فضحت دموع الصحافية نبيهة الطه خوفها على زوجها الصحافي بكر القاسم إثر اعتقاله يوم الاثنين الفائت من الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني المدعوم من تركيا شمال محافظة حلب.
في مقطع فيديو بثته زوجة بكر القاسم على صفحتها في “فيسبوك”، قالت إن زوجها يعمل مع وكالات صحافية عدة، منها وكالتا الأناضول التركية والـ AFP، واعتُقل بعد خروجهما من تغطية صحافية في المعرض الصناعي بمدينة الباب، ليتم توقيفهما سوية من الشرطة العسكرية والاستخبارات التركية، ثم زج كل منهما بسيارة مختلفة.
لم تدرِ نبيهة الطه إلى أين ذهبوا بزوجها بكر، أما هي فبقيت تحت الحجز في مكتب رئيس فرع الشرطة العسكرية في مدينة الباب، ثم أفرج عنها بعد ضغط شعبي من سكان المنطقة.
تؤكد الطه أنها لا تعلم شيئاً عن مصير زوجها سوى أنه معتقل لدى الشرطة العسكرية في قرية حوار كلس الحدودية مع تركيا في منطقة أعزاز شمال محافظة حلب، مطالبةً الجهات الدولية والمحلية ذات الشأن الصحافي والسلطات التركية بالمساعدة في الإفراج عن زوجها.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن عناصر من الشرطة العسكرية اعتقلت بكر القاسم يوم الاثنين بعد توقيفه وسط مدينة الباب، و”اعتدت عليه بالضرب والسحل خلال محاولته الاستفسار عن سبب اعتقاله”. وبحسب المرصد، “نقلت الاستخبارات التركية القاسم إلى مركز الشرطة العسكرية” في المدينة.
يعمل القاسم منذ العام 2018 مع وكالة “فرانس برس” كمصوّر إلى جانب عمله مع مؤسسات أخرى، بينها وكالة أنباء الأناضول التركية ومنصات إخبارية محلية. وشارك في تغطية مراحل عدة من النزاع السوري، إضافة الى الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا المجاورة في شباط/ فبراير 2023، وفقد خلاله القاسم عدداً من أفراد عائلته.
لم تتوقّف الشرطة العسكرية عند اعتقال بكر القاسم بل عمدت إلى مداهمة منزله ومصادرة أموال ومصاغ وأجهزة ذكية وذواكر أُعيدت بعد 24 ساعة الى زوجة بكر القاسم.
يعُتبر بكر القاسم الصحافي المعتقل الثاني خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ففي 26\6\2024 اعتقلت الشرطة العسكرية ذاتها الصحافي كرم كلية أثناء عمله في مدينة أعزاز شمال حلب، وأودعته في سجونها بالمنطقة من دون الكشف عن مصيره أو تقديمه للأجهزة القضائية المختصة، كما اعتقل الصحفي ياسين أبو رائد مؤسس منصة كوزال، والصحفي محمد أديب.
وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، أصدرت أجسام إعلامية في شمال غربي سوريا، منها شبكة الإعلاميين السوريين واتحاد إعلاميي الغوطة ورابطة الإعلاميين السوريين، بيانات متتابعة للكشف عن مصير الإعلامي كرم كلية، بيد أن السلطات لم تتجاوب مع المطالب والنداءات التي أطلقها صحافيون مستقلون في الوقت ذاته.
انتهاج أسلوب الاعتقال التعسفي بحق الإعلاميين في مناطق الجيش الوطني المدعوم من تركيا دفع الإعلاميين والصحافيين الى تنظيم وقفة احتجاجية في مدينة إدلب مساء يوم الثلاثاء 27\8\2024 تضامناً مع الصحافيين المعتقلين من الشرطة العسكرية.
رفع الصحافيون المحتجون لافتات ضد إجراءات الاعتقال التي حدّت من حرية العمل الصحافي بالمنطقة، وطالبوا الجهات والسلطات في المنطقة وما يسمى “الحكومة السورية المؤقتة” بالكشف عن مصير الصحافيين المغيبين في السجون، والإفراج عنهم أو تقديمهم للقضاء.
“عوضاً عن أن تحمي المؤسسات الموجودة بالمنطقة المدنيين والصحافيين على حد سواء، تعتقلهم وتسلمهم لجهة خارجية”.
ما دور الاستخبارات التركيّة؟
يقول الصحافي أحمد رحال إن الشرطة العسكرية اعتقلت كرم كلية وبكر القاسم وسلمتهما للاستخبارات التركيّة، الأسلوب الذي يدينه المحتجون بشدة، ويضيف:”عوضاً عن أن تحمي المؤسسات الموجودة بالمنطقة المدنيين والصحافيين على حد سواء، تعتقلهم وتسلمهم لجهة خارجية”.
واعتقل الصحافيان كرم وبكر تعسفياً من دون توجيه أي تهمة مباشرة إليهما، وفي تواطؤ واضح مع الاستخبارات التركية وأذرعها في المنطقة.
يقول الصحافي وليد أكتع: “أي صحافي في سوريا معرض للاعتقال من دون أي سبب، ولا يزال سبب اعتقال الصحافيين بكر القاسم وبكر كلية مجهولاً، ولم توجّه لهما أي تهمة من السلطات الموجودة بالمنطقة، وأي شخص يسأل عنهما تخبرهم السلطات أنهما موجودان لدى الاستخبارات التركية، والأخيرة لم تقدّم لذويهم أي سبب للاعتقال”.
نددت لجنة حماية الصحافيين باعتقال الصحافي بكر القاسم ونقله للاحتجاز لدى المخابرات التركية، داعية إلى الإفراج الفوري عنه.
وقالت يجانة رضائيان، منسقة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المؤقتة في لجنة حماية الصحافيين، في واشنطن العاصمة: “نشعر بقلق عميق إزاء احتجاز فصائل المعارضة السورية الصحافي بكر القاسم من دون تفسير ونقله إلى حجز المخابرات التركية. ينبغي للجماعات السورية أن تتوقف عن تقليد النهج العدواني للرئيس بشار الأسد تجاه وسائل الإعلام. وينبغي للسلطات المحلية أن تفرج فوراً عن القاسم وأن تتوقف عن احتجاز الصحافيين”.
وفي السياق ذاته، دعت منظمة مراسلون بلا حدود للإفراج الفوري عن بكر القاسم الذي لم يستطيع توكيل محامٍ للدفاع عنه، وإعادة المعدات المصادرة، و التوقف عن مضايقة الصحافيين في سوريا ،التي تعتبر واحدة من أخطر البلدان في العالم بالنسبة الى العاملين في مجال الإعلام.
في نيسان/ أبريل 2023 وخلال زيارته لسوريا قادماً من تركيا، عمدت الشرطة العسكرية في الجيش الوطني إلى اعتقال الصحافي رزق العبي وزوجته أمينة بمجرد دخولهما الأراضي السورية، ليبقى العبي معتقلاً لأكثر من 10 أشهر في السجون التركية في مدينة إسطنبول بعد بطلان الاتهامات الموجهة إليه حينها بحسب رابطة الصحافيين السوريين.
وفي تصريح رسمي صدر عن المعارضة السورية، قال عبد الرحمن مصطفى، رئيس الحكومة الموقتة التابعة للائتلاف السوري المعارض، رداً على اتصال “فرنس برس”، إنه ليس على علم بتوقيف الصحافي بكر القاسم.
وقالت رئيسة التحرير في وكالة “فرانس برس” صوفي أويت، “نناشد السلطات المحلية في شمال سوريا الإفراج فوراً عن مراسلنا بكر القاسم والسماح له باستئناف عمله بحرية.
سلسلة من الاعتقالات والاغتيالات
اغتال 3 عناصر أمنيين في فرقة الحمزة عام 2022، الناشط محمد عبد اللطيف أبو غنوم وزوجته الحامل أثناء مرورهما بجانب الفرن الآلي في مدينة الباب شرق مدينة حلب.
وفي شهر أيار/ مايو 2024، أصدرت محكمة “الجنايات العسكرية” في مدينة الراعي بريف حلب، حكم الإعدام بحق المتهمين بقضية اغتيال الزوحين.
وفي شهر كانون الأول/ ديسمبر2023، اعتدت قوات الشرطة المدنية في مدينة الراعي شمال حلب على عدد من الإعلاميين خلال تغطيتهم تظاهرة أمام قصر العدل نظّمها المحامون في المنطقة .
وطاول الاعتداء حينها مراسل تلفزيون “سوريا” همام الزين والمصور نزار أبو أيمن، والناشط الإعلامي محمد هارون، والناشط فارس زين العابدين، وملاذ الحمصي.
وظهر الإعلاميون آنذاك خلال تسجيلات مصورة ، تحدثوا فيها عن تكسير معداتهم وتعرضهم للاعتداء اللفظي والجسدي من عناصر الشرطة المدنية.
حينها، حمّل الناشط فارس زين العابدين في فيديو مصور، عبد الرحمن مصطفى، رئيس الحكومة السورية المؤقتة، مسؤولية الاعتداء عليه، إذ قالوا له حينها: “عبد الرحمن مصطفى رئيسك بالصرماي”.
إقرأوا أيضاً: