fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

مقابل الاعتراف الأوروبي… قيس سعيد يدير ظهره لأفريقيا ويفعل “قانون الإرهاب”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تنامى قمع السلطات الأمنية ضد التونسيين المدافعين عن المهاجرين، بعد أن جاءهم الضوء الأخضر من أعلى السلطة، فالرئيس قيس سعيد لم يترك فرصة أو مناسبة إلا وهاجم المدافعين عن المهاجرين إلى حد اتهام بعضهم بـ”الإرهاب”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

منحت تونس اسمها التاريخي القديم “إفريقية” للقارة الإفريقية، وكانت لفترة طويلة بوابة للقارة السمراء وهمزة وصل بين الشمال والجنوب، إلا أن العلاقة بين هذا البلد العربي وامتداده الأفريقي عرفت توتراً كبيراً منذ اعتلاء الرئيس قيس سعيد كرسي الحكم سنة 2019، وزاد هذا التوتر أكثر، بعد انقلاب سعيد الدستوري صيف 2021، وانقضاضه على كل السلطات في البلاد.

أدارت تونس في العهد “السعيد” ظهرها لأفريقيا ونكّلت بأبنائها المقهورين وفق شهادات عديدة المنظمات الحقوقية والإنسانية والمعاينات الميدانية، مقابل حفنات من اليوروهات الممنوحة من إيطاليا والاتحاد الأوروبي، فكانت بمثابة  حارس  الشواطئ الأوروبيّة ومحطة لمحاربة الهجرة نحو شمال المتوسط.

استهداف المدافعين عن المهاجرين

مؤشرات كثيرة وتفاصيل عديدة تؤكد هذا الكلام، فحتى أبناء تونس المدافعون عن المهاجرين وصلهم قمع السلطات وغضبها، إلى حد اتهام بعضهم بـ”الإرهاب”،  فقبل أيام قليلة احتجزت قوات الأمن التونسية عبد الله سعيد، وهو تونسي من أصل تشادي، يترأس جمعية أطفال القمر في محافظة مدنين جنوب البلاد، وهو أحد أبرز المدافعين عن المهاجرين.

احتجز عبد الله سعيد مع الأمين العام وأمين الصندوق في جمعيته، واقتيد للتحقيق أمام قطب مكافحة الإرهاب بشهبة تلقّي أموالاً أجنبية “لمساعدة المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى على الدخول بشكل غير قانوني إلى الأراضي التونسية”، وفق صحف محلية حكومية.

وتعتبَر  هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها تونس قانون الإرهاب ضد الجمعيات المهتمة بشؤون المهاجرين، مما يؤكد أن موجة القمع في هذا البلد الأفريقي بلغت درجات متقدمة لم يكن أحد يتصورها.

وعُرف عبد الله السعيد في محافظة مدنين -تستقبل عدد كبير من المهاجرين الأفارقة- وجمعيته بدعمهما الكبير لأطفال المهاجرين وفاقدي السند، وهو ما اعتبرته السلطات التونسية دعماً من السعيد لتوطين المهاجرين في تونس، أي أن مساعدة المحتاجين والمقهورين في نظر السلطات التونسية “جريمة إرهابية” لا تُغتفر وجب معاقبة مرتكبها.

وفي أيار/ مايو الماضي احتجزت السلطات التونسية رئيسة منظمة “منامتي” غير الحكومية، التي تناهض العنصرية وتدافع عن حقوق المهاجرين، كما أصدرت بطاقة إيداع في حق رئيس المجلس التونسي للاجئين ونائبه، على خلفية نشر الجمعية طلب عروض موجه لفائدة النزل التونسية، بهدف تأمين إيواء مهاجرين أفارقة، كما استهدفت السلطات منظمة “تير دازيل” (أرض اللجوء).

 “عنصرية” سعيد 

تنامى قمع السلطات الأمنية ضد التونسيين المدافعين عن المهاجرين، بعد أن جاءهم الضوء الأخضر من أعلى السلطة، فالرئيس سعيد لم يترك فرصة أو مناسبة إلا وهاجم المهاجرين والمدافعين عنهم، وخصص لذلك اجتماعات كثيرة لمجلس الأمن القومي.

في أحد هذه الاجتماعات وصف سعيد القائمين على الجمعيات الإنسانية المدافعة عن حقوق المهاجرين بالخونة والعملاء، وقال: “إن الجمعيات التي تتباكى اليوم وتذرف الدموع في وسائل الإعلام، تتلقّى بدورها أموالاً طائلة من الخارج”، وأضاف: “الذين يقومون على هذه الجمعيات أكثرهم خونة وعملاء، وعلى الهيئة المكلفة بالتحاليل المالية أن تقوم بدورها”.

وقبلها بسنة، ندد سعيد بوصول “جحافل” من المهاجرين من أفارقة جنوب الصحراء إلى تونس، ضمن ما وصفه ب”مخطط إجرامي لتغيير التركيبة الديموغرافية”، ودعا إلى “وضع حد للهجرة غير الشرعية”، مدعياً من دون تقديم دليل أن “الأطراف تتلقّى مدفوعات لتوطين أفارقة جنوب الصحراء في تونس، لتحويل البلاد من عربية وإسلامية إلى أفريقية فحسب”.

وبُنيت تصريحات سعيد على تفاعلات مواقع التواصل الاجتماعي، ففي تلك الفترة ظهرت حملة منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن جحافل من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين غزت تونس، ونُشرت صور وفيديوهات قال أصحابها إنها توثق هذا الأمر.

وبرزت دعوات افتراضية وواقعية لمحاربة عما أسموه “مشروعاً استيطانياً” لأفارقة جنوب الصحراء في تونس، منبهين من خطر هؤلاء المهاجرين، كما أبرزوا بعض الأحداث “الفردية والمنعزلة”، على أنها واقع تعيشه البلاد في السنوات الأخيرة.

 اتفاقيات مشبوهة

في الأثناء، وقّع الرئيس التونسي قيس سعيد اتفاقية مع الأوروبيين سبق أن رفضتها حكومات تونس المنتخبة من قبل، وتقضي الاتفاقية بحراسة تونس للحدود الجنوبية للمتوسط، مقابل الحصول على بعض المساعدات المشروطة، التي سبق أن أكد سعيد أنه لن يقبل بها.

تنصّ هذه الاتفاقية على التضييق على المهاجرين، ومنع وصولهم إلى السواحل الأوروبية، وتسريع عمليات الترحيل نحو تونس والسماح للمهاجرين بالاستقرار هناك.

غالباً ما تضطر الدول إلى توقيع هذه الاتفاقيات المشبوهة، مقابل الحصول على مساعدات مالية كبيرة، لكن سعيد خالف المتعارف عليه، إذ وقّع على هذه الاتفاقية مقابل مساعدات هزيلة ستوجه أغلبها لمحاربة الهجرة غير النظامية، ومع ذلك ما زال يدّعي السيادة الوطنية.

نتيجة هذه الاتفاقية والاتفاقيات الأخرى التي وُقعت مع الجانب الإيطالي في العهد “السعيد”، تحوّلت تونس بدعم من روما وحاكمتها اليمينية المتطرفة ميلوني، إلى محطة لمحاربة الهجرة نحو أوروبا.

ولم يجد الأوروبيون أي صعوبات في إقناع سعيد بقبول هذه الاتفاقيات، فهو يبحث عن اعتراف دولي به في ظل العزلة المفروضة عليه، كما يبحث عن بعض المساعدات لإنقاذ نظامه من الانهيار والدفع بالاقتصاد الذي تسبّب في تأزّمه.

المهاجرون “الأعداء”

نتيجة خطاب سعيد العنصري والاتفاقيات الجديدة، عرفت تونس أحداثاً مأساوية في علاقتها بالمهاجرين، حيث طُرد العديد من المهاجرين غير القانونيين من منازلهم وأعمالهم.

كما شنت قوات الأمن التونسية حملة أمنية، تم على إثرها القبض على مئات المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، إما في المدن وإما على الحدود التونسية مع الجزائر وليبيا، وتم نشر عدد من هذه الحملات.

ليس هذا فقط، حيث أقدمت السلطات التونسية على رمي المئات من المهاجرين في الصحراء في درجة حرارة تفوق الـ 50، مما أدّى إلى مقتل عدد منهم، وأثار موجة تنديد واستنكار داخلية وخارجية.

وكشف تحقيق أجرته “الغارديان” البريطانية عن انتهاكات ارتكبتها قوات الأمن التونسية، بما في ذلك مزاعم بأن أفراد الحرس الوطني التونسي كانوا يغتصبون النساء المهاجرات ويضربون الأطفال، ولم تعلّق السلطات التونسية على هذه الاتهامات.

واضطر البنك الدولي إلى تعليق العمل مع تونس، فيما ألغى “مؤتمر الاتحاد الإفريقي لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة”، عقد مؤتمر كان مبرمجاً في تونس، ونقله إلى بلد آخر.

وتعتبر تونس إحدى أهم نقاط انطلاق المهاجرين غير النظاميين نحو السواحل الإيطالية عبر البحر الأبيض المتوسط، خاصة بعد توتر الوضع الأمني في ليبيا، وتنامي القبضة الأمنية في الجزائر والمغرب.

توتر العلاقات مع أفريقيا

وقْع موجة العنصرية كان كبيراً على تونس، إذ توترت علاقات البلاد مع أغلب دول القارة الأفريقية، التي اضطرت إلى تنظيم رحلات منظمة لإجلاء رعاياها من تونس.وفي السنوات الأخيرة، أصبحت تونس قبلة عدد كبير من الطلبة الأفارقة للدراسة في جامعاتها، كما يسافر عدد مهم من الأفارقة إلى هذا البلد العربي، بهدف السياحة والحصول على الرعاية الصحية.

وفي أعقاب موجة التضييق على المهاجرين اضطر عدد من الطلبة الأفارقة، إلى مغادرة تونس واختيار دول جديدة للدراسة فيها، هرباً من التضييق عليهم. كما نددت دول أفريقية عدة بسياسات السلطات التونسية، بخصوص قضية المهاجرين، وطلبت توضيحات رسمية من السلطات، إلا أن هذه التوضيحات لم تصلها.

يؤكد هذا الأمر، أن السلطات التونسية مستعدة للتضحية بالعلاقات الدبلوماسية مع دول القارة الأفريقية، مقابل بعض المساعدات المالية المشروطة من قبل الأوروبيين.ويخشى الأفارقة المقيمون في تونس، من أن يزداد القمع ضدهم، بخاصة بعد فوز سعيد بولاية رئاسية ثانية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وبعد أن أظهر النظام عداء كبيراً لهم في الفترة الماضية.

23.11.2024
زمن القراءة: 5 minutes

تنامى قمع السلطات الأمنية ضد التونسيين المدافعين عن المهاجرين، بعد أن جاءهم الضوء الأخضر من أعلى السلطة، فالرئيس قيس سعيد لم يترك فرصة أو مناسبة إلا وهاجم المدافعين عن المهاجرين إلى حد اتهام بعضهم بـ”الإرهاب”.

منحت تونس اسمها التاريخي القديم “إفريقية” للقارة الإفريقية، وكانت لفترة طويلة بوابة للقارة السمراء وهمزة وصل بين الشمال والجنوب، إلا أن العلاقة بين هذا البلد العربي وامتداده الأفريقي عرفت توتراً كبيراً منذ اعتلاء الرئيس قيس سعيد كرسي الحكم سنة 2019، وزاد هذا التوتر أكثر، بعد انقلاب سعيد الدستوري صيف 2021، وانقضاضه على كل السلطات في البلاد.

أدارت تونس في العهد “السعيد” ظهرها لأفريقيا ونكّلت بأبنائها المقهورين وفق شهادات عديدة المنظمات الحقوقية والإنسانية والمعاينات الميدانية، مقابل حفنات من اليوروهات الممنوحة من إيطاليا والاتحاد الأوروبي، فكانت بمثابة  حارس  الشواطئ الأوروبيّة ومحطة لمحاربة الهجرة نحو شمال المتوسط.

استهداف المدافعين عن المهاجرين

مؤشرات كثيرة وتفاصيل عديدة تؤكد هذا الكلام، فحتى أبناء تونس المدافعون عن المهاجرين وصلهم قمع السلطات وغضبها، إلى حد اتهام بعضهم بـ”الإرهاب”،  فقبل أيام قليلة احتجزت قوات الأمن التونسية عبد الله سعيد، وهو تونسي من أصل تشادي، يترأس جمعية أطفال القمر في محافظة مدنين جنوب البلاد، وهو أحد أبرز المدافعين عن المهاجرين.

احتجز عبد الله سعيد مع الأمين العام وأمين الصندوق في جمعيته، واقتيد للتحقيق أمام قطب مكافحة الإرهاب بشهبة تلقّي أموالاً أجنبية “لمساعدة المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى على الدخول بشكل غير قانوني إلى الأراضي التونسية”، وفق صحف محلية حكومية.

وتعتبَر  هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها تونس قانون الإرهاب ضد الجمعيات المهتمة بشؤون المهاجرين، مما يؤكد أن موجة القمع في هذا البلد الأفريقي بلغت درجات متقدمة لم يكن أحد يتصورها.

وعُرف عبد الله السعيد في محافظة مدنين -تستقبل عدد كبير من المهاجرين الأفارقة- وجمعيته بدعمهما الكبير لأطفال المهاجرين وفاقدي السند، وهو ما اعتبرته السلطات التونسية دعماً من السعيد لتوطين المهاجرين في تونس، أي أن مساعدة المحتاجين والمقهورين في نظر السلطات التونسية “جريمة إرهابية” لا تُغتفر وجب معاقبة مرتكبها.

وفي أيار/ مايو الماضي احتجزت السلطات التونسية رئيسة منظمة “منامتي” غير الحكومية، التي تناهض العنصرية وتدافع عن حقوق المهاجرين، كما أصدرت بطاقة إيداع في حق رئيس المجلس التونسي للاجئين ونائبه، على خلفية نشر الجمعية طلب عروض موجه لفائدة النزل التونسية، بهدف تأمين إيواء مهاجرين أفارقة، كما استهدفت السلطات منظمة “تير دازيل” (أرض اللجوء).

 “عنصرية” سعيد 

تنامى قمع السلطات الأمنية ضد التونسيين المدافعين عن المهاجرين، بعد أن جاءهم الضوء الأخضر من أعلى السلطة، فالرئيس سعيد لم يترك فرصة أو مناسبة إلا وهاجم المهاجرين والمدافعين عنهم، وخصص لذلك اجتماعات كثيرة لمجلس الأمن القومي.

في أحد هذه الاجتماعات وصف سعيد القائمين على الجمعيات الإنسانية المدافعة عن حقوق المهاجرين بالخونة والعملاء، وقال: “إن الجمعيات التي تتباكى اليوم وتذرف الدموع في وسائل الإعلام، تتلقّى بدورها أموالاً طائلة من الخارج”، وأضاف: “الذين يقومون على هذه الجمعيات أكثرهم خونة وعملاء، وعلى الهيئة المكلفة بالتحاليل المالية أن تقوم بدورها”.

وقبلها بسنة، ندد سعيد بوصول “جحافل” من المهاجرين من أفارقة جنوب الصحراء إلى تونس، ضمن ما وصفه ب”مخطط إجرامي لتغيير التركيبة الديموغرافية”، ودعا إلى “وضع حد للهجرة غير الشرعية”، مدعياً من دون تقديم دليل أن “الأطراف تتلقّى مدفوعات لتوطين أفارقة جنوب الصحراء في تونس، لتحويل البلاد من عربية وإسلامية إلى أفريقية فحسب”.

وبُنيت تصريحات سعيد على تفاعلات مواقع التواصل الاجتماعي، ففي تلك الفترة ظهرت حملة منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن جحافل من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين غزت تونس، ونُشرت صور وفيديوهات قال أصحابها إنها توثق هذا الأمر.

وبرزت دعوات افتراضية وواقعية لمحاربة عما أسموه “مشروعاً استيطانياً” لأفارقة جنوب الصحراء في تونس، منبهين من خطر هؤلاء المهاجرين، كما أبرزوا بعض الأحداث “الفردية والمنعزلة”، على أنها واقع تعيشه البلاد في السنوات الأخيرة.

 اتفاقيات مشبوهة

في الأثناء، وقّع الرئيس التونسي قيس سعيد اتفاقية مع الأوروبيين سبق أن رفضتها حكومات تونس المنتخبة من قبل، وتقضي الاتفاقية بحراسة تونس للحدود الجنوبية للمتوسط، مقابل الحصول على بعض المساعدات المشروطة، التي سبق أن أكد سعيد أنه لن يقبل بها.

تنصّ هذه الاتفاقية على التضييق على المهاجرين، ومنع وصولهم إلى السواحل الأوروبية، وتسريع عمليات الترحيل نحو تونس والسماح للمهاجرين بالاستقرار هناك.

غالباً ما تضطر الدول إلى توقيع هذه الاتفاقيات المشبوهة، مقابل الحصول على مساعدات مالية كبيرة، لكن سعيد خالف المتعارف عليه، إذ وقّع على هذه الاتفاقية مقابل مساعدات هزيلة ستوجه أغلبها لمحاربة الهجرة غير النظامية، ومع ذلك ما زال يدّعي السيادة الوطنية.

نتيجة هذه الاتفاقية والاتفاقيات الأخرى التي وُقعت مع الجانب الإيطالي في العهد “السعيد”، تحوّلت تونس بدعم من روما وحاكمتها اليمينية المتطرفة ميلوني، إلى محطة لمحاربة الهجرة نحو أوروبا.

ولم يجد الأوروبيون أي صعوبات في إقناع سعيد بقبول هذه الاتفاقيات، فهو يبحث عن اعتراف دولي به في ظل العزلة المفروضة عليه، كما يبحث عن بعض المساعدات لإنقاذ نظامه من الانهيار والدفع بالاقتصاد الذي تسبّب في تأزّمه.

المهاجرون “الأعداء”

نتيجة خطاب سعيد العنصري والاتفاقيات الجديدة، عرفت تونس أحداثاً مأساوية في علاقتها بالمهاجرين، حيث طُرد العديد من المهاجرين غير القانونيين من منازلهم وأعمالهم.

كما شنت قوات الأمن التونسية حملة أمنية، تم على إثرها القبض على مئات المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، إما في المدن وإما على الحدود التونسية مع الجزائر وليبيا، وتم نشر عدد من هذه الحملات.

ليس هذا فقط، حيث أقدمت السلطات التونسية على رمي المئات من المهاجرين في الصحراء في درجة حرارة تفوق الـ 50، مما أدّى إلى مقتل عدد منهم، وأثار موجة تنديد واستنكار داخلية وخارجية.

وكشف تحقيق أجرته “الغارديان” البريطانية عن انتهاكات ارتكبتها قوات الأمن التونسية، بما في ذلك مزاعم بأن أفراد الحرس الوطني التونسي كانوا يغتصبون النساء المهاجرات ويضربون الأطفال، ولم تعلّق السلطات التونسية على هذه الاتهامات.

واضطر البنك الدولي إلى تعليق العمل مع تونس، فيما ألغى “مؤتمر الاتحاد الإفريقي لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة”، عقد مؤتمر كان مبرمجاً في تونس، ونقله إلى بلد آخر.

وتعتبر تونس إحدى أهم نقاط انطلاق المهاجرين غير النظاميين نحو السواحل الإيطالية عبر البحر الأبيض المتوسط، خاصة بعد توتر الوضع الأمني في ليبيا، وتنامي القبضة الأمنية في الجزائر والمغرب.

توتر العلاقات مع أفريقيا

وقْع موجة العنصرية كان كبيراً على تونس، إذ توترت علاقات البلاد مع أغلب دول القارة الأفريقية، التي اضطرت إلى تنظيم رحلات منظمة لإجلاء رعاياها من تونس.وفي السنوات الأخيرة، أصبحت تونس قبلة عدد كبير من الطلبة الأفارقة للدراسة في جامعاتها، كما يسافر عدد مهم من الأفارقة إلى هذا البلد العربي، بهدف السياحة والحصول على الرعاية الصحية.

وفي أعقاب موجة التضييق على المهاجرين اضطر عدد من الطلبة الأفارقة، إلى مغادرة تونس واختيار دول جديدة للدراسة فيها، هرباً من التضييق عليهم. كما نددت دول أفريقية عدة بسياسات السلطات التونسية، بخصوص قضية المهاجرين، وطلبت توضيحات رسمية من السلطات، إلا أن هذه التوضيحات لم تصلها.

يؤكد هذا الأمر، أن السلطات التونسية مستعدة للتضحية بالعلاقات الدبلوماسية مع دول القارة الأفريقية، مقابل بعض المساعدات المالية المشروطة من قبل الأوروبيين.ويخشى الأفارقة المقيمون في تونس، من أن يزداد القمع ضدهم، بخاصة بعد فوز سعيد بولاية رئاسية ثانية في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وبعد أن أظهر النظام عداء كبيراً لهم في الفترة الماضية.