fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“مهرجان سيت الشعري”: حضور عربي خجول وعراقيل متنوعة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على خلاف الأعوام الأخيرة التي شهدت مشاركة أوسع لأصوات شعرية من بلدان عربية، فإن الشعر العربي في هذه الدورة بدا “شبه غائب”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا يمكن أن يحط زائر مدينة سيت الفرنسية قدميه في أزقتها، من دون أن تلفت نظره المعلقات الشعرية المنثورة على جدرانها وشرفاتها باللغة الفرنسية. هنا يستوقف الشعر المارة والسائرين ببطء، قبل أن تتحول الأنظار الى البحر، حيث الزوارق والصيادون الذين ألهموا الشاعر الفرنسي بول فاليري (1871 – 1945) لكتابة قصائده الباهية.

ولأن المدينة الساحرة، تقع على البحر الأبيض المتوسط، فلا بد من أن يكون الشعراء الذين أتوا إليها للمشاركة في مهرجانها العالمي للشعر، من أكثر من 34 دولة، متخففين من ثقل مدنهم. يتمشون فيها حاملين قصائدهم بين زواريب ضيقة وساحات تختلط فيها اللغات واللهجات، وبالطبع فإن للغة العربية حصتها أيضاً، فهي تشارك في المهرجان الشعري العالمي “أصوات حية”، منذ 22 عاماً، تاريخ انطلاقته.

ويعد حضور بعض المنظمين العرب في المهرجان، مساعداً على جعل البوصلة الشعرية تتجه نحو شعراء شباب ما بعد الربيع العربي أو أصوات آتية من أتون الحرب والمنفى والشتات. ومن المنظمين العرب، المصرية كاترين فارحي والمترجم اللبناني انطوان جوكي والفلسطيني غسان زقطان، إضافة الى الشاعرة المغربية الفرنكوفونية سافو واللبنانية فينوس خوري غاتا.

مشكلات وعراقيل مالية 

وعلى خلاف الأعوام الأخيرة التي شهدت مشاركة أوسع لأصوات شعرية من بلدان عربية، فإن الشعر العربي في هذه الدورة بدا  “شبه غائب”، ولأسباب إدارية ومالية. وعلم “درج” من أحد منظمي المهرجان أن الميزانية لم تسمح باستقطاب شعراء عرب لعدم القدرة على تغطية تكاليف السفر والإقامة، ولسبب آخر يتعلق بعدم حيازة بعضهم، على رغم دعوتهم من فعالية المهرجان على تأشيرات من سفارات فرنسية في بلدانهم، كما حصل مع الشاعر المصري هشام الصباحي ومع شاعرة إيرانية تكتب بالعربية مريم حيدري، كما تعذر حضور البعض كالشاعر اللبناني محمود وهبه، على رغم ورود اسمه في الكاتولوغ الخاص بالمهرجان.

ويضيف المصدر أنه تم استقطاب شعراء عرب يقيمون في فرنسا كالشاعرة السورية ميس الريم كرفول والشاعرة والمترجمة الجزائرية سعاد لبيز، اللتين تقيمان في مدينة تولوز في جنوب فرنسا، والتي تبعد ساعتين بالقطار من سيت المتوسطية، والشاعر المغربي محمد العمراني الذي يقيم في باريس. ويؤكد مصدر آخر مقرب من إدارة المهرجان لـ”درج” أن شاعراً عراقياً دفع من جيبه الخاص تكاليف السفر (110 دولارات)، مشيراً الى أن  “هذه بعض مشكلات المهرجان في السنوات الأخيرة، وهذا العام تحديداً بعد تقليص الميزانية”.

 

العرب لهم حضورهم في الشعر العالمي، إما تنظيماً او مشاركة، وهو ما لا يمكن إنكاره على هذا المهرجان الذي يحتفي باللغة العربية وبشعراء عرب يكتبون بالفرنسية تكريماً للذاكرة العربية المعروفة باشتغالها الدؤوب على القصيدة

 

الاهتمام الغربي بالقصيدة العربية 

وعلى رغم مشاركة أصوات معروفة وشابة من العرب هذا العام، فإن غياب الشاعر اللبناني صلاح ستيتية، لأسباب صحية عن المهرجان، أنقص فعلياً حجم المشاركة العربية لشعراء يكتبون بالفرنسية. فالشاعر يعدّ واحداً من الأصوات الفرنكفونية العالمية وهو شاعر بارز في فرنسا وهو الرئيس الفخري للمهرجان. لكن أتت مشاركة فينوس خوري غاتا، الشاعرة اللبنانية الفرانكفونية لتجعل هذه المشاركة موازنة نظراً إلى مكانتها الشعرية وحضورها في المهرجان كواحدة من الأسماء المنظمة له. لذا فإن العرب لهم حضورهم في الشعر العالمي، إما تنظيماً او مشاركة، وهو ما لا يمكن إنكاره على هذا المهرجان الذي يحتفي باللغة العربية وبشعراء عرب يكتبون بالفرنسية تكريماً للذاكرة العربية المعروفة باشتغالها الدؤوب على القصيدة، وتطور هذه القصيدة اليوم مع تغير الأنماط الشعرية وقدرة القصيدة العربية الشابة على الوصول إلى قارئ غربي، ومن خلال الاهتمام بترجمتها. ففي فرنسا تنقل كل عام أعمال شعرية عربية إلى اللغة الفرنسية، إما بإصدارات منفردة أو ضمن انطولوجيات تضم قصائد مختلفة.

الحرب والخسارات 

وفي الباحة الخارجية لكنيسة “الشارع العلوي”، وهو الحي الذي هاجرت اليه عائلات ايطالية مع بداية عام 1860 ويعد أقدم أحياء المدينة المتوسطية، توزعت الكراسي في الهواء الطلق للاستماع إلى شعر العراقي حيدر الحيفاني. ركز حيدر في قصائده على الموت والنجاة والخسارات، وهي ثيمة تعد الأكثر حضوراً في الشعر العربي المستقطب إلى المهرجان في الأعوام الأخيرة. خصوصاً أن إدارة المهرجان تحاول الإضاءة على المأساة التي يعيشها الفرد العربي، ما بعد الحروب وصعود الاستبداد والقمع والقتل اليومي، كثيمات شعرية تعرف المستمع الغربي إلى ما يحصل في عالمنا العربي.

 ولفتت قصائد الحيفاني المستمعين إليه متأثرين بحكاياته الشخصية عن الخسارات التي يعيشها العراقيون يومياً. الحديث عن الجثة والغرق والدم، جعل العيون متفحصة، وهم يحاولون عبر القصيدة لا نشرات الأخبار اكتشاف خساراتنا والموت المعلن في حيواتنا. وحتى قصائد السورية ميس الريم كرفول، جاءت عن خساراتها ومنفاها ومشاعرها المتناقضة هي الآتية من جحيم سوريا الى منفاها الفرنسي مرغمة. حتى لو كانت القصائد شخصية للغاية، فهي تحمل بطبيعة الحال نتوء الحرب وجراحها التي لم تندمل بعد.

ملتقى الشعراء 

تقول لبيز لـ”درج” إن “المهرجان ملتقى مهم للشعراء، ويعد واحداً من أبرز المهرجانات التي تجعل الشعراء يتعرفون الى بعضهم بعضاً، إضافة الى اكتشافهم من قبل دور نشر تشارك كل عام في الاحتفالية أو من خلال منظمين لمهرجانات شعرية عالمية يأتون كمستمعين ومراقبين”.

تردف: “هنا نتعرف إلى بعضنا بعضاً ونلتقي بأصوات مختلفة ليس لدينا القدرة على معرفتها لولا هذا المهرجان العالمي”، مضيفةً: “الشعر العربي ناقص هذا العام مقارنة بالسنوات الأخيرة التي شهدت وجوداً عربياً كثيفاً”.

وتؤكد لبيز التي نشرت انطولوجيا للشعر العربي، أعدتها وترجمتها الى الفرنسية وضمت قصائد لـ95 شاعراً وشاعرة (64 منهم شاعرات) أن وجودها في هذا المهرجان عرفها الى شاعرة إسرائيلية مناضلة ضد الاحتلال وهي الشاعرة تال نيتزان. وتشير الى أن هذا مهم للغاية، “أن تلتقي كعربي تهتم بالقضية الفلسطينية شاعرة نسوية مهمة في تل أبيب تنتقد الاحتلال وتهاجمه”. وتابعت: “أعتقد أن من أفضل ما حصل لي في مشاركتي هذا العام أنني اكتشفت هذه الصديقة التي أعتبرها قريبة من أفكاري بما يخص الصراع العربي – الاسرائيلي، وكذلك نتشابه في المعاناة الشخصية وهموم القصيدة الحديثة”. وتؤكد لبيز أن هذا اللقاء ربما سيفتح لاحقاً قنوات ثقافية للتقارب العربي – الإسرائيلي عبر أصوات تناضل ضد القتل والقمع والاحتلال وتناهض سياسة الكراهية. 

في هذا السياق، يوضح المصدر ذاته أن إدارة المهرجان تسعى إلى العمل على إيجاد منصات مشتركة بين الشعراء العرب والإسرائيليين، ليكون الشعر واحداً من رسائل السلام بين الشعوب.

أدونيس في أحضان سفير نظام الأسد

09.08.2019
زمن القراءة: 5 minutes

على خلاف الأعوام الأخيرة التي شهدت مشاركة أوسع لأصوات شعرية من بلدان عربية، فإن الشعر العربي في هذه الدورة بدا “شبه غائب”

لا يمكن أن يحط زائر مدينة سيت الفرنسية قدميه في أزقتها، من دون أن تلفت نظره المعلقات الشعرية المنثورة على جدرانها وشرفاتها باللغة الفرنسية. هنا يستوقف الشعر المارة والسائرين ببطء، قبل أن تتحول الأنظار الى البحر، حيث الزوارق والصيادون الذين ألهموا الشاعر الفرنسي بول فاليري (1871 – 1945) لكتابة قصائده الباهية.

ولأن المدينة الساحرة، تقع على البحر الأبيض المتوسط، فلا بد من أن يكون الشعراء الذين أتوا إليها للمشاركة في مهرجانها العالمي للشعر، من أكثر من 34 دولة، متخففين من ثقل مدنهم. يتمشون فيها حاملين قصائدهم بين زواريب ضيقة وساحات تختلط فيها اللغات واللهجات، وبالطبع فإن للغة العربية حصتها أيضاً، فهي تشارك في المهرجان الشعري العالمي “أصوات حية”، منذ 22 عاماً، تاريخ انطلاقته.

ويعد حضور بعض المنظمين العرب في المهرجان، مساعداً على جعل البوصلة الشعرية تتجه نحو شعراء شباب ما بعد الربيع العربي أو أصوات آتية من أتون الحرب والمنفى والشتات. ومن المنظمين العرب، المصرية كاترين فارحي والمترجم اللبناني انطوان جوكي والفلسطيني غسان زقطان، إضافة الى الشاعرة المغربية الفرنكوفونية سافو واللبنانية فينوس خوري غاتا.

مشكلات وعراقيل مالية 

وعلى خلاف الأعوام الأخيرة التي شهدت مشاركة أوسع لأصوات شعرية من بلدان عربية، فإن الشعر العربي في هذه الدورة بدا  “شبه غائب”، ولأسباب إدارية ومالية. وعلم “درج” من أحد منظمي المهرجان أن الميزانية لم تسمح باستقطاب شعراء عرب لعدم القدرة على تغطية تكاليف السفر والإقامة، ولسبب آخر يتعلق بعدم حيازة بعضهم، على رغم دعوتهم من فعالية المهرجان على تأشيرات من سفارات فرنسية في بلدانهم، كما حصل مع الشاعر المصري هشام الصباحي ومع شاعرة إيرانية تكتب بالعربية مريم حيدري، كما تعذر حضور البعض كالشاعر اللبناني محمود وهبه، على رغم ورود اسمه في الكاتولوغ الخاص بالمهرجان.

ويضيف المصدر أنه تم استقطاب شعراء عرب يقيمون في فرنسا كالشاعرة السورية ميس الريم كرفول والشاعرة والمترجمة الجزائرية سعاد لبيز، اللتين تقيمان في مدينة تولوز في جنوب فرنسا، والتي تبعد ساعتين بالقطار من سيت المتوسطية، والشاعر المغربي محمد العمراني الذي يقيم في باريس. ويؤكد مصدر آخر مقرب من إدارة المهرجان لـ”درج” أن شاعراً عراقياً دفع من جيبه الخاص تكاليف السفر (110 دولارات)، مشيراً الى أن  “هذه بعض مشكلات المهرجان في السنوات الأخيرة، وهذا العام تحديداً بعد تقليص الميزانية”.

 

العرب لهم حضورهم في الشعر العالمي، إما تنظيماً او مشاركة، وهو ما لا يمكن إنكاره على هذا المهرجان الذي يحتفي باللغة العربية وبشعراء عرب يكتبون بالفرنسية تكريماً للذاكرة العربية المعروفة باشتغالها الدؤوب على القصيدة

 

الاهتمام الغربي بالقصيدة العربية 

وعلى رغم مشاركة أصوات معروفة وشابة من العرب هذا العام، فإن غياب الشاعر اللبناني صلاح ستيتية، لأسباب صحية عن المهرجان، أنقص فعلياً حجم المشاركة العربية لشعراء يكتبون بالفرنسية. فالشاعر يعدّ واحداً من الأصوات الفرنكفونية العالمية وهو شاعر بارز في فرنسا وهو الرئيس الفخري للمهرجان. لكن أتت مشاركة فينوس خوري غاتا، الشاعرة اللبنانية الفرانكفونية لتجعل هذه المشاركة موازنة نظراً إلى مكانتها الشعرية وحضورها في المهرجان كواحدة من الأسماء المنظمة له. لذا فإن العرب لهم حضورهم في الشعر العالمي، إما تنظيماً او مشاركة، وهو ما لا يمكن إنكاره على هذا المهرجان الذي يحتفي باللغة العربية وبشعراء عرب يكتبون بالفرنسية تكريماً للذاكرة العربية المعروفة باشتغالها الدؤوب على القصيدة، وتطور هذه القصيدة اليوم مع تغير الأنماط الشعرية وقدرة القصيدة العربية الشابة على الوصول إلى قارئ غربي، ومن خلال الاهتمام بترجمتها. ففي فرنسا تنقل كل عام أعمال شعرية عربية إلى اللغة الفرنسية، إما بإصدارات منفردة أو ضمن انطولوجيات تضم قصائد مختلفة.

الحرب والخسارات 

وفي الباحة الخارجية لكنيسة “الشارع العلوي”، وهو الحي الذي هاجرت اليه عائلات ايطالية مع بداية عام 1860 ويعد أقدم أحياء المدينة المتوسطية، توزعت الكراسي في الهواء الطلق للاستماع إلى شعر العراقي حيدر الحيفاني. ركز حيدر في قصائده على الموت والنجاة والخسارات، وهي ثيمة تعد الأكثر حضوراً في الشعر العربي المستقطب إلى المهرجان في الأعوام الأخيرة. خصوصاً أن إدارة المهرجان تحاول الإضاءة على المأساة التي يعيشها الفرد العربي، ما بعد الحروب وصعود الاستبداد والقمع والقتل اليومي، كثيمات شعرية تعرف المستمع الغربي إلى ما يحصل في عالمنا العربي.

 ولفتت قصائد الحيفاني المستمعين إليه متأثرين بحكاياته الشخصية عن الخسارات التي يعيشها العراقيون يومياً. الحديث عن الجثة والغرق والدم، جعل العيون متفحصة، وهم يحاولون عبر القصيدة لا نشرات الأخبار اكتشاف خساراتنا والموت المعلن في حيواتنا. وحتى قصائد السورية ميس الريم كرفول، جاءت عن خساراتها ومنفاها ومشاعرها المتناقضة هي الآتية من جحيم سوريا الى منفاها الفرنسي مرغمة. حتى لو كانت القصائد شخصية للغاية، فهي تحمل بطبيعة الحال نتوء الحرب وجراحها التي لم تندمل بعد.

ملتقى الشعراء 

تقول لبيز لـ”درج” إن “المهرجان ملتقى مهم للشعراء، ويعد واحداً من أبرز المهرجانات التي تجعل الشعراء يتعرفون الى بعضهم بعضاً، إضافة الى اكتشافهم من قبل دور نشر تشارك كل عام في الاحتفالية أو من خلال منظمين لمهرجانات شعرية عالمية يأتون كمستمعين ومراقبين”.

تردف: “هنا نتعرف إلى بعضنا بعضاً ونلتقي بأصوات مختلفة ليس لدينا القدرة على معرفتها لولا هذا المهرجان العالمي”، مضيفةً: “الشعر العربي ناقص هذا العام مقارنة بالسنوات الأخيرة التي شهدت وجوداً عربياً كثيفاً”.

وتؤكد لبيز التي نشرت انطولوجيا للشعر العربي، أعدتها وترجمتها الى الفرنسية وضمت قصائد لـ95 شاعراً وشاعرة (64 منهم شاعرات) أن وجودها في هذا المهرجان عرفها الى شاعرة إسرائيلية مناضلة ضد الاحتلال وهي الشاعرة تال نيتزان. وتشير الى أن هذا مهم للغاية، “أن تلتقي كعربي تهتم بالقضية الفلسطينية شاعرة نسوية مهمة في تل أبيب تنتقد الاحتلال وتهاجمه”. وتابعت: “أعتقد أن من أفضل ما حصل لي في مشاركتي هذا العام أنني اكتشفت هذه الصديقة التي أعتبرها قريبة من أفكاري بما يخص الصراع العربي – الاسرائيلي، وكذلك نتشابه في المعاناة الشخصية وهموم القصيدة الحديثة”. وتؤكد لبيز أن هذا اللقاء ربما سيفتح لاحقاً قنوات ثقافية للتقارب العربي – الإسرائيلي عبر أصوات تناضل ضد القتل والقمع والاحتلال وتناهض سياسة الكراهية. 

في هذا السياق، يوضح المصدر ذاته أن إدارة المهرجان تسعى إلى العمل على إيجاد منصات مشتركة بين الشعراء العرب والإسرائيليين، ليكون الشعر واحداً من رسائل السلام بين الشعوب.

أدونيس في أحضان سفير نظام الأسد