fbpx

مصر: كيف حول النظام مرسي إلى “أيقونة”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

بعد إعلان وفاة مرسي في سجنه، كان من الصعب رصد ردود الأفعال التي تعاطت مع الخبر خاصة أن الراحل لم يشيع في جنازة، ولم يسمح للصحافة المصرية بكتابة مهنية ترصد انعكاسات الأمر على الأرض، لكن السوشيال ميديا أقامت جنازة خاصة كان من الصعب منعها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شهدت مصر على أرض الواقع احتجاجاً واحداً على موت محمد مرسي، ففي قرية العدوة مسقط رأس الرئيس المعزول أقام الأهالي جنازة شعبية بعد صلاتهم صلاة الغائب بمسجد مكاوي، حضرها المئات من الأهالي وعقب الصلاة طاف المشاركون في مسيرة رافعين صور محمد مرسي.

حصل هذا فيما فرض الأمن دوريات المراقبة حول القرية وبحسب شهادة أحد المصورين الصحفيين فقد مُنع المصورون من دخول مقابر الوفاء والأمل المدفون فيها الرئيس المعزول محمد مرسي بمدينة نصر في حين سُمح لمراسل التليفزيون الاسرائيلي بالتصوير من أمام المقابر وإعداد تقرير تليفزيوني مفصل.

كما منعت السلطات الأمنية مدارس الأحد في الكنائس يوم الجمعة الماضية لأسباب أمنية خشية حدوث أي توترات أوعمليات تستهدف الكنائس.

لا ردود أفعال ظاهرة

بعد إعلان وفاة مرسي في سجنه، كان من الصعب رصد ردود الأفعال التي تعاطت مع الخبر خاصة أن الراحل لم يشيع في جنازة، ولم يسمح للصحافة المصرية بكتابة مهنية ترصد انعكاسات الأمر على الأرض، لكن السوشيال ميديا أقامت جنازة خاصة كان من الصعب منعها أمنياً أو توجيهها هي الأخرى من “موبايل سامسونج” على نحو ما حصل عبر إعلام النظام..

كانت الجنازة حارة على فيسبوك وتويتر.

جاءت ردود الأفعال على خبر رحيل مرسي عاطفية بشكل كبير ومندفعة بشكل أكبر، سواء من جانب مؤيدي مرسي أو المناهضين له، فبين التعاطف الكامل والحملة الواسعة من تغيير صور بروفايلات الفيسبوك بصور مرسي والعبارات المفعمة بالأسى والاحساس بالذنب جاءت ردود أفعال موازية تتسم بالشماتة والحنق على المعزول وجماعته وعلى من يترحم عليه.

حملة التعاطف الكبرى برزت في اليومين الأولين من الوفاة، وهي ظهرت في بعض الأحيان على نحو ساذج للغاية، إلا أن هذه السذاجة لم تمر بسلاسة بل جرى وضعها أحياناً تحت خانة التآمر والخيانة فتم التعامل معها بهجوم لاذع مطعم بالسخرية، خصوصاً بعد تراجع المد العاطفى نوعا ما في اليوم الثالث على الوفاة.

كان نصيب الناشطة اليمنية الحائزة على نوبل للسلام توكل كرمان من هذا الأخذ والرد عالياً فقد تعرضت لهجوم واسع بعد تغريدات لها على صفحتها الشخصية على موقع تويتر تصف فيها الرئيس المعزول بمقطع من قصيدة كتبها نزار قباني في رحيل جمال عبد الناصر تقول “قتلناك يا آخر الأنبياء”، وكان هذا الاقتباس محل اشتباك نظراً لمفارقته غير المفهومة بالرغبة في تشبيه مرسي بالنبي أم بعبد الناصر في مبالغة قد تكون محمودة شعرياً لكنها غير محمودة سياسياً.

وغالت كرمان في نعي مرسي بطريقة أشبه باللطميات”قتلناك ليس جديدا علينا اغتيال الصحابة والأولياء” مع محاولة لتشبيه مرسي بالنبي موسى،”تركناك في شمس سيناء وحدك تكلم ربك في الطور وحدك وتعرى وتشقى وتعطش وحدك”.. كل هذه التوريطات البلاغية يبدو أنها ليست ابنة لحظة رثائية وستمضى، بل هي إشارة ربما لسؤال علينا الوقوف أمامه: هل ستساهم الطريقة التراجيدية لموت محمد مرسي في غسله من أخطائه السياسية؟ وهل ستكون طريقة موته والإجحاف الذي لحق به أمنياً وقضائياً وصحياً فرصة لكي ترفع صوره على الأقل في تاريخ الإخوان بجوار صور سيد قطب ( تم اعدامه عام 1966) وحسن البنا (تم اغتياله عام 1949 بعد إعلان النقراشي باشا حل جماعة الاخوان المسلمين ومصادرة أموالها واعتقال أعضائها)؟؟ أم أن الوضع مع مرسي مختلف تماماً، خاصة أن قطب والبنا كانا من المنظرين الكبار للجماعة في حين أن مرسي لم يكن منظراً بحال من الأحوال.

الاعتقال والسجون

رمزية الموت في السجن لن ينجو من ثقلها العاطفي كثيرون، فهي رمزية ارتبطت بأدبيات السياسة وسوء معاملة المعتقلين.

على الأقل لن نكون مغالين إذا توقعنا أن جماعة الاخوان المسلمين تدرك جيدا أهمية توظيف تراجيديا موت مرسي بشكل جدي، فالجماعة منذ عام تقريباً وهي تؤسس في بياناتها على استقطاب سياسي حاد في مصر، وهي تسعى إلى كسب تأييد من يملكون ذاكرة السمكة، أو بمعنى أوضح هي تحاول محو ما ارتكبته الجماعة من أخطاء من خلال الإنكار ببساطة، ودعم هذا الانكار ببيانات مغلوطة واقعياً..

ففي بيان في مارس الماضي نفت الجماعة أي تورط مع العسكر للفوز بمكاسب خارج مربع مطالب ثورة يناير، كما نفت تورطها في قتل مواطنين وبأنها مررت الاعلان الدستوري بطريقة سلمية، وهنا لن نخوض طويلا في سرد الوقائع التاريخية التي يحاول الإخوان إنكارها اليوم كحيلة دفاعية ممنهجة، لكن عودة سريعة إلى أرشيف موقع ويكي ثورة، وهي جهة توثيقية مستقلة قامت بحصر عدد القتلى في عهد مرسي ممن تم إطلاق النار عليهم في أحداث ذكرى الثورة، وأحداث محمد محمود الثانية، وأحداث الاتحادية الأولى، وأحداث السفارة الأمريكية، وأحداث سجن بورسعيد وأحداث الإعلان الدستوري!

في بيان نعي الجماعة لمرسى ندرك هذا الاستعداد لعزل مرسي ومرحلته من الأخطاء حيث أطلقت الجماعة على مرسى لقب ” ايقونة ثورة يناير” ودعت كل مناصريها في جميع أنحاء العالم إلى الاحتجاج أمام السفارات المصرية وفتح تحقيق دولي حول موته.

هذه الحالة التي تتعايش معها جماعة الإخوان المسلمين منذ فترة في الانكار وتلفيق الحقائق قد لا تجعلنا ننسى دوافع هذه الحيل التي قد لا تكون جميعها له بعد سياسي ولا تجعلنا ننسى الأعداد المهولة للإسلاميين خلف القضبان ممن يواجه شريحة كبيرة منهم أحكام بالاعدام والمؤبد فضلا عن سوء المعاملة الجسدية والطبية والنفسية.

تقول الصحف المصرية : “مات” محمد مرسي العياط!

"درج"
لبنان
24.06.2019
زمن القراءة: 4 minutes

بعد إعلان وفاة مرسي في سجنه، كان من الصعب رصد ردود الأفعال التي تعاطت مع الخبر خاصة أن الراحل لم يشيع في جنازة، ولم يسمح للصحافة المصرية بكتابة مهنية ترصد انعكاسات الأمر على الأرض، لكن السوشيال ميديا أقامت جنازة خاصة كان من الصعب منعها.

شهدت مصر على أرض الواقع احتجاجاً واحداً على موت محمد مرسي، ففي قرية العدوة مسقط رأس الرئيس المعزول أقام الأهالي جنازة شعبية بعد صلاتهم صلاة الغائب بمسجد مكاوي، حضرها المئات من الأهالي وعقب الصلاة طاف المشاركون في مسيرة رافعين صور محمد مرسي.

حصل هذا فيما فرض الأمن دوريات المراقبة حول القرية وبحسب شهادة أحد المصورين الصحفيين فقد مُنع المصورون من دخول مقابر الوفاء والأمل المدفون فيها الرئيس المعزول محمد مرسي بمدينة نصر في حين سُمح لمراسل التليفزيون الاسرائيلي بالتصوير من أمام المقابر وإعداد تقرير تليفزيوني مفصل.

كما منعت السلطات الأمنية مدارس الأحد في الكنائس يوم الجمعة الماضية لأسباب أمنية خشية حدوث أي توترات أوعمليات تستهدف الكنائس.

لا ردود أفعال ظاهرة

بعد إعلان وفاة مرسي في سجنه، كان من الصعب رصد ردود الأفعال التي تعاطت مع الخبر خاصة أن الراحل لم يشيع في جنازة، ولم يسمح للصحافة المصرية بكتابة مهنية ترصد انعكاسات الأمر على الأرض، لكن السوشيال ميديا أقامت جنازة خاصة كان من الصعب منعها أمنياً أو توجيهها هي الأخرى من “موبايل سامسونج” على نحو ما حصل عبر إعلام النظام..

كانت الجنازة حارة على فيسبوك وتويتر.

جاءت ردود الأفعال على خبر رحيل مرسي عاطفية بشكل كبير ومندفعة بشكل أكبر، سواء من جانب مؤيدي مرسي أو المناهضين له، فبين التعاطف الكامل والحملة الواسعة من تغيير صور بروفايلات الفيسبوك بصور مرسي والعبارات المفعمة بالأسى والاحساس بالذنب جاءت ردود أفعال موازية تتسم بالشماتة والحنق على المعزول وجماعته وعلى من يترحم عليه.

حملة التعاطف الكبرى برزت في اليومين الأولين من الوفاة، وهي ظهرت في بعض الأحيان على نحو ساذج للغاية، إلا أن هذه السذاجة لم تمر بسلاسة بل جرى وضعها أحياناً تحت خانة التآمر والخيانة فتم التعامل معها بهجوم لاذع مطعم بالسخرية، خصوصاً بعد تراجع المد العاطفى نوعا ما في اليوم الثالث على الوفاة.

كان نصيب الناشطة اليمنية الحائزة على نوبل للسلام توكل كرمان من هذا الأخذ والرد عالياً فقد تعرضت لهجوم واسع بعد تغريدات لها على صفحتها الشخصية على موقع تويتر تصف فيها الرئيس المعزول بمقطع من قصيدة كتبها نزار قباني في رحيل جمال عبد الناصر تقول “قتلناك يا آخر الأنبياء”، وكان هذا الاقتباس محل اشتباك نظراً لمفارقته غير المفهومة بالرغبة في تشبيه مرسي بالنبي أم بعبد الناصر في مبالغة قد تكون محمودة شعرياً لكنها غير محمودة سياسياً.

وغالت كرمان في نعي مرسي بطريقة أشبه باللطميات”قتلناك ليس جديدا علينا اغتيال الصحابة والأولياء” مع محاولة لتشبيه مرسي بالنبي موسى،”تركناك في شمس سيناء وحدك تكلم ربك في الطور وحدك وتعرى وتشقى وتعطش وحدك”.. كل هذه التوريطات البلاغية يبدو أنها ليست ابنة لحظة رثائية وستمضى، بل هي إشارة ربما لسؤال علينا الوقوف أمامه: هل ستساهم الطريقة التراجيدية لموت محمد مرسي في غسله من أخطائه السياسية؟ وهل ستكون طريقة موته والإجحاف الذي لحق به أمنياً وقضائياً وصحياً فرصة لكي ترفع صوره على الأقل في تاريخ الإخوان بجوار صور سيد قطب ( تم اعدامه عام 1966) وحسن البنا (تم اغتياله عام 1949 بعد إعلان النقراشي باشا حل جماعة الاخوان المسلمين ومصادرة أموالها واعتقال أعضائها)؟؟ أم أن الوضع مع مرسي مختلف تماماً، خاصة أن قطب والبنا كانا من المنظرين الكبار للجماعة في حين أن مرسي لم يكن منظراً بحال من الأحوال.

الاعتقال والسجون

رمزية الموت في السجن لن ينجو من ثقلها العاطفي كثيرون، فهي رمزية ارتبطت بأدبيات السياسة وسوء معاملة المعتقلين.

على الأقل لن نكون مغالين إذا توقعنا أن جماعة الاخوان المسلمين تدرك جيدا أهمية توظيف تراجيديا موت مرسي بشكل جدي، فالجماعة منذ عام تقريباً وهي تؤسس في بياناتها على استقطاب سياسي حاد في مصر، وهي تسعى إلى كسب تأييد من يملكون ذاكرة السمكة، أو بمعنى أوضح هي تحاول محو ما ارتكبته الجماعة من أخطاء من خلال الإنكار ببساطة، ودعم هذا الانكار ببيانات مغلوطة واقعياً..

ففي بيان في مارس الماضي نفت الجماعة أي تورط مع العسكر للفوز بمكاسب خارج مربع مطالب ثورة يناير، كما نفت تورطها في قتل مواطنين وبأنها مررت الاعلان الدستوري بطريقة سلمية، وهنا لن نخوض طويلا في سرد الوقائع التاريخية التي يحاول الإخوان إنكارها اليوم كحيلة دفاعية ممنهجة، لكن عودة سريعة إلى أرشيف موقع ويكي ثورة، وهي جهة توثيقية مستقلة قامت بحصر عدد القتلى في عهد مرسي ممن تم إطلاق النار عليهم في أحداث ذكرى الثورة، وأحداث محمد محمود الثانية، وأحداث الاتحادية الأولى، وأحداث السفارة الأمريكية، وأحداث سجن بورسعيد وأحداث الإعلان الدستوري!

في بيان نعي الجماعة لمرسى ندرك هذا الاستعداد لعزل مرسي ومرحلته من الأخطاء حيث أطلقت الجماعة على مرسى لقب ” ايقونة ثورة يناير” ودعت كل مناصريها في جميع أنحاء العالم إلى الاحتجاج أمام السفارات المصرية وفتح تحقيق دولي حول موته.

هذه الحالة التي تتعايش معها جماعة الإخوان المسلمين منذ فترة في الانكار وتلفيق الحقائق قد لا تجعلنا ننسى دوافع هذه الحيل التي قد لا تكون جميعها له بعد سياسي ولا تجعلنا ننسى الأعداد المهولة للإسلاميين خلف القضبان ممن يواجه شريحة كبيرة منهم أحكام بالاعدام والمؤبد فضلا عن سوء المعاملة الجسدية والطبية والنفسية.

تقول الصحف المصرية : “مات” محمد مرسي العياط!