fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

هل يمكن السماح بتناول المزيد من الدهون؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لدى خبراء التغذية والعلماء الآن، أدلة حديثة تثبت وجود دهون غير ضارة بالصحة. فما هي؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شددت إرشادات وتوجيهات الصحة العامة منذ أمدٍ بعيد -مثل المبادئ التوجيهية للنُظم الغذائية للأميركيين- على ضرورة الحد من تناول الدهون الغذائية، لكن بات لدى خبراء التغذية والعلماء الآن، أدلة حديثة تثبت وجود دهون غير ضارة بالصحة.

في الواقع، يعتقد بعض خبراء التغذية الآن أن هناك أنواعاً معينة من الدهون الغذائية قد تحدّ من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فربما تقلل من مستوى نوعٍ من الدهون بالدم يعرف بـ”الدهون الثلاثية”. وقد تزيد أيضاً من مستويات البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة، “الدهون الصحية” HDL، أو ما يسمى الكوليسترول “الجيد”، وتقلل نسبة كوليسترول البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة “الدهون الضارة” LDL أو الكوليسترول الضار، أو أيّاً من تلك الأنواع الأقل إفادة للصحة من الكوليسترول، وهو ما يُحسّن مستويات البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة (الصحية) بالنسبة إلى المعدل الكلي للكوليسترول في الدم.

ارتبطت أيضاً أنظمة حميّة لا تتقيد بصرامة بإجمالي الدهون الغذائية التي يستهلكها الفرد، بتحسين مزاج الشخص وتعزيز شعوره بالرضا والارتياح تجاه النظام الغذائي، والنجاح في فقدان الوزن، والحفاظ على الكتلة العضلية في الجسم.

وبصفتي أستاذة باحثة في مجال التغذية وعلم النُظم الغذائية، فإنني على اقتناع بأن النتائج المستخلصة من أبحاثنا، إلى جانب غيرها من الأدلة المنشورة حالياً، تُبين أن المفهوم القائل بأن الدهون الغذائية “سامة”، قد عفّ عليه الزمن وبات خاطئاً إلى حدٍ كبير.

على رغم وجود أدلة قاطعة بأن أحد أنواع الدهون – الدهون التقابلية أو الدهون المتحوّلة أو المهدرجة- لا يمكن في أي حالٍ أن تدخل في أي نظام غذائيّ صحيّ، فإنه من الضروري معرفة كيفية تحقيق التوازن بين أنواع الدهون الأخرى، في النظام الغذائي.

الحل في الموازنة

على رغم عدم تشابه الدهون، إلا أنها تتشارك بعض الأمور. فهي توفر مقداراً من الطاقة يبلغ نحو 9 سعرات حرارية لكل غرام من الدهون، وجميعها تتكسر خلال عملية الهضم بواسطة إنزيمات في القناة الهضمية، وأيضاً تُمتص جميعها على نحو جيد في صورة أحماض دهنية، أو سلاسل من الهيدروجين والكربون.

لكن تتفاوت سلاسل الكربون تلك وتختلف درجة تشبعها، وبذلك، تختلف الدهون الغذائية في تأثيراتها في الجسم.

في بعض الحالات، ترتبط جزيئات الكربون بجزيئات كربون أخرى. وفي حالات أخرى، ترتبط بجزيئات هيدروجين. ويُحتمل أنك سمعت اسمي هذين النوعين من الدهون؛ غير المشبعة والمشبعة. تتكوّن الدهون غير المشبعة عندما ترتبط جزيئات الكربون بجزيئات كربون أخرى. أما الدهون المشبعة فتتكوّن في الحالة الأخرى التي ترتبط فيها جزيئات الكربون بجزيئات هيدروجين. وحتى ضمن هذين النوعين العامين من الدهون، فما زالت هناك اختلافات.

من بين الدهون غير المشبعة، هناك تلك التي تكون أحادية غير مشبعة، أو تلك الدهون التي لديها رابطة كربونية واحدة غير مشبعة، والموجودة في زيت الزيتون وبعض أنواع المكسرات. وثمة نوع آخر من الدهون المتعددة غير مشبعة الموجودة في أطعمة مثل: الجوز والزيوت النباتية والسلمون والسردين.

علمنا أيضاً أن الأنواع المختلفة من الدهون المشبعة تؤثر في الجسم بطرائق مختلفة. مثلاً، حمض اللوريك (الغار) الذي يحوي سلسلة كربونية تتكون من 12 ذرة كربون، وحمض المِيريستيك (التتراديكانويك) بسلسلة تتكون من 14 ذرة كربون، وحمض النخيل بسلسلة تتكون من 16 ذرة كربون، وحمض الستياريك (الشمع) بسلسلة تتكون من 18 ذرة كربون، تُعدّ كلها دهوناً مشبعة. لكن لا يزيد حمض الستياريك من مستويات كوليسترول البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (الدهون الضارة)، مثل الدهون المشبعة الأخرى.

على رغم أن أوجه الاختلاف هذه ليست جديدة، فإن فهم تأثيراتها هو ما يُعدّ جديداً، ويُعزى معظم ذلك إلى النتائج المستخلصة من الدراسات الحديثة مثل دراستي.

وبناءً عليه، لم يعد إجمالي مقدار الدهون في النظام الغذائي هو المقياس الوحيد للآثار الصحية الخاصة بالدهون الغذائية. إذ يتعلق الأمر أيضاً بنوع الأحماض الدهنية، ومدى طول السلسلة الكربونية، وما إذا كانت الدهون مشبعة أو أحادية غير مشبعة أو متعددة غير مشبعة.

صلتها بصحة القلب

بدأ النقاش العلمي المتعلق بالدور السُمّي المحتمل للدهون الغذائية والكوليسترول على صحة الإنسان في أواخر الخمسينات ومطلع الستينات، حين اكتشف علماء كيفية تحليل الدهون في المختبر. واكتشفوا أيضاً الصلة بين تناول الدهون الغذائية ومستويات الكوليسترول الكلية والبروتينات الدهنية منخفضة الكثافة في مصل الدم، ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الحيوانات.

نظراً إلى أن أمراض القلب تُمثل السبب الرئيسي للوفاة في الولايات المتحدة منذ الثلاثينات، أوصت لجنة التغذية التابعة لجمعية القلب الأميركية عام 1968 بخفض إجمالي من حصة الدهون والدهون المشبعة. وزاد التشديد على ضرورة خفض حصة الدهون الغذائية عام 1977 مع نشر أول المبادئ التوجيهية للنُظم الغذائية للأميركيين من قِبل لجنة مجلس الشيوخ الأميركي المعنية بالتغذية والاحتياجات البشرية.

في المقابل، حوّل أخصائيو الرعاية الصحية جهودهم في الإرشاد الغذائي نحو التشجيع على نظام غذائي منخفض الدهون. وبدأ قطاع صناعة الأغذية في تطوير وإنتاج مجموعة متنوعة واسعة النطاق من السلع الغذائية “قليلة الدهون” و”منخفضة الدهون” و”خفيفة الدهون” و”الخالية من الدهون”.

في منتصف الثمانينات، باتت مشورة اتباع نظام غذائي منخفض الدهون أيضاً استراتيجية للتحكم في الوزن. إِذْ كشفت أدلّة من دراسة فرامنغهام للقلب – الدراسة البارزة- أنّ البدانة تزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب، وأظهرت البيانات والإحصاءات الوطنية أن أوزان جميع السكان في ازدياد.

استجاب الأميركيون لتلك التوصيات بخفض نسبة السعرات الحرارية المستهلكة في صورة دهون. لكن البشر يمتلكون مَيْلاً بيولوجياً نحو مذاق الدهون. ومع استبعاد الدهون من طاولة الطعام، زاد الملايين من استهلاكهم الكربوهيدرات في أنظمتهم الغذائية لتعويض النقص في طعم وجاذبيّة الطعام. ونتيجة لذلك، حدثت زيادة ملحوظة في محيط الخصر لدى الأميركيين.

نهج بديل؟

نظراً للأدلّة العلمية المتباينة حول مخاطر الدهون، والأدوار والتأثيرات المتنوعة للأحماض الدهنية الغذائية على الصحة والإصابة بالأمراض، وَضَعْتُ نظاماً غذائياً قبل نحو أربع سنوات كانت نسبة الدهون به مرتفعة بعض الشيء؛ إلا أن أنواع الدهون كانت متوازنة نسبياً، إِذْ كان ثلث إجمالي الدهون يأتي من الدهون المُشبّعة، والثلث الثاني من الدهون الأُحاديّة غير المُشبّعة، أما الثلث الأخير فيأتي من الدهون المتعددة غير المُشبعة.

استناداً إلى هذا النهج الغذائيّ المتوازن عالي الدهون نسبياً، طوّر فريقي البحثيّ دورة مدتها 14 يوماً تتألّف من قوائم طعام تحتوي على ثلاث وجبات رئيسة ووجبتين خفيفتين في اليوم، والتي تزيد من حصة الطعام الذي يحتوي على دهون أحاديّة غير مُشبعة من حمض الأوليِيك (الزيت) والسلسلة الأطول من الدهون المتعددة غير المُشبعة التي تتضمن الحمض الذي يحتوي على 18 ذرة من الكربون (المعروفة أكثر بأحماض أوميغا 3 وأوميغا 6 الدهنيّة). لتحقيق ذلك، استبدلنا الكثير من الوجبات الخفيفة الاعتياديّة الغنيّة بنسب عالية من الكربوهيدرات في المكسرات، واستبدلنا الخبز المحمص في السلطة بشرائح الأفوكادو، كما استخدمنا صلصات سلطة غنيّة بزيت القرطم (العُصْفُر) وزيت الكانولا وزيت الزيتون.

طريقة استجابة الأفراد لنهج غذائيّ مُعيّن ليست واحدة،
و لا يوجد نظام غذائي واحد مثاليّ للجميع

عكفنا على دراسة آثار هذا النظام الغذائي المتوازن عالي الدهون نسبياً بين البالغين الذين يعانون من السمْنة أو زيادة الوزن. ففي دراسة اشتملت على 144 امرأة استغرقت 16 أسبوعاً، وجدنا أن المشاركات في الدراسة حقّقْن انخفاضاً ملحوظاً في دهون البطن ومحيط الخصر، وتحسُّناً في ضغط الدم بلغ 6 في المئة، وانخفاض مؤشرات الالتهاب في الدم. وعموماً حدث انخفاض في احتمالية إِصابتهن بأمراض قلبية وعائية على مدى 5 أو 10 سنوات بنسبة 6 في المئة.

أوضحت المشاركات في الدراسة أنهن وجدن أنّ نظامنا الغذائي شهيّ ومقبول بدرجة عالية، كما أنه قابل للتنفيذ والالتزام به اقتصادياً. اتضح ذلك الامتثال الصارم بنظامنا الغذائيّ المتوازن عالي الدهون نسبياً في فترة الدراسة التي استمرت 4 أشهر في حدوث تغيُّرات ملحوظة في بيانات بلازما الحمض الدهنيّ لدى المشاركات (سلسلة من الدهون المُشبعة وغير المُشبعة في الدم)، ما عكس تركيبة الأحماض الدهنية في قوائم الطعام الخاصة بالنظام الغذائي.

في دراسة تتبُّعية استعنّا خلالها بتحليلاتٍ تفصيلية حول استجابة الدهون للنظام الغذائيّ المتوازن عالي الدهون نسبياً، وجدنا اختلافاً في الاستجابة بين القوقازيات والأميركيات من أصل أفريقيّ. ففيما تحسّنت مستويات ثُلاثيّ الغليسيريد (نوع من الدهون) في مصل الدم ومستويات كوليسترول البروتينات الدهنيّة منخفضة الكثافة (الدهون الضارّة) لدى القوقازيات، حدث التحسن الأكبر في مستويات كوليسترول البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة (الدهون الصحية) لدى الأميركيات من أصل أفريقي. تؤيّد هذه البيانات الفكرة المتمثلة في أن طريقة استجابة الأفراد لنهج غذائيّ مُعيّن ليست واحدة، وأنه لا يوجد نظام غذائي واحد مثاليّ للجميع.

في دراسة تتبُّعية أخرى حول مدى الاستجابة لنظام غذائيّ يحتوي على نسبة أعلى من الدهون، وجدنا أيضاً أنّ الأشخاص الذين يمتلكون نمطاً جينيّاً مُحدّداً لديهم استجابة أقوى، كما أن تلك الاستجابة تختلف تِبعاً للجنس، بخاصة من حيث التحسن في كوليسترول البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة، التي كانت أكبر لدى الإناث مقارنة بالذكور.

وبالتالي، أعتقد أنّه ينبغي تحديد نوع النمط الغذائيّ الفعّال، وفقاً لغايات الفرد واستجابته السريرية والاستقلابية الخاصة بالتفاعل بين العوامل الجينية والبيئية.

توجد دراسات محدودة حول استراتيجية تحقيق التوازن بين أنوع الدهون الموجودة في النظام الغذائيّ. ففي حين أنّ توافق الآراء العلميّة الحاليّ يقول إن التطرف في حصة الدهون الغذائية -سواء حصة مرتفعة للغاية أو منخفضة للغاية- هو أمر غير صحيّ، أرى أن نقلة نوعيّة تركِّز على أنواع الدهون الغذائية المستهلكة؛ ربما تتيح الفرصة لتغيير عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بأمراض القلب الأيضية من دون أن يتطلب ذلك تغييرات كبيرة في مقدار الدهون أو السعرات الحرارية التي نستهلكها.

بقلم هايدي سيلفر

هذا المقال مترجم عن موقع Salon ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

 

العلماء يؤكدون: تناول الإفطار ليس استراتيجية جيدة لفقدان الوزن

ليلاس حتاحت- صحافيّةسوريّة | 09.05.2025

سوريات في السجن اللبناني (2): الزنزانة التي أيقظت تروما الاغتصاب الأول

هذه الحلقة الثانية من ثلاث حلقات، تروي فيها الصحافية السورية ليلاس حتاحت، شهادة عن تجربة مؤلمة عاشتها في سجن لبناني، أمضت فيه سبعة أيّام بلياليها، بعد اكتشافها تلفيق تهمة لها حين كانت في أوروبا، باستخدام اسمها وجواز سفرها السوري.
24.03.2019
زمن القراءة: 7 minutes

لدى خبراء التغذية والعلماء الآن، أدلة حديثة تثبت وجود دهون غير ضارة بالصحة. فما هي؟

شددت إرشادات وتوجيهات الصحة العامة منذ أمدٍ بعيد -مثل المبادئ التوجيهية للنُظم الغذائية للأميركيين- على ضرورة الحد من تناول الدهون الغذائية، لكن بات لدى خبراء التغذية والعلماء الآن، أدلة حديثة تثبت وجود دهون غير ضارة بالصحة.

في الواقع، يعتقد بعض خبراء التغذية الآن أن هناك أنواعاً معينة من الدهون الغذائية قد تحدّ من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فربما تقلل من مستوى نوعٍ من الدهون بالدم يعرف بـ”الدهون الثلاثية”. وقد تزيد أيضاً من مستويات البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة، “الدهون الصحية” HDL، أو ما يسمى الكوليسترول “الجيد”، وتقلل نسبة كوليسترول البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة “الدهون الضارة” LDL أو الكوليسترول الضار، أو أيّاً من تلك الأنواع الأقل إفادة للصحة من الكوليسترول، وهو ما يُحسّن مستويات البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة (الصحية) بالنسبة إلى المعدل الكلي للكوليسترول في الدم.

ارتبطت أيضاً أنظمة حميّة لا تتقيد بصرامة بإجمالي الدهون الغذائية التي يستهلكها الفرد، بتحسين مزاج الشخص وتعزيز شعوره بالرضا والارتياح تجاه النظام الغذائي، والنجاح في فقدان الوزن، والحفاظ على الكتلة العضلية في الجسم.

وبصفتي أستاذة باحثة في مجال التغذية وعلم النُظم الغذائية، فإنني على اقتناع بأن النتائج المستخلصة من أبحاثنا، إلى جانب غيرها من الأدلة المنشورة حالياً، تُبين أن المفهوم القائل بأن الدهون الغذائية “سامة”، قد عفّ عليه الزمن وبات خاطئاً إلى حدٍ كبير.

على رغم وجود أدلة قاطعة بأن أحد أنواع الدهون – الدهون التقابلية أو الدهون المتحوّلة أو المهدرجة- لا يمكن في أي حالٍ أن تدخل في أي نظام غذائيّ صحيّ، فإنه من الضروري معرفة كيفية تحقيق التوازن بين أنواع الدهون الأخرى، في النظام الغذائي.

الحل في الموازنة

على رغم عدم تشابه الدهون، إلا أنها تتشارك بعض الأمور. فهي توفر مقداراً من الطاقة يبلغ نحو 9 سعرات حرارية لكل غرام من الدهون، وجميعها تتكسر خلال عملية الهضم بواسطة إنزيمات في القناة الهضمية، وأيضاً تُمتص جميعها على نحو جيد في صورة أحماض دهنية، أو سلاسل من الهيدروجين والكربون.

لكن تتفاوت سلاسل الكربون تلك وتختلف درجة تشبعها، وبذلك، تختلف الدهون الغذائية في تأثيراتها في الجسم.

في بعض الحالات، ترتبط جزيئات الكربون بجزيئات كربون أخرى. وفي حالات أخرى، ترتبط بجزيئات هيدروجين. ويُحتمل أنك سمعت اسمي هذين النوعين من الدهون؛ غير المشبعة والمشبعة. تتكوّن الدهون غير المشبعة عندما ترتبط جزيئات الكربون بجزيئات كربون أخرى. أما الدهون المشبعة فتتكوّن في الحالة الأخرى التي ترتبط فيها جزيئات الكربون بجزيئات هيدروجين. وحتى ضمن هذين النوعين العامين من الدهون، فما زالت هناك اختلافات.

من بين الدهون غير المشبعة، هناك تلك التي تكون أحادية غير مشبعة، أو تلك الدهون التي لديها رابطة كربونية واحدة غير مشبعة، والموجودة في زيت الزيتون وبعض أنواع المكسرات. وثمة نوع آخر من الدهون المتعددة غير مشبعة الموجودة في أطعمة مثل: الجوز والزيوت النباتية والسلمون والسردين.

علمنا أيضاً أن الأنواع المختلفة من الدهون المشبعة تؤثر في الجسم بطرائق مختلفة. مثلاً، حمض اللوريك (الغار) الذي يحوي سلسلة كربونية تتكون من 12 ذرة كربون، وحمض المِيريستيك (التتراديكانويك) بسلسلة تتكون من 14 ذرة كربون، وحمض النخيل بسلسلة تتكون من 16 ذرة كربون، وحمض الستياريك (الشمع) بسلسلة تتكون من 18 ذرة كربون، تُعدّ كلها دهوناً مشبعة. لكن لا يزيد حمض الستياريك من مستويات كوليسترول البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (الدهون الضارة)، مثل الدهون المشبعة الأخرى.

على رغم أن أوجه الاختلاف هذه ليست جديدة، فإن فهم تأثيراتها هو ما يُعدّ جديداً، ويُعزى معظم ذلك إلى النتائج المستخلصة من الدراسات الحديثة مثل دراستي.

وبناءً عليه، لم يعد إجمالي مقدار الدهون في النظام الغذائي هو المقياس الوحيد للآثار الصحية الخاصة بالدهون الغذائية. إذ يتعلق الأمر أيضاً بنوع الأحماض الدهنية، ومدى طول السلسلة الكربونية، وما إذا كانت الدهون مشبعة أو أحادية غير مشبعة أو متعددة غير مشبعة.

صلتها بصحة القلب

بدأ النقاش العلمي المتعلق بالدور السُمّي المحتمل للدهون الغذائية والكوليسترول على صحة الإنسان في أواخر الخمسينات ومطلع الستينات، حين اكتشف علماء كيفية تحليل الدهون في المختبر. واكتشفوا أيضاً الصلة بين تناول الدهون الغذائية ومستويات الكوليسترول الكلية والبروتينات الدهنية منخفضة الكثافة في مصل الدم، ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الحيوانات.

نظراً إلى أن أمراض القلب تُمثل السبب الرئيسي للوفاة في الولايات المتحدة منذ الثلاثينات، أوصت لجنة التغذية التابعة لجمعية القلب الأميركية عام 1968 بخفض إجمالي من حصة الدهون والدهون المشبعة. وزاد التشديد على ضرورة خفض حصة الدهون الغذائية عام 1977 مع نشر أول المبادئ التوجيهية للنُظم الغذائية للأميركيين من قِبل لجنة مجلس الشيوخ الأميركي المعنية بالتغذية والاحتياجات البشرية.

في المقابل، حوّل أخصائيو الرعاية الصحية جهودهم في الإرشاد الغذائي نحو التشجيع على نظام غذائي منخفض الدهون. وبدأ قطاع صناعة الأغذية في تطوير وإنتاج مجموعة متنوعة واسعة النطاق من السلع الغذائية “قليلة الدهون” و”منخفضة الدهون” و”خفيفة الدهون” و”الخالية من الدهون”.

في منتصف الثمانينات، باتت مشورة اتباع نظام غذائي منخفض الدهون أيضاً استراتيجية للتحكم في الوزن. إِذْ كشفت أدلّة من دراسة فرامنغهام للقلب – الدراسة البارزة- أنّ البدانة تزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب، وأظهرت البيانات والإحصاءات الوطنية أن أوزان جميع السكان في ازدياد.

استجاب الأميركيون لتلك التوصيات بخفض نسبة السعرات الحرارية المستهلكة في صورة دهون. لكن البشر يمتلكون مَيْلاً بيولوجياً نحو مذاق الدهون. ومع استبعاد الدهون من طاولة الطعام، زاد الملايين من استهلاكهم الكربوهيدرات في أنظمتهم الغذائية لتعويض النقص في طعم وجاذبيّة الطعام. ونتيجة لذلك، حدثت زيادة ملحوظة في محيط الخصر لدى الأميركيين.

نهج بديل؟

نظراً للأدلّة العلمية المتباينة حول مخاطر الدهون، والأدوار والتأثيرات المتنوعة للأحماض الدهنية الغذائية على الصحة والإصابة بالأمراض، وَضَعْتُ نظاماً غذائياً قبل نحو أربع سنوات كانت نسبة الدهون به مرتفعة بعض الشيء؛ إلا أن أنواع الدهون كانت متوازنة نسبياً، إِذْ كان ثلث إجمالي الدهون يأتي من الدهون المُشبّعة، والثلث الثاني من الدهون الأُحاديّة غير المُشبّعة، أما الثلث الأخير فيأتي من الدهون المتعددة غير المُشبعة.

استناداً إلى هذا النهج الغذائيّ المتوازن عالي الدهون نسبياً، طوّر فريقي البحثيّ دورة مدتها 14 يوماً تتألّف من قوائم طعام تحتوي على ثلاث وجبات رئيسة ووجبتين خفيفتين في اليوم، والتي تزيد من حصة الطعام الذي يحتوي على دهون أحاديّة غير مُشبعة من حمض الأوليِيك (الزيت) والسلسلة الأطول من الدهون المتعددة غير المُشبعة التي تتضمن الحمض الذي يحتوي على 18 ذرة من الكربون (المعروفة أكثر بأحماض أوميغا 3 وأوميغا 6 الدهنيّة). لتحقيق ذلك، استبدلنا الكثير من الوجبات الخفيفة الاعتياديّة الغنيّة بنسب عالية من الكربوهيدرات في المكسرات، واستبدلنا الخبز المحمص في السلطة بشرائح الأفوكادو، كما استخدمنا صلصات سلطة غنيّة بزيت القرطم (العُصْفُر) وزيت الكانولا وزيت الزيتون.

طريقة استجابة الأفراد لنهج غذائيّ مُعيّن ليست واحدة،
و لا يوجد نظام غذائي واحد مثاليّ للجميع

عكفنا على دراسة آثار هذا النظام الغذائي المتوازن عالي الدهون نسبياً بين البالغين الذين يعانون من السمْنة أو زيادة الوزن. ففي دراسة اشتملت على 144 امرأة استغرقت 16 أسبوعاً، وجدنا أن المشاركات في الدراسة حقّقْن انخفاضاً ملحوظاً في دهون البطن ومحيط الخصر، وتحسُّناً في ضغط الدم بلغ 6 في المئة، وانخفاض مؤشرات الالتهاب في الدم. وعموماً حدث انخفاض في احتمالية إِصابتهن بأمراض قلبية وعائية على مدى 5 أو 10 سنوات بنسبة 6 في المئة.

أوضحت المشاركات في الدراسة أنهن وجدن أنّ نظامنا الغذائي شهيّ ومقبول بدرجة عالية، كما أنه قابل للتنفيذ والالتزام به اقتصادياً. اتضح ذلك الامتثال الصارم بنظامنا الغذائيّ المتوازن عالي الدهون نسبياً في فترة الدراسة التي استمرت 4 أشهر في حدوث تغيُّرات ملحوظة في بيانات بلازما الحمض الدهنيّ لدى المشاركات (سلسلة من الدهون المُشبعة وغير المُشبعة في الدم)، ما عكس تركيبة الأحماض الدهنية في قوائم الطعام الخاصة بالنظام الغذائي.

في دراسة تتبُّعية استعنّا خلالها بتحليلاتٍ تفصيلية حول استجابة الدهون للنظام الغذائيّ المتوازن عالي الدهون نسبياً، وجدنا اختلافاً في الاستجابة بين القوقازيات والأميركيات من أصل أفريقيّ. ففيما تحسّنت مستويات ثُلاثيّ الغليسيريد (نوع من الدهون) في مصل الدم ومستويات كوليسترول البروتينات الدهنيّة منخفضة الكثافة (الدهون الضارّة) لدى القوقازيات، حدث التحسن الأكبر في مستويات كوليسترول البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة (الدهون الصحية) لدى الأميركيات من أصل أفريقي. تؤيّد هذه البيانات الفكرة المتمثلة في أن طريقة استجابة الأفراد لنهج غذائيّ مُعيّن ليست واحدة، وأنه لا يوجد نظام غذائي واحد مثاليّ للجميع.

في دراسة تتبُّعية أخرى حول مدى الاستجابة لنظام غذائيّ يحتوي على نسبة أعلى من الدهون، وجدنا أيضاً أنّ الأشخاص الذين يمتلكون نمطاً جينيّاً مُحدّداً لديهم استجابة أقوى، كما أن تلك الاستجابة تختلف تِبعاً للجنس، بخاصة من حيث التحسن في كوليسترول البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة، التي كانت أكبر لدى الإناث مقارنة بالذكور.

وبالتالي، أعتقد أنّه ينبغي تحديد نوع النمط الغذائيّ الفعّال، وفقاً لغايات الفرد واستجابته السريرية والاستقلابية الخاصة بالتفاعل بين العوامل الجينية والبيئية.

توجد دراسات محدودة حول استراتيجية تحقيق التوازن بين أنوع الدهون الموجودة في النظام الغذائيّ. ففي حين أنّ توافق الآراء العلميّة الحاليّ يقول إن التطرف في حصة الدهون الغذائية -سواء حصة مرتفعة للغاية أو منخفضة للغاية- هو أمر غير صحيّ، أرى أن نقلة نوعيّة تركِّز على أنواع الدهون الغذائية المستهلكة؛ ربما تتيح الفرصة لتغيير عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بأمراض القلب الأيضية من دون أن يتطلب ذلك تغييرات كبيرة في مقدار الدهون أو السعرات الحرارية التي نستهلكها.

بقلم هايدي سيلفر

هذا المقال مترجم عن موقع Salon ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

 

العلماء يؤكدون: تناول الإفطار ليس استراتيجية جيدة لفقدان الوزن