fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

هل يمكن استعادة الأموال السوريّة التي نهبها رجال الأسد؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

منذ سقوط نظام بشار الأسد، أصبح المستقبل السياسي للدولة السورية محوراً لتحليلات سياسية متباينة، تراوحت بين أحلام الازدهار وبين سيناريوهات دموية وشبح التقسيم. والغوص في هذه التحليلات يبدو مبكراً في ظل تعقّد الأزمات الجيوسياسية في المنطقة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعيداً من الجوانب السياسية، تظهر على الساحة قضايا قانونية محورية مرتبطة بالمرحلة الانتقالية، منها قانون المصالحة الوطنية. يرتبط هذا القانون ارتباطاً وثيقاً بالوضع السياسي وشكل النظام الذي ستشهده سوريا في المستقبل. ولعل التريث في تحليل هذا الملف ضرورة بالنظر إلى غموض المرحلة الحالية. مثال على ذلك هو الحالة الليبية، حيث لم يتم إقرار قانون المصالحة الوطنية إلا الأسبوع الماضي، بعد أكثر من إحدى عشرة سنة من الصراعات الداخلية الدامية.

في هذا السياق، يبدو من الأكثر واقعية التركيز على قضايا قانونية يمكن أن تحظى بإجماع شعبي، مثل ملف استرداد الأموال المنهوبة، بخاصة تلك المرتبطة بعائلة الأسد، التي يُعتقد أنها تمتلك أصولاً مالية وعقارية كبيرة في الخارج. يمكن لهذا الموضوع أن يُدار بمنهج قانوني بحت، بعيداً من التجاذبات السياسية، نظراً الى ما توفره الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من أسس لتنظيم هذه العمليات.

مفهوم استرداد الأموال المنهوبة

استرداد الأموال المنهوبة هو عملية قانونية تهدف إلى إعادة الأموال أو الممتلكات التي صودرت أو اختُلست بطرق غير شرعية، كقضايا الفساد، التهرب الضريبي، أو الجرائم المالية الأخرى. وقد نص الفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (معاهدة ميريدا) على أن: “إعادة الأصول بموجب هذا الفصل تُعتبر مبدأً أساسياً في الاتفاقية، ويلتزم الأطراف بتقديم أقصى درجات التعاون في هذا المجال”. يتناول هذا الفصل تحديداً الأصول التي نُقلت إلى الخارج بواسطة موظفين عموميين أو شخصيات سياسية.  

حتى اليوم، انضمت 165 دولة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (معاهدة فيينا)، لكن سوريا لم تكن من بين الموقّعين على هذه الاتفاقية. لكن السؤال الأهم: هل يشكل عدم انضمام سوريا إلى هذه الاتفاقية عائقاً أمام تجميد أموال المسؤولين السوريين واستعادتها؟

للإجابة عن السؤال يجب التفريق بين مرحلتين: مرحلة تجميد الأصول المنهوبة في الخارج  من جهة، وإمكانية استرداد الأموال أي إرسالها الى الدولة السورية لاستخدامها في مشاريع إنمائية من جهة أخرى.

تجميد أصول المسؤولين

بالنسبة الى تجميد أصول المسؤولين السياسيين السوريين، ومن بينهم بشار الأسد، لا تعتمد هذه العملية على توقيع سوريا على الاتفاقية، بل على قوانين الدول التي توجد فيها هذه الأصول، سواء كانت أموالاً منقولة أو غير منقولة. فمثلاً، تمكنت منظمات مثل “شِربا” ومنظمة الشفافية الدولية في فرنسا وسويسرا من تقديم شكاوى قضائية والمطالبة بتجميد أصول مسؤولين سياسيين تورطوا في قضايا فساد.

ومن أبرز القضايا الدولية في هذا السياق، قضية الجنرال النيجيري ساني أباتشا، حيث نجح المجتمع المدني في عام 2017 في استعادة أكثر من 300 مليون دولار أميركي لدولة نيجيريا من حسابات في سويسرا.

أما بالنسبة الى سوريا، فقد شهدت قضية رفعت الأسد تطوراً لافتاً، إذ قامت منظمة “شربا” في عام 2013 بتقديم شكوى جنائية أمام القضاء الفرنسي، تتّهمه فيها بارتكاب جرائم فساد وتبييض الأموال. وعلى إثر تحقيقات امتدت لسنوات، أصدر القضاء الفرنسي في عام 2022 حكماً بالسجن أربع سنوات على رفعت الأسد، إلى جانب مصادرة أصول عقارية تُقدر قيمتها بـ90 مليون يورو، كان حصل عليها بطرق غير قانونية.

تُعد هذه القضية نموذجاً بارزاً لتضافر جهود المجتمع المدني والقضاء في تتبّع الأموال المنهوبة وإثبات مصادرها غير الشرعية، وهو ما يبرز الدور الحيوي للمساءلة القانونية حتى خارج إطار اتفاقيات دولية، مثل معاهدة مكافحة الفساد.

 عن إمكانية استرداد الأموال المنهوبة الى الدولة السورية

أما في ما يتعلق بالشق الثاني، وهو إمكانية استرداد الأموال المنهوبة، فتعتمد هذه العملية أساساً على وجود تواصل وتنسيق بين الدولة التي حجزت الأموال والدولة المعنية بتلقّي الأموال المجمّدة.

في حالة سوريا، فإن ضعف القوانين الوطنية وتراكم العقوبات الدولية قد يجعلان الأمل بالمطالبة بملف استعادة الأموال المنهوبة ضعيفاً، بخاصة أن ضعف النظم القضائية في الدول التي عانت من الفساد واستغلال الأموال والنفوذ، يشكل غالباً عائقاً إضافياً أمام استرداد الأصول، لا سيما بعد سقوط الأنظمة الفاسدة.

مع ذلك، يُلاحظ أن الدول التي تُعد وجهة سهلة لتهريب الأموال تكون نفسها مجهزة عادةً بأنظمة قانونية وآليات متطورة تهدف إلى تسهيل استرداد الأموال المنهوبة للشعوب المتضررة. كما أن هذه الدول تسعى في كثير من الأحيان إلى إقامة حوار بناء مع الدول الضحية لضمان توجيه الأموال المصادرة بشكل شفاف لخدمة المصالح العامة.

 نذكر من هذه الدول الولايات المتحدة وسويسرا اللتين تتمتعان بنظام قانوني يسمح بتحويل الأموال المصادرة مباشرة الى جمعيات التي لا تبغى الربح . على سبيل المثال، يمكن تسليط الضوء على قضية استرداد الأموال المنهوبة المتعلقة بجمهورية كازاخستان، التي تُعد نموذجاً عملياً لتعاون دولي فعال. في عام 2007، نجحت الولايات المتحدة وسويسرا، بالتعاون مع كازاخستان، في التوصل إلى اتفاق أعيد بموجبه نحو 115 مليون دولار أميركي كانت هُرّبت بطريقة غير شرعية.

وُجِّهت هذه الأموال المستعادة مباشرة إلى الشعب الكازاخستاني من خلال إنشاء مؤسسة مستقلة تُسمى “بوتا لتنمية الأطفال والشباب الكازاخيين”. وقد كانت هذه الخطوة مثالاً على توظيف الأصول المجمدة بشكل يخدم التنمية ويعزز الشفافية، ما يساهم في إعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها.

تعكس هذه التجربة أهمية التعاون بين الدول المعنية وضرورة تبني آليات شفافة وفعالة لإدارة الأصول المستردة، بما يضمن توجيهها لتحقيق أهداف تنموية ملموسة للشعوب المتضررة.

وذهب القانون السويسري أبعد من ذلك من حيث تأمين آلية مباشرة لاسترجاع الأموال المنهوبة، إذ قضت المحكمة الفيدرالية العليا في سويسرا سنة 2005 بأن أصول الرئيس النيجيري السابق ساني أباتشا المجمّدة في سويسرا كانت من مصدر غير مشروع ويمكن إعادتها إلى نيجيريا حتى وإن لم تصدر الدولة أمراً بالمصادرة. وقد اتفقت سويسرا ونيجيريا على أن يراقب البنك الدولي استخدام هذه الأصول التي بلغت قيمتها 700 مليون دولار أميركي.

كما أشرنا سابقاً، فإن قضية استرجاع الأموال المنهوبة قد تمثل عاملاً موحداً للسوريين، بخاصة إذا نجحت الدولة في وضع يدها على ممتلكات عائلة الأسد والمسؤولين السياسيين رفيعي المستوى الذين تورطوا في الفساد واستغلال النفوذ. مع ذلك، فإن توسيع نطاق هذه الجهود ليشمل رجال أعمال قد لا يتمتعون بنفوذ سياسي واضح أو لم يتورطوا بشكل مباشر في عمليات الفساد، يُعد مسألة حساسة تحتاج إلى نقاش شامل تحت إطار قانون المصالحة الوطنية.

معالجة هذه القضية يجب أن ترتكز على مبادئ العدالة والإنصاف، مع مراعاة عدم التوسع في الاتهامات بشكل عشوائي لضمان الحفاظ على البيئة الاقتصادية وتشجيع المصالحة المجتمعية. يجب أن تتيح هذه العملية للشعب السوري فرصة لبناء الثقة بقوة القانون من خلال إنشاء نظام قضائي عادل وشفاف يتمكن من تحديد المسؤوليات بدقة، بعيداً من التسييس أو الانتقام.

ولكي تحظى هذه الجهود بمصداقية داخلية ودولية، فإن العمل على إرساء دولة القانون هو الأولوية الأساسية. دولة يطمئّن فيها المواطنون إلى أن الحقوق تُحمى، وأن العدالة تُطبق على الجميع من دون تمييز. كما أن تعزيز ثقة المجتمع الدولي بدولة القانون السورية الجديدة يعد ضرورياً لتأمين الدعم في عمليات استرداد الأصول المنهوبة والمضي قدماً نحو إعادة الإعمار والتنمية الشاملة.

بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 01.02.2025

في اليوم العالمي للحجاب: مانيفستو لحجاب اختياري

الحجاب مجرد عادة، تحوّلت بحكم العُرف إلى مظهر ديني، ليس أكثر، فمفسرو القرآن الأوائل الذين استسهلوا النقل وغلّبوه على العقل، لمحدودية معارفهم وضعف قدراتهم التحليلية آنذاك، فسروا "آيات الحجاب" بمعزل عن سياقها التاريخي وأسباب نزولها…
24.01.2025
زمن القراءة: 5 minutes

منذ سقوط نظام بشار الأسد، أصبح المستقبل السياسي للدولة السورية محوراً لتحليلات سياسية متباينة، تراوحت بين أحلام الازدهار وبين سيناريوهات دموية وشبح التقسيم. والغوص في هذه التحليلات يبدو مبكراً في ظل تعقّد الأزمات الجيوسياسية في المنطقة.

بعيداً من الجوانب السياسية، تظهر على الساحة قضايا قانونية محورية مرتبطة بالمرحلة الانتقالية، منها قانون المصالحة الوطنية. يرتبط هذا القانون ارتباطاً وثيقاً بالوضع السياسي وشكل النظام الذي ستشهده سوريا في المستقبل. ولعل التريث في تحليل هذا الملف ضرورة بالنظر إلى غموض المرحلة الحالية. مثال على ذلك هو الحالة الليبية، حيث لم يتم إقرار قانون المصالحة الوطنية إلا الأسبوع الماضي، بعد أكثر من إحدى عشرة سنة من الصراعات الداخلية الدامية.

في هذا السياق، يبدو من الأكثر واقعية التركيز على قضايا قانونية يمكن أن تحظى بإجماع شعبي، مثل ملف استرداد الأموال المنهوبة، بخاصة تلك المرتبطة بعائلة الأسد، التي يُعتقد أنها تمتلك أصولاً مالية وعقارية كبيرة في الخارج. يمكن لهذا الموضوع أن يُدار بمنهج قانوني بحت، بعيداً من التجاذبات السياسية، نظراً الى ما توفره الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من أسس لتنظيم هذه العمليات.

مفهوم استرداد الأموال المنهوبة

استرداد الأموال المنهوبة هو عملية قانونية تهدف إلى إعادة الأموال أو الممتلكات التي صودرت أو اختُلست بطرق غير شرعية، كقضايا الفساد، التهرب الضريبي، أو الجرائم المالية الأخرى. وقد نص الفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (معاهدة ميريدا) على أن: “إعادة الأصول بموجب هذا الفصل تُعتبر مبدأً أساسياً في الاتفاقية، ويلتزم الأطراف بتقديم أقصى درجات التعاون في هذا المجال”. يتناول هذا الفصل تحديداً الأصول التي نُقلت إلى الخارج بواسطة موظفين عموميين أو شخصيات سياسية.  

حتى اليوم، انضمت 165 دولة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (معاهدة فيينا)، لكن سوريا لم تكن من بين الموقّعين على هذه الاتفاقية. لكن السؤال الأهم: هل يشكل عدم انضمام سوريا إلى هذه الاتفاقية عائقاً أمام تجميد أموال المسؤولين السوريين واستعادتها؟

للإجابة عن السؤال يجب التفريق بين مرحلتين: مرحلة تجميد الأصول المنهوبة في الخارج  من جهة، وإمكانية استرداد الأموال أي إرسالها الى الدولة السورية لاستخدامها في مشاريع إنمائية من جهة أخرى.

تجميد أصول المسؤولين

بالنسبة الى تجميد أصول المسؤولين السياسيين السوريين، ومن بينهم بشار الأسد، لا تعتمد هذه العملية على توقيع سوريا على الاتفاقية، بل على قوانين الدول التي توجد فيها هذه الأصول، سواء كانت أموالاً منقولة أو غير منقولة. فمثلاً، تمكنت منظمات مثل “شِربا” ومنظمة الشفافية الدولية في فرنسا وسويسرا من تقديم شكاوى قضائية والمطالبة بتجميد أصول مسؤولين سياسيين تورطوا في قضايا فساد.

ومن أبرز القضايا الدولية في هذا السياق، قضية الجنرال النيجيري ساني أباتشا، حيث نجح المجتمع المدني في عام 2017 في استعادة أكثر من 300 مليون دولار أميركي لدولة نيجيريا من حسابات في سويسرا.

أما بالنسبة الى سوريا، فقد شهدت قضية رفعت الأسد تطوراً لافتاً، إذ قامت منظمة “شربا” في عام 2013 بتقديم شكوى جنائية أمام القضاء الفرنسي، تتّهمه فيها بارتكاب جرائم فساد وتبييض الأموال. وعلى إثر تحقيقات امتدت لسنوات، أصدر القضاء الفرنسي في عام 2022 حكماً بالسجن أربع سنوات على رفعت الأسد، إلى جانب مصادرة أصول عقارية تُقدر قيمتها بـ90 مليون يورو، كان حصل عليها بطرق غير قانونية.

تُعد هذه القضية نموذجاً بارزاً لتضافر جهود المجتمع المدني والقضاء في تتبّع الأموال المنهوبة وإثبات مصادرها غير الشرعية، وهو ما يبرز الدور الحيوي للمساءلة القانونية حتى خارج إطار اتفاقيات دولية، مثل معاهدة مكافحة الفساد.

 عن إمكانية استرداد الأموال المنهوبة الى الدولة السورية

أما في ما يتعلق بالشق الثاني، وهو إمكانية استرداد الأموال المنهوبة، فتعتمد هذه العملية أساساً على وجود تواصل وتنسيق بين الدولة التي حجزت الأموال والدولة المعنية بتلقّي الأموال المجمّدة.

في حالة سوريا، فإن ضعف القوانين الوطنية وتراكم العقوبات الدولية قد يجعلان الأمل بالمطالبة بملف استعادة الأموال المنهوبة ضعيفاً، بخاصة أن ضعف النظم القضائية في الدول التي عانت من الفساد واستغلال الأموال والنفوذ، يشكل غالباً عائقاً إضافياً أمام استرداد الأصول، لا سيما بعد سقوط الأنظمة الفاسدة.

مع ذلك، يُلاحظ أن الدول التي تُعد وجهة سهلة لتهريب الأموال تكون نفسها مجهزة عادةً بأنظمة قانونية وآليات متطورة تهدف إلى تسهيل استرداد الأموال المنهوبة للشعوب المتضررة. كما أن هذه الدول تسعى في كثير من الأحيان إلى إقامة حوار بناء مع الدول الضحية لضمان توجيه الأموال المصادرة بشكل شفاف لخدمة المصالح العامة.

 نذكر من هذه الدول الولايات المتحدة وسويسرا اللتين تتمتعان بنظام قانوني يسمح بتحويل الأموال المصادرة مباشرة الى جمعيات التي لا تبغى الربح . على سبيل المثال، يمكن تسليط الضوء على قضية استرداد الأموال المنهوبة المتعلقة بجمهورية كازاخستان، التي تُعد نموذجاً عملياً لتعاون دولي فعال. في عام 2007، نجحت الولايات المتحدة وسويسرا، بالتعاون مع كازاخستان، في التوصل إلى اتفاق أعيد بموجبه نحو 115 مليون دولار أميركي كانت هُرّبت بطريقة غير شرعية.

وُجِّهت هذه الأموال المستعادة مباشرة إلى الشعب الكازاخستاني من خلال إنشاء مؤسسة مستقلة تُسمى “بوتا لتنمية الأطفال والشباب الكازاخيين”. وقد كانت هذه الخطوة مثالاً على توظيف الأصول المجمدة بشكل يخدم التنمية ويعزز الشفافية، ما يساهم في إعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها.

تعكس هذه التجربة أهمية التعاون بين الدول المعنية وضرورة تبني آليات شفافة وفعالة لإدارة الأصول المستردة، بما يضمن توجيهها لتحقيق أهداف تنموية ملموسة للشعوب المتضررة.

وذهب القانون السويسري أبعد من ذلك من حيث تأمين آلية مباشرة لاسترجاع الأموال المنهوبة، إذ قضت المحكمة الفيدرالية العليا في سويسرا سنة 2005 بأن أصول الرئيس النيجيري السابق ساني أباتشا المجمّدة في سويسرا كانت من مصدر غير مشروع ويمكن إعادتها إلى نيجيريا حتى وإن لم تصدر الدولة أمراً بالمصادرة. وقد اتفقت سويسرا ونيجيريا على أن يراقب البنك الدولي استخدام هذه الأصول التي بلغت قيمتها 700 مليون دولار أميركي.

كما أشرنا سابقاً، فإن قضية استرجاع الأموال المنهوبة قد تمثل عاملاً موحداً للسوريين، بخاصة إذا نجحت الدولة في وضع يدها على ممتلكات عائلة الأسد والمسؤولين السياسيين رفيعي المستوى الذين تورطوا في الفساد واستغلال النفوذ. مع ذلك، فإن توسيع نطاق هذه الجهود ليشمل رجال أعمال قد لا يتمتعون بنفوذ سياسي واضح أو لم يتورطوا بشكل مباشر في عمليات الفساد، يُعد مسألة حساسة تحتاج إلى نقاش شامل تحت إطار قانون المصالحة الوطنية.

معالجة هذه القضية يجب أن ترتكز على مبادئ العدالة والإنصاف، مع مراعاة عدم التوسع في الاتهامات بشكل عشوائي لضمان الحفاظ على البيئة الاقتصادية وتشجيع المصالحة المجتمعية. يجب أن تتيح هذه العملية للشعب السوري فرصة لبناء الثقة بقوة القانون من خلال إنشاء نظام قضائي عادل وشفاف يتمكن من تحديد المسؤوليات بدقة، بعيداً من التسييس أو الانتقام.

ولكي تحظى هذه الجهود بمصداقية داخلية ودولية، فإن العمل على إرساء دولة القانون هو الأولوية الأساسية. دولة يطمئّن فيها المواطنون إلى أن الحقوق تُحمى، وأن العدالة تُطبق على الجميع من دون تمييز. كما أن تعزيز ثقة المجتمع الدولي بدولة القانون السورية الجديدة يعد ضرورياً لتأمين الدعم في عمليات استرداد الأصول المنهوبة والمضي قدماً نحو إعادة الإعمار والتنمية الشاملة.

24.01.2025
زمن القراءة: 5 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية