fbpx

مشاهد كابول…
لقد عشتها يوم حكمنا السواد و”داعش”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كنت كنساء كثيرات مثلي أُضطر إلى البقاء في المنزل، كي لا أخرج مرتدية كل هذه الملابس في درجة حرارة كانت تصل إلى 45 درجة مئوية. ربما يكون هذا الأمر تافهاً إذا ما قورن بتفاصيل يومية عشناها بقساوتها تحت حكم تنظيم الدولة، إلا أنه كان موازياً لكل ذلك السواد تعباً وإرهاقاً وقطعاً للأنفاس.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أرسلت لي صديقتي عبر تطبيق “ماسنجر” رابطاً لمنشور في “فايسبوك”، يتضمّن صورة لمراسلة قناة CNN كلاريسا وورد، في العاصمة الأفغانية كابول برفقة مقاتلين من “حركة طالبان”، وكانت ترتدي عباءة وحجاباً. وأُرفِق المنشور بتعليق لوورد على حسابها في “تويتر” تقول فيه: “نشعر وكأننا شهود على التاريخ في شوارع كابول”. 

أتبعت صديقتي رسالتها بتعليق كدت أسمع نبرة توجس منه: “ما بعرف… بس أكيد شعورك متل شعوري… بعهد الدواعش”. 

كنت وصديقتي شاهدتَين على سيطرة تنظيم “داعش” على مدن سورية، كل واحدة من مدينتها. عشت تحت حكم “داعش” لمدة سنتين في دير الزور، بينما عايشت صديقتي حكم التنظيم منذ بداية سيطرته على مدينتها الباب، عام 2014 وحتى خروجه منها عام 2017. خرج التنظيم وبقيت صديقتي تعايش ذكريات سوداء حتى اليوم. 

مذ قرأت رسالة صديقتي حاولت ترجمة شعوري تجاه الصورة والحدث، وحتى تجاه رسالتها، إلا أنني لم أفهم ما كان يدور في رأسي، ولم أعِ ما يحصل، فعلى رغم خروجي من دير الزور منذ أكثر من سبع سنوات، حدثت نفسي: أنتِ لست في دير الزور، أنت لستِ في كابول. 

نعم أنا بعيدة جداً، لكنني لم أستطع يوم قراءتي رسالة صديقتي أن أهرب من ذاكرتي المحملة بكل التفاصيل المشابهة لواقع نساء كابول اليوم. 

في مساء ذلك اليوم، مر في رأسي “فلاش باك” لمشاهد كنتُ عشت تفاصيلها في دير الزور، خوفاً ورعباً وسواداً. حين رأيت مشهد الأفغان في مطار كابول يتدافعون هرباً من حكم “طالبان”، عاد إلى ذاكرتي مشهد أبناء مدينة دير الزور يخرجون أفواجاً هاربين من حكم تنظيم الدولة باتجاه تركيا. صحيح أن المشهد اقتحم ذاكرتي في ذلك اليوم، لكن ما أعاد إحياء التفاصيل في مخيلتي واستوطن فيها، هن النساء الأفغانيات وما ينتظرهن تحت حكم “طالبان”.  

عندما بدأ النظام السوري قصف أحياء مدينة دير الزور عام 2012، غادرنا بيتنا في المدينة باتجاه قريتنا، ولحسن الحظ كان لدينا فيها بيت صار في ما بعد محطةً يلجأ إليها بشكل موقت، جميع أقربائنا وأصدقائنا الهاربين من الموت، إلى أن يحددوا وجهة استقرارهم في بلد كان مشتعلاً آنذاك. 

صارت مدينة الرقة التي تبعد من قريتنا 132 كلم، وجهتنا المعتادة، كانت الرحلة تستغرق ساعتين ونصف الساعة بالسيارة، كنا نسلكها لشراء حاجياتنا اليومية ومستلزمات لا نجدها في قريتنا، وأحياناً للتنفس! 

في شتاء 2013، كان تنظيم “داعش” بدأ معاركه مع الفصائل المعارضة، بهدف فرض سيطرته على مدينة الرقة التي سمّاها لاحقاً “عاصمة الخلافة”. وبسبب انقطاع الكهرباء المتواصل عن مدينة دير الزور التي كانت هي الأخرى تشهد معارك دامية، كانت الأخبار تصلنا بشكل متأخر، حتى إننا لم نكن نفهم ما يحدث في كثير من الأحيان. 

أول الرقص… حجاب

في كانون الأول/ ديسمبر 2013، قررت مع أختي الذهاب إلى الرقة كما هو معتاد. بعدما ركبنا الميكروباص الذاهب إلى هناك أخبرنا السائق أن علينا ارتداء ثياب طويلة ووضع الحجاب، وإلا فسوف نتعرض لتهديد من تنظيم الدولة في الرقة. لم نكترث وقتها لكلامه، فزهدنا بكل شيء بعد سنتين من النزوح والحرمان من متطلبات الحياة الأساسية كالماء والكهرباء والوقود والإنترنت، طغى على مشاعرنا التي عمّها الإحباط والاكتئاب.

توقفت السيارة عند حاجز “الكرامة” الفاصل بين مدينتَي دير الزور والرقة. فتح الباب مراهقان يرتديان ثياباً باكستانية، نظرا إلى كل الركاب، وحين شاهدانا حاسرتَي الرأس، التفتا إلى السائق وصارا يهددانه بلهجة عربية حازمة إن وجدا امرأة “متبرجة” في سيارته مرة أخرى. “بالمرة الجايه إذا شفنا معك نساء كاسيات عاريات متبرجات رح نحجز السيارة ونعاقبك”. 

صمت جميع الركاب بعد ذلك التهديد، أما أنا وأختي، فعلا صوتنا على ذلك المراهق المسلح الذي لم يكن يتجاوز السادسة عشرة من عمره، وطلبنا منه أن يوجه كلامه لنا، وأن ينظر في وجهَينا في المرة القادمة. قالت له أختي: “سكّر الباب وروح، نحنا أحرار، نلبس على كيفنا”. لم يتفوه بكلمة، أغلق باب السيارة بقوة. بقي جميع الركاب صامتين، كأننا وحدنا، لا أحد معنا سوى الأشباح. 

عندما وصلنا إلى الرقة، كانت صور النساء قد أُزيلَت من على واجهات صالونات التجميل، أما رؤوس تماثيل عرض الملابس (المانيكان) الموجودة على واجهات المحلات فتمت تغطيتها بالحجاب الأسود. أدركت حينها أنها أولى علامات طمس وجود المرأة في المدينة تحت حكم تنظيم الدولة، تذكرت في تلك اللحظة مشاهد مماثلة كانت تأتينا عبر التلفزيون من أفغانستان تحت حكم طالبان. وها هو المشهد يتكرر اليوم. 

كانت نساء في الرقة يرتدين ما يشأن من الملابس الملونة، وبعضهن الآخر غير متحجبات، لكن القرار كان سينفذ في الأول من كانون الثاني/ يناير 2014، وعلى جميع النساء ابتداءً من ذلك التاريخ ارتداء لباس التنظيم “الشرعي”، أو سيواجهن عقوبات.

إقرأوا أيضاً:

سواد يخنقك

يجب أن أملك ملابس جديدة لحياة لم أكن أتوقعها، عباءة طويلة سوداء حتى كاحل قدمي، غير مزركشة، وقطعة غير مألوفة تسمى الدرع (وهي قماش ثخين أسود يشبه غطاء الصلاة)، إضافة إلى نقاب أسود مؤلف من قطعتين، الأولى لتغطية الوجه وإظهار العينين فقط، والطبقة الثانية لتغطية الوجه بالكامل، عليّ أن أسدلها على وجهي كلما خرجت من المنزل، كستائر  تحجب نور الشمس عني، كي لا يرى عينيّ رجال الحسبة أو الشرطة الإسلامية، فأُعاقَب بالجلد أو الغرامة المالية في حال المخالفة. كنت كلما خرجت من البيت أفكر لشدة خوفي كيف سأضطر إلى استدانة مبلغ الغرامة، إذا ما ظهرت عيناي بالخطأ، فالعقوبة الأخيرة أهون علي من جلد جسدي النحيل. 

لم أكن المرأة الوحيدة التي عليها ارتداء تلك الملابس بالطبع، بل جميع النساء اللواتي أمضين سنوات حياتهن تحت سيطرة “داعش” و”القاعدة” في سوريا، والعراق، وأفغانستان، وفي كل مكان وصلت إليه تلك التنظيمات الجهادية.  

كنت كنساء كثيرات مثلي أُضطر إلى البقاء في المنزل، كي لا أخرج مرتدية كل هذه الملابس في درجة حرارة كانت تصل إلى 45 درجة مئوية. ربما يكون هذا الأمر تافهاً إذا ما قورن بتفاصيل يومية عشناها بقساوتها تحت حكم تنظيم الدولة، إلا أنه كان موازياً لكل ذلك السواد تعباً وإرهاقاً وقطعاً للأنفاس.

صرخاتهن في كل مشهد

في مرحلة جديدة لفهمي للوضع الجديد، بدأت أدرك جيداً مهمة سيارة الشرطة الإسلامية وسيارة الحسبة، فكنت أتجنب الخروج في أوقات الصلاة، وهي أوقات تجوال تلك السيارتين بكثرة في الشوارع، بحثاً عن أحد المارة المخالفين لقواعد التنظيم، وصرت أرى النساء الأجنبيات يحملن سلاحاً كان يظهر من تحت ملابسهنّ السود، كان كل شيء لا يشبه ما عرفناه وما اعتدنا عليه، كان محطِّماً لأحلامنا التي رُدمت تحت الأنقاض، وبات هدفي أن أعود إلى البيت بحذر شديد في ظل مشاهد السلاح والحسبة المنتشرة في الشوارع.

في مشهد حدث عام 2015، توقفت سيارة الشرطة الإسلامية في أحد شوارع قرية مجاورة لقريتي، حين رأى عناصر من “داعش” امرأة خرجت من باب منزلها لرمي الأوساخ، ولم تكن ترتدي لباس التنظيم الشرعي، فنزل أحدهم مسرعاً نحو بيتها، وقام بضربها بقوة داخل منزلها، وحذرها من الظهور مرة أخرى بهذا “المنظر الفاجر والسافر”. 

في هذه اللحظة التي أكتب فيها عن تلك الحادثة، أسمع في أذنيّ أصواتاً متخيَّلة لضربات ذلك الرجل على جسد تلك المرأة، تترافق مع أسئلة عن رعب شديد عاشته، وهل تخلصت منه اليوم؟ سحبتني من تلك الأصوات، أصوات طرق أخرى وصرخات نساء مترافقة مع مشاهد في التلفزيون آتية من أفغانستان، كانت أصوات نساء يتعرضن للضرب على يد عناصر “طالبان” أثناء تظاهرة خرجن فيها احتجاجاً على تجريدهن من وظائفهن، واحتجاجاً على وضع “طالبان” شروطاً مشددة على خروج المرأة من بيتها إلا مع محرم. 

تكررت حالات الرعب التي كانت تواجهها النساء بسبب “داعش”، حتى إن نساء يعملن في الأراضي الزراعية في الحر الشديد، لم يسلمن من تلك اللعنة التي رافقتهن. توقفت سيارة “بيك آب” ونزل منها عناصر “داعش”، وبدأوا بتوبيخهن وإطلاق السباب والشتائم بحقهن، لأنهن لم يكنّ يرتدين الملابس الشرعية للتنظيم أثناء عملهنّ في الأرض، ثم أجبروهنّ على الركوب في الصندوق الخلفي للسيارة مع مواصلة ضربهن. انطلقت السيارة بهن على بعد قريتين، وبعد ساعتين تقريباً عادت النسوة سيراً على الأقدام. رأيت الحادثة من على سطح منزلنا وكنت مرتدية السواد بزيه الكامل.  

يجب أن أملك ملابس جديدة لحياة لم أكن أتوقعها، عباءة طويلة سوداء حتى كاحل قدمي، غير مزركشة، وقطعة غير مألوفة تسمى الدرع إضافة إلى نقاب أسود مؤلف من قطعتين، الأولى لتغطية الوجه وإظهار العينين فقط، والطبقة الثانية لتغطية الوجه بالكامل.

قبضتا التنظيم الأكثر خنقاً

دخلتْ قريتي تحت سيطرة تنظيم “داعش”، ولن أستطيع الخروج من البيت بعد اليوم إلا برفقة محرَمْ (الأخ، الأب، الزوج، الابن)، شعرت بقبضتهم تطبق على رقبتي كما رقاب كل النساء في المناطق التي سيطر عليها التنظيم، فلا عمل ولا نشاط يستطعن القيام به، وإذا قُدِّرَ لإحداهن الخروج مع محرم، فسوف يترقّبها في الشارع عنصر داعشي يوجه لها إنذاراً، ربما على جواربها القصيرة أو الملونة. أو ربما ليسألها عن هوية المحرم الذي يرافقها.

كنت من المحظوظات اللواتي حالفهن الحظ أكثر من مرة في تلك الفترة، فقد حمل بعض سائقي الميكروباص على عاتقهم نصف المخاطرة، حيث كان السائق يحمل معه دفتر عائلته وهوية زوجته ليقدمهما لعناصر الحاجز، إذا أوقفوه وكانت معه امرأة اضطرت إلى الخروج دون محرم. وهكذا كانت المخاطرة تقسم مناصفة بين المرأة وسائق الميكروباص في حال كشف الأمر. 

كثيرات كنّ يترقبن بخوف طرقات على أبواب بيوتهن، فربما تأتي إليهن نساء أجنبيات أطلق عليهن التنظيم اسم “المهاجرات” لدعوة إحداهن إلى الزواج بأحد المجاهدين، وإذا لم توافق فسيتم إجبارها على على ذلك بكل الأحوال وبعدة طرق. 

كان الزواج يتم في المحكمة الشرعية للتنظيم، وكان الشهود غالباً من عناصر “داعش”. وقد تعرضت عائلات كثيرة لضغوط مختلفة لتزويج بناتهن من عناصر التنظيم، بالترغيب بالمهور والمناصب حيناً، وبالترهيب والتهديد أحياناً كثيرة. ما دفع عائلات إلى الهرب، وأدى بفتاة إلى الانتحار في 5 شباط/ فبراير 2014، وهي الطالبة الجامعية، فاطمة العبو.     

الرجم… والمشهد كاملاً

في عيادة طبيب الأسنان في القرية المجاورة لقريتنا، وكعادتي لا أزور الطبيب إلا عند الألم الشديد، جئته وأنا أحمل ألم ضرسي الذي أصبح أسود اللون، كسواد نعيشه تحت حكم التنظيم.

أجلس على الكرسي، ويبدأ الطبيب في معالجة الالتهاب الذي لم أنتهِ منه بسهولة. يتحدث معي عن التنظيم الذي يحكم المدينة منذ سنة تقريباً. وعلى رغم معرفتي الجيدة به، إلا أنني كنت حذرة جداً أثناء نقاشنا حول هذا الموضوع. فقد عوّدت لساني على تسمية “تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام” أو “الدولة الإسلامية”، وكنت متيقظة لألفاظي خوفاً من زلة لسان توقعني في شرك أحد محبيهم، إذا ما تلفظت خطأً بكلمة “داعش”.   

فقدت جزءاً من حذري عندما أخبرني الطبيب، أن هناك امرأة سينفذ التنظيم بها حكم الرجم حتى الموت، غداً بعد صلاة الجمعة. وعلى رغم البشاعة التي مارسها التنظيم في كل مكان سيطر عليه، إلا أن الذهول تملكني حين سمعت ذلك الخبر.  

قال لي الطبيب: ألا تريدين المجيء؟ صمت قليلاً، وأجبته بسؤال آخر: هل ستذهب أنت إلى الرجم؟ قال: طبعاً لن أذهب، لكن ربما يجبر التنظيم المارة أو الخارجين من الجامع بعد الصلاة على الحضور والمشاركة. 

انتهى من معالجة ضرسي المنخور، فنهضت مسرعة عن الكرسي، وقبل أن أهم بالرحيل، سألته وأنا أنظر في وجهه: هل حقاً سوف يرجمون امرأة حتى الموت؟ وكانت رجفة صوتي إجابة على عمليات رجم كثيرة ومتتالية في ما بعد.   

عام 2014، سيطر تنظيم “داعش” على ريف دير الزور وجزء من المدينة، بعدما أحكم سيطرته على ريف حلب والرقة، وصولاً إلى الموصل. آنذاك اتخذ الخوف الموجود في المدن شكلاً جديداً، فحلّ الخوف من حكم الخليفة محلّ الخوف من حكم القائد الخالد.

حياة غريبة عاشها أهالي المناطق الواقعة تحت حكم “داعش” الذي استبدل مدارس الأطفال بمعسكرات تدريب سماها “أشبال الخلافة”. كما أغلق التنظيم الجامعات، والمراكز الثقافية، والمنظمات والجمعيات التي كانت تقدم المساعدات للمدنيين الذين هجروا مناطقهم هرباً من همجية نظام الأسد. فيما استطاع آخرون الخروج من المدينة قبل قطع رؤوسهم في الساحات بتهمة الردة أو التعاون مع التحالف الدولي وغير ذلك.

تهمة الفرح المعلن

مع التغيير الذي طرأ على حياتنا، بدأت أعتاد عيش يومي وكأنه اليوم الأخير في حياتي، حرمت نفسي من سماع الموسيقى بصوت عالٍ، كما كنت أحب. ولم أعد أرغب في حضور أعراس أقاربنا لأنهم تخلّوا عن الموسيقى والرقص والدبكة، بعدما هاجم عناصر الحسبة عرساً في قرية مجاورة، واعتقلوا العريس والعروس وحتى المدعوين، بتهمة “الفرح المعلن”. 

لم تكن قرارات تنظيم الدولة بالقرارات التي يمكننا أن نلتف عليها بسهولة، فقبضة تلك القرارات أحكمت على رقابنا، وكان أشدها إحكاماً القرار الذي منع النساء العازبات من الخروج من مناطق سيطرة الخلافة، حتى ولو كان للعلاج في المستشفيات، كما “يمنع على المرأة المسلمة أن يعالجها الكفار”.

لا تختلف المشاهد بين ما عشته وغيري تحت حكم تنظيم “داعش”، وبين ما نراه اليوم عبر الإعلام في أفغانستان، إذا ما استثنينا تبايناً شكلياً بين لون راية “داعش” السوداء وراية “طالبان” البيضاء من جهة، وبين صحافيين قتلهم تنظيم “داعش”، تقابلهم تغطية إعلامية لنقل الأحداث من مناطق “طالبان”، من جهة أخرى، من دون أن يخلو الأمر من تعرض صحافيين لاعتداءات. وفي خلفيات الحدث أنظمة مستبدة حكمتنا قبل “داعش”، يقابلها احتلال لأفغانستان قبل عودة “طالبان”. وبين الحدث وخلفياته، ذاكرة يزيدها عمقاً، صراخ نساء من هنا وهناك.          

إقرأوا أيضاً:

16.09.2021
زمن القراءة: 9 minutes

كنت كنساء كثيرات مثلي أُضطر إلى البقاء في المنزل، كي لا أخرج مرتدية كل هذه الملابس في درجة حرارة كانت تصل إلى 45 درجة مئوية. ربما يكون هذا الأمر تافهاً إذا ما قورن بتفاصيل يومية عشناها بقساوتها تحت حكم تنظيم الدولة، إلا أنه كان موازياً لكل ذلك السواد تعباً وإرهاقاً وقطعاً للأنفاس.

أرسلت لي صديقتي عبر تطبيق “ماسنجر” رابطاً لمنشور في “فايسبوك”، يتضمّن صورة لمراسلة قناة CNN كلاريسا وورد، في العاصمة الأفغانية كابول برفقة مقاتلين من “حركة طالبان”، وكانت ترتدي عباءة وحجاباً. وأُرفِق المنشور بتعليق لوورد على حسابها في “تويتر” تقول فيه: “نشعر وكأننا شهود على التاريخ في شوارع كابول”. 

أتبعت صديقتي رسالتها بتعليق كدت أسمع نبرة توجس منه: “ما بعرف… بس أكيد شعورك متل شعوري… بعهد الدواعش”. 

كنت وصديقتي شاهدتَين على سيطرة تنظيم “داعش” على مدن سورية، كل واحدة من مدينتها. عشت تحت حكم “داعش” لمدة سنتين في دير الزور، بينما عايشت صديقتي حكم التنظيم منذ بداية سيطرته على مدينتها الباب، عام 2014 وحتى خروجه منها عام 2017. خرج التنظيم وبقيت صديقتي تعايش ذكريات سوداء حتى اليوم. 

مذ قرأت رسالة صديقتي حاولت ترجمة شعوري تجاه الصورة والحدث، وحتى تجاه رسالتها، إلا أنني لم أفهم ما كان يدور في رأسي، ولم أعِ ما يحصل، فعلى رغم خروجي من دير الزور منذ أكثر من سبع سنوات، حدثت نفسي: أنتِ لست في دير الزور، أنت لستِ في كابول. 

نعم أنا بعيدة جداً، لكنني لم أستطع يوم قراءتي رسالة صديقتي أن أهرب من ذاكرتي المحملة بكل التفاصيل المشابهة لواقع نساء كابول اليوم. 

في مساء ذلك اليوم، مر في رأسي “فلاش باك” لمشاهد كنتُ عشت تفاصيلها في دير الزور، خوفاً ورعباً وسواداً. حين رأيت مشهد الأفغان في مطار كابول يتدافعون هرباً من حكم “طالبان”، عاد إلى ذاكرتي مشهد أبناء مدينة دير الزور يخرجون أفواجاً هاربين من حكم تنظيم الدولة باتجاه تركيا. صحيح أن المشهد اقتحم ذاكرتي في ذلك اليوم، لكن ما أعاد إحياء التفاصيل في مخيلتي واستوطن فيها، هن النساء الأفغانيات وما ينتظرهن تحت حكم “طالبان”.  

عندما بدأ النظام السوري قصف أحياء مدينة دير الزور عام 2012، غادرنا بيتنا في المدينة باتجاه قريتنا، ولحسن الحظ كان لدينا فيها بيت صار في ما بعد محطةً يلجأ إليها بشكل موقت، جميع أقربائنا وأصدقائنا الهاربين من الموت، إلى أن يحددوا وجهة استقرارهم في بلد كان مشتعلاً آنذاك. 

صارت مدينة الرقة التي تبعد من قريتنا 132 كلم، وجهتنا المعتادة، كانت الرحلة تستغرق ساعتين ونصف الساعة بالسيارة، كنا نسلكها لشراء حاجياتنا اليومية ومستلزمات لا نجدها في قريتنا، وأحياناً للتنفس! 

في شتاء 2013، كان تنظيم “داعش” بدأ معاركه مع الفصائل المعارضة، بهدف فرض سيطرته على مدينة الرقة التي سمّاها لاحقاً “عاصمة الخلافة”. وبسبب انقطاع الكهرباء المتواصل عن مدينة دير الزور التي كانت هي الأخرى تشهد معارك دامية، كانت الأخبار تصلنا بشكل متأخر، حتى إننا لم نكن نفهم ما يحدث في كثير من الأحيان. 

أول الرقص… حجاب

في كانون الأول/ ديسمبر 2013، قررت مع أختي الذهاب إلى الرقة كما هو معتاد. بعدما ركبنا الميكروباص الذاهب إلى هناك أخبرنا السائق أن علينا ارتداء ثياب طويلة ووضع الحجاب، وإلا فسوف نتعرض لتهديد من تنظيم الدولة في الرقة. لم نكترث وقتها لكلامه، فزهدنا بكل شيء بعد سنتين من النزوح والحرمان من متطلبات الحياة الأساسية كالماء والكهرباء والوقود والإنترنت، طغى على مشاعرنا التي عمّها الإحباط والاكتئاب.

توقفت السيارة عند حاجز “الكرامة” الفاصل بين مدينتَي دير الزور والرقة. فتح الباب مراهقان يرتديان ثياباً باكستانية، نظرا إلى كل الركاب، وحين شاهدانا حاسرتَي الرأس، التفتا إلى السائق وصارا يهددانه بلهجة عربية حازمة إن وجدا امرأة “متبرجة” في سيارته مرة أخرى. “بالمرة الجايه إذا شفنا معك نساء كاسيات عاريات متبرجات رح نحجز السيارة ونعاقبك”. 

صمت جميع الركاب بعد ذلك التهديد، أما أنا وأختي، فعلا صوتنا على ذلك المراهق المسلح الذي لم يكن يتجاوز السادسة عشرة من عمره، وطلبنا منه أن يوجه كلامه لنا، وأن ينظر في وجهَينا في المرة القادمة. قالت له أختي: “سكّر الباب وروح، نحنا أحرار، نلبس على كيفنا”. لم يتفوه بكلمة، أغلق باب السيارة بقوة. بقي جميع الركاب صامتين، كأننا وحدنا، لا أحد معنا سوى الأشباح. 

عندما وصلنا إلى الرقة، كانت صور النساء قد أُزيلَت من على واجهات صالونات التجميل، أما رؤوس تماثيل عرض الملابس (المانيكان) الموجودة على واجهات المحلات فتمت تغطيتها بالحجاب الأسود. أدركت حينها أنها أولى علامات طمس وجود المرأة في المدينة تحت حكم تنظيم الدولة، تذكرت في تلك اللحظة مشاهد مماثلة كانت تأتينا عبر التلفزيون من أفغانستان تحت حكم طالبان. وها هو المشهد يتكرر اليوم. 

كانت نساء في الرقة يرتدين ما يشأن من الملابس الملونة، وبعضهن الآخر غير متحجبات، لكن القرار كان سينفذ في الأول من كانون الثاني/ يناير 2014، وعلى جميع النساء ابتداءً من ذلك التاريخ ارتداء لباس التنظيم “الشرعي”، أو سيواجهن عقوبات.

إقرأوا أيضاً:

سواد يخنقك

يجب أن أملك ملابس جديدة لحياة لم أكن أتوقعها، عباءة طويلة سوداء حتى كاحل قدمي، غير مزركشة، وقطعة غير مألوفة تسمى الدرع (وهي قماش ثخين أسود يشبه غطاء الصلاة)، إضافة إلى نقاب أسود مؤلف من قطعتين، الأولى لتغطية الوجه وإظهار العينين فقط، والطبقة الثانية لتغطية الوجه بالكامل، عليّ أن أسدلها على وجهي كلما خرجت من المنزل، كستائر  تحجب نور الشمس عني، كي لا يرى عينيّ رجال الحسبة أو الشرطة الإسلامية، فأُعاقَب بالجلد أو الغرامة المالية في حال المخالفة. كنت كلما خرجت من البيت أفكر لشدة خوفي كيف سأضطر إلى استدانة مبلغ الغرامة، إذا ما ظهرت عيناي بالخطأ، فالعقوبة الأخيرة أهون علي من جلد جسدي النحيل. 

لم أكن المرأة الوحيدة التي عليها ارتداء تلك الملابس بالطبع، بل جميع النساء اللواتي أمضين سنوات حياتهن تحت سيطرة “داعش” و”القاعدة” في سوريا، والعراق، وأفغانستان، وفي كل مكان وصلت إليه تلك التنظيمات الجهادية.  

كنت كنساء كثيرات مثلي أُضطر إلى البقاء في المنزل، كي لا أخرج مرتدية كل هذه الملابس في درجة حرارة كانت تصل إلى 45 درجة مئوية. ربما يكون هذا الأمر تافهاً إذا ما قورن بتفاصيل يومية عشناها بقساوتها تحت حكم تنظيم الدولة، إلا أنه كان موازياً لكل ذلك السواد تعباً وإرهاقاً وقطعاً للأنفاس.

صرخاتهن في كل مشهد

في مرحلة جديدة لفهمي للوضع الجديد، بدأت أدرك جيداً مهمة سيارة الشرطة الإسلامية وسيارة الحسبة، فكنت أتجنب الخروج في أوقات الصلاة، وهي أوقات تجوال تلك السيارتين بكثرة في الشوارع، بحثاً عن أحد المارة المخالفين لقواعد التنظيم، وصرت أرى النساء الأجنبيات يحملن سلاحاً كان يظهر من تحت ملابسهنّ السود، كان كل شيء لا يشبه ما عرفناه وما اعتدنا عليه، كان محطِّماً لأحلامنا التي رُدمت تحت الأنقاض، وبات هدفي أن أعود إلى البيت بحذر شديد في ظل مشاهد السلاح والحسبة المنتشرة في الشوارع.

في مشهد حدث عام 2015، توقفت سيارة الشرطة الإسلامية في أحد شوارع قرية مجاورة لقريتي، حين رأى عناصر من “داعش” امرأة خرجت من باب منزلها لرمي الأوساخ، ولم تكن ترتدي لباس التنظيم الشرعي، فنزل أحدهم مسرعاً نحو بيتها، وقام بضربها بقوة داخل منزلها، وحذرها من الظهور مرة أخرى بهذا “المنظر الفاجر والسافر”. 

في هذه اللحظة التي أكتب فيها عن تلك الحادثة، أسمع في أذنيّ أصواتاً متخيَّلة لضربات ذلك الرجل على جسد تلك المرأة، تترافق مع أسئلة عن رعب شديد عاشته، وهل تخلصت منه اليوم؟ سحبتني من تلك الأصوات، أصوات طرق أخرى وصرخات نساء مترافقة مع مشاهد في التلفزيون آتية من أفغانستان، كانت أصوات نساء يتعرضن للضرب على يد عناصر “طالبان” أثناء تظاهرة خرجن فيها احتجاجاً على تجريدهن من وظائفهن، واحتجاجاً على وضع “طالبان” شروطاً مشددة على خروج المرأة من بيتها إلا مع محرم. 

تكررت حالات الرعب التي كانت تواجهها النساء بسبب “داعش”، حتى إن نساء يعملن في الأراضي الزراعية في الحر الشديد، لم يسلمن من تلك اللعنة التي رافقتهن. توقفت سيارة “بيك آب” ونزل منها عناصر “داعش”، وبدأوا بتوبيخهن وإطلاق السباب والشتائم بحقهن، لأنهن لم يكنّ يرتدين الملابس الشرعية للتنظيم أثناء عملهنّ في الأرض، ثم أجبروهنّ على الركوب في الصندوق الخلفي للسيارة مع مواصلة ضربهن. انطلقت السيارة بهن على بعد قريتين، وبعد ساعتين تقريباً عادت النسوة سيراً على الأقدام. رأيت الحادثة من على سطح منزلنا وكنت مرتدية السواد بزيه الكامل.  

يجب أن أملك ملابس جديدة لحياة لم أكن أتوقعها، عباءة طويلة سوداء حتى كاحل قدمي، غير مزركشة، وقطعة غير مألوفة تسمى الدرع إضافة إلى نقاب أسود مؤلف من قطعتين، الأولى لتغطية الوجه وإظهار العينين فقط، والطبقة الثانية لتغطية الوجه بالكامل.

قبضتا التنظيم الأكثر خنقاً

دخلتْ قريتي تحت سيطرة تنظيم “داعش”، ولن أستطيع الخروج من البيت بعد اليوم إلا برفقة محرَمْ (الأخ، الأب، الزوج، الابن)، شعرت بقبضتهم تطبق على رقبتي كما رقاب كل النساء في المناطق التي سيطر عليها التنظيم، فلا عمل ولا نشاط يستطعن القيام به، وإذا قُدِّرَ لإحداهن الخروج مع محرم، فسوف يترقّبها في الشارع عنصر داعشي يوجه لها إنذاراً، ربما على جواربها القصيرة أو الملونة. أو ربما ليسألها عن هوية المحرم الذي يرافقها.

كنت من المحظوظات اللواتي حالفهن الحظ أكثر من مرة في تلك الفترة، فقد حمل بعض سائقي الميكروباص على عاتقهم نصف المخاطرة، حيث كان السائق يحمل معه دفتر عائلته وهوية زوجته ليقدمهما لعناصر الحاجز، إذا أوقفوه وكانت معه امرأة اضطرت إلى الخروج دون محرم. وهكذا كانت المخاطرة تقسم مناصفة بين المرأة وسائق الميكروباص في حال كشف الأمر. 

كثيرات كنّ يترقبن بخوف طرقات على أبواب بيوتهن، فربما تأتي إليهن نساء أجنبيات أطلق عليهن التنظيم اسم “المهاجرات” لدعوة إحداهن إلى الزواج بأحد المجاهدين، وإذا لم توافق فسيتم إجبارها على على ذلك بكل الأحوال وبعدة طرق. 

كان الزواج يتم في المحكمة الشرعية للتنظيم، وكان الشهود غالباً من عناصر “داعش”. وقد تعرضت عائلات كثيرة لضغوط مختلفة لتزويج بناتهن من عناصر التنظيم، بالترغيب بالمهور والمناصب حيناً، وبالترهيب والتهديد أحياناً كثيرة. ما دفع عائلات إلى الهرب، وأدى بفتاة إلى الانتحار في 5 شباط/ فبراير 2014، وهي الطالبة الجامعية، فاطمة العبو.     

الرجم… والمشهد كاملاً

في عيادة طبيب الأسنان في القرية المجاورة لقريتنا، وكعادتي لا أزور الطبيب إلا عند الألم الشديد، جئته وأنا أحمل ألم ضرسي الذي أصبح أسود اللون، كسواد نعيشه تحت حكم التنظيم.

أجلس على الكرسي، ويبدأ الطبيب في معالجة الالتهاب الذي لم أنتهِ منه بسهولة. يتحدث معي عن التنظيم الذي يحكم المدينة منذ سنة تقريباً. وعلى رغم معرفتي الجيدة به، إلا أنني كنت حذرة جداً أثناء نقاشنا حول هذا الموضوع. فقد عوّدت لساني على تسمية “تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام” أو “الدولة الإسلامية”، وكنت متيقظة لألفاظي خوفاً من زلة لسان توقعني في شرك أحد محبيهم، إذا ما تلفظت خطأً بكلمة “داعش”.   

فقدت جزءاً من حذري عندما أخبرني الطبيب، أن هناك امرأة سينفذ التنظيم بها حكم الرجم حتى الموت، غداً بعد صلاة الجمعة. وعلى رغم البشاعة التي مارسها التنظيم في كل مكان سيطر عليه، إلا أن الذهول تملكني حين سمعت ذلك الخبر.  

قال لي الطبيب: ألا تريدين المجيء؟ صمت قليلاً، وأجبته بسؤال آخر: هل ستذهب أنت إلى الرجم؟ قال: طبعاً لن أذهب، لكن ربما يجبر التنظيم المارة أو الخارجين من الجامع بعد الصلاة على الحضور والمشاركة. 

انتهى من معالجة ضرسي المنخور، فنهضت مسرعة عن الكرسي، وقبل أن أهم بالرحيل، سألته وأنا أنظر في وجهه: هل حقاً سوف يرجمون امرأة حتى الموت؟ وكانت رجفة صوتي إجابة على عمليات رجم كثيرة ومتتالية في ما بعد.   

عام 2014، سيطر تنظيم “داعش” على ريف دير الزور وجزء من المدينة، بعدما أحكم سيطرته على ريف حلب والرقة، وصولاً إلى الموصل. آنذاك اتخذ الخوف الموجود في المدن شكلاً جديداً، فحلّ الخوف من حكم الخليفة محلّ الخوف من حكم القائد الخالد.

حياة غريبة عاشها أهالي المناطق الواقعة تحت حكم “داعش” الذي استبدل مدارس الأطفال بمعسكرات تدريب سماها “أشبال الخلافة”. كما أغلق التنظيم الجامعات، والمراكز الثقافية، والمنظمات والجمعيات التي كانت تقدم المساعدات للمدنيين الذين هجروا مناطقهم هرباً من همجية نظام الأسد. فيما استطاع آخرون الخروج من المدينة قبل قطع رؤوسهم في الساحات بتهمة الردة أو التعاون مع التحالف الدولي وغير ذلك.

تهمة الفرح المعلن

مع التغيير الذي طرأ على حياتنا، بدأت أعتاد عيش يومي وكأنه اليوم الأخير في حياتي، حرمت نفسي من سماع الموسيقى بصوت عالٍ، كما كنت أحب. ولم أعد أرغب في حضور أعراس أقاربنا لأنهم تخلّوا عن الموسيقى والرقص والدبكة، بعدما هاجم عناصر الحسبة عرساً في قرية مجاورة، واعتقلوا العريس والعروس وحتى المدعوين، بتهمة “الفرح المعلن”. 

لم تكن قرارات تنظيم الدولة بالقرارات التي يمكننا أن نلتف عليها بسهولة، فقبضة تلك القرارات أحكمت على رقابنا، وكان أشدها إحكاماً القرار الذي منع النساء العازبات من الخروج من مناطق سيطرة الخلافة، حتى ولو كان للعلاج في المستشفيات، كما “يمنع على المرأة المسلمة أن يعالجها الكفار”.

لا تختلف المشاهد بين ما عشته وغيري تحت حكم تنظيم “داعش”، وبين ما نراه اليوم عبر الإعلام في أفغانستان، إذا ما استثنينا تبايناً شكلياً بين لون راية “داعش” السوداء وراية “طالبان” البيضاء من جهة، وبين صحافيين قتلهم تنظيم “داعش”، تقابلهم تغطية إعلامية لنقل الأحداث من مناطق “طالبان”، من جهة أخرى، من دون أن يخلو الأمر من تعرض صحافيين لاعتداءات. وفي خلفيات الحدث أنظمة مستبدة حكمتنا قبل “داعش”، يقابلها احتلال لأفغانستان قبل عودة “طالبان”. وبين الحدث وخلفياته، ذاكرة يزيدها عمقاً، صراخ نساء من هنا وهناك.          

إقرأوا أيضاً: