fbpx

مسيحيو سوريا: هل سيهاجرون جميعاً؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“نريد أن يظل أبناؤنا في مجتمعنا. ولهذا السبب نحاول دعمهم لبدء أعمالهم أو محاولة العثور على وظائف”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تقع كنيسة السيدة العذراء الشهيدة فبرونيا النصيبينية (نصيبين) التابعة للكنيسة الأرثوذكسية السورية في قرية هيمو على بعد بضع كيلومترات إلى الغرب من القامشلي. وقد بُنيت الكنيسة عام 2004 على ضريح يعود إلى القرن الرابع الميلادي. تُمثل هذه الأرض العصور المسيحية الأولى، وفي القرى المجاورة كان هناك ذات يوم مجتمع أشوري مزدهر. بيد أن الآن لم يتبق سوى عدد قليل من المسيحيين لحضور قداس الأحد.

تأسست المدن الرئيسية في شمال شرقي سوريا خلال الانتداب الفرنسي. وإذا أمعنت النظر في التخطيط الحضري في القامشلي- إذا استطعت تجاهل حركة المرور الفوضوية وخطوط الكهرباء العديدة المعلقة عبر الشوارع – فقد تلاحظ شبكة حضرية حديثة: فقد خطط الفرنسيون لهذه المدينة في عشرينات القرن الماضي لتوفير المأوى للأشوريين الذين نجوا من عمليات الترحيل والمجازر العثمانية. وبالمثل، أسس المُهجرون الأرمن بلدات مثل كوباني (عين العرب) أو تل أبيض. كان الاشوريون والأرمن على السواء ناجين من المذابح التي شهدتها الحرب العالمية الأولى، قادمين مما يعرف اليوم بالمقاطعات الشرقية والجنوبية لتركيا.

شكل السريان والأشوريون والكلدان والأرمن غالبية سكان المدن منذ عشرينيات القرن الماضي حتى السبعينات. بيد أن موجات الهجرة التي يرجع تاريخها إلى الخمسينات خفضت أعدادهم بشكل كبير. يُعد غابرييل موشيه أحد الشخصيات السياسية النشطة في القامشلي. فقد كان أسلافه من منطقة طور عبدين، التي تقع الآن في جنوب شرقي تركيا، وقد تعرضوا للترحيل خلال مذابح سيفو أو الإبادة الجماعية للآشوريين/للسريان، إلى ما أصبح في ما بعد سوريا. كلمة “سيفو” في اللغة الأشورية الكلدانية تعني “السيف” وتشير إلى عمليات الترحيل والمذابح التي عانى منها الشعب السرياني خلال الحرب العالمية الأولى.

ما أن ينقشع غبار الأزمة، هل ستكون هناك أي مجتمعات مسيحية- من أشوريين أو كلدان أو سريان أو أرمن أو يونانيين- ما زالت تعيش في مدن وقرى الشرق الأوسط؟

يوضح موشيه كيف بدأ الأشوريون وغيرهم من أفراد الجالية المسيحية الهجرة من شمال سوريا: “اعتاد البدو مهاجمة القرى الآشورية ولم تحمهم الدولة”. وبعد ذلك حدثت عملية تأميم الأراضي التي رافقت “عمليات التعريب”. كان “حزب البعث” وغيره من الأيديولوجيين العرب ينظرون إلى الأشوريين باعتبارهم “مسيحيين عرب” بدلاً من اعتبارهم جماعة عرقية متميزة لها لغتها وثقافتها وهويتها الوطنية. ونتيجة لذلك، أُغلقت المدارس الأشورية، والنوادي الاجتماعية، والمؤسسات الاخرى. وقد تأسست منظمته التي تحمل اسم “المنظمة الآشورية الديمقراطية” عام 1957 كرد فعل على سياسات التعريب هذه، إلا أنها أعلنت باعتبارها منظمة غير قانونية عام 1958.

مضيفاً “في منطقة الخابور، كانت هناك 43 قرية أشورية. غير أن إصلاحات الأراضي في عهد البعث أدت إلى إفلاس أعمالهم الزراعية”. بيد أن الأسوأ جاء مع الصراع: يقول موشيه، “بعدما هاجم تنظيم الدولة الإسلامية تلك القرى، لم يبق سوى 700 أشوري تقريباً في المنطقة”. قبل اندلاع الصراع، كان عدد السريانيين في منطقة الجزيرة السورية 150 ألفاً، بينما لم يتبق الآن سوى 40-45 ألفاً.

تتسم كنيسة سورب هاكوب -القديس يعقوب- الأرمنية الرسولية ببناء ضخم، على رغم عدم اكتماله. فقد كان من المقرر استبدال الكنيسة القديمة بصرح أكبر بكثير، إلا أن اندلاع الحرب في سوريا أوقف عملية إنشائها. يقول الدكتور سيروب باكراديان إن أجداده كانوا من قرية ساسون، مثل كثر من أفراد المجتمع الأرمني الآخرين الذين نشأوا في  الهضبة الأرمنية. وحين استقبلني الأب ليفون يغيايان في مكتبه، تحدث عن الصعوبات التي يواجهها مجتمعه في القامشلي؛ كانت في المدينة 1800 أسرة قبل اندلاع الصراع، والآن لم يتبق سوى 700 أسرة. وفي الحسكة المجاورة، لا يوجد سوى 89 أسرة، بينما تعيش 69 أسرة أرمنية فقط في مدينة ديريك (المالكية).

ولتوضيح الصعوبات التي يواجهونها في الحياة اليومية، تخضع الكنيسة في القامشلي لولاية أبرشية حلب الأرمنية. ويقول الأب يغيايان، “قبل ذلك، كان السفر إلى حلب يستغرق 4-5 ساعات. أما الآن فعلى المرء أن يسلك الطريق الجنوبي وقد يستغرق الأمر 15 ساعة، وفي بعض الأوقات 18 ساعة”. مضيفاً، نحن نعيش هنا بين خمسة جيوش مختلفة، وعلينا أن نجد طريقة للتعايش معها جميعاً”. تطرقنا في النقاش إلى المشكلات المحددة التي تواجهها المجتمعات الأرمنية في شمال شرقي سوريا، الذين يعيشون في ظل ظروف الحرب وعدم الاستقرار، ما يدفع الشباب إلى الهجرة، وأردف قائلاً، “يتعين على شباب الأرمن هنا أن يتعلموا اللغتين العربية والكردية، ولكن يتعين علينا أيضاً أن نشجعهم على الحفاظ على هويتنا الأرمنية. كيف نفعل ذلك؟ من خلال الحفاظ على مدارسنا ونوادينا وشبكاتنا المجتمعية”.

وفي معرض حديثه عن هجرة الشباب، قال الأب يغيايان، “يجب أن نكون واقعيين”. يمتلك الشباب في القامشلي أيضاً هواتف ذكية ويشاهدون من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ما يفعله الآخرون في أماكن أخرى. ويسأل متعجباً، “كيف لا يريدون المغادرة؟” مضيفاً، “لكننا نريد أيضاً أن يظل أبناؤنا في مجتمعنا. ولهذا السبب نحاول دعمهم لبدء أعمالهم أو محاولة العثور على وظائف”.

إقرأوا أيضاً:

يقول غابرييل موشيه إن حزبه- “المنظمة الأشورية الديموقراطية”- لا يشارك في “الإدارة الذاتية”، فضلاً عن أن الحزب من أشد النقاد للقوة الكردية الحاكمة. مضيفاً “على رغم أننا جزء من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، فإننا منفتحون على الحوار مع الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي. وناقشنا معهم تشكيل إدارة مستقلة عن القوى الخارجية. وطالبنا أيضاً بعقد شراكة حقيقية بين القوى السورية. إلا أنهم يقلدون تجربة حزب البعث في نظام الحزب الواحد، إضافة إلى الجبهات القومية الوطنية، باعتبارها شكلاً من أشكال الزينة”. وختم قائلاً، “لا أريد إيديولوجية أوجلان. ونريد أيضاً إقامة علاقات إيجابية مع تركيا ليس لأننا نحب تركيا- لأننا لم ننسَ مذابح سيفو-  لكنها الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقرار في منطقتنا”.

يشارك غابرييل موشيه آخرين في الشعور بأن “الإدارة الذاتية موقتة”. ومع ذلك، يرى في الإدارة الذاتية نواحي إيجابية، “إن منطقتنا أفضل بكثير من تلك المناطق الموجودة تحت حكم النظام أو جبهة النصرة؛ والعلمانية، وتشجيع المرأة على تولي مناصب في السلطة؛ فضلاً عن أنها لا تملك توجهات قومية متطرفة”، وتعزز حقوق الأقليات. ويقول إن القضية الكردية في الشرق الأوسط مهمة للغاية؛ وهي العنصر الرئيسي لتحقيق حقوق الأقليات الأخرى.

وجهت سؤالاً إلى صالح مسلم، الرئيس المشترك السابق لـ”حزب الاتحاد الديموقراطي” حول مستقبل الأشوريين والأرمن، ليجيبني، “هذا يعتمد عليهم”. مضيفاً “يجب عليهم ألا يتركوا أرضهم. ويجب أن يقاوموا. إذ إننا نؤمن بأن وجودنا هنا يعتمد على قدرتنا على التعايش؛ نظراً إلى أننا نكمل بعضنا بعضاً”. ثم خلص إلى القول، “إذا أراد الأشوريون والأرمن أن يعودوا، فلديهم مكان في قلوبنا”.

برغم الموقف الإيجابي الذي تتبناه القوى الكردية تجاه الطوائف المسيحية- على عكس الميليشيات الإسلامية المرتبطة بالمعارضة- يدفع عدم الاستقرار على المدى الطويل الشباب إلى الهجرة. إذ يتجه كثر إلى الهجرة هرباً من الخدمة العسكرية، أو لمواصلة تعليمهم في الخارج. وليس ذلك في المجتمعات المسيحية فحسب، بل أيضاً الأكراد والعرب يهاجرون. بيد أن ما يجعل المجتمعات المسيحية مختلفة عن غيرها هو أن نسبتهم من إجمالي عدد السكان السوريين انخفضت من 13 في المئة قبل الصراع، إلى 3 في المئة فقط اليوم.

لكن يظل السؤال، ما أن ينقشع غبار الأزمة، هل ستكون هناك أي مجتمعات مسيحية- من أشوريين أو كلدان أو سريان أو أرمن أو يونانيين- ما زالت تعيش في مدن وقرى الشرق الأوسط؟

إقرأوا أيضاً:

“نريد أن يظل أبناؤنا في مجتمعنا. ولهذا السبب نحاول دعمهم لبدء أعمالهم أو محاولة العثور على وظائف”.

تقع كنيسة السيدة العذراء الشهيدة فبرونيا النصيبينية (نصيبين) التابعة للكنيسة الأرثوذكسية السورية في قرية هيمو على بعد بضع كيلومترات إلى الغرب من القامشلي. وقد بُنيت الكنيسة عام 2004 على ضريح يعود إلى القرن الرابع الميلادي. تُمثل هذه الأرض العصور المسيحية الأولى، وفي القرى المجاورة كان هناك ذات يوم مجتمع أشوري مزدهر. بيد أن الآن لم يتبق سوى عدد قليل من المسيحيين لحضور قداس الأحد.

تأسست المدن الرئيسية في شمال شرقي سوريا خلال الانتداب الفرنسي. وإذا أمعنت النظر في التخطيط الحضري في القامشلي- إذا استطعت تجاهل حركة المرور الفوضوية وخطوط الكهرباء العديدة المعلقة عبر الشوارع – فقد تلاحظ شبكة حضرية حديثة: فقد خطط الفرنسيون لهذه المدينة في عشرينات القرن الماضي لتوفير المأوى للأشوريين الذين نجوا من عمليات الترحيل والمجازر العثمانية. وبالمثل، أسس المُهجرون الأرمن بلدات مثل كوباني (عين العرب) أو تل أبيض. كان الاشوريون والأرمن على السواء ناجين من المذابح التي شهدتها الحرب العالمية الأولى، قادمين مما يعرف اليوم بالمقاطعات الشرقية والجنوبية لتركيا.

شكل السريان والأشوريون والكلدان والأرمن غالبية سكان المدن منذ عشرينيات القرن الماضي حتى السبعينات. بيد أن موجات الهجرة التي يرجع تاريخها إلى الخمسينات خفضت أعدادهم بشكل كبير. يُعد غابرييل موشيه أحد الشخصيات السياسية النشطة في القامشلي. فقد كان أسلافه من منطقة طور عبدين، التي تقع الآن في جنوب شرقي تركيا، وقد تعرضوا للترحيل خلال مذابح سيفو أو الإبادة الجماعية للآشوريين/للسريان، إلى ما أصبح في ما بعد سوريا. كلمة “سيفو” في اللغة الأشورية الكلدانية تعني “السيف” وتشير إلى عمليات الترحيل والمذابح التي عانى منها الشعب السرياني خلال الحرب العالمية الأولى.

ما أن ينقشع غبار الأزمة، هل ستكون هناك أي مجتمعات مسيحية- من أشوريين أو كلدان أو سريان أو أرمن أو يونانيين- ما زالت تعيش في مدن وقرى الشرق الأوسط؟

يوضح موشيه كيف بدأ الأشوريون وغيرهم من أفراد الجالية المسيحية الهجرة من شمال سوريا: “اعتاد البدو مهاجمة القرى الآشورية ولم تحمهم الدولة”. وبعد ذلك حدثت عملية تأميم الأراضي التي رافقت “عمليات التعريب”. كان “حزب البعث” وغيره من الأيديولوجيين العرب ينظرون إلى الأشوريين باعتبارهم “مسيحيين عرب” بدلاً من اعتبارهم جماعة عرقية متميزة لها لغتها وثقافتها وهويتها الوطنية. ونتيجة لذلك، أُغلقت المدارس الأشورية، والنوادي الاجتماعية، والمؤسسات الاخرى. وقد تأسست منظمته التي تحمل اسم “المنظمة الآشورية الديمقراطية” عام 1957 كرد فعل على سياسات التعريب هذه، إلا أنها أعلنت باعتبارها منظمة غير قانونية عام 1958.

مضيفاً “في منطقة الخابور، كانت هناك 43 قرية أشورية. غير أن إصلاحات الأراضي في عهد البعث أدت إلى إفلاس أعمالهم الزراعية”. بيد أن الأسوأ جاء مع الصراع: يقول موشيه، “بعدما هاجم تنظيم الدولة الإسلامية تلك القرى، لم يبق سوى 700 أشوري تقريباً في المنطقة”. قبل اندلاع الصراع، كان عدد السريانيين في منطقة الجزيرة السورية 150 ألفاً، بينما لم يتبق الآن سوى 40-45 ألفاً.

تتسم كنيسة سورب هاكوب -القديس يعقوب- الأرمنية الرسولية ببناء ضخم، على رغم عدم اكتماله. فقد كان من المقرر استبدال الكنيسة القديمة بصرح أكبر بكثير، إلا أن اندلاع الحرب في سوريا أوقف عملية إنشائها. يقول الدكتور سيروب باكراديان إن أجداده كانوا من قرية ساسون، مثل كثر من أفراد المجتمع الأرمني الآخرين الذين نشأوا في  الهضبة الأرمنية. وحين استقبلني الأب ليفون يغيايان في مكتبه، تحدث عن الصعوبات التي يواجهها مجتمعه في القامشلي؛ كانت في المدينة 1800 أسرة قبل اندلاع الصراع، والآن لم يتبق سوى 700 أسرة. وفي الحسكة المجاورة، لا يوجد سوى 89 أسرة، بينما تعيش 69 أسرة أرمنية فقط في مدينة ديريك (المالكية).

ولتوضيح الصعوبات التي يواجهونها في الحياة اليومية، تخضع الكنيسة في القامشلي لولاية أبرشية حلب الأرمنية. ويقول الأب يغيايان، “قبل ذلك، كان السفر إلى حلب يستغرق 4-5 ساعات. أما الآن فعلى المرء أن يسلك الطريق الجنوبي وقد يستغرق الأمر 15 ساعة، وفي بعض الأوقات 18 ساعة”. مضيفاً، نحن نعيش هنا بين خمسة جيوش مختلفة، وعلينا أن نجد طريقة للتعايش معها جميعاً”. تطرقنا في النقاش إلى المشكلات المحددة التي تواجهها المجتمعات الأرمنية في شمال شرقي سوريا، الذين يعيشون في ظل ظروف الحرب وعدم الاستقرار، ما يدفع الشباب إلى الهجرة، وأردف قائلاً، “يتعين على شباب الأرمن هنا أن يتعلموا اللغتين العربية والكردية، ولكن يتعين علينا أيضاً أن نشجعهم على الحفاظ على هويتنا الأرمنية. كيف نفعل ذلك؟ من خلال الحفاظ على مدارسنا ونوادينا وشبكاتنا المجتمعية”.

وفي معرض حديثه عن هجرة الشباب، قال الأب يغيايان، “يجب أن نكون واقعيين”. يمتلك الشباب في القامشلي أيضاً هواتف ذكية ويشاهدون من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ما يفعله الآخرون في أماكن أخرى. ويسأل متعجباً، “كيف لا يريدون المغادرة؟” مضيفاً، “لكننا نريد أيضاً أن يظل أبناؤنا في مجتمعنا. ولهذا السبب نحاول دعمهم لبدء أعمالهم أو محاولة العثور على وظائف”.

إقرأوا أيضاً:

يقول غابرييل موشيه إن حزبه- “المنظمة الأشورية الديموقراطية”- لا يشارك في “الإدارة الذاتية”، فضلاً عن أن الحزب من أشد النقاد للقوة الكردية الحاكمة. مضيفاً “على رغم أننا جزء من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، فإننا منفتحون على الحوار مع الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي. وناقشنا معهم تشكيل إدارة مستقلة عن القوى الخارجية. وطالبنا أيضاً بعقد شراكة حقيقية بين القوى السورية. إلا أنهم يقلدون تجربة حزب البعث في نظام الحزب الواحد، إضافة إلى الجبهات القومية الوطنية، باعتبارها شكلاً من أشكال الزينة”. وختم قائلاً، “لا أريد إيديولوجية أوجلان. ونريد أيضاً إقامة علاقات إيجابية مع تركيا ليس لأننا نحب تركيا- لأننا لم ننسَ مذابح سيفو-  لكنها الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقرار في منطقتنا”.

يشارك غابرييل موشيه آخرين في الشعور بأن “الإدارة الذاتية موقتة”. ومع ذلك، يرى في الإدارة الذاتية نواحي إيجابية، “إن منطقتنا أفضل بكثير من تلك المناطق الموجودة تحت حكم النظام أو جبهة النصرة؛ والعلمانية، وتشجيع المرأة على تولي مناصب في السلطة؛ فضلاً عن أنها لا تملك توجهات قومية متطرفة”، وتعزز حقوق الأقليات. ويقول إن القضية الكردية في الشرق الأوسط مهمة للغاية؛ وهي العنصر الرئيسي لتحقيق حقوق الأقليات الأخرى.

وجهت سؤالاً إلى صالح مسلم، الرئيس المشترك السابق لـ”حزب الاتحاد الديموقراطي” حول مستقبل الأشوريين والأرمن، ليجيبني، “هذا يعتمد عليهم”. مضيفاً “يجب عليهم ألا يتركوا أرضهم. ويجب أن يقاوموا. إذ إننا نؤمن بأن وجودنا هنا يعتمد على قدرتنا على التعايش؛ نظراً إلى أننا نكمل بعضنا بعضاً”. ثم خلص إلى القول، “إذا أراد الأشوريون والأرمن أن يعودوا، فلديهم مكان في قلوبنا”.

برغم الموقف الإيجابي الذي تتبناه القوى الكردية تجاه الطوائف المسيحية- على عكس الميليشيات الإسلامية المرتبطة بالمعارضة- يدفع عدم الاستقرار على المدى الطويل الشباب إلى الهجرة. إذ يتجه كثر إلى الهجرة هرباً من الخدمة العسكرية، أو لمواصلة تعليمهم في الخارج. وليس ذلك في المجتمعات المسيحية فحسب، بل أيضاً الأكراد والعرب يهاجرون. بيد أن ما يجعل المجتمعات المسيحية مختلفة عن غيرها هو أن نسبتهم من إجمالي عدد السكان السوريين انخفضت من 13 في المئة قبل الصراع، إلى 3 في المئة فقط اليوم.

لكن يظل السؤال، ما أن ينقشع غبار الأزمة، هل ستكون هناك أي مجتمعات مسيحية- من أشوريين أو كلدان أو سريان أو أرمن أو يونانيين- ما زالت تعيش في مدن وقرى الشرق الأوسط؟

إقرأوا أيضاً: