في أيلول/ سبتمبر 2020، أوقف مسؤولو المطار في قطر أماً لخمسة أطفال عمرها 30 سنة، وطلبوا منها الاتصال بولي أمرها لتأكيد حصولها على إذنه بالسفر. أخبرت المسؤولين أن زوجها أوصلها إلى المطار، “لكنهم لم يقبلوا بذلك. قال أحد أقارب المرأة لـ “هيومن رايتس ووتش”: “قالوا لا، علينا الاتصال بوالدك”. ولفت الى أن المسؤولين “عاملوها كقاصر، كطفلة … لكنها ليست ملكاً لأحد”.
تواجه النساء في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قيوداً متفاوتة تمنعهن من التنقل بحرية في بلدانهن ومن السفر إلى الخارج من دون إذن من ولي أمرهن – عادة الأب أو الأخ، والزوج، في حال كانت المرأة متزوجة، بحسب تقرير جديد لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” بعنوان “محاصرة… قيود على سفر المرأة من المحيط إلى الخليج”.
يتناول التقرير 20 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويصف متطلبات البلدان المختلفة المفروضة على النساء للحصول على إذن ولي الأمر الذكر للتنقل داخل البلد، والحصول على جواز سفر، والسفر إلى الخارج. ينظر التقرير أيضاً في ما إذا كان بإمكان النساء السفر إلى الخارج مع أطفالهن كأوصياء، باعتبارهن الولي عليهم على قدم المساواة مع الرجال.
غالباً ما يزعم من يدافعون عن مثل هذه القواعد الذكورية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنها لحماية المرأة نفسها، لكن هذه القواعد مهينة بطبيعتها وتعرضها في الواقع للعنف الأسري. أشارت النساء إلى كيفية استخدام الرجال هذه القواعد بغية ابتزازهن أو استغلالهن أو معاقبتهن أو الحط من شأنهن والإضرار بحقوقهن.
القيود على السفر والتنقل المفروضة على النساء تتعارض مع قوانين ودساتير الكثير من البلدان التي تضمن المساواة للمرأة وحرية الإقامة في بلدها ومغادرته، وهي تنتهك أيضاً القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يضمن المساواة وعدم التمييز وحرية التنقل للجميع، بما في ذلك دخول الفرد إلى بلده ومغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.
ينبغي أن تكون أي قيود على حرية التنقل في مجتمع ديمقراطي ضرورية، وينص عليها القانون بوضوح، ومتناسبة لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم، ومتسقة مع جميع الحقوق الأخرى مثل المساواة وعدم التمييز. تنتهك القيود التمييزية على الحركة أيضاً حق المرأة في المساواة أمام القانون، وكذلك الحقوق ذات الصلة بما في ذلك العمل، والدراسة، والزواج، والحصول على الرعاية الصحية، وتوفير الرعاية لأطفالها بما يصب في مصلحة الطفل الفضلى وعلى قدم المساواة مع الزوج، والتحرر من العنف. جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقريباً هي دول أطراف في “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (سيداو).
يُعتبر هذا التقرير مصدراً للحكومات وصناع السياسات والمجتمع المدني، بما في ذلك نشطاء ومنظمات حقوق المرأة، ويبيّن الوضع الحالي لحرية حركة المرأة بما في ذلك متطلبات ولاية الرجل في كل دولة.
تواجه النساء في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قيوداً متفاوتة تمنعهن من التنقل بحرية في بلدانهن ومن السفر إلى الخارج من دون إذن من ولي أمرهن – عادة الأب أو الأخ، والزوج، في حال كانت المرأة متزوجة.
تنقل النساء داخل البلاد
في خطوة إيجابية، حذفت بعض الدول مثل تونس والجزائر والمغرب، العبارات التي تتحدث عن طاعة المرأة لزوجها، والتي أدت إلى فرض قيود على تحركاتهن. مع ذلك، لا تزال 15 دولة في المنطقة تطبق قوانين الأحوال الشخصية أو قوانين الأسرة التي تتطلب من النساء إما “طاعة” أزواجهن، والإقامة معهم، و/أو تعتبر النساء ناشزات إذا غادرن منزل الزوجية، أو عملن أو سافرن من دون إذن الزوج. يمكن للمحاكم أن تأمرهن بالعودة إلى منزل الزوجية؛ وإذا لم يفعلن، قد يفقدن حقهن في النفقة من أزواجهن. في آذار/ مارس 2022، أصدرت السعودية أول قانون مكتوب للأحوال الشخصية، يقنن ممارسة مطالبة النساء بطاعة أزواجهن “بالمعروف”، ويمكنهن أن يفقدن حقهن في النفقة إذا رفضن مثلاً الانتقال إلى منزل الزوجية أو المبيت فيه “من دون عذر مشروع”.
يجوز للمحاكم أيضاً، استخدام “نشوز” المرأة لتقييد حصولها على الطلاق وحرمانها من الحقوق المالية أو حضانة أطفالها. قد يؤدي ذلك إلى منع المرأة التي تفكر في طلب الطلاق من مغادرة المنزل. مثلاً، قالت امرأتان لبنانيتان، سينتيا وميراي، لـ “هيومن رايتس ووتش”، إن أسقف الأبرشية المحلية في لبنان نصحهما بعدم مغادرة منزل الزوجية عام 2013 رغم تعرضهما للإساءة الجسدية والعاطفية من قبل زوجيهما، لأن المحكمة المارونية ستعتبر هذا من أفعال النشوز الذي قد يؤدي إلى إسقاط حقهما في حضانة أطفالهما.
في الأردن والكويت وقطر والسعودية، يمكن لأولياء الأمر وأفراد آخرين من العائلة أيضاً إبلاغ الشرطة عن “تغيّب” النساء عن منازلهن، ما قد يؤدي إلى اعتقالهن وإعادتهن قسراً إلى منازلهن أو احتجازهن إدارياً. في حزيران/ يونيو 2021، أدخلت السعودية تغييرات على قانون يقضي بأنه لم يعد من المطلوب تنفيذ أوامر المحكمة المتعلقة بمتطلبات الطاعة لعودة المرأة إلى منزلها فوراً، لكن من غير الواضح ما إذا كانت الشرطة ستُطبق ذلك فعلياً.
في المناطق التي تشهد نزاعات، فرضت بعض الجماعات المسلحة قيوداً في المناطق الكائنة تحت سيطرتها. ففي بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة بعض الجماعات المسلحة في سوريا، يُطلب من النساء في الأماكن العامة أن يصحبهن محرم.
في السنوات الأخيرة، فرضت سلطات الحوثيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها في اليمن بشكل متزايد على النساء السفر مع محرم أو تقديم دليل على موافقة خطية من ولي الأمر الذكر. ذكرت نساء يمنيات لوسائل إعلام محلية، أن سائقي الباصات كانوا يرفضون نقلهن لأنهن لم يكن معهن محرم، أو أنهن اضطررن إلى دفع مزيد من المال للسفر بما أنه يتعيّن عليهن دفع ثمن تذكرة المحرم. هذه القواعد أجبرت أيضاً الكثير من النساء اليمنيات على ترك وظائفهن في منظمات غير حكومية محلية ودولية ولدى وكالات “الأمم المتحدة” لأنهن لم يكن لديهن محرم يستطيع مرافقتهن في أسفارهن الأساسية لدواعي العمل، وخسرن دخلاً تعتبر عائلاتهن في أمسّ الحاجة إليه. كما حرم ذلك النساء والفتيات اليمنيات من تلقّي المساعدات الإنسانية.
علاوة على ذلك، تفرض بعض الدول قيوداً تمييزية أخرى، أو تسمح بفرض هذه القيود، على التنقل والتي تستمر النساء في النضال ضدها. النساء في إيران مثلاً، ناضلن لعقود طويلة ضد الحجاب الإلزامي الذي لا يزال عنصراً محورياً في احتجاجات “المرأة، الحياة، الحرية” التي عمت أنحاء البلاد والتي اندلعت بعد وفاة مهسا (جينا) أميني في أيلول/ سبتمبر 2022 بعد اعتقالها بسبب الحجاب “غير اللائق”.
في السعودية واليمن، لا يُسمح للنساء بمغادرة السجن بعد انتهاء مدة عقوبتهن من دون أن يرافقهن ولي أمرهن عند الإفراج عنهن. تطلب بعض الجامعات الحكومية، بما في ذلك في الإمارات، وإيران، والبحرين، والسعودية، وعُمان، وقطر، والكويت من النساء إثبات حصولهن على إذن ولي الأمر قبل الذهاب في رحلات ميدانية، أو البقاء في الحرم الجامعي أو السكن الجامعي ومغادرته.
تفرض العادات الاجتماعية في الكثير من البلدان ألا تعيش المرأة العازبة بمفردها. قد تواجه النساء عمليا اًلتمييز عند محاولتهن استئجار شقق إذا كن غير متزوجات أو من دون إذن ولي الأمر الرجل، كما هي الحال في الجزائر، ومصر، والعراق، والكويت، وقطر، والسعودية وفي غزة (فلسطين). تمنع الفنادق في دول مثل مصر والعراق والكويت والمغرب وقطر واليمن، إما بسبب سياسة الدولة أو في الممارسة العملية، بعض النساء من استئجار غرف فندقية من دون ولي أمر. نفت السلطات المصرية والمغربية أنها أصدرت تعليمات للفنادق بعدما أفادت بعض النساء بمنعهن من الإقامة في الفنادق إذا لم يكن بصحبتهن رجل من أقاربهن. في شباط/ فبراير 2023، أصدرت السلطات المصرية “اللائحة التنفيذية لقانون المنشآت الفندقيّة” لسنة 2022، والتي تُلزم المؤسسات السياحية والفنادق بالسماح للأشخاص بالدخول أو الإقامة فيها من دون تمييز، بما في ذلك على أساس الجنس.
حقق نشطاء حقوق المرأة بعض المكاسب بعد حملات المناصرة. ففي 2018، سمحت السعودية للمرأة بالقيادة، وسمحت عُمان للمرأة بقيادة سيارات الأجرة. في 2020، توقفت قطر عن مطالبة النساء بإظهار إذن ولي الأمر للحصول على رخص القيادة. رفعت نساء وكسبن دعاوى قضائية عدة في إسرائيل ضد الاستبعاد أو الفصل على أساس الجندر في الأماكن العامة، والذي يؤثر عليهن بشكل غير متناسب. في السنوات الأخيرة، خففت السعودية أيضاً من القواعد الصارمة للإقصاء والفصل على أساس الجندر، بما في ذلك السماح للنساء بالدخول إلى الملاعب الرياضية لمشاهدة الأحداث الرياضية. سمحت إيران أيضاً لعدد محدود من النساء بحضور مباريات محددة، لكنها واصلت حظرها العام على دخول المتفرجات إلى الملاعب.
قدرة النساء على الحصول على جواز سفر
في تقدّم إيجابي، تسمح معظم دول المنطقة للمرأة بالحصول على جوازات سفر من دون الحاجة إلى إذن ولي الأمر. كانت لدى الكثير من الحكومات سابقاً قوانين تطالب المرأة بإظهار إذن زوجها، أو حتى إذن ولي الأمر، للحصول على جواز سفر، لكنها غيرتها بعد حملات لنشطاء مجال حقوق المرأة. تشمل الدول التي تسمح للمرأة بالحصول على جواز سفر خاص بها من دون إظهار إذن ولي الأمر البحرين (منذ 2005)، ومصر (منذ 2000)، والعراق (منذ 2014)، وإسرائيل، والأردن (منذ 2013)، ولبنان، وليبيا، وموريتانيا، والمغرب (منذ 2004)، وعُمان (منذ 2010)، وفلسطين (منذ 1996)، وقطر (منذ 2007)، وسوريا، وتونس، والإمارات (منذ 2017).
يُلزم القانون في إيران المرأة المتزوجة بإظهار إذن زوجها للحصول على جواز سفر. يشترط اليمن ضمن سياساته، وليس في القانون، على النساء من جميع الأعمار إظهار إذن من ولي أمرهن للحصول على جواز سفر. في 2021، أفادت إحدى وسائل الإعلام المحلية بسعي امرأة يمنية الى الحصول على جواز سفرها للانضمام إلى زوجها الذي يعيش في الخارج. مع ذلك، عندما ذهبت إلى مكتب الجوازات مع والدها، رفض المسؤولون إصدار جواز سفر لها على أساس أن ولي أمرها، بصفتها امرأة متزوجة، هو زوجها. تعيّن عليها أن تجد ضابطاً كبيراً ليكفلها حتى تحصل على جواز سفر.
تسمح الجزائر للنساء، كما الرجال، بالحصول على جوازات سفر من سن 19 من دون إذن ولي الأمر، بينما تسمح الكويت والسعودية للرجال والنساء بدءاً من 21 عاماً، بالحصول على جوازات السفر من دون إذن ولي الأمر. مع ذلك، عملياً، من المرجح أن تواجه النساء فوق سن 18 لكن دون السن القانونية المحددة بـ 19 أو 21 عاماً، مواقف قد لا يوافق فيها أولياء أمورهن على طلباتهن للحصول على جواز سفر حتى يُسافرن مقارنة بالرجال الذين تقل أعمارهم عن 21 عاماً. تبنت السعودية هذه القاعدة في آب/ أغسطس 2019 – سابقاً، كان يُطلب من النساء من جميع الأعمار إظهار إذن من ولي أمرهن للحصول على جواز سفرهن. أجرت الكويت التغيير في 2009 عندما سمحت للمرأة المتزوجة بالحصول على جواز سفر من دون إذن زوجها.
إقرأوا أيضاً:
سفر النساء إلى الخارج
معظم دول المنطقة لا تطلب من المرأة الحصول على إذن ولي الأمر قبل السفر. حتى آب 2019، لم يكن بإمكان النساء في السعودية السفر إلى الخارج في أي عمر من دون إذن ولي الأمر في شكل تصريح خروج يمكن الحصول عليه عبر تطبيق على الهاتف أو موقع إلكتروني. بعد الكثير من الحملات من قبل نشطاء حقوق المرأة، وبعد الغضب من السلطات السعودية التي أعادت قسراً، أو حاولت إعادة سعوديات هربن إلى الخارج، عدلت السلطات هذه القاعدة، بحيث لم تعد النساء في سن 21 وما فوق، كما الرجال، بحاجة الى إظهار إذن ولي الأمر للسفر. هناك بعض الاستثناءات التي تسمح لمن هم دون سن الـ 21 بالسفر من دون إذن أحد الوالدين، بما في ذلك إذا كانوا متزوجين، أو حاصلين على منحة حكومية للدراسة في الخارج، أو موظفين يشاركون في رحلات رسمية إلى الخارج. بينما ينطبق إذن الوالدين على الرجال والنساء الذين تقل أعمارهم عن 21 عاماً، فمن الناحية العملية، قد تواجه النساء احتمال حرمانها من الإذن بالسفر أكثر من الرجال.
حالياً، لا يزال الوضع في إيران وقطر مختلفاً بسبب وجود سياسات رسمية تتطلب تصاريح خروج للنساء لمغادرة بلدهن. ينص القانون في إيران على أنه يجب على النساء المتزوجات إظهار إذن أزواجهن للحصول على جواز سفر، وأنه يتعين على أزواجهن أن يحددوا ما إذا كان بإمكانهن السفر لمرة واحدة أو مرات متعددة. حتى إذا منح الزوج هذا الإذن، يمكنه دائماً تغيير رأيه وإبلاغ الحكومة لمنعها من السفر إلى الخارج. تحدثت النساء عن كيفية استغلال الرجال لهذه السلطة، بما في ذلك للانتقام أو كأداة للمساومة لإجبار النساء على التخلي عن حقوقهن المالية أو غيرها من الحقوق أثناء الزواج أو عند إنهاء إجراءات الطلاق. في أيار/ مايو 2017، مُنعت زهرة نعمتي، الإيرانية الحائزة مرتين الميدالية الذهبية في الألعاب البارالمبية، من مغادرة إيران للسفر إلى الخارج من قبل زوجها بعدما تقدمت بطلب للطلاق.
تفرض قواعد وزارة الداخلية في قطر، لا القانون، على القطريات غير المتزوجات تحت سن 25 عاماً إظهار إذن من ولي أمرهن (شخصياً أو عبر تصريح خروج) للسفر إلى الخارج بينما تسمح للرجال القطريين بالسفر من دون هذا الإذن بدءاً من سن 18 عاماً. يستطيع أولياء الأمر إصدار هذا الإذن عبر تطبيق جوال حكومي، وعادة ما يكون سارياً لمدة عام. في 2020، أوقف مسؤولو المطار في قطر بعض النساء اللواتي تقل أعمارهن عن 25 عاماً ممن يحملن تصاريح خروج سارية، وكذلك نساء فوق سن 25، اللواتي لا يجب أن يطلب منهن مثل هذا الإذن بموجب القواعد الحالية، وطالبوهن بالاتصال بأولياء أمورهن لإثبات أنهن لا “يهربن”.
في الكثير من الأماكن، بما في ذلك غزة وإيران والكويت وقطر والسعودية واليمن، تسمح السلطات لأولياء الأمر الرجال بالحصول على أوامر من المحكمة أو ببساطة إبلاغ السلطات لإصدار حظر سفر على النساء. يمكن للرجال القيام بذلك في أي وقت حتى عندما يكونون قد وافقوا على السفر في المقام الأول، وتعتبر هذه السلطة بمثابة تهديد دائم للمرأة. في قطر، يُسمح للأولياء الذكور، بما في ذلك الأزواج، بتقديم طلب إلى المحكمة للحصول على حظر سفر على قريباتهم أو زوجاتهم. لا يتم إبلاغ النساء بحظر سفرهن، وقد يكتشفن ذلك فقط عندما يكنّ في المطار عند سعيهن للسفر إلى الخارج.
فرضت بعض السلطات قيوداً جديدة أثارت استنكار المجتمع المدني. ففي شباط 2021، أصدر “المجلس الأعلى للقضاء الشرعي” في غزة، وهو هيئة تديرها سلطة “حماس”، تعميماً يسمح لولي الأمر [ولي العاصب] بتقديم طلب إلى المحكمة لمنع امرأة غير متزوجة من السفر إذا قدروا أن السفر سيتسبب بـ”ضرر محض”. يمكن منع المرأة، حتى لو تمكنت من مغادرة غزة رغم القيود الإسرائيلية والمصرية الكاسحة على الحركة، من السفر بمجرد أن يتقدم ولي أمرها بطلب إلى المحكمة، وقبل صدور حكم المحكمة. في أيلول 2021، منع مسؤولو الحدود الفلسطينيون عند معبر رفح بين غزة ومصر، عفاف النجار، امرأة (19 عاماً) من غزة، من السفر إلى الخارج لمتابعة دراستها بهدف الحصول على شهادة البكالوريوس بعدما تقدم والدها بطلب منع سفر قضائي.
في اليمن، وسّعت “الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري” التابعة للحوثيين، القيود في آب 2022، بحيث لم يعد مسموحاً للنساء السفر ضمن أي مكان داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، أو إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، أو إلى خارج البلاد من دون محرم.
في أيار 2023، بدأ “جهاز الأمن الداخلي” في ليبيا، وهو هيئة مرتبطة برئاسة الوزراء في طرابلس، بمطالبة النساء الليبيات المسافرات من دون مرافقة رجل، بتعبئة استمارة توضح أسباب السفر، وسبب سفرهن بمفردهن، وإعطاء تفاصيل عن رحلاتهن السابقة.
حتى في البلدان التي قد لا تكون فيها مثل هذه القيود سياسة رسمية، أفادت بعض النساء بأن المسؤولين أصروا عملياً على وجود إذن ولي الأمر كما هي الحال في العراق. في الأردن، تمتثل السلطات أحياناً لطلبات أولياء الأمر بمنع بناتهم وزوجاتهم وأطفالهم من مغادرة البلاد.
كما هو مذكور أعلاه، لا تزال قوانين الأسرة لدى بعض البلدان تعتبر مغادرة المرأة المنزل، بما في ذلك السفر إلى الخارج، من دون إذن زوجها، “نشوزا”، وبناء على هذه القوانين يمكن أن تفقد حقها في النفقة، ومن المحتمل أيضاً أن يؤثر هذا على حصولها على الطلاق والقرارات المتعلقة بمكان إقامة أطفالها.
سفر النساء إلى الخارج مع أطفالهن
في الكثير من بلدان المنطقة، تعتبر السلطات الرجال أولياء الأمر الطبيعيين للأطفال وتحرم النساء من سلطة الوصاية على أطفالهن. سواء كانت المرأة متزوجة أو مطلقة أو أرملة، يمكن أن تواجه أحياناً قيوداً لا يمكن التغلب عليها في ما يتعلق بالسفر إلى الخارج مع أطفالها. ينص القانون الدولي على أنه ينبغي للمرأة ألا تواجه التمييز في ما يتعلق بالقرارات المتعلقة بالأطفال، وأن القوانين والسياسات المحلية يجب أن تضمن تقييم المصالح الفضلى للطفل وإعطاءها الأولوية بحسب كل حالة.
لا تسمح 14 دولة في المنطقة للنساء بالحصول على جوازات سفر لأطفالهن على قدم المساواة مع الرجال. ولا تسمح سوى مصر، وإسرائيل، ولبنان، وليبيا، وتونس، والسعودية للمرأة بحقوق الرجل نفسها في التقدم بطلب للحصول على جوازات سفر لأطفالها. في آذار 2018، غيّرت السلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية (فلسطين)، لوائحها بحيث أصبحت تسمح لكلا الوالدين بتقديم طلب للحصول على جواز سفر لأولادهما. مع ذلك، تواصل “حماس”، سلطة الأمر الواقع في غزة، طلب أن يكون أولياء الأمر الذكور هم من يتقدمون بطلب للحصول على جواز سفر لأطفالهم.
بالإضافة إلى ذلك، تطلب إيران، والعراق، والأردن، وليبيا، وعُمان، وفلسطين، وقطر، وسوريا، والإمارات واليمن، رسمياً أو عملياً، من النساء، الحصول على إذن من والد الأطفال للسفر إلى الخارج مع أطفالهن، بينما لا يوجد شرط مماثل يُفرض على الرجال. يسمح أيضاً عدد قليل من البلدان للرجال، دون النساء، بالحصول على أوامر من المحكمة لمنع سفر أطفالهم.
ذكرت النساء أن الرجال يستخدمون مثل هذه القوانين لمعاقبتهن على طلاقهن أو لمضايقتهن أو كوسيلة تفاوض. قالت امرأة قطرية لـ “هيومن رايتس ووتش” إن زوجها هددها بمنع أطفالها من السفر إلى الخارج إذا طلقته. عندما تركته، مُنِحت حضانة مؤقتة لأطفالها وسعت الى السفر لتمضية عطلة صيفية معهم في 2019. حصلت على تصريح خروج لمرة واحدة من المحكمة، بتواريخ محددة، وأمر محكمة آخر ليعيد والد أطفالها جوازات سفرهم لكنه رفض إعادتها. ثم حصلت على أمر من المحكمة لإصدار جوازات سفر جديدة لأطفالها. مع ذلك، ورغم حصولها على إذن بالسفر من المحكمة، فقد حصل طليقها على أمر من المحكمة بحظر السفر، والذي لم تعرف عنه إلا عند وصولهم إلى المطار ولم يتمكنوا من رفعه في الوقت المناسب للذهاب في عطلة صيفية خططوا لها في 2019.
التوصيات
تحرم سياسات ولاية الرجل المرأة من وضعها القانوني لاتخاذ قرارات بشأن حياتها، ويمكن أن تسبب ضرراً عميقاً. القيود التمييزية على تنقل المرأة داخل بلدها والسفر إلى الخارج تنتهك حقوق المرأة في حرية التنقل والعمل والدراسة والحصول على الرعاية الصحية والزواج. القوانين والسياسات التمييزية التي تمنع المرأة من اتخاذ قرارات تتعلق بأطفالها، تضر بالنساء والأطفال على حد سواء.
يتعيّن على الحكومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إزالة جميع القيود التمييزية المتبقية، في القانون والممارسة، على حرية المرأة في التنقل داخل بلدها، والحصول على جواز سفر والسفر إلى الخارج، بما في ذلك مع أطفالها.
إقرأوا أيضاً: