fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

هنا رودوس: اقفز واسبح… عن كتاب ألماني جديد يحذّر من أسلمة ألمانيا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أصدر الكاتب الألماني تيلو زاراتسين كتابه الجديد “استيلاء عدواني: كيف يعيق الإسلام التقدّم ويهدّد المجتمع”، الذي أثار سجالات حادّة ومتباينة الاتّجاهات حول ما تضمّنه من طروحات وأفكار عن المسلمين ووجودهم في ألمانيا…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

استيلاء عدواني: كيف يعيق الإسلام التقدّم ويهدّد المجتمع:
كتاب ألماني يحذّر من أسلمة ألمانيا وعداونية المهاجرين المسلمين

على خطى الكاتب الفرنسي المثير للجدل ميشال ويلبيك مؤلّف كتاب “سوميسيون – خضوع”، الذي تخيّل فيه تحوّل فرنسا عام 2022، دولة إسلامية إثر انتخاب محمد بن عباس من حزب “الأخوّة الإسلامية” رئيساً للبلاد في الانتخابات الرئاسية، أصدر الكاتب الألماني تيلو زاراتسين كتابه الجديد “استيلاء عدواني: كيف يعيق الإسلام التقدّم ويهدّد المجتمع”، الذي أثار سجالات حادّة ومتباينة الاتّجاهات حول ما تضمّنه من طروحات وأفكار عن المسلمين ووجودهم في ألمانيا، واعتباره “الإسلام ديناً عدوانياً خطراً”. ولاحظ مراقبون أن إصدار الكتاب يأتي بالتحديد في مثل تاريخ نشره كتابه الأوّل ضد الإسلام والقرآن قبل 8 سنوات بعنوان “ألمانيا تدمّر نفسها”، بسبب سياسة التسامح التي تنتهجها مع الإسلام والمسلمين المهاجرين.

أثار كتاب زاراتسين الثاني ضجّة لا تقل عن كتابه الأول الذي كانت المستشارة مركل وصفته بأنه “حماقة لا تساعد على شيء”. فيما اعتبر ألكسندر دوبرينت الأمين العام لحزب الاتّحاد الاجتماعي المسيحي بولاية بافاريا مؤلّفه “رجلاً مختلّ العقل”. وعدّت مجلة ” شتيرن” الكتاب “تفجيراً أيديولوجياً”، وقالت صحيفة “بيلد” إنه “كتاب مروّع”، فيما قالت صحيفة “ديويتشه تسايتونغ” إنه يعكس فكراً تسلّطياً”. ووصفت صحيفة “تاغس شبيغل” الكتاب بأنه “جارح وعنصري ومتحامل”، ودعت الألمان إلى تجاهله، وقالت “لا تقرأوه”.

يشنّ زاراتسين في كتابه المؤلّف من 500 صفحة، هجوماً عنيفاً على الإسلام والقرآن، محذّراً مما يسمّيه عملية (أسلمة) متواصلة منذ عقود للمجتمع الألماني، ويرى أن المسلمين خلقوا مشكلات عميقة من الصعب حلّها في المجتمع حيث نشروا التطرّف الديني والسلفية الجهادية وأثاروا الانقسامات في البلاد. وطالب بترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين، من دون إبطاء وبلا استثناء”. وكانت دار نشر “راندم هاوس” رفضت نشر الكتاب في حزيران/ يونيو من العام الجاري. وقال الناشر توماس راتنو “إن الرفض يعود لهزالة طروحات الكتاب وضعف الحجج التي أوردها المؤلف لإثبات استنتاجاته، إضافة إلى أن هذا الكتاب سيرفع بالتأكيد من منسوب الإسلاموفوبيا ويدفع باتجاه مصادمات وعنف بين أفراد المجتمع”. ووفقاً لما ذكرته صحيفة “بيلد”، وقّع زاراتسين اتفاقاً مع هذه الدار لإصدار عمل غير روائي بعنوان “استيلاء عدواني: كيف يعيق الإسلام التقدّم ويهدّد المجتمع”، ما دفعه إلى مقاضاتها أمام محكمة في مدينة ميونيخ كونها خرقت العقد المبرم بين الجانبين، بحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية.

الإسلام المتخلّف والمسلمون المنغلقون

زاراتسين البالغ (66 سنة) الذي كان شغل منصب وزير المالية في ولاية برلين، وحمل عضوية الحزب الاشتراكي الديموقراطي يشدّد في كتابه الجديد على عدم استعداد المسلمين والعرب والأتراك، للاندماج في المجتمع الألماني، ويتوقّع حدوث تغيير،على المدى البعيد، في التركيبة الديموغرافية في ألمانيا يطغى فيها المهاجرون. يقول الكاتب “إن نسبة المسلمين ستزداد بشكل كبير في العقود المقبلة” ويضيف: “إن الإسلام المتخلّف الذي يعتنقه معظم المسلمين سيعمل من أجل ألا ينجح الاندماج، وذلك لأنه يوصي برفض تعلّم الألمانية التي من دون إتقانها لن يكون المهاجرون جزءاً حيوياً في المجتمع الألماني”، مرجحاً “أن الاجيال المقبلة من المسلمين في ألمانيا ستكون أقل تعليماً، ولن تحقّق الكثير من النجاح الاقتصادي، كما ستزداد نسبة الجريمة في صفوف الجاليات المسلمة التي لن تتقبّل أو تتبنّى مبادئ الديموقراطية والمساواة بين الجنسين”، موضحاً أن “اختلاف المسلمين المتميّز بصبغة دينية وثقافة محدودة ومنغلقة، إضافة إلى تزايد أعداد المواليد ستكون كلها عوامل تهدّد مجتمعنا المفتوح ونظامنا الديموقراطي، ما يتطلّب ضبط هجرة المسلمين إلى ألمانيا بشكل صارم”.

خلال تقديمه كتابه الجديد في المؤتمر الصحافي الذي عقد في ظل إجراءات أمنية مشددة علق زاراتسين الذي كان محاطاً بأفراد الشرطة على كتابه الأول “ألمانيا تدمّر نفسها”، قائلاً “لو أن قادة البلاد وسياسييها درسوا تحليلاتي وقتها باهتمام أكبر وتركيز، ولو أنهم اطلعوا على أفكاري بجدية لكان وضع حزبي الشعبي افضل مما هو عليه الآن، ولما كان حزب البديل من اجل ألمانيا اليميني المتشدد الآن ممثلاً في البرلمان ويمثل القوة السياسية الثالثة في البلاد”.

يقول زارتسين عن حي ( نويكلن) الذي تسكنه نسبة كبيرة من العرب والمسلمين في برلين “غالباً ما تعرف الفتاة في سن الثامنة من هو ابن العم الذي سيتزوجها، وطالما يواجه المستحمون في المسابح المفتوحة بإرهاب وعنف الناشئة والشباب العربي والتركي”. ويرسم الكاتب في كتابه منحنى يمتدّ من النبي محمد إلى زعيم تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) أبو بكر البغدادي قائلاً: “يعتبر البغدادي الإرهاب الذي يمارسه تنظيم الدولة وأتباعه هو الجهاد الجديد الذي هو من الناحية التاريخية والفقه الديني ليس سوى امتداد للجهاد من أجل نشر الإسلام كما حدث في الماضي، في ما يعرف باسم الفتوحات الإسلامية والخلافة الإسلامية”.

مجتمعات متوازية وإعانات اجتماعية

يحاول زاراتسين أن يدعّم الهجوم الذي شنه في الأعوام الماضية بالحجج والبراهين الجادة مستنداً إلى الأرقام والأشكال التوضيحية والجداول لكي يسوق نظريته عن الانحدار والتدهور الامني والاجتماعي والثقافي في ألمانيا بطريقة تدعو إلى التصديق، موحياً أن ألمانيا تزداد غباءً مع الأيام، وأن البلاد ينقصها على وجه خاص مهندسين وكيمياويين ومخترعين ومبتكرين. والسبب في ذلك يرجع إلى أن خرّيجات الجامعة الألمانيات ينجبن أطفالاً أقل لانشغالهن بالعمل والمهمّات الوظيفية، على خلاف النساء المهاجرين من أصول عربية وإسلامية اللواتي ينجبن المزيد من الأطفال ويتلقين إعانات اجتماعية ترتفع قيمتها، تبعاً لعدد الأطفال في العائلة ولهذا فهن لا يحتجن للعمل في صغرهن، لأن الاموال التي يحصلن عليها أكثر بكثير ممّا لو خرجن إلى سوق العمل، وبالتالي ستتعقّد عملية الاندماج التي يتهرّب منها معظم المهاجرين، وبالتالي فإن عدم إتقانهم اللغة يبعدهم من سوق العمل ناهيك بأنهم يفضّلون العيش على الإعانات الاجتماعية التي تقدّمها الدولة الألمانية، ما يجعلهم يتقوقعون في مجتمعات متوازية يترعرع فيها -إلى جانب الأطفال – العنف والأصولية والجريمة”.

يورد زاراتسين بيانات حديثة لمكتب الإحصاء الألماني لتأكيد فكرته عن استمرار تزايد المسلمين في ألمانيا تشير إلى أن 8 في المئة من إجمالي 83 مليون نسمة يعيشيون في ألمانيا أصولهم من دول عربية وإسلامية، مع تزايد هذه الأعداد حيث أن نسبة المسلمين بين الأطفال دون سن الخامسة تبلغ قرابة 15 في المئة، وفي المتوسط سيشكل المسلمون 14 في المئة من الأوروبيين عام 2050 وهذه النسبة سترتفع في ألمانيا بحلول هذا التاريخ إلى 20 في المئة بحسب زاراتسين.

وفّر اهتمام الميديا الألمانيا بكتابي زاراتسين ونشرها قبل سنوات مقتطفات من كتابه الأول في مجلة “شبيغل” وصحيفة “بيلد” له شهرة واسعة على المستوى الاجتماعي، ومنح صدى إعلامياً هائلاً لأفكاره التي شغلت مساحة من كبريات الصحف الألمانية التي أجرت معه مقابلات مطولة (مورغن بوست) و(فيليت ام زونتاغ)، إضافة إلى برنامجين في قناتي (بيكمان) و(هارت آر فير) وهذه جميعها ساعدت في الترويج للكتاب الذي حقّق خلال اليومين الأوّلين مبيعات بعشرات آلاف النسخ ووفقاً لبيانات صحافية أن كتابه الأول بيعت منه نحو مليون ونصف المليون نسخة.

مع كل الانتقادات والتحذيرات من هذا الكتاب وما يتضمّنه من معلومات خاطئة وتحليلات عنصرية، إلا أنه ما زال يتصدر منذ نشره وحتى اليوم مبيعات الكتب على موقع “أمازون”

واجه الكتاب الجديد انتقادات لاذعة وحادة في الأوساط الأكاديمية، إذ كتبت الباحثة الألمانية في الشؤون الإسلامية والأستاذة في جامعة فرايبورغ جوهانا بينك في مقال نشرته أسبوعية “دي تسايت”: “ليست لدى زارتسين أدنى فكرة عما يمثّله القرآن للمسلمين، ولا يعرف حدود هذا الدور”، وقالت “يدّعي إنه كتبه بحياد وموضوعية بعيداً من التحيّز ضد القرآن، وهذا مثير للسخرية”. وأضافت: “يرسم الكاتب صورة وردية لأوروبا بعيدة كل البعد من الواقع، إذ يرى فيها قوة إيجابية أبدية قائمة على العقلانية والعلمانية والتسامح وحقوق الإنسان، وكأن الفاشية والحروب العالمية وحقبة الاستعمار لم تكن شيئاً يستحق الإشارة”.

يفترض هذا الكاتب على حد تعبير بينك أن “العلمانية تكاد تكون متأصّلة في العقيدة المسيحية، وكأن ألف عام من حكم الأباطرة المسيحيين لأوروبا بالنسبة إليه مجرّد حدث تاريخي عرضي”. من جهة أخرى، افتتحت مراسلة “ليبراسيون” في العاصمة برلين جوهانا ليسن تقريرها عن الكتاب بعنوان استعارته من الصحيفة الألمانية “زود دويتشه تسايتونغ” بأن “حاجة ألمانيا الماسة إليه لا تضاهيها سوى حاجتها إلى تفشي وباء ايبولا” وقالت “كتاب مناهض للإسلام ومليء بالأخطاء ويتصدّر المبيعات”.

ونقلت ليسن عن محلّلين ألمان تشكيكهم في أداء زارتسين أنه قرأ القرآن، وإن كان قرأ شيئاً فهو بالفعل ترجمة ألمانية، فهو لا يقرأ ولا يكتب بالعربية”. وقال الباحث ماتياس دروبينسكي: “لا يذكر المؤلف كلمة في كتابه عن ضعف اللغة الألمانية لدى الكثير من الإيطاليين من الجيل الثاني أو الثالث – فهم ليسوا مسلمين في كل حال. كما أنه لا يذكر كلمة عن أن عدد المهاجرين من ألمانيا يفوق في الوقت الحالي عدد المهاجرين إليها.

الميديا الألمانية هي الأخرى تباينت مواقفها من الكتاب التي رأى بعضها أنه يزدحم بالوقائع الخاطئة، إذ فنّدت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” ادّعاء الكاتب بأن الزواج من “كافرات” محظور على المسلمين، وأن ختان النساء والعبودية والرق ليست منتشرة فقط في المجتمعات الإسلامية مثلما يدّعي زاراتسين وانما في مجتمعات أفريقية وآسيوية، هذا فيما اتّهمت صحيفة “بيلد” الكاتب بإطلاق التعميمات السخيفة والجوفاء من قبيل أن شرف الرجل المسلم يرقد بين ساقي المرأة”، وقالت صحيفة Der Freitag، إن “أحكام الكاتب تتميّز بالأحادية وعدم الموضوعية” مقارنة بينه وبين الداعية السلفي الألماني بييرفوغل (ابو حمزة الألماني) الذي يعتمد المنهج السلفي في تفسير القرآن من خلال إخراج آيات محدّدة من سياقها لخدمة أغراضه وتوجّهاته الفكرية”. وقالت صحيفة “دي فيلت” إن الرسالة التي أراد توجيهها زاراتسين للألمان هي (أن المسلمين هم أساس تعاستنا وسببها).

ومع كل الانتقادات والتحذيرات من هذا الكتاب وما يتضمّنه من معلومات خاطئة وتحليلات عنصرية، إلا أنه ما زال يتصدر منذ نشره وحتى اليوم مبيعات الكتب على موقع “أمازون”.

ينتهي كتاب زاراتسين بجملة لاتينية يوجّهها للساسة، وهي: “هنا رودوس، اقفز واسبح”، ويعني بها أن على مَن يعارضه أن يشير إلى الطريق الصحيح.

إقرأ أيضاً:
تنامي كبير للنازيّة واليمين الشعبوي: ما الذي يحصل في دولة ميركل؟
التشدّد الاسلامي في أوروبا: عدوى المواطن المحلي المنتفض على الثقافة المهيمنة

17.09.2018
زمن القراءة: 7 minutes

أصدر الكاتب الألماني تيلو زاراتسين كتابه الجديد “استيلاء عدواني: كيف يعيق الإسلام التقدّم ويهدّد المجتمع”، الذي أثار سجالات حادّة ومتباينة الاتّجاهات حول ما تضمّنه من طروحات وأفكار عن المسلمين ووجودهم في ألمانيا…

استيلاء عدواني: كيف يعيق الإسلام التقدّم ويهدّد المجتمع:
كتاب ألماني يحذّر من أسلمة ألمانيا وعداونية المهاجرين المسلمين

على خطى الكاتب الفرنسي المثير للجدل ميشال ويلبيك مؤلّف كتاب “سوميسيون – خضوع”، الذي تخيّل فيه تحوّل فرنسا عام 2022، دولة إسلامية إثر انتخاب محمد بن عباس من حزب “الأخوّة الإسلامية” رئيساً للبلاد في الانتخابات الرئاسية، أصدر الكاتب الألماني تيلو زاراتسين كتابه الجديد “استيلاء عدواني: كيف يعيق الإسلام التقدّم ويهدّد المجتمع”، الذي أثار سجالات حادّة ومتباينة الاتّجاهات حول ما تضمّنه من طروحات وأفكار عن المسلمين ووجودهم في ألمانيا، واعتباره “الإسلام ديناً عدوانياً خطراً”. ولاحظ مراقبون أن إصدار الكتاب يأتي بالتحديد في مثل تاريخ نشره كتابه الأوّل ضد الإسلام والقرآن قبل 8 سنوات بعنوان “ألمانيا تدمّر نفسها”، بسبب سياسة التسامح التي تنتهجها مع الإسلام والمسلمين المهاجرين.

أثار كتاب زاراتسين الثاني ضجّة لا تقل عن كتابه الأول الذي كانت المستشارة مركل وصفته بأنه “حماقة لا تساعد على شيء”. فيما اعتبر ألكسندر دوبرينت الأمين العام لحزب الاتّحاد الاجتماعي المسيحي بولاية بافاريا مؤلّفه “رجلاً مختلّ العقل”. وعدّت مجلة ” شتيرن” الكتاب “تفجيراً أيديولوجياً”، وقالت صحيفة “بيلد” إنه “كتاب مروّع”، فيما قالت صحيفة “ديويتشه تسايتونغ” إنه يعكس فكراً تسلّطياً”. ووصفت صحيفة “تاغس شبيغل” الكتاب بأنه “جارح وعنصري ومتحامل”، ودعت الألمان إلى تجاهله، وقالت “لا تقرأوه”.

يشنّ زاراتسين في كتابه المؤلّف من 500 صفحة، هجوماً عنيفاً على الإسلام والقرآن، محذّراً مما يسمّيه عملية (أسلمة) متواصلة منذ عقود للمجتمع الألماني، ويرى أن المسلمين خلقوا مشكلات عميقة من الصعب حلّها في المجتمع حيث نشروا التطرّف الديني والسلفية الجهادية وأثاروا الانقسامات في البلاد. وطالب بترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين، من دون إبطاء وبلا استثناء”. وكانت دار نشر “راندم هاوس” رفضت نشر الكتاب في حزيران/ يونيو من العام الجاري. وقال الناشر توماس راتنو “إن الرفض يعود لهزالة طروحات الكتاب وضعف الحجج التي أوردها المؤلف لإثبات استنتاجاته، إضافة إلى أن هذا الكتاب سيرفع بالتأكيد من منسوب الإسلاموفوبيا ويدفع باتجاه مصادمات وعنف بين أفراد المجتمع”. ووفقاً لما ذكرته صحيفة “بيلد”، وقّع زاراتسين اتفاقاً مع هذه الدار لإصدار عمل غير روائي بعنوان “استيلاء عدواني: كيف يعيق الإسلام التقدّم ويهدّد المجتمع”، ما دفعه إلى مقاضاتها أمام محكمة في مدينة ميونيخ كونها خرقت العقد المبرم بين الجانبين، بحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية.

الإسلام المتخلّف والمسلمون المنغلقون

زاراتسين البالغ (66 سنة) الذي كان شغل منصب وزير المالية في ولاية برلين، وحمل عضوية الحزب الاشتراكي الديموقراطي يشدّد في كتابه الجديد على عدم استعداد المسلمين والعرب والأتراك، للاندماج في المجتمع الألماني، ويتوقّع حدوث تغيير،على المدى البعيد، في التركيبة الديموغرافية في ألمانيا يطغى فيها المهاجرون. يقول الكاتب “إن نسبة المسلمين ستزداد بشكل كبير في العقود المقبلة” ويضيف: “إن الإسلام المتخلّف الذي يعتنقه معظم المسلمين سيعمل من أجل ألا ينجح الاندماج، وذلك لأنه يوصي برفض تعلّم الألمانية التي من دون إتقانها لن يكون المهاجرون جزءاً حيوياً في المجتمع الألماني”، مرجحاً “أن الاجيال المقبلة من المسلمين في ألمانيا ستكون أقل تعليماً، ولن تحقّق الكثير من النجاح الاقتصادي، كما ستزداد نسبة الجريمة في صفوف الجاليات المسلمة التي لن تتقبّل أو تتبنّى مبادئ الديموقراطية والمساواة بين الجنسين”، موضحاً أن “اختلاف المسلمين المتميّز بصبغة دينية وثقافة محدودة ومنغلقة، إضافة إلى تزايد أعداد المواليد ستكون كلها عوامل تهدّد مجتمعنا المفتوح ونظامنا الديموقراطي، ما يتطلّب ضبط هجرة المسلمين إلى ألمانيا بشكل صارم”.

خلال تقديمه كتابه الجديد في المؤتمر الصحافي الذي عقد في ظل إجراءات أمنية مشددة علق زاراتسين الذي كان محاطاً بأفراد الشرطة على كتابه الأول “ألمانيا تدمّر نفسها”، قائلاً “لو أن قادة البلاد وسياسييها درسوا تحليلاتي وقتها باهتمام أكبر وتركيز، ولو أنهم اطلعوا على أفكاري بجدية لكان وضع حزبي الشعبي افضل مما هو عليه الآن، ولما كان حزب البديل من اجل ألمانيا اليميني المتشدد الآن ممثلاً في البرلمان ويمثل القوة السياسية الثالثة في البلاد”.

يقول زارتسين عن حي ( نويكلن) الذي تسكنه نسبة كبيرة من العرب والمسلمين في برلين “غالباً ما تعرف الفتاة في سن الثامنة من هو ابن العم الذي سيتزوجها، وطالما يواجه المستحمون في المسابح المفتوحة بإرهاب وعنف الناشئة والشباب العربي والتركي”. ويرسم الكاتب في كتابه منحنى يمتدّ من النبي محمد إلى زعيم تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) أبو بكر البغدادي قائلاً: “يعتبر البغدادي الإرهاب الذي يمارسه تنظيم الدولة وأتباعه هو الجهاد الجديد الذي هو من الناحية التاريخية والفقه الديني ليس سوى امتداد للجهاد من أجل نشر الإسلام كما حدث في الماضي، في ما يعرف باسم الفتوحات الإسلامية والخلافة الإسلامية”.

مجتمعات متوازية وإعانات اجتماعية

يحاول زاراتسين أن يدعّم الهجوم الذي شنه في الأعوام الماضية بالحجج والبراهين الجادة مستنداً إلى الأرقام والأشكال التوضيحية والجداول لكي يسوق نظريته عن الانحدار والتدهور الامني والاجتماعي والثقافي في ألمانيا بطريقة تدعو إلى التصديق، موحياً أن ألمانيا تزداد غباءً مع الأيام، وأن البلاد ينقصها على وجه خاص مهندسين وكيمياويين ومخترعين ومبتكرين. والسبب في ذلك يرجع إلى أن خرّيجات الجامعة الألمانيات ينجبن أطفالاً أقل لانشغالهن بالعمل والمهمّات الوظيفية، على خلاف النساء المهاجرين من أصول عربية وإسلامية اللواتي ينجبن المزيد من الأطفال ويتلقين إعانات اجتماعية ترتفع قيمتها، تبعاً لعدد الأطفال في العائلة ولهذا فهن لا يحتجن للعمل في صغرهن، لأن الاموال التي يحصلن عليها أكثر بكثير ممّا لو خرجن إلى سوق العمل، وبالتالي ستتعقّد عملية الاندماج التي يتهرّب منها معظم المهاجرين، وبالتالي فإن عدم إتقانهم اللغة يبعدهم من سوق العمل ناهيك بأنهم يفضّلون العيش على الإعانات الاجتماعية التي تقدّمها الدولة الألمانية، ما يجعلهم يتقوقعون في مجتمعات متوازية يترعرع فيها -إلى جانب الأطفال – العنف والأصولية والجريمة”.

يورد زاراتسين بيانات حديثة لمكتب الإحصاء الألماني لتأكيد فكرته عن استمرار تزايد المسلمين في ألمانيا تشير إلى أن 8 في المئة من إجمالي 83 مليون نسمة يعيشيون في ألمانيا أصولهم من دول عربية وإسلامية، مع تزايد هذه الأعداد حيث أن نسبة المسلمين بين الأطفال دون سن الخامسة تبلغ قرابة 15 في المئة، وفي المتوسط سيشكل المسلمون 14 في المئة من الأوروبيين عام 2050 وهذه النسبة سترتفع في ألمانيا بحلول هذا التاريخ إلى 20 في المئة بحسب زاراتسين.

وفّر اهتمام الميديا الألمانيا بكتابي زاراتسين ونشرها قبل سنوات مقتطفات من كتابه الأول في مجلة “شبيغل” وصحيفة “بيلد” له شهرة واسعة على المستوى الاجتماعي، ومنح صدى إعلامياً هائلاً لأفكاره التي شغلت مساحة من كبريات الصحف الألمانية التي أجرت معه مقابلات مطولة (مورغن بوست) و(فيليت ام زونتاغ)، إضافة إلى برنامجين في قناتي (بيكمان) و(هارت آر فير) وهذه جميعها ساعدت في الترويج للكتاب الذي حقّق خلال اليومين الأوّلين مبيعات بعشرات آلاف النسخ ووفقاً لبيانات صحافية أن كتابه الأول بيعت منه نحو مليون ونصف المليون نسخة.

مع كل الانتقادات والتحذيرات من هذا الكتاب وما يتضمّنه من معلومات خاطئة وتحليلات عنصرية، إلا أنه ما زال يتصدر منذ نشره وحتى اليوم مبيعات الكتب على موقع “أمازون”

واجه الكتاب الجديد انتقادات لاذعة وحادة في الأوساط الأكاديمية، إذ كتبت الباحثة الألمانية في الشؤون الإسلامية والأستاذة في جامعة فرايبورغ جوهانا بينك في مقال نشرته أسبوعية “دي تسايت”: “ليست لدى زارتسين أدنى فكرة عما يمثّله القرآن للمسلمين، ولا يعرف حدود هذا الدور”، وقالت “يدّعي إنه كتبه بحياد وموضوعية بعيداً من التحيّز ضد القرآن، وهذا مثير للسخرية”. وأضافت: “يرسم الكاتب صورة وردية لأوروبا بعيدة كل البعد من الواقع، إذ يرى فيها قوة إيجابية أبدية قائمة على العقلانية والعلمانية والتسامح وحقوق الإنسان، وكأن الفاشية والحروب العالمية وحقبة الاستعمار لم تكن شيئاً يستحق الإشارة”.

يفترض هذا الكاتب على حد تعبير بينك أن “العلمانية تكاد تكون متأصّلة في العقيدة المسيحية، وكأن ألف عام من حكم الأباطرة المسيحيين لأوروبا بالنسبة إليه مجرّد حدث تاريخي عرضي”. من جهة أخرى، افتتحت مراسلة “ليبراسيون” في العاصمة برلين جوهانا ليسن تقريرها عن الكتاب بعنوان استعارته من الصحيفة الألمانية “زود دويتشه تسايتونغ” بأن “حاجة ألمانيا الماسة إليه لا تضاهيها سوى حاجتها إلى تفشي وباء ايبولا” وقالت “كتاب مناهض للإسلام ومليء بالأخطاء ويتصدّر المبيعات”.

ونقلت ليسن عن محلّلين ألمان تشكيكهم في أداء زارتسين أنه قرأ القرآن، وإن كان قرأ شيئاً فهو بالفعل ترجمة ألمانية، فهو لا يقرأ ولا يكتب بالعربية”. وقال الباحث ماتياس دروبينسكي: “لا يذكر المؤلف كلمة في كتابه عن ضعف اللغة الألمانية لدى الكثير من الإيطاليين من الجيل الثاني أو الثالث – فهم ليسوا مسلمين في كل حال. كما أنه لا يذكر كلمة عن أن عدد المهاجرين من ألمانيا يفوق في الوقت الحالي عدد المهاجرين إليها.

الميديا الألمانية هي الأخرى تباينت مواقفها من الكتاب التي رأى بعضها أنه يزدحم بالوقائع الخاطئة، إذ فنّدت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” ادّعاء الكاتب بأن الزواج من “كافرات” محظور على المسلمين، وأن ختان النساء والعبودية والرق ليست منتشرة فقط في المجتمعات الإسلامية مثلما يدّعي زاراتسين وانما في مجتمعات أفريقية وآسيوية، هذا فيما اتّهمت صحيفة “بيلد” الكاتب بإطلاق التعميمات السخيفة والجوفاء من قبيل أن شرف الرجل المسلم يرقد بين ساقي المرأة”، وقالت صحيفة Der Freitag، إن “أحكام الكاتب تتميّز بالأحادية وعدم الموضوعية” مقارنة بينه وبين الداعية السلفي الألماني بييرفوغل (ابو حمزة الألماني) الذي يعتمد المنهج السلفي في تفسير القرآن من خلال إخراج آيات محدّدة من سياقها لخدمة أغراضه وتوجّهاته الفكرية”. وقالت صحيفة “دي فيلت” إن الرسالة التي أراد توجيهها زاراتسين للألمان هي (أن المسلمين هم أساس تعاستنا وسببها).

ومع كل الانتقادات والتحذيرات من هذا الكتاب وما يتضمّنه من معلومات خاطئة وتحليلات عنصرية، إلا أنه ما زال يتصدر منذ نشره وحتى اليوم مبيعات الكتب على موقع “أمازون”.

ينتهي كتاب زاراتسين بجملة لاتينية يوجّهها للساسة، وهي: “هنا رودوس، اقفز واسبح”، ويعني بها أن على مَن يعارضه أن يشير إلى الطريق الصحيح.

إقرأ أيضاً:
تنامي كبير للنازيّة واليمين الشعبوي: ما الذي يحصل في دولة ميركل؟
التشدّد الاسلامي في أوروبا: عدوى المواطن المحلي المنتفض على الثقافة المهيمنة