fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

من تونس إلى فنزويلا: الصحافة الاستقصائية تذليل للحدود

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أن تكوني صحافية تونسية وأن تعملي في الصحافة الاستقصائية فهذا أمر جدّ مثير بالنسبة إلى أبناء مهنتك من دول الشمال، لكن أن تهدى لك فرصة حضور ملتقى مهم للصحافة الاستقصائية فهنا تكمن الإثارة بحد ذاتها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]


كيف تستطيعين ممارسة الصحافة الاستقصائية وأنت تعيشين في بيئة غير آمنة نسبياً؟ هل فعلاً استطعتِ كشف حقائق مهمة في ظل التعتيم الذي تمارسه حكومات بلادك المتعاقبة؟ على رغم مكاسب الثورة التونسية في حرية الرأي والصحافة هل فعلاً بعد 9 سنوات من اندلاعها باتت الصحافة الاستقصائية مؤثرة ومهابة في تونس من السلطة والفاعلين فيها؟

هذه الأسئلة وأكثر طرحتها عليّ طالبة أسترالية في كلية الإعلام خلال فعاليات المؤتمر العالمي للصحافة الاستقصائية في نسخته الحادية عشرة، خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.

كانت لي معها جلسة مطولة وتبادل خبرات في جامعة هافن سيتي في مدينة هامبورغ الألمانية، حيث اختارت الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية انعقاد ورشات ومحاضرات هذا الملتقى الضخم الذي يلتئم مرة كل سنتين. حيث انعقد هذه المرة من 26 إلى 29 أيلول 2019، تحت إشراف وتنظيم كل من الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية ومنظمة Netzwerk Recherche الألمانية وInterlink Academy.

ملتقى “الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية”

ضم هذا الملتقى الصحافي الاستقصائي الكوني، أكثر من 1700 صحافي ومحرر وخبير ومدرب في الصحافة الاستقصائية من مختلف أنحاء العالم. قدموا بخبراتهم وتحقيقاتهم وجوائزهم وحتى أسئلتهم وعطشهم لمعرفة جديدة لا تتاح لهم الفرصة كل يوم لإشباعها. 

أن تكوني صحافية تونسية وأن تعملي في الصحافة الاستقصائية فهذا أمر جدّ مثير بالنسبة إلى أبناء مهنتك من دول الشمال، لكن أن تهدى لك فرصة حضور ملتقى مهم للصحافة الاستقصائية فهنا تكمن الإثارة بحد ذاتها. 

الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية وفرت منح حضور مدفوعة تكاليف الطيران والإقامة لصحافيي بلدان في طور النمو أو الانتقال الديموقراطي. وكنتُ من بين الذين اختارهم المنظمون لحضور الملتقى بعد الاطلاع على مجموعة من التحقيقات التي أنتجتها مع منصة “درج” اللبنانية، وبعض الأعمال الأخرى مع وسائل إعلام تونسية وعربية.

الداتا المفتوحة وتقنيات التقصي عبر الانترنت وصحافة البيانات كانت من بين أهم محاور 150 ورشة انعقدت خلال المؤتمر بين قاعات محاضرات جامعة هافن سيتي ورواق مجلة “دير شبيغل” العريقة. ناهيك بحضور قضايا المناخ ومشكلات الصحة والبيئة.

قضايا حقوق الإنسان والأقليات ومجتمع الميم كانت على طاولة النقاشات في المؤتمر، علاوة على تتبع المال الفاسد وتقنيات التقصي حول الفساد والتهرب الضريبي.

واستطاع منظمو المؤتمر جمع أهم خبراء الأمن الرقمي في العالم واستفاد الصحافيون من ورشات الحماية الإلكترونية لمصادر معلوماتهم وأجهزتهم.
بالنسبة إلي كصحافية تونسية، كان مؤتمر الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية GIJC19 نافذة ذهبية على عالم نظرائي من الصحافيين في العالم. استمعت إلى مشاغلهم واطلعت على القصص التي أنتجوها في ظروف ربما تبدو أصعب بكثير، من التعتيم حول المعلومات أو الحكومات المتعنتة في مواجهة جرائمها.

ضم هذا الملتقى الصحافي الاستقصائي الكوني، أكثر من 1700 صحافي ومحرر وخبير ومدرب في الصحافة الاستقصائية من مختلف أنحاء العالم.

ولعل أكثر ما شد انتباهي خلال الملتقى، الجلسة الخاصة بسرد قصص الإتجار بالأشخاص وتنامي ظاهرة “العبودية” الجديدة في الكويت وأفريقيا والهند. قصص ألهمتني للانتباه إلى مشاهد كثيرة تحيط بي في تونس. ولربما دعمها تقرير الهيئة الوطنية التونسية لمكافحة الاتجار بالأشخاص الأخير، والذي أطلق صيحة فزع حول تزايد معدلات الاستغلال الجسدي والجنسي للأطفال والنساء في تونس. 

محاربة الأخبار الزائفة هي أيضاً احتلت حيزاً مهماً من ورشات المؤتمر ونقاشاته. خبراء من “بي بي سي” أكاديمية “دوتشي فيلليه” الألمانية وشبكة “سي أن أن” الأميركية، وغيرهم قدموا خبراتهم العملية للحاضرين والطراق الأنجع للتحقق من المعلومة الزائفة واستغلال منصات التواصل الاجتماعي في ترويج الدقة وليس العكس.

ولعل تدعيم مهارات الصحافيين واستغلالهم المفيد لمنصات التواصل الاجتماعي، كان على رأس أولويات منظمي النسخة الحادية عشرة من المؤتمر، إذ حرصوا على تنظيم الجلسات والورشات للتعريف بأحدث الأدوات المتاحة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم قصص صحافية مثيرة وغنية بالمعلومات. كذلك حثهم على استغلالها كقنوات للنشر والتواصل مع الجمهور.

الداتا المفتوحة وتقنيات التقصي عبر الانترنت وصحافة البيانات كانت من بين أهم محاور 150 ورشة انعقدت خلال المؤتمر.

كنا كصحافيين استقصائيين عرب موجودين في هامبورغ بفضل تشبيك محمود من الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية وشبكة “أريج” الأردنية. ولربما يزداد عددنا يوماً بعد يوم لكن مؤتمر هامبورغ كان فرصة لطرح مشكلاتنا ومشاغلنا، لا سيما بالنسبة إلى الصحافيين غير المنتمين لمؤسسات إعلامية كبرى ويواجهون مشكلات كبرى في تمويل قصصهم وتنفيذ أفكارهم، والساعين إلى موارد مالية شفافة خالية من التوجيه والتوظيف. 

هذا المؤتمر الضخم اختتم مثل كل دورة بحفل تقديم جائزة “الضوء الساطع” التي تمنح لأفضل تحقيق استقصائي نشر خلال العامين الماضيين في البلدان النامية، تلك التي تشكو من ارتفاع معدلات الفساد والتهديد الأمني للصحافيين.

وقد خلصت القائمة القصيرة لهذه النسخة من المؤتمر إلى 12 تحقيقاً استقصائياً من بلدان مختلفة على غرار الهند ومصر والسودان وآذربيجان والمكسيك وفنزويلا، لتتوج قصصاً عن الفساد في أميركا اللاتينية أعدها موقع  IDL-Reporteros، وأخرى حول القتل خارج نطاق القانون في الفلبين من إنتاج Rappler، وطغيان الدولة وفسادها في جنوب أفريقيا.
تقول الشبكة في موقعها الرسمي إن هذا الملتقى جمع منذ 2001 أكثر من 7000 صحافي من مختلف أنحاء العالم. لذلك هذا الملتقى عليه أن يستمر ويجد الدعم المستمر لأنه متنفس كبير لاستقصائيي العالم.

03.02.2020
زمن القراءة: 4 minutes

أن تكوني صحافية تونسية وأن تعملي في الصحافة الاستقصائية فهذا أمر جدّ مثير بالنسبة إلى أبناء مهنتك من دول الشمال، لكن أن تهدى لك فرصة حضور ملتقى مهم للصحافة الاستقصائية فهنا تكمن الإثارة بحد ذاتها.


كيف تستطيعين ممارسة الصحافة الاستقصائية وأنت تعيشين في بيئة غير آمنة نسبياً؟ هل فعلاً استطعتِ كشف حقائق مهمة في ظل التعتيم الذي تمارسه حكومات بلادك المتعاقبة؟ على رغم مكاسب الثورة التونسية في حرية الرأي والصحافة هل فعلاً بعد 9 سنوات من اندلاعها باتت الصحافة الاستقصائية مؤثرة ومهابة في تونس من السلطة والفاعلين فيها؟

هذه الأسئلة وأكثر طرحتها عليّ طالبة أسترالية في كلية الإعلام خلال فعاليات المؤتمر العالمي للصحافة الاستقصائية في نسخته الحادية عشرة، خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.

كانت لي معها جلسة مطولة وتبادل خبرات في جامعة هافن سيتي في مدينة هامبورغ الألمانية، حيث اختارت الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية انعقاد ورشات ومحاضرات هذا الملتقى الضخم الذي يلتئم مرة كل سنتين. حيث انعقد هذه المرة من 26 إلى 29 أيلول 2019، تحت إشراف وتنظيم كل من الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية ومنظمة Netzwerk Recherche الألمانية وInterlink Academy.

ملتقى “الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية”

ضم هذا الملتقى الصحافي الاستقصائي الكوني، أكثر من 1700 صحافي ومحرر وخبير ومدرب في الصحافة الاستقصائية من مختلف أنحاء العالم. قدموا بخبراتهم وتحقيقاتهم وجوائزهم وحتى أسئلتهم وعطشهم لمعرفة جديدة لا تتاح لهم الفرصة كل يوم لإشباعها. 

أن تكوني صحافية تونسية وأن تعملي في الصحافة الاستقصائية فهذا أمر جدّ مثير بالنسبة إلى أبناء مهنتك من دول الشمال، لكن أن تهدى لك فرصة حضور ملتقى مهم للصحافة الاستقصائية فهنا تكمن الإثارة بحد ذاتها. 

الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية وفرت منح حضور مدفوعة تكاليف الطيران والإقامة لصحافيي بلدان في طور النمو أو الانتقال الديموقراطي. وكنتُ من بين الذين اختارهم المنظمون لحضور الملتقى بعد الاطلاع على مجموعة من التحقيقات التي أنتجتها مع منصة “درج” اللبنانية، وبعض الأعمال الأخرى مع وسائل إعلام تونسية وعربية.

الداتا المفتوحة وتقنيات التقصي عبر الانترنت وصحافة البيانات كانت من بين أهم محاور 150 ورشة انعقدت خلال المؤتمر بين قاعات محاضرات جامعة هافن سيتي ورواق مجلة “دير شبيغل” العريقة. ناهيك بحضور قضايا المناخ ومشكلات الصحة والبيئة.

قضايا حقوق الإنسان والأقليات ومجتمع الميم كانت على طاولة النقاشات في المؤتمر، علاوة على تتبع المال الفاسد وتقنيات التقصي حول الفساد والتهرب الضريبي.

واستطاع منظمو المؤتمر جمع أهم خبراء الأمن الرقمي في العالم واستفاد الصحافيون من ورشات الحماية الإلكترونية لمصادر معلوماتهم وأجهزتهم.
بالنسبة إلي كصحافية تونسية، كان مؤتمر الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية GIJC19 نافذة ذهبية على عالم نظرائي من الصحافيين في العالم. استمعت إلى مشاغلهم واطلعت على القصص التي أنتجوها في ظروف ربما تبدو أصعب بكثير، من التعتيم حول المعلومات أو الحكومات المتعنتة في مواجهة جرائمها.

ضم هذا الملتقى الصحافي الاستقصائي الكوني، أكثر من 1700 صحافي ومحرر وخبير ومدرب في الصحافة الاستقصائية من مختلف أنحاء العالم.

ولعل أكثر ما شد انتباهي خلال الملتقى، الجلسة الخاصة بسرد قصص الإتجار بالأشخاص وتنامي ظاهرة “العبودية” الجديدة في الكويت وأفريقيا والهند. قصص ألهمتني للانتباه إلى مشاهد كثيرة تحيط بي في تونس. ولربما دعمها تقرير الهيئة الوطنية التونسية لمكافحة الاتجار بالأشخاص الأخير، والذي أطلق صيحة فزع حول تزايد معدلات الاستغلال الجسدي والجنسي للأطفال والنساء في تونس. 

محاربة الأخبار الزائفة هي أيضاً احتلت حيزاً مهماً من ورشات المؤتمر ونقاشاته. خبراء من “بي بي سي” أكاديمية “دوتشي فيلليه” الألمانية وشبكة “سي أن أن” الأميركية، وغيرهم قدموا خبراتهم العملية للحاضرين والطراق الأنجع للتحقق من المعلومة الزائفة واستغلال منصات التواصل الاجتماعي في ترويج الدقة وليس العكس.

ولعل تدعيم مهارات الصحافيين واستغلالهم المفيد لمنصات التواصل الاجتماعي، كان على رأس أولويات منظمي النسخة الحادية عشرة من المؤتمر، إذ حرصوا على تنظيم الجلسات والورشات للتعريف بأحدث الأدوات المتاحة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم قصص صحافية مثيرة وغنية بالمعلومات. كذلك حثهم على استغلالها كقنوات للنشر والتواصل مع الجمهور.

الداتا المفتوحة وتقنيات التقصي عبر الانترنت وصحافة البيانات كانت من بين أهم محاور 150 ورشة انعقدت خلال المؤتمر.

كنا كصحافيين استقصائيين عرب موجودين في هامبورغ بفضل تشبيك محمود من الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية وشبكة “أريج” الأردنية. ولربما يزداد عددنا يوماً بعد يوم لكن مؤتمر هامبورغ كان فرصة لطرح مشكلاتنا ومشاغلنا، لا سيما بالنسبة إلى الصحافيين غير المنتمين لمؤسسات إعلامية كبرى ويواجهون مشكلات كبرى في تمويل قصصهم وتنفيذ أفكارهم، والساعين إلى موارد مالية شفافة خالية من التوجيه والتوظيف. 

هذا المؤتمر الضخم اختتم مثل كل دورة بحفل تقديم جائزة “الضوء الساطع” التي تمنح لأفضل تحقيق استقصائي نشر خلال العامين الماضيين في البلدان النامية، تلك التي تشكو من ارتفاع معدلات الفساد والتهديد الأمني للصحافيين.

وقد خلصت القائمة القصيرة لهذه النسخة من المؤتمر إلى 12 تحقيقاً استقصائياً من بلدان مختلفة على غرار الهند ومصر والسودان وآذربيجان والمكسيك وفنزويلا، لتتوج قصصاً عن الفساد في أميركا اللاتينية أعدها موقع  IDL-Reporteros، وأخرى حول القتل خارج نطاق القانون في الفلبين من إنتاج Rappler، وطغيان الدولة وفسادها في جنوب أفريقيا.
تقول الشبكة في موقعها الرسمي إن هذا الملتقى جمع منذ 2001 أكثر من 7000 صحافي من مختلف أنحاء العالم. لذلك هذا الملتقى عليه أن يستمر ويجد الدعم المستمر لأنه متنفس كبير لاستقصائيي العالم.

03.02.2020
زمن القراءة: 4 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية