fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“ممنوع من السفر”… الدولة المصريّة ونوع آخر من السجن 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“كان ينبغي أن أكون الآن في فيينا، لكن ضابطاً ما قرر أن يمنعني من السفر للمرة الثانية.”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حزم حقائبه، واستعدّ للذهاب إلى مطار القاهرة، ودّع أسرته وأصدقاءه على أمل بلقاء قريب، بعد انتهاء مدة دراسته المقررة، إلا أنه بعد ساعات قليلة، فوجئت أسرته وأصدقاؤه بعودته، بعد منعه من السفر من دون أسباب واضحة.

مُنع الباحث أحمد سمير سنطاوي من السفر من مطار القاهرة، حيث كان متوجهاً الى فيينا لإنهاء رسالة الماجستير، ليقرر أحد الضباط في المطار منعه، من دون أسباب واضحة، ومن دون وجود كلمة “لاغي” على تأشيره سفره.

أمضى سنطاوي ما يقرب العامين في سجن طرة على ذمة القضية 774 لسنة 2021، والتي واجه فيها تهم نشر أخبار كاذبة من خارج البلاد حول الأوضاع الداخلية، وحُكم عليه بالسجن لمدة  3 سنوات، حتى صدر قرار رئاسي بالعفو عنه في 30 تموز/ يوليو من العام الماضي.

لم تكن هذه المرة الأولى التي يُمنع فيها سنطاوي من السفر، بل سبقها منع من دون أسباب، فالضابط الذي أخبره بأنه ممنوع من السفر، لم يشرح له الأسباب، “كان ينبغي أن أكون الآن في فيينا، لكن ضابطاً ما قرر أن يمنعني من السفر للمرة الثانية. لم تكتف هذه السلطة بحبسي عاماً ونصف العام بتهم عبثية، كالانضمام إلى جماعة إرهابية أو نشر أخبار كاذبة أو تمويل الإرهاب، لم يكتفوا بهذا القدر من الإجرام رغم خروجي من السجن بعفو رئاسي يشهد بعبثية التهم، لكنهم ما زالوا يواصلون تعطيل حياتي وتخريب مستقبلي بمنعي من السفر بشكل غير قانوني لعشرة أشهر كاملة منذ أن خرجت من السجن”. هكذا علّق سنطاوي على قرار منعه من السفر للمرة الثانية.

على رغم أن سنطاوي حاول من خلال وسطاء ومقربين في المرة الأولى، السؤال قبل الاستعداد للسفر، عما إذا كان سيتم منعه من السفر أم لا، وجاءت الردود بأنه سيتمكن من السفر بسهولة، إلا أن ما حصل كان مخالفاً لذلك، وفي الوقت نفسه لم يتلقَّ سنطاوي أي طلبات للتحقيق معه، أو استدعائه لمعرفة سبب منعه من السفر.

ما حدث مع سنطاوي تكرر في حالات عدة سابقاً، ما يشير إلى ممارسات تعسفية ضد من تصنّفهم الدولة معارضين لها. يقول فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، “إنه على الرغم من الحديث عن الإصلاح مع إطلاق الحوار الوطني الذي طال انتظاره في أيار/ مايو، فإن هذا مثال شائن آخر على الممارسات القمعية التي ترتكبها السلطات المصرية لإسكات الأصوات الناقدة والسيطرة عليها، ومعاقبة أي شخص يدافع عن حقوق الإنسان. يؤثر حظر السفر التعسفي وغير المحصور بفترة زمنية، بشكل كبير في حياة النشطاء الشخصية والمهنية. فهذه الممارسات لا تهدف إلى السيطرة على الأصوات المستقلة وقطع صلاتها بالعالم الخارجي، وحسب، ولكن أيضاً إلى بث الخوف وتوجيه رسالة مقلقة مفادها أنه لن يتم التسامح مع المعارضة”.

“كان ينبغي في مثل هذه الأيام أن أكون مشغولاً بإنهاء رسالة الماجستير، وبالاحتفال بالتخرج الذي طال انتظاره، لكنني بدلاً من ذلك أمضي وقتي في غرفتي غاضباً مكتئباً”

تكفل المادة 62 من الدستور حرية التنقل، وتنص المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الصادر عن الأمم المتحدة، ومصر هي دولة طرف فيه، على أن “لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده”، لكن في المقابل تأتي المادة 155 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تمنح النائب العام أو من يفوضه من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من ذوي الشأن، ولقاضي التحقيق المختص، عند وجود أدلة كافية على جدية الاتهام فى جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنة، أن يصدر قراراً مسبباً بمنع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقّب الوصول.

ما حدث مع سنطاوي حدث مع المدون القرآني رضا عبد الرحمن، الذي أمضى أكثر من عامين بالحبس الاحتياطي، ليُمنع من السفر مرتين متتاليتين من دون سبب أو مبرر قانوني. حاول عبد الرحمن في المرة الأولى، السفر الى أميركا بعد حصول ابنته على تأشيرة سياحة، لزيارة شقيقته، وفي محاولة لتخفيف أو معالجة الآثار النفسية التي خلّفتها تجربة السجن، لكن سلطات المطار احتجزته في المكتب لمدة 3 ساعات، واحتجزت ابنته البالغة من العمر 10 سنوات بعيداً منه، وسمحت له بالخروج عقب إقلاع الطائرة، وأخبرته بالمنع من السفر.

في المرة التالية، اتّجه عبد الرحمن إلى السعودية، بتأشيرة زيارة للبحث عن عمل، ليتكرر معه الموقف السابق، مع صوت ختم جواز السفر بعبارة “لاغي”، ليشعر وكأنه ما زال داخل السجن، لا يستطيع التنقل أو الحركة بحرية، وهو الشعور نفسه الذي يعيشه الباحث سنطاوي، إذ قال إنه على رغم مرور ما يقرب من 10 أشهر على إطلاق سراحه، إلا أنه ما زال يشعر بأنه مسجون، محروم من حقوقه الأساسية في السفر والتنقل، ومحروم أيضاً من استكمال حياته بشكل طبيعي.

إجراءات وضوابط المنع من السفر، عارضتها منظمات حقوقية كثيرة، وقدمت من أجلها مشاريع لتعديل المواد، إلا أن الممارسة مستمرة. وعلى رغم أن المادة 155 من قانون الإجراءات الجنائية، تتيح إصدار قرار بمنع السفر، إلا أنها تلزم أيضاً بتوضيح أسبابه وإعلام صاحب الشأن، ولكن ما يحصل هو عكس ذلك، فلا أسباب واضحة للمنع من السفر، ولا يعلم صاحب الشأن بالأمر سوى أثناء وجوده في المطار.

تعقب العاملين في منظمات حقوقية

رصدت “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” الحقوقية قيام السلطات المصرية بمنع مسؤولين في المنظمات الحقوقية المستقلة من السفر من دون  ذكر أسباب أو تسليم الممنوعين من السفر أي قرارات رسمية تفيد بمنعهم من السفر.

الباحث وليد سالم، يعيش سيناريو منع السفر نفسه كما سنطاوي وعبد الرحمن، إذ مُنع من السفر مرتين الى الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال دراسته في واشنطن، وتقدمت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بتظلم على قرار النائب العام بإدراج سالم على قوائم الممنوعين من السفر إلى محكمة الاستئناف، وجاء الرد من رئيس قلم المحكمة بإرسال التظلم إلى النائب العام لاستيفاء المعلومات، وهو الرد الوحيد الذي تلقته وحدة المساعدة القانونية في المؤسسة على مدار 10 أشهر، قبل أن يتم إبلاغ محامي المؤسسة الشهر الماضي بتقديم تظلم جديد وانتظار تحديد جلسة للنظر فيه. وسبق أن تقدمت المؤسسة بتظلم إلى مكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام، وحمل رقم 35309 لسنة 2021 في شهر آب/ أغسطس 2021، قبل أن يتم حفظه.

أُلقي القبض على سالم في أيار 2018، وسُجن بتهم مشابهة للتهم التي وُجهت إلى سنطاوي وعبد الرحمن، حتى صدر قرار بإخلاء سبيله في كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، ومنذ ذلك التاريخ لم يتمكن من السفر لاستكمال دراسته في الخارج. وكانت المرة الأولى في أيار 2020، إذ مُنع من السفر، وحين توجه محاموه للاستفسار عن إدراجه في قوائم الممنوعين من السفر، لم يجدوا اسمه، لتأتي المرة الثانية في أيار 2021، ويُمنع من السفر مجدداً، وحينها أخبرته سلطات المطار بأن هناك قراراً صادراً قبل موعد سفره بـ24 ساعة من النائب العام، يفيد بإدراجه في قوائم الممنوعين من السفر.

بعد عودته الى المنزل، لم يستطع سالم فتح حقائبه التي رتّبها بعناية، وراح ينظر إليها من دون أن يسمع سوى صوت الختم العالي وهو ينقر على جواز سفره ومنعه من السفر، فكما قال سنطاوي: “كان ينبغي في مثل هذه الأيام أن أكون مشغولاً بإنهاء رسالة الماجستير، وبالاحتفال بالتخرج الذي طال انتظاره، لكنني بدلاً من ذلك أمضي وقتي في غرفتي غاضباً مكتئباً”، ومثله يحاول رضا عبد الرحمن التعافي من آثار تجربة السجن التي لا تفارقه، والتي تترك ندوبها في كل تحركاته اليومية، وتمنعه من التحليق.

22.06.2023
زمن القراءة: 5 minutes

“كان ينبغي أن أكون الآن في فيينا، لكن ضابطاً ما قرر أن يمنعني من السفر للمرة الثانية.”

حزم حقائبه، واستعدّ للذهاب إلى مطار القاهرة، ودّع أسرته وأصدقاءه على أمل بلقاء قريب، بعد انتهاء مدة دراسته المقررة، إلا أنه بعد ساعات قليلة، فوجئت أسرته وأصدقاؤه بعودته، بعد منعه من السفر من دون أسباب واضحة.

مُنع الباحث أحمد سمير سنطاوي من السفر من مطار القاهرة، حيث كان متوجهاً الى فيينا لإنهاء رسالة الماجستير، ليقرر أحد الضباط في المطار منعه، من دون أسباب واضحة، ومن دون وجود كلمة “لاغي” على تأشيره سفره.

أمضى سنطاوي ما يقرب العامين في سجن طرة على ذمة القضية 774 لسنة 2021، والتي واجه فيها تهم نشر أخبار كاذبة من خارج البلاد حول الأوضاع الداخلية، وحُكم عليه بالسجن لمدة  3 سنوات، حتى صدر قرار رئاسي بالعفو عنه في 30 تموز/ يوليو من العام الماضي.

لم تكن هذه المرة الأولى التي يُمنع فيها سنطاوي من السفر، بل سبقها منع من دون أسباب، فالضابط الذي أخبره بأنه ممنوع من السفر، لم يشرح له الأسباب، “كان ينبغي أن أكون الآن في فيينا، لكن ضابطاً ما قرر أن يمنعني من السفر للمرة الثانية. لم تكتف هذه السلطة بحبسي عاماً ونصف العام بتهم عبثية، كالانضمام إلى جماعة إرهابية أو نشر أخبار كاذبة أو تمويل الإرهاب، لم يكتفوا بهذا القدر من الإجرام رغم خروجي من السجن بعفو رئاسي يشهد بعبثية التهم، لكنهم ما زالوا يواصلون تعطيل حياتي وتخريب مستقبلي بمنعي من السفر بشكل غير قانوني لعشرة أشهر كاملة منذ أن خرجت من السجن”. هكذا علّق سنطاوي على قرار منعه من السفر للمرة الثانية.

على رغم أن سنطاوي حاول من خلال وسطاء ومقربين في المرة الأولى، السؤال قبل الاستعداد للسفر، عما إذا كان سيتم منعه من السفر أم لا، وجاءت الردود بأنه سيتمكن من السفر بسهولة، إلا أن ما حصل كان مخالفاً لذلك، وفي الوقت نفسه لم يتلقَّ سنطاوي أي طلبات للتحقيق معه، أو استدعائه لمعرفة سبب منعه من السفر.

ما حدث مع سنطاوي تكرر في حالات عدة سابقاً، ما يشير إلى ممارسات تعسفية ضد من تصنّفهم الدولة معارضين لها. يقول فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، “إنه على الرغم من الحديث عن الإصلاح مع إطلاق الحوار الوطني الذي طال انتظاره في أيار/ مايو، فإن هذا مثال شائن آخر على الممارسات القمعية التي ترتكبها السلطات المصرية لإسكات الأصوات الناقدة والسيطرة عليها، ومعاقبة أي شخص يدافع عن حقوق الإنسان. يؤثر حظر السفر التعسفي وغير المحصور بفترة زمنية، بشكل كبير في حياة النشطاء الشخصية والمهنية. فهذه الممارسات لا تهدف إلى السيطرة على الأصوات المستقلة وقطع صلاتها بالعالم الخارجي، وحسب، ولكن أيضاً إلى بث الخوف وتوجيه رسالة مقلقة مفادها أنه لن يتم التسامح مع المعارضة”.

“كان ينبغي في مثل هذه الأيام أن أكون مشغولاً بإنهاء رسالة الماجستير، وبالاحتفال بالتخرج الذي طال انتظاره، لكنني بدلاً من ذلك أمضي وقتي في غرفتي غاضباً مكتئباً”

تكفل المادة 62 من الدستور حرية التنقل، وتنص المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الصادر عن الأمم المتحدة، ومصر هي دولة طرف فيه، على أن “لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده”، لكن في المقابل تأتي المادة 155 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تمنح النائب العام أو من يفوضه من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من ذوي الشأن، ولقاضي التحقيق المختص، عند وجود أدلة كافية على جدية الاتهام فى جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنة، أن يصدر قراراً مسبباً بمنع المتهم من السفر خارج البلاد أو بوضع اسمه على قوائم ترقّب الوصول.

ما حدث مع سنطاوي حدث مع المدون القرآني رضا عبد الرحمن، الذي أمضى أكثر من عامين بالحبس الاحتياطي، ليُمنع من السفر مرتين متتاليتين من دون سبب أو مبرر قانوني. حاول عبد الرحمن في المرة الأولى، السفر الى أميركا بعد حصول ابنته على تأشيرة سياحة، لزيارة شقيقته، وفي محاولة لتخفيف أو معالجة الآثار النفسية التي خلّفتها تجربة السجن، لكن سلطات المطار احتجزته في المكتب لمدة 3 ساعات، واحتجزت ابنته البالغة من العمر 10 سنوات بعيداً منه، وسمحت له بالخروج عقب إقلاع الطائرة، وأخبرته بالمنع من السفر.

في المرة التالية، اتّجه عبد الرحمن إلى السعودية، بتأشيرة زيارة للبحث عن عمل، ليتكرر معه الموقف السابق، مع صوت ختم جواز السفر بعبارة “لاغي”، ليشعر وكأنه ما زال داخل السجن، لا يستطيع التنقل أو الحركة بحرية، وهو الشعور نفسه الذي يعيشه الباحث سنطاوي، إذ قال إنه على رغم مرور ما يقرب من 10 أشهر على إطلاق سراحه، إلا أنه ما زال يشعر بأنه مسجون، محروم من حقوقه الأساسية في السفر والتنقل، ومحروم أيضاً من استكمال حياته بشكل طبيعي.

إجراءات وضوابط المنع من السفر، عارضتها منظمات حقوقية كثيرة، وقدمت من أجلها مشاريع لتعديل المواد، إلا أن الممارسة مستمرة. وعلى رغم أن المادة 155 من قانون الإجراءات الجنائية، تتيح إصدار قرار بمنع السفر، إلا أنها تلزم أيضاً بتوضيح أسبابه وإعلام صاحب الشأن، ولكن ما يحصل هو عكس ذلك، فلا أسباب واضحة للمنع من السفر، ولا يعلم صاحب الشأن بالأمر سوى أثناء وجوده في المطار.

تعقب العاملين في منظمات حقوقية

رصدت “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” الحقوقية قيام السلطات المصرية بمنع مسؤولين في المنظمات الحقوقية المستقلة من السفر من دون  ذكر أسباب أو تسليم الممنوعين من السفر أي قرارات رسمية تفيد بمنعهم من السفر.

الباحث وليد سالم، يعيش سيناريو منع السفر نفسه كما سنطاوي وعبد الرحمن، إذ مُنع من السفر مرتين الى الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال دراسته في واشنطن، وتقدمت مؤسسة حرية الفكر والتعبير بتظلم على قرار النائب العام بإدراج سالم على قوائم الممنوعين من السفر إلى محكمة الاستئناف، وجاء الرد من رئيس قلم المحكمة بإرسال التظلم إلى النائب العام لاستيفاء المعلومات، وهو الرد الوحيد الذي تلقته وحدة المساعدة القانونية في المؤسسة على مدار 10 أشهر، قبل أن يتم إبلاغ محامي المؤسسة الشهر الماضي بتقديم تظلم جديد وانتظار تحديد جلسة للنظر فيه. وسبق أن تقدمت المؤسسة بتظلم إلى مكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام، وحمل رقم 35309 لسنة 2021 في شهر آب/ أغسطس 2021، قبل أن يتم حفظه.

أُلقي القبض على سالم في أيار 2018، وسُجن بتهم مشابهة للتهم التي وُجهت إلى سنطاوي وعبد الرحمن، حتى صدر قرار بإخلاء سبيله في كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، ومنذ ذلك التاريخ لم يتمكن من السفر لاستكمال دراسته في الخارج. وكانت المرة الأولى في أيار 2020، إذ مُنع من السفر، وحين توجه محاموه للاستفسار عن إدراجه في قوائم الممنوعين من السفر، لم يجدوا اسمه، لتأتي المرة الثانية في أيار 2021، ويُمنع من السفر مجدداً، وحينها أخبرته سلطات المطار بأن هناك قراراً صادراً قبل موعد سفره بـ24 ساعة من النائب العام، يفيد بإدراجه في قوائم الممنوعين من السفر.

بعد عودته الى المنزل، لم يستطع سالم فتح حقائبه التي رتّبها بعناية، وراح ينظر إليها من دون أن يسمع سوى صوت الختم العالي وهو ينقر على جواز سفره ومنعه من السفر، فكما قال سنطاوي: “كان ينبغي في مثل هذه الأيام أن أكون مشغولاً بإنهاء رسالة الماجستير، وبالاحتفال بالتخرج الذي طال انتظاره، لكنني بدلاً من ذلك أمضي وقتي في غرفتي غاضباً مكتئباً”، ومثله يحاول رضا عبد الرحمن التعافي من آثار تجربة السجن التي لا تفارقه، والتي تترك ندوبها في كل تحركاته اليومية، وتمنعه من التحليق.