع التركيز على الفئة الثانية فقط، كانت السير الذاتية للمتهمين متنوعة بشدة بحيث يبدو أنها تدعم ملاحظة الدكتور (سميثيمان).ولكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن هناك بعض القواسم المشتركة.
في العقود التي انقضت منذ نشر (سميثيمان) ورقته البحثية، كان العلماء يرسمون تدريجياً صورة للرجال الذين يرتكبون اعتداءات جنسية. وتبين أن أوجه التشابه الأكثر وضوحاً لا ترتبط بالفئات الديموغرافية التقليدية، مثل العِرق والطبقة والحالة الاجتماعية. بدلاً من ذلك، أظهرت الدراسات أنواع أخرى من الأنماط: يبدأ هؤلاء الرجال في وقت مبكر. وقد يجتمعون بآخرين ممن يرتكبون العنف الجنسي أيضاً. وعادة ما ينكرون اغتصابهم للنساء حتى عندما يعترفون بممارسة الجنس دون موافقة الطرف الثاني.ويوضح العديد من الباحثين أن فهم هذه الأنماط وغيرها هو المسار الأكثر واقعية نحو تقليص السلوكيات التي تسبب الكثير من الألم. وتقول (شيري هامبي)، رئيس تحرير مجلة “علم نفس العنف”: “إذا لم نفهم المعتدين جيداً، فلن نفهم أبداً العنف الجنسي”. قد يبدو ذلك واضحاً، لكنها قالت إنها تتلقى “١٠ أوراق عن الضحايا” مقابل واحدة عن المعتدين. ولعل هذا الواقع مرتبطٌ جزئياً بالميل إلى النظر إلى الاعتداء الجنسي بوصفه قضية المرأة، حتى وإن كان الرجال هم عادة من يرتكبون الجريمة. كما أن العثور على الأشخاص المناسبين للدراسة يصعّب عملية البحث.كانت الدراسات المبكرة تعتمد اعتماداً كبيراً على المغتصبين المدانين. (نيل مالاموث)، وهو باحث متخصص في علم النفس في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، يرى أن درس العدوان الجنسي على مدى عقود يفسد البيانات. فهو يعتقد أن المساجين غالباً ما يكونون “عموميين”. يقول، “قد يسرقون التلفزيون، أو ساعتك، أو سيارتك. وأحياناً يسرقون الجنس”. ولكن الرجال الذين يرتكبون اعتداءات جنسية، ولا يسجنون لأنهم أفلتوا من العقاب، غالباً ما يكونون “متخصصين”. وهناك احتمال قوي بأن يكون هذا هو تجاوزهم الجنائي الأساسي.تميل الدراسات الحديثة إلى الاعتماد على المسوح التي لا تسجل اسماء المشاركين، بين طلاب الجامعات والمجتمعات الأخرى، والتي تأتي مع لغة قانونية تضمن أن إجاباتهم لا يمكن استخدامها ضدهم. وتتجنب الدراسات استخدام مصطلحات مثل “الاغتصاب” و”الاعتداء الجنسي”. فبدلاً من ذلك، يطرحون أسئلة محددة للغاية عن أفعالهم وأساليبهم. وينصب التركيز في معظم الأبحاث العدوانية الجنسية على سلوك المغتصبين. في الاستبيانات وفي مقابلات المتابعة، يعترف الأشخاص الذين يخضعون للدراسة بكل سهولة بعدم اهتمامهم بموافقة الطرف الآخر.معظم المغتصبين يبدأون في ممارسة هذا السلوك في سن الشباب، في المدرسة الثانوية أو أول سنتين من الكلية، من المرجح أنهم يتجاوزون الحدّ مع شخص يعرفونه، وفقاً للأبحاث. بعض هؤلاء الرجال يرتكبون اعتداءاً جنسياً أو اثنين ثم يتوقفون. آخرون، لا أحد يستطيع أن يحدد نسبتهم حتى الآن، يستمرون في ممارسة هذا السلوك أو حتى يزيدون منه.وجدت (أنطونيا آبي)، وهي باحثة في مجال علم النفس الاجتماعي في جامعة ولاية واين، أن الشبان الذين أعربوا عن الندم كانوا أقل عرضة لتكرار الإساءة في العام التالي، في حين أن أولئك الذين ألقوا باللائمة على الضحية كانوا أكثر عرضة للقيام بذلك مرة أخرى. فأحد المعتدين الذين يكررون نفس السلوك قال “شعرت بأنني كنت أنتقم منها لأنها أثارتني جنسياً”.اليوم، هناك نقاش محتدم بين الخبراء حول ما إذا كانت هناك نقطة يصبح فيها الاعتداء الجنسي سلوكاً راسخاً، وحول نسبة الاعتداءات التي يرتكبها معتدون متسلسلون. ويتفق معظم الباحثين على أن الخط الفاصل بين المعتدي العرضي وذاك الذي يكرر نفس السلوك ليس واضحاً. ويشير المجهود البحثي الذي قام به مؤخراً (كيفن سوارتوت)، أستاذ علم النفس والصحة العامة في جامعة جورجيا الحكومية، إلى أن المعتدين الذين لا يعتادون تكرار نفس السلوك بكثرة أكثر شيوعاً في الجامعات مما كان يعتقد سابقاً. وقالت (ماري كوس)، أستاذة الصحة العامة بجامعة أريزونا، التي صاغت مصطلح “اغتصاب الموعد الغرامي”: “إنها مسألة درجات، أشبه بالجرعة”.
جرعة من ماذا؟ بعض العوامل يطلق عليها الباحثون “عوامل احتمال التعرض للخطر”، مع الاعتراف بأن هؤلاء الرجال مع ذلك مسؤولون عن أفعالهم، لها وجود ملحوظ لدى أولئك الذين يرتكبون الاعتداءات الجنسية.شرب الخمر، والضغط المفترض لممارسة الجنس، والاعتقاد ب”خرافات الاغتصاب”، مثل الفكرة القائلة بأن الفتاة إن قالت لا فهي تعني نعم ، كلها عوامل تبرز بين الرجال الذين ارتكبوا اعتداءات جنسية. مجموعة الأفكار المسبقة التي تستخدم لغة معادية للمرأة هي من ضمن العوامل أيضاً.ولكن يبدو أن هناك أيضا سمات شخصية لها تأثير وسيط على هذه العوامل. وجد الدكتور (مالاموث) أن الرجال الذين تثيرهم بشدة مشاهد الاغتصاب في الأفلام الإباحية هم أقل عرضة لمحاولة القيام باعتداء جنسي إذا كانت لديهم درجة عالية من التعاطف. أما النرجسية فتعمل في الاتجاه الآخر، مما يزيد من احتمال أن يرتكب الرجال اعتداءاً جنسياً واغتصاباً.وماذا عن فكرة أن الاغتصاب يتعلق بالسيطرة على المرأة؟
يرى بعض الخبراء أن البحث في المواقف العدائية تجاه المرأة يدعم هذه الفكرة. غير أن الباحثين يقولون إن الدوافع متنوعة ويصعب تحديدها كمياً. وقد لاحظ الدكتور (مالاموث) أن المعتدين الذين يكررون ذلك السلوك غالباً ما يروون قصصاً عن تعرضهم للرفض في المدرسة الثانوية، ووقوفهم في صفوف المتفرجين بينما كان “لاعبو كرة القدم يحصلون على جميع الفتيات الجميلات”.حين يحقق هؤلاء الرجال النرجسيون، الذين لم يكونوا يحظون بشعبية في الماضي، النجاح، فإنه يشتبه في أن “الانتقام من هؤلاء النسوة، والسيطرة عليهن، قد يصبح مصدر إثارة”.معظم الذين خضعوا لهذه الدراسات اعترفوا ببساطة بممارسة الجنس “دون موافقة الطرف الآخر”، ولكن هذا لا يعني أنهم يعتبرونه اغتصابًا. يواجه الباحثون هذا التناقض مراراً وتكراراً. تقول الدكتورة (كوس) إن الرد على سؤال “إذا ما كانوا قد فعلوا ذلك دون موافقتهن”، يكون في الأغلب بنعم. ولكن الرد على سؤال ما إذا كان هذا “شيئاً مثل الاغتصاب” فإن الجواب هو “لا” في معظم الأحيان.وتجد الدراسات التي أجريت حول المغتصبين السجناء حتى الرجال الذين اعترفوا باسترقاق الفتيات في مناطق النزاع لا يسمون ما فعلوه اغتصاباً. إنهم لا ينكرون ارتكاب الاعتداء الجنسي، لكنهم لا يعتبرون ما فعلوه جريمة وحشية. وهذا ليس دليلاً على أن الذين شملتهم الدراسة (سيكوباتيون) أو مضطربو العقل، كما قالت الدكتور (هامبي)، محررة المجلة. بل هي علامة على أنهم بشر. وأضافت “لا أحد يعتقد أنه شخص سيء”.والواقع أن الخبراء يلاحظون سمة أخيرة يشترك فيها المغتصبون: إنهم لا يعتقدون أنهم هم سبب المشكلة.
المقال مترجم عن الرابط التالي
[video_player link=””][/video_player]
"درج"
آخر القصص

السعادة للنساء القويات والمتمردات فقط!

50 مليون طن من الركام الملوّث خلّفتها الحرب الإسرائيليّة على غزة

تخبّط عالمي بعد تعليق التمويل الأميركي… ماذا عن الإعلام المستقلّ والجيش اللبناني؟

مجتمع الميم في سوريا: انتهاك الكرامة الإنسانيّة وترسيخ الإفلات من العقاب !
