fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

نظام الأسد حين يمتدح دروز الجولان لإسكات دروز السويداء

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إن كان يصعب التقدير ما إذا كانت حكومة نتنياهو ستستجيب لمهلة قادة الطائفة، خصوصاً بعد الأنباء التي تحدثت عن أن وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير، هو من يقف وراء المشروع، فإن الأكيد أن ما حصل، في الجولان، هو جزء من السلوكيات التمييزية للحكومة اليمينية الحالية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خصص “مجلس الشعب” السوري، جزءاً من جلسته الأخيرة، لتحية أهالي الجولان بعدما اشتبكوا مع جنود إسرائيليين رفضاً لبناء توربينات (مراوح الهواء) في قراهم، ستعيق، بحسب قولهم، زراعة الأرض وستشكل خطراً بيئياً. وتسابق “نواب” النظام، مستعيرين كلمات من أدبيات البعث الخشبية، لتوجيه التحية لـ”صمود”، و”نضال المقاومين” في الهضبة المحتلة منذ حزيران/ يونيو 1967.

 ولم يقطع استرسال الخطب المتشابهة التي كان يبثها التلفزيون الرسمي، سوى مداخلة مراسل الجولان. الأخير سارع فور تصدره الشاشة إلى الربط بين نضال أهالي الجولان و”الحرب الكونية” على سوريا، باعتبار ما تفعله إسرائيل في قرى الهضبة، امتداداً لـ”المؤامرة” التي بدأت في آذار/ مارس 2011، تبعاً للمراسل، الذي افتقد كلامه لأي معلومات وتفاصيل حول الاشتباكات والتوترات في قرى الهضبة، واقتصر على التشديد على “الصمود” و”المقاومة”.

وبعدها، ارتفعت جرعة الخطابية عند إجراء المراسل مقابلة قصيرة مع عميد الأسرى السوريين في سجون إسرائيل، صدقي المقت. إذ ذهب الأخير باتجاه المزايدة على ما سماه “القيادة الوطنية”، معتبراً أن بيانات الشجب لا تكفي، ولابد من فعل يرد الاحتلال. وبمزايدة العميد هذه، استُكملت استراتيجية نظام الأسد في التعامل مع أحداث الجولان، فإذا أضيف كلام المقت، إلى تخوين المراسل لثورة السوريين ضد النظام، وحفلة الخطب المعلبة في “البرلمان”، تبدى بوضوح أن النظام يريد سكان الجولان الذين ينتمون إلى الطائفة الدرزية، كوعاء لإيديولوجيته الكلاسيكية، ومادة خطب، وأداة لتخوين ثورة 2011، وليس كاجتماع درزي يتعرض لانتهاكات وتمييز.

فإعلام النظام، تجاهل عمداً التركيز على سبب الغضب الدرزي في الجولان، أي وضع توربينات (مراوح الهواء) في القرى وانعكاسها السلبي على الزراعة.  فسبب من هذا النوع، لا يستقيم مع الإيديولوجية الوظيفية التي يراد إدراج السكان ضمنها، والاستثمار فيها سياسياً لتشنيع صورة ثورة 2011، وإعادة الاعتبار لدور النظام المقاوم والممانع ضد إسرائيل. وإن كان لا بد من ذكر السبب في بعض الأحاديث الأسدية، فالأفضل تجاوز ضرر التوربينات على الزراعة، ورفع الموضوع إلى سوية القضايا الكبرى، بحيث يصبح النضال من أجل الأرض والتمسك بها هو الأساس. ودروز الجولان فعلا يتمسكون بأرضهم، لكن، من أجل استمرار حياتهم، وليس كعنصر من إيديولوجية بعثية يحسن نظام الأسد توظيفها للترويج لنفسه. النظام يريد الأرض كحالة تعبوية يتفنن في الاستثمار بها، وليس كفضاء يحتضن اجتماعات بشرية. بدليل أن في سوريا أرض شاسعة لكن الملايين من السكان مهجرين بفعل البراميل المتفجرة والقمع والتعذيب.

وفيما كان إعلام الأسد يتفوق على نفسه في “امتداح” نضال دروز الجولان وظيفياً، كان قادة الطائفة الدرزية في إسرائيل، يمهلون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حتى نهاية عيد الأضحى، لوقف مشروع التوربينات، متوقعين أن “تستجيب الحكومة الاسرائيلية بشكل إيجابي لهذا الطلب وتسمح لأبناء الطائفة بالاحتفال بفترة العيد بسلام وهدوء”. وإن كان يصعب التقدير ما إذا كانت حكومة نتنياهو ستستجيب لمهلة قادة الطائفة، خصوصاً بعد الأنباء التي تحدثت عن أن وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير، هو من يقف وراء المشروع، فإن الأكيد أن ما حصل، في الجولان، هو جزء من السلوكيات التمييزية للحكومة اليمينية الحالية.

زعيم الطائفة الدرزية الشيخ موفق طريف، قال: “حذرت في الماضي وأعربت عن قلقي مرات عدة من موجة الاحتجاجات التي من شأنها أن تجتاح البلدات الدرزية، بسبب السياسات الصارمة والتشريعات التمييزية في السنوات الأخيرة مثل قانون كامينتس وقانون القومية اليهودية”. لقد بات الليبراليون والعرب والدروز والنساء ومجتمع الميم، مستهدفين بتشريعات وقرارات هذه الحكومة التي يمنح رئيسها المتطرفين فيها كل ما يريدونها، لقاء عدم فرط الائتلاف الحاكم.

بالنتيجة، التمييز الإسرائيلي اليميني ضد الدروز، يقابله استثمار أسدي أهدافه لا تتوقف عند أبلسة الثورة ضد الأسد والتجديد لموقف النظام الممانع، ثمة ما هو أهم، ويتعلق بالضبط، بالموجة الاحتجاجية التي شهدتها السويداء ذات الغالبية الدرزية، جنوب سوريا. أهالي هذه المحافظة، تظاهروا مرات عديدة ضد النظام، ووصل الاحتقان إلى حد مهاجمة مبنى المحافظة وحرق صور بشار الأسد. فهم، ضحية أوضاع اقتصادية صعبة، وقادة الأمن في مناطقهم يرعون عصابات خطف وتهريب، و”حزب الله” يبني معامل “كبتاغون”  للتهريب عبر الأردن، وإيران تقيم مواقع عسكرية، وثمة أعداد كبيرة من شبانهم مطلوبين لخدمة العلم ولا يستطيعون مغادرة قراهم خوفا من الاعتقال. كل هذه الوقائع، شجعتهم على التمرد على واقعهم وللتظاهر والاحتجاج، ما دفع النظام إلى إطلاق ألسنة موالين له، لاتهامهم بـ”العمالة لإسرائيل وتنفيذ أجندتها”.

من هذه النقطة الأخيرة، يمكن فهم الاحتفاء الأسدي بصمود أهالي لجولان، فهو يريد الدروز، حالة “صمود” تفيد روايته عن نفسه كنظام ممانع، تعرض لـ”مؤامرة”، أما أن يكونوا اجتماع له مطالب معيشية ويخشون من “كبتاغون” “حزب الله” وتمدد إيران، فهذا يجعلهم امتداداً لـ”المؤامرة”، التي تحدث عنها مراسل التلفزيون السوري خلال حديثه عن الجولان، قاصداً في العمق، لا مديح أهالي الجولان، بل إدانة أهالي السويداء الذين تظاهروا ضد الأسد.

مصطفى إبراهيم - حقوقي فلسطيني | 24.01.2025

فرح أهل غزة المؤقّت والبحث عما تبقّى من ذاتهم

المفروض أن يعود النازحون من الجنوب الى مدينة غزة وشمالها حسب اتفاق وقف إطلاق النار، وهي المرحلة الثانية من الحرب، والبحث عما تبقى من ممتلكاتهم وأملاكهم وحياتهم. في الوقت ذاته، يبحث الذين هُدمت بيوتهم عن أماكن لإيوائهم أو يسعون الى استئجار شقق والبدء من جديد. هي "حرب" جديدة قد تستمر سنوات من إعادة ترميم الذات…
23.06.2023
زمن القراءة: 4 minutes

إن كان يصعب التقدير ما إذا كانت حكومة نتنياهو ستستجيب لمهلة قادة الطائفة، خصوصاً بعد الأنباء التي تحدثت عن أن وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير، هو من يقف وراء المشروع، فإن الأكيد أن ما حصل، في الجولان، هو جزء من السلوكيات التمييزية للحكومة اليمينية الحالية.

خصص “مجلس الشعب” السوري، جزءاً من جلسته الأخيرة، لتحية أهالي الجولان بعدما اشتبكوا مع جنود إسرائيليين رفضاً لبناء توربينات (مراوح الهواء) في قراهم، ستعيق، بحسب قولهم، زراعة الأرض وستشكل خطراً بيئياً. وتسابق “نواب” النظام، مستعيرين كلمات من أدبيات البعث الخشبية، لتوجيه التحية لـ”صمود”، و”نضال المقاومين” في الهضبة المحتلة منذ حزيران/ يونيو 1967.

 ولم يقطع استرسال الخطب المتشابهة التي كان يبثها التلفزيون الرسمي، سوى مداخلة مراسل الجولان. الأخير سارع فور تصدره الشاشة إلى الربط بين نضال أهالي الجولان و”الحرب الكونية” على سوريا، باعتبار ما تفعله إسرائيل في قرى الهضبة، امتداداً لـ”المؤامرة” التي بدأت في آذار/ مارس 2011، تبعاً للمراسل، الذي افتقد كلامه لأي معلومات وتفاصيل حول الاشتباكات والتوترات في قرى الهضبة، واقتصر على التشديد على “الصمود” و”المقاومة”.

وبعدها، ارتفعت جرعة الخطابية عند إجراء المراسل مقابلة قصيرة مع عميد الأسرى السوريين في سجون إسرائيل، صدقي المقت. إذ ذهب الأخير باتجاه المزايدة على ما سماه “القيادة الوطنية”، معتبراً أن بيانات الشجب لا تكفي، ولابد من فعل يرد الاحتلال. وبمزايدة العميد هذه، استُكملت استراتيجية نظام الأسد في التعامل مع أحداث الجولان، فإذا أضيف كلام المقت، إلى تخوين المراسل لثورة السوريين ضد النظام، وحفلة الخطب المعلبة في “البرلمان”، تبدى بوضوح أن النظام يريد سكان الجولان الذين ينتمون إلى الطائفة الدرزية، كوعاء لإيديولوجيته الكلاسيكية، ومادة خطب، وأداة لتخوين ثورة 2011، وليس كاجتماع درزي يتعرض لانتهاكات وتمييز.

فإعلام النظام، تجاهل عمداً التركيز على سبب الغضب الدرزي في الجولان، أي وضع توربينات (مراوح الهواء) في القرى وانعكاسها السلبي على الزراعة.  فسبب من هذا النوع، لا يستقيم مع الإيديولوجية الوظيفية التي يراد إدراج السكان ضمنها، والاستثمار فيها سياسياً لتشنيع صورة ثورة 2011، وإعادة الاعتبار لدور النظام المقاوم والممانع ضد إسرائيل. وإن كان لا بد من ذكر السبب في بعض الأحاديث الأسدية، فالأفضل تجاوز ضرر التوربينات على الزراعة، ورفع الموضوع إلى سوية القضايا الكبرى، بحيث يصبح النضال من أجل الأرض والتمسك بها هو الأساس. ودروز الجولان فعلا يتمسكون بأرضهم، لكن، من أجل استمرار حياتهم، وليس كعنصر من إيديولوجية بعثية يحسن نظام الأسد توظيفها للترويج لنفسه. النظام يريد الأرض كحالة تعبوية يتفنن في الاستثمار بها، وليس كفضاء يحتضن اجتماعات بشرية. بدليل أن في سوريا أرض شاسعة لكن الملايين من السكان مهجرين بفعل البراميل المتفجرة والقمع والتعذيب.

وفيما كان إعلام الأسد يتفوق على نفسه في “امتداح” نضال دروز الجولان وظيفياً، كان قادة الطائفة الدرزية في إسرائيل، يمهلون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حتى نهاية عيد الأضحى، لوقف مشروع التوربينات، متوقعين أن “تستجيب الحكومة الاسرائيلية بشكل إيجابي لهذا الطلب وتسمح لأبناء الطائفة بالاحتفال بفترة العيد بسلام وهدوء”. وإن كان يصعب التقدير ما إذا كانت حكومة نتنياهو ستستجيب لمهلة قادة الطائفة، خصوصاً بعد الأنباء التي تحدثت عن أن وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير، هو من يقف وراء المشروع، فإن الأكيد أن ما حصل، في الجولان، هو جزء من السلوكيات التمييزية للحكومة اليمينية الحالية.

زعيم الطائفة الدرزية الشيخ موفق طريف، قال: “حذرت في الماضي وأعربت عن قلقي مرات عدة من موجة الاحتجاجات التي من شأنها أن تجتاح البلدات الدرزية، بسبب السياسات الصارمة والتشريعات التمييزية في السنوات الأخيرة مثل قانون كامينتس وقانون القومية اليهودية”. لقد بات الليبراليون والعرب والدروز والنساء ومجتمع الميم، مستهدفين بتشريعات وقرارات هذه الحكومة التي يمنح رئيسها المتطرفين فيها كل ما يريدونها، لقاء عدم فرط الائتلاف الحاكم.

بالنتيجة، التمييز الإسرائيلي اليميني ضد الدروز، يقابله استثمار أسدي أهدافه لا تتوقف عند أبلسة الثورة ضد الأسد والتجديد لموقف النظام الممانع، ثمة ما هو أهم، ويتعلق بالضبط، بالموجة الاحتجاجية التي شهدتها السويداء ذات الغالبية الدرزية، جنوب سوريا. أهالي هذه المحافظة، تظاهروا مرات عديدة ضد النظام، ووصل الاحتقان إلى حد مهاجمة مبنى المحافظة وحرق صور بشار الأسد. فهم، ضحية أوضاع اقتصادية صعبة، وقادة الأمن في مناطقهم يرعون عصابات خطف وتهريب، و”حزب الله” يبني معامل “كبتاغون”  للتهريب عبر الأردن، وإيران تقيم مواقع عسكرية، وثمة أعداد كبيرة من شبانهم مطلوبين لخدمة العلم ولا يستطيعون مغادرة قراهم خوفا من الاعتقال. كل هذه الوقائع، شجعتهم على التمرد على واقعهم وللتظاهر والاحتجاج، ما دفع النظام إلى إطلاق ألسنة موالين له، لاتهامهم بـ”العمالة لإسرائيل وتنفيذ أجندتها”.

من هذه النقطة الأخيرة، يمكن فهم الاحتفاء الأسدي بصمود أهالي لجولان، فهو يريد الدروز، حالة “صمود” تفيد روايته عن نفسه كنظام ممانع، تعرض لـ”مؤامرة”، أما أن يكونوا اجتماع له مطالب معيشية ويخشون من “كبتاغون” “حزب الله” وتمدد إيران، فهذا يجعلهم امتداداً لـ”المؤامرة”، التي تحدث عنها مراسل التلفزيون السوري خلال حديثه عن الجولان، قاصداً في العمق، لا مديح أهالي الجولان، بل إدانة أهالي السويداء الذين تظاهروا ضد الأسد.