fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

مصر: سوء الإدارة الصحية يهدد حياة مرضى “كورونا”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مشكلات نقص الأوكسجين في المستشفيات ليست هي الأزمة الوحيدة، فقد فجر مصور فيديو مستشفى الحسينية مفاجأة جديدة، مؤكداً أن المستشفى سلمهم جثة عمته ملفوفة بـ”بطانية” من دون تغسيلها أو تكفينها…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“مات 4 مصابين بفايروس كورونا خلال دقيقة واحدة داخل العناية المركزة في مستشفى الحسينية المركزي، بسبب توقف إمدادات الأوكسجين، عمتي كانت واحدة من المتوفين”، بتلك الجملة شرح أحمد ممدوح نافع ملابسات أزمة نقص الأوكسجين داخل العناية المركزة في المستشفى، والتي وثقها بمقطع فيديو صوره وقت حدوث الأزمة ويظهر فيه أفراد الطاقم الطبي في حالة من الفزع بعد فشلهم في إنقاذ المرضى.

وبعدما أثار مقطع الفيديو صدى واسعاً عبر السوشيل ميديا ووجهت اتهامات كثيرة إلى وزارة الصحة المسؤولة عن إدارة المنظومة الطبية، ألقت قوات الأمن القبض على الشاب بزعم الاستماع إلى أقواله في ما تضمنه الفيديو  بشأن وفاة المرضى. ما حدث في مستشفى الحسينية تكرر قبلها بيوم واحد فقط في مستشفى زفتى العام، وأدى إلى وفاة مريضين داخل العناية المركزة بعدما انقطعت إمدادات الأوكسجين أيضاً، فجأة، إلا أنه بدل أن تتحرك الحكومة لدراسة أسباب الأزمة المتكررة وإيجاد حلول، قررت نفي ما حدث وإنكاره تماماً، حفاظاً على كبريائها واستمراراً في تعنتها في ما خص حقوق المواطنين الصحية.

تكتم ونفي والقبض على كاشفي الأزمة

 وجهت الحكومة المسؤولين المعنيين بإصدار تصريحات وبيانات تنفي صحة رواية نقص إمدادات الأوكسجين داخل مستشفيي زفتى العام والحسينية المركزي، وأن السبب وراء حالات الوفاة هو حالتهم الصحية المتأخرة وكونهم جميعاً من ذوي الأمراض المزمنة، كما وجهت بالقبض على مصور الفيديو لترهيب كل من يحاول كشف القصور داخل المنظومة الطبية في مصر، وقررت التحقيق مع مسؤول شركة الأمن في مستشفى “الحسينية” بذريعة السماح لأحد الأشخاص بتصوير واقعة نفاد الأوكسجين في غرف العناية المركزة بالمستشفى. ومن أجل تشتيت الرأي العام أعلنت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد أن جماعة الإخوان الإرهابية وراء ترويج الفيديو ونشره، من أجل زعزعة الاستقرار وخلق حالة من الهياج لدى المواطنين ضد الدولة ومؤسساتها.

أحمد عفيفي مصور الفيديو أثارته موجة التكذيب والنفي التي انطلقت على لسان كل مسؤول معني بالأمر بدءاً من الوزيرة والمحافظ وصولاً إلى وكيل الوزارة ومدير المستشفى، فنشر مقطع فيديو عبر صفحته في “فايسبوك” يعلن فيه ملابسات الواقعة، قائلاً: “بداية الكارثة كانت يوم الجمعة حين أغلق محبس الأوكسجين في المستشفى بفعل فاعل في الرابعة فجراً، وأحضرنا الشخص المسؤول عن المحبس لإعادة فتحه، وكان في الخزان 1800 ليتر”. يتابع: “يوم السبت الصبح الخزان مكانش فيه إلا 400 لتر أوكسجين فقط، وقت العصر سألت على عربية الأكسجين قالوا إنها طلعت من مركز الصالحية الجديدة وجاية على المستشفى، المسافة بين المركزين ساعة واحدة، ورغم كده العربية جات المستشفى الساعة 10 بالليل، بلغناهم إننا ممكن نتصرف ونشتري أسطوانات أوكسجين على حسابنا قالوا محدش يقلق، عندنا 28 أسطوانة أوكسجين احتياطي هنشغلهم لو الأوكسجين خلص قبل العربية ما توصل، ولو خلصوا هما كمان هنبلغكم تتصرفوا، جبت أسطوانة أوكسجين قالوا رجعها ومتقلقوش، الأوكسجين انقطع عن المرضى ابتداءً من التاسعة والنصف، وجميع المرضى ماتوا مخنوقين، تصريحات المحافظ ووكيل الوزارة غلط في غلط، بيحاولوا يداروا على الكارثة اللي قتلت 4 من أهالينا”.

إقرأوا أيضاً:

الطاقم الطبي… قليل الحيلة!

الممرضة الشابة التي جلست القرفصاء مستندة إلى أحد جدران غرفة العناية المركزة، قالت في تصريحات صحافية، إن خللاً حدث في أسطوانات الأوكسجين، ما أدى إلى ضعف وصول الأوكسجين إلى المرضى، في تمام التاسعة والنصف مساء، ما أدى إلى اختناق عدد كبير من حالات العزل، “حاولنا بكل الطرق نسعفهم وفشلنا”، لافتة إلى أنها تعاني من ضغط كبير في العمل، كونها تداوم يومياً على مدار 12 ساعة منذ الـ8 مساءا حتى الـ8 صباحاً، وزاد الأمر سوءاً أنها لم تعتد رؤية هذا العدد الكبير من الوفيات في الوقت نفسه، لذلك فقدت هدوءها وأعصابها والتصقت بالحائط، تطلب الأمان والحماية والسند.

انقطاع الأوكسجين سيناريو غير معتاد

الدكتور خالد منيسي، مدير أحد المستشفيات الخاصة في مصر، يقول إن معدل الأوكسجين داخل جسم الإنسان الطبيعي يزيد عن 95 في المئة، وينبغي تزويده بالأوكسجين إذا نقصت نسبته عن 90 في المئة. أما الحالات التي تعاني من صعوبة بسيطة في التنفس ونقص في الأوكسجين فتمكن مساعدتها على التنفس باستخدام قناع متصل بأنبوب أوكسجين، وهذه الطريقة مناسبة للتعامل مع مصابي “كورونا”، إذا اكتُشفت الإصابة مبكراً، لكن الحالات المتقدمة والتي تعاني صعوبات كبيرة في التنفس يحتاجون إلى وضعهم على جهاز تنفس صناعي يتصل بالرئتين، إما من طريق قناع يُغطي الوجه والأنف، أو إدخال أنبوب داخل فم المريض أو أنفه مروراً بالبلعوم والقصبة الهوائية، ويتمكن الطبيب من التحكم في نسبة الأوكسجين من طريق منظم أوكسجين.

وأضاف منيسي لـ”درج”، أن غياب جهاز التنفس الصناعي عن المريض في المراحل المتقدمة من الفشل التنفسي يعني موته اختناقاً، فدقيقتان أو 3 دقائق تعتبر مدة كافية لإحداث ضرر جسيم في الخلايا يتسبب في الوفاة، مؤكداً أن انقطاع الأوكسجين أو نقصه داخل المستشفيات ليس بالأمر المعتاد إلا في حالات انقطاع التيار الكهربائي بالكامل، وبالتالي ما حدث في مستشفى زفتى والحسينية أمر غير اعتيادي على الإطلاق.

شح أسطوانات ومولدات الأكسجين

يشير مدير المستشفى إلى أن هناك ضغطاً كبيراً في السوق المحلي على أسطوانات الأوكسجين التي يستخدمها مصابو “كورونا” في العزل المنزلي، علاوة على النقص الكبير في المولدات والمنظمات التي تحتاجها الحالات الطارئة من المصابين بـ”كورونا”.

عبدالعزيز أبو العلا، مدير إحدى شركات المستلزمات الطبية التي تبيع أسطوانات ومولدات ومنظمات الأوكسجين، أكد ارتفاع الطلب على الأوكسجين ومستلزماته بشكل كبير منذ النصف الثاني من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار مستلزماته بشكل ملحوظ، فقد تضاعف سعر أنبوبة الأوكسجين من 1800 إلى أكثر من 4 آلاف جنيه، فيما ارتفعت أسعار منظمات أسطوانات الأوكسجين من 500 إلى قرابة ألفي جنيه، وارتفع سعر المولد من 6 إلى 8.5 ألف جنيه وهو النوع الأرخص، وهناك أنواع أغلى تتراوح أسعارها بين 10 و22 ألف جنيه.

ما حدث في مستشفى الحسينية تكرر قبلها بيوم واحد فقط في مستشفى زفتى العام،

وأدى إلى وفاة مريضين داخل العناية المركزة بعدما انقطعت إمدادات الأوكسجين أيضاً.

يضيف أبو العلا لـ”درج”، أن “السوق يعاني نقصاً كبيراً في تأمين هذه المستلزمات، وإذا توفرت فإن جودتها تكون سيئة، وقد تضع المريض في وضع لا يحسد عليه، مشيراً إلى أن أسطوانات الأوكسجين الموجودة في السوق غالباً لا تملك بطاقات تعريفية، التي من شأنها توضيح التفاصيل الخاصة بالغاز المعبأ داخلها، ورقم الإنتاج وتاريخ التعبئة ونهاية الصلاحية، وتاريخ آخر فحص لصلاحية الأسطوانة”.

شبكات الغاز تعاني من الإهمال داخل المستشفيات

يؤكد الدكتور خالد منيسي مدير أحد المستشفيات الخاصة، أن شبكات الغاز في أكثرية المستشفيات تكون متهالكة لعدم إجراء صيانة دورية لها، وتعاني الأسطوانات من الصدأ بسبب ضعف الصيانة، ما يتسبب في أضرار بالغة للمرضى، لافتاً إلى أن مشكلة صغيرة في أحد محابس الشبكة قد تؤدي إلى وفاة مريض، وبالتالي فإن شبكات الغاز تشكل خطراً دائماً على صحة المرضى إذا لم تتم صيانتها بشكل دوري.

وأضاف منيسي أن شبكة الغاز الطبي في غرف العناية المركزة، تتكون من أسطوانات الغاز و”تانك” للغاز وأسطوانات أخرى احتياطية تساوي العدد الأساسي، إضافة إلى منظمات غاز، وإنذار لنقص الغاز ومحبس، وصمامات أمان، وبعض المكونات الأخرى.

وفيات “كورونا” بلا غسل أو كفن

مشكلات نقص الأوكسجين في المستشفيات والسوق المصري ليست هي الأزمة الوحيدة حالياً، فقد فجر مصور فيديو مستشفى الحسينية مفاجأة جديدة، مؤكداً أن المستشفى سلمهم جثة عمته “فاطمة السيد إبراهيم” ملفوفة بـ”بطانية” من دون تغسيلها أو تكفينها، مشيراً إلى أن المستشفى يمتنع عن غسل المتوفين بفايروس “كورونا” وتكفينهم، لمنع انتشار الوباء، لافتاً إلى أن جثث المتوفين تُلقى في أسفل المستشفى، حتى يتسلمها ذووهم ملفوفة بـ”بطانية”، “يومياً بيخرج 7 أو 8 حالات وفاة بنفس الوضع”.

انتقادات بالجملة لإدارة ملف “كورونا”

تواجه الحكومة المصرية جملة انتقادات بسبب آلية إدارتها ملف “كورونا”، بدءاً من التشكيك في أعداد الإصابات المعلنة مقارنة بالأعداد الحقيقية، وصولاً إلى آليات التعامل مع الطاقم الطبي في ظل هذه الظروف والمعاناة والضغط الكبير الذي يواجهونه، وصولاً إلى عدم اتخاذ إجراءات الحماية والتباعد اللازمة، خوفاً على الاستثمار والسياحة.

“إن غياب جهاز التنفس الصناعي عن المريض

في المراحل المتقدمة من الفشل التنفسي يعني موته اختناقاً،

فدقيقتان أو 3 دقائق تعتبر مدة كافية

لإحداث ضرر جسيم في الخلايا يتسبب في الوفاة”.

الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية، اعترف بأن الأعداد التي تنشرها وزارة الصحة أقل من الأعداد الفعلية للمصابين الحقيقيين، لأن الأرقام التي تعلنها الوزارة هي للمصابين الذين أجروا تحاليل مخبرية لهم وثبتت إصابتهم فقط، لافتاً إلى أن حالات كثيرة تعالج في المنازل ولا تظهر في أرقام وزارة الصحة وهي الأكبر، وتوقع أن تكون أعداد الإصابات الفعلية أكثر 10 أضعاف من الأرقام التي تعلنها الوزارة.

وأعلنت الوزارة أن إجمالي أعداد المصابين بـ”كورونا” لم تكسر حاجز 150 ألف إصابة منذ ظهور الفايروس بالبلاد حتى 4 كانون الثاني/ يناير 2021، فيما بلغت الوفيات قرابة 8 آلاف حالة.

إقرأوا أيضاً:

وائل السواح- كاتب سوري | 19.04.2025

تجربة انتخابية سورية افتراضية: أيمن الأصفري رئيساً

رغبتُ في تبيان أن الشرع ليس المرشّح المفضّل لدى جميع السوريين في عموم مناطقهم واتّجاهاتهم السياسية، وفقط من أجل تمرين عقلي، طلبتُ من أصدقائي على حسابي على "فيسبوك" المشاركة في محاكاة انتخابية، لاستقصاء الاتّجاه الذي يسير فيه أصدقائي، مفترضاً طبعاً أن معظمهم يدور في دائرة فكرية متقاربة، وإن تكُ غير متطابقة.
05.01.2021
زمن القراءة: 6 minutes

مشكلات نقص الأوكسجين في المستشفيات ليست هي الأزمة الوحيدة، فقد فجر مصور فيديو مستشفى الحسينية مفاجأة جديدة، مؤكداً أن المستشفى سلمهم جثة عمته ملفوفة بـ”بطانية” من دون تغسيلها أو تكفينها…

“مات 4 مصابين بفايروس كورونا خلال دقيقة واحدة داخل العناية المركزة في مستشفى الحسينية المركزي، بسبب توقف إمدادات الأوكسجين، عمتي كانت واحدة من المتوفين”، بتلك الجملة شرح أحمد ممدوح نافع ملابسات أزمة نقص الأوكسجين داخل العناية المركزة في المستشفى، والتي وثقها بمقطع فيديو صوره وقت حدوث الأزمة ويظهر فيه أفراد الطاقم الطبي في حالة من الفزع بعد فشلهم في إنقاذ المرضى.

وبعدما أثار مقطع الفيديو صدى واسعاً عبر السوشيل ميديا ووجهت اتهامات كثيرة إلى وزارة الصحة المسؤولة عن إدارة المنظومة الطبية، ألقت قوات الأمن القبض على الشاب بزعم الاستماع إلى أقواله في ما تضمنه الفيديو  بشأن وفاة المرضى. ما حدث في مستشفى الحسينية تكرر قبلها بيوم واحد فقط في مستشفى زفتى العام، وأدى إلى وفاة مريضين داخل العناية المركزة بعدما انقطعت إمدادات الأوكسجين أيضاً، فجأة، إلا أنه بدل أن تتحرك الحكومة لدراسة أسباب الأزمة المتكررة وإيجاد حلول، قررت نفي ما حدث وإنكاره تماماً، حفاظاً على كبريائها واستمراراً في تعنتها في ما خص حقوق المواطنين الصحية.

تكتم ونفي والقبض على كاشفي الأزمة

 وجهت الحكومة المسؤولين المعنيين بإصدار تصريحات وبيانات تنفي صحة رواية نقص إمدادات الأوكسجين داخل مستشفيي زفتى العام والحسينية المركزي، وأن السبب وراء حالات الوفاة هو حالتهم الصحية المتأخرة وكونهم جميعاً من ذوي الأمراض المزمنة، كما وجهت بالقبض على مصور الفيديو لترهيب كل من يحاول كشف القصور داخل المنظومة الطبية في مصر، وقررت التحقيق مع مسؤول شركة الأمن في مستشفى “الحسينية” بذريعة السماح لأحد الأشخاص بتصوير واقعة نفاد الأوكسجين في غرف العناية المركزة بالمستشفى. ومن أجل تشتيت الرأي العام أعلنت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد أن جماعة الإخوان الإرهابية وراء ترويج الفيديو ونشره، من أجل زعزعة الاستقرار وخلق حالة من الهياج لدى المواطنين ضد الدولة ومؤسساتها.

أحمد عفيفي مصور الفيديو أثارته موجة التكذيب والنفي التي انطلقت على لسان كل مسؤول معني بالأمر بدءاً من الوزيرة والمحافظ وصولاً إلى وكيل الوزارة ومدير المستشفى، فنشر مقطع فيديو عبر صفحته في “فايسبوك” يعلن فيه ملابسات الواقعة، قائلاً: “بداية الكارثة كانت يوم الجمعة حين أغلق محبس الأوكسجين في المستشفى بفعل فاعل في الرابعة فجراً، وأحضرنا الشخص المسؤول عن المحبس لإعادة فتحه، وكان في الخزان 1800 ليتر”. يتابع: “يوم السبت الصبح الخزان مكانش فيه إلا 400 لتر أوكسجين فقط، وقت العصر سألت على عربية الأكسجين قالوا إنها طلعت من مركز الصالحية الجديدة وجاية على المستشفى، المسافة بين المركزين ساعة واحدة، ورغم كده العربية جات المستشفى الساعة 10 بالليل، بلغناهم إننا ممكن نتصرف ونشتري أسطوانات أوكسجين على حسابنا قالوا محدش يقلق، عندنا 28 أسطوانة أوكسجين احتياطي هنشغلهم لو الأوكسجين خلص قبل العربية ما توصل، ولو خلصوا هما كمان هنبلغكم تتصرفوا، جبت أسطوانة أوكسجين قالوا رجعها ومتقلقوش، الأوكسجين انقطع عن المرضى ابتداءً من التاسعة والنصف، وجميع المرضى ماتوا مخنوقين، تصريحات المحافظ ووكيل الوزارة غلط في غلط، بيحاولوا يداروا على الكارثة اللي قتلت 4 من أهالينا”.

إقرأوا أيضاً:

الطاقم الطبي… قليل الحيلة!

الممرضة الشابة التي جلست القرفصاء مستندة إلى أحد جدران غرفة العناية المركزة، قالت في تصريحات صحافية، إن خللاً حدث في أسطوانات الأوكسجين، ما أدى إلى ضعف وصول الأوكسجين إلى المرضى، في تمام التاسعة والنصف مساء، ما أدى إلى اختناق عدد كبير من حالات العزل، “حاولنا بكل الطرق نسعفهم وفشلنا”، لافتة إلى أنها تعاني من ضغط كبير في العمل، كونها تداوم يومياً على مدار 12 ساعة منذ الـ8 مساءا حتى الـ8 صباحاً، وزاد الأمر سوءاً أنها لم تعتد رؤية هذا العدد الكبير من الوفيات في الوقت نفسه، لذلك فقدت هدوءها وأعصابها والتصقت بالحائط، تطلب الأمان والحماية والسند.

انقطاع الأوكسجين سيناريو غير معتاد

الدكتور خالد منيسي، مدير أحد المستشفيات الخاصة في مصر، يقول إن معدل الأوكسجين داخل جسم الإنسان الطبيعي يزيد عن 95 في المئة، وينبغي تزويده بالأوكسجين إذا نقصت نسبته عن 90 في المئة. أما الحالات التي تعاني من صعوبة بسيطة في التنفس ونقص في الأوكسجين فتمكن مساعدتها على التنفس باستخدام قناع متصل بأنبوب أوكسجين، وهذه الطريقة مناسبة للتعامل مع مصابي “كورونا”، إذا اكتُشفت الإصابة مبكراً، لكن الحالات المتقدمة والتي تعاني صعوبات كبيرة في التنفس يحتاجون إلى وضعهم على جهاز تنفس صناعي يتصل بالرئتين، إما من طريق قناع يُغطي الوجه والأنف، أو إدخال أنبوب داخل فم المريض أو أنفه مروراً بالبلعوم والقصبة الهوائية، ويتمكن الطبيب من التحكم في نسبة الأوكسجين من طريق منظم أوكسجين.

وأضاف منيسي لـ”درج”، أن غياب جهاز التنفس الصناعي عن المريض في المراحل المتقدمة من الفشل التنفسي يعني موته اختناقاً، فدقيقتان أو 3 دقائق تعتبر مدة كافية لإحداث ضرر جسيم في الخلايا يتسبب في الوفاة، مؤكداً أن انقطاع الأوكسجين أو نقصه داخل المستشفيات ليس بالأمر المعتاد إلا في حالات انقطاع التيار الكهربائي بالكامل، وبالتالي ما حدث في مستشفى زفتى والحسينية أمر غير اعتيادي على الإطلاق.

شح أسطوانات ومولدات الأكسجين

يشير مدير المستشفى إلى أن هناك ضغطاً كبيراً في السوق المحلي على أسطوانات الأوكسجين التي يستخدمها مصابو “كورونا” في العزل المنزلي، علاوة على النقص الكبير في المولدات والمنظمات التي تحتاجها الحالات الطارئة من المصابين بـ”كورونا”.

عبدالعزيز أبو العلا، مدير إحدى شركات المستلزمات الطبية التي تبيع أسطوانات ومولدات ومنظمات الأوكسجين، أكد ارتفاع الطلب على الأوكسجين ومستلزماته بشكل كبير منذ النصف الثاني من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار مستلزماته بشكل ملحوظ، فقد تضاعف سعر أنبوبة الأوكسجين من 1800 إلى أكثر من 4 آلاف جنيه، فيما ارتفعت أسعار منظمات أسطوانات الأوكسجين من 500 إلى قرابة ألفي جنيه، وارتفع سعر المولد من 6 إلى 8.5 ألف جنيه وهو النوع الأرخص، وهناك أنواع أغلى تتراوح أسعارها بين 10 و22 ألف جنيه.

ما حدث في مستشفى الحسينية تكرر قبلها بيوم واحد فقط في مستشفى زفتى العام،

وأدى إلى وفاة مريضين داخل العناية المركزة بعدما انقطعت إمدادات الأوكسجين أيضاً.

يضيف أبو العلا لـ”درج”، أن “السوق يعاني نقصاً كبيراً في تأمين هذه المستلزمات، وإذا توفرت فإن جودتها تكون سيئة، وقد تضع المريض في وضع لا يحسد عليه، مشيراً إلى أن أسطوانات الأوكسجين الموجودة في السوق غالباً لا تملك بطاقات تعريفية، التي من شأنها توضيح التفاصيل الخاصة بالغاز المعبأ داخلها، ورقم الإنتاج وتاريخ التعبئة ونهاية الصلاحية، وتاريخ آخر فحص لصلاحية الأسطوانة”.

شبكات الغاز تعاني من الإهمال داخل المستشفيات

يؤكد الدكتور خالد منيسي مدير أحد المستشفيات الخاصة، أن شبكات الغاز في أكثرية المستشفيات تكون متهالكة لعدم إجراء صيانة دورية لها، وتعاني الأسطوانات من الصدأ بسبب ضعف الصيانة، ما يتسبب في أضرار بالغة للمرضى، لافتاً إلى أن مشكلة صغيرة في أحد محابس الشبكة قد تؤدي إلى وفاة مريض، وبالتالي فإن شبكات الغاز تشكل خطراً دائماً على صحة المرضى إذا لم تتم صيانتها بشكل دوري.

وأضاف منيسي أن شبكة الغاز الطبي في غرف العناية المركزة، تتكون من أسطوانات الغاز و”تانك” للغاز وأسطوانات أخرى احتياطية تساوي العدد الأساسي، إضافة إلى منظمات غاز، وإنذار لنقص الغاز ومحبس، وصمامات أمان، وبعض المكونات الأخرى.

وفيات “كورونا” بلا غسل أو كفن

مشكلات نقص الأوكسجين في المستشفيات والسوق المصري ليست هي الأزمة الوحيدة حالياً، فقد فجر مصور فيديو مستشفى الحسينية مفاجأة جديدة، مؤكداً أن المستشفى سلمهم جثة عمته “فاطمة السيد إبراهيم” ملفوفة بـ”بطانية” من دون تغسيلها أو تكفينها، مشيراً إلى أن المستشفى يمتنع عن غسل المتوفين بفايروس “كورونا” وتكفينهم، لمنع انتشار الوباء، لافتاً إلى أن جثث المتوفين تُلقى في أسفل المستشفى، حتى يتسلمها ذووهم ملفوفة بـ”بطانية”، “يومياً بيخرج 7 أو 8 حالات وفاة بنفس الوضع”.

انتقادات بالجملة لإدارة ملف “كورونا”

تواجه الحكومة المصرية جملة انتقادات بسبب آلية إدارتها ملف “كورونا”، بدءاً من التشكيك في أعداد الإصابات المعلنة مقارنة بالأعداد الحقيقية، وصولاً إلى آليات التعامل مع الطاقم الطبي في ظل هذه الظروف والمعاناة والضغط الكبير الذي يواجهونه، وصولاً إلى عدم اتخاذ إجراءات الحماية والتباعد اللازمة، خوفاً على الاستثمار والسياحة.

“إن غياب جهاز التنفس الصناعي عن المريض

في المراحل المتقدمة من الفشل التنفسي يعني موته اختناقاً،

فدقيقتان أو 3 دقائق تعتبر مدة كافية

لإحداث ضرر جسيم في الخلايا يتسبب في الوفاة”.

الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية، اعترف بأن الأعداد التي تنشرها وزارة الصحة أقل من الأعداد الفعلية للمصابين الحقيقيين، لأن الأرقام التي تعلنها الوزارة هي للمصابين الذين أجروا تحاليل مخبرية لهم وثبتت إصابتهم فقط، لافتاً إلى أن حالات كثيرة تعالج في المنازل ولا تظهر في أرقام وزارة الصحة وهي الأكبر، وتوقع أن تكون أعداد الإصابات الفعلية أكثر 10 أضعاف من الأرقام التي تعلنها الوزارة.

وأعلنت الوزارة أن إجمالي أعداد المصابين بـ”كورونا” لم تكسر حاجز 150 ألف إصابة منذ ظهور الفايروس بالبلاد حتى 4 كانون الثاني/ يناير 2021، فيما بلغت الوفيات قرابة 8 آلاف حالة.

إقرأوا أيضاً:

05.01.2021
زمن القراءة: 6 minutes
|
آخر القصص
لبنان في متاهة السلاح
طارق اسماعيل - كاتب لبناني | 19.04.2025
النظام الرعائي المؤسّساتي: الإصلاح يبدأ أولاً من هناك
زينة علوش - خبيرة دولية في حماية الأطفال | 19.04.2025
تونس: سقوط جدار المزونة يفضح السلطة العاجزة
حنان زبيس - صحافية تونسية | 19.04.2025

اشترك بنشرتنا البريدية