fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

مقتل براء قاطرجي… لغز الاغتيالات الإسرائيلية في مناطق نفوذ ماهر الأسد !

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تثير حوادث القتل هذه في منطقة محددة، شديدة الحراسة، وتخضع لسلطة الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، الكثير من الشكوك والتكهنات حول علاقة الطيران الإسرائيلي، برجل أعمال نافذ مقرب من النظام السوري، لا سيما وأن غالبية الغارات الإسرائيلية في سوريا اعتادت ضرب أهداف عسكرية، أو استهداف شخصيات عسكرية بارزة جداً، في المشهدين السوري واللبناني.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مساء أمس، قُتل رجل الأعمال السوري، محمد براء قاطرجي، إثر غارة إسرائيلية في منطقة تقع في ريف دمشق الغربي، قرب الحدود السورية – اللبنانية، وهي حادثة الموت الثالثة التي تقع في تلك المنطقة خلال أيام قليلة، بعد وفاة المستشارة الإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد، بحادث سير في المنطقة نفسها، القيادي في “حزب الله” والحارس الشخصي السابق للأمين العام للحزب، ياسر نمر قرنبش، حيث تحيط بمناطق الاستهداف جبال هي معاقل الفرقة الرابعة. 

تثير حوادث القتل هذه في منطقة محددة، شديدة الحراسة، وتخضع لسلطة الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، الكثير من الشكوك والتكهنات حول علاقة الطيران الإسرائيلي، برجل أعمال نافذ مقرب من النظام السوري، لا سيما وأن غالبية الغارات الإسرائيلية في سوريا اعتادت ضرب أهداف عسكرية، أو استهداف شخصيات عسكرية بارزة جداً، في المشهدين السوري واللبناني.

بحسب المعلومات التي نقلتها وكالة “رويترز” عن ثلاثة مصادر أمنية لم تحدد هويتها، فإن محمد براء قاطرجي، قُتل في غارة جوية إسرائيلية قرب الحدود السورية – اللبنانية، وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إن “مسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارة كان يستقلها براء القاطرجي، في منطقة الصبورة في ريف دمشق، مما أدى إلى مقتله مع شخص آخر كان برفقته، علماً أن منطقة الصبورة هي ذاتها مقر الفرقة الرابعة، وهي واحدة من أكثر المناطق المحصّنة أمنياً في سوريا”.

روايات مُريبة وحوادث “غير مقنعة”

على الرغم من الروايات الرسمية التي تتحدث مرة عن غارة إسرائيلية، وأخرى عن حادث سير غير مُقنع يُقال إنه مدبر، إلا أن الرواية المحلية للشارع السوري، غير مقتنعة بمسببات هذه الحوادث، فبعد مقتل لونا الشبل على سبيل المثال، كان السؤال الأبرز عما إذا كان هذا الحادث يؤدي فعلاً إلى الوفاة، وذلك بعد انتشار صورة السيارة عقب وقوع الحادث.

لدى النظام السوري سجل حافل في الاغتيالات، وإعادة هيكلة نفسه عبر التخلص من وجوه قديمة والدفع بوجوه جديدة، بدأ هذا النهج في مرحلة ما قبل اندلاع الثورة السورية، وشهد حينها “انتحار” الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات السورية في لبنان وزير الداخلية السابق غازي كنعان، الذي أطلق النار على نفسه، وبعدها مقتل اللواءين جامع جامع ورستم غزالة في ظروف غريبة.

ليس هذا فحسب، عام 2012 كان تفجير “خلية الازمة” علامة فارقة في إعادة هيكلة النظام السوري، حيث قُتل أهم وجوه النظام السوري، بتفجير مكتب الأمن القومي في سوريا، ومنهم صهر الأسد آصف شوكت، ووزير الدفاع داوود راجحة، ورئيس مكتب الأمن القومي السوري في حزب “البعث” هشام اختيار، ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني.

خلال سنوات الثورة السورية، لم يقتصر التخلّص من وجوه قديمة، والدفع بأشخاص جدد على الصعيد العسكري، بل الاقتصادي أيضاً، وتجسّد ذلك من خلال إبعاد النظام السوري أبرز وجوه الاقتصاد السوري القُدامى، وتعويم وجوه جديدة لم يكن لها أي سجل سابق في عالم “البزنس” في سوريا، هؤلاء في الغالب لا يملكون ما يديرونه من شركات، بل يمثّلون وجوهاً، وهم وكلاء لأشخاص آخرين داخل القصر الجمهوري.

مصادر من دمشق، ومراقبون  ونشطاء تحدثوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن امكانية أن يكون “براء قاطرجي قُتل في عملية “تصفية” نفّذتها أذرع داخل النظام نفسه، ضمن عمليات إقصاء الفريق الاقتصادي السوري الحالي.

واستندت المصادر إلى توقيت تصفية قاطرجي ومكانها على طريق يعفور – الصبورة، الذي شهد ثلاث عمليات قتل خلال الشهر ذاته، منها مقتل مستشارة رئيس النظام السوري لونا الشبل، التي أعلن النظام وفاتها جراء حادث سير على الطريق المذكور، تلاها مقتل مرافق زعيم “حزب الله” اللبناني ياسر قرنبش ومرافقه حسين ويزاني في التاسع من تموز الجاري، وأخيراً عملية اغتيال براء قاطرجي.

اغتيال الشخصيات المرتبطة بالفريق الاقتصادي الحالي، تزامن مع عمليات الإقصاء التي تجريها لجان القصر الجمهوري في الفترة الحالية، بدءاً من رجل الأعمال خضر طاهر المعروف باسم أبو علي خضر، الموضوع تحت الإقامة الجبرية، وإقصاء يسار إبراهيم الذراع اليمنى لأسماء الأسد، الذي غاب عن المشهد الاقتصادي تماماً، وسط أنباء عن تعرضه إلى محاولة قتل أيضاً.

تصفية اقتصادية؟

وُجهت الاتهامات إلى ماهر الأسد في تنفيذ عمليات التصفية والإقصاء للفريق الاقتصادي الحالي، واعتقال عدد من رجال الأعمال المرتبطين بالفريق ذاته، كون رجال الأعمال والواجهات الاقتصادية المرتبطة بـماهر الأسد، بدأت بالتمهيد لإعادة ظهورها في إدارة المشهد الاقتصادي السوري، خلال الفترة المقبلة.

من بين الأشخاص الذين كان لهم حضور في إعادة تموضع المشهد الاقتصادي، عائلة قاطرجي، وتحديداً محمد براء قاطرجي، الذي قُتل بحسب وسائل إعلام النظام وحاشيته من إعلاميين ومتنفذين بغارة إسرائيلية يوم أمس، مع شخص آخر. هذه العائلة ظهرت فجأة في مدينة حلب، وبدأت تشتري أصولاً وشركات، وتدخل عالم “البزنس” من أبوابه الواسعة، حتى أصبحت من حيتان الاقتصاد السوري.

اليوم باتت عائلة قاطرجي الأكثر نفوذاً في سوريا؛ بعد إبعاد رامي مخلوف عن المشهد، لكثرة الشركات والأصول التي تمتلكها، وحساسية القطاعات التي تعمل فيها، وبرز اسم عائلة قاطرجي للمرة الأولى في عالم الاقتصاد، عندما سيطر تنظيم “داعش” على حقول النفط في شرق سوريا، فأصبحت هذه المجموعة مسؤولة عن تنظيم صفقات بين النظام السوري و”داعش”، لنقل النفط من شرق سوريا إلى دمشق ومناطق أخرى.

“الصفقات” السابقة دفعت وزارة الخزانة الأميركية لإدراج محمد براء قاطرجي على لائحة العقوبات الأميركية في عام 2018، حيث قالت (الخزانة الأميركية) إنه لعب دور الوسيط بين النظام السوري وتنظيم “داعش” في عقد صفقات النفط، وإن شركاته النفطية نقلت شحنات نفط بين الطرفين، وزوّدت النظام السوري بالوقود اللازم لتحريك الآلة العسكرية، كما أن شركته النفطية المرخصة في السجلات السورية، عملت على نقل شحنات نفطية بين الطرفين، بالإضافة إلى تزويدها النظام بالفيول وشحنات الأسلحة.

يشغل براء قاطرجي منصب رئيس مجلس شركة “مجموعة قاطرجي القابضة”، وساهم في تأسيس “شركة قاطرجي” للصناعات الهندسية الميكانيكية المغفلة المساهمة الخاصة وشركة “أرفادا” البترولية، بالإضافة إلى شركات أخرى.

ودخل براء القاطرجي في مجالات السياحة والإعمار، عبر شركات تم تأسيسها وتسجيلها بأسماء نجله وأبناء أشقائه، الشركاء في إدارة الإمبراطورية المالية للعائلة، وعلى رأسها شركة “آرمان للإدارة الفندقية والسياحة” التي تم تسجيلها باسم نجله أحمد بشير، وشركة “آآ سوريا للأبراج” التي سُجّلت باسم ابن شقيقه أحمد محمد قاطرجي وشريكين آخرين من العائلة.

وينحدر قاطرجي من مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، من مواليد عام 1976، وهو أيضاً عضو في اللجنة الدستورية وممثل وفد النظام السوري، وبما أن رأس المال السياسي في سوريا يحتاج إلى ولاءات عسكرية، فإن عائلة قاطرجي أسّست ميليشيا عسكرية عُرفت باسم “مجموعة القاطرجي” أو “ميليشيا القاطرجي” وتُعد مدينة حلب مركز عملياتها، حيث ساهمت مع ميليشيات أخرى متعدّدة الجنسيات في حصار مدينة حلب عام 2016، حتى استسلام فصائل المعارضة السورية وخروجها من المدينة.

ونشر موقع “تلفزيون سوريا” وثائق حكومية إيرانية مسربة، تؤكد علاقة شركة “القاطرجي” مع الذراع الاقتصادية والهندسية للحرس الثوري الإيراني.

وتشرح الوثائق تفاصيل المراسلات السابقة مع عدد كبير من الشركات الإيرانية العاملة في سوريا، بشأن انعقاد الاجتماع الخامس عشر للجنة العليا المشتركة للتعاون الاقتصادي بين إيران وسوريا، وتؤكّد أنه تمت الموافقة على إبرام عقد بين شركة “آذر آب” الإيرانية الخاضعة للعقوبات الأميركية، مع شركة “مصفاة حمص” وشركة “BS” التابعة لمجموعة قاطرجي، لحفظ جميع الأعمال والإجراءات والتجهيزات، وعقد آخر بين  الشركة الإيرانية المذكورة، وشركة ” BS” للمساعدة في حل “مشاكل أخرى” من دون تحديدها.

قاطرجي – إيران: تعاون نفطي

ونقل الموقع معلومات حصل عليها من مصادر خاصة، أن “مجموعة قاطرجي” نجحت في تشبيك علاقاتها الاقتصادية بعقود اقتصادية تدر مليارات الدولارات، مع كبرى الشركات الإيرانية العاملة في سوريا، والذراع الهندسية للحرس الثوري الإيراني المعروفة بشركة “خاتم الأنبياء”، التي وضعت يدها على البلوك النفطي 21 الذي تبلغ مساحته 3200 كيلومتر في حمص، بموجب قرار صادقه مجلس الشعب وأصدره بشار الأسد، كقانون رقم واحد لعام 2020، بناء على اتفاقية عام 2015 للتعاون الاقتصادي الشامل الموقعة مع إيران، فيما يتوقع الإيرانيون من خلال استثمارهم في هذا البلوك لمدة ثلاثين عاماً، أن يستعيدوا قرابة 3.4 مليار دولار من ديونهم على النظام السوري.

وذكر الموقع أن المعلومات التي حصل عليها، تُفيد بأن لعائلة قاطرجي جزءاً مهماً من الاستثمارات الاقتصادية في هذا البلوك الكبير، كما أن وقوع البلوك في قلب البادية السورية الواسعة وغير الآمنة، اضطر الإيرانيين إلى الاستعانة بخبرات قوات قاطرجي الأمنية لتأمين الحماية، حيث تم نشر أكثر من ثلاثة آلاف عنصر أمني، وبناء عشرات أبراج المراقبة حول الموقع.

وبحسب الموقع فإن شركة “أرفادا” المملوكة لشركة قاطرجي، بدأت الاستثمار في الحقل النفطي بعد ثلاثة أشهر فقط من إبرام الاتفاق، على الرغم من أن الاتفاق ينص على مرور قرابة خمس سنوات للنشاطات الاستكشافية الكاملة، ثم بدء عمليات الإنتاج في البلوك 21 في حمص من قبل الشركة الهندسية الإيرانية “بترو تدبير”، التي تولت خدمات الدراسات الهندسية ومراقبة عمليات الاستكشاف والتطوير والإنتاج في البلوك 21.

ونقل الموقع عن مصدره أن قاطرجي كان يلعب دوراً حاسماً في نقل النفط السوري والإيراني، حيث كان يقوم بتصفيته وبيعه في الأسواق، ويقوم بدفع جزء من العوائد ل”حزب الله” لتسديد رواتبه ومصاريفه، فيما قال موقع “سوريا بالفارسي” إن قاطرجي كان مسؤولاً عن تمويل “حركات المقاومة” في سوريا ودعمها، وعلى تنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، وتعاون مع أحد المستشارين الإيرانيين الذين قُتلوا في سوريا قبل عدة أشهر، مرجحاً أن يكون هذا المستشار الإيراني هو العميد في “فيلق القدس” سيد رضي موسوي الذي اغتالته إسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر 2023 في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق.

"درج"
لبنان
16.07.2024
زمن القراءة: 7 minutes

تثير حوادث القتل هذه في منطقة محددة، شديدة الحراسة، وتخضع لسلطة الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، الكثير من الشكوك والتكهنات حول علاقة الطيران الإسرائيلي، برجل أعمال نافذ مقرب من النظام السوري، لا سيما وأن غالبية الغارات الإسرائيلية في سوريا اعتادت ضرب أهداف عسكرية، أو استهداف شخصيات عسكرية بارزة جداً، في المشهدين السوري واللبناني.

مساء أمس، قُتل رجل الأعمال السوري، محمد براء قاطرجي، إثر غارة إسرائيلية في منطقة تقع في ريف دمشق الغربي، قرب الحدود السورية – اللبنانية، وهي حادثة الموت الثالثة التي تقع في تلك المنطقة خلال أيام قليلة، بعد وفاة المستشارة الإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد، بحادث سير في المنطقة نفسها، القيادي في “حزب الله” والحارس الشخصي السابق للأمين العام للحزب، ياسر نمر قرنبش، حيث تحيط بمناطق الاستهداف جبال هي معاقل الفرقة الرابعة. 

تثير حوادث القتل هذه في منطقة محددة، شديدة الحراسة، وتخضع لسلطة الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، الكثير من الشكوك والتكهنات حول علاقة الطيران الإسرائيلي، برجل أعمال نافذ مقرب من النظام السوري، لا سيما وأن غالبية الغارات الإسرائيلية في سوريا اعتادت ضرب أهداف عسكرية، أو استهداف شخصيات عسكرية بارزة جداً، في المشهدين السوري واللبناني.

بحسب المعلومات التي نقلتها وكالة “رويترز” عن ثلاثة مصادر أمنية لم تحدد هويتها، فإن محمد براء قاطرجي، قُتل في غارة جوية إسرائيلية قرب الحدود السورية – اللبنانية، وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إن “مسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارة كان يستقلها براء القاطرجي، في منطقة الصبورة في ريف دمشق، مما أدى إلى مقتله مع شخص آخر كان برفقته، علماً أن منطقة الصبورة هي ذاتها مقر الفرقة الرابعة، وهي واحدة من أكثر المناطق المحصّنة أمنياً في سوريا”.

روايات مُريبة وحوادث “غير مقنعة”

على الرغم من الروايات الرسمية التي تتحدث مرة عن غارة إسرائيلية، وأخرى عن حادث سير غير مُقنع يُقال إنه مدبر، إلا أن الرواية المحلية للشارع السوري، غير مقتنعة بمسببات هذه الحوادث، فبعد مقتل لونا الشبل على سبيل المثال، كان السؤال الأبرز عما إذا كان هذا الحادث يؤدي فعلاً إلى الوفاة، وذلك بعد انتشار صورة السيارة عقب وقوع الحادث.

لدى النظام السوري سجل حافل في الاغتيالات، وإعادة هيكلة نفسه عبر التخلص من وجوه قديمة والدفع بوجوه جديدة، بدأ هذا النهج في مرحلة ما قبل اندلاع الثورة السورية، وشهد حينها “انتحار” الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات السورية في لبنان وزير الداخلية السابق غازي كنعان، الذي أطلق النار على نفسه، وبعدها مقتل اللواءين جامع جامع ورستم غزالة في ظروف غريبة.

ليس هذا فحسب، عام 2012 كان تفجير “خلية الازمة” علامة فارقة في إعادة هيكلة النظام السوري، حيث قُتل أهم وجوه النظام السوري، بتفجير مكتب الأمن القومي في سوريا، ومنهم صهر الأسد آصف شوكت، ووزير الدفاع داوود راجحة، ورئيس مكتب الأمن القومي السوري في حزب “البعث” هشام اختيار، ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني.

خلال سنوات الثورة السورية، لم يقتصر التخلّص من وجوه قديمة، والدفع بأشخاص جدد على الصعيد العسكري، بل الاقتصادي أيضاً، وتجسّد ذلك من خلال إبعاد النظام السوري أبرز وجوه الاقتصاد السوري القُدامى، وتعويم وجوه جديدة لم يكن لها أي سجل سابق في عالم “البزنس” في سوريا، هؤلاء في الغالب لا يملكون ما يديرونه من شركات، بل يمثّلون وجوهاً، وهم وكلاء لأشخاص آخرين داخل القصر الجمهوري.

مصادر من دمشق، ومراقبون  ونشطاء تحدثوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن امكانية أن يكون “براء قاطرجي قُتل في عملية “تصفية” نفّذتها أذرع داخل النظام نفسه، ضمن عمليات إقصاء الفريق الاقتصادي السوري الحالي.

واستندت المصادر إلى توقيت تصفية قاطرجي ومكانها على طريق يعفور – الصبورة، الذي شهد ثلاث عمليات قتل خلال الشهر ذاته، منها مقتل مستشارة رئيس النظام السوري لونا الشبل، التي أعلن النظام وفاتها جراء حادث سير على الطريق المذكور، تلاها مقتل مرافق زعيم “حزب الله” اللبناني ياسر قرنبش ومرافقه حسين ويزاني في التاسع من تموز الجاري، وأخيراً عملية اغتيال براء قاطرجي.

اغتيال الشخصيات المرتبطة بالفريق الاقتصادي الحالي، تزامن مع عمليات الإقصاء التي تجريها لجان القصر الجمهوري في الفترة الحالية، بدءاً من رجل الأعمال خضر طاهر المعروف باسم أبو علي خضر، الموضوع تحت الإقامة الجبرية، وإقصاء يسار إبراهيم الذراع اليمنى لأسماء الأسد، الذي غاب عن المشهد الاقتصادي تماماً، وسط أنباء عن تعرضه إلى محاولة قتل أيضاً.

تصفية اقتصادية؟

وُجهت الاتهامات إلى ماهر الأسد في تنفيذ عمليات التصفية والإقصاء للفريق الاقتصادي الحالي، واعتقال عدد من رجال الأعمال المرتبطين بالفريق ذاته، كون رجال الأعمال والواجهات الاقتصادية المرتبطة بـماهر الأسد، بدأت بالتمهيد لإعادة ظهورها في إدارة المشهد الاقتصادي السوري، خلال الفترة المقبلة.

من بين الأشخاص الذين كان لهم حضور في إعادة تموضع المشهد الاقتصادي، عائلة قاطرجي، وتحديداً محمد براء قاطرجي، الذي قُتل بحسب وسائل إعلام النظام وحاشيته من إعلاميين ومتنفذين بغارة إسرائيلية يوم أمس، مع شخص آخر. هذه العائلة ظهرت فجأة في مدينة حلب، وبدأت تشتري أصولاً وشركات، وتدخل عالم “البزنس” من أبوابه الواسعة، حتى أصبحت من حيتان الاقتصاد السوري.

اليوم باتت عائلة قاطرجي الأكثر نفوذاً في سوريا؛ بعد إبعاد رامي مخلوف عن المشهد، لكثرة الشركات والأصول التي تمتلكها، وحساسية القطاعات التي تعمل فيها، وبرز اسم عائلة قاطرجي للمرة الأولى في عالم الاقتصاد، عندما سيطر تنظيم “داعش” على حقول النفط في شرق سوريا، فأصبحت هذه المجموعة مسؤولة عن تنظيم صفقات بين النظام السوري و”داعش”، لنقل النفط من شرق سوريا إلى دمشق ومناطق أخرى.

“الصفقات” السابقة دفعت وزارة الخزانة الأميركية لإدراج محمد براء قاطرجي على لائحة العقوبات الأميركية في عام 2018، حيث قالت (الخزانة الأميركية) إنه لعب دور الوسيط بين النظام السوري وتنظيم “داعش” في عقد صفقات النفط، وإن شركاته النفطية نقلت شحنات نفط بين الطرفين، وزوّدت النظام السوري بالوقود اللازم لتحريك الآلة العسكرية، كما أن شركته النفطية المرخصة في السجلات السورية، عملت على نقل شحنات نفطية بين الطرفين، بالإضافة إلى تزويدها النظام بالفيول وشحنات الأسلحة.

يشغل براء قاطرجي منصب رئيس مجلس شركة “مجموعة قاطرجي القابضة”، وساهم في تأسيس “شركة قاطرجي” للصناعات الهندسية الميكانيكية المغفلة المساهمة الخاصة وشركة “أرفادا” البترولية، بالإضافة إلى شركات أخرى.

ودخل براء القاطرجي في مجالات السياحة والإعمار، عبر شركات تم تأسيسها وتسجيلها بأسماء نجله وأبناء أشقائه، الشركاء في إدارة الإمبراطورية المالية للعائلة، وعلى رأسها شركة “آرمان للإدارة الفندقية والسياحة” التي تم تسجيلها باسم نجله أحمد بشير، وشركة “آآ سوريا للأبراج” التي سُجّلت باسم ابن شقيقه أحمد محمد قاطرجي وشريكين آخرين من العائلة.

وينحدر قاطرجي من مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، من مواليد عام 1976، وهو أيضاً عضو في اللجنة الدستورية وممثل وفد النظام السوري، وبما أن رأس المال السياسي في سوريا يحتاج إلى ولاءات عسكرية، فإن عائلة قاطرجي أسّست ميليشيا عسكرية عُرفت باسم “مجموعة القاطرجي” أو “ميليشيا القاطرجي” وتُعد مدينة حلب مركز عملياتها، حيث ساهمت مع ميليشيات أخرى متعدّدة الجنسيات في حصار مدينة حلب عام 2016، حتى استسلام فصائل المعارضة السورية وخروجها من المدينة.

ونشر موقع “تلفزيون سوريا” وثائق حكومية إيرانية مسربة، تؤكد علاقة شركة “القاطرجي” مع الذراع الاقتصادية والهندسية للحرس الثوري الإيراني.

وتشرح الوثائق تفاصيل المراسلات السابقة مع عدد كبير من الشركات الإيرانية العاملة في سوريا، بشأن انعقاد الاجتماع الخامس عشر للجنة العليا المشتركة للتعاون الاقتصادي بين إيران وسوريا، وتؤكّد أنه تمت الموافقة على إبرام عقد بين شركة “آذر آب” الإيرانية الخاضعة للعقوبات الأميركية، مع شركة “مصفاة حمص” وشركة “BS” التابعة لمجموعة قاطرجي، لحفظ جميع الأعمال والإجراءات والتجهيزات، وعقد آخر بين  الشركة الإيرانية المذكورة، وشركة ” BS” للمساعدة في حل “مشاكل أخرى” من دون تحديدها.

قاطرجي – إيران: تعاون نفطي

ونقل الموقع معلومات حصل عليها من مصادر خاصة، أن “مجموعة قاطرجي” نجحت في تشبيك علاقاتها الاقتصادية بعقود اقتصادية تدر مليارات الدولارات، مع كبرى الشركات الإيرانية العاملة في سوريا، والذراع الهندسية للحرس الثوري الإيراني المعروفة بشركة “خاتم الأنبياء”، التي وضعت يدها على البلوك النفطي 21 الذي تبلغ مساحته 3200 كيلومتر في حمص، بموجب قرار صادقه مجلس الشعب وأصدره بشار الأسد، كقانون رقم واحد لعام 2020، بناء على اتفاقية عام 2015 للتعاون الاقتصادي الشامل الموقعة مع إيران، فيما يتوقع الإيرانيون من خلال استثمارهم في هذا البلوك لمدة ثلاثين عاماً، أن يستعيدوا قرابة 3.4 مليار دولار من ديونهم على النظام السوري.

وذكر الموقع أن المعلومات التي حصل عليها، تُفيد بأن لعائلة قاطرجي جزءاً مهماً من الاستثمارات الاقتصادية في هذا البلوك الكبير، كما أن وقوع البلوك في قلب البادية السورية الواسعة وغير الآمنة، اضطر الإيرانيين إلى الاستعانة بخبرات قوات قاطرجي الأمنية لتأمين الحماية، حيث تم نشر أكثر من ثلاثة آلاف عنصر أمني، وبناء عشرات أبراج المراقبة حول الموقع.

وبحسب الموقع فإن شركة “أرفادا” المملوكة لشركة قاطرجي، بدأت الاستثمار في الحقل النفطي بعد ثلاثة أشهر فقط من إبرام الاتفاق، على الرغم من أن الاتفاق ينص على مرور قرابة خمس سنوات للنشاطات الاستكشافية الكاملة، ثم بدء عمليات الإنتاج في البلوك 21 في حمص من قبل الشركة الهندسية الإيرانية “بترو تدبير”، التي تولت خدمات الدراسات الهندسية ومراقبة عمليات الاستكشاف والتطوير والإنتاج في البلوك 21.

ونقل الموقع عن مصدره أن قاطرجي كان يلعب دوراً حاسماً في نقل النفط السوري والإيراني، حيث كان يقوم بتصفيته وبيعه في الأسواق، ويقوم بدفع جزء من العوائد ل”حزب الله” لتسديد رواتبه ومصاريفه، فيما قال موقع “سوريا بالفارسي” إن قاطرجي كان مسؤولاً عن تمويل “حركات المقاومة” في سوريا ودعمها، وعلى تنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، وتعاون مع أحد المستشارين الإيرانيين الذين قُتلوا في سوريا قبل عدة أشهر، مرجحاً أن يكون هذا المستشار الإيراني هو العميد في “فيلق القدس” سيد رضي موسوي الذي اغتالته إسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر 2023 في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق.

"درج"
لبنان
16.07.2024
زمن القراءة: 7 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية