fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

مصارف لبنان: مشانق أهله

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا شكّ في أن أيّ لبناني يمكن أن يسرد قصة ذلٍّ (أو أكثر) عايشها خلال الأسابيع الأخيرة، فيما كان ذاهباً إلى أحد المصارف لسحب أمواله أو سداد مستحقاته أو حتى السؤال عن مصير مدّخراته أو راتبه الشهري، أو محاولة استجداء دولارات من حسابه، تتصرّف المصارف وكأنها تملكها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ناجي فليطي

700 ألف ليرة لبنانية هي ديون ناجي فليطي (40 سنة) أي أقل من 500 دولار (وفق سعر الصرف الرسمي). 1000 ليرة لبنانية طلبت منه ابنته، أي أقل من دولار واحد. رقمان كانا كافيين ليقرر الرجل إنهاء مشوار معاناته، فشنق نفسه ومات، تاركاً خلفه عائلة من زوجتين وولدين رنيم (ستّ سنوات) والطفل محمد (عام واحد)، في عرسال من دون معيل. 700 ألف ليرة لبنانية هو مبلغ أقلّ من ثمن قميص أو سروال أحد السياسيين، و1000 ليرة هو ثمن منقوشة صعتر في أحسن الأحوال. علماً أن ثمن منقوشة الصعتر يساوي ضعفي المبلغ في بعض المطاعم. 

تصل المأساة إلى درجة تصعب بعدها المقاومة أو الصمود، ويصل الفقر إلى درجة يستحيل معها أن تجد ألف ليرة في جيب أب، وحين تطلب منه ابنته الألف ليرة تلك، يكون جوابه الانتحار. 

مجزرة يومية

هذا كله في ظل استشارات نيابية ما زالت معلّقة في حبل الانتظار ووضع مالي لا ينذر سوى بالأسوأ وواقع مصرفي يشبه مجزرة يومية لا ترحم. وهو واقع مرشّح ليقود أكثر من ناجي فليطي واحد إلى نهاية مأساوية كالانتحار أو سواه.

لا شكّ في أن أيّ لبناني يمكن أن يسرد قصة ذلٍّ (أو أكثر) عايشها خلال الأسابيع الأخيرة، فيما كان ذاهباً إلى أحد المصارف لسحب أمواله أو سداد مستحقاته أو حتى السؤال عن مصير مدّخراته أو راتبه الشهري، أو محاولة استجداء دولارات من حسابه، تتصرّف المصارف وكأنها تملكها. ومن لم يعش قصة من هذا النوع، لا شكّ في أنه سمع من جاره أو أحد أفراد عائلته واحدة من سرديات المأساة التي تحصل يومياً في المصارف. وفوق ذلك، تلجأ المصارف بين حين وآخر إلى التهديد بالإضراب والإقفال، وهي كانت نفّذت إضراباً على مدى أيام عدة زاد الناس هلعاً وقلقاً.

“كل يوم إجراء جديد” يقول عاطف وهو صاحب محل تجاري، مضيفاً: “يخبروننا أنّ بإمكاننا سحب ألف دولار أسبوعياً، وبعد أيام قليلة يصبح المبلغ 500 دولار، والآن ها هم يلوّحون بأن لا دولار في المصارف خلال الأيام المقبلة”.

ولمحلّات الصيرفة بورصة خاصة ترتفع أسعارها ثم فجأة تهبط، كما حصل قبل أيام قليلة، إذ وصل سعر صرف الليرة اللبنانية إلى 2350 ليرة مقابل الدولار، ثمّ انخفض إلى 1750 ليرة بعد ظهر اليوم ذاته، وسُمع في اليوم التالي عن أن سعر الصرف هو 1600 ليرة مقابل الدولار.

تصل المأساة إلى درجة تصعب بعدها المقاومة أو الصمود، ويصل الفقر إلى درجة يستحيل معها أن تجد ألف ليرة في جيب أب، وحين تطلب منه ابنته الألف ليرة تلك، يكون جوابه الانتحار. 

بالعودة إلى ثمانينات القرن الماضي، حين وصل سعر صرف الليرة إلى 3000 مقابل الدولار، يبدو المشهد هناك أكثر أماناً وإن كان مشحوناً بحرب أهلية، ذلك أن اقتصادنا لم يكن مدولراً وقتها كما هي الأمور اليوم. القطاعات كلها تصرخ، من شركات النفط إلى التجار مروراً بالمواطنين المجبرين على دفع مستحقات عدة بالدولار وليس بالليرة، وجزء من هذه المستحقات هو للمصارف على شكل قروض شخصية أو قروض سيارات وغير ذلك.

وإذ لم نسمع حتى الآن بشكل علني عن مصرف أجبر عميلاً على دفع سندٍ ما بالدولار، إلا أنّ مواطنَين سجّلا اعتراضاً بحق مصرفين، نتيجة المعاملة غير القانونية. فادي عطوي أرسل إنذار بواسطة كاتب عدل لبنك عودة على خلفية التأخر في صرف الشيكات لشركة اسبانية، تستورد منها شركته البلاط، وذلك على رغم وجود رصيد كاف في حساب عطوي. أما الدعوى المقدّمة بحق بنك بيبلوس فقد ردّت بالشكل.  

في هذا الإطار، يوضح المحامي كريم ضاهر لـ”درج” بعض التجاوزات القانونية التي ترتكبها المصارف اللبنانية مرغمة بسبب غياب أي تدابير رسمية تنظيمية، مشيراً إلى “مسألة الـcapital control، التي تمارسها المصارف من دون وجه حق، فهي غير مخولة قانوناً لفرض قيود على السحوبات والتحويلات المستوفية الشروط”. ويلفت إلى أن “المخوّل لاتخاذ هكذا قرارات هو المصرف المركزي، وفق قانون النقد والتسليف الوطني، وذلك لتأمين الثبات المالي والاستقرار الاقتصادي. فالمواد 70 و174 و175 من قانون النقد والتسليف، تسمح بتدابير معينة للحفاظ على سلامة النقد والوضع الاقتصادي والمالي”، مؤكداً أن “هذه الإجراءات لها شروط وقيود، ومن غير القانوني تطبيقها بشكل عشوائي واستنسابي، ومن دون قرار رسمي أو تعليمات علنية من المصرف المركزي”. 

ويتابع ضاهر: “وفق البند 9 من مقدمة الدستور اللبناني، تصان المبادرة الفردية والملكية الخاصة، وبالتالي تقييد الحقوق والودائع مرفوض خارج الإطار التنظيمي والقانوني، فهي أمانة عند المصارف. وفرض أي قيود عليها يجب أن يكون مبرّراً وواضحاً”. ويلفت إلى أن “تدابير من النوع الذي تأخذه المصارف، إذا دامت على المديين المتوسط والطويل، يجب أن تقرّ بقانون واضح وفق شروط معينة، ولا يجوز أن تكون استنسابية ومزاجية”، مشيراً إلى وجوب التنبه كون “تقييد التحويلات وغيره من التدابير من شأنها أن تتعارض مع بعض معاهدات تنشيط وحماية الاستثمارات الموقعة من لبنان مع عدد من الدول وذلك، بموجب أرجحية تلك المعاهدات بموجب المادة 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية”. 

أما بخصوص التخوّف من قيام مصارف أو سواها بإجبار المواطنين على دفع المستحقات بالدولار، فيؤكد ضاهر أن “هناك تعليمات من وزير الاقتصاد بالدفع بالليرة اللبنانية، إضافةً إلى أن هناك قوانين تحمي المواطن في هذا السياق، منها قانون حماية المستهلك (المادة 5) وقانون النقد والتسليف (المادة 192)، ومخالفة ذلك، يضع المرتكب أمام مخالفات جزائية”.

وكان لافتاً بعد أكثر من 40 يوماً على انتفاضة اللبنانيين، أن يطالب رئيس مجلس النواب نبيه بري، “بعودة أموال البنوك التي أرسلت إلى الخارج”. وكان بري أكد خلال لقاء مع النواب أن الأموال المحوّلة إلى الخارج “مقدرة بمليارات الدولارات”.

أما حاكم مصرف لبنان في مؤتمره الأخير، فبدا رجلاً فضائياً بعيداً كل البعد من الواقع، إذ أكد أن لا ضوابط ستفرض على رأس المال، وأن الليرة بخير، والودائع بأمان والدنيا مرج زهور. هذا فيما ترقص الليرة اللبنانية على أجنحة ما فوق الـ2000 للدولار، ويُمنع المودعون من السحب من ودائعهم بالدولار، ويُمنع أيضاً تحويل الأموال إلى خارج البلاد. 

وبعد إضراب موظفي المصارف، طالعتنا “جمعية المصارف” برزمة قواعد خاصة بها، مفادها السماح للمواطنين بسحب 1000 دولار أسبوعياً لكل حساب، والسماح بالتحويلات في حال الطوارئ. إلا أن المصارف تواصل مزاجيتها واستنسابيتها، وتلتزم بما تراه مناسباً لها ولمصلحتها وحسب، علماً أن قواعد جمعية مصارف لبنان غير ملزمة، ولا يزال بإمكان أي مصرف أن يفعل ما يحلو له، ويبقى تحديد معنى “حالة الطوارئ” خاضعاً لرؤية كل مصرف ومصلحته بحسب العميل. 

لمحلّات الصيرفة بورصة خاصة ترتفع أسعارها ثم فجأة تهبط، كما حصل قبل أيام قليلة، إذ وصل سعر صرف الليرة اللبنانية إلى 2350 ليرة مقابل الدولار، ثمّ انخفض إلى 1750 ليرة بعد ظهر اليوم ذاته

في المقابل، كان البنك الدولي قدّر عدد اللبنانيين الفقراء عام 2018 بحوالى الثلث، فيما كانت نسبة الفقراء تبلغ 27.4 في المئة في 2011-2012. وتوقّع أن يتّجه الوضع إلى الأسوأ في حال عدم المعالجة فوراً، فنسبة الفقر قد ترتفع إلى 50 في المئة إذا تفاقم الوضع الاقتصادي سوءاً، معدل البطالة، بخاصة بين الشباب، المرتفع أصلاً، قد يرتفع أكثر وبشكل حاد.

سيناهز عمر الانتفاضة اللبنانية 50 يوماً، فيما الفقراء يزدادون فقراً، والمصارف تزداد لؤماً وتعنتاً. أما السلطة الحاكمة والتي كثر من رجالاتها مساهمون أساسيون في عدد من المصارف، تتصرّف وكأنها في عالم آخر، وحتى الآن لم يدعُ رئيس الجمهورية ميشال عون إلى استشارات نيابية لتشكيل حكومة قد تعيد شيئاً من الاستقرار والثقة إلى الاقتصاد. 

أما ناجي فليطي، فانتحر بسبب 700 ألف وألف ليرة!

02.12.2019
زمن القراءة: 5 minutes

لا شكّ في أن أيّ لبناني يمكن أن يسرد قصة ذلٍّ (أو أكثر) عايشها خلال الأسابيع الأخيرة، فيما كان ذاهباً إلى أحد المصارف لسحب أمواله أو سداد مستحقاته أو حتى السؤال عن مصير مدّخراته أو راتبه الشهري، أو محاولة استجداء دولارات من حسابه، تتصرّف المصارف وكأنها تملكها.

ناجي فليطي

700 ألف ليرة لبنانية هي ديون ناجي فليطي (40 سنة) أي أقل من 500 دولار (وفق سعر الصرف الرسمي). 1000 ليرة لبنانية طلبت منه ابنته، أي أقل من دولار واحد. رقمان كانا كافيين ليقرر الرجل إنهاء مشوار معاناته، فشنق نفسه ومات، تاركاً خلفه عائلة من زوجتين وولدين رنيم (ستّ سنوات) والطفل محمد (عام واحد)، في عرسال من دون معيل. 700 ألف ليرة لبنانية هو مبلغ أقلّ من ثمن قميص أو سروال أحد السياسيين، و1000 ليرة هو ثمن منقوشة صعتر في أحسن الأحوال. علماً أن ثمن منقوشة الصعتر يساوي ضعفي المبلغ في بعض المطاعم. 

تصل المأساة إلى درجة تصعب بعدها المقاومة أو الصمود، ويصل الفقر إلى درجة يستحيل معها أن تجد ألف ليرة في جيب أب، وحين تطلب منه ابنته الألف ليرة تلك، يكون جوابه الانتحار. 

مجزرة يومية

هذا كله في ظل استشارات نيابية ما زالت معلّقة في حبل الانتظار ووضع مالي لا ينذر سوى بالأسوأ وواقع مصرفي يشبه مجزرة يومية لا ترحم. وهو واقع مرشّح ليقود أكثر من ناجي فليطي واحد إلى نهاية مأساوية كالانتحار أو سواه.

لا شكّ في أن أيّ لبناني يمكن أن يسرد قصة ذلٍّ (أو أكثر) عايشها خلال الأسابيع الأخيرة، فيما كان ذاهباً إلى أحد المصارف لسحب أمواله أو سداد مستحقاته أو حتى السؤال عن مصير مدّخراته أو راتبه الشهري، أو محاولة استجداء دولارات من حسابه، تتصرّف المصارف وكأنها تملكها. ومن لم يعش قصة من هذا النوع، لا شكّ في أنه سمع من جاره أو أحد أفراد عائلته واحدة من سرديات المأساة التي تحصل يومياً في المصارف. وفوق ذلك، تلجأ المصارف بين حين وآخر إلى التهديد بالإضراب والإقفال، وهي كانت نفّذت إضراباً على مدى أيام عدة زاد الناس هلعاً وقلقاً.

“كل يوم إجراء جديد” يقول عاطف وهو صاحب محل تجاري، مضيفاً: “يخبروننا أنّ بإمكاننا سحب ألف دولار أسبوعياً، وبعد أيام قليلة يصبح المبلغ 500 دولار، والآن ها هم يلوّحون بأن لا دولار في المصارف خلال الأيام المقبلة”.

ولمحلّات الصيرفة بورصة خاصة ترتفع أسعارها ثم فجأة تهبط، كما حصل قبل أيام قليلة، إذ وصل سعر صرف الليرة اللبنانية إلى 2350 ليرة مقابل الدولار، ثمّ انخفض إلى 1750 ليرة بعد ظهر اليوم ذاته، وسُمع في اليوم التالي عن أن سعر الصرف هو 1600 ليرة مقابل الدولار.

تصل المأساة إلى درجة تصعب بعدها المقاومة أو الصمود، ويصل الفقر إلى درجة يستحيل معها أن تجد ألف ليرة في جيب أب، وحين تطلب منه ابنته الألف ليرة تلك، يكون جوابه الانتحار. 

بالعودة إلى ثمانينات القرن الماضي، حين وصل سعر صرف الليرة إلى 3000 مقابل الدولار، يبدو المشهد هناك أكثر أماناً وإن كان مشحوناً بحرب أهلية، ذلك أن اقتصادنا لم يكن مدولراً وقتها كما هي الأمور اليوم. القطاعات كلها تصرخ، من شركات النفط إلى التجار مروراً بالمواطنين المجبرين على دفع مستحقات عدة بالدولار وليس بالليرة، وجزء من هذه المستحقات هو للمصارف على شكل قروض شخصية أو قروض سيارات وغير ذلك.

وإذ لم نسمع حتى الآن بشكل علني عن مصرف أجبر عميلاً على دفع سندٍ ما بالدولار، إلا أنّ مواطنَين سجّلا اعتراضاً بحق مصرفين، نتيجة المعاملة غير القانونية. فادي عطوي أرسل إنذار بواسطة كاتب عدل لبنك عودة على خلفية التأخر في صرف الشيكات لشركة اسبانية، تستورد منها شركته البلاط، وذلك على رغم وجود رصيد كاف في حساب عطوي. أما الدعوى المقدّمة بحق بنك بيبلوس فقد ردّت بالشكل.  

في هذا الإطار، يوضح المحامي كريم ضاهر لـ”درج” بعض التجاوزات القانونية التي ترتكبها المصارف اللبنانية مرغمة بسبب غياب أي تدابير رسمية تنظيمية، مشيراً إلى “مسألة الـcapital control، التي تمارسها المصارف من دون وجه حق، فهي غير مخولة قانوناً لفرض قيود على السحوبات والتحويلات المستوفية الشروط”. ويلفت إلى أن “المخوّل لاتخاذ هكذا قرارات هو المصرف المركزي، وفق قانون النقد والتسليف الوطني، وذلك لتأمين الثبات المالي والاستقرار الاقتصادي. فالمواد 70 و174 و175 من قانون النقد والتسليف، تسمح بتدابير معينة للحفاظ على سلامة النقد والوضع الاقتصادي والمالي”، مؤكداً أن “هذه الإجراءات لها شروط وقيود، ومن غير القانوني تطبيقها بشكل عشوائي واستنسابي، ومن دون قرار رسمي أو تعليمات علنية من المصرف المركزي”. 

ويتابع ضاهر: “وفق البند 9 من مقدمة الدستور اللبناني، تصان المبادرة الفردية والملكية الخاصة، وبالتالي تقييد الحقوق والودائع مرفوض خارج الإطار التنظيمي والقانوني، فهي أمانة عند المصارف. وفرض أي قيود عليها يجب أن يكون مبرّراً وواضحاً”. ويلفت إلى أن “تدابير من النوع الذي تأخذه المصارف، إذا دامت على المديين المتوسط والطويل، يجب أن تقرّ بقانون واضح وفق شروط معينة، ولا يجوز أن تكون استنسابية ومزاجية”، مشيراً إلى وجوب التنبه كون “تقييد التحويلات وغيره من التدابير من شأنها أن تتعارض مع بعض معاهدات تنشيط وحماية الاستثمارات الموقعة من لبنان مع عدد من الدول وذلك، بموجب أرجحية تلك المعاهدات بموجب المادة 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية”. 

أما بخصوص التخوّف من قيام مصارف أو سواها بإجبار المواطنين على دفع المستحقات بالدولار، فيؤكد ضاهر أن “هناك تعليمات من وزير الاقتصاد بالدفع بالليرة اللبنانية، إضافةً إلى أن هناك قوانين تحمي المواطن في هذا السياق، منها قانون حماية المستهلك (المادة 5) وقانون النقد والتسليف (المادة 192)، ومخالفة ذلك، يضع المرتكب أمام مخالفات جزائية”.

وكان لافتاً بعد أكثر من 40 يوماً على انتفاضة اللبنانيين، أن يطالب رئيس مجلس النواب نبيه بري، “بعودة أموال البنوك التي أرسلت إلى الخارج”. وكان بري أكد خلال لقاء مع النواب أن الأموال المحوّلة إلى الخارج “مقدرة بمليارات الدولارات”.

أما حاكم مصرف لبنان في مؤتمره الأخير، فبدا رجلاً فضائياً بعيداً كل البعد من الواقع، إذ أكد أن لا ضوابط ستفرض على رأس المال، وأن الليرة بخير، والودائع بأمان والدنيا مرج زهور. هذا فيما ترقص الليرة اللبنانية على أجنحة ما فوق الـ2000 للدولار، ويُمنع المودعون من السحب من ودائعهم بالدولار، ويُمنع أيضاً تحويل الأموال إلى خارج البلاد. 

وبعد إضراب موظفي المصارف، طالعتنا “جمعية المصارف” برزمة قواعد خاصة بها، مفادها السماح للمواطنين بسحب 1000 دولار أسبوعياً لكل حساب، والسماح بالتحويلات في حال الطوارئ. إلا أن المصارف تواصل مزاجيتها واستنسابيتها، وتلتزم بما تراه مناسباً لها ولمصلحتها وحسب، علماً أن قواعد جمعية مصارف لبنان غير ملزمة، ولا يزال بإمكان أي مصرف أن يفعل ما يحلو له، ويبقى تحديد معنى “حالة الطوارئ” خاضعاً لرؤية كل مصرف ومصلحته بحسب العميل. 

لمحلّات الصيرفة بورصة خاصة ترتفع أسعارها ثم فجأة تهبط، كما حصل قبل أيام قليلة، إذ وصل سعر صرف الليرة اللبنانية إلى 2350 ليرة مقابل الدولار، ثمّ انخفض إلى 1750 ليرة بعد ظهر اليوم ذاته

في المقابل، كان البنك الدولي قدّر عدد اللبنانيين الفقراء عام 2018 بحوالى الثلث، فيما كانت نسبة الفقراء تبلغ 27.4 في المئة في 2011-2012. وتوقّع أن يتّجه الوضع إلى الأسوأ في حال عدم المعالجة فوراً، فنسبة الفقر قد ترتفع إلى 50 في المئة إذا تفاقم الوضع الاقتصادي سوءاً، معدل البطالة، بخاصة بين الشباب، المرتفع أصلاً، قد يرتفع أكثر وبشكل حاد.

سيناهز عمر الانتفاضة اللبنانية 50 يوماً، فيما الفقراء يزدادون فقراً، والمصارف تزداد لؤماً وتعنتاً. أما السلطة الحاكمة والتي كثر من رجالاتها مساهمون أساسيون في عدد من المصارف، تتصرّف وكأنها في عالم آخر، وحتى الآن لم يدعُ رئيس الجمهورية ميشال عون إلى استشارات نيابية لتشكيل حكومة قد تعيد شيئاً من الاستقرار والثقة إلى الاقتصاد. 

أما ناجي فليطي، فانتحر بسبب 700 ألف وألف ليرة!