fbpx

“ممنوعة أنتِ”: كيف يعزل الحوثيون المرأة في مناطق سيطرتهم؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“لا أفهم طريقة تفكيرهم، وكيف أنهم تركوا كل شيء، واتجهوا نحو المرأة، ومحاولة تقييد حرياتها بشكل مستمر”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

الخروج من صنعاء للسفر أو التنقل بحرية بالنسبة إلى المرأة بات شأناً بالغ التعقيد. 

هناك قيود جديدة فرضت وعليها الالتزام بها قسراً، قبل أن تجد نفسها في طريق العودة من حيث أتت عند أقرب نقطة عسكرية في مدخل المدينة.

مساء السبت 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أكملت هناء تحضير مستلزماتها للسفر من صنعاء شمالًا؛ لتلحق برحلتها الجوية المقررة بعد يوم من وصولها إلى عدن “380 كم عن صنعاء”، وهي تعرف أن عليها تعبئة نموذج يوافق فيه ولي أمرها “المَحْرَم” على سفرها وحدها، مع إقراره بذلك، وقد بات هذا ممكنًا؛ لما دأب عليه الوضع في العاصمة اليمنية الواقعة تحت سيطرة جماعة “أنصار الله” الحوثيين منذ أيلول/ سبتمبر 2014.

كعادتها تحجز هناء في شركة نقل المسافرين عبر حافلات النقل الجماعي قبل سفرها بساعات، هذه المرة صدمها موظف الاستقبال بطلب غريب، أخبرها بأنها لن تستطيع السفر وحدها، هناك تعميم جديد من سلطات جماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء يلزم المرأة بالسفر مع ولي أمرها، ويلغي التعميم السابق الذي يطلب موافقة مسبقة مشروطة بخط ولي الأمر.

“لا أفهم طريقة تفكيرهم، وكيف أنهم تركوا كل شيء، واتجهوا نحو المرأة، ومحاولة تقييد حرياتها بشكل مستمر”، تقول هناء، بنبرة حزينة، وتضيف لـ”درج”: “اضطررت إلى الاستعانة بخالي، الذي رافقني إلى عدن، وطوال الطريق توقفنا نقاط التفتيش العسكرية وتسألنا أسئلة غريبة للتأكد من صلة القرابة بيننا، ما الذي يريدون فعله بالضبط؟”، تتساءل هناء.

منذ أبريل/نيسان، أعاقت القيود الحوثية المشددة النساء اليمنيات من القيام بعملهن، خاصة اللواتي تتطلب منهن طبيعة عملهن السفر.

ويتم تطبيق شرط المحرم، الذي لا يُشكل جزءاً من القانون اليمني، من قبل الحوثيين من خلال توجيهات شفهية. أصرّت سلطات الأمر الواقع الحوثية بشكل متزايد على شرط المحرم لتقييد حركة النساء عبر المناطق التي تسيطر عليها في شمال اليمن، بما في ذلك محافظات صعدة وذمار والحديدة وحجة وصنعاء.

قيود متلاحقة

يلغي التعميم الجديد الذي اكتفت هيئة النقل البري في صنعاء بإبلاغ شركات النقل الجماعي والسيارات الخاصة بشركات النقل بالاتصال الهاتفي دون إرسال أي مؤيد رسمي مخافة تسريبه لوسائل الإعلام، بحسب ما قاله مدير إحدى الشركات، يلغي تعميمًا سابقًا تحت مسمّى “موافقة وإذن سفر”، يلزم المرأة بموافقة خطية من قبل ولي أمرها، أيًا كان، وبأي عمر، شريطة أن يكتمل الإجراء وفق ما تم تحديده.

حدث ذلك مع وداد البدوي، صحفية متخصصة في دعم ومساندة قضايا المرأة، التي لجأت إلى أخيها الأصغر ليوافق على سفرها، “تلقيتُ اتصالًا من مدير شركة النقل، يشعرني بضرورة الالتزام بالإجراء الخارج عن إرادته، ودون ذلك لن تستطيعي السفر، سيعيدونك من منتصف الطريق”، هكذا أخبرني، تقول وداد، وتروي قصة أخرى لإحدى زميلاتها التي اضطرت أن تستعين بابن شقيقتها صاحب الـ13 عامًا ليوقّع على الموافقة، بلسان صديقتها، تقول البدوي لـ”درج”: “كان الطفل يعتذر لعمته عن ما فعله دون إرادته، وكأنه شعر بصعوبة الموقف، وغير المعتاد من سلطات مهمتها تسهيل العبور، لا تعقيد الوضع بمزيد من الإجراءات”، وتضيف: “أشعرونا بالذل، وأن لا قيمة لنا”.

أصرّت سلطات الأمر الواقع الحوثية بشكل متزايد على شرط المحرم لتقييد حركة النساء عبر المناطق التي تسيطر عليها في شمال اليمن، بما في ذلك محافظات صعدة وذمار والحديدة وحجة وصنعاء.

في 15 آب/ أغسطس 2022 أغلق نادي ” Rebel & Ashyريبل اند اشي” النسائي في العاصمة صنعاء من قبل مديرية السبعين، دون أسباب واضحة، وفقًا لمنشور على الصفحة الرسمية للنادي في التاسع من تشرين أول/ أكتوبر. كل محاولات إقناع السلطات باستئناف العمل بالطريقة التي تراها باءت بالفشل، وبعد شد وجذب ووساطات وصل الأمر إلى طريق مسدود، وكان رد المديرية: ” لا يوجد بيدنا شيء، والمشكلة ليست تصاريح، هناك توجيه من جهات عليا في سلطات ( أمانة العاصمة ) بإغلاق جميع المراكز والنوادي النسائية، فلا تعرقلوا عملنا”، وبنفس الأسلوب تم التعامل من قبل أمانة العاصمة عند الذهاب إليهم لمحاولة إقناعهم بعودة افتتاح النادي، كما جاء في المنشور.

لم يتوقف الوضع عند هذا الحد، ففي الـ17 من أيلول/ سبتمبر أعلنت حديقة الأمازون المائية في صنعاء إلغاء الفترات التي أعلنت عنها بشأن تخصيص أوقات للنساء، دون ذكر أسباب الإلغاء، لكن “هناء” شابة من صنعاء اتهمت جماعة “أنصار الله” الحوثيين بوقوفهم وراء ذلك: “هذا شغلهم الشاغل، يقدمون أنفسهم كحراس للفضيلة”، واصفة ما يجري أنه: “محاولة فرض النموذج الإيراني على العاصمة صنعاء، ومنها إلى بقية مناطق سيطرتهم، وتتخذ من المرأة وتقييد حريتها منطلقًا لذلك”، داعيةً الجماعة وقيادتها “للاستفادة من التطورات التي تشهدها إيران” منذ مقتل الشابة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق الإيرانية في  16 أيلول/ سبتمبر 2022 بسبب عدم ارتدائها الحجاب بطريقة “سليمة”، طبقًا لرواية أسرتها.

مؤشر خطير

 تصاعد القمع الذي تفرضه القيود الحوثية على النساء بشكل متزايد منذ 2017. وحرمت النساء والفتيات من إمكانية الوصول إلى رعاية الصحة الإنجابية، ومنعن من العمل في بعض المحافظات، وأرغمن على الفصل بحسب النوع الاجتماعي في الأماكن العامة، وأُلزمن باتباع شرط المحرم.

تنتهج جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) هذا الأسلوب للتعامل مع النساء في مناطق سيطرتها، دون مسوّغ قانوني يتيح لها ذلك، حتى أن المعارضين لها ينظرون إلى الإجراءات المتتابعة من الجماعة بمثابة قيود تضع العراقيل أمام النساء، وتقف عائقًا أمام حقهن الإنساني المكفول في المواثيق الدولية التي وقع عليها اليمن، وكذا الدستور والقوانين النافذة في البلاد، جاء ذلك في بيان تبنته عدد من الشخصيات اليمنية بعد التضييق الذي حدث للنساء من قبل السلطات في صنعاء، وتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي.

تنص المادة “57” من الدستور اليمني على أن “حرية التنقل من مكان إلى آخر في الأراضي اليمنيـة مكفولة لكل مواطن، ولا يجوز تقييدها إلا في الحالات التي يبينها القانون لمقتضيات أمن وسلامة المواطنين”، بينما تنص الفقرة الأولى من المادة “12” من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه، وحرية اختيار مكان إقامته”، وتؤيده الفقرة الأولى من المادة “13” من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان “لكلِّ فرد حقٌّ في حرِّية التنقُّل وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدولة”.

 تُعِدُ رغدة المقطري، محامية وعضوة في اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان الإجراءات التي اتخذها الحوثيون “مؤشرًا خطيرًا لتراجع حقوق النساء في اليمن”، وتربط المقطري ذلك بالإنجازات التي حققتها النساء اليمنيات منذ سنوات طويلة؛ حيث ناضلن لتغيير عدد من التشريعات اليمنية المتعلقة بالحقوق والحريات العامة، وتطبيق العديد من التشريعات النافذة، ووقف الممارسات الخاطئة.

 تنظر المقطري إلى ما تتخذه جماعة الحوثي إنما هو “بهدف التنغيص على حريات النساء نتيجة حملة تحريض واسعة تستهدفهن، وتدعو إلى تقييد الحقوق التي ناضلن من أجل اكتسابها”.

تحت وسم #لا_للمحرم نشرت رضية المتوكل رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان على صفحتها في فيسبوك: “بعد فتح مطار صنعاء‬ كحق طبيعي للناس جميعًا في اليمن‬، تحول المطار تحت سلطة جماعة “أنصار الله” للرجال فقط، أو للنساء الحائزات على موافقة الرجال مع اشتراط مرافقتهم لهن بالسفر”، وأضافت المتوكل التي تتخذ من صنعاء مقرًا لمنظمتها: “تطالب الجماعة العالم بالحق في حرية التنقل وهي تحرم نصف المجتمع منه جواً وبراً”، في إشارة إلى الإجراءات التي اتخذتها جماعة الحوثي لتقييد سفر النساء وتنقّلهن في البلاد.‬‬

يبقى الوضع في صنعاء بالنسبة للمرأة رهين إجراءاتٍ تتوالى، تعيق تنقّلها للسفر الاضطراري من أجل الحصول على رعاية صحية خارج البلاد، أو للدراسة، أو لحضور مؤتمراتٍ وفعاليات دولية وإقليمية، وحتى لزيارة أقاربها في دول أخرى. وما على من لا “مَحْرَمَ” لها إلا أن تبحث عن قريبٍ يمنحها بطاقة العبور، أو أن تستسلم للواقع الذي ليس بيدها أن تفعل لتغييره شيئاً.

10.11.2022
زمن القراءة: 6 minutes

“لا أفهم طريقة تفكيرهم، وكيف أنهم تركوا كل شيء، واتجهوا نحو المرأة، ومحاولة تقييد حرياتها بشكل مستمر”

الخروج من صنعاء للسفر أو التنقل بحرية بالنسبة إلى المرأة بات شأناً بالغ التعقيد. 

هناك قيود جديدة فرضت وعليها الالتزام بها قسراً، قبل أن تجد نفسها في طريق العودة من حيث أتت عند أقرب نقطة عسكرية في مدخل المدينة.

مساء السبت 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أكملت هناء تحضير مستلزماتها للسفر من صنعاء شمالًا؛ لتلحق برحلتها الجوية المقررة بعد يوم من وصولها إلى عدن “380 كم عن صنعاء”، وهي تعرف أن عليها تعبئة نموذج يوافق فيه ولي أمرها “المَحْرَم” على سفرها وحدها، مع إقراره بذلك، وقد بات هذا ممكنًا؛ لما دأب عليه الوضع في العاصمة اليمنية الواقعة تحت سيطرة جماعة “أنصار الله” الحوثيين منذ أيلول/ سبتمبر 2014.

كعادتها تحجز هناء في شركة نقل المسافرين عبر حافلات النقل الجماعي قبل سفرها بساعات، هذه المرة صدمها موظف الاستقبال بطلب غريب، أخبرها بأنها لن تستطيع السفر وحدها، هناك تعميم جديد من سلطات جماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء يلزم المرأة بالسفر مع ولي أمرها، ويلغي التعميم السابق الذي يطلب موافقة مسبقة مشروطة بخط ولي الأمر.

“لا أفهم طريقة تفكيرهم، وكيف أنهم تركوا كل شيء، واتجهوا نحو المرأة، ومحاولة تقييد حرياتها بشكل مستمر”، تقول هناء، بنبرة حزينة، وتضيف لـ”درج”: “اضطررت إلى الاستعانة بخالي، الذي رافقني إلى عدن، وطوال الطريق توقفنا نقاط التفتيش العسكرية وتسألنا أسئلة غريبة للتأكد من صلة القرابة بيننا، ما الذي يريدون فعله بالضبط؟”، تتساءل هناء.

منذ أبريل/نيسان، أعاقت القيود الحوثية المشددة النساء اليمنيات من القيام بعملهن، خاصة اللواتي تتطلب منهن طبيعة عملهن السفر.

ويتم تطبيق شرط المحرم، الذي لا يُشكل جزءاً من القانون اليمني، من قبل الحوثيين من خلال توجيهات شفهية. أصرّت سلطات الأمر الواقع الحوثية بشكل متزايد على شرط المحرم لتقييد حركة النساء عبر المناطق التي تسيطر عليها في شمال اليمن، بما في ذلك محافظات صعدة وذمار والحديدة وحجة وصنعاء.

قيود متلاحقة

يلغي التعميم الجديد الذي اكتفت هيئة النقل البري في صنعاء بإبلاغ شركات النقل الجماعي والسيارات الخاصة بشركات النقل بالاتصال الهاتفي دون إرسال أي مؤيد رسمي مخافة تسريبه لوسائل الإعلام، بحسب ما قاله مدير إحدى الشركات، يلغي تعميمًا سابقًا تحت مسمّى “موافقة وإذن سفر”، يلزم المرأة بموافقة خطية من قبل ولي أمرها، أيًا كان، وبأي عمر، شريطة أن يكتمل الإجراء وفق ما تم تحديده.

حدث ذلك مع وداد البدوي، صحفية متخصصة في دعم ومساندة قضايا المرأة، التي لجأت إلى أخيها الأصغر ليوافق على سفرها، “تلقيتُ اتصالًا من مدير شركة النقل، يشعرني بضرورة الالتزام بالإجراء الخارج عن إرادته، ودون ذلك لن تستطيعي السفر، سيعيدونك من منتصف الطريق”، هكذا أخبرني، تقول وداد، وتروي قصة أخرى لإحدى زميلاتها التي اضطرت أن تستعين بابن شقيقتها صاحب الـ13 عامًا ليوقّع على الموافقة، بلسان صديقتها، تقول البدوي لـ”درج”: “كان الطفل يعتذر لعمته عن ما فعله دون إرادته، وكأنه شعر بصعوبة الموقف، وغير المعتاد من سلطات مهمتها تسهيل العبور، لا تعقيد الوضع بمزيد من الإجراءات”، وتضيف: “أشعرونا بالذل، وأن لا قيمة لنا”.

أصرّت سلطات الأمر الواقع الحوثية بشكل متزايد على شرط المحرم لتقييد حركة النساء عبر المناطق التي تسيطر عليها في شمال اليمن، بما في ذلك محافظات صعدة وذمار والحديدة وحجة وصنعاء.

في 15 آب/ أغسطس 2022 أغلق نادي ” Rebel & Ashyريبل اند اشي” النسائي في العاصمة صنعاء من قبل مديرية السبعين، دون أسباب واضحة، وفقًا لمنشور على الصفحة الرسمية للنادي في التاسع من تشرين أول/ أكتوبر. كل محاولات إقناع السلطات باستئناف العمل بالطريقة التي تراها باءت بالفشل، وبعد شد وجذب ووساطات وصل الأمر إلى طريق مسدود، وكان رد المديرية: ” لا يوجد بيدنا شيء، والمشكلة ليست تصاريح، هناك توجيه من جهات عليا في سلطات ( أمانة العاصمة ) بإغلاق جميع المراكز والنوادي النسائية، فلا تعرقلوا عملنا”، وبنفس الأسلوب تم التعامل من قبل أمانة العاصمة عند الذهاب إليهم لمحاولة إقناعهم بعودة افتتاح النادي، كما جاء في المنشور.

لم يتوقف الوضع عند هذا الحد، ففي الـ17 من أيلول/ سبتمبر أعلنت حديقة الأمازون المائية في صنعاء إلغاء الفترات التي أعلنت عنها بشأن تخصيص أوقات للنساء، دون ذكر أسباب الإلغاء، لكن “هناء” شابة من صنعاء اتهمت جماعة “أنصار الله” الحوثيين بوقوفهم وراء ذلك: “هذا شغلهم الشاغل، يقدمون أنفسهم كحراس للفضيلة”، واصفة ما يجري أنه: “محاولة فرض النموذج الإيراني على العاصمة صنعاء، ومنها إلى بقية مناطق سيطرتهم، وتتخذ من المرأة وتقييد حريتها منطلقًا لذلك”، داعيةً الجماعة وقيادتها “للاستفادة من التطورات التي تشهدها إيران” منذ مقتل الشابة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق الإيرانية في  16 أيلول/ سبتمبر 2022 بسبب عدم ارتدائها الحجاب بطريقة “سليمة”، طبقًا لرواية أسرتها.

مؤشر خطير

 تصاعد القمع الذي تفرضه القيود الحوثية على النساء بشكل متزايد منذ 2017. وحرمت النساء والفتيات من إمكانية الوصول إلى رعاية الصحة الإنجابية، ومنعن من العمل في بعض المحافظات، وأرغمن على الفصل بحسب النوع الاجتماعي في الأماكن العامة، وأُلزمن باتباع شرط المحرم.

تنتهج جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) هذا الأسلوب للتعامل مع النساء في مناطق سيطرتها، دون مسوّغ قانوني يتيح لها ذلك، حتى أن المعارضين لها ينظرون إلى الإجراءات المتتابعة من الجماعة بمثابة قيود تضع العراقيل أمام النساء، وتقف عائقًا أمام حقهن الإنساني المكفول في المواثيق الدولية التي وقع عليها اليمن، وكذا الدستور والقوانين النافذة في البلاد، جاء ذلك في بيان تبنته عدد من الشخصيات اليمنية بعد التضييق الذي حدث للنساء من قبل السلطات في صنعاء، وتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي.

تنص المادة “57” من الدستور اليمني على أن “حرية التنقل من مكان إلى آخر في الأراضي اليمنيـة مكفولة لكل مواطن، ولا يجوز تقييدها إلا في الحالات التي يبينها القانون لمقتضيات أمن وسلامة المواطنين”، بينما تنص الفقرة الأولى من المادة “12” من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه، وحرية اختيار مكان إقامته”، وتؤيده الفقرة الأولى من المادة “13” من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان “لكلِّ فرد حقٌّ في حرِّية التنقُّل وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدولة”.

 تُعِدُ رغدة المقطري، محامية وعضوة في اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان الإجراءات التي اتخذها الحوثيون “مؤشرًا خطيرًا لتراجع حقوق النساء في اليمن”، وتربط المقطري ذلك بالإنجازات التي حققتها النساء اليمنيات منذ سنوات طويلة؛ حيث ناضلن لتغيير عدد من التشريعات اليمنية المتعلقة بالحقوق والحريات العامة، وتطبيق العديد من التشريعات النافذة، ووقف الممارسات الخاطئة.

 تنظر المقطري إلى ما تتخذه جماعة الحوثي إنما هو “بهدف التنغيص على حريات النساء نتيجة حملة تحريض واسعة تستهدفهن، وتدعو إلى تقييد الحقوق التي ناضلن من أجل اكتسابها”.

تحت وسم #لا_للمحرم نشرت رضية المتوكل رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان على صفحتها في فيسبوك: “بعد فتح مطار صنعاء‬ كحق طبيعي للناس جميعًا في اليمن‬، تحول المطار تحت سلطة جماعة “أنصار الله” للرجال فقط، أو للنساء الحائزات على موافقة الرجال مع اشتراط مرافقتهم لهن بالسفر”، وأضافت المتوكل التي تتخذ من صنعاء مقرًا لمنظمتها: “تطالب الجماعة العالم بالحق في حرية التنقل وهي تحرم نصف المجتمع منه جواً وبراً”، في إشارة إلى الإجراءات التي اتخذتها جماعة الحوثي لتقييد سفر النساء وتنقّلهن في البلاد.‬‬

يبقى الوضع في صنعاء بالنسبة للمرأة رهين إجراءاتٍ تتوالى، تعيق تنقّلها للسفر الاضطراري من أجل الحصول على رعاية صحية خارج البلاد، أو للدراسة، أو لحضور مؤتمراتٍ وفعاليات دولية وإقليمية، وحتى لزيارة أقاربها في دول أخرى. وما على من لا “مَحْرَمَ” لها إلا أن تبحث عن قريبٍ يمنحها بطاقة العبور، أو أن تستسلم للواقع الذي ليس بيدها أن تفعل لتغييره شيئاً.