fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

هل كانت سنة 2017 سنة النساء في تونس؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم تكن سنة 2017 سنة رتيبة على نساء تونس، بل ربما سيتذكرنها بكثير من الفخر والثقة والرغبة بمواصلة التغيير.ثلاثة قرارات مهمة اتخذتها تونس عام 2017 في ما يتعلق بحقوق المرأة، يتعلق الأول بمصادقة البرلمان في 26 تموز/يوليو2017، على قانون مكافحة العنف ضد المرأة، الذي يقرُّ أحكامًا جنائية جديدة، ويجرم التحرش في الأماكن العامة، ويغرّم أرباب العمل الذي يميّزون ضد النساء في الأجور.فيما يتمثل القرار الثاني في إعلان الرئيس السبسي في عيد المرأة (13 أغسطس/آب 2017)، أن “المساواة بين الرجل والمرأة التي أقرها الدستور، يجب أن تشمل جميع المجالات بما فيها المساواة في الإرث”.ويتمثل القرار الثالث في إلغاء  يوم 14 سبتمبر /أيلول2017 منشور عام 1973، الذي كان يمنع التونسية من الزواج بغير المسلم.يدخل قانون مكافحة العنف ضد المرأة حيّز التنفيذ في يناير 2018 أي بعد أيام قليلة، ليكون أشدّ صرامة على مرتكبي شتّى أصناف العنف ضد المرأة. والحقيقة أن العنف ضد النساء منتشر في تونس، رغم القوانين الرادعة، ورغم بيئة قانونية تقر حقوقًا عدة للنساء، ف47%من التونسيات يتعرضن للعنف الأُسَري حسب أرقام الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري.وأهم ما نصّ عليه القانون الجديد، إلغاء حكمٍ كان يسمح للمغتصب بتفادي العقاب إذا تزوج من ضحيته، وهذا قانون موجود في معظم الدول العربية، ويمثل حصانة للمغتصب في مجتمعات تسلط عقوبات نفسية وجسدية تصل حدّ القتل…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تكن سنة 2017 سنة رتيبة على نساء تونس، بل ربما سيتذكرنها بكثير من الفخر والثقة والرغبة بمواصلة التغيير.ثلاثة قرارات مهمة اتخذتها تونس عام 2017 في ما يتعلق بحقوق المرأة، يتعلق الأول بمصادقة البرلمان في 26 تموز/يوليو2017، على قانون مكافحة العنف ضد المرأة، الذي يقرُّ أحكامًا جنائية جديدة، ويجرم التحرش في الأماكن العامة، ويغرّم أرباب العمل الذي يميّزون ضد النساء في الأجور.فيما يتمثل القرار الثاني في إعلان الرئيس السبسي في عيد المرأة (13 أغسطس/آب 2017)، أن “المساواة بين الرجل والمرأة التي أقرها الدستور، يجب أن تشمل جميع المجالات بما فيها المساواة في الإرث”.ويتمثل القرار الثالث في إلغاء  يوم 14 سبتمبر /أيلول2017 منشور عام 1973، الذي كان يمنع التونسية من الزواج بغير المسلم.يدخل قانون مكافحة العنف ضد المرأة حيّز التنفيذ في يناير 2018 أي بعد أيام قليلة، ليكون أشدّ صرامة على مرتكبي شتّى أصناف العنف ضد المرأة. والحقيقة أن العنف ضد النساء منتشر في تونس، رغم القوانين الرادعة، ورغم بيئة قانونية تقر حقوقًا عدة للنساء، ف47%من التونسيات يتعرضن للعنف الأُسَري حسب أرقام الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري.وأهم ما نصّ عليه القانون الجديد، إلغاء حكمٍ كان يسمح للمغتصب بتفادي العقاب إذا تزوج من ضحيته، وهذا قانون موجود في معظم الدول العربية، ويمثل حصانة للمغتصب في مجتمعات تسلط عقوبات نفسية وجسدية تصل حدّ القتل في حال تعرض المرأة لانتهاك يمس “شرفها”.هذا التشريع الجديد، يرسي الاعتراف بكل أشكال العنف (الجسدي والمعنوي والجنسي…) بعد أن كانت حالات عنف كثيرة تبقى دون ملاحقة، لأنها “شأن خاص” يدور خلف جدران البيوت.ويوفر القانون الجديد جميع أساليب الوقاية من العنف، ويلزم الدولة بالعمل على بثّ قيم المساواة ونبذ التمييز، داخل مختلف الأوساط سواء في المدرسة أو العمل أو الشارع أو داخل المحيط الأسري.أما في ما يتعلق بموضوع المساواة بين المرأة والرجل في الإرث المثير للجدل، فلنذكر بداية بأن ما حدث ليس إقرار تلك المساواة، بل فتح باب محاولة التشريع بشأنها، بعد أن كانت من المحظورات.وقد نصّ أول دستور لتونس بعد الثورة (دستور 2014) على المساواة بين الجنسين، إلا أن تلك الفقرة مرّت دون ضجة،عربيًّا على الأقل. لكن إعلان الرئيس السبسي في 13 آب/أغسطس‏ 2017 أن “المساواة بين الرجل والمرأة التي أقرّها الدستور يجب أن تشمل جميع المجالات بما فيها المساواة في الإرث”، كان كافياً لخلق سجال في الخارج قبل الداخل.والحقيقة فأن اقتراح السبسي، لم يولد في قصر قرطاج، بل سبق لجمعيات أن طرحته في مرحلة ما قبل الثورة. وقد سبق اتحاد المرأة (أقدم منظمة نسائية في تونس) إعلان السبسي، ليعلن أن : “المساواة في الإرث قابلة للتنفيذ في تونس طبقًا للدستور وقانون القضاء على العنف ضد المرأة”.كما سبق للنائب المهدي بن غربية (وقد صار وزيرًا اليوم)، أن تقدم في عام 2016 بقانون يقترح المساواة في الإرث، لكن بعد جمع توقيع عدد من النواب، اضطر إلى سحبه راضخًا لضغوط كتل نيابية أخرى.لم يصدر قانون بشأن المساواة في الإرث في تونس بعد، لكن تمّ إحداث “لجنة الحريات الفردية والمساواة”، التي شرعت في العمل لإعداد تقرير مفصل، حول ترجمة الإصلاحات المرتبطة بالمساواة بين الجنسين. لكن هذه اللجنة، قليلة الحضور إعلاميًا، وتنكب حاليًا على تشخيص الوضع، و جرد التشريعات التي تتضمن تمييزًا بين الجنسين. وقد توصلت حسب رئيسة اللجنة إلى وضع مقترحات تتعلق بالحقوق الفردية.دعونا نرى كيف كانت ردات الفعل على هذا المقترح، وهي ردات تراوحت في تونس بين تيار مرحب، وثانٍ رافض، وتيار ثالث يقول “مش وقته” (هذا ليس أوانه). انقسم الشارع التونسي محاكيًا انقسام السياسيين، بل وانقسام حتى المجتمع المدني، الذي كان يقدم نفسه مدافعًاعن الحقوق، مثل اتحاد الشغل الحائز على نوبل للسلام لعام 2015، الذي قال “مش وقته”.!!!لكن اللافت هو ترحيب دار الإفتاء التونسية، بهذا المقترح، في المقابل اعتبر عدد من علماء ومشايخ الزيتونة المساواة في الإرث “مسألة مغلوطة”. كما رحبت حركة النهضة المحسوبة على الإخوان بالمقترح في وقت كرر فيه الأزهر في أكثر من مناسبة، رفضه مضي تونس في اتجاه إقرار المساواة في الإرث. وتراوح تناول الإعلام التونسي لهذا الإعلان بين الترحيب واعتبار الخطوة حتى من ناحية الطرح “شجاعة”، وتتلائم مع روح الدستور، في مقابل لرفض المبطن ولنا في موقع “باب نات” مثالاً، حيث عَنْوَن الموضوع “جماعة المساواة في الميراث وسياسة المراحل”. أما الإعلام الغربي (بي بي سي/ يورونيوز/ سي أن أن) فقد تعاملوا مع الخبر بإبراز اختلاف وضع المرأة في تونس عن بقية الدول العربية.من جانبه أشاد الإعلام الفرنسي بالمقترح واعتبر ما يحدث في تونس “ثورة وتقدمًا في مشروع الإصلاح المجتمعي”. أما الإعلام القطري والمصري فقد كان تناولهما للموضوع مختلفًا، إذ ركزت الصحف القطرية على دعوة حزب تيار المحبة سحب الثقة من السبسي بسبب إعلانه.واختارت الجزيرة نت، أن تستكتب إسلاميين تونسيين للحديث عن الموضوع وجاء في أحد المقالات “خطب الشيخ الكبير الباجي قايد السبسي… وهو شيخٌ كبيرٌ قد خرج لتوِّهِ من مَتاهات التاريخ المُتلاشي”. ورحب بعض الإعلام المصري بالخطوة، فكتبت سحر عبد الرحمن  «نساء مصر ونساء تونس» وقالت، “أعتقدُ بأن الأوان قد حان لمواجهة وتغيير أنفسنا وطرق فكرنا العقيمة التي عفا عليها الدهر، ولنتخذ من تونس القدوة لتحطيم تابوهات التمييز». وكتبت رباب كمال  في «مصريات» مقالًا بعنوان «تونس .. شوكة في حلق الأزهر» ذكرت فيه كيف أن الأزهر في خمسينات القرن الماضي افتى بعدم ترشح او مشاركة المرأة في الانتخابات.  لكن قنوات مصرية اختارت استجواب شيوخ الأزهر ورموز التيارات السلفية المصرية، للتأكيد على الرفض القطعي للمساواة في الميراث.وبلغ بعلاء العريبي من صحيفة الوفد، أن دعا إلى استخدام القوة ضد تونس وكتب: «هل سنحارب تونس؟» مهاجمًا بعنف تونس ورئيسها واعتبر المساواة  «ردة عن الدين» وكانت هناك في مقاله إشارة واضحة لاستخدام القوة ضد تونس. أما القرار الثالث المتعلق بإلغاء كل النصوص المتعلقة بمنع زواج التونسية بغير المسلم (قانون 1973) فقد أحدث ضجة حقيقية في الداخل والخارج. ومن ردات الفعل المرحبة به، عبد الفتاح مورو القيادي في حركة النهضة الذي اعتبر أن “زواج التونسية بغير المسلم اختيار شخصي”، مشيرًا إلى أنه “يحق للمرأة ان تختار شريك حياتها حتى لو كان غير مسلم”.في المقابل رفضت نقابة عدول الإشهاد رغم عملها المدني إبرام عقود زواج المسلمة بغير المسلم. ولم يتأخر الأزهر  وعلى لسان عباس شومان وكيل الأزهر، في رفض هذا الإعلان فكتب: “زواج المسلمة من غير المسلم، فيه فقد المودة والسكن المقصود من الزواج”. ورغم وجود دار إفتاء خاصة بالتونسيين في تونس إلا أن الأزهر خاطب التونسيين وكأنه سلطة دينية عليهم. وسال حبر كثير عن الموضوع في الصحافة المصرية، فكتبت مصراوي: السيسي يثير أزمة دينية في تونس / علماء الزينونة ينتفضون.وكتب الإعلامي المصري باسم يوسف مرحباً : “ألف مبروك لتونس تعديل قرارات الزواج و المواريث و طز في اللي مش عاجبه و يا رب تطقوا. الاجابة دايما تونس.”وصدرت في الصحافة المصرية مقالات عدة عن الموضوع عناوينها:”تونس تشتعل بسبب المساواة فى الميراث وزواج المسلمة بغير المسلم”. كما كتب “في جدل المساواة بين المرأة والرجل.. «مصر ليست تونس» و “تونس تتحدي الجميع وتلغي قانونًا يمنع زواج التونسية من غير المسلم” و «التنويرية الدينية العربية» قد تبدأ أيضًا من هنا: الإجابة تونس.لكن بعض الإعلاميات المصريات لجأن إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بهذه القوانين. واستخدمت الإعلامية المصرية بسمة إبراهيم في هجومها على هذه القوانين عبارة “دويلة تونس”.وكفرت أخريات الشعب التونسي.ولنا أن نتساءل: هل المساواة رفاه؟ فالمجتمعات العربية التي تحكمها قوانين مدنية، تطبق بدورها شكلاً من أشكال الشريعة الإسلامية لتبرير الظلم على النساء، بما يخدم مصالح الرجال في الأسرة والمجتمع والسلطة.ويبدو أن الإعلام العربي وضع موضوع المساواة في مرتبة “المقدسات” التي لا يجوز المساس منها، مستكينًا إلى وضعية المرأة الدونية داعيًا إلى المحافظة عليها وكأنها “مكسب”.وكلما حاولت جهة مراجعة القوانين المتعلقة بالمرأة لرفع الظلم عنها، اصطدمت بإشكالية مصادر القوانين التي تهم المساواة، فهل علينا العودة إلى النص الديني كلما أردنا منح النساء حقوقًا طبيعية؟ ما الذي تجنيه المجتمعات التي لا تعترف بالمساواة بين الجنسين؟فالممارسات التمييزية ضد النساء ممارسات متجذرة في عمق الذاكرة الجماعية وتكاد تكون قاعدة سلوك لمجتمع بأسره. والأخطر هو ترسخ هذه الممارسات في الإعلام، ومحافظته على خطاب تمييزي إقصائي للمرأة يشارك فيه جنبًا إلى جنب دعاة دينيون ومذيعون ومذيعات.[video_player link=””][/video_player]

22.12.2017
زمن القراءة: 6 minutes

لم تكن سنة 2017 سنة رتيبة على نساء تونس، بل ربما سيتذكرنها بكثير من الفخر والثقة والرغبة بمواصلة التغيير.ثلاثة قرارات مهمة اتخذتها تونس عام 2017 في ما يتعلق بحقوق المرأة، يتعلق الأول بمصادقة البرلمان في 26 تموز/يوليو2017، على قانون مكافحة العنف ضد المرأة، الذي يقرُّ أحكامًا جنائية جديدة، ويجرم التحرش في الأماكن العامة، ويغرّم أرباب العمل الذي يميّزون ضد النساء في الأجور.فيما يتمثل القرار الثاني في إعلان الرئيس السبسي في عيد المرأة (13 أغسطس/آب 2017)، أن “المساواة بين الرجل والمرأة التي أقرها الدستور، يجب أن تشمل جميع المجالات بما فيها المساواة في الإرث”.ويتمثل القرار الثالث في إلغاء  يوم 14 سبتمبر /أيلول2017 منشور عام 1973، الذي كان يمنع التونسية من الزواج بغير المسلم.يدخل قانون مكافحة العنف ضد المرأة حيّز التنفيذ في يناير 2018 أي بعد أيام قليلة، ليكون أشدّ صرامة على مرتكبي شتّى أصناف العنف ضد المرأة. والحقيقة أن العنف ضد النساء منتشر في تونس، رغم القوانين الرادعة، ورغم بيئة قانونية تقر حقوقًا عدة للنساء، ف47%من التونسيات يتعرضن للعنف الأُسَري حسب أرقام الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري.وأهم ما نصّ عليه القانون الجديد، إلغاء حكمٍ كان يسمح للمغتصب بتفادي العقاب إذا تزوج من ضحيته، وهذا قانون موجود في معظم الدول العربية، ويمثل حصانة للمغتصب في مجتمعات تسلط عقوبات نفسية وجسدية تصل حدّ القتل في حال تعرض المرأة لانتهاك يمس “شرفها”.هذا التشريع الجديد، يرسي الاعتراف بكل أشكال العنف (الجسدي والمعنوي والجنسي…) بعد أن كانت حالات عنف كثيرة تبقى دون ملاحقة، لأنها “شأن خاص” يدور خلف جدران البيوت.ويوفر القانون الجديد جميع أساليب الوقاية من العنف، ويلزم الدولة بالعمل على بثّ قيم المساواة ونبذ التمييز، داخل مختلف الأوساط سواء في المدرسة أو العمل أو الشارع أو داخل المحيط الأسري.أما في ما يتعلق بموضوع المساواة بين المرأة والرجل في الإرث المثير للجدل، فلنذكر بداية بأن ما حدث ليس إقرار تلك المساواة، بل فتح باب محاولة التشريع بشأنها، بعد أن كانت من المحظورات.وقد نصّ أول دستور لتونس بعد الثورة (دستور 2014) على المساواة بين الجنسين، إلا أن تلك الفقرة مرّت دون ضجة،عربيًّا على الأقل. لكن إعلان الرئيس السبسي في 13 آب/أغسطس‏ 2017 أن “المساواة بين الرجل والمرأة التي أقرّها الدستور يجب أن تشمل جميع المجالات بما فيها المساواة في الإرث”، كان كافياً لخلق سجال في الخارج قبل الداخل.والحقيقة فأن اقتراح السبسي، لم يولد في قصر قرطاج، بل سبق لجمعيات أن طرحته في مرحلة ما قبل الثورة. وقد سبق اتحاد المرأة (أقدم منظمة نسائية في تونس) إعلان السبسي، ليعلن أن : “المساواة في الإرث قابلة للتنفيذ في تونس طبقًا للدستور وقانون القضاء على العنف ضد المرأة”.كما سبق للنائب المهدي بن غربية (وقد صار وزيرًا اليوم)، أن تقدم في عام 2016 بقانون يقترح المساواة في الإرث، لكن بعد جمع توقيع عدد من النواب، اضطر إلى سحبه راضخًا لضغوط كتل نيابية أخرى.لم يصدر قانون بشأن المساواة في الإرث في تونس بعد، لكن تمّ إحداث “لجنة الحريات الفردية والمساواة”، التي شرعت في العمل لإعداد تقرير مفصل، حول ترجمة الإصلاحات المرتبطة بالمساواة بين الجنسين. لكن هذه اللجنة، قليلة الحضور إعلاميًا، وتنكب حاليًا على تشخيص الوضع، و جرد التشريعات التي تتضمن تمييزًا بين الجنسين. وقد توصلت حسب رئيسة اللجنة إلى وضع مقترحات تتعلق بالحقوق الفردية.دعونا نرى كيف كانت ردات الفعل على هذا المقترح، وهي ردات تراوحت في تونس بين تيار مرحب، وثانٍ رافض، وتيار ثالث يقول “مش وقته” (هذا ليس أوانه). انقسم الشارع التونسي محاكيًا انقسام السياسيين، بل وانقسام حتى المجتمع المدني، الذي كان يقدم نفسه مدافعًاعن الحقوق، مثل اتحاد الشغل الحائز على نوبل للسلام لعام 2015، الذي قال “مش وقته”.!!!لكن اللافت هو ترحيب دار الإفتاء التونسية، بهذا المقترح، في المقابل اعتبر عدد من علماء ومشايخ الزيتونة المساواة في الإرث “مسألة مغلوطة”. كما رحبت حركة النهضة المحسوبة على الإخوان بالمقترح في وقت كرر فيه الأزهر في أكثر من مناسبة، رفضه مضي تونس في اتجاه إقرار المساواة في الإرث. وتراوح تناول الإعلام التونسي لهذا الإعلان بين الترحيب واعتبار الخطوة حتى من ناحية الطرح “شجاعة”، وتتلائم مع روح الدستور، في مقابل لرفض المبطن ولنا في موقع “باب نات” مثالاً، حيث عَنْوَن الموضوع “جماعة المساواة في الميراث وسياسة المراحل”. أما الإعلام الغربي (بي بي سي/ يورونيوز/ سي أن أن) فقد تعاملوا مع الخبر بإبراز اختلاف وضع المرأة في تونس عن بقية الدول العربية.من جانبه أشاد الإعلام الفرنسي بالمقترح واعتبر ما يحدث في تونس “ثورة وتقدمًا في مشروع الإصلاح المجتمعي”. أما الإعلام القطري والمصري فقد كان تناولهما للموضوع مختلفًا، إذ ركزت الصحف القطرية على دعوة حزب تيار المحبة سحب الثقة من السبسي بسبب إعلانه.واختارت الجزيرة نت، أن تستكتب إسلاميين تونسيين للحديث عن الموضوع وجاء في أحد المقالات “خطب الشيخ الكبير الباجي قايد السبسي… وهو شيخٌ كبيرٌ قد خرج لتوِّهِ من مَتاهات التاريخ المُتلاشي”. ورحب بعض الإعلام المصري بالخطوة، فكتبت سحر عبد الرحمن  «نساء مصر ونساء تونس» وقالت، “أعتقدُ بأن الأوان قد حان لمواجهة وتغيير أنفسنا وطرق فكرنا العقيمة التي عفا عليها الدهر، ولنتخذ من تونس القدوة لتحطيم تابوهات التمييز». وكتبت رباب كمال  في «مصريات» مقالًا بعنوان «تونس .. شوكة في حلق الأزهر» ذكرت فيه كيف أن الأزهر في خمسينات القرن الماضي افتى بعدم ترشح او مشاركة المرأة في الانتخابات.  لكن قنوات مصرية اختارت استجواب شيوخ الأزهر ورموز التيارات السلفية المصرية، للتأكيد على الرفض القطعي للمساواة في الميراث.وبلغ بعلاء العريبي من صحيفة الوفد، أن دعا إلى استخدام القوة ضد تونس وكتب: «هل سنحارب تونس؟» مهاجمًا بعنف تونس ورئيسها واعتبر المساواة  «ردة عن الدين» وكانت هناك في مقاله إشارة واضحة لاستخدام القوة ضد تونس. أما القرار الثالث المتعلق بإلغاء كل النصوص المتعلقة بمنع زواج التونسية بغير المسلم (قانون 1973) فقد أحدث ضجة حقيقية في الداخل والخارج. ومن ردات الفعل المرحبة به، عبد الفتاح مورو القيادي في حركة النهضة الذي اعتبر أن “زواج التونسية بغير المسلم اختيار شخصي”، مشيرًا إلى أنه “يحق للمرأة ان تختار شريك حياتها حتى لو كان غير مسلم”.في المقابل رفضت نقابة عدول الإشهاد رغم عملها المدني إبرام عقود زواج المسلمة بغير المسلم. ولم يتأخر الأزهر  وعلى لسان عباس شومان وكيل الأزهر، في رفض هذا الإعلان فكتب: “زواج المسلمة من غير المسلم، فيه فقد المودة والسكن المقصود من الزواج”. ورغم وجود دار إفتاء خاصة بالتونسيين في تونس إلا أن الأزهر خاطب التونسيين وكأنه سلطة دينية عليهم. وسال حبر كثير عن الموضوع في الصحافة المصرية، فكتبت مصراوي: السيسي يثير أزمة دينية في تونس / علماء الزينونة ينتفضون.وكتب الإعلامي المصري باسم يوسف مرحباً : “ألف مبروك لتونس تعديل قرارات الزواج و المواريث و طز في اللي مش عاجبه و يا رب

لم تكن سنة 2017 سنة رتيبة على نساء تونس، بل ربما سيتذكرنها بكثير من الفخر والثقة والرغبة بمواصلة التغيير.ثلاثة قرارات مهمة اتخذتها تونس عام 2017 في ما يتعلق بحقوق المرأة، يتعلق الأول بمصادقة البرلمان في 26 تموز/يوليو2017، على قانون مكافحة العنف ضد المرأة، الذي يقرُّ أحكامًا جنائية جديدة، ويجرم التحرش في الأماكن العامة، ويغرّم أرباب العمل الذي يميّزون ضد النساء في الأجور.فيما يتمثل القرار الثاني في إعلان الرئيس السبسي في عيد المرأة (13 أغسطس/آب 2017)، أن “المساواة بين الرجل والمرأة التي أقرها الدستور، يجب أن تشمل جميع المجالات بما فيها المساواة في الإرث”.ويتمثل القرار الثالث في إلغاء  يوم 14 سبتمبر /أيلول2017 منشور عام 1973، الذي كان يمنع التونسية من الزواج بغير المسلم.يدخل قانون مكافحة العنف ضد المرأة حيّز التنفيذ في يناير 2018 أي بعد أيام قليلة، ليكون أشدّ صرامة على مرتكبي شتّى أصناف العنف ضد المرأة. والحقيقة أن العنف ضد النساء منتشر في تونس، رغم القوانين الرادعة، ورغم بيئة قانونية تقر حقوقًا عدة للنساء، ف47%من التونسيات يتعرضن للعنف الأُسَري حسب أرقام الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري.وأهم ما نصّ عليه القانون الجديد، إلغاء حكمٍ كان يسمح للمغتصب بتفادي العقاب إذا تزوج من ضحيته، وهذا قانون موجود في معظم الدول العربية، ويمثل حصانة للمغتصب في مجتمعات تسلط عقوبات نفسية وجسدية تصل حدّ القتل في حال تعرض المرأة لانتهاك يمس “شرفها”.هذا التشريع الجديد، يرسي الاعتراف بكل أشكال العنف (الجسدي والمعنوي والجنسي…) بعد أن كانت حالات عنف كثيرة تبقى دون ملاحقة، لأنها “شأن خاص” يدور خلف جدران البيوت.ويوفر القانون الجديد جميع أساليب الوقاية من العنف، ويلزم الدولة بالعمل على بثّ قيم المساواة ونبذ التمييز، داخل مختلف الأوساط سواء في المدرسة أو العمل أو الشارع أو داخل المحيط الأسري.أما في ما يتعلق بموضوع المساواة بين المرأة والرجل في الإرث المثير للجدل، فلنذكر بداية بأن ما حدث ليس إقرار تلك المساواة، بل فتح باب محاولة التشريع بشأنها، بعد أن كانت من المحظورات.وقد نصّ أول دستور لتونس بعد الثورة (دستور 2014) على المساواة بين الجنسين، إلا أن تلك الفقرة مرّت دون ضجة،عربيًّا على الأقل. لكن إعلان الرئيس السبسي في 13 آب/أغسطس‏ 2017 أن “المساواة بين الرجل والمرأة التي أقرّها الدستور يجب أن تشمل جميع المجالات بما فيها المساواة في الإرث”، كان كافياً لخلق سجال في الخارج قبل الداخل.والحقيقة فأن اقتراح السبسي، لم يولد في قصر قرطاج، بل سبق لجمعيات أن طرحته في مرحلة ما قبل الثورة. وقد سبق اتحاد المرأة (أقدم منظمة نسائية في تونس) إعلان السبسي، ليعلن أن : “المساواة في الإرث قابلة للتنفيذ في تونس طبقًا للدستور وقانون القضاء على العنف ضد المرأة”.كما سبق للنائب المهدي بن غربية (وقد صار وزيرًا اليوم)، أن تقدم في عام 2016 بقانون يقترح المساواة في الإرث، لكن بعد جمع توقيع عدد من النواب، اضطر إلى سحبه راضخًا لضغوط كتل نيابية أخرى.لم يصدر قانون بشأن المساواة في الإرث في تونس بعد، لكن تمّ إحداث “لجنة الحريات الفردية والمساواة”، التي شرعت في العمل لإعداد تقرير مفصل، حول ترجمة الإصلاحات المرتبطة بالمساواة بين الجنسين. لكن هذه اللجنة، قليلة الحضور إعلاميًا، وتنكب حاليًا على تشخيص الوضع، و جرد التشريعات التي تتضمن تمييزًا بين الجنسين. وقد توصلت حسب رئيسة اللجنة إلى وضع مقترحات تتعلق بالحقوق الفردية.دعونا نرى كيف كانت ردات الفعل على هذا المقترح، وهي ردات تراوحت في تونس بين تيار مرحب، وثانٍ رافض، وتيار ثالث يقول “مش وقته” (هذا ليس أوانه). انقسم الشارع التونسي محاكيًا انقسام السياسيين، بل وانقسام حتى المجتمع المدني، الذي كان يقدم نفسه مدافعًاعن الحقوق، مثل اتحاد الشغل الحائز على نوبل للسلام لعام 2015، الذي قال “مش وقته”.!!!لكن اللافت هو ترحيب دار الإفتاء التونسية، بهذا المقترح، في المقابل اعتبر عدد من علماء ومشايخ الزيتونة المساواة في الإرث “مسألة مغلوطة”. كما رحبت حركة النهضة المحسوبة على الإخوان بالمقترح في وقت كرر فيه الأزهر في أكثر من مناسبة، رفضه مضي تونس في اتجاه إقرار المساواة في الإرث. وتراوح تناول الإعلام التونسي لهذا الإعلان بين الترحيب واعتبار الخطوة حتى من ناحية الطرح “شجاعة”، وتتلائم مع روح الدستور، في مقابل لرفض المبطن ولنا في موقع “باب نات” مثالاً، حيث عَنْوَن الموضوع “جماعة المساواة في الميراث وسياسة المراحل”. أما الإعلام الغربي (بي بي سي/ يورونيوز/ سي أن أن) فقد تعاملوا مع الخبر بإبراز اختلاف وضع المرأة في تونس عن بقية الدول العربية.من جانبه أشاد الإعلام الفرنسي بالمقترح واعتبر ما يحدث في تونس “ثورة وتقدمًا في مشروع الإصلاح المجتمعي”. أما الإعلام القطري والمصري فقد كان تناولهما للموضوع مختلفًا، إذ ركزت الصحف القطرية على دعوة حزب تيار المحبة سحب الثقة من السبسي بسبب إعلانه.واختارت الجزيرة نت، أن تستكتب إسلاميين تونسيين للحديث عن الموضوع وجاء في أحد المقالات “خطب الشيخ الكبير الباجي قايد السبسي… وهو شيخٌ كبيرٌ قد خرج لتوِّهِ من مَتاهات التاريخ المُتلاشي”. ورحب بعض الإعلام المصري بالخطوة، فكتبت سحر عبد الرحمن  «نساء مصر ونساء تونس» وقالت، “أعتقدُ بأن الأوان قد حان لمواجهة وتغيير أنفسنا وطرق فكرنا العقيمة التي عفا عليها الدهر، ولنتخذ من تونس القدوة لتحطيم تابوهات التمييز». وكتبت رباب كمال  في «مصريات» مقالًا بعنوان «تونس .. شوكة في حلق الأزهر» ذكرت فيه كيف أن الأزهر في خمسينات القرن الماضي افتى بعدم ترشح او مشاركة المرأة في الانتخابات.  لكن قنوات مصرية اختارت استجواب شيوخ الأزهر ورموز التيارات السلفية المصرية، للتأكيد على الرفض القطعي للمساواة في الميراث.وبلغ بعلاء العريبي من صحيفة الوفد، أن دعا إلى استخدام القوة ضد تونس وكتب: «هل سنحارب تونس؟» مهاجمًا بعنف تونس ورئيسها واعتبر المساواة  «ردة عن الدين» وكانت هناك في مقاله إشارة واضحة لاستخدام القوة ضد تونس. أما القرار الثالث المتعلق بإلغاء كل النصوص المتعلقة بمنع زواج التونسية بغير المسلم (قانون 1973) فقد أحدث ضجة حقيقية في الداخل والخارج. ومن ردات الفعل المرحبة به، عبد الفتاح مورو القيادي في حركة النهضة الذي اعتبر أن “زواج التونسية بغير المسلم اختيار شخصي”، مشيرًا إلى أنه “يحق للمرأة ان تختار شريك حياتها حتى لو كان غير مسلم”.في المقابل رفضت نقابة عدول الإشهاد رغم عملها المدني إبرام عقود زواج المسلمة بغير المسلم. ولم يتأخر الأزهر  وعلى لسان عباس شومان وكيل الأزهر، في رفض هذا الإعلان فكتب: “زواج المسلمة من غير المسلم، فيه فقد المودة والسكن المقصود من الزواج”. ورغم وجود دار إفتاء خاصة بالتونسيين في تونس إلا أن الأزهر خاطب التونسيين وكأنه سلطة دينية عليهم. وسال حبر كثير عن الموضوع في الصحافة المصرية، فكتبت مصراوي: السيسي يثير أزمة دينية في تونس / علماء الزينونة ينتفضون.وكتب الإعلامي المصري باسم يوسف مرحباً : “ألف مبروك لتونس تعديل قرارات الزواج و المواريث و طز في اللي مش عاجبه و يا رب تطقوا. الاجابة دايما تونس.”وصدرت في الصحافة المصرية مقالات عدة عن الموضوع عناوينها:”تونس تشتعل بسبب المساواة فى الميراث وزواج المسلمة بغير المسلم”. كما كتب “في جدل المساواة بين المرأة والرجل.. «مصر ليست تونس» و “تونس تتحدي الجميع وتلغي قانونًا يمنع زواج التونسية من غير المسلم” و «التنويرية الدينية العربية» قد تبدأ أيضًا من هنا: الإجابة تونس.لكن بعض الإعلاميات المصريات لجأن إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بهذه القوانين. واستخدمت الإعلامية المصرية بسمة إبراهيم في هجومها على هذه القوانين عبارة “دويلة تونس”.وكفرت أخريات الشعب التونسي.ولنا أن نتساءل: هل المساواة رفاه؟ فالمجتمعات العربية التي تحكمها قوانين مدنية، تطبق بدورها شكلاً من أشكال الشريعة الإسلامية لتبرير الظلم على النساء، بما يخدم مصالح الرجال في الأسرة والمجتمع والسلطة.ويبدو أن الإعلام العربي وضع موضوع المساواة في مرتبة “المقدسات” التي لا يجوز المساس منها، مستكينًا إلى وضعية المرأة الدونية داعيًا إلى المحافظة عليها وكأنها “مكسب”.وكلما حاولت جهة مراجعة القوانين المتعلقة بالمرأة لرفع الظلم عنها، اصطدمت بإشكالية مصادر القوانين التي تهم المساواة، فهل علينا العودة إلى النص الديني كلما أردنا منح النساء حقوقًا طبيعية؟ ما الذي تجنيه المجتمعات التي لا تعترف بالمساواة بين الجنسين؟فالممارسات التمييزية ضد النساء ممارسات متجذرة في عمق الذاكرة الجماعية وتكاد تكون قاعدة سلوك لمجتمع بأسره. والأخطر هو ترسخ هذه الممارسات في الإعلام، ومحافظته على خطاب تمييزي إقصائي للمرأة يشارك فيه جنبًا إلى جنب دعاة دينيون ومذيعون ومذيعات.[video_player link=””][/video_player]