fbpx

هكذا يجذبك الأرميني الى قلب معركته …

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يريفان المدينة الهادئة بمعزوفتها الخاصة وشوارعها الواسعة تستقبلك برحابة يصعب عليك تخطيها فتبقى بسحرها وتاريخها مطبوعة بداخلك كجزء من ذاكرة السفر المميزة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
  • من يوميات رحلة الى أرمينيا قبل بضع سنوات…

حطت بنا الطائرة في مطار يريفان في ساعات الليل الأولى، ولأول مرة كنا ندخل مطارا بهذا الهدوء، كأننا وصلنا بعد موعد الإقفال، فغاب مشهد اللقاءات الحميمية وزحمة المسافرين، باستثناء فوضى أقل من عادية تسبب بها ركاب طائرة بيروت وموظفو المطار، تقدمنا للحصول على تأشيرة/ فيزا، ولفتنا كيف أن اللبنانيين الأرمن، كان عليهم أن يحصلوا على تأشيرة مثلنا نحن اللبنانيين “الفينيقيين”، من أجل دخول بلادهم الأصلية، رغم أنهم كانوا طوال الرحلة يتحدثون بلغتهم الأم وتظهر حماستهم الوطنية في نبرة أصواتهم.

في ليلتنا الأولى جبنا شوارع  يريفان، المدينة الباردة الهادئة، تقودنا الرغبة في استكشاف هذا المكان الجديد، الذي سيستضيفنا لبضعة أيام، إلى تسلق مدرجات كاسكيد، سلالم حجرية تكاد لا تنتهي، الليل والسكون وأضواء المدينة النائمة، كانت كفيلة بنقلنا عبر الزمن، إلى يريفان القرون الماضية، في تلك اللحظة علمنا أننا في رحلة عبر الزمن والتاريخ…

في صباح اليوم الأول، استيقظنا باكراً مع توجه الموظفين إلى أعمالهم والتلامذة إلى مدارسهم، وبرغم زحمة الصباح، وامتلاء الشوارع بالسيارات والأرصفة بالمشاة، ظلت يريفان محافظة على إيقاعها الهادئ.

قصدنا مكتبا سياحيا قريبا، الناس هنا ودودون كثيرا ومبتسمون دائما، الموظفة في المكتب، نصحتنا بزيارة عدد من الأماكن، التي تعتبر الأهم لسائح مستعجل يريد أن يرى أرمينيا في أيام معدودة ، فانطلقنا فورا إلى بحيرة سيفان في منطقة غغاركونيك، وهناك استقبلنا ثلج تشرين الأول، فغطى مشهد البحيرة، حارما أعيننا من الاستمتاع برؤية ظلالها الزرقاء والكحلية الشهيرة، وصعّب علينا التسلق نحو الدير والكنيسة في أعالي الجبل، لكننا لم نستسلم، قررنا الصعود إلى الأعلى معاندين العاصفة الثلجية وتدني درجات الحرارة، جلب تصميمنا هذا، السرور إلى قلب دليلنا السياحي، الذي وقف وسط الضباب وتحت ندف الثلج على قمة الجبل، إلى يساره بحيرة سيفان وقد تحولت إلى كتلة من الغيوم البيضاء التي تنذر بالمزيد من الثلج، وإلى يمنيه تقف كنيسة والدة الإله، التي حفظت الشعب الأرمني ضد كل الجيوش الغازية التي مرت على أرمينيا، يروي لنا بصوت مرتجف من الحماسة والبرد معا، قصص نضال وصمود ودفاع أهل هذه الأرض عن إيمانهم وقيمهم وثقافتهم.

بحيرة سيفان

من سيفان انتقلنا إلى نورافانك، وصولاً إلى تاتيف، عبرنا خلال ساعات طويلة، مسافات من الجغرافيا الصعبة، وقرونا من التاريخ الأكثر صعوبة، معلقين في الهواء بين الجبال تارة وعلى حوافي الوديان العميقة تارة أخرى، الثلج يتساقط فوقنا والريح تشتد حولنا، وصوت المرشد السياحي لا يتوقف عن شرح التفاصيل، بنفس ملحمي اشبه بالأناشيد الوطنية.

لا تكتمل الدهشة التي يثيرها سحر دير نورافانك، إلا بعبور سهل آرارات، الذي تغطيه أشجار المشمش، وهي الشجرة الذهبية التي جلبها نوح النبي، بعدما استقرت سفينته عند سفح جبل آرارات، كما تقول الأسطورة الأرمينية، ولكثرة ما تعلق الأرمن بزراعة هذه الفاكهة الذهبية، صار يطلق على بلادهم اسم “أرض المشمش”، من عمق السهل يتراءى جبل آرارات، بقمتيه الصغرى والكبرى، وبما يرافقه من أساطير وحكايا، وينطق به من آلام شعب شردته البشرية وكادت تبيده، وسلبته جزءا من أرضه وتاريخه وذاكرته.

ختمنا هذا النهار الطويل، في دير تاتيف، لؤلؤة العمارة الأرمينية كما تسميه وزارة السياحة في أرمينيا، الوصول إليه يتم عبر تلفريك هو الأعلى والأطول مسافة في العالم، وصلنا إليه والعاصفة الثلجية قد خطفت كل المشاهد من حوله، فلم نر سوى بياض فوق بياض، الصقيع كاد أن يجمد الدماء في عروقنا، فاشترينا المزيد من الشالات الصوفية من نساء أرمينيات عند مدخل السور، اللواتي رحبن بنا بحرارة فطرية أذابت الكثير من الثلج حولنا، صوت المرشد السياحي مستمر بالإنشاد، والريح تحمل معه صدى أصوات الرهبان، الذين عاشوا في هذا الدير، حيث ماتزال آثارهم محفورة على حجارة الأسوار وصخور الجبال المحيطة والوديان في الأسفل، هنا عاشوا أصعب حياة يمكن أن تمر على بشر، مدافعين عن الديانة المسيحية بوجه غزوات الوثنيين الدموية.

دير تاتيف

خلال تنقلنا من مكان إلى آخر عبر الطرق الجبلية والوديان السحيقة، كان الدليل السياحي يشير إلى اقترابنا من قرى ومرورنا داخل أخرى، ولكم تحمسنا لرؤية قروي يمشي على الطريق أو قرية تؤنس كثافتها السكانية أو العمرانية العين، لكننا كنا نتفاجئ في كل مرة، أن معظم القرى هي عبارة عن أربعة أو خمسة بيوت، في منتصف اللامكان، محاطة بالجبال العالية والغابات والصخور، لا جغرافيا محددة في هذا المكان إلا لجبل آرارات، فقد كان بوصلة الطريق، وفي كل مكان كنا نصله، كان الدليل السياحي يحدد موقعنا وفقا لبعدنا أو قربنا منه، أما البوصلة الأخرى في الجولات الحدودية، فكان الدليل يحدد موقعنا استنادا إلى بعدنا أو قربنا من حدود تركيا وآذربيجان، مع نبرة تحمل الكثير من المعاني، ونظرات تستدرج أحاديث سياسية.

هكذا يجذبك الأرميني إلى قلب معركته الوطنية، فتجد نفسك متعاطفا معه ومع حقوقه التاريخية، ليس فقط باستعادة ما قضمته الإمبراطوريات الإسلامية والعربية من أرضه، بل باستعادة كامل أراضي الإمبراطورية القومية الأرمنية الغابرة، بكنائسها وأديرتها ولغة قداديسها وصلبانها ومجدها.

لم تخل رحلتنا من المواقف الطريفة، خصوصا في ما يتعلق باللغة، عند شراء التذكارات أو طلب الطعام، فمعظم الشعب الأرميني يتحدث الروسية إلى جانب لغته الأم، وهذا صعب على شعب مثلنا، لذلك، كان لا بد من استخدام لغة الإشارات والتواصل بنظرات فارغة وابتسامات بلهاء والكثير من الضحك عند فشل المحاولة أو نجاحها.

كما ترك المطبخ الأرميني ذكرى طيبة في نفوسنا، خاصةً صلصة التوت، التي رحنا نضيفها إلى جميع الأطباق لطعمها اللذيذ، وللرّمان حكايته في المطبخ الأرميني كما في الثقافة الأرمينية، لارتباطه بيوميات الإبادة التي تعرض لها هذا الشعب الحي، فقد قاومت العائلات الموت جوعا بتناول أفرادها عددا من حبات الرمان يوميا، لذلك، للرمان مكانته في قلوبهم، وهو الأحب إليهم من بين الفاكهة، لذلك أيضا، تغلب صوره على تصاميم المفارش والتذكارات واللوحات والأدوات المنزلية وكل الصناعات اليدوية في الأسواق الشعبية.

ولكم تحمسنا لرؤية قروي يمشي على الطريق أو قرية تؤنس كثافتها السكانية أو العمرانية العين، لكننا كنا نتفاجئ في كل مرة، أن معظم القرى هي عبارة عن أربعة أو خمسة بيوت.

يريفان المدينة الهادئة بمعزوفتها الخاصة وشوارعها الواسعة تستقبلك برحابة يصعب عليك تخطيها فتبقى بسحرها وتاريخها مطبوعة بداخلك كجزء من ذاكرة السفر المميزة. فبعد أربع سنوات على الرحلة مازلنا نستذكر لحظات عشناها هناك والأماكن المتعددة بعزلتها ورهبتها. في بلد كانت الطبيعة أقوى من بشاعة البشر وتغلبت لتبقي جمالها. 

متحف الإبادة الجماعية في يريفان، الذي افتتحته الحكومة الأرمينية في الذكرى الثمانين للإبادة، كان محطتنا الأخيرة، في رحلتنا الاستكشافية، هناك رأينا وجوه أكثر من مليون مواطن أرميني معلقة على حائط الذكرى، وفي الخارج ملايين من الأرمينيين يرددون مع إشراقة كل صباح “لن ننسى شهداءنا وسنستعيد أرضنا”.

مرام أحمد | 07.09.2024

طبقات الجباية و”الأتاوات” في الاقتصاد السوري

تشهد المناطق الخاضعة لسلطة النظام السوري هجرة واسعة للصناعيين والتجّار، وأصحاب الفعّاليات التجارية، وإلى جانب الحرفيين والمهنيين العاملين في قطّاع المهن والحرف التقليدية، نتيجة للانخفاض الحادّ في الربحية، وارتفاع في الضرائب، وإجبار البعض على دفع الإتاوات والمخالفات.
01.12.2020
زمن القراءة: 5 minutes

يريفان المدينة الهادئة بمعزوفتها الخاصة وشوارعها الواسعة تستقبلك برحابة يصعب عليك تخطيها فتبقى بسحرها وتاريخها مطبوعة بداخلك كجزء من ذاكرة السفر المميزة.

  • من يوميات رحلة الى أرمينيا قبل بضع سنوات…

حطت بنا الطائرة في مطار يريفان في ساعات الليل الأولى، ولأول مرة كنا ندخل مطارا بهذا الهدوء، كأننا وصلنا بعد موعد الإقفال، فغاب مشهد اللقاءات الحميمية وزحمة المسافرين، باستثناء فوضى أقل من عادية تسبب بها ركاب طائرة بيروت وموظفو المطار، تقدمنا للحصول على تأشيرة/ فيزا، ولفتنا كيف أن اللبنانيين الأرمن، كان عليهم أن يحصلوا على تأشيرة مثلنا نحن اللبنانيين “الفينيقيين”، من أجل دخول بلادهم الأصلية، رغم أنهم كانوا طوال الرحلة يتحدثون بلغتهم الأم وتظهر حماستهم الوطنية في نبرة أصواتهم.

في ليلتنا الأولى جبنا شوارع  يريفان، المدينة الباردة الهادئة، تقودنا الرغبة في استكشاف هذا المكان الجديد، الذي سيستضيفنا لبضعة أيام، إلى تسلق مدرجات كاسكيد، سلالم حجرية تكاد لا تنتهي، الليل والسكون وأضواء المدينة النائمة، كانت كفيلة بنقلنا عبر الزمن، إلى يريفان القرون الماضية، في تلك اللحظة علمنا أننا في رحلة عبر الزمن والتاريخ…

في صباح اليوم الأول، استيقظنا باكراً مع توجه الموظفين إلى أعمالهم والتلامذة إلى مدارسهم، وبرغم زحمة الصباح، وامتلاء الشوارع بالسيارات والأرصفة بالمشاة، ظلت يريفان محافظة على إيقاعها الهادئ.

قصدنا مكتبا سياحيا قريبا، الناس هنا ودودون كثيرا ومبتسمون دائما، الموظفة في المكتب، نصحتنا بزيارة عدد من الأماكن، التي تعتبر الأهم لسائح مستعجل يريد أن يرى أرمينيا في أيام معدودة ، فانطلقنا فورا إلى بحيرة سيفان في منطقة غغاركونيك، وهناك استقبلنا ثلج تشرين الأول، فغطى مشهد البحيرة، حارما أعيننا من الاستمتاع برؤية ظلالها الزرقاء والكحلية الشهيرة، وصعّب علينا التسلق نحو الدير والكنيسة في أعالي الجبل، لكننا لم نستسلم، قررنا الصعود إلى الأعلى معاندين العاصفة الثلجية وتدني درجات الحرارة، جلب تصميمنا هذا، السرور إلى قلب دليلنا السياحي، الذي وقف وسط الضباب وتحت ندف الثلج على قمة الجبل، إلى يساره بحيرة سيفان وقد تحولت إلى كتلة من الغيوم البيضاء التي تنذر بالمزيد من الثلج، وإلى يمنيه تقف كنيسة والدة الإله، التي حفظت الشعب الأرمني ضد كل الجيوش الغازية التي مرت على أرمينيا، يروي لنا بصوت مرتجف من الحماسة والبرد معا، قصص نضال وصمود ودفاع أهل هذه الأرض عن إيمانهم وقيمهم وثقافتهم.

بحيرة سيفان

من سيفان انتقلنا إلى نورافانك، وصولاً إلى تاتيف، عبرنا خلال ساعات طويلة، مسافات من الجغرافيا الصعبة، وقرونا من التاريخ الأكثر صعوبة، معلقين في الهواء بين الجبال تارة وعلى حوافي الوديان العميقة تارة أخرى، الثلج يتساقط فوقنا والريح تشتد حولنا، وصوت المرشد السياحي لا يتوقف عن شرح التفاصيل، بنفس ملحمي اشبه بالأناشيد الوطنية.

لا تكتمل الدهشة التي يثيرها سحر دير نورافانك، إلا بعبور سهل آرارات، الذي تغطيه أشجار المشمش، وهي الشجرة الذهبية التي جلبها نوح النبي، بعدما استقرت سفينته عند سفح جبل آرارات، كما تقول الأسطورة الأرمينية، ولكثرة ما تعلق الأرمن بزراعة هذه الفاكهة الذهبية، صار يطلق على بلادهم اسم “أرض المشمش”، من عمق السهل يتراءى جبل آرارات، بقمتيه الصغرى والكبرى، وبما يرافقه من أساطير وحكايا، وينطق به من آلام شعب شردته البشرية وكادت تبيده، وسلبته جزءا من أرضه وتاريخه وذاكرته.

ختمنا هذا النهار الطويل، في دير تاتيف، لؤلؤة العمارة الأرمينية كما تسميه وزارة السياحة في أرمينيا، الوصول إليه يتم عبر تلفريك هو الأعلى والأطول مسافة في العالم، وصلنا إليه والعاصفة الثلجية قد خطفت كل المشاهد من حوله، فلم نر سوى بياض فوق بياض، الصقيع كاد أن يجمد الدماء في عروقنا، فاشترينا المزيد من الشالات الصوفية من نساء أرمينيات عند مدخل السور، اللواتي رحبن بنا بحرارة فطرية أذابت الكثير من الثلج حولنا، صوت المرشد السياحي مستمر بالإنشاد، والريح تحمل معه صدى أصوات الرهبان، الذين عاشوا في هذا الدير، حيث ماتزال آثارهم محفورة على حجارة الأسوار وصخور الجبال المحيطة والوديان في الأسفل، هنا عاشوا أصعب حياة يمكن أن تمر على بشر، مدافعين عن الديانة المسيحية بوجه غزوات الوثنيين الدموية.

دير تاتيف

خلال تنقلنا من مكان إلى آخر عبر الطرق الجبلية والوديان السحيقة، كان الدليل السياحي يشير إلى اقترابنا من قرى ومرورنا داخل أخرى، ولكم تحمسنا لرؤية قروي يمشي على الطريق أو قرية تؤنس كثافتها السكانية أو العمرانية العين، لكننا كنا نتفاجئ في كل مرة، أن معظم القرى هي عبارة عن أربعة أو خمسة بيوت، في منتصف اللامكان، محاطة بالجبال العالية والغابات والصخور، لا جغرافيا محددة في هذا المكان إلا لجبل آرارات، فقد كان بوصلة الطريق، وفي كل مكان كنا نصله، كان الدليل السياحي يحدد موقعنا وفقا لبعدنا أو قربنا منه، أما البوصلة الأخرى في الجولات الحدودية، فكان الدليل يحدد موقعنا استنادا إلى بعدنا أو قربنا من حدود تركيا وآذربيجان، مع نبرة تحمل الكثير من المعاني، ونظرات تستدرج أحاديث سياسية.

هكذا يجذبك الأرميني إلى قلب معركته الوطنية، فتجد نفسك متعاطفا معه ومع حقوقه التاريخية، ليس فقط باستعادة ما قضمته الإمبراطوريات الإسلامية والعربية من أرضه، بل باستعادة كامل أراضي الإمبراطورية القومية الأرمنية الغابرة، بكنائسها وأديرتها ولغة قداديسها وصلبانها ومجدها.

لم تخل رحلتنا من المواقف الطريفة، خصوصا في ما يتعلق باللغة، عند شراء التذكارات أو طلب الطعام، فمعظم الشعب الأرميني يتحدث الروسية إلى جانب لغته الأم، وهذا صعب على شعب مثلنا، لذلك، كان لا بد من استخدام لغة الإشارات والتواصل بنظرات فارغة وابتسامات بلهاء والكثير من الضحك عند فشل المحاولة أو نجاحها.

كما ترك المطبخ الأرميني ذكرى طيبة في نفوسنا، خاصةً صلصة التوت، التي رحنا نضيفها إلى جميع الأطباق لطعمها اللذيذ، وللرّمان حكايته في المطبخ الأرميني كما في الثقافة الأرمينية، لارتباطه بيوميات الإبادة التي تعرض لها هذا الشعب الحي، فقد قاومت العائلات الموت جوعا بتناول أفرادها عددا من حبات الرمان يوميا، لذلك، للرمان مكانته في قلوبهم، وهو الأحب إليهم من بين الفاكهة، لذلك أيضا، تغلب صوره على تصاميم المفارش والتذكارات واللوحات والأدوات المنزلية وكل الصناعات اليدوية في الأسواق الشعبية.

ولكم تحمسنا لرؤية قروي يمشي على الطريق أو قرية تؤنس كثافتها السكانية أو العمرانية العين، لكننا كنا نتفاجئ في كل مرة، أن معظم القرى هي عبارة عن أربعة أو خمسة بيوت.

يريفان المدينة الهادئة بمعزوفتها الخاصة وشوارعها الواسعة تستقبلك برحابة يصعب عليك تخطيها فتبقى بسحرها وتاريخها مطبوعة بداخلك كجزء من ذاكرة السفر المميزة. فبعد أربع سنوات على الرحلة مازلنا نستذكر لحظات عشناها هناك والأماكن المتعددة بعزلتها ورهبتها. في بلد كانت الطبيعة أقوى من بشاعة البشر وتغلبت لتبقي جمالها. 

متحف الإبادة الجماعية في يريفان، الذي افتتحته الحكومة الأرمينية في الذكرى الثمانين للإبادة، كان محطتنا الأخيرة، في رحلتنا الاستكشافية، هناك رأينا وجوه أكثر من مليون مواطن أرميني معلقة على حائط الذكرى، وفي الخارج ملايين من الأرمينيين يرددون مع إشراقة كل صباح “لن ننسى شهداءنا وسنستعيد أرضنا”.

01.12.2020
زمن القراءة: 5 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية