fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

هل ينجح أحمد الشرع في تحرير ودائع السوريين في المصارف اللبنانية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما مصير الودائع السورية في المصارف اللبنانية؟ لا بل ما مصير الودائع كلها في المصارف اللبنانية، مع كل المتغيرات المحلية والإقليمية المختلفة في لبنان وسوريا والمنطقة؟ لم تُجب المصارف اللبنانية التي تواصل معها فريق “درج”، عن أسئلته حول نسبة الودائع السورية في المصارف اللبنانية ومصيرها. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في عام 2012، وجد المواطن السوري فادي زيدان بلبنان طوق نجاة، ليس فقط لأمواله، بل لحياته أيضاً. مع تدهور الأوضاع في سوريا وكونه ملاحقاً هناك، لم يكن أمامه سوى خيار الهروب إلى لبنان، فقرر بيع شقة العائلة في حي المزة فيلات غربية في دمشق، وإيداع ثمنها البالغ 230,000 دولار أميركي كوديعة في بنك بيبلوس اللبناني.

لكن ما بدا ملاذاً آمناً تحول إلى مأساة مالية. في تموز/ يوليو 2019، ومع تصاعد الأخبار عن أزمة المصارف اللبنانية وصعوبة سحب الأموال، حاول زيدان استعادة وديعته، إلا أن البنك رفض كسر موعد استحقاق الوديعة، وهو في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه. وبعدها بأشهر، انهار القطاع المصرفي اللبناني بالكامل، وأصبحت أموال زيدان مجمدة بلا أمل واضح باستردادها.

ما مصير الودائع السورية في المصارف اللبنانية؟ لا بل ما مصير الودائع كلها في المصارف اللبنانية، مع كل المتغيرات المحلية والإقليمية المختلفة في لبنان وسوريا والمنطقة؟ لم تُجب المصارف اللبنانية التي تواصل معها فريق “درج”، عن أسئلته حول نسبة الودائع السورية في المصارف اللبنانية ومصيرها. 

أرسل “درج” أسئلة إلى كل من مصرف لبنان المركزي ومصرف سوريا المركزي، ولكن لم يصلنا أي رد حتى لحظة النشر. كما حاول التواصل مع نحو 15 مصرفاً محلياً، بينما اعتذرت مصارف مثل بنك بيروت وبنكي بيبلوس وعودة، بسبب السرية المصرفية، لم تتجاوب مصارف أخرى مثل فرنسبنك وفينيسيا وغيرهما.

تطرّق الرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون في خطاب قسمه إلى الودائع، ووعد بإعادتها، كما تحدّث عن ذلك حاكم المصرف المركزي، إلا أن الضغط الأبرز في هذا المجال جاء من قائد المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، الذي استقبل يوم السبت في 11 كانون الثاني/ يناير 2025، رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، حيث شدّد على ضرورة إعادة الودائع. 

أما من الجانب السوري، فأمر المصرف المركزي السوري البنوك التجارية، بتجميد الحسابات المرتبطة بالأفراد والشركات التابعة للنظام السابق للرئيس السابق بشار الأسد، وفقاً لوثيقة اطّلعت عليها وكالة “رويترز“. إلا أن أحد المصرفيين قال ل”رويترز” إن تنفيذ هذا التعميم قد يكون صعباً، نظراً لأن الكثير من رجال الأعمال المرتبطين بالنظام السابق، أنشأوا حسابات بأسماء أشخاص آخرين، أو استخدموا شركات واجهة.

ما قيمة الودائع السورية في لبنان؟

تشير المعلومات إلى ربط الشرع قضية عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، بقضية الإفراج عن ودائع السوريين العالقة في المصارف اللبنانية، منذ بدء الأزمة المصرفية في لبنان في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 وإعادتها. أكد الشرع خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع ميقاتي أن قضية الودائع من أولويات الإدارة السورية الجديدة، وشدّد على ضرورة حلّها لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ودعا إلى تشكيل لجان مشتركة لدراسة الملف بشكل مفصل، واقتراح حلول عملية لاستعادة هذه الأموال، علماً أنه لا يوجد أرقام رسمية منشورة لقيمة ودائع السوريين في لبنان.

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي السوري والمستشار في البنك الدولي كرم الشعار: “في ما يتعلق بتقييم المبالغ، لا توجد لدينا أرقام دقيقة. وللأسف، هذا الأمر لم يتم التعامل معه بشفافية. الشفافية التي كان من المفترض أن تكون مسؤولية ليست فقط البنوك الخاصة، بل أيضاً البنك المركزي، الذي يُعتبر عملياً “بنك البنوك” والمسؤول عن تنظيم عملها. كان هناك تقصير كبير من قبل البنك المركزي في ما يتعلق بالشفافية”. 

تحفّظ المصارف اللبنانية عن الردّ على أسئلة فريق “درج” يثير تساؤلات حول أسباب عدم رغبتها في الإفصاح عن أية معلومات حول الودائع السورية، التي منها ما قد يكون مرتبطاً بجماعة النظام السابق، علماً أن بعض رجال النظام السابق كانوا أعضاء في مجالس إدارة الفروع السورية للمصارف اللبنانية.

رجّح مصدر مصرفي سوري في أوروبا، فضّل عدم الكشف عن هويته، لموقع “درج” أن “حديث الشرع كان يتناول الودائع الكبيرة بشكل خاص، فلن تكون أولويته الودائع الصغيرة أو المتوسطة لصغار المودعين في لبنان، بل تلك التي يملكها كبار المودعين، وهو يحاول الضغط على الجانب اللبناني لإيجاد آلية مشتركة لإستعادة هذه الودائع”، مؤكداً أنه “حتى في حال اتفاق الشرع وميقاتي إلا أن قضية تحرير الودائع، خصوصاً تلك التي تخضع لعقوبات، سيتطلب اتفاقيات أكبر وأوسع من لبنان وسوريا”.

في عام 2020، قال رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد إن عمق الأزمة السورية، ينبع من احتجاز المصارف اللبنانية ودائع السوريين، مقدّراً قيمة الودائع السورية في لبنان بين 20 و42 مليار دولار أميركي. كما ذكرت دراسة لعلي كنعان، الذي كان مشرف قسم البنوك والتأمين في جامعة دمشق، التي نشرتها صحيفة “الوطن” السورية الموالية للحكومة مطلع العام 2020، أن الودائع السورية في لبنان تتجاوز 25.4 في المئة من إجمالي الودائع في البنوك اللبنانية، التي تبلغ نحو 177 مليار دولار.

يعتبر الباحث الاقتصادي والكاتب السوري جهاد يازجي، في مقابلة لموقع “درج” أن هذا الرقم مبالغ فيه. في تحقيق سابق ل”درج” في العام 2020، شكّك مصرفي سوري في أوروبا بدقة هذه النسبة الضخمة التي ذكرها الأسد وكنعان سابقاً، مسلّطاً الضوء على مشكلات وثغرات متعلّقة بطريقة حساب هذه الودائع، منها أن بعض كبار المودعين سوريو الأصل، ولديهم الجنسية اللبنانية، وانتقلوا إلى لبنان منذ زمنٍ بعيد، وبعضهم الآخر يعمل من خلال وسطاء لبنانيين، أو عبر حسابات شركات أو غيرها.

أما سمير حمّود الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف التابعة لمصرف لبنان، نقض في حديث صحافي تصريح الأسد والمعلومات عن قيمة ودائع السوريين في لبنان، التي قدرها بـ “نحو 6 في المئة من إجمالي الودائع، أي أنها لا تتجاوز 7 مليارات دولار”، مضيفاً أن “الجزء الأكبر من ودائع السوريين في المصارف اللبنانية يعود إلى أفراد لا علاقة لهم بالأعمال التجارية”، في حين لم ترد رئيسة اللجنة الحالية مايا دبّاغ على أسئلة “درج”. 

يقول كرم الشعار، في مقابلة لـ “درج”: “حتى وإن كنا نتحدث عن مبلغ قدره عشرة مليارات دولار، فإن هذا الرقم سيكون له تأثير كبير على نمو الاقتصاد السوري. فعشرة مليارات دولار، تمثل تقريباً حجم الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بالكامل… عند وضع هذا الرقم في سياقه، نجد أنه يعادل تقريباً خمسة أضعاف ما كانت تنفقه الحكومة السورية سنوياً، أو أربعة أضعاف حجم التحويلات المالية من الخارج إلى سوريا، وبالتالي، فإن هذا المبلغ يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في دعم الاقتصاد السوري”.

الحلقة الأضعف!

فقد الكثير من السوريين مثل فادي زيدان قيمة ودائعهم، بعدما اعتمدوا لسنوات طويلة على المصارف اللبنانية، لتكون مستقراً لأموالهم التي كانوا يخشون من إيداعها في مصارف سورية. 

في هذا السياق، يرى يازجي أن الموضوع سياسي بامتياز، ويأسف لأي محاولة لاستغلال اللاجئين، ويتساءل: “هل تستطيع الدولة اللبنانية فرض استرجاع جزء من الأموال على المصارف؟ الأمر يعتمد على طبيعة المفاوضات ومع من ستتم هذه المفاوضات. على سبيل المثال، هل سيكون للسوريين دور في هذه المفاوضات؟ وهل سيتم التمييز بين المقيم وغير المقيم أو بين اللبناني والأجنبي؟”، معتبراً أنه “إذا سمحت الظروف السياسية بذلك، قد يكون من الممكن فرض حجز على أموال بعض الشخصيات المرتبطة بالنظام السوري السابق، وربما كخطوة نحو بناء نظام سوري جديد، يمكن للدولة اللبنانية اتخاذ مبادرة بهذا الاتجاه”.

في مقابلة لموقع “درج”، تؤكّد المديرة التنفيذية لبنك الموارد نهلا خداج أبو دياب أن “تعاميم المصرف المركزي لا تميّز بين مودع لبناني وغير لبناني، وأن جميع المودعين يحق لهم الاستفادة من التعاميم، وعليه يجب إيجاد حلول لجميع الودائع على السواء”. 

يصف المودع السوري فادي زيدان تعاميم مصرف لبنان بالمضحكة. فهو كان يقيم في السويد ووالدته تقيم في سوريا، وكان سيترتّب عليهم زيارة لبنان بشكل شهري للاستفادة من التعميم، الذي يعطيهم فتات أموالهم. اليوم، ومع عودة زيدان إلى سوريا، ما زالت أمواله عالقة في المصارف اللبنانية تشكّل عائقاً أمامه لبدء حياة في بلده الأم بعد طول انتظار. 

أشاد  زيدان بخطوة أحمد الشرع، ولكنه يعتقد أنها بلا جدوى، إذ إن الملف أكثر تعقيداً “والمصارف اللبنانية ستقوم باستثناء السوريين دون غيرهم من المودعين اللبنانيين أو العرب أو الأجانب”، فيما تمنى لو “ركّز الشرع على أموال رجال نظام بشار الأسد الموجودة في لبنان، ومحاولة تحويلها إلى حسابات باسم الدولة السورية”، معتبراً أن “ربط موضوع عودة اللاجئين بالودائع هو أمر مخزٍ”.

29.01.2025
زمن القراءة: 6 minutes

ما مصير الودائع السورية في المصارف اللبنانية؟ لا بل ما مصير الودائع كلها في المصارف اللبنانية، مع كل المتغيرات المحلية والإقليمية المختلفة في لبنان وسوريا والمنطقة؟ لم تُجب المصارف اللبنانية التي تواصل معها فريق “درج”، عن أسئلته حول نسبة الودائع السورية في المصارف اللبنانية ومصيرها. 

في عام 2012، وجد المواطن السوري فادي زيدان بلبنان طوق نجاة، ليس فقط لأمواله، بل لحياته أيضاً. مع تدهور الأوضاع في سوريا وكونه ملاحقاً هناك، لم يكن أمامه سوى خيار الهروب إلى لبنان، فقرر بيع شقة العائلة في حي المزة فيلات غربية في دمشق، وإيداع ثمنها البالغ 230,000 دولار أميركي كوديعة في بنك بيبلوس اللبناني.

لكن ما بدا ملاذاً آمناً تحول إلى مأساة مالية. في تموز/ يوليو 2019، ومع تصاعد الأخبار عن أزمة المصارف اللبنانية وصعوبة سحب الأموال، حاول زيدان استعادة وديعته، إلا أن البنك رفض كسر موعد استحقاق الوديعة، وهو في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه. وبعدها بأشهر، انهار القطاع المصرفي اللبناني بالكامل، وأصبحت أموال زيدان مجمدة بلا أمل واضح باستردادها.

ما مصير الودائع السورية في المصارف اللبنانية؟ لا بل ما مصير الودائع كلها في المصارف اللبنانية، مع كل المتغيرات المحلية والإقليمية المختلفة في لبنان وسوريا والمنطقة؟ لم تُجب المصارف اللبنانية التي تواصل معها فريق “درج”، عن أسئلته حول نسبة الودائع السورية في المصارف اللبنانية ومصيرها. 

أرسل “درج” أسئلة إلى كل من مصرف لبنان المركزي ومصرف سوريا المركزي، ولكن لم يصلنا أي رد حتى لحظة النشر. كما حاول التواصل مع نحو 15 مصرفاً محلياً، بينما اعتذرت مصارف مثل بنك بيروت وبنكي بيبلوس وعودة، بسبب السرية المصرفية، لم تتجاوب مصارف أخرى مثل فرنسبنك وفينيسيا وغيرهما.

تطرّق الرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون في خطاب قسمه إلى الودائع، ووعد بإعادتها، كما تحدّث عن ذلك حاكم المصرف المركزي، إلا أن الضغط الأبرز في هذا المجال جاء من قائد المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، الذي استقبل يوم السبت في 11 كانون الثاني/ يناير 2025، رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، حيث شدّد على ضرورة إعادة الودائع. 

أما من الجانب السوري، فأمر المصرف المركزي السوري البنوك التجارية، بتجميد الحسابات المرتبطة بالأفراد والشركات التابعة للنظام السابق للرئيس السابق بشار الأسد، وفقاً لوثيقة اطّلعت عليها وكالة “رويترز“. إلا أن أحد المصرفيين قال ل”رويترز” إن تنفيذ هذا التعميم قد يكون صعباً، نظراً لأن الكثير من رجال الأعمال المرتبطين بالنظام السابق، أنشأوا حسابات بأسماء أشخاص آخرين، أو استخدموا شركات واجهة.

ما قيمة الودائع السورية في لبنان؟

تشير المعلومات إلى ربط الشرع قضية عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، بقضية الإفراج عن ودائع السوريين العالقة في المصارف اللبنانية، منذ بدء الأزمة المصرفية في لبنان في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 وإعادتها. أكد الشرع خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع ميقاتي أن قضية الودائع من أولويات الإدارة السورية الجديدة، وشدّد على ضرورة حلّها لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ودعا إلى تشكيل لجان مشتركة لدراسة الملف بشكل مفصل، واقتراح حلول عملية لاستعادة هذه الأموال، علماً أنه لا يوجد أرقام رسمية منشورة لقيمة ودائع السوريين في لبنان.

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي السوري والمستشار في البنك الدولي كرم الشعار: “في ما يتعلق بتقييم المبالغ، لا توجد لدينا أرقام دقيقة. وللأسف، هذا الأمر لم يتم التعامل معه بشفافية. الشفافية التي كان من المفترض أن تكون مسؤولية ليست فقط البنوك الخاصة، بل أيضاً البنك المركزي، الذي يُعتبر عملياً “بنك البنوك” والمسؤول عن تنظيم عملها. كان هناك تقصير كبير من قبل البنك المركزي في ما يتعلق بالشفافية”. 

تحفّظ المصارف اللبنانية عن الردّ على أسئلة فريق “درج” يثير تساؤلات حول أسباب عدم رغبتها في الإفصاح عن أية معلومات حول الودائع السورية، التي منها ما قد يكون مرتبطاً بجماعة النظام السابق، علماً أن بعض رجال النظام السابق كانوا أعضاء في مجالس إدارة الفروع السورية للمصارف اللبنانية.

رجّح مصدر مصرفي سوري في أوروبا، فضّل عدم الكشف عن هويته، لموقع “درج” أن “حديث الشرع كان يتناول الودائع الكبيرة بشكل خاص، فلن تكون أولويته الودائع الصغيرة أو المتوسطة لصغار المودعين في لبنان، بل تلك التي يملكها كبار المودعين، وهو يحاول الضغط على الجانب اللبناني لإيجاد آلية مشتركة لإستعادة هذه الودائع”، مؤكداً أنه “حتى في حال اتفاق الشرع وميقاتي إلا أن قضية تحرير الودائع، خصوصاً تلك التي تخضع لعقوبات، سيتطلب اتفاقيات أكبر وأوسع من لبنان وسوريا”.

في عام 2020، قال رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد إن عمق الأزمة السورية، ينبع من احتجاز المصارف اللبنانية ودائع السوريين، مقدّراً قيمة الودائع السورية في لبنان بين 20 و42 مليار دولار أميركي. كما ذكرت دراسة لعلي كنعان، الذي كان مشرف قسم البنوك والتأمين في جامعة دمشق، التي نشرتها صحيفة “الوطن” السورية الموالية للحكومة مطلع العام 2020، أن الودائع السورية في لبنان تتجاوز 25.4 في المئة من إجمالي الودائع في البنوك اللبنانية، التي تبلغ نحو 177 مليار دولار.

يعتبر الباحث الاقتصادي والكاتب السوري جهاد يازجي، في مقابلة لموقع “درج” أن هذا الرقم مبالغ فيه. في تحقيق سابق ل”درج” في العام 2020، شكّك مصرفي سوري في أوروبا بدقة هذه النسبة الضخمة التي ذكرها الأسد وكنعان سابقاً، مسلّطاً الضوء على مشكلات وثغرات متعلّقة بطريقة حساب هذه الودائع، منها أن بعض كبار المودعين سوريو الأصل، ولديهم الجنسية اللبنانية، وانتقلوا إلى لبنان منذ زمنٍ بعيد، وبعضهم الآخر يعمل من خلال وسطاء لبنانيين، أو عبر حسابات شركات أو غيرها.

أما سمير حمّود الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف التابعة لمصرف لبنان، نقض في حديث صحافي تصريح الأسد والمعلومات عن قيمة ودائع السوريين في لبنان، التي قدرها بـ “نحو 6 في المئة من إجمالي الودائع، أي أنها لا تتجاوز 7 مليارات دولار”، مضيفاً أن “الجزء الأكبر من ودائع السوريين في المصارف اللبنانية يعود إلى أفراد لا علاقة لهم بالأعمال التجارية”، في حين لم ترد رئيسة اللجنة الحالية مايا دبّاغ على أسئلة “درج”. 

يقول كرم الشعار، في مقابلة لـ “درج”: “حتى وإن كنا نتحدث عن مبلغ قدره عشرة مليارات دولار، فإن هذا الرقم سيكون له تأثير كبير على نمو الاقتصاد السوري. فعشرة مليارات دولار، تمثل تقريباً حجم الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بالكامل… عند وضع هذا الرقم في سياقه، نجد أنه يعادل تقريباً خمسة أضعاف ما كانت تنفقه الحكومة السورية سنوياً، أو أربعة أضعاف حجم التحويلات المالية من الخارج إلى سوريا، وبالتالي، فإن هذا المبلغ يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في دعم الاقتصاد السوري”.

الحلقة الأضعف!

فقد الكثير من السوريين مثل فادي زيدان قيمة ودائعهم، بعدما اعتمدوا لسنوات طويلة على المصارف اللبنانية، لتكون مستقراً لأموالهم التي كانوا يخشون من إيداعها في مصارف سورية. 

في هذا السياق، يرى يازجي أن الموضوع سياسي بامتياز، ويأسف لأي محاولة لاستغلال اللاجئين، ويتساءل: “هل تستطيع الدولة اللبنانية فرض استرجاع جزء من الأموال على المصارف؟ الأمر يعتمد على طبيعة المفاوضات ومع من ستتم هذه المفاوضات. على سبيل المثال، هل سيكون للسوريين دور في هذه المفاوضات؟ وهل سيتم التمييز بين المقيم وغير المقيم أو بين اللبناني والأجنبي؟”، معتبراً أنه “إذا سمحت الظروف السياسية بذلك، قد يكون من الممكن فرض حجز على أموال بعض الشخصيات المرتبطة بالنظام السوري السابق، وربما كخطوة نحو بناء نظام سوري جديد، يمكن للدولة اللبنانية اتخاذ مبادرة بهذا الاتجاه”.

في مقابلة لموقع “درج”، تؤكّد المديرة التنفيذية لبنك الموارد نهلا خداج أبو دياب أن “تعاميم المصرف المركزي لا تميّز بين مودع لبناني وغير لبناني، وأن جميع المودعين يحق لهم الاستفادة من التعاميم، وعليه يجب إيجاد حلول لجميع الودائع على السواء”. 

يصف المودع السوري فادي زيدان تعاميم مصرف لبنان بالمضحكة. فهو كان يقيم في السويد ووالدته تقيم في سوريا، وكان سيترتّب عليهم زيارة لبنان بشكل شهري للاستفادة من التعميم، الذي يعطيهم فتات أموالهم. اليوم، ومع عودة زيدان إلى سوريا، ما زالت أمواله عالقة في المصارف اللبنانية تشكّل عائقاً أمامه لبدء حياة في بلده الأم بعد طول انتظار. 

أشاد  زيدان بخطوة أحمد الشرع، ولكنه يعتقد أنها بلا جدوى، إذ إن الملف أكثر تعقيداً “والمصارف اللبنانية ستقوم باستثناء السوريين دون غيرهم من المودعين اللبنانيين أو العرب أو الأجانب”، فيما تمنى لو “ركّز الشرع على أموال رجال نظام بشار الأسد الموجودة في لبنان، ومحاولة تحويلها إلى حسابات باسم الدولة السورية”، معتبراً أن “ربط موضوع عودة اللاجئين بالودائع هو أمر مخزٍ”.