ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

هل العالم لم يعد يتّسع لنتانياهو؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نعم تجربة الإبادة كانت مريرة، وكانت أكلافها باهظة، و”حماس” أعجز من أن تُجري مراجعة، لكنّ القضيّة الفلسطينية ليست فكرة يمكن تجاوزها، إنها حقيقة وواقع. إنها ستّة ملايين مقيم وستّة ملايين لاجئ ومدن وقرى، وإذا كان من فشل أصاب مشروع نتانياهو فهو فشل طموحاته بالترانسفير سواء في غزّة أو في الضفّة الغربية، علماً أن نجاحه به في حال تمّ، سيعني زلزالاً يطيح دولاً وممالك ومجتمعات.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كثُر الحديث بعد البدء بتنفيذ خطّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في غزّة، عن أن العالم لم يعد يتّسع لبنيامين نتانياهو. مؤشّرات ما زالت غير صلبة تجعل من هذا الاحتمال ممكناً. إجباره على القبول بخطّة ترامب كان مرفقاً بعبارة الرئيس الأميركي: “لا تستطيع أن تقاتل العالم كلّه، وعليك الموافقة على الخطّة”. 

وفي هذا السياق كتبت هآرتس في افتتاحيتها لهذا اليوم: “الأسرى يعودون إلى بيوتهم، وهذه لحظة فرح تاريخية، لكنها مشوبة بحقيقة مرّة: لقد عادوا رغماً عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لا بفضله”.

لنستبق الزمن ولنتخيّل شرق أوسط من دون نتانياهو! لنفتعل جرعة تفاؤل تساعدنا في التخيّل. ولنرفق افتراضنا الممكن وإن كان غير واقعي، بافتراض شرق أوسط من دون “حماس” ومن دون “حزب الله”، وبحقيقة شرق أوسط من دون بشّار الأسد! إذاً من هم اللاعبون الجدد، المؤثّرون بمستقبل المنطقة القريب والبعيد؟

إسرائيل أمام احتمالين أحلاهما مرّ، فأن تتّجه بعد نتانياهو إلى مزيد من اليمين هو احتمال قائم. الأرقام تقول ذلك، لكن من غير الواضح كيف سينتج هذا اليمين سلطة من دون نتانياهو. بن غفير وسموتريتش غير جاهزين لغير حقائب وزارية حتى الآن، ونتانياهو كان المخرج الوحيد أمام أحزاب اليمين الديني، وإلا فإن عزلة إسرائيل ستتعزّز. أما الاحتمال الثاني فهو خطوة صغيرة نحو الوسط، أي زعيم المعارضة يائير لبيد. لكن وصول لبيد يحتاج إلى كنيست آخر، أي إلى انتخابات، ذلك أن القوى التي تتوزّع مقاعد الكنيست لا تعطي لبيد هذه الفرصة.

إذاً، تعيش إسرائيل استعصاء يجعل من تخيّلنا لها من دون نتانياهو أمراً غير واقعي. ثم إنه من غير المؤكّد أن انتظار الانتخابات سيغيّر شيئاً في هذا الاستعصاء. عودة نتانياهو ممكنة، وجرعة مضاعفة من أحزاب اليمين الديني في الكنيست المقبل ممكنة أيضاً، والمخرج الوحيد من احتمالات مزيد من العزلة لن يكون إلا بنيامين نتانياهو.

لكن فلنمضِ بتخيّلنا طالما أن كلفته تقتصر على خيبة عابرة. هل سيكون عالم ما بعد الحرب من دون حركة “حماس”؟ الأرجح أن غزّة ستكون من دون “حماس”، أما المشرق فهو يضجّ بحماسات كثيرة، بدءاً من الضفّة الغربية ومروراً بالأردن ووصولاً إلى طهران والدوحة وأنقرة. ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستصرف الحركة الهزيمة التي مُنيت بها في القطاع. ناهيك بمؤشّرات بدأت تظهر لمماحكات حول تسليم السلاح في غزّة، تحاكي نظيرتها في لبنان. 

مزيد من اليمين في إسرائيل سيساعد “حماس” على التقاط أنفاسها، وتعثّر حلّ الدولتين سيُعيد عقارب ساعة الحركة إلى الوراء. ثمّة حقيقة لا يمكن للهزيمة العسكرية أن تغيّرها. ثمّة نحو ستّة ملايين فلسطيني في القطاع وفي الضفّة وفي الداخل الإسرائيلي، ومثلهم في دول اللجوء، وهؤلاء سيكونون أفقاً لنماذج حمساوية في حال استؤنف استعصاء حلّ الدولتين.

نعم تجربة الإبادة كانت مريرة، وكانت أكلافها باهظة، و”حماس” أعجز من أن تُجري مراجعة، لكنّ القضيّة الفلسطينية ليست فكرة يمكن تجاوزها، إنها حقيقة وواقع. إنها ستّة ملايين مقيم وستّة ملايين لاجئ ومدن وقرى، وإذا كان من فشل أصاب مشروع نتانياهو فهو فشل طموحاته بالترانسفير سواء في غزّة أو في الضفّة الغربية، علماً أن نجاحه به في حال تمّ، سيعني زلزالاً يطيح دولاً وممالك ومجتمعات.

العالم من دون “حزب الله” شيء، ومن دون سلاحه شيء آخر! على رغم أن الفارق بين “حزب الله” وسلاحه طفيف، لا بل منعدم. هنا تكمن عقدة حصر السلاح بيد الدولة في لبنان، ذلك أن الحزب لا يمكن أن يتخيّل دوراً لنفسه من دون سلاحه. لا شيء يمكن أن يقوله للبنانيين، ولبيئته بشكل خاصّ، غير قضيّة السلاح. الحزب موجود ومهزوم ومتنازع، لكنّ انتقاله إلى ما بعد الهزيمة خطوة يعجز عن القيام بها. لا مشروع للحزب في دولة طبيعية. لكن مرّة أخرى، من سيرث الحزب في حال أفول زمنه؟ لا أحد جاهز حتى الآن. 

هذا الانسداد يجعل من احتمال لبنان من دون “حزب الله” صعباً. لكن لبنان مع “حزب الله” صعب أيضاً، لا بل مستحيل! إذاً ما العمل؟ الأفضل أن نستعيض عن هذا الانسداد بتخيّل انفراجة. مجرّد تخيّل يعيننا على تصريف أوقاتنا بانتظار شيء ما. 

وإذا توهّمنا أن الضلع الرابع في مربع الكابوس الشرق الأوسطي هو الأسهل، ونعني هنا سوريا، طالما أن بشّار الأسد ونظامه قد سقطا، ففي هذا الوهم تسرّع، ذلك أننا نقيس المعضلة بعلاقتها بإسرائيل، والأمر في سوريا يتعدّى المنطقة العازلة التي تطلبها إسرائيل في القنيطرة والجولان، فإسرائيل ما بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر (مع نتانياهو أو من دونه) في مكان آخر تماماً، وهي لن تقبل بمنطقة احتكاك بينها وبين دولة أحمد الشرع، في المستقبل المنظور على الأقلّ. الحزام الدرزي لا يغطّي كلّ المنطقة الحدودية الممتدّة إلى درعا. إذاً الخريطة لم تقفل بعد، وسوريا أمام احتمالات غير واضحة.

لكن على رغم  كل هذه الاستعصاءات، لا بأس أن نحلم بشرق أوسط من دون نتانياهو، لكن أيضاً من دون “حماس” و”حزب الله”، وأن نستبشر بالمصير الذي انتهى إليه بشّار الأسد، وبأن نرى بنيامين نتانياهو في المحكمة، سواء بتهمة الفساد التي تلاحقه، أو، وهو الأهمّ، بتهمة ارتكاب إبادة في غزّة.           

جنى بركات - صحافية لبنانية | 14.11.2025

“ستارلينك” لبنان: ما علاقتها بوزير الاتّصالات وبالشبهات المرتبطة بمعاقَب أميركياً؟ 

مع دخول "ستارلينك" إلى لبنان، برزت إشكالية حول مساعي الشركة الأميركية للتعاقد مع "Connect Services Liberia" كموزّع لخدمات "ستارلينك" في لبنان، من دون فتح باب المنافسة بين الشركات الأخرى، وهي الشركة التي سبق أن ترأّسها وزير الاتّصالات الحالي شارل الحاج. 
13.10.2025
زمن القراءة: 4 minutes

نعم تجربة الإبادة كانت مريرة، وكانت أكلافها باهظة، و”حماس” أعجز من أن تُجري مراجعة، لكنّ القضيّة الفلسطينية ليست فكرة يمكن تجاوزها، إنها حقيقة وواقع. إنها ستّة ملايين مقيم وستّة ملايين لاجئ ومدن وقرى، وإذا كان من فشل أصاب مشروع نتانياهو فهو فشل طموحاته بالترانسفير سواء في غزّة أو في الضفّة الغربية، علماً أن نجاحه به في حال تمّ، سيعني زلزالاً يطيح دولاً وممالك ومجتمعات.

كثُر الحديث بعد البدء بتنفيذ خطّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في غزّة، عن أن العالم لم يعد يتّسع لبنيامين نتانياهو. مؤشّرات ما زالت غير صلبة تجعل من هذا الاحتمال ممكناً. إجباره على القبول بخطّة ترامب كان مرفقاً بعبارة الرئيس الأميركي: “لا تستطيع أن تقاتل العالم كلّه، وعليك الموافقة على الخطّة”. 

وفي هذا السياق كتبت هآرتس في افتتاحيتها لهذا اليوم: “الأسرى يعودون إلى بيوتهم، وهذه لحظة فرح تاريخية، لكنها مشوبة بحقيقة مرّة: لقد عادوا رغماً عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لا بفضله”.

لنستبق الزمن ولنتخيّل شرق أوسط من دون نتانياهو! لنفتعل جرعة تفاؤل تساعدنا في التخيّل. ولنرفق افتراضنا الممكن وإن كان غير واقعي، بافتراض شرق أوسط من دون “حماس” ومن دون “حزب الله”، وبحقيقة شرق أوسط من دون بشّار الأسد! إذاً من هم اللاعبون الجدد، المؤثّرون بمستقبل المنطقة القريب والبعيد؟

إسرائيل أمام احتمالين أحلاهما مرّ، فأن تتّجه بعد نتانياهو إلى مزيد من اليمين هو احتمال قائم. الأرقام تقول ذلك، لكن من غير الواضح كيف سينتج هذا اليمين سلطة من دون نتانياهو. بن غفير وسموتريتش غير جاهزين لغير حقائب وزارية حتى الآن، ونتانياهو كان المخرج الوحيد أمام أحزاب اليمين الديني، وإلا فإن عزلة إسرائيل ستتعزّز. أما الاحتمال الثاني فهو خطوة صغيرة نحو الوسط، أي زعيم المعارضة يائير لبيد. لكن وصول لبيد يحتاج إلى كنيست آخر، أي إلى انتخابات، ذلك أن القوى التي تتوزّع مقاعد الكنيست لا تعطي لبيد هذه الفرصة.

إذاً، تعيش إسرائيل استعصاء يجعل من تخيّلنا لها من دون نتانياهو أمراً غير واقعي. ثم إنه من غير المؤكّد أن انتظار الانتخابات سيغيّر شيئاً في هذا الاستعصاء. عودة نتانياهو ممكنة، وجرعة مضاعفة من أحزاب اليمين الديني في الكنيست المقبل ممكنة أيضاً، والمخرج الوحيد من احتمالات مزيد من العزلة لن يكون إلا بنيامين نتانياهو.

لكن فلنمضِ بتخيّلنا طالما أن كلفته تقتصر على خيبة عابرة. هل سيكون عالم ما بعد الحرب من دون حركة “حماس”؟ الأرجح أن غزّة ستكون من دون “حماس”، أما المشرق فهو يضجّ بحماسات كثيرة، بدءاً من الضفّة الغربية ومروراً بالأردن ووصولاً إلى طهران والدوحة وأنقرة. ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستصرف الحركة الهزيمة التي مُنيت بها في القطاع. ناهيك بمؤشّرات بدأت تظهر لمماحكات حول تسليم السلاح في غزّة، تحاكي نظيرتها في لبنان. 

مزيد من اليمين في إسرائيل سيساعد “حماس” على التقاط أنفاسها، وتعثّر حلّ الدولتين سيُعيد عقارب ساعة الحركة إلى الوراء. ثمّة حقيقة لا يمكن للهزيمة العسكرية أن تغيّرها. ثمّة نحو ستّة ملايين فلسطيني في القطاع وفي الضفّة وفي الداخل الإسرائيلي، ومثلهم في دول اللجوء، وهؤلاء سيكونون أفقاً لنماذج حمساوية في حال استؤنف استعصاء حلّ الدولتين.

نعم تجربة الإبادة كانت مريرة، وكانت أكلافها باهظة، و”حماس” أعجز من أن تُجري مراجعة، لكنّ القضيّة الفلسطينية ليست فكرة يمكن تجاوزها، إنها حقيقة وواقع. إنها ستّة ملايين مقيم وستّة ملايين لاجئ ومدن وقرى، وإذا كان من فشل أصاب مشروع نتانياهو فهو فشل طموحاته بالترانسفير سواء في غزّة أو في الضفّة الغربية، علماً أن نجاحه به في حال تمّ، سيعني زلزالاً يطيح دولاً وممالك ومجتمعات.

العالم من دون “حزب الله” شيء، ومن دون سلاحه شيء آخر! على رغم أن الفارق بين “حزب الله” وسلاحه طفيف، لا بل منعدم. هنا تكمن عقدة حصر السلاح بيد الدولة في لبنان، ذلك أن الحزب لا يمكن أن يتخيّل دوراً لنفسه من دون سلاحه. لا شيء يمكن أن يقوله للبنانيين، ولبيئته بشكل خاصّ، غير قضيّة السلاح. الحزب موجود ومهزوم ومتنازع، لكنّ انتقاله إلى ما بعد الهزيمة خطوة يعجز عن القيام بها. لا مشروع للحزب في دولة طبيعية. لكن مرّة أخرى، من سيرث الحزب في حال أفول زمنه؟ لا أحد جاهز حتى الآن. 

هذا الانسداد يجعل من احتمال لبنان من دون “حزب الله” صعباً. لكن لبنان مع “حزب الله” صعب أيضاً، لا بل مستحيل! إذاً ما العمل؟ الأفضل أن نستعيض عن هذا الانسداد بتخيّل انفراجة. مجرّد تخيّل يعيننا على تصريف أوقاتنا بانتظار شيء ما. 

وإذا توهّمنا أن الضلع الرابع في مربع الكابوس الشرق الأوسطي هو الأسهل، ونعني هنا سوريا، طالما أن بشّار الأسد ونظامه قد سقطا، ففي هذا الوهم تسرّع، ذلك أننا نقيس المعضلة بعلاقتها بإسرائيل، والأمر في سوريا يتعدّى المنطقة العازلة التي تطلبها إسرائيل في القنيطرة والجولان، فإسرائيل ما بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر (مع نتانياهو أو من دونه) في مكان آخر تماماً، وهي لن تقبل بمنطقة احتكاك بينها وبين دولة أحمد الشرع، في المستقبل المنظور على الأقلّ. الحزام الدرزي لا يغطّي كلّ المنطقة الحدودية الممتدّة إلى درعا. إذاً الخريطة لم تقفل بعد، وسوريا أمام احتمالات غير واضحة.

لكن على رغم  كل هذه الاستعصاءات، لا بأس أن نحلم بشرق أوسط من دون نتانياهو، لكن أيضاً من دون “حماس” و”حزب الله”، وأن نستبشر بالمصير الذي انتهى إليه بشّار الأسد، وبأن نرى بنيامين نتانياهو في المحكمة، سواء بتهمة الفساد التي تلاحقه، أو، وهو الأهمّ، بتهمة ارتكاب إبادة في غزّة.           

13.10.2025
زمن القراءة: 4 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية