fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

نظام بشار الأسد كان أوهن من بيت العنكبوت

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

سقط بشار الأسد، ولحظة سقوطه ستتبدى كزمن موغل في وجدان السوريين، هي لحظة للانعتاق من طاغية استعصى طغيانه الموروث على شعب سوريا أكثر من خمسة عقود، وعلينا أيضاً نحن اللبنانيين، أو أكثرنا، لكنه ككل طاغية ينسحب من المشهد تاركاً إرثاً دموياً يتصل ماضيه بحاضره.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 كان جمهور الممانعة يكايد خصومها بمقاربة رديئة أفضى إليها بقاء بشار الأسد حاكماً لسوريا، وعليها، منذ بداية الثورة السورية حتى انحسارها في العام ٢٠١٩.

  المكايدة الرديئة تلك استدرجت إلى المقاربة الكثير من رؤساء الجمهوريات والحكومات الغربية التي ناهضت حكم الأسد، كدونالد ترامب وباراك أوباما في الولايات المتحدة الأميركية، ونيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند في فرنسا، وتيريزا ماي وقبلها ديفيد كاميرون في بريطانيا، وأنجيلا ميركل في ألمانيا.

  كانت المقاربة المكايِدة تقول: “رحل فلان وبقي الأسد”، وفلان في العبارة هو فراغ يملأ مكانه أي اسم من الرؤساء المذكورين أعلاه، كأن يُقال مثلاً: “رحل ترامب وبقي الأسد”، وهو مثال يفضح تهافت المقاربة التي أفضى راهنها إلى رحيل الأسد وعودة ترامب إلى الحكم.

   وعلى عادتهم، كان محبو الأسد يتحاشون المقاربة المنطقية والسياسية لمغادرة هؤلاء للسلطة، كمغادرة محكومة بالآليات الديمقراطية لأنظمة الحكم في بلادهم، التي تصطدم طرداً بالنموذج السوري سواء قبل الثورة عليه أو بعدها، أي بالمسار الديمقراطي المتهافت في سوريا  قبل العام ٢٠١١، أو ببقاء بشار الأسد بعدها، الذي تتقاطع فيه أسباب كثيرة  كعوامل قوة، أهمها التدخل الإيراني وأذرعه العسكرية في الحرب، ثم الروسي وهو الأهم، فيما تبدّى بشار الأسد في كل هذه الوقائع الحلقة الأكثر ضعفاً، على ما وشى راهن تبدلت أو تلاشت فيه عوامل القوة تلك.

عام ٢٠١٥ انخرطت روسيا في الحرب السورية، قبلها ومنذ العام ٢٠١٢ كانت إيران، وبإشراف مباشر من “جنرالها” قاسم سليماني قد سبقتها إلى ذلك الانخراط عبر فصائلها في لبنان (حزب الله) والعراق (الفصائل الولائية) وأفغانستان (لواء فاطميون).

  الانخراطان تكفّلا توالياً في حسم تلك الحرب لمصلحة النظام السوري، بمعزل عن تبدل هويات المحاربين من معارضي الأسد، كما عناوين فصائلهم من وطنية إلى إسلامية، ثم إلى إسلامية متطرفة.

  راهناً، تبدلت، وتلاشت، الكثير من وقائع تلك الحرب، اغتيل  قاسم سليماني، وبدا أن خلفه أقل جاذبية وقدرة على حمل إرثه، فيما الإنهاك تبدى سمة “حزب الله”  بأثر حربه الأخيرة مع إسرائيل، أما روسيا فتعاطت مع الوقائع الموجبة لسقوط الأسد بمنطق أن ما تريده من سوريا وفيها، سيكون لها على الأرجح. نحن إذاً أمام نظام بدا في أيام نزاعه الأخير فاقداً لكل مؤثرات بقائه.  نظام لم يعد مغرياً للروس طوعاً، وللإيرانيين وأذرعهم قسراً.

     سقط بشار الأسد، ولحظة سقوطه ستتبدى كزمن موغل في وجدان السوريين، هي لحظة للانعتاق من طاغية استعصى طغيانه الموروث على شعب سوريا أكثر من خمسة عقود، وعلينا أيضاً نحن اللبنانيين، أو أكثرنا، لكنه ككل طاغية ينسحب من المشهد تاركاً إرثاً دموياً يتصل ماضيه بحاضره.

 “المزة”، “عدرا”، “صيدنايا”، “تدمر”، هي نماذج عن هذا الإرث العدمي لآل الأسد، إنها أمكنة كان يُفترض أن تُباشر شهرتها من تراث حضاري وإنساني، لا من سجونها التي التصقت بذاكرة السوريين  كمرادفات للموت، أو في أحسن الأحوال قتل الحرية، عدا أن فضاء سوريا كوطن تحوّل إلى سجن كبير أفضى  انعدام الحرية  السياسية فيه، إلى افتقار معارضي الأسد (الوطنيين) خلال الثورة وقبلها وبعدها، إلى تأطير معارضتهم، ومنحها عوامل القوة حتى في أشد لحظات ضعف النظام، وأيضاً قصورها عن ملاقاة حناجر مثقلة بالوجع عبّرت عنها حنجرتا عبد الباسط الساروت وابراهيم قاشوش. افتقار أتاح لاحقاً بروز “ثائرين” تقاطع على شهرتهم صعود الإسلام السياسي، وعبث المستثمرين من قطر إلى السعودية، وطبعاً تركيا في الحربين الأخيرتين، والوقت المستقطع بينهما.

    سقط اسم بشار الأسد في لحظة دوي اسم آخر، “أبو محمد الجولاني” هو الاسم الذي يدخل الآن تاريخ سوريا  دخول الفاتحين. فيما لحظة انعتاق السوريين الراهنة تبدو لحظة مؤجِلة لعصف ذهني عن مقاربة ضرورية  ليس لماضٍ يُقفَل الآن بسقوط بشار الأسد كأسوأ أقدارهم، ولكن عن قدر مستقبلي متأتٍ من رجل “قاعدي” يرتق ماضيه بحواضر تتقاطع مع رؤية أغلب السوريين لمستقبل بلدهم.

   عود على بدء إلى تلك المكايدة الباهتة التي اندثرت راهناً بسقوط بشار الأسد، وإلى الرجل الذي تسيَّد حدث سقوط الأخير.

  يتقاطع ماضي  أبو محمد  الجولاني، أو أحمد الشرع، مع ماضي سمير جعجع ك “حكيم” ترك اختصاصه والتحق بتنظيم “القاعدة” لمحاربة الاحتلال الأميركي للعراق، ويتقاطع في لحظة انتصاره الراهن مع لحظة وصول بشير الجميل إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية في العام ١٩٨٢، الأخير قرر يومها “حل” ميليشيا “القوات اللبنانية”، فيما الأول وشى بحل جبهة “تحرير الشام”. تقاطعان، بالأسماء والوقائع، يضاعفان على الأرجح حسرة الممانعين بسقوط بشار، وبمُسقِطه.

  ظلت عبارة “أوهن من بيت العنكبوت” التي أطلقها  الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن إسرائيل، عبارة خالية من مضمونها، لكن راهنها السوري يتبدّى قطعياً عن الوهن وبشائره.

نظام بشار الأسد كان أوهن من بيت العنكبوت.

رنين عواد | 10.05.2025

حكومة سلام تُلغي شرعنة المقالع والكسّارات… فهل تبدأ المساءلة البيئية؟

في ظلّ الظروف الأمنية السائدة في المنطقة، ولبنان خصوصاً، واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية واحتلال النقاط الخمسة الحدودية، يُسهم التمدّد العشوائي للمقالع والكسّارات في تدمير الطبيعة اللبنانية، ويستنزف مواردها بوتيرة موازية للحرب، وتُشير التقديرات إلى أن هذه المواقع تغطّي نحو 25% من مساحة لبنان، أي ما يعادل 70% من مساحة بيروت.
08.12.2024
زمن القراءة: 3 minutes

سقط بشار الأسد، ولحظة سقوطه ستتبدى كزمن موغل في وجدان السوريين، هي لحظة للانعتاق من طاغية استعصى طغيانه الموروث على شعب سوريا أكثر من خمسة عقود، وعلينا أيضاً نحن اللبنانيين، أو أكثرنا، لكنه ككل طاغية ينسحب من المشهد تاركاً إرثاً دموياً يتصل ماضيه بحاضره.

 كان جمهور الممانعة يكايد خصومها بمقاربة رديئة أفضى إليها بقاء بشار الأسد حاكماً لسوريا، وعليها، منذ بداية الثورة السورية حتى انحسارها في العام ٢٠١٩.

  المكايدة الرديئة تلك استدرجت إلى المقاربة الكثير من رؤساء الجمهوريات والحكومات الغربية التي ناهضت حكم الأسد، كدونالد ترامب وباراك أوباما في الولايات المتحدة الأميركية، ونيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند في فرنسا، وتيريزا ماي وقبلها ديفيد كاميرون في بريطانيا، وأنجيلا ميركل في ألمانيا.

  كانت المقاربة المكايِدة تقول: “رحل فلان وبقي الأسد”، وفلان في العبارة هو فراغ يملأ مكانه أي اسم من الرؤساء المذكورين أعلاه، كأن يُقال مثلاً: “رحل ترامب وبقي الأسد”، وهو مثال يفضح تهافت المقاربة التي أفضى راهنها إلى رحيل الأسد وعودة ترامب إلى الحكم.

   وعلى عادتهم، كان محبو الأسد يتحاشون المقاربة المنطقية والسياسية لمغادرة هؤلاء للسلطة، كمغادرة محكومة بالآليات الديمقراطية لأنظمة الحكم في بلادهم، التي تصطدم طرداً بالنموذج السوري سواء قبل الثورة عليه أو بعدها، أي بالمسار الديمقراطي المتهافت في سوريا  قبل العام ٢٠١١، أو ببقاء بشار الأسد بعدها، الذي تتقاطع فيه أسباب كثيرة  كعوامل قوة، أهمها التدخل الإيراني وأذرعه العسكرية في الحرب، ثم الروسي وهو الأهم، فيما تبدّى بشار الأسد في كل هذه الوقائع الحلقة الأكثر ضعفاً، على ما وشى راهن تبدلت أو تلاشت فيه عوامل القوة تلك.

عام ٢٠١٥ انخرطت روسيا في الحرب السورية، قبلها ومنذ العام ٢٠١٢ كانت إيران، وبإشراف مباشر من “جنرالها” قاسم سليماني قد سبقتها إلى ذلك الانخراط عبر فصائلها في لبنان (حزب الله) والعراق (الفصائل الولائية) وأفغانستان (لواء فاطميون).

  الانخراطان تكفّلا توالياً في حسم تلك الحرب لمصلحة النظام السوري، بمعزل عن تبدل هويات المحاربين من معارضي الأسد، كما عناوين فصائلهم من وطنية إلى إسلامية، ثم إلى إسلامية متطرفة.

  راهناً، تبدلت، وتلاشت، الكثير من وقائع تلك الحرب، اغتيل  قاسم سليماني، وبدا أن خلفه أقل جاذبية وقدرة على حمل إرثه، فيما الإنهاك تبدى سمة “حزب الله”  بأثر حربه الأخيرة مع إسرائيل، أما روسيا فتعاطت مع الوقائع الموجبة لسقوط الأسد بمنطق أن ما تريده من سوريا وفيها، سيكون لها على الأرجح. نحن إذاً أمام نظام بدا في أيام نزاعه الأخير فاقداً لكل مؤثرات بقائه.  نظام لم يعد مغرياً للروس طوعاً، وللإيرانيين وأذرعهم قسراً.

     سقط بشار الأسد، ولحظة سقوطه ستتبدى كزمن موغل في وجدان السوريين، هي لحظة للانعتاق من طاغية استعصى طغيانه الموروث على شعب سوريا أكثر من خمسة عقود، وعلينا أيضاً نحن اللبنانيين، أو أكثرنا، لكنه ككل طاغية ينسحب من المشهد تاركاً إرثاً دموياً يتصل ماضيه بحاضره.

 “المزة”، “عدرا”، “صيدنايا”، “تدمر”، هي نماذج عن هذا الإرث العدمي لآل الأسد، إنها أمكنة كان يُفترض أن تُباشر شهرتها من تراث حضاري وإنساني، لا من سجونها التي التصقت بذاكرة السوريين  كمرادفات للموت، أو في أحسن الأحوال قتل الحرية، عدا أن فضاء سوريا كوطن تحوّل إلى سجن كبير أفضى  انعدام الحرية  السياسية فيه، إلى افتقار معارضي الأسد (الوطنيين) خلال الثورة وقبلها وبعدها، إلى تأطير معارضتهم، ومنحها عوامل القوة حتى في أشد لحظات ضعف النظام، وأيضاً قصورها عن ملاقاة حناجر مثقلة بالوجع عبّرت عنها حنجرتا عبد الباسط الساروت وابراهيم قاشوش. افتقار أتاح لاحقاً بروز “ثائرين” تقاطع على شهرتهم صعود الإسلام السياسي، وعبث المستثمرين من قطر إلى السعودية، وطبعاً تركيا في الحربين الأخيرتين، والوقت المستقطع بينهما.

    سقط اسم بشار الأسد في لحظة دوي اسم آخر، “أبو محمد الجولاني” هو الاسم الذي يدخل الآن تاريخ سوريا  دخول الفاتحين. فيما لحظة انعتاق السوريين الراهنة تبدو لحظة مؤجِلة لعصف ذهني عن مقاربة ضرورية  ليس لماضٍ يُقفَل الآن بسقوط بشار الأسد كأسوأ أقدارهم، ولكن عن قدر مستقبلي متأتٍ من رجل “قاعدي” يرتق ماضيه بحواضر تتقاطع مع رؤية أغلب السوريين لمستقبل بلدهم.

   عود على بدء إلى تلك المكايدة الباهتة التي اندثرت راهناً بسقوط بشار الأسد، وإلى الرجل الذي تسيَّد حدث سقوط الأخير.

  يتقاطع ماضي  أبو محمد  الجولاني، أو أحمد الشرع، مع ماضي سمير جعجع ك “حكيم” ترك اختصاصه والتحق بتنظيم “القاعدة” لمحاربة الاحتلال الأميركي للعراق، ويتقاطع في لحظة انتصاره الراهن مع لحظة وصول بشير الجميل إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية في العام ١٩٨٢، الأخير قرر يومها “حل” ميليشيا “القوات اللبنانية”، فيما الأول وشى بحل جبهة “تحرير الشام”. تقاطعان، بالأسماء والوقائع، يضاعفان على الأرجح حسرة الممانعين بسقوط بشار، وبمُسقِطه.

  ظلت عبارة “أوهن من بيت العنكبوت” التي أطلقها  الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن إسرائيل، عبارة خالية من مضمونها، لكن راهنها السوري يتبدّى قطعياً عن الوهن وبشائره.

نظام بشار الأسد كان أوهن من بيت العنكبوت.

08.12.2024
زمن القراءة: 3 minutes

اشترك بنشرتنا البريدية